بحـث
الشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المواضيع الأخيرة
نوفمبر 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | |||||
3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 |
10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 |
17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 |
24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
الحمدلله على نعمة الاسلام
ايها الاخوه الدعاه الى الله وكذا جميع الزائرين والزائرات مرحبا بكم واهلا نتمنى من الله ان نكون عند حسن ظنكم جميا والله الموفق الى الخير وهو حسبنا ونعم الوكيلالشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 14 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 14 زائر لا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 76 بتاريخ الأربعاء 30 أكتوبر 2024, 11:01 pm
(مقومات الخطيب الناجح)الحلقة الثالثة
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
(مقومات الخطيب الناجح)الحلقة الثالثة
(مقومات الخطيب الناجح)الحلقة الثالثة
أخى الداعية:مازلنابحمدالله وتوفيقه نواصل الحديث عن(مقومات الخطيب الناجح) ونتعرف بإذن الله تعالى فى هذه الحلقةعن موضوع فى غاية الأهمية للداعيةوهو:
كيف تكون الخطبة مؤثرة:
أخى الداعية:إن الخطبة المؤثرة ينبغي أن تتصف بصفات ، وتشتمل على مقومات ، ومنها:
1ـ قصر الخطبة ، غير أننا لا نستطيع أن نحكم على الخطبة بالجودة والتأثير لمجرد كونها قصيرة وحسب ، أو نحكم عليها بالفشل لكونها طويلة فحسب ، فإن قصر الخطبة وطولها أمر تحدده عوامل كثيرة ، وتدعو إليه أسباب متنوعة ، وربما وصفت الخطبة بأنها جامعة مؤثرة مستوفية لموضوعها ، مع كونها قصيرة لم تتجاوز دقائق معدودة ، وربما وصفت بذلك مع كونها طويلة تجاوزت الوقت المعتاد لمثلها ، وإن من العوامل التي تتحكم في وقت الخطبة طولا وقصرا :
- طبيعة الموضوع الذي يتناوله الخطيب ، وأهميته بالنسبة للمخاطبين ، وكونه مما يحتاج إلى البسط والإيضاح ، أو يكفي فيه الاختصار والإيجاز .
- ومن العوامل كذلك سعة المسجد أو ضيقه ، وكثرة المصلين أو قلتهم ، وكذلك ما يطرأ على الناس من أحوال عامة تؤدي إلى اضطراب نفوسهم ، واشتغال أذهانهم وعقولهم ، وما يستجد من أحداث لها آثار على عقيدة المسلمين ، أو أخلاقهم أو أمنهم واستقرارهم .
الخطبة وقت النوازل والكوارث والأحداث الجسام تختلف عنها في الأحوال المعتادة ، والخطبة في مسجد السوق تختلف عنها في مسجد الحي إذ ينبغي أن يعطي لهؤلاء من الوقت ما يناسبهم .
والخطبة وقت الحرب والدعوة إلى الجهاد تختلف عنها وقت السلم ، وهكذا فإن لظرف الزمان والمكان دورا واضحا في تحديد الحاجة إلى الطول ، أو الحاجة إلى القصر في الخطبة ، غير أننا نقول : إن الرسول صلى الله عليه وسلم قد رغب في قصر الخطبة وطول الصلاة بجعله ذلك علامة على فقه الخطيب .
روى مسلم في صحيحه عن واصل بن حيان قال : قال أبو وائل - وهو شقيق بن سلمة - خطبنا عمار رضي الله عنه فأوجز وأبلغ ، فلما نزل قلنا : يا أبا اليقظان لقد أبلغت وأوجزت ، فلو كنت تنفست- أي : أطلت- فقال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « إن طول صلاة الرجل ، وقصر خطبته ، مئنة - أي : علامة- من فقهه ، فأطيلوا الصلاة ، واقصروا الخطبة ، وإن من البيان لسحرا » (رواه مسلم) .
وكلما كان الخطيب أوسع فقها ، وأدق فهما ، وأرحب ثقافة ، وأملك لناصية البيان والفصاحة ، كانت خطبته موجزة بليغة عظيمة الواقع على قلوب المخاطبين ، ولا يخفى أنه قد تدعو الحاجة أحيانا إلى الإطالة في الخطبة ، وذلك لأمور تعرض ، أو أحداث تقع ، فليس ثمة ما يمنع ذلك ، وعلى الخطيب أن يكون لبقا ، ذا فراسة في وجوه المصلين ومعرفة تعابيرها ، فيراعي أحوالهم في الخطبة والصلاة ، بحيث لا يشق عليهم فيوقعهم في الضيق والحرج ، وأن يعتذر لهم في لطف قبل أن يبتدئ الخطبة أو في نهايتها ، وأنه ما لجأ إلى الإطالة إلا لخطورة الموضوع الذي يتناوله ، والمهم أن قصر الخطبة وإطالة الصلاة هي الحالة الفضلى إذا تمكن الخطيب من الإتيان بمعاني الخطبة أو أفكارها ضمن ذلك ، وإلا فالتوسط والقصد مع مراعاة أحوال المصلين والظروف العامة التي تحيط بهم .
2ـ اشتمال الخطبة على الآيات القرآنية :
مهما ملك الخطيب من أسباب البيان ، وبلاغة الخطاب ، ومهما كانت قوة عباراته وجزالة أسلوبه ، فلن يصل إلى درجة تأثير القرآن في القلوب ، وقرعه للعقول ، وأين كلام البشر من كلام الله تعالى؟!!
ولذا كان جديرا بالخطيب أن يضمن خطبته الآيات القرآنية التي تزين خطبته ، وتجلي حجته ، وتجعله ينطق بالحق ، فإن الاستشهاد بالآية ، وتلاوتها في الوقت المناسب والموضع المناسب ، إقامة للحجة ، وبيان وبرهان يأخذ بمجامع القلوب ، ويشنف الأسماع ، ويقرع العقول .
{ وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا } [ الزمر- 71] .
قال ابن كثير : { يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ } أي : يقيمون عليكم الحجج والبراهين على صحة ما دعوكم إليه .
وإن أظلم الظلمة من يعرض عن آيات الله تعالى بعد أن تتلى عليه ، ويذكر بها فيولي مستكبرا كأن لم يسمعها ، قال جل وعلا : { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ } [ سورة الكهف- 75 ] وقال سبحانه : { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ } (السجدة : 22) قال الحافظ ابن كثير رحمه الله : " أي : لا أظلم ممن ذكره الله بآياته ، وبينها له ووضحها ، ثم بعد ذلك تركها وجحدها ، وأعرض عنها وتناساها كأنه لا يعرفها ، قال قتادة : " إياكم والإعراض عن ذكر الله ، فإن من أعرض عن ذكره فقد اغتر أكبر الغرر" .
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في كثير من الأحيان يجعل خطبته أو جلها تلاوة سورة من القرآن لما يشتمل عليه من ابتداء الخلق والبعث ، والحساب ، والجنة ، والنا ر ، والترغيب والترهيب .
أخرج مسلم في صحيحه عن عمرة بنت عبد الرحمن رحمها الله عن أخت لها كانت أكبر منها قالت : « أخذت { ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ } من في رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة ، وهو يقرأ بها على المنبر في كل جمعة » .
وعن أم هشام بنت حارثة بن النعمان رضي الله عنها قالت : « لقد كان تنورنا وتنور رسول الله صلى الله عليه وسلم واحدا سنتين أو سنة وبعض السنة ، وما أخذت { ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ } إلا عن لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها كل يوم جمعة على المنبر إذا خطب الناس » .
وعن صفوان بن يعلى عن أبيه رضي الله عنه : « أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ على المنبر { وَنَادَوْا يَامَالِكُ }» (رواه مسلم) . الزخرف-77 .
قال الامام النووي رحمه الله في شرحه لصحيح مسلم : " فيه القراءة في الخطبة ، وهي مشروعة بلا خلاف ، واختلفوا في وجوبها ، والصحيح عندنا(أى الشافعية) وجوبها ، وأقلها آية " .
ومما ينبغي التنبيه له عند الاستشهاد بالآيات القرآنية في الخطبة ونحوها ما يلي :
1- الحذر من الخطأ في تلاوة الآية ، فإن هذا مما يعيب الخطيب ، ويفسد عليه جمال أفكاره ، وأهمية موضوعه ، ويصرف السامع عن التأثر بالخطبة إلى التصحيح والنقد ، وتتبع الأخطاء ، فينبغي على الخطيب حفظ الآيات التي يستشهد بها في الخطبة حفظا دقيقا وسليما ، فإن لم يتيسر له ذلك فلتكن مكتوبة يرجع إليها عند الحاجة ، حتى ولو كان مرتجلا لخطبته ارتجالا .
والحقيقة عندما أسمع أحد الخطباء يخطأ فى تلاوة الآية التى يستشهد بها يكاد قلبى أن ينخلع وقد سمعت مرة خطيباًيلقى درسا فقرأ قول الله تعالى (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ،قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا)طه (124،125)فقرأها الخطيب (وقد كنتَ )بنصب التاء فشعرت بالحزن فهذا خطأ فاحش قد غير المعنى تماماً.
2- الحذر من قراءة الآية بقراءة غير معروفة ولا مشهورة لدى السامعين ، وإن كانت قراءة سبعية ، فهذا من شأنه أن يشوش أذهان السامعين ، ويصرفهم عن تدبر المعنى إلى الوقوف عند اللفظ ، ومن كان محدثا للناس فليحدثهم بما يعرفون ، وليترك ما ينكرون .
قال علي رضي الله عنه : " حدثوا الناس بما يعرفون ، أتحبون أن يكذب الله ورسوله " . (رواه البخارى) .
فإن أحب الخطيب أن يلفت النظر إلى معنى يكون في قراءة دون أخرى فلينبه إلى أن ذلك في قراءة " فلان " وهي قراءة سبعية .
3- الحذر من الاستشهاد بالآية في غير موضعها ، وإنزالها على غير واقعها ، والتكلف في حمل الآية على حادثة معينة ، أو على جماعة معينة ، أو واقع معين مما يعد من التحريف ، وتحميل الألفاظ فوق ما تحتمل ، وعلى ذلك فلا بد من الاطلاع على تفسير الآيات من كتب التفسير المعتمدة ، فلا أقل من أن يطلع على تفسير واحد من هذه التفاسير حتى يكون على علم بفهم السلف للآيات وتأويلها ، مما يقيه من التأويلات الباطلة ، والأقوال الواهية في ذلك .
والى اللقاء مع الحلقة القادمةبإذن الله تعالى ومع تكملة لهذا الموضوع(كيف تكون الخطبة مؤثرة)فانتظرونا*******
ـــــــــ
المراجع:
1ـ) توضيح الأحكام (2 / 334) 2ـ تفسير ابن كثير (4 / 66) .3ـ شرح النووى على صحيح مسلم 4ـ. خطبة الجمعة ودورها في تربية الأمة لعبد الغني أحمد جبر مزهر(بتصرف )
أخى الداعية:مازلنابحمدالله وتوفيقه نواصل الحديث عن(مقومات الخطيب الناجح) ونتعرف بإذن الله تعالى فى هذه الحلقةعن موضوع فى غاية الأهمية للداعيةوهو:
كيف تكون الخطبة مؤثرة:
أخى الداعية:إن الخطبة المؤثرة ينبغي أن تتصف بصفات ، وتشتمل على مقومات ، ومنها:
1ـ قصر الخطبة ، غير أننا لا نستطيع أن نحكم على الخطبة بالجودة والتأثير لمجرد كونها قصيرة وحسب ، أو نحكم عليها بالفشل لكونها طويلة فحسب ، فإن قصر الخطبة وطولها أمر تحدده عوامل كثيرة ، وتدعو إليه أسباب متنوعة ، وربما وصفت الخطبة بأنها جامعة مؤثرة مستوفية لموضوعها ، مع كونها قصيرة لم تتجاوز دقائق معدودة ، وربما وصفت بذلك مع كونها طويلة تجاوزت الوقت المعتاد لمثلها ، وإن من العوامل التي تتحكم في وقت الخطبة طولا وقصرا :
- طبيعة الموضوع الذي يتناوله الخطيب ، وأهميته بالنسبة للمخاطبين ، وكونه مما يحتاج إلى البسط والإيضاح ، أو يكفي فيه الاختصار والإيجاز .
- ومن العوامل كذلك سعة المسجد أو ضيقه ، وكثرة المصلين أو قلتهم ، وكذلك ما يطرأ على الناس من أحوال عامة تؤدي إلى اضطراب نفوسهم ، واشتغال أذهانهم وعقولهم ، وما يستجد من أحداث لها آثار على عقيدة المسلمين ، أو أخلاقهم أو أمنهم واستقرارهم .
الخطبة وقت النوازل والكوارث والأحداث الجسام تختلف عنها في الأحوال المعتادة ، والخطبة في مسجد السوق تختلف عنها في مسجد الحي إذ ينبغي أن يعطي لهؤلاء من الوقت ما يناسبهم .
والخطبة وقت الحرب والدعوة إلى الجهاد تختلف عنها وقت السلم ، وهكذا فإن لظرف الزمان والمكان دورا واضحا في تحديد الحاجة إلى الطول ، أو الحاجة إلى القصر في الخطبة ، غير أننا نقول : إن الرسول صلى الله عليه وسلم قد رغب في قصر الخطبة وطول الصلاة بجعله ذلك علامة على فقه الخطيب .
روى مسلم في صحيحه عن واصل بن حيان قال : قال أبو وائل - وهو شقيق بن سلمة - خطبنا عمار رضي الله عنه فأوجز وأبلغ ، فلما نزل قلنا : يا أبا اليقظان لقد أبلغت وأوجزت ، فلو كنت تنفست- أي : أطلت- فقال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « إن طول صلاة الرجل ، وقصر خطبته ، مئنة - أي : علامة- من فقهه ، فأطيلوا الصلاة ، واقصروا الخطبة ، وإن من البيان لسحرا » (رواه مسلم) .
وكلما كان الخطيب أوسع فقها ، وأدق فهما ، وأرحب ثقافة ، وأملك لناصية البيان والفصاحة ، كانت خطبته موجزة بليغة عظيمة الواقع على قلوب المخاطبين ، ولا يخفى أنه قد تدعو الحاجة أحيانا إلى الإطالة في الخطبة ، وذلك لأمور تعرض ، أو أحداث تقع ، فليس ثمة ما يمنع ذلك ، وعلى الخطيب أن يكون لبقا ، ذا فراسة في وجوه المصلين ومعرفة تعابيرها ، فيراعي أحوالهم في الخطبة والصلاة ، بحيث لا يشق عليهم فيوقعهم في الضيق والحرج ، وأن يعتذر لهم في لطف قبل أن يبتدئ الخطبة أو في نهايتها ، وأنه ما لجأ إلى الإطالة إلا لخطورة الموضوع الذي يتناوله ، والمهم أن قصر الخطبة وإطالة الصلاة هي الحالة الفضلى إذا تمكن الخطيب من الإتيان بمعاني الخطبة أو أفكارها ضمن ذلك ، وإلا فالتوسط والقصد مع مراعاة أحوال المصلين والظروف العامة التي تحيط بهم .
2ـ اشتمال الخطبة على الآيات القرآنية :
مهما ملك الخطيب من أسباب البيان ، وبلاغة الخطاب ، ومهما كانت قوة عباراته وجزالة أسلوبه ، فلن يصل إلى درجة تأثير القرآن في القلوب ، وقرعه للعقول ، وأين كلام البشر من كلام الله تعالى؟!!
ولذا كان جديرا بالخطيب أن يضمن خطبته الآيات القرآنية التي تزين خطبته ، وتجلي حجته ، وتجعله ينطق بالحق ، فإن الاستشهاد بالآية ، وتلاوتها في الوقت المناسب والموضع المناسب ، إقامة للحجة ، وبيان وبرهان يأخذ بمجامع القلوب ، ويشنف الأسماع ، ويقرع العقول .
{ وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا } [ الزمر- 71] .
قال ابن كثير : { يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ } أي : يقيمون عليكم الحجج والبراهين على صحة ما دعوكم إليه .
وإن أظلم الظلمة من يعرض عن آيات الله تعالى بعد أن تتلى عليه ، ويذكر بها فيولي مستكبرا كأن لم يسمعها ، قال جل وعلا : { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ } [ سورة الكهف- 75 ] وقال سبحانه : { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ } (السجدة : 22) قال الحافظ ابن كثير رحمه الله : " أي : لا أظلم ممن ذكره الله بآياته ، وبينها له ووضحها ، ثم بعد ذلك تركها وجحدها ، وأعرض عنها وتناساها كأنه لا يعرفها ، قال قتادة : " إياكم والإعراض عن ذكر الله ، فإن من أعرض عن ذكره فقد اغتر أكبر الغرر" .
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في كثير من الأحيان يجعل خطبته أو جلها تلاوة سورة من القرآن لما يشتمل عليه من ابتداء الخلق والبعث ، والحساب ، والجنة ، والنا ر ، والترغيب والترهيب .
أخرج مسلم في صحيحه عن عمرة بنت عبد الرحمن رحمها الله عن أخت لها كانت أكبر منها قالت : « أخذت { ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ } من في رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة ، وهو يقرأ بها على المنبر في كل جمعة » .
وعن أم هشام بنت حارثة بن النعمان رضي الله عنها قالت : « لقد كان تنورنا وتنور رسول الله صلى الله عليه وسلم واحدا سنتين أو سنة وبعض السنة ، وما أخذت { ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ } إلا عن لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها كل يوم جمعة على المنبر إذا خطب الناس » .
وعن صفوان بن يعلى عن أبيه رضي الله عنه : « أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ على المنبر { وَنَادَوْا يَامَالِكُ }» (رواه مسلم) . الزخرف-77 .
قال الامام النووي رحمه الله في شرحه لصحيح مسلم : " فيه القراءة في الخطبة ، وهي مشروعة بلا خلاف ، واختلفوا في وجوبها ، والصحيح عندنا(أى الشافعية) وجوبها ، وأقلها آية " .
ومما ينبغي التنبيه له عند الاستشهاد بالآيات القرآنية في الخطبة ونحوها ما يلي :
1- الحذر من الخطأ في تلاوة الآية ، فإن هذا مما يعيب الخطيب ، ويفسد عليه جمال أفكاره ، وأهمية موضوعه ، ويصرف السامع عن التأثر بالخطبة إلى التصحيح والنقد ، وتتبع الأخطاء ، فينبغي على الخطيب حفظ الآيات التي يستشهد بها في الخطبة حفظا دقيقا وسليما ، فإن لم يتيسر له ذلك فلتكن مكتوبة يرجع إليها عند الحاجة ، حتى ولو كان مرتجلا لخطبته ارتجالا .
والحقيقة عندما أسمع أحد الخطباء يخطأ فى تلاوة الآية التى يستشهد بها يكاد قلبى أن ينخلع وقد سمعت مرة خطيباًيلقى درسا فقرأ قول الله تعالى (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ،قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا)طه (124،125)فقرأها الخطيب (وقد كنتَ )بنصب التاء فشعرت بالحزن فهذا خطأ فاحش قد غير المعنى تماماً.
2- الحذر من قراءة الآية بقراءة غير معروفة ولا مشهورة لدى السامعين ، وإن كانت قراءة سبعية ، فهذا من شأنه أن يشوش أذهان السامعين ، ويصرفهم عن تدبر المعنى إلى الوقوف عند اللفظ ، ومن كان محدثا للناس فليحدثهم بما يعرفون ، وليترك ما ينكرون .
قال علي رضي الله عنه : " حدثوا الناس بما يعرفون ، أتحبون أن يكذب الله ورسوله " . (رواه البخارى) .
فإن أحب الخطيب أن يلفت النظر إلى معنى يكون في قراءة دون أخرى فلينبه إلى أن ذلك في قراءة " فلان " وهي قراءة سبعية .
3- الحذر من الاستشهاد بالآية في غير موضعها ، وإنزالها على غير واقعها ، والتكلف في حمل الآية على حادثة معينة ، أو على جماعة معينة ، أو واقع معين مما يعد من التحريف ، وتحميل الألفاظ فوق ما تحتمل ، وعلى ذلك فلا بد من الاطلاع على تفسير الآيات من كتب التفسير المعتمدة ، فلا أقل من أن يطلع على تفسير واحد من هذه التفاسير حتى يكون على علم بفهم السلف للآيات وتأويلها ، مما يقيه من التأويلات الباطلة ، والأقوال الواهية في ذلك .
والى اللقاء مع الحلقة القادمةبإذن الله تعالى ومع تكملة لهذا الموضوع(كيف تكون الخطبة مؤثرة)فانتظرونا*******
ـــــــــ
المراجع:
1ـ) توضيح الأحكام (2 / 334) 2ـ تفسير ابن كثير (4 / 66) .3ـ شرح النووى على صحيح مسلم 4ـ. خطبة الجمعة ودورها في تربية الأمة لعبد الغني أحمد جبر مزهر(بتصرف )
رد: (مقومات الخطيب الناجح)الحلقة الثالثة
بارك الله فيك يااخى
الشيخ عبدالغنى- داعيه الى الله
- عدد المساهمات : 1
نقاط : 1
تاريخ التسجيل : 03/04/2012
مواضيع مماثلة
» ](مقومات الخطيب الناجح)الحلقة العاشرة
» ](مقومات الخطيب الناجح)الحلقة السادسة
» (مقومات الخطيب الناجح)الحلقة الأولى
» (مقومات الخطيب الناجح)الحلقة الثانية
» ](مقومات الخطيب الناجح)الحلقة الرابعة
» ](مقومات الخطيب الناجح)الحلقة السادسة
» (مقومات الخطيب الناجح)الحلقة الأولى
» (مقومات الخطيب الناجح)الحلقة الثانية
» ](مقومات الخطيب الناجح)الحلقة الرابعة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة 21 يونيو 2024, 12:25 am من طرف Admin
» هل الانجيل محرف
الأربعاء 19 يونيو 2024, 2:34 pm من طرف Admin
» شبهات النصاري زواج ام المؤمنين عائشه،
الإثنين 17 يونيو 2024, 10:30 am من طرف Admin
» الفرق بين السنه والفقه
السبت 11 مايو 2024, 11:23 pm من طرف Admin
» كيف عرفت انه نبي..
الجمعة 26 أبريل 2024, 5:40 am من طرف Admin
» موضوع هل يدخل الجنه غير المسلمين،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:48 am من طرف Admin
» التدرج في التشريع
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:43 am من طرف Admin
» كتب عليكم الصيام،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:41 am من طرف Admin
» اقوال العلماء في تفسير ايه الحجاب،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:40 am من طرف Admin