بحـث
الشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المواضيع الأخيرة
نوفمبر 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | |||||
3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 |
10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 |
17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 |
24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
الحمدلله على نعمة الاسلام
ايها الاخوه الدعاه الى الله وكذا جميع الزائرين والزائرات مرحبا بكم واهلا نتمنى من الله ان نكون عند حسن ظنكم جميا والله الموفق الى الخير وهو حسبنا ونعم الوكيلالشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 0 عُضو متصل حالياً 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 0 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحثلا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 76 بتاريخ الأربعاء 30 أكتوبر 2024, 11:01 pm
(مقومات الخطيب الناجح)الحلقة الخامسة
صفحة 1 من اصل 1
(مقومات الخطيب الناجح)الحلقة الخامسة
(مقومات الخطيب الناجح)الحلقة الخامسة
أخى الداعية:مازلنابحمدالله وتوفيقه نواصل الحديث عن (مقومات الخطيب الناجح) ونستكمل بإذن الله تعالى فى هذه الحلقة الموضوع الذى ذكرناه فى الحلقتين السابقتين وهو:
كيف تكون الخطبة مؤثرة:
أخى الداعية:ذكرنا فى الحلقة السابقةإن الخطبة المؤثرة ينبغي أن تتصف بصفات ، وتشتمل على مقومات ، ومنها:1ـ قصر الخطبة بما يتناسب مع الموضوع والمكان ،أى مراعاة مقتضى الحال 2ـ اشتمال الخطبة على الآيات القرآنية. 3ـ : اشتمال الخطبة على الأحاديث النبوية
4ـ اشتمال الخطبة على ضرب الأمثال :
5ـ الاستشهاد بالشعر :
ومما يزين الخطبة ، ويزيد من التأثر بها لدى السامع استشهاد الخطيب بالشعر ، إن الشعر في موضعه يشد السامع ويلهب عاطفته ، ويحرك نفسه ، وفي الحديث الصحيح عن أبي بن كعب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « إن من الشعر لحكمة » (رواه البخارى)
ومن أول أغراض الشعر أن يكون في المواعظ ، والأمثال ، والآداب ، والأخلاق ، والحث على الجهاد أو الإنفاق ، أو خلال الخير المتنوعة ، وكذلك ما يرقق القلوب من شعر الزهد ، والقناعة ، والتذكير بالآخرة والجزاء .
ولهذا فإن الصحابة رضي الله عنهم استشهدوا بالشعر في مواطن مختلفة ، في موطن العظة ، وفي مقام الجهاد ، فقد تمثلت عائشة رضي الله عنها بالشعر عند مرض أبيها " وأخرج ابن أبي الدنيا عن علقمة بن وقاص ، قال : إن عائشة رضي الله عنها قالت : حضرت أبي رضي الله عنه وهو يموت ، وأنا جالسة عند رأسه ، فأخذته فتمثلت ببيت من الشعر :
من لا يزال دمعه مقنعا ... فإنه لا بد مرة مدفوق
قالت : فرفع رأسه فقال : يا بنية ليس كذلك ، ولكن كما قال تعالى : { وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ تحيد }(ق) .
وورد أيضاً أنه ،لما أن ثقل أبو بكر رضي الله عنه جاءت عائشة رضي الله عنها فتمثلت بهذا البيت :
لعمرك ما يغني الثراء عن الفتى ... إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر
فكشف عن وجهه وقال رضي الله عنه : ليس كذلك ، ولكن قولي : { وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ } . (ق) .
وأخرج أحمد عن عائشة رضي الله عنها قالت : « كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استراب الخبر تمثل بعجز بيت طرفة " ويأتيك بالأخبار من لم تزود » (أخرجه أحمد والترمذى) وثبت أنه تمثل صلى الله عليه وسلم بالشعر في مناسبات أخرى ، كحفر الخندق ويوم حنين ، أما خطباء الصحابة رضي الله عنهم ومن بعدهم مشاهير الخطباء فإن تمثلهم واستشهادهم بالشعر في خطبهم كثير يصعب حصره ، قال ابن حجر عند الكلام على إنشاد النبي صلى الله عليه وسلم الشعر يوم الخندق : وفي الحديث جواز قول الشعر وأنواعه . خصوصا الرجز في الحرب . . . لما فيه من تحريك الهمم ، وتشجيع النفوس ، وتحريكها على معالجه الأمور الصعبة .
6ـ الاستشهاد بالقصة في الخطبة :
فالقصة لها تأثير عجيب في النفوس ،ووقع يستمر أثره طويلاً. وهى تلعب دور بارز في بناء القيم والمبادئ. ولها قدرة عظيمة في جذب النفوس وحشد الحواس، والقصة كلما خاطبت داخل النفس وهوية الإنسان كلما كان التغيير أبلغ وأسرع.ومن أحسن القصص:
(أ)القصة من القرآن :
تعددت القصص في القرآن الكريم ، وتعددت أغراضها وفوائدها ، إذ فيها تثبيت لفؤاد النبي صلى الله عليه وسلم ، وموعظة وذكرى للمؤمنين ، وعبرة لأولي الألباب ، أو نجد القرآن يوجه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أن يتخذ القصة مسلكا من مسالك نشر دعوته ، ووسيلة يستخدمها في توجيه الناس ، فيأمره بمخاطبة الناس عبر قص قصص الأولين عليهم ، حتى يكون لهم في آثار السابقين عبرة وهدى وموعظة حسنة ، فقال تعالى : { ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } [ الأعراف- 176 ].
ومما يؤسف له حقا أن المنابر تكاد تخلو من التذكير بما قصه القرآن الكريم من القصص ، مع عظم العبرة ، وقوة الموعظة فيها ، فإن الخطيب البارع يستطيع أن ينزلها على واقع المخاطبين مع الإيجاز والتوجيه لتغدو أحداثها كأنما هي واقعة بينهم ، ماثلة أمام أعينهم ، ومهما كانت القصة طويلة ، فإنه يستطيع أن يخلص إلى زبدتها وخلاصتها بأسلوب بليغ وجيز ، وبأداء فصيح لا يتجاوز في زمنه دقائق معدودة ، بل ربما رأى أن الأفضل توزيعها على أكثر من خطبة ، مع ربط بواقع الناس والتحذير من نقمة الله تعالى وأليم عقابه ، وشدة بطشه ، وبيان سنته في المكذبين والمعرضين الغافلين ، { فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلًا } .
ومن القصص القرآنى قصة "أصحاب الجنة" الذين غرهم المال ، وغيرهم الجشع والطمع ، فمنعوا حق المساكين الذين كان والدهم يوصله إليهم ، فلقد كان للمساكين نصيب من العطاء عندما كان صاحب تلك الجنة حيا ، ثم لما مات تآمر أبناؤه فيما بينهم واستكثروا ما ينقطع لهؤلاء المساكين من مالهم ، فاتفقوا على أن يقطعوا الثمر في وقت مبكر من النهار حيث يأمنون تعرض المساكين لهم في هذا الوقت الباكر .
وأقسموا اليمين على ذلك دون استثناء ، فباتوا على كيد وغدوا على حرد ، وإذا بطائف من الله تعالى يطوف عليها شجرة شجرة ، وثمرة ثمرة ، فلا يبقي منها باقية ، فكأنه سبقهم إليها من صرمها وأتى على ثمارها كلها .
فانظر كيف قوبل مكرهم وشدة تعميتهم وتبييتهم لسوء النية بهذا الانتقام الإلهي السريع { قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا } ثم تخلص القصة إلى العبرة العظيمة : { كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ } [القلم - 33] .
ألا ترى أن القصة في أحداثها وعبرتها تصلح أن تكون تذكارا صارخا في كل جيل لأولئك الذين بطروا نعمة الله ، وبدلوها جحودا وكنودا ، وما نقموا إلا أن أغناهم الله ووسع عليهم من فضله ، وبسط لهم الرزق ، فأمسكت أيديهم ، وشحت قلوبهم ، ومنعوا حق الله عباد الله ، وأخفوا الشر ومنعوا الخير .وكذلك قصةموسى عليه السلام مع العبد الصالح الخضر ،ففيهاالعديدمن الدروس والعبر.
(ب)القصة من السنة:
أما القصص من السنة فإن قدوة الداعية في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد كان يقص على أصحابه القصص الذي ينفعهم، ويرغبهم في الخير، ويخوفهم من الوقوع في ضده، ومن ذلك: قصة الأبرص والأعمى والأقرع ،وهى فى اليخارى، ففي هذه القصة التحذير من كفران النعم والبخل، والتشويق إلى شكر النعم، والاعتراف بها للخالق، والإحسان إلى الناس ،وكذلك قصة الغلام مع الملك والساحر والراهب ،ففيها تشويق الناس في الثبات على دين الله، والتضحية بكل غال ورخيص في سبيل نصرة دين الله وإظهاره.
وقصة الرجل الذي قتل مائة ثم تاب فتاب الله عليه، فإن في هذه القصة الإيضاح للناس أن من تاب تاب الله عليه، وأن البيئة لها تأثير على الشخص، فلابد للتائب أن يلتمس الجليس الصالح، وغير ذلك كثير في السنة النبوية.
وليحذر الداعية من ذكر القصص الواهية التى ثيت أنها مكذوبة ، إذ إن النفوس كثيراً ما تتعلق بالغرائب وتجنح إليها، والقليل منها هو الذي يثبت عند التحقيق والنقد العلمي. مثل قصة ثعلبة بن عبد الرحمن الهارب من النار ،وقصة ثعلبة الذي طلب من رسول الله أن يدعو له بكثرة المال كما في سورة التوبة ،والقصة ليست في ثعلبة البدري كما قال المحدثون وأهل السير. وقصة علقمة فهى من القصص المكذوبة لأن بعض أخوانى الدعاة قد يذكر مثل هذه القصص الواهية من باب تشويق المستمعين ،وهذا لاينبغى أبدا ،ففى القصص الصحيحة الثابتة الكفاية.
وممكن للداعية أن يستعين بالكتب المفيدة فى بيان القصص الواهية وأنصح الداعية باقتناء (تحذير الداعية من القصص الواهية)للسيخ على ابراهيم حشيش ،والكتاب يقع فى مجلدين،فهو من الكتب القيمة فى هذا الشأن.
والى اللقاء فى الحلقة القادمة بإذن الله تعالى ومع (كيفيةاعداد الحطبة )فانتظرونا.....
ـــــــ
المراجع
1ـ تفسير ابن كثير (4 / 222)
2ـ الداعية والقصة ،أمير بن محمد المدرى
3ـ خصائص الخطبة والخطيب
4ـ فن الخطابة للحوفى
أخى الداعية:مازلنابحمدالله وتوفيقه نواصل الحديث عن (مقومات الخطيب الناجح) ونستكمل بإذن الله تعالى فى هذه الحلقة الموضوع الذى ذكرناه فى الحلقتين السابقتين وهو:
كيف تكون الخطبة مؤثرة:
أخى الداعية:ذكرنا فى الحلقة السابقةإن الخطبة المؤثرة ينبغي أن تتصف بصفات ، وتشتمل على مقومات ، ومنها:1ـ قصر الخطبة بما يتناسب مع الموضوع والمكان ،أى مراعاة مقتضى الحال 2ـ اشتمال الخطبة على الآيات القرآنية. 3ـ : اشتمال الخطبة على الأحاديث النبوية
4ـ اشتمال الخطبة على ضرب الأمثال :
5ـ الاستشهاد بالشعر :
ومما يزين الخطبة ، ويزيد من التأثر بها لدى السامع استشهاد الخطيب بالشعر ، إن الشعر في موضعه يشد السامع ويلهب عاطفته ، ويحرك نفسه ، وفي الحديث الصحيح عن أبي بن كعب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « إن من الشعر لحكمة » (رواه البخارى)
ومن أول أغراض الشعر أن يكون في المواعظ ، والأمثال ، والآداب ، والأخلاق ، والحث على الجهاد أو الإنفاق ، أو خلال الخير المتنوعة ، وكذلك ما يرقق القلوب من شعر الزهد ، والقناعة ، والتذكير بالآخرة والجزاء .
ولهذا فإن الصحابة رضي الله عنهم استشهدوا بالشعر في مواطن مختلفة ، في موطن العظة ، وفي مقام الجهاد ، فقد تمثلت عائشة رضي الله عنها بالشعر عند مرض أبيها " وأخرج ابن أبي الدنيا عن علقمة بن وقاص ، قال : إن عائشة رضي الله عنها قالت : حضرت أبي رضي الله عنه وهو يموت ، وأنا جالسة عند رأسه ، فأخذته فتمثلت ببيت من الشعر :
من لا يزال دمعه مقنعا ... فإنه لا بد مرة مدفوق
قالت : فرفع رأسه فقال : يا بنية ليس كذلك ، ولكن كما قال تعالى : { وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ تحيد }(ق) .
وورد أيضاً أنه ،لما أن ثقل أبو بكر رضي الله عنه جاءت عائشة رضي الله عنها فتمثلت بهذا البيت :
لعمرك ما يغني الثراء عن الفتى ... إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر
فكشف عن وجهه وقال رضي الله عنه : ليس كذلك ، ولكن قولي : { وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ } . (ق) .
وأخرج أحمد عن عائشة رضي الله عنها قالت : « كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استراب الخبر تمثل بعجز بيت طرفة " ويأتيك بالأخبار من لم تزود » (أخرجه أحمد والترمذى) وثبت أنه تمثل صلى الله عليه وسلم بالشعر في مناسبات أخرى ، كحفر الخندق ويوم حنين ، أما خطباء الصحابة رضي الله عنهم ومن بعدهم مشاهير الخطباء فإن تمثلهم واستشهادهم بالشعر في خطبهم كثير يصعب حصره ، قال ابن حجر عند الكلام على إنشاد النبي صلى الله عليه وسلم الشعر يوم الخندق : وفي الحديث جواز قول الشعر وأنواعه . خصوصا الرجز في الحرب . . . لما فيه من تحريك الهمم ، وتشجيع النفوس ، وتحريكها على معالجه الأمور الصعبة .
6ـ الاستشهاد بالقصة في الخطبة :
فالقصة لها تأثير عجيب في النفوس ،ووقع يستمر أثره طويلاً. وهى تلعب دور بارز في بناء القيم والمبادئ. ولها قدرة عظيمة في جذب النفوس وحشد الحواس، والقصة كلما خاطبت داخل النفس وهوية الإنسان كلما كان التغيير أبلغ وأسرع.ومن أحسن القصص:
(أ)القصة من القرآن :
تعددت القصص في القرآن الكريم ، وتعددت أغراضها وفوائدها ، إذ فيها تثبيت لفؤاد النبي صلى الله عليه وسلم ، وموعظة وذكرى للمؤمنين ، وعبرة لأولي الألباب ، أو نجد القرآن يوجه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أن يتخذ القصة مسلكا من مسالك نشر دعوته ، ووسيلة يستخدمها في توجيه الناس ، فيأمره بمخاطبة الناس عبر قص قصص الأولين عليهم ، حتى يكون لهم في آثار السابقين عبرة وهدى وموعظة حسنة ، فقال تعالى : { ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } [ الأعراف- 176 ].
ومما يؤسف له حقا أن المنابر تكاد تخلو من التذكير بما قصه القرآن الكريم من القصص ، مع عظم العبرة ، وقوة الموعظة فيها ، فإن الخطيب البارع يستطيع أن ينزلها على واقع المخاطبين مع الإيجاز والتوجيه لتغدو أحداثها كأنما هي واقعة بينهم ، ماثلة أمام أعينهم ، ومهما كانت القصة طويلة ، فإنه يستطيع أن يخلص إلى زبدتها وخلاصتها بأسلوب بليغ وجيز ، وبأداء فصيح لا يتجاوز في زمنه دقائق معدودة ، بل ربما رأى أن الأفضل توزيعها على أكثر من خطبة ، مع ربط بواقع الناس والتحذير من نقمة الله تعالى وأليم عقابه ، وشدة بطشه ، وبيان سنته في المكذبين والمعرضين الغافلين ، { فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلًا } .
ومن القصص القرآنى قصة "أصحاب الجنة" الذين غرهم المال ، وغيرهم الجشع والطمع ، فمنعوا حق المساكين الذين كان والدهم يوصله إليهم ، فلقد كان للمساكين نصيب من العطاء عندما كان صاحب تلك الجنة حيا ، ثم لما مات تآمر أبناؤه فيما بينهم واستكثروا ما ينقطع لهؤلاء المساكين من مالهم ، فاتفقوا على أن يقطعوا الثمر في وقت مبكر من النهار حيث يأمنون تعرض المساكين لهم في هذا الوقت الباكر .
وأقسموا اليمين على ذلك دون استثناء ، فباتوا على كيد وغدوا على حرد ، وإذا بطائف من الله تعالى يطوف عليها شجرة شجرة ، وثمرة ثمرة ، فلا يبقي منها باقية ، فكأنه سبقهم إليها من صرمها وأتى على ثمارها كلها .
فانظر كيف قوبل مكرهم وشدة تعميتهم وتبييتهم لسوء النية بهذا الانتقام الإلهي السريع { قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا } ثم تخلص القصة إلى العبرة العظيمة : { كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ } [القلم - 33] .
ألا ترى أن القصة في أحداثها وعبرتها تصلح أن تكون تذكارا صارخا في كل جيل لأولئك الذين بطروا نعمة الله ، وبدلوها جحودا وكنودا ، وما نقموا إلا أن أغناهم الله ووسع عليهم من فضله ، وبسط لهم الرزق ، فأمسكت أيديهم ، وشحت قلوبهم ، ومنعوا حق الله عباد الله ، وأخفوا الشر ومنعوا الخير .وكذلك قصةموسى عليه السلام مع العبد الصالح الخضر ،ففيهاالعديدمن الدروس والعبر.
(ب)القصة من السنة:
أما القصص من السنة فإن قدوة الداعية في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد كان يقص على أصحابه القصص الذي ينفعهم، ويرغبهم في الخير، ويخوفهم من الوقوع في ضده، ومن ذلك: قصة الأبرص والأعمى والأقرع ،وهى فى اليخارى، ففي هذه القصة التحذير من كفران النعم والبخل، والتشويق إلى شكر النعم، والاعتراف بها للخالق، والإحسان إلى الناس ،وكذلك قصة الغلام مع الملك والساحر والراهب ،ففيها تشويق الناس في الثبات على دين الله، والتضحية بكل غال ورخيص في سبيل نصرة دين الله وإظهاره.
وقصة الرجل الذي قتل مائة ثم تاب فتاب الله عليه، فإن في هذه القصة الإيضاح للناس أن من تاب تاب الله عليه، وأن البيئة لها تأثير على الشخص، فلابد للتائب أن يلتمس الجليس الصالح، وغير ذلك كثير في السنة النبوية.
وليحذر الداعية من ذكر القصص الواهية التى ثيت أنها مكذوبة ، إذ إن النفوس كثيراً ما تتعلق بالغرائب وتجنح إليها، والقليل منها هو الذي يثبت عند التحقيق والنقد العلمي. مثل قصة ثعلبة بن عبد الرحمن الهارب من النار ،وقصة ثعلبة الذي طلب من رسول الله أن يدعو له بكثرة المال كما في سورة التوبة ،والقصة ليست في ثعلبة البدري كما قال المحدثون وأهل السير. وقصة علقمة فهى من القصص المكذوبة لأن بعض أخوانى الدعاة قد يذكر مثل هذه القصص الواهية من باب تشويق المستمعين ،وهذا لاينبغى أبدا ،ففى القصص الصحيحة الثابتة الكفاية.
وممكن للداعية أن يستعين بالكتب المفيدة فى بيان القصص الواهية وأنصح الداعية باقتناء (تحذير الداعية من القصص الواهية)للسيخ على ابراهيم حشيش ،والكتاب يقع فى مجلدين،فهو من الكتب القيمة فى هذا الشأن.
والى اللقاء فى الحلقة القادمة بإذن الله تعالى ومع (كيفيةاعداد الحطبة )فانتظرونا.....
ـــــــ
المراجع
1ـ تفسير ابن كثير (4 / 222)
2ـ الداعية والقصة ،أمير بن محمد المدرى
3ـ خصائص الخطبة والخطيب
4ـ فن الخطابة للحوفى
مواضيع مماثلة
» ](مقومات الخطيب الناجح)الحلقة السادسة
» (مقومات الخطيب الناجح)الحلقة الأولى
» (مقومات الخطيب الناجح)الحلقة الثانية
» (مقومات الخطيب الناجح)الحلقة الثالثة
» ](مقومات الخطيب الناجح)الحلقة الرابعة
» (مقومات الخطيب الناجح)الحلقة الأولى
» (مقومات الخطيب الناجح)الحلقة الثانية
» (مقومات الخطيب الناجح)الحلقة الثالثة
» ](مقومات الخطيب الناجح)الحلقة الرابعة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة 21 يونيو 2024, 12:25 am من طرف Admin
» هل الانجيل محرف
الأربعاء 19 يونيو 2024, 2:34 pm من طرف Admin
» شبهات النصاري زواج ام المؤمنين عائشه،
الإثنين 17 يونيو 2024, 10:30 am من طرف Admin
» الفرق بين السنه والفقه
السبت 11 مايو 2024, 11:23 pm من طرف Admin
» كيف عرفت انه نبي..
الجمعة 26 أبريل 2024, 5:40 am من طرف Admin
» موضوع هل يدخل الجنه غير المسلمين،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:48 am من طرف Admin
» التدرج في التشريع
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:43 am من طرف Admin
» كتب عليكم الصيام،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:41 am من طرف Admin
» اقوال العلماء في تفسير ايه الحجاب،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:40 am من طرف Admin