بحـث
الشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المواضيع الأخيرة
نوفمبر 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | |||||
3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 |
10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 |
17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 |
24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
الحمدلله على نعمة الاسلام
ايها الاخوه الدعاه الى الله وكذا جميع الزائرين والزائرات مرحبا بكم واهلا نتمنى من الله ان نكون عند حسن ظنكم جميا والله الموفق الى الخير وهو حسبنا ونعم الوكيلالشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 38 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 38 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحثلا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 76 بتاريخ الأربعاء 30 أكتوبر 2024, 11:01 pm
الفقه وأسسه التشريعية التي بني عليها
صفحة 1 من اصل 1
الفقه وأسسه التشريعية التي بني عليها
الفقه وأسسه التشريعية التي بني عليها
المبحث الأول : تعريف الفقه وتدوينه وعلاقته بالشريعة والتشريع :
معنى كلمة الفقه في اللغة :
الفقه في اللغة هو العلم ...... والفهم له .
معنى كلمة الفقه في الاصطلاح :
الفقه في الاصطلاح هو العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسبة من أدلتها التفصيلية.
شرح التعريف ومحترزاته :
العلم يشمل العلم بالأحكام إذ أن الأحكام المستنبطة من الأدلة الواردة في خطابات الشارع المتضمنة لوجوب أمر ما او حرمته او ندبه او كراهته او إباحته او المتضمنة لربط أمر أخر بجعله ركنا له او علة او سببا او شرطا او مانعا او بيان أحوال التصرفات من الصحة او الفساد او البطلان او الوقف او النفاذ او اللزوم وكذلك العلم بغير الأحكام كالعلم بالذات والصفات وبذلك تكون كلمة العلم بالأحكام تخرج العلم بالذات والصفات والأفعال وبإضافة الشرعية إلى كلمة العلم اى العلم بالأحكام الشرعية تخرج العلم بالأحكام " غير الشرعية " اى الأحكام المأخوذة من غير الشرع كالأحكام المأخوذة من العقل مثل العلم بان العالم حادث والواحد نصف الاثنين او الأحكام المأخوذة من الحس مثل العلم بان الدار محرقة او الأحكام المأخوذة من الوضع والاصطلاح كالأحكام اللغوية مثل العلم بان الفاعل مرفوع فالأحكام الشرعية تخرج الأحكام العقلية والأحكام الحسية والأحكام اللغوية .
أيضا وبإضافة العلمية إليهما اى العلم بالأحكام الشرعية العلمية فإضافة العلمية إليهما تخرج العلم بالأحكام الشرعية " الاعتيادية " كالعلم بان الإجماع جحة والإيمان واجب .
وبإضافة المكتسب من أدلتها تخرج علم الله وعلم الرسول صلى الله عليه وسلم لان علم الله لا يسمى فقها وإنما يسمى كشفا لأنه ليس عن اجتهاد ونظر وكذا علم النبي صلى الله عليه وسلم بالأحكام الشرعية لا يسمى فقها لأنه ليس بطريق الاجتهاد وإنما هو بطريق الوحي , أما إضافة الأدلة التفصيلية يعنى بها الأدلة التي تختص المسائل بعينها كدلالة قوله تعالى أقيموا الصلاة على وجوبها وبالجملة كل ما ورد في الكتاب والسنة من الآيات والأحاديث الخاصة بتلك الأحكام العملية وما جاء به الإجماع والقياس وباقي المصادر التبعية .
علاقة الفقه بالتشريع والشريعة
علاقة الفقه بالتشريع :
التشريع لغة مصدر شرع يشرع تشريعا , وفى الاصطلاح من القواعد وإنشاء القوانين وإذا كان من المتفق عليه بين علماء المسلمين على اختلاف مذاهبهم أن أقوال الإنسان وأفعاله لها في الشريعة الإسلامية أحكام قد تجيزها وقد تحرمها فان هذه الأحكام بعضها بينتها نصوص وردت في القران والسنة وبعضها أقامت عليها الشريعة الإسلامية دلائل ونصت لها بإمارات بحيث يستطيع المجتهد بواسطة تلك الدلائل والإمارات أن يصل إليهما ويستنبطها , ومن مجموعة هذه الأحكام المستنبطة من النصوص والإمارات والدلائل الشرعية تكون الفقه , كان علم الفقه كما سبق هو العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسبة من الأدلة التفصيلية , ولكن لما كانت هذه الأحكام قد مرت بفترتين ااحداهما في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم والأخرى بعد وفاته , كان الذي على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم يسمى تشريعا تلقاه عليه الصلاة والسلام عن طريق الوحي الذي يتمثل في القران والسنه يصورها الثلاث القولية والفعلية والتقريرية , وأما ما كان بعد وفاته صلى الله عليه وسلم من اجتهاد للصحابة والتابعين لا يعد تشريعا حقيقيا بل هو توسع في تبسيط القواعد الكلية وتطبيقها على الجزئيات المتجددة واستنباط الأحكام من مصادرها بفهم الآيات والأحاديث والقياس على ما فهم منها وهذا هو الفقه الزى يعد امتدادا للتشريع .
إذا الفرق بين التشريع والفقه أن التشريع كان في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وكان يعتمد على الوحي بقسميه " الكتاب والسنه " ولم يكن هناك مجال للنظر والاجتهاد حيث يوجد الرسول , إما الفقه فكان موضعا للاجتهاد والاختلاف بين الفقهاء والعلماء ولذا ظهرت مدراس الفقه المختلفة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم وانبثقت عنها مذاهب الآثمة والمجتهدين .
علاقة الفقه بالشريعة
تعريفه الشريعة:
التعريف اللغوي :
استعملت العرب في لغتهم كلمة الشريعة استعمالين : احدهما : بمعنى الطريقة المستقيمة . ثانيهما : بمعنى مورد الماء الذي يقصد للشرب .
التعريف الاصطلاحي :
اصطلح الفقهاء على إطلاق لفظ الشريعة على الأحكام التي سنها الله لعباده وهن بهذا تشمل جميع الشرائع السماوية التي نزلت للناس على ايدى انبيائهم ومع ذلك فان الشريعة إذا أطلقت كان المراد بها شريعة الإسلام التي نزلت على يد محمد صلى الله عليه وسلم لأنها خاتمة الشرائع ولاتها حوت من الشرائع السابقة أحسن ما فيها وزادت عليها من التشريعات ما جعلها شريعة كاملة صالحة للناس , ومن ثم يمكن تعريف الشريعة الإسلامية بأنها " مجموعة الأحكام التي سنها الله للناس جميعا على لسان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم في الكتاب والسنه " .
ومن ثم يمكن تعريف الشريعة الإسلامية بأنها (مجموعة من الأحكام لتي سنها الله للناس جميعاً على لسان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم في الكتاب والسنة .
وسميت هذه الأحكام شريعة لاستقامتها ولشبهها بمورد الماء لأن بها حياة النفوس والعقول كما أن في مورد الماء حياة الأبدان والشريعة بهذا المعنى تسمى مله ومن ذلك قوله تعلى "ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنفياً وقد التنهاوي في ذلك " الشريعة ... قيل هي الطريق في الدين وحينئذ الشرع والشريعة مترادفان . ثم قال في موضع آخر أيضاً ويسمى الشرع أيضاً بالدين والملة فإن تلك الأحكام (أي أحكام الشرع أو الدين أو الملة ) من حيث أنها قطاع دين ومن حيث أنها تملى وتكتب ملة ومن حيث أنه مشروعة شرع فالتفاوت بينها بحسب الاعتبار لا بالذات .
* وعلاقة الفقه بالشريعة نجملها في النقاط التالية :
1- الشريعة هي مجموع ما تلقاه الرسول صلى الله عليه وسلم من ربه من أحكام عملية واعتقاديه وأخلاقية .
2- التشريع هو الأحكام العملية التي عاصرت بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم .
3- الفقه هو الأحكام العملية التي ظهرت بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى هذا فان الفقه ليس هو الشريعة لكنه في الوقت نفسه لا يغايرها فهو جزء منها واحد أقسامها . ولذا فالشريعة اعم من الفقه لأنها تشمله وتشمل غيره .
* أنواع أحكام الشريعة :
تتنوع أحكام الشريعة الإسلامية إلى الأنواع الآتية :
النوع الأول:
أحكام اعتقاديه وهى المتعلقة بذات الله تعالى وصفاته بالأيمان به ويرسله وكتبه والبعث واليوم الآخر وما فيه من حساب وثواب وعقاب وغير ذلك من الأمير التي يبحث فيها علم التوحيد .
النوع الثاني :
أحكام تهذيبية كالترغيب في أمهات الفضائل التي يتحلى بها الإنسان مثل الصدق والوفاء بالعهد والصبر والأمانة والترهيب من أمهات الرذائل مثل الكذب والخيانة وخلف الوعد وما شابه ذلك وهذا كله يبحث فيه علم الأخلاق .
النوع الثالث :
أحكام عملية وهى التي تتعلق بما يصدر من الإنسان المكلف من أقوال وأفعال وهذا النوع ينظم علاقة الفرد بربه وبنفسه وبغيره ويسمى بعلم الفقه ويشتمل هذا العلم على الأحكام الاتيه :
* أنواع أحكام الفقه الاسلامى :
1- الأحكام المتعلقة بالعبادات كالصلاة والصوم والزكاة والحج وهذه الأحكام ليس لها نظير في القانون الوضعي ولكنها تسمى في الإسلام بعلم العبادات لان فيها تنظيم علاقة الإنسان بربه والقانون الوضعي ليس فيه ذلك .
2- الأحكام المتعلقة بالأسرة من نكاح بالأسرة من نكاح وطلاق ونفقه ونسب وغير ذلك مما يتعلق بالأسرة وهى تسمى في الوقت الحاضر بقانون الأحوال الشخصية .
3- الأحكام المتعلقة بالمعاملات المالية كالبيع والإجارة والرهن والصرف والسلم والمضاربة والوديعة ونحو ذلك وهى تسمى في الوقت الحاضر بالقانون المدني ومن هذه الأحكام ما يتعلق أيضا بالشركات والتجارة وهذه الأحكام تسمى في الوقت الحاضر بالقانون التجاري .
4- الأحكام المتعلقة بمعاملة الأجانب غير المسلمين المستامين في الدولة الإسلامية تنظيم علاقاتهم من الدولة الإسلامية وهى تسمى اليوم بالقانون الدولي الخاص .
5- الأحكام المتعلقة بالقواعد التي تنظم علاقات الدول مع بعضها البعض الموجودة في أبواب السير والجهاد وهذه الأحكام تسمى اليوم بالقانون الدولي العام .
6- الأحكام المتعلقة بنظام الحكم وقواعده وحقوق الأفراد في الدولة وعلاقاتهم معها الموجودة في كتب السياسة الشرعية وهذه الأحكام تسمى اليوم بالقانون الدستوري .
7- الأحكام المتعلقة برفع الدعاوى وتنفيذها والقضاء والشهود وهى تسمى اليوم بقانون المرافعات .
8- الأحكام المتعلقة بالجريمة والعقوبة وهى تسمى اليوم بالقانون الجنائي او قانون العقوبات وبعد التخصص الدقيق يمكن القول إن الأحكام المتعلقة بالجريمة تسمى اليوم بعلم الإجرام والأحكام المتعلقة بالحدود والقصاص والتعزير تسمى اليوم في القانون الجنائي بعلم العقوبات .
ويتبع ذلك الأحكام المتعلقة بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر التي تسمى اليوم في القانون بالدفاع الشرعي العام .
* الفرق بين التشريع السماوي والتشريع الوضعي :
يمكن بيان أهم الفروق بين التشريعين من خلال النقاط التالية :
1- التشريع السماوي من وضع الله سبحانه وتعالى وهو محيط بكل ما دق وحل من شئون عبادة والسلطة التي تقرر الأحكام الشرعية جعلها الله في أهل الذكر من المجتهدين بطريق الأخذ من النصوص واستخدام الأمارات على وفق نظم الإسلام وقواعده , بخلاف الوضعي فهو من صنع البشر ولا شك في أن الوضعي يتأثر في تكوينه وفى عمله بالعوامل الاجتماعية كالعرف والعادة والبيئة بالعوامل الطبيعية كالزمن والمكان والجو وان تلك العوامل او أكثرها عرضه للتغيير فلا يكون القانون الذي وضعه الواضع في هذه الحالة ملائتما لحالة أخرى تغيرت فيها تلك المؤثرات كما أن الإنسان مهما بلغ من فكر لا يستطيع أن يتكهن بما يحدث بعد بالإضافة إلى انه لا يملك على الزمن أن يسير بالناس في جادة واحدة من نظام الحياة .
2- قواعد القانون الوضعي مؤقتة لجماعة خاصة في عصر معين فهي في حاجة إلى التغيير كلما تطورت الجماعة وتجددت مطالبها عكس قواعد الشريعة الإسلامية فهي لم تأت لقوم دون قوم او لعصر دون عصر فهي قواعد كلية ثابتة مستقرة تسد حاجة الجماعة وترفع مستواها في كل عصر .
3- التشريع إلا لا هي منزه عن الهوى والغرض أما التشريع الوضعي فقد يلاحظ عند وضعه أغراض معينة تراعى فيها مصلحة اشخصا معينين ويهدف إلى تحقيق رغبة بعض الشرعيين او طبقة معينة .
4- التشريع الاسلامى متفق في أحكامه مع الضمير الانسانى فهو كما يعمل على درء المفاسد يعمل أيضا على جلب المصالح فكما ينادى بالنهى عن المنكر ينادى بالأمر بالمعروف أيضا فهو فعل بجانب كونه رد فعل عكس التشريع الوضعي الذي يعن أولا بالنهى عن الأذى وان دعا إلى الخير بالتتبع لا بالقصد الذاتي .
5- التشريع الاسلامى رادع إذ كل من يؤمن بالأديان السماوية يؤمن بالبعث والحساب وان كل نفس توفى ما كسبت ومن يؤمن بذلك لا يستطيع أن يتنكر لجريمة ويتنصل من عقاب الدنيا او يحتال على إخفائها بخلاف التشريع الوضعي فان الإنسان لا يعاقب على مخالفته إلا إذا انكشف أمره ومع هذا فقد يتحايل لإسقاط العقاب والتنصل من فعلته .
6- تفسيرا لما سبق القوانين الوضعية تفقد سلطتها على النفس البشرية لان سلطة العقوبة وحدها لا تكفى في ردع المجرم ولذا فان واضعي القانون يعملون على ترضيه الجماهير وإقناعها بصلاحية النظام التي وضعوها حتى يمثلوها ولكن الناس مدركون انه لا سلطة للقوانين الوضعية إلا إذا وقع المرء تحت طائلة المخالفة وضبط متلبسا بجريمته إذ لا علاقة لها بالحياة الآخرة فيكون المجال فسيحا للخروج على القانون بوسائل الحيلة والدهاء فلا يقف وصول الناس إلى إغراضهم السيئة من فساد في الأرض قانون مهما كان دقيقا .
7- لتشريع الاسلامى سن لكل تصرف يحدثه الإنسان حكمين حكما في الدنيا يتعلق بمظهر العمل وأثره بين الناس وحكما في الآخرة يتعلق بالقصد الحقيقي والباعث عليه كما انه تشريع شجع على الطاعة وبشر الصالحين أعمالا واعدهم بالثواب ورصد جزاء على كل من الخير والشر بخلاف القوانين الوضعية فإنها لا ترصد الجزاء إلا على ناحية الشر والمخالفة بالعقاب عليه .
8- في التشريع الاسلامى تختلف مهمة الإفتاء عن القضاء فنجد القاضي يعالج المسائل ويقضى فيها من ناحية الحكم القضائي وما يحتاج إليه من بينه نجده لا ينظر إلى ناحية الباطن مطلقا وعلى العكس من ذلك المفتى فانه يضع في اعتباره كلتا الحالتين فان اتفق الظاهر مع الباطن أفتى بالظاهر أما إذا اختلف الظاهر مع الباطن فان عليه أن يفتى بالباطن .
9- في التشريع الاسلامى المسلمون مسئولون مسئولية متضامنة عن تنفيذ شريعة الإسلام وإقامة حدوده .
المبحث الثاني : الأسس التشريعية التي بني عليها الفقه الاسلامى :
* الأساس الأول رفع الحرج :
راعى المشرع الاسلامى التيسير على الناس وعدم إيقاعهم في الضيق والحرج فجاءت تكاليفه في حدود الاستطاعة البشرية .
مظاهر رفع الحرج
في العبادات :
1- بالنسبة للوضوء : عدم وجوب غسل الرأس والاكتفاء بمسحها او جزء منها لقوله تعالى وامسحو برؤسكم .
التيمم بالتراب : بدل الطهارة بالماء وذلك عند فقد الماء او عدم القدرة على استعماله او الحاجة إلى شربه .
2- بالنسبة للصلاة : قصر الصلاة الرباعية في السفر لقوله تعالى : وإذا ضربتهم في الأرض فليس عليكم جناح إن تقصروا من الصلاة " , التقديم كالجمع بين الصلاتين تقديما , التأخير كالجمع بين الصلاتين تأخيرا .
3- بالنسبة للزكاة : عدم إيجاب الزكاة في كل شئ وقصرها في أربعة أمور :
1- في السائمة من البهيمة .
2- في الخارج من الأرض .
3- في الأثمان .
4- في عروض التجارة .
4- بالنسبة للصيام : لم يفرض الله علينا الصوم إلا شهرا واحدا في العام وذلك لما يعلمه الله فيه من جهد الجسم والنفس .
5- في مجال المعاملات : لم يفصل التشريع الاسلامى الأحكام كلها بل أتى بقواعد عامة صالحة للتطبيق في كل وقت ومكان وترك للناس حرية التعامل بما يناسب أحوالهم وبيئاتهم فليس هناك إجراءات رسمية او شكلية يجب إتباعها ليكون العقد صحيحا بل تكفى في هذا رغبة المتعاقدين فقط كما هو معروف واكتفى لصحة العقد بتحقق الرضا من المتعاقدين .
6- في مجال النكاح : أباح الإسلام النظر إلى المخطوبة كما حث على تقليل المهر ورغب فيه حيث روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " أن أعظم النكاح بركه أيسره مؤنه " وروى عنه أيضا انه قال " لو أن رجلا أعطى امرأة صداقا مل يده طعاما كانت له حلالا " , وإذا وقع للزوجين ما ينغض عليهما حياتهما مما يجعل الزواج مصدرا للشقاء والتعاسة أباح الإسلام الطلاق .
وشرع الرجعة ولم يبح بإخراج المرأة من بيت الزوج في مدة الطلاق إلا إذا أتت بفاحشة او نشزت على الزوج وذلك آملا في أن تعود الأمور لوضعها الصحيح .
7- في مجال الجهاد : رفع الحرج عمن الأعمى والأعرج والمريض فقال تعالى " ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج "
8- في مجال العقوبات : لا يطبق الحد على الإنسان إذا كانت هناك شبهه في فعل الجريمة او حتى مجرد شك حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم في ذلك " ادرءوا الحدود بالشبهات ما استطعتم "
9- في مجال العادات : أباح الله تعالى لعبادة أن يأكلوا من طيبات رزقه ما شاءوا وان يتمتعا بما تيسر لهم من ملبس ومسكن من غير تحديد او على وفق ما ذهب إليه جمهور المسلمين وذلك طبقا لقوله تعالى " هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا "
الأساس الثاني قلة التكاليف :
تعد قلة التكاليف أمر لازم لعدم الحرج لان في كثرة التكاليف إيقاع للمكلف في الحرج ولذا لم تثقل الشريعة الإسلامية كواهل الناس بأوامرها ونواهيها .
مظاهر قلة التكاليف في الشريعة الإسلامية
1- من ناحية الواجبات المطلوبة :
1- إذا أراد الإنسان الدخول في الإسلام وعصمة دمه وماله وعرضه يكفيه النطق بالشهادتين " لا اله إلا الله محمد رسول الله "
2- وتثبيتا لمعنى التوحيد وتأكيد السلطان الربوبية في القلب فرض الله على المسلمين خمس صلوات في اليوم والليلة لا يحتاج الامتثال بها والعلم بتحقيقها إلا إلى زمن يسير بالنسبة ليوم كامل وفعلها النبي صلى الله عليه وسلم مستوفية لكل ما يطلب فيها من وقت وشروط وركن إمام الصحابة وقال صلوا كما رايتمونى أصلى .
2- من ناحية المحرمات :
فطريقة التشريع تجاهها محصورة او مستثناه وهذه قليلة إذا قيست بما إباحة الله لنا بالأمر الصريح او تركه على الإباحة من غير تحريم ولا تحليل .
وكذلك الشأن في تحريم أصناف معينة من المطعومات قال تعالى " حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما آهل لغير الله به والمنخنقة والموقودة والمتردية والنطيحة وما آكل السبع إلا ماذكيتم وما ذبح على النصب "
أما المباحات فقد أطلق الله الحل فيها فبعد ما حدد الله سبحانه وتعالى أصناف المحرمات من النساء في الآية المذكورة السابقة قال تعالى " واحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير سافحين "
الأساس الثالث التدريج في التشريع :
راعى التشريع الاسلامى التدرج في أحكامه كي يكون ذلك أوقع في النفس واقرب إلى الانقياد وحتى تتهيأ النفوس بالحكم السابق ليسهل عليها الأمر في تلقى الحكم اللاحق لم يسلك الإسلام فيهم طريق المفاجأة بل تألفهم بالتدرج حتى لا تنفر نفوسهم من الامتثال وترك عاداتهم السيئة والتي تمكنت فيهم .
ولذا فالمتبع التشريع الاسلامى يجد أن اغلب أحكامه أخذت أطوارا متعددة حتى استقرت على ماهى عليه الآن كالدعوة إلى التوحيد والقتال من اجلها وتحريم الربا والخمر .
الأساس الرابع رعاية مصالح الناس :
راعى التشريع الاسلامى مصالح الناس على اختلاف أزمانهم وبيئاتهم حيث قال تعالى " وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا "
وجود النسخ :
كثيرا ما يكون شرع الأحكام لمقتضيات وقتيه فإذا تغير الحكم لتغيرها رحمه وتخفيفا من الحق سبحانه وتعالى وقد لا يتغير حال ولكن يكون القصد التخفيف فقط وقد يكون القصد التشديد في بعض الأحكام , وحيث أثبتت المعجزة صدق الرسول صلى الله عليه وسلم فان الله لا يسال عما يفعل بنسخ ما يشاء ويحكم ما يريد أما حكمة بقاء تلاوة المنسوخ فهو لاستحضار تلك الحال السابقة وثواب التلاوة والتعبد والاعجار , وبالجملة فقد شرع الله بعض الأحكام لملائمتها أحوال الناس وقت تشريعها او لغرض خاص ثم أبطلها ونسخها لزوال تلك الملائمة او انتهاء الغرض المقصود منها .
أمثلة النسخ :
1- اوجب الله الوصية للوالدين والأقربين قبل نزول ايه الميراث بقوله تعالى " كتب عليكم إذا حضر أحدكم أن ترك خير الوصية للوالدين والأقربين " نسخ حكم هذه الآية بقوله تعالى " يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ...الخ آيات المواريث .
2- كانت عدة المتوفى عنها زوجها عاما كاملا وكان يجب على زواجها أن يوصى لها بالسكنى والنفقة في هذه المدة ثم خففت هذه المدة إلى أربعة أشهر وعشرة أيام .
3- قوله تعالى " وان تبدوا ما في أنفسكم او تخفوه يحاسبكم به الله " نسخ حكمها قوله تعالى " لا يكلف الله نفسا إلا وسعها "
4- كان من يطبق الصوم ويقدر عليه يجوز له أن يفطر إذا اطعم مسكينا عن يومه . حيث جاء قوله تعالى " وعلى الذين يطيقونه فديه طعام مسكين " , ثم نسخ هذا الحكم بقوله تعالى " فمن شهد منكم الشهر فليصمه " اى من كان قادرا على الصوم وشهد شهر رمضان فليصمه .
* أسباب اختلاف الصحابة في الفتوى *
أسباب اختلاف الصحابة في فهم القران :
ترجع أسباب اختلاف الصحابة في فهم القران الكريم إلى عدة أمور منها :
1- اختلاف ناشئ عن الاشتراك في اللفظة المفردة .
2- اختلاف ناشئ عن الاشتراك الواقع في تركيب الألفاظ بعضها على بعض .
3- اختلاف ناشئ من تعارض آيتين في شئ واحد .
4- اختلاف ناشئ عن اختلاف ظاهر النص عن المعنى المقصود من التشريع .
وهذا هو بيان الأمور السابقة :
الاختلاف الناشئ عن الاشتراك في اللفظة المنفردة
لهذا الأمر أسباب منها :
أ- تردد اللفظة المفردة بين معنين حقيقين :
اى وجود لفظ مشترك في النص يحتمل معنين او أكثر ومثال ذلك :
لفظ قرء الوارد في قوله تعالى : " والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قرؤ " فانه لفظ مشترك بين الحيض والطهر فقد يكون بمعنى الحيض وقد يكون بمعنى الطهر لأنه ثبت وروده في كلام العرب لهما على حد سواء , ولا خلاف بين الصحابة في ذلك كما لا خلاف بينهم في أن المراد منه هو احد المعنين لا مجموعهما وإنما اختلفوا في المراد منه في الآية مما ترتب على ذلك الاختلاف في عدة المطلقة التي تحيض هل هي ثلاث حيض او ثلاث أطهار .
ب- تردد اللفظة المفردة بين المعنى اللغوي والمعنى الشرعي :
اى وجود لفظ يحتمل انه أريد به الحقيقة الشرعية او المجاز اللغوي كما في أطلاق لفظ الأب على الجد كما في قوله تعالى على لسان سيدنا يوسف عليه السلام واتبعت ملة ابائى إبراهيم وإسحاق ويعقوب فقد سمى يوسف إسحاق وإبراهيم أبوين وهما في الحقيقة جدان لذلك اختلف الصحابة في توريث الإخوة الأشقاء او لأب مع الجد فذهب أبو بكر وابن عباس إلى أن الجد أبا الأب حكمه حكم الأب يحجب الأخوة آيا كانوا من الميراث وذلك استنادا إلى انه أطلق عليه لفظ الأب فئ القران الكريم وما يجيئ في القران أنما هو بيان للحقيقة الشرعية وذهب على وزيد بن ثابت ووافقهما عمر وغيرهم إلى أن الجد لا يحجب الأخوة لأبوين او لأب من الميراث بل يشتركون معه فيه وذلك لتساويهما في درجة القرابة فان كلا منهما يدلى إلى الميت بالأب وما جاء في القران من تسميه أبا أنما هو من قبيل المجاز اللغوي حسب استعمال العرب .
* الاختلاف الناشئ من الاشتراك الواقع في تركيب الألفاظ بعضها على بعض :
وذلك مثل قوله تعالى " وأمهات نسائكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن " فقد ركب الكلام فيها على صفة بعد موصوفين فالصفة قوله تعالى اللاتي دخلتم بهن " والموصوفان نسائكم المذكورة مع الأمهات ونسائكم المذكورة مع الربائب ومثل هذا يحتمل رجوع الصفة إلى الموصوف الثانى فقط ومن هنا نشا الخلاف .
قرأ زيد بن ثابت رجوع الصفة إليهما وكان المعنى حرمة أمهات النساء اللاتي دخلتم بهن وعليه فلا تحرم الأم إلا بالدخول على البنت كالبنت لا تحرم إلا بالدخول على الأم وارى على بن أبى طالب أنها صفة الثانى فقط فلا تفيد سوى تقييد حرمة البنت بالدخول على وتبقى حرمة الأم مطلقة حصل دخول ببنتها او لم يحصل وهذا ما يتفق مع القاعدة الشرعية التي تقول " العقد على البنات يحرم الأمهات والدخول بالأمهات يحرم البنات "
* الاختلاف الناشئ من تعارض آيتين في شئ واحد : وذلك مثل :
1- وجود نصين متعارضين في مسالة واحدة ولا يدرى أيهما نزل أولا وأيهما نزل آخرا وذلك كما في قوله تعالى بيانا لعدة المتوفى عنها زوجها " والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا " وقوله سبحانه بشان عدة الحامل وأولاد الأحمال اجلهن أن يضعن حملهن " فأنهما يتعارضان في عدة المرأة الحامل المتوفى عنها زوجها ولذلك اختلف الصحابة في عدتها فذهب على وابن عباس وغيرهما إلى أنها تعتد بأبعد الأجلين وضع الحمل او عدة الوفاة أيهما أكثر عملا بالآيتين معا فتكون كل ايه منهما مخصصة لعموم الأخرى .
وذهب عمر وابن مسعود وغيرهما إلى أن عدتها وضع الحمل وذلك للآية الثانية أما الآية الأولى فهي خاصة بغير الحامل .
& الاختلاف الناشئ من اختلاف ظاهر النص منها المعنى المقصود من التشريع :
ومثال ذلك ميراث الأم إذا انحصرت التركة بين الأبوين واحد الزوجين هل تأخذ ثلث التركة كلها آم ثلث الباقي بعد نصيب احد الزوجين .
اختلف الصحابة في ذلك فذهب ابن عباس إلى أن الأم ترث في هذه الحالة ثلث التركة كلها عملا بظاهر الآية " فان لم يكن له ولد وورثه أبواه فلامه الثلث "
وأفتى زيد بن ثابت وجمع من الصحابة بان للام ثلث مابقى بعد فرض احد الزوجين نظرا للمعنى المقصود من تشريع الحكم لان الأب والأم ذكرا وأنثى ورثا بجهة واحدة فللذكر ضعف الأنثى كما في الأولاد والأخوة "
أسباب اختلاف الصحابة في السنة
ترجع أسباب اختلاف الصحابة في السنة إلى عدة أمور منها :
1- الاختلاف في ترك الحديث لكونه خبر واحد ولا يوافق القياس والمنطق والعمل بالقياس في رأى البعض والعمل بالحديث دون القياس في رأى البعض الأخر ممن لا يتشد دون في الأخذ بالسنة .
2- الاختلاف في الثقة بالرواى قد يكون الاختلاف راجعا إلى عدم ثقة الصحابي بالراوي فلا يقبل حديثه بينما يثق به صحابي أخر فيقبله .
3- الاختلاف في فهم على الحكم ومثال ذلك قيام الرسول صلى الله عليه وسلم للجنازة فقال قائل لتعظيم الملائكة فيعم المؤمن والكافر وقال قائل لهول الموت فيعمهما وقائل مر على رسول الله صلى الله عليه وسلم بجنازة يهودي فقام لها كراهة أن تعلو فوق رأسه فيخص الكافر .
4- الاختلاف في فهم السنة بعد ثبوتها كالرمل في الطواف حول الكعبة حيث صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعله في طوافه لكن أصحابه اختلفوا فيه .
5- الاختلاف في درجة حفظ السنة مما أدى إلى الاختلاف في العلم بها مما كان له أيضا اكبر الأثر في اختلاف الأحكام فنشا عن ذلك أن احدهم يفتى براية حيث لم يوجد عنده حديث بينما يخالفه الأخر لوجود الحديث عنده .
6- الاختلاف في قبول الحديث فلقد كان آبا بكر وعمر يطلبان شريكا للراوي حتى يثبت الحديث وكان على يستحلفه .
* اختلاف الصحابة في الراى *
إذا تحدثنا عن الراى هنا لا تقصد به الراى المذموم الذي يكون ناتجا عن رغبة النفس وأتباع الهوى ولكننا تقصد به الراى الذي يكون ناتجا عما يراه القلب بعد فكر وتأمل وطلب لمعرفة وجه الصواب مما تتعارض فيه الأمارات .
أمثلة للراى الذي أفتوا به الصحابة :
1- أيضا كونه لم يقطع يد السارق في عام المجاعة فتوى له بالراى منباها اعتبار الشبهة في إسقاط العقوبة .
2- قول بن ثابت بان للام ثلث الباقي بعد فرض احد الزوجين رأى له بناء على المقصود المعهود من تشريع المواريث بان كل ذكر وأنثى ورثا بجهة واحدة فللذكر مثل حظ الأنثيين كالأولاد والأخوة .
3- التسوية في العطاء بين الناس عدد أبى بكر والمفاضلة بينهم في ذلك يسبق الإسلام والجهاد عدد عمر بن الخطاب رضي الله عنها رأى لكل منهما مبتاه عدد أبى بكر قال إن الدنيا بلاغ والتسوية فيها خير من التفضيل وفضل كل منهم لله فاجرة عدد الله , وقال عمر إذ جعل من قائل رسول الله صلى الله عليه وسلم كمن قائل معه .
أسباب اختلاف الصحابة في الراى
اختلف الصحابة في الراى لأسباب منها :
1- التفاوت في قوة الإدراك وملكة الاستنباط ومقدار وقوفهم على أسرار الشريعة .
2- اختلاف الأزمنة والأمكنة والملابسات كضالة الإبل التي كانت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبى بكر وعمر تترك حتى ياتى صاحبها فيأخذها وإلا تركت تتناسل ولا يمسها احد لان الرسول صلى الله عليه وسلم سئل عن ضالة الإبل فقال مالك ومالها معها سقاؤها وحذاؤها ترد وتأكل الشجر حتى يلقاها ربها , فلما كان زمن عثمان وامتدت ايدى الناس إلى تلك الضوال آمر بالتقاطها وتعريفها فان جاء صاحبها أخذها وإلا بيعت واحتفظ بثمنها لصاحبها أن وجد وإلا صرفت في مصالح المسلمين .
3- اختلافهم في تقدير المصلحة العامة للمسلمين جميعا كما جرى في مسالة تقسيم الاراضى المفتوحة بقوة الحرب او عدم تقسيمها ووضع الخراج عليها , ومن ذلك أيضا حرمان أصحاب سهم المؤلفة قلوبهم من هذا السهم لمنعة المسلمين وقوتهم وعدم الحاجة إلى تأليفهم .
مدى دائرة الخلاف التي كانت بين الصحابة في الراى :
أن اختلاف الصحابة في الراى رغم وجوده بين الصحابة إلا انه لم تتسع دائرته ولعل ذلك يرجع إلى عدة أسباب منها :
1- تقرر مبدأ الشورى بين الصحابة الأمر الذي كاد يؤدى في مسائل كثيرة إلى القضاء على الخلاف مما كان يؤدى إلى الإجماع .
2- قلة النوازل بالنسبة لما جد منها في العصور التالية .
3- سهولة الإجماع وخاصة في عهد أبى بكر وعمر حيث كان كبار الصحابة والمفتون يجتمعون في المدينة المنورة .
4- قلة ما روى من الأحاديث في هذا حيث كان الصحابة ينشدون في راوية الحديث خوف الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم .
5- قلة عدد المفتين من الصحابة فما كان الصحابة كلهم مجتهدين بل من اشتهر منهم بالعلم والفتوى نفر قليل .
6- بالرغم من قلة عدد المفتين فان أكثر هؤلاء المفتين كانوا يتورعون عن الفتوى ويحيلون بعضهم على بعض فما كان من مفت الأود أن أخاه كفاه الفتيا.
الحكمة من اختلاف الصحابة *
اقتضت حكمة الله عز وجل في شرعه أن يكون كثير من نصوص القران والسنة محتلمة لأكثر من معنى إذ انزل القران الكريم بلسان عربي مبين واحتمال الألفاظ في اللغة العربية أمر مسلم به مما تمتز به لغتنا من اللغات الأخرى .
كما اقتضيت حكمته أيضا في خلقه أن يجعلهم متفاوتين في عقولهم ومداركهم ليكمل الكون ويبرز ميدان التفاضل والتمايز بالعلم ولا يشك عاقل بان هذين الأصليين أنما يؤديان إلى نتيجة حتمية بدهيه وهى الاختلاف في الآراء والأحكام هذا ومما يؤكد حكمة الله عز وجل في ذلك هو أن أكثر النصوص الشرعية فكان الله سبحانه وتعالى أراد بذلك التوسعة على الناس في تعدد الآراء والإفهام من جهة وإفساح المجال أمام العقول لتعمل وتستنبط من كلامه وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم من جهة أخرى
الفصل الثاني : السنة
تعريفها :
التعريف اللغوي:
تطلق السنة في اللغة على عدة معان منها :
1- الطريقة حسنة كانت أم سيئة . 2- وتطلق على حد النصل تقول سن السكين اى حدها .
3- وتطلق على موالاة صب الماء فيقال سن الماء اى والى صبه إذا والى صبه .
4- وتطلق على أحسان رعى الإبل تقول سن الإبل اى أحسن رعيها .
التعريف الاصطلاحي :
فالسنة في اصطلاح المحدثين هي :
ما أثير عن النبي صلى الله عليه وسلم من قول او فعل او تقرير او صفة خلقية او سيرة فعلماء الحديث نقلوا واهتموا بكل ما يتصل بالرسول صلى الله عليه وسلم من سيرة وخلق وأخبار وأقوال وأفعال سواء اثبت ذلك حكما شرعيا آم لا .
أما في اصطلاح الأصوليين :
هي ما صدر عن النبي صلى الله عليه وسلم غير القران من قول او فعل او تقرير .
فالنسبة بذلك عند الأصوليين ثلاثة أنواع :
1- سنة قوليه وهى الأحاديث التي تلفظ بها الرسول صلى الله عليه وسلم .
2- سنة فعلية وهى ماصدر عن الرسول صلى الله عليه وسلم من أفعال كأداء الصلاة بهيئاتها وأفعال الحج مثلا .
3- سنة تقريرية وهى ما اقره الرسول صلى الله عليه وسلم مما صدر من صحابه بسكوته وعدم إنكاره او بموافقته وإظهار استحسانه .
مراتب السنة
1- سنة متواترة :
وهى ما نقلها عن الرسول جمع من الصحابة بلغ حد التواتر يمتنع تواطؤه على الكذب ثم راوها عن هذا جمع من التابعين يمتنع عادة تواطؤه على الكذب ثم نقلها عن هؤلاء جمع من تابعي التابعين يمتنع اتفاقه على الكذب عادة فالمعتبر في التواتر الجمع الذي يتمنع عادة التواطؤ فيه على الكذب في هذه العصور الثلاثة بطريق التواتر والشهرة لتوافر الدواعي على نقل السنة وتدوينها .
مثال السنة المتواترة وضوئه وصلاته وحجه .
2- سنة مشهورة:
هي ما رواها عن الرسول جمع لم يبلغ حد التواتر ثم رواها في عصر التابعين وعصر تابعي التابعين جمع بلغ حد التواتر ومثل هذا النوع من الأحاديث " إنما الأعمال بالنيات " .
حكم السنة
يختلف حكم السنة باختلاف أنواعها كالاتى :
حكم السنة المتواترة : حكم هذا النوع من السنة يفيد العلم واليقين فيجب العمل بها ويكفر جاحدها .
حكم السنة المشهورة :
حكم هذا النوع من السنة لا يفيد القطع واليقين وإنما يفيد الطمأنينة والظن القريب من اليقين .
حكم سند الآحاد :
حكم هذا النوع من السنة يفيد الظن ولا يفيد اليقين ولا يعمل به في استنباط الأحكام العملية إلا إذا تحققت فيه الشروط التي تختلف باختلاف كل مذهب وذلك على النحو التالي :-
فعند أبى حنيفة :
1- لا يعمل به إلا إذا وافق عمل بالرواى ولذلك لم تأخذ الأحناف بما روى عن أبى هريرة إن الرسول قال " إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فاغسلوه سبعا أحداهن بالتراب لمخالفة أبى هريرة هذا الحديث كان رضي الله عنه إذا ولغ الكلب في الإناء غسله ثلاثا .
2- ألا يكون الحديث واردا فيما يتكرر وقوعه وتعم به البلوى لان ما يكون كذلك لابد وان ينقل بطريق التواتر او الشهرة ولذا لم يأخذ أبو حنيفة بحديث رفع اليدين عند الركوع في الصلاة .
3- ألا يكون مخالفا للقياس .
أما عند المالكية :
لم يشترط الأمام مالك في العمل بخبر الواحد إلا شرطا واحدا وهو ألا يخالف حديث الآحاد عمل أهل المدينة فان كان لا يوافق رده .
عند الشافعي : لا يعمل بالخبر الواحد عند الشافعي إلا إذا اتصل السند ولذا لم يعمل بالحديث المرسل وهو الذي لم يذكر فيه الصحابي الذي روى عنه التابعي .
عند احمد بن حنبل :
منزلة السنة من القران
تعد السنة في المرتبة التالية للقران والدليل على ذلك الاتى :
1- السنة بيان للكتاب والمبين يكون بعد المبين .
2- القران مقطوع به جملة وتفصيلا فجملة لأنه جميعه في جملته متواترا ومقطوع به انه من عند الله أما المقطوع به تفصيلا فلان كل إيه من آياته ثبتت بالتواتر , أما السنة فهي تشتمل على أحاديث متواترة وغير متواترة ,
3- حديث معاذ حين أرسله النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن فقد قال له الرسول صلى الله عليه وسلم بما تحكم يا معاذ قال بكتاب الله قال له فان لم تجد قال بسنة رسول الله قال له فان لم تجد قال اجتهد رأى ولا الو اى ولا اقصر .
علاقة السنة بالقرآن
أولاً :- قد تأتي السنة مؤكده لما جاء به القرآن ومؤكد له مثال ذلك ما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله " بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله وأقام الصلاة وإيتاء الزكاة والحج وصوم رمضان " فإن ذلك يوافق قوله تعالي ( وأقيموا الصلاة واتوا الزكاة )
ثانياً :- قد تأتي السنة شارحة لما جاء في القرآن الكريم وبيان ذلك على النحو التالي :-
1- بيان المجمل :- كالاحديث التي بينت عدد ركعات الصلاة ومقدار الزكاة فأن هذه الأحاديث قد بينت الإجمال الوارد في قوله تعالي " وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة "
2- تخصيص العام :- مثل قوله ( صلي الله علية وسلم ) { لا يرث القاتل } فإنه مخصص لعموم قوله
المبحث الأول : تعريف الفقه وتدوينه وعلاقته بالشريعة والتشريع :
معنى كلمة الفقه في اللغة :
الفقه في اللغة هو العلم ...... والفهم له .
معنى كلمة الفقه في الاصطلاح :
الفقه في الاصطلاح هو العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسبة من أدلتها التفصيلية.
شرح التعريف ومحترزاته :
العلم يشمل العلم بالأحكام إذ أن الأحكام المستنبطة من الأدلة الواردة في خطابات الشارع المتضمنة لوجوب أمر ما او حرمته او ندبه او كراهته او إباحته او المتضمنة لربط أمر أخر بجعله ركنا له او علة او سببا او شرطا او مانعا او بيان أحوال التصرفات من الصحة او الفساد او البطلان او الوقف او النفاذ او اللزوم وكذلك العلم بغير الأحكام كالعلم بالذات والصفات وبذلك تكون كلمة العلم بالأحكام تخرج العلم بالذات والصفات والأفعال وبإضافة الشرعية إلى كلمة العلم اى العلم بالأحكام الشرعية تخرج العلم بالأحكام " غير الشرعية " اى الأحكام المأخوذة من غير الشرع كالأحكام المأخوذة من العقل مثل العلم بان العالم حادث والواحد نصف الاثنين او الأحكام المأخوذة من الحس مثل العلم بان الدار محرقة او الأحكام المأخوذة من الوضع والاصطلاح كالأحكام اللغوية مثل العلم بان الفاعل مرفوع فالأحكام الشرعية تخرج الأحكام العقلية والأحكام الحسية والأحكام اللغوية .
أيضا وبإضافة العلمية إليهما اى العلم بالأحكام الشرعية العلمية فإضافة العلمية إليهما تخرج العلم بالأحكام الشرعية " الاعتيادية " كالعلم بان الإجماع جحة والإيمان واجب .
وبإضافة المكتسب من أدلتها تخرج علم الله وعلم الرسول صلى الله عليه وسلم لان علم الله لا يسمى فقها وإنما يسمى كشفا لأنه ليس عن اجتهاد ونظر وكذا علم النبي صلى الله عليه وسلم بالأحكام الشرعية لا يسمى فقها لأنه ليس بطريق الاجتهاد وإنما هو بطريق الوحي , أما إضافة الأدلة التفصيلية يعنى بها الأدلة التي تختص المسائل بعينها كدلالة قوله تعالى أقيموا الصلاة على وجوبها وبالجملة كل ما ورد في الكتاب والسنة من الآيات والأحاديث الخاصة بتلك الأحكام العملية وما جاء به الإجماع والقياس وباقي المصادر التبعية .
علاقة الفقه بالتشريع والشريعة
علاقة الفقه بالتشريع :
التشريع لغة مصدر شرع يشرع تشريعا , وفى الاصطلاح من القواعد وإنشاء القوانين وإذا كان من المتفق عليه بين علماء المسلمين على اختلاف مذاهبهم أن أقوال الإنسان وأفعاله لها في الشريعة الإسلامية أحكام قد تجيزها وقد تحرمها فان هذه الأحكام بعضها بينتها نصوص وردت في القران والسنة وبعضها أقامت عليها الشريعة الإسلامية دلائل ونصت لها بإمارات بحيث يستطيع المجتهد بواسطة تلك الدلائل والإمارات أن يصل إليهما ويستنبطها , ومن مجموعة هذه الأحكام المستنبطة من النصوص والإمارات والدلائل الشرعية تكون الفقه , كان علم الفقه كما سبق هو العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسبة من الأدلة التفصيلية , ولكن لما كانت هذه الأحكام قد مرت بفترتين ااحداهما في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم والأخرى بعد وفاته , كان الذي على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم يسمى تشريعا تلقاه عليه الصلاة والسلام عن طريق الوحي الذي يتمثل في القران والسنه يصورها الثلاث القولية والفعلية والتقريرية , وأما ما كان بعد وفاته صلى الله عليه وسلم من اجتهاد للصحابة والتابعين لا يعد تشريعا حقيقيا بل هو توسع في تبسيط القواعد الكلية وتطبيقها على الجزئيات المتجددة واستنباط الأحكام من مصادرها بفهم الآيات والأحاديث والقياس على ما فهم منها وهذا هو الفقه الزى يعد امتدادا للتشريع .
إذا الفرق بين التشريع والفقه أن التشريع كان في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وكان يعتمد على الوحي بقسميه " الكتاب والسنه " ولم يكن هناك مجال للنظر والاجتهاد حيث يوجد الرسول , إما الفقه فكان موضعا للاجتهاد والاختلاف بين الفقهاء والعلماء ولذا ظهرت مدراس الفقه المختلفة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم وانبثقت عنها مذاهب الآثمة والمجتهدين .
علاقة الفقه بالشريعة
تعريفه الشريعة:
التعريف اللغوي :
استعملت العرب في لغتهم كلمة الشريعة استعمالين : احدهما : بمعنى الطريقة المستقيمة . ثانيهما : بمعنى مورد الماء الذي يقصد للشرب .
التعريف الاصطلاحي :
اصطلح الفقهاء على إطلاق لفظ الشريعة على الأحكام التي سنها الله لعباده وهن بهذا تشمل جميع الشرائع السماوية التي نزلت للناس على ايدى انبيائهم ومع ذلك فان الشريعة إذا أطلقت كان المراد بها شريعة الإسلام التي نزلت على يد محمد صلى الله عليه وسلم لأنها خاتمة الشرائع ولاتها حوت من الشرائع السابقة أحسن ما فيها وزادت عليها من التشريعات ما جعلها شريعة كاملة صالحة للناس , ومن ثم يمكن تعريف الشريعة الإسلامية بأنها " مجموعة الأحكام التي سنها الله للناس جميعا على لسان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم في الكتاب والسنه " .
ومن ثم يمكن تعريف الشريعة الإسلامية بأنها (مجموعة من الأحكام لتي سنها الله للناس جميعاً على لسان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم في الكتاب والسنة .
وسميت هذه الأحكام شريعة لاستقامتها ولشبهها بمورد الماء لأن بها حياة النفوس والعقول كما أن في مورد الماء حياة الأبدان والشريعة بهذا المعنى تسمى مله ومن ذلك قوله تعلى "ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنفياً وقد التنهاوي في ذلك " الشريعة ... قيل هي الطريق في الدين وحينئذ الشرع والشريعة مترادفان . ثم قال في موضع آخر أيضاً ويسمى الشرع أيضاً بالدين والملة فإن تلك الأحكام (أي أحكام الشرع أو الدين أو الملة ) من حيث أنها قطاع دين ومن حيث أنها تملى وتكتب ملة ومن حيث أنه مشروعة شرع فالتفاوت بينها بحسب الاعتبار لا بالذات .
* وعلاقة الفقه بالشريعة نجملها في النقاط التالية :
1- الشريعة هي مجموع ما تلقاه الرسول صلى الله عليه وسلم من ربه من أحكام عملية واعتقاديه وأخلاقية .
2- التشريع هو الأحكام العملية التي عاصرت بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم .
3- الفقه هو الأحكام العملية التي ظهرت بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى هذا فان الفقه ليس هو الشريعة لكنه في الوقت نفسه لا يغايرها فهو جزء منها واحد أقسامها . ولذا فالشريعة اعم من الفقه لأنها تشمله وتشمل غيره .
* أنواع أحكام الشريعة :
تتنوع أحكام الشريعة الإسلامية إلى الأنواع الآتية :
النوع الأول:
أحكام اعتقاديه وهى المتعلقة بذات الله تعالى وصفاته بالأيمان به ويرسله وكتبه والبعث واليوم الآخر وما فيه من حساب وثواب وعقاب وغير ذلك من الأمير التي يبحث فيها علم التوحيد .
النوع الثاني :
أحكام تهذيبية كالترغيب في أمهات الفضائل التي يتحلى بها الإنسان مثل الصدق والوفاء بالعهد والصبر والأمانة والترهيب من أمهات الرذائل مثل الكذب والخيانة وخلف الوعد وما شابه ذلك وهذا كله يبحث فيه علم الأخلاق .
النوع الثالث :
أحكام عملية وهى التي تتعلق بما يصدر من الإنسان المكلف من أقوال وأفعال وهذا النوع ينظم علاقة الفرد بربه وبنفسه وبغيره ويسمى بعلم الفقه ويشتمل هذا العلم على الأحكام الاتيه :
* أنواع أحكام الفقه الاسلامى :
1- الأحكام المتعلقة بالعبادات كالصلاة والصوم والزكاة والحج وهذه الأحكام ليس لها نظير في القانون الوضعي ولكنها تسمى في الإسلام بعلم العبادات لان فيها تنظيم علاقة الإنسان بربه والقانون الوضعي ليس فيه ذلك .
2- الأحكام المتعلقة بالأسرة من نكاح بالأسرة من نكاح وطلاق ونفقه ونسب وغير ذلك مما يتعلق بالأسرة وهى تسمى في الوقت الحاضر بقانون الأحوال الشخصية .
3- الأحكام المتعلقة بالمعاملات المالية كالبيع والإجارة والرهن والصرف والسلم والمضاربة والوديعة ونحو ذلك وهى تسمى في الوقت الحاضر بالقانون المدني ومن هذه الأحكام ما يتعلق أيضا بالشركات والتجارة وهذه الأحكام تسمى في الوقت الحاضر بالقانون التجاري .
4- الأحكام المتعلقة بمعاملة الأجانب غير المسلمين المستامين في الدولة الإسلامية تنظيم علاقاتهم من الدولة الإسلامية وهى تسمى اليوم بالقانون الدولي الخاص .
5- الأحكام المتعلقة بالقواعد التي تنظم علاقات الدول مع بعضها البعض الموجودة في أبواب السير والجهاد وهذه الأحكام تسمى اليوم بالقانون الدولي العام .
6- الأحكام المتعلقة بنظام الحكم وقواعده وحقوق الأفراد في الدولة وعلاقاتهم معها الموجودة في كتب السياسة الشرعية وهذه الأحكام تسمى اليوم بالقانون الدستوري .
7- الأحكام المتعلقة برفع الدعاوى وتنفيذها والقضاء والشهود وهى تسمى اليوم بقانون المرافعات .
8- الأحكام المتعلقة بالجريمة والعقوبة وهى تسمى اليوم بالقانون الجنائي او قانون العقوبات وبعد التخصص الدقيق يمكن القول إن الأحكام المتعلقة بالجريمة تسمى اليوم بعلم الإجرام والأحكام المتعلقة بالحدود والقصاص والتعزير تسمى اليوم في القانون الجنائي بعلم العقوبات .
ويتبع ذلك الأحكام المتعلقة بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر التي تسمى اليوم في القانون بالدفاع الشرعي العام .
* الفرق بين التشريع السماوي والتشريع الوضعي :
يمكن بيان أهم الفروق بين التشريعين من خلال النقاط التالية :
1- التشريع السماوي من وضع الله سبحانه وتعالى وهو محيط بكل ما دق وحل من شئون عبادة والسلطة التي تقرر الأحكام الشرعية جعلها الله في أهل الذكر من المجتهدين بطريق الأخذ من النصوص واستخدام الأمارات على وفق نظم الإسلام وقواعده , بخلاف الوضعي فهو من صنع البشر ولا شك في أن الوضعي يتأثر في تكوينه وفى عمله بالعوامل الاجتماعية كالعرف والعادة والبيئة بالعوامل الطبيعية كالزمن والمكان والجو وان تلك العوامل او أكثرها عرضه للتغيير فلا يكون القانون الذي وضعه الواضع في هذه الحالة ملائتما لحالة أخرى تغيرت فيها تلك المؤثرات كما أن الإنسان مهما بلغ من فكر لا يستطيع أن يتكهن بما يحدث بعد بالإضافة إلى انه لا يملك على الزمن أن يسير بالناس في جادة واحدة من نظام الحياة .
2- قواعد القانون الوضعي مؤقتة لجماعة خاصة في عصر معين فهي في حاجة إلى التغيير كلما تطورت الجماعة وتجددت مطالبها عكس قواعد الشريعة الإسلامية فهي لم تأت لقوم دون قوم او لعصر دون عصر فهي قواعد كلية ثابتة مستقرة تسد حاجة الجماعة وترفع مستواها في كل عصر .
3- التشريع إلا لا هي منزه عن الهوى والغرض أما التشريع الوضعي فقد يلاحظ عند وضعه أغراض معينة تراعى فيها مصلحة اشخصا معينين ويهدف إلى تحقيق رغبة بعض الشرعيين او طبقة معينة .
4- التشريع الاسلامى متفق في أحكامه مع الضمير الانسانى فهو كما يعمل على درء المفاسد يعمل أيضا على جلب المصالح فكما ينادى بالنهى عن المنكر ينادى بالأمر بالمعروف أيضا فهو فعل بجانب كونه رد فعل عكس التشريع الوضعي الذي يعن أولا بالنهى عن الأذى وان دعا إلى الخير بالتتبع لا بالقصد الذاتي .
5- التشريع الاسلامى رادع إذ كل من يؤمن بالأديان السماوية يؤمن بالبعث والحساب وان كل نفس توفى ما كسبت ومن يؤمن بذلك لا يستطيع أن يتنكر لجريمة ويتنصل من عقاب الدنيا او يحتال على إخفائها بخلاف التشريع الوضعي فان الإنسان لا يعاقب على مخالفته إلا إذا انكشف أمره ومع هذا فقد يتحايل لإسقاط العقاب والتنصل من فعلته .
6- تفسيرا لما سبق القوانين الوضعية تفقد سلطتها على النفس البشرية لان سلطة العقوبة وحدها لا تكفى في ردع المجرم ولذا فان واضعي القانون يعملون على ترضيه الجماهير وإقناعها بصلاحية النظام التي وضعوها حتى يمثلوها ولكن الناس مدركون انه لا سلطة للقوانين الوضعية إلا إذا وقع المرء تحت طائلة المخالفة وضبط متلبسا بجريمته إذ لا علاقة لها بالحياة الآخرة فيكون المجال فسيحا للخروج على القانون بوسائل الحيلة والدهاء فلا يقف وصول الناس إلى إغراضهم السيئة من فساد في الأرض قانون مهما كان دقيقا .
7- لتشريع الاسلامى سن لكل تصرف يحدثه الإنسان حكمين حكما في الدنيا يتعلق بمظهر العمل وأثره بين الناس وحكما في الآخرة يتعلق بالقصد الحقيقي والباعث عليه كما انه تشريع شجع على الطاعة وبشر الصالحين أعمالا واعدهم بالثواب ورصد جزاء على كل من الخير والشر بخلاف القوانين الوضعية فإنها لا ترصد الجزاء إلا على ناحية الشر والمخالفة بالعقاب عليه .
8- في التشريع الاسلامى تختلف مهمة الإفتاء عن القضاء فنجد القاضي يعالج المسائل ويقضى فيها من ناحية الحكم القضائي وما يحتاج إليه من بينه نجده لا ينظر إلى ناحية الباطن مطلقا وعلى العكس من ذلك المفتى فانه يضع في اعتباره كلتا الحالتين فان اتفق الظاهر مع الباطن أفتى بالظاهر أما إذا اختلف الظاهر مع الباطن فان عليه أن يفتى بالباطن .
9- في التشريع الاسلامى المسلمون مسئولون مسئولية متضامنة عن تنفيذ شريعة الإسلام وإقامة حدوده .
المبحث الثاني : الأسس التشريعية التي بني عليها الفقه الاسلامى :
* الأساس الأول رفع الحرج :
راعى المشرع الاسلامى التيسير على الناس وعدم إيقاعهم في الضيق والحرج فجاءت تكاليفه في حدود الاستطاعة البشرية .
مظاهر رفع الحرج
في العبادات :
1- بالنسبة للوضوء : عدم وجوب غسل الرأس والاكتفاء بمسحها او جزء منها لقوله تعالى وامسحو برؤسكم .
التيمم بالتراب : بدل الطهارة بالماء وذلك عند فقد الماء او عدم القدرة على استعماله او الحاجة إلى شربه .
2- بالنسبة للصلاة : قصر الصلاة الرباعية في السفر لقوله تعالى : وإذا ضربتهم في الأرض فليس عليكم جناح إن تقصروا من الصلاة " , التقديم كالجمع بين الصلاتين تقديما , التأخير كالجمع بين الصلاتين تأخيرا .
3- بالنسبة للزكاة : عدم إيجاب الزكاة في كل شئ وقصرها في أربعة أمور :
1- في السائمة من البهيمة .
2- في الخارج من الأرض .
3- في الأثمان .
4- في عروض التجارة .
4- بالنسبة للصيام : لم يفرض الله علينا الصوم إلا شهرا واحدا في العام وذلك لما يعلمه الله فيه من جهد الجسم والنفس .
5- في مجال المعاملات : لم يفصل التشريع الاسلامى الأحكام كلها بل أتى بقواعد عامة صالحة للتطبيق في كل وقت ومكان وترك للناس حرية التعامل بما يناسب أحوالهم وبيئاتهم فليس هناك إجراءات رسمية او شكلية يجب إتباعها ليكون العقد صحيحا بل تكفى في هذا رغبة المتعاقدين فقط كما هو معروف واكتفى لصحة العقد بتحقق الرضا من المتعاقدين .
6- في مجال النكاح : أباح الإسلام النظر إلى المخطوبة كما حث على تقليل المهر ورغب فيه حيث روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " أن أعظم النكاح بركه أيسره مؤنه " وروى عنه أيضا انه قال " لو أن رجلا أعطى امرأة صداقا مل يده طعاما كانت له حلالا " , وإذا وقع للزوجين ما ينغض عليهما حياتهما مما يجعل الزواج مصدرا للشقاء والتعاسة أباح الإسلام الطلاق .
وشرع الرجعة ولم يبح بإخراج المرأة من بيت الزوج في مدة الطلاق إلا إذا أتت بفاحشة او نشزت على الزوج وذلك آملا في أن تعود الأمور لوضعها الصحيح .
7- في مجال الجهاد : رفع الحرج عمن الأعمى والأعرج والمريض فقال تعالى " ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج "
8- في مجال العقوبات : لا يطبق الحد على الإنسان إذا كانت هناك شبهه في فعل الجريمة او حتى مجرد شك حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم في ذلك " ادرءوا الحدود بالشبهات ما استطعتم "
9- في مجال العادات : أباح الله تعالى لعبادة أن يأكلوا من طيبات رزقه ما شاءوا وان يتمتعا بما تيسر لهم من ملبس ومسكن من غير تحديد او على وفق ما ذهب إليه جمهور المسلمين وذلك طبقا لقوله تعالى " هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا "
الأساس الثاني قلة التكاليف :
تعد قلة التكاليف أمر لازم لعدم الحرج لان في كثرة التكاليف إيقاع للمكلف في الحرج ولذا لم تثقل الشريعة الإسلامية كواهل الناس بأوامرها ونواهيها .
مظاهر قلة التكاليف في الشريعة الإسلامية
1- من ناحية الواجبات المطلوبة :
1- إذا أراد الإنسان الدخول في الإسلام وعصمة دمه وماله وعرضه يكفيه النطق بالشهادتين " لا اله إلا الله محمد رسول الله "
2- وتثبيتا لمعنى التوحيد وتأكيد السلطان الربوبية في القلب فرض الله على المسلمين خمس صلوات في اليوم والليلة لا يحتاج الامتثال بها والعلم بتحقيقها إلا إلى زمن يسير بالنسبة ليوم كامل وفعلها النبي صلى الله عليه وسلم مستوفية لكل ما يطلب فيها من وقت وشروط وركن إمام الصحابة وقال صلوا كما رايتمونى أصلى .
2- من ناحية المحرمات :
فطريقة التشريع تجاهها محصورة او مستثناه وهذه قليلة إذا قيست بما إباحة الله لنا بالأمر الصريح او تركه على الإباحة من غير تحريم ولا تحليل .
وكذلك الشأن في تحريم أصناف معينة من المطعومات قال تعالى " حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما آهل لغير الله به والمنخنقة والموقودة والمتردية والنطيحة وما آكل السبع إلا ماذكيتم وما ذبح على النصب "
أما المباحات فقد أطلق الله الحل فيها فبعد ما حدد الله سبحانه وتعالى أصناف المحرمات من النساء في الآية المذكورة السابقة قال تعالى " واحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير سافحين "
الأساس الثالث التدريج في التشريع :
راعى التشريع الاسلامى التدرج في أحكامه كي يكون ذلك أوقع في النفس واقرب إلى الانقياد وحتى تتهيأ النفوس بالحكم السابق ليسهل عليها الأمر في تلقى الحكم اللاحق لم يسلك الإسلام فيهم طريق المفاجأة بل تألفهم بالتدرج حتى لا تنفر نفوسهم من الامتثال وترك عاداتهم السيئة والتي تمكنت فيهم .
ولذا فالمتبع التشريع الاسلامى يجد أن اغلب أحكامه أخذت أطوارا متعددة حتى استقرت على ماهى عليه الآن كالدعوة إلى التوحيد والقتال من اجلها وتحريم الربا والخمر .
الأساس الرابع رعاية مصالح الناس :
راعى التشريع الاسلامى مصالح الناس على اختلاف أزمانهم وبيئاتهم حيث قال تعالى " وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا "
وجود النسخ :
كثيرا ما يكون شرع الأحكام لمقتضيات وقتيه فإذا تغير الحكم لتغيرها رحمه وتخفيفا من الحق سبحانه وتعالى وقد لا يتغير حال ولكن يكون القصد التخفيف فقط وقد يكون القصد التشديد في بعض الأحكام , وحيث أثبتت المعجزة صدق الرسول صلى الله عليه وسلم فان الله لا يسال عما يفعل بنسخ ما يشاء ويحكم ما يريد أما حكمة بقاء تلاوة المنسوخ فهو لاستحضار تلك الحال السابقة وثواب التلاوة والتعبد والاعجار , وبالجملة فقد شرع الله بعض الأحكام لملائمتها أحوال الناس وقت تشريعها او لغرض خاص ثم أبطلها ونسخها لزوال تلك الملائمة او انتهاء الغرض المقصود منها .
أمثلة النسخ :
1- اوجب الله الوصية للوالدين والأقربين قبل نزول ايه الميراث بقوله تعالى " كتب عليكم إذا حضر أحدكم أن ترك خير الوصية للوالدين والأقربين " نسخ حكم هذه الآية بقوله تعالى " يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ...الخ آيات المواريث .
2- كانت عدة المتوفى عنها زوجها عاما كاملا وكان يجب على زواجها أن يوصى لها بالسكنى والنفقة في هذه المدة ثم خففت هذه المدة إلى أربعة أشهر وعشرة أيام .
3- قوله تعالى " وان تبدوا ما في أنفسكم او تخفوه يحاسبكم به الله " نسخ حكمها قوله تعالى " لا يكلف الله نفسا إلا وسعها "
4- كان من يطبق الصوم ويقدر عليه يجوز له أن يفطر إذا اطعم مسكينا عن يومه . حيث جاء قوله تعالى " وعلى الذين يطيقونه فديه طعام مسكين " , ثم نسخ هذا الحكم بقوله تعالى " فمن شهد منكم الشهر فليصمه " اى من كان قادرا على الصوم وشهد شهر رمضان فليصمه .
* أسباب اختلاف الصحابة في الفتوى *
أسباب اختلاف الصحابة في فهم القران :
ترجع أسباب اختلاف الصحابة في فهم القران الكريم إلى عدة أمور منها :
1- اختلاف ناشئ عن الاشتراك في اللفظة المفردة .
2- اختلاف ناشئ عن الاشتراك الواقع في تركيب الألفاظ بعضها على بعض .
3- اختلاف ناشئ من تعارض آيتين في شئ واحد .
4- اختلاف ناشئ عن اختلاف ظاهر النص عن المعنى المقصود من التشريع .
وهذا هو بيان الأمور السابقة :
الاختلاف الناشئ عن الاشتراك في اللفظة المنفردة
لهذا الأمر أسباب منها :
أ- تردد اللفظة المفردة بين معنين حقيقين :
اى وجود لفظ مشترك في النص يحتمل معنين او أكثر ومثال ذلك :
لفظ قرء الوارد في قوله تعالى : " والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قرؤ " فانه لفظ مشترك بين الحيض والطهر فقد يكون بمعنى الحيض وقد يكون بمعنى الطهر لأنه ثبت وروده في كلام العرب لهما على حد سواء , ولا خلاف بين الصحابة في ذلك كما لا خلاف بينهم في أن المراد منه هو احد المعنين لا مجموعهما وإنما اختلفوا في المراد منه في الآية مما ترتب على ذلك الاختلاف في عدة المطلقة التي تحيض هل هي ثلاث حيض او ثلاث أطهار .
ب- تردد اللفظة المفردة بين المعنى اللغوي والمعنى الشرعي :
اى وجود لفظ يحتمل انه أريد به الحقيقة الشرعية او المجاز اللغوي كما في أطلاق لفظ الأب على الجد كما في قوله تعالى على لسان سيدنا يوسف عليه السلام واتبعت ملة ابائى إبراهيم وإسحاق ويعقوب فقد سمى يوسف إسحاق وإبراهيم أبوين وهما في الحقيقة جدان لذلك اختلف الصحابة في توريث الإخوة الأشقاء او لأب مع الجد فذهب أبو بكر وابن عباس إلى أن الجد أبا الأب حكمه حكم الأب يحجب الأخوة آيا كانوا من الميراث وذلك استنادا إلى انه أطلق عليه لفظ الأب فئ القران الكريم وما يجيئ في القران أنما هو بيان للحقيقة الشرعية وذهب على وزيد بن ثابت ووافقهما عمر وغيرهم إلى أن الجد لا يحجب الأخوة لأبوين او لأب من الميراث بل يشتركون معه فيه وذلك لتساويهما في درجة القرابة فان كلا منهما يدلى إلى الميت بالأب وما جاء في القران من تسميه أبا أنما هو من قبيل المجاز اللغوي حسب استعمال العرب .
* الاختلاف الناشئ من الاشتراك الواقع في تركيب الألفاظ بعضها على بعض :
وذلك مثل قوله تعالى " وأمهات نسائكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن " فقد ركب الكلام فيها على صفة بعد موصوفين فالصفة قوله تعالى اللاتي دخلتم بهن " والموصوفان نسائكم المذكورة مع الأمهات ونسائكم المذكورة مع الربائب ومثل هذا يحتمل رجوع الصفة إلى الموصوف الثانى فقط ومن هنا نشا الخلاف .
قرأ زيد بن ثابت رجوع الصفة إليهما وكان المعنى حرمة أمهات النساء اللاتي دخلتم بهن وعليه فلا تحرم الأم إلا بالدخول على البنت كالبنت لا تحرم إلا بالدخول على الأم وارى على بن أبى طالب أنها صفة الثانى فقط فلا تفيد سوى تقييد حرمة البنت بالدخول على وتبقى حرمة الأم مطلقة حصل دخول ببنتها او لم يحصل وهذا ما يتفق مع القاعدة الشرعية التي تقول " العقد على البنات يحرم الأمهات والدخول بالأمهات يحرم البنات "
* الاختلاف الناشئ من تعارض آيتين في شئ واحد : وذلك مثل :
1- وجود نصين متعارضين في مسالة واحدة ولا يدرى أيهما نزل أولا وأيهما نزل آخرا وذلك كما في قوله تعالى بيانا لعدة المتوفى عنها زوجها " والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا " وقوله سبحانه بشان عدة الحامل وأولاد الأحمال اجلهن أن يضعن حملهن " فأنهما يتعارضان في عدة المرأة الحامل المتوفى عنها زوجها ولذلك اختلف الصحابة في عدتها فذهب على وابن عباس وغيرهما إلى أنها تعتد بأبعد الأجلين وضع الحمل او عدة الوفاة أيهما أكثر عملا بالآيتين معا فتكون كل ايه منهما مخصصة لعموم الأخرى .
وذهب عمر وابن مسعود وغيرهما إلى أن عدتها وضع الحمل وذلك للآية الثانية أما الآية الأولى فهي خاصة بغير الحامل .
& الاختلاف الناشئ من اختلاف ظاهر النص منها المعنى المقصود من التشريع :
ومثال ذلك ميراث الأم إذا انحصرت التركة بين الأبوين واحد الزوجين هل تأخذ ثلث التركة كلها آم ثلث الباقي بعد نصيب احد الزوجين .
اختلف الصحابة في ذلك فذهب ابن عباس إلى أن الأم ترث في هذه الحالة ثلث التركة كلها عملا بظاهر الآية " فان لم يكن له ولد وورثه أبواه فلامه الثلث "
وأفتى زيد بن ثابت وجمع من الصحابة بان للام ثلث مابقى بعد فرض احد الزوجين نظرا للمعنى المقصود من تشريع الحكم لان الأب والأم ذكرا وأنثى ورثا بجهة واحدة فللذكر ضعف الأنثى كما في الأولاد والأخوة "
أسباب اختلاف الصحابة في السنة
ترجع أسباب اختلاف الصحابة في السنة إلى عدة أمور منها :
1- الاختلاف في ترك الحديث لكونه خبر واحد ولا يوافق القياس والمنطق والعمل بالقياس في رأى البعض والعمل بالحديث دون القياس في رأى البعض الأخر ممن لا يتشد دون في الأخذ بالسنة .
2- الاختلاف في الثقة بالرواى قد يكون الاختلاف راجعا إلى عدم ثقة الصحابي بالراوي فلا يقبل حديثه بينما يثق به صحابي أخر فيقبله .
3- الاختلاف في فهم على الحكم ومثال ذلك قيام الرسول صلى الله عليه وسلم للجنازة فقال قائل لتعظيم الملائكة فيعم المؤمن والكافر وقال قائل لهول الموت فيعمهما وقائل مر على رسول الله صلى الله عليه وسلم بجنازة يهودي فقام لها كراهة أن تعلو فوق رأسه فيخص الكافر .
4- الاختلاف في فهم السنة بعد ثبوتها كالرمل في الطواف حول الكعبة حيث صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعله في طوافه لكن أصحابه اختلفوا فيه .
5- الاختلاف في درجة حفظ السنة مما أدى إلى الاختلاف في العلم بها مما كان له أيضا اكبر الأثر في اختلاف الأحكام فنشا عن ذلك أن احدهم يفتى براية حيث لم يوجد عنده حديث بينما يخالفه الأخر لوجود الحديث عنده .
6- الاختلاف في قبول الحديث فلقد كان آبا بكر وعمر يطلبان شريكا للراوي حتى يثبت الحديث وكان على يستحلفه .
* اختلاف الصحابة في الراى *
إذا تحدثنا عن الراى هنا لا تقصد به الراى المذموم الذي يكون ناتجا عن رغبة النفس وأتباع الهوى ولكننا تقصد به الراى الذي يكون ناتجا عما يراه القلب بعد فكر وتأمل وطلب لمعرفة وجه الصواب مما تتعارض فيه الأمارات .
أمثلة للراى الذي أفتوا به الصحابة :
1- أيضا كونه لم يقطع يد السارق في عام المجاعة فتوى له بالراى منباها اعتبار الشبهة في إسقاط العقوبة .
2- قول بن ثابت بان للام ثلث الباقي بعد فرض احد الزوجين رأى له بناء على المقصود المعهود من تشريع المواريث بان كل ذكر وأنثى ورثا بجهة واحدة فللذكر مثل حظ الأنثيين كالأولاد والأخوة .
3- التسوية في العطاء بين الناس عدد أبى بكر والمفاضلة بينهم في ذلك يسبق الإسلام والجهاد عدد عمر بن الخطاب رضي الله عنها رأى لكل منهما مبتاه عدد أبى بكر قال إن الدنيا بلاغ والتسوية فيها خير من التفضيل وفضل كل منهم لله فاجرة عدد الله , وقال عمر إذ جعل من قائل رسول الله صلى الله عليه وسلم كمن قائل معه .
أسباب اختلاف الصحابة في الراى
اختلف الصحابة في الراى لأسباب منها :
1- التفاوت في قوة الإدراك وملكة الاستنباط ومقدار وقوفهم على أسرار الشريعة .
2- اختلاف الأزمنة والأمكنة والملابسات كضالة الإبل التي كانت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبى بكر وعمر تترك حتى ياتى صاحبها فيأخذها وإلا تركت تتناسل ولا يمسها احد لان الرسول صلى الله عليه وسلم سئل عن ضالة الإبل فقال مالك ومالها معها سقاؤها وحذاؤها ترد وتأكل الشجر حتى يلقاها ربها , فلما كان زمن عثمان وامتدت ايدى الناس إلى تلك الضوال آمر بالتقاطها وتعريفها فان جاء صاحبها أخذها وإلا بيعت واحتفظ بثمنها لصاحبها أن وجد وإلا صرفت في مصالح المسلمين .
3- اختلافهم في تقدير المصلحة العامة للمسلمين جميعا كما جرى في مسالة تقسيم الاراضى المفتوحة بقوة الحرب او عدم تقسيمها ووضع الخراج عليها , ومن ذلك أيضا حرمان أصحاب سهم المؤلفة قلوبهم من هذا السهم لمنعة المسلمين وقوتهم وعدم الحاجة إلى تأليفهم .
مدى دائرة الخلاف التي كانت بين الصحابة في الراى :
أن اختلاف الصحابة في الراى رغم وجوده بين الصحابة إلا انه لم تتسع دائرته ولعل ذلك يرجع إلى عدة أسباب منها :
1- تقرر مبدأ الشورى بين الصحابة الأمر الذي كاد يؤدى في مسائل كثيرة إلى القضاء على الخلاف مما كان يؤدى إلى الإجماع .
2- قلة النوازل بالنسبة لما جد منها في العصور التالية .
3- سهولة الإجماع وخاصة في عهد أبى بكر وعمر حيث كان كبار الصحابة والمفتون يجتمعون في المدينة المنورة .
4- قلة ما روى من الأحاديث في هذا حيث كان الصحابة ينشدون في راوية الحديث خوف الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم .
5- قلة عدد المفتين من الصحابة فما كان الصحابة كلهم مجتهدين بل من اشتهر منهم بالعلم والفتوى نفر قليل .
6- بالرغم من قلة عدد المفتين فان أكثر هؤلاء المفتين كانوا يتورعون عن الفتوى ويحيلون بعضهم على بعض فما كان من مفت الأود أن أخاه كفاه الفتيا.
الحكمة من اختلاف الصحابة *
اقتضت حكمة الله عز وجل في شرعه أن يكون كثير من نصوص القران والسنة محتلمة لأكثر من معنى إذ انزل القران الكريم بلسان عربي مبين واحتمال الألفاظ في اللغة العربية أمر مسلم به مما تمتز به لغتنا من اللغات الأخرى .
كما اقتضيت حكمته أيضا في خلقه أن يجعلهم متفاوتين في عقولهم ومداركهم ليكمل الكون ويبرز ميدان التفاضل والتمايز بالعلم ولا يشك عاقل بان هذين الأصليين أنما يؤديان إلى نتيجة حتمية بدهيه وهى الاختلاف في الآراء والأحكام هذا ومما يؤكد حكمة الله عز وجل في ذلك هو أن أكثر النصوص الشرعية فكان الله سبحانه وتعالى أراد بذلك التوسعة على الناس في تعدد الآراء والإفهام من جهة وإفساح المجال أمام العقول لتعمل وتستنبط من كلامه وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم من جهة أخرى
الفصل الثاني : السنة
تعريفها :
التعريف اللغوي:
تطلق السنة في اللغة على عدة معان منها :
1- الطريقة حسنة كانت أم سيئة . 2- وتطلق على حد النصل تقول سن السكين اى حدها .
3- وتطلق على موالاة صب الماء فيقال سن الماء اى والى صبه إذا والى صبه .
4- وتطلق على أحسان رعى الإبل تقول سن الإبل اى أحسن رعيها .
التعريف الاصطلاحي :
فالسنة في اصطلاح المحدثين هي :
ما أثير عن النبي صلى الله عليه وسلم من قول او فعل او تقرير او صفة خلقية او سيرة فعلماء الحديث نقلوا واهتموا بكل ما يتصل بالرسول صلى الله عليه وسلم من سيرة وخلق وأخبار وأقوال وأفعال سواء اثبت ذلك حكما شرعيا آم لا .
أما في اصطلاح الأصوليين :
هي ما صدر عن النبي صلى الله عليه وسلم غير القران من قول او فعل او تقرير .
فالنسبة بذلك عند الأصوليين ثلاثة أنواع :
1- سنة قوليه وهى الأحاديث التي تلفظ بها الرسول صلى الله عليه وسلم .
2- سنة فعلية وهى ماصدر عن الرسول صلى الله عليه وسلم من أفعال كأداء الصلاة بهيئاتها وأفعال الحج مثلا .
3- سنة تقريرية وهى ما اقره الرسول صلى الله عليه وسلم مما صدر من صحابه بسكوته وعدم إنكاره او بموافقته وإظهار استحسانه .
مراتب السنة
1- سنة متواترة :
وهى ما نقلها عن الرسول جمع من الصحابة بلغ حد التواتر يمتنع تواطؤه على الكذب ثم راوها عن هذا جمع من التابعين يمتنع عادة تواطؤه على الكذب ثم نقلها عن هؤلاء جمع من تابعي التابعين يمتنع اتفاقه على الكذب عادة فالمعتبر في التواتر الجمع الذي يتمنع عادة التواطؤ فيه على الكذب في هذه العصور الثلاثة بطريق التواتر والشهرة لتوافر الدواعي على نقل السنة وتدوينها .
مثال السنة المتواترة وضوئه وصلاته وحجه .
2- سنة مشهورة:
هي ما رواها عن الرسول جمع لم يبلغ حد التواتر ثم رواها في عصر التابعين وعصر تابعي التابعين جمع بلغ حد التواتر ومثل هذا النوع من الأحاديث " إنما الأعمال بالنيات " .
حكم السنة
يختلف حكم السنة باختلاف أنواعها كالاتى :
حكم السنة المتواترة : حكم هذا النوع من السنة يفيد العلم واليقين فيجب العمل بها ويكفر جاحدها .
حكم السنة المشهورة :
حكم هذا النوع من السنة لا يفيد القطع واليقين وإنما يفيد الطمأنينة والظن القريب من اليقين .
حكم سند الآحاد :
حكم هذا النوع من السنة يفيد الظن ولا يفيد اليقين ولا يعمل به في استنباط الأحكام العملية إلا إذا تحققت فيه الشروط التي تختلف باختلاف كل مذهب وذلك على النحو التالي :-
فعند أبى حنيفة :
1- لا يعمل به إلا إذا وافق عمل بالرواى ولذلك لم تأخذ الأحناف بما روى عن أبى هريرة إن الرسول قال " إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فاغسلوه سبعا أحداهن بالتراب لمخالفة أبى هريرة هذا الحديث كان رضي الله عنه إذا ولغ الكلب في الإناء غسله ثلاثا .
2- ألا يكون الحديث واردا فيما يتكرر وقوعه وتعم به البلوى لان ما يكون كذلك لابد وان ينقل بطريق التواتر او الشهرة ولذا لم يأخذ أبو حنيفة بحديث رفع اليدين عند الركوع في الصلاة .
3- ألا يكون مخالفا للقياس .
أما عند المالكية :
لم يشترط الأمام مالك في العمل بخبر الواحد إلا شرطا واحدا وهو ألا يخالف حديث الآحاد عمل أهل المدينة فان كان لا يوافق رده .
عند الشافعي : لا يعمل بالخبر الواحد عند الشافعي إلا إذا اتصل السند ولذا لم يعمل بالحديث المرسل وهو الذي لم يذكر فيه الصحابي الذي روى عنه التابعي .
عند احمد بن حنبل :
منزلة السنة من القران
تعد السنة في المرتبة التالية للقران والدليل على ذلك الاتى :
1- السنة بيان للكتاب والمبين يكون بعد المبين .
2- القران مقطوع به جملة وتفصيلا فجملة لأنه جميعه في جملته متواترا ومقطوع به انه من عند الله أما المقطوع به تفصيلا فلان كل إيه من آياته ثبتت بالتواتر , أما السنة فهي تشتمل على أحاديث متواترة وغير متواترة ,
3- حديث معاذ حين أرسله النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن فقد قال له الرسول صلى الله عليه وسلم بما تحكم يا معاذ قال بكتاب الله قال له فان لم تجد قال بسنة رسول الله قال له فان لم تجد قال اجتهد رأى ولا الو اى ولا اقصر .
علاقة السنة بالقرآن
أولاً :- قد تأتي السنة مؤكده لما جاء به القرآن ومؤكد له مثال ذلك ما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله " بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله وأقام الصلاة وإيتاء الزكاة والحج وصوم رمضان " فإن ذلك يوافق قوله تعالي ( وأقيموا الصلاة واتوا الزكاة )
ثانياً :- قد تأتي السنة شارحة لما جاء في القرآن الكريم وبيان ذلك على النحو التالي :-
1- بيان المجمل :- كالاحديث التي بينت عدد ركعات الصلاة ومقدار الزكاة فأن هذه الأحاديث قد بينت الإجمال الوارد في قوله تعالي " وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة "
2- تخصيص العام :- مثل قوله ( صلي الله علية وسلم ) { لا يرث القاتل } فإنه مخصص لعموم قوله
مواضيع مماثلة
» أصول الفقه الفقه هو مجموعة القواعد
» - أصول الفقه :
» هاء التأنيث التي يوقف عليها بالتاء
» الوجيز فى اصول الفقه"
» أركان الإسلام ـــــــــــــــــــــ أركان الإسلام هي أسسه التي يبنى عليها
» - أصول الفقه :
» هاء التأنيث التي يوقف عليها بالتاء
» الوجيز فى اصول الفقه"
» أركان الإسلام ـــــــــــــــــــــ أركان الإسلام هي أسسه التي يبنى عليها
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة 21 يونيو 2024, 12:25 am من طرف Admin
» هل الانجيل محرف
الأربعاء 19 يونيو 2024, 2:34 pm من طرف Admin
» شبهات النصاري زواج ام المؤمنين عائشه،
الإثنين 17 يونيو 2024, 10:30 am من طرف Admin
» الفرق بين السنه والفقه
السبت 11 مايو 2024, 11:23 pm من طرف Admin
» كيف عرفت انه نبي..
الجمعة 26 أبريل 2024, 5:40 am من طرف Admin
» موضوع هل يدخل الجنه غير المسلمين،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:48 am من طرف Admin
» التدرج في التشريع
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:43 am من طرف Admin
» كتب عليكم الصيام،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:41 am من طرف Admin
» اقوال العلماء في تفسير ايه الحجاب،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:40 am من طرف Admin