بحـث
الشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المواضيع الأخيرة
نوفمبر 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | |||||
3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 |
10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 |
17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 |
24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
الحمدلله على نعمة الاسلام
ايها الاخوه الدعاه الى الله وكذا جميع الزائرين والزائرات مرحبا بكم واهلا نتمنى من الله ان نكون عند حسن ظنكم جميا والله الموفق الى الخير وهو حسبنا ونعم الوكيلالشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 6 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 6 زائر لا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 76 بتاريخ الأربعاء 30 أكتوبر 2024, 11:01 pm
معانى الأسماء الحسنى 7
صفحة 1 من اصل 1
معانى الأسماء الحسنى 7
الغفور
الغفور في اللغة على وزن فعول وهي من صيغ المبالغة التي تدل على الكثرة في الفعل ، فعله غفر يغفر غفرا ومغفرة ، وأَصل الغَفرِ التغطية والستر ، وكل شيء سترته فقد غفرته ، والمغفر غطاء الرأس ، والمغفرة التغطية على الذنوب والعفو عنها ، غَفَرَ الله ذنوبه أَي سترها (12) ، وعند البخاري من حديث عبد الله بن عمر رضى الله عنه أن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه و سلم قال : ( إِنَّ اللهَ يُدْنِي الْمُؤْمِنَ فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ وَيَسْتُرُهُ ، فَيَقُولُ أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا ؟ أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا ؟ فَيَقُولُ : نَعَمْ أَيْ رَبِّ ، حَتَّى إِذَا قَرَّرَهُ بِذُنُوبِهِ وَرَأَى فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ هَلَكَ ، قَالَ : سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ فَيُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ ، وَأَمَّا الْكَافِرُ وَالْمُنَافِقُونَ فَيَقُولُ الأَشْهَادُ : هَؤُلاَءِ الذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ )
والغفور سبحانه هو الذي يستر العيوب ويغفر الذنوب ، ومهما بلغ الذنب أو تكرر من العبد وأراد الرجوع إلى الرب فإن باب المغفرة مفتوح في كل وقت لأن الله عز وجل هو الغفور ، واسم الله الغفور يدل على دعوة العباد للاستغفار بنوعيه ، العام والخاص ، فالاستغفار من العبد على نوعين :
الأول : الاستغفار العام ، وهو الاستغفار من صغائر الذنوب ، وما يدور من خواطر السوء في القلوب ، فالقلب فيه منطقتان ، منطقة حديث النفس ، ومنطقة الكسب ، فمن المنطقة الأولى تخرج الخواطر التي تتطلب الاستغفار العام ، وهي خواطر النفس الأمارة كما ورد في قوله سبحانه وتعالى : } وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ { [يوسف:53] ، وعند البخاري من حديث أَبي هُرَيْرَةَ رضى الله عنه سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه و سلم يَقُولُ : ( وَاللهِ إِنِّي لأَسْتَغْفِرُ اللهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِي الْيَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً ) (14) ، وعند مسلم من حديث الأَغَرِّ الْمُزَنِيِّ رضى الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه و سلم قَالَ : ( إِنَّهُ لَيُغَانُ عَلَى قَلْبِي وَإِنِّي لأَسْتَغْفِرُ اللهَ فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ ) (15) .
الثاني : الاستغفار الخاص وهو متعلق بمنطقة الكسب بعد اقتراف الإثم وتعمد الفعل ، كقوله تعالى : } وَالذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ التِي حَرَّمَ اللهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً { [الفرقان:70] .
والمسلم لا بد أن يستغفر الله استغفارا عاما وخاصا ، وهذه طبيعة البشر التي خلقوا عليها ؛ الخطأ وطلب المغفرة ، روى الترمذي وحسنه الألباني من حديث أَنَسٍ أَنَّ النَّبِي قَالَ : ( كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ ) (16) ، وعند مسلم من حديث أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ رضى الله عنه أن رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه و سلم قَالَ : ( لَوْ أَنَّكُمْ لَمْ تَكُنْ لَكُمْ ذُنُوبٌ يَغْفِرُهَا اللهُ لَكُمْ لَجَاءَ اللهُ بِقَوْمٍ لَهُمْ ذُنُوبٌ يَغْفِرُهَا لَهُمْ ) (17).
الودود :
الودود في اللغة من صيغ المبالغة ، والودُّ مصدر المودَّة ، فعله وَدَّ الشيءَ وُدّاً ووِدّاً ووَدَّاً ، والود بمعنى الأمنية ومنه قوله تعالى : } يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ { [البقرة:96] ، والودُّ أيضا بمعنى المحبة كما في قوله : } لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ { [المجادلة:22] ، والودود في اللغة أيضا قد يأتي على معنى المعية والمرافقة والمصاحبة كلازم من لوازم المحبة ، كما ورد عند مسلم من حديث عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضى الله عنه : ( أَنَّ رَجُلا مِنَ الأَعْرَابِ لَقِيَهُ بِطَرِيقِ مَكَّةَ ، فَسَلمَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللهِ وَحَمَلَهُ عَلَى حِمَارٍ كَانَ يَرْكَبُهُ وَأَعْطَاهُ عِمَامَةً كَانَتْ عَلَى رَأْسِهِ ، فَقَالَ ابْنُ دِينَارٍ لَهُ : أَصْلَحَكَ اللهُ إِنَّهُمُ الأَعْرَابُ وَإِنَّهُمْ يَرْضَوْنَ بِالْيَسِيرِ ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ : إِنَّ أَبَا هَذَا كَانَ وُدًّا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه و سلم يَقُولُ : إِنَّ أَبَرَّ الْبِرِّ صِلَةُ الْوَلَدِ أَهْلَ وُدِّ أَبِيهِ ) (18) .
والودود سبحانه هو المحب لرسله وأوليائه المتودد إليهم بالمغفرة والرحمة ، فيرضى عنهم ويتقبل أعمالهم ويوددهم إلى خلقه بأن يحبهم ويحببهم إلى عباده ، كما قال تعالى : } إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً { [مريم:96] ، وعند البخاري من حديث أبي هريرة رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَبْدَ نَادَى جِبْرِيلَ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلاَنًا فَأَحْبِبْهُ ، فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ ، فَيُنَادِي جِبْرِيلُ في أَهْلِ السَّمَاءِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلاَنًا فَأَحِبُّوهُ فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ ، ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ في الأَرْضِ ) (19)، قال ابن عباس رضى الله عنه : ( الودود الحبيب المجيد الكريم )(20) .
والله عز وجل ودود يؤيد رسله وعباده الصالحين بمعيته الخاصة ، فلا يخيب رجاءهم ولا يرد دعاءهم وهو عند حسن ظنهم به ، وهو الودود لعامة خلقه بواسع كرمه وسابغ نعمه ، يرزقهم ويؤخر العقاب عنهم لعلهم يرجعون إليه (21) .
قال ابن القيم : ( وأما الودود ففيه قولان : أحدهما أنه بمعنى فاعل وهو الذي يحب أنبياءه ورسله وأولياءه وعباده المؤمنين ، والثاني أنه بمعنى مودود وهو المحبوب الذي يستحق أن يحب الحب كله ، وأن يكون أحب إلى العبد من سمعه وبصره وجميع محبوباته ) (22).
الولي :
الولي في اللغة من صيغ المبالغة من اسم الفاعل الوالي ، فعله وَلِيَ يَلِي وَلْيا وولاءً وَوِلايةً ، والولي هو الذي يلي غيره بحيث يكون قريبا منه بلا فاصل ، ويكون ذلك في المكان أو النسب أو النسبة ، ويطلق الولي أيضا على الوالد والناصر والحاكم والسيد (23) ، والولاية تولي الأمر كقوله تعالى : } فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ { [البقرة:282] وعند مسلم من حديث أبي هريرة رضى الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم قال : ( إِذَا صَنَعَ لأَحَدِكُمْ خَادِمُهُ طَعَامَهُ ثُمَّ جَاءَهُ بِهِ وَقَدْ وَلِيَ حَرَّهُ وَدُخَانَهُ فَلْيُقْعِدْهُ مَعَهُ فَلْيَأْكُلْ ) (24) .
والولي سبحانه هو المُتَوَلي لأُمُور خلقه ، القَائِم بأمره على تدبير ملكه ، يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه كما قال سبحانه } وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الأَرْضِ إِلا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءوفٌ رَحِيمٌ { [الحج:65] ، وقال : } أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ { [الرعد:33] ، وولاية الله لعباده على وجهين :
الوجه الأول : الولاية العامة وهي ولاية الله لشئون عباده ، وتكفله بأرزاقهم وتدبيره لأحوالهم ، وتمكينهم من الفعل والاستطاعة ، وذلك بتيسير الأسباب ونتائجها وترتيب المعلولات على عللها ، وتلك هي الولاية العامة التي تقتضي العناية والتدبير ، وتصريف الأمور وتدبير المقادير ، فالله عز وجل من فوق عرشه قريب من عباده كما قال سبحانه : } وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيد ِ{ [قّ:16] .
الوجه الثاني : ولاية الله للمؤمنين وهي ولاية حفظ وتدبير سواء كان تدبيرا كونيا أو شرعيا فإن الإرادة الكونية والشرعية عند السلف تجتمعان في المؤمن وتفترقان في الكافر حيث تتوافق إرادة المؤمن مع الإرادة الشرعية والكونية معا ، والكافر يخالف الشرعية ويوافق الكونية حتما (25) ، فالولاية الخاصة ولاية حفظ وعصمة ومحبة ونصرة سواء كان في تدبير الله الكوني أو الشرعي كما قال الله عز وجل : } اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ { [البقرة:257] ، وشرط هذه الولاية الإيمان وتحقيق الإخلاص والمتابعة ، قال تعالى : } أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ { [يونس:63] ، وعند البخاري من حديث أبي هريرة رضى الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم قال : ( إن اللَّه قال من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب .. الحديث ) (26) ، فولاية الله لعباده المؤمنين مقرونة بولايتهم لربهم ، فولايتهم ولاية حفظ لحدوده والتزام بتوحيده ، قال تعالى : } قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيّاً فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ { [الأنعام:14].
الله جل جلاله الحَميدُ :
اسم الله الحميد ورد في القرآن على سبيل الإطلاق مرادا به العلمية ودالا على الوصفية في كثير من النصوص القرآنية ، وقد ورد مفردا ومقترنا باسم الله العزيز والغني والولي والمجيد والحكيم ، ومن ذلك قوله تعالى : ( وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ ) [الحج:24] ، وقوله : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ) [فاطر:15] ، وقوله : ( وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ ) [الشورى:28] ، واقترن بالمجيد في قوله : ( قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيد ٌ{ [هود:73] واقترن بالحكيم في قوله تعالى : ( لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ) [فصلت:42] .
وعند البخاري عن كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ رضي الله عنه أنه قَالَ : ( سَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، كَيْفَ الصَّلاَةُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ عَلَّمَنَا كَيْفَ نُسَلِّمُ ؟ قَالَ : قُولُوا : اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ )(1) .
الله جل جلاله الحَفيظُ :
ورد في قوله تعالى : ( وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ ) [سبأ:21]، وفي قوله تعالى عن هود عليه السلام : ( فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّونَهُ شَيْئاً إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ ) [هود:57] ، وقد تقدم في شروط الإحصاء أن الاسم المقترن بالعلو والفوقية يزيد الإطلاق كمالا على كمال ، فالله من فوق عرشه حفيظ له مطلق الكمال في الوصف ، فإذا انضم إلى ذلك اجتماع معاني العلو ظهر في الإطلاق جمال الكمال ، وقد ورد الاسم مقيدا في قوله تعالى : ( وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ ) [الشورى:6] ، ولم يرد الاسم في السنة إلا في حديث سرد الأسماء عند الترمذي وليس بحجة كما تقدم .
الله جل جلاله المَجيدُ :
المجيد اسم من أسماء الله الحسنى ورد في القرآن والسنة على سبيل الإطلاق مرادا به العلمية ودالا على الوصفية وكمالها ، قال تعالى : ( قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ البَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ) [هود:73] ، وقال : ( ذُو العَرْشِ المَجِيدُ ) [البروج:15] ، قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر وعاصم ذو العرش المجيدُ رفعا وهذه القراءة دليل على أن المجيد اسم ، وقرأ حمزة والكسائي ذو العرش المجيدِ خفضا (2) .
وعند البخاري من حديث أبي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُ رضي الله عنه : ( أَنَّهُمْ قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ نُصَلِّى عَلَيْكَ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : قُولُوا : اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ )(3) .
الله جل جلاله الفَتَّاحُ :
سمى الله نفسه الفتاح على سبيل الإطلاق مرادا به العلمية ودالا على الوصفية وقد ورد المعنى محمولا عليه مسندا إليه في نص واحد من النصوص القرآنية وهو قوله تعالى : ( قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيم ُ{ [سبأ :26] ، وهذه الآية ورد فيها الاسم والوصف معا ، ولم يرد الاسم في السنة إلا في حديث سرد الأسماء عند الترمذي وليس بحجة .
الله جل جلاله الشَّهيدُ :
ورد الاسم في كثير من النصوص القرآنية مقرونا بالعلو والفوقية كما في قول الله تعالى : ( قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلا عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) [سبأ:47] ، وقوله : ( أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) [فصلت:53] وقد ورد مقيدا في آيات كثيرة كما في قوله : ( لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً ) [النساء:166] .
وعند البخاري ومسلم من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه مرفوعا : ( .. فَأَقُولُ كَمَا قَالَ العَبْدُ الصَّالِحُ : ( وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شيء شَهِيدٌ إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ العَزِيزُ الحَكِيم ُ{ قَالَ : فَيُقَالُ لِي إِنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ )
الحميد :
الحميد في اللغة صيغة مبالغه على وزن فعيل بمعنى اسم المفعول وهو المحمود ، فعله حمد يحمد حمدا ، والحمد نقيض الذم بمعنى الشكر والثناء وهو المكافأة على العمل والحمد والشكر مُتَقاربان لكن الحمد أعَمُّ من الشكر , لأنّك تحمَد الإنسان على صِفاته الذَّاتِّية وعلى عطائه ولا تَشْكُره على صِفاته (1) .
قال الراغب : ( الحمد أخص من المدح وأعم من الشكر ، فإن المدح يقال فيما يكون من الإنسان باختياره ، ومما يقال منه وفيه بالتسخير ، فقد يمدح الإنسان بطول قامته وصباحة وجهه ، كما يمدح ببذل ماله وسخائه وعلمه ، والحمد يكون في الثاني دون الأول ، والشكر لا يقال إلا في مقابلة نعمة ، فكل شكر حمد ، وليس كل حمد شكرا ، وكل حمد مدح وليس كل مدح حمدا ، ويقال فلان محمود إذا حمد ، ومحمد إذا كثرت خصاله المحمودة ) (2) .
والتحميد كثرة حمد اللَّه سبحانه بالمحامد الحسنة ، والمحمود المشهور بفعل الخير للغير ، ومنه ما ورد عند النسائي وصححه الشيخ الألباني من حديث جَابِرٍ رضى الله عنه أن رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه و سلم قَالَ : ( مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ وَالصَّلاَةِ الْقَائِمَةِ آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ وَابْعَثْهُ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ الَّذِي وَعَدْتَهُ إِلاَّ حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) (3) ، ومعنى ابْعَثْه المقَام المحمود الذي وَعَدْتَه أي الذي يَحمْدَه فيه جميع الخلق لتعْجيل الحساب والإراحة من طُول الوقوف (4) .
والحميد سبحانه هو المستحق للحمد والثناء ، حمد نفسه فقال : } الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ { [الفاتحة:2] ، وقال : } الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ { [الأنعام:1] ، وقال : } قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ { [النمل:59] ، فهو سبحانه المحمود على ما خلق وشرع ، ووهب ونزع ، وضر ونفع ، وأعطى ومنع ، وعلا بذاته وشأنه فارتفع وأمسك السماء عن الأرض أن تقع ، وفرش الأرض فانبسط سهلها واتسع ، حمد نفسه وحمده الموحدون فله الحمد كله ، قال ابن قيم الجوزية : ( فصل في إثبات الحمد كله لله رب العالمين .. فإنه المحمود على ما خلقه وأمر به ونهى عنه ، فهو المحمود على طاعات العباد ومعاصيهم وإيمانهم وكفرهم ، وهو المحمود على خلق الأبرار والفجار والملائكة وعلى خلق الرسل وأعدائهم ، وهو المحمود على عدله في أعدائه كما هو المحمود على فضله وإنعامه على أوليائه ، فكل ذرة من ذرات الكون شاهدة بحمده ، ولهذا سبح بحمده السموات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ) (5).
وروى البخاري من حديث عبد الله بن عباس رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم كان إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يَتَهَجَّدُ قَالَ : ( اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ وَلَكَ الْحَمْدُ ، لَكَ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ الْحَقُّ ، وَوَعْدُكَ الْحَقُّ ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ ، وَقَوْلُكَ حَقٌّ ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ ، وَالنَّارُ حَقٌّ وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ ، وَمُحَمَّدٌ صلى الله عليه و سلم حَقٌّ ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ .. الحديث ) (6).
وكذلك فإن الله عز وجل هو الحميد الذي يحمده عباده الموحدون لأنهم يعلمون أن الله خلق الدنيا للابتلاء وخلق الآخرة للجزاء ، فهم يحمدونه على السراء والضراء ويوحدونه في العبادة والاستعانة والدعاء ، حتى يكرمهم بجنته عند اللقاء ، فإن ابتلاهم صبروا ، وإن أنعم عليهم شكروا ، ولذلك قال تعالى في وصفهم : } وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ { [الأعراف:43] ، وقال أيضا : } وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ { [فاطر:34] (7) .
قال ابن القيم في نونيته :
وهو الحميد فكل حمد واقع : أو كان مفروضا مدى الأزمان
ملأ الوجود جمعيه ونظيره : من غير ما عد ولا حسبان
هو أهله سبحانه وبحمده : كل المحامد وصف ذي الاحسان ( .
الغفور في اللغة على وزن فعول وهي من صيغ المبالغة التي تدل على الكثرة في الفعل ، فعله غفر يغفر غفرا ومغفرة ، وأَصل الغَفرِ التغطية والستر ، وكل شيء سترته فقد غفرته ، والمغفر غطاء الرأس ، والمغفرة التغطية على الذنوب والعفو عنها ، غَفَرَ الله ذنوبه أَي سترها (12) ، وعند البخاري من حديث عبد الله بن عمر رضى الله عنه أن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه و سلم قال : ( إِنَّ اللهَ يُدْنِي الْمُؤْمِنَ فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ وَيَسْتُرُهُ ، فَيَقُولُ أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا ؟ أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا ؟ فَيَقُولُ : نَعَمْ أَيْ رَبِّ ، حَتَّى إِذَا قَرَّرَهُ بِذُنُوبِهِ وَرَأَى فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ هَلَكَ ، قَالَ : سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ فَيُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ ، وَأَمَّا الْكَافِرُ وَالْمُنَافِقُونَ فَيَقُولُ الأَشْهَادُ : هَؤُلاَءِ الذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ )
والغفور سبحانه هو الذي يستر العيوب ويغفر الذنوب ، ومهما بلغ الذنب أو تكرر من العبد وأراد الرجوع إلى الرب فإن باب المغفرة مفتوح في كل وقت لأن الله عز وجل هو الغفور ، واسم الله الغفور يدل على دعوة العباد للاستغفار بنوعيه ، العام والخاص ، فالاستغفار من العبد على نوعين :
الأول : الاستغفار العام ، وهو الاستغفار من صغائر الذنوب ، وما يدور من خواطر السوء في القلوب ، فالقلب فيه منطقتان ، منطقة حديث النفس ، ومنطقة الكسب ، فمن المنطقة الأولى تخرج الخواطر التي تتطلب الاستغفار العام ، وهي خواطر النفس الأمارة كما ورد في قوله سبحانه وتعالى : } وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ { [يوسف:53] ، وعند البخاري من حديث أَبي هُرَيْرَةَ رضى الله عنه سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه و سلم يَقُولُ : ( وَاللهِ إِنِّي لأَسْتَغْفِرُ اللهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِي الْيَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً ) (14) ، وعند مسلم من حديث الأَغَرِّ الْمُزَنِيِّ رضى الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه و سلم قَالَ : ( إِنَّهُ لَيُغَانُ عَلَى قَلْبِي وَإِنِّي لأَسْتَغْفِرُ اللهَ فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ ) (15) .
الثاني : الاستغفار الخاص وهو متعلق بمنطقة الكسب بعد اقتراف الإثم وتعمد الفعل ، كقوله تعالى : } وَالذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ التِي حَرَّمَ اللهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً { [الفرقان:70] .
والمسلم لا بد أن يستغفر الله استغفارا عاما وخاصا ، وهذه طبيعة البشر التي خلقوا عليها ؛ الخطأ وطلب المغفرة ، روى الترمذي وحسنه الألباني من حديث أَنَسٍ أَنَّ النَّبِي قَالَ : ( كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ ) (16) ، وعند مسلم من حديث أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ رضى الله عنه أن رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه و سلم قَالَ : ( لَوْ أَنَّكُمْ لَمْ تَكُنْ لَكُمْ ذُنُوبٌ يَغْفِرُهَا اللهُ لَكُمْ لَجَاءَ اللهُ بِقَوْمٍ لَهُمْ ذُنُوبٌ يَغْفِرُهَا لَهُمْ ) (17).
الودود :
الودود في اللغة من صيغ المبالغة ، والودُّ مصدر المودَّة ، فعله وَدَّ الشيءَ وُدّاً ووِدّاً ووَدَّاً ، والود بمعنى الأمنية ومنه قوله تعالى : } يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ { [البقرة:96] ، والودُّ أيضا بمعنى المحبة كما في قوله : } لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ { [المجادلة:22] ، والودود في اللغة أيضا قد يأتي على معنى المعية والمرافقة والمصاحبة كلازم من لوازم المحبة ، كما ورد عند مسلم من حديث عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضى الله عنه : ( أَنَّ رَجُلا مِنَ الأَعْرَابِ لَقِيَهُ بِطَرِيقِ مَكَّةَ ، فَسَلمَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللهِ وَحَمَلَهُ عَلَى حِمَارٍ كَانَ يَرْكَبُهُ وَأَعْطَاهُ عِمَامَةً كَانَتْ عَلَى رَأْسِهِ ، فَقَالَ ابْنُ دِينَارٍ لَهُ : أَصْلَحَكَ اللهُ إِنَّهُمُ الأَعْرَابُ وَإِنَّهُمْ يَرْضَوْنَ بِالْيَسِيرِ ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ : إِنَّ أَبَا هَذَا كَانَ وُدًّا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه و سلم يَقُولُ : إِنَّ أَبَرَّ الْبِرِّ صِلَةُ الْوَلَدِ أَهْلَ وُدِّ أَبِيهِ ) (18) .
والودود سبحانه هو المحب لرسله وأوليائه المتودد إليهم بالمغفرة والرحمة ، فيرضى عنهم ويتقبل أعمالهم ويوددهم إلى خلقه بأن يحبهم ويحببهم إلى عباده ، كما قال تعالى : } إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً { [مريم:96] ، وعند البخاري من حديث أبي هريرة رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَبْدَ نَادَى جِبْرِيلَ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلاَنًا فَأَحْبِبْهُ ، فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ ، فَيُنَادِي جِبْرِيلُ في أَهْلِ السَّمَاءِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلاَنًا فَأَحِبُّوهُ فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ ، ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ في الأَرْضِ ) (19)، قال ابن عباس رضى الله عنه : ( الودود الحبيب المجيد الكريم )(20) .
والله عز وجل ودود يؤيد رسله وعباده الصالحين بمعيته الخاصة ، فلا يخيب رجاءهم ولا يرد دعاءهم وهو عند حسن ظنهم به ، وهو الودود لعامة خلقه بواسع كرمه وسابغ نعمه ، يرزقهم ويؤخر العقاب عنهم لعلهم يرجعون إليه (21) .
قال ابن القيم : ( وأما الودود ففيه قولان : أحدهما أنه بمعنى فاعل وهو الذي يحب أنبياءه ورسله وأولياءه وعباده المؤمنين ، والثاني أنه بمعنى مودود وهو المحبوب الذي يستحق أن يحب الحب كله ، وأن يكون أحب إلى العبد من سمعه وبصره وجميع محبوباته ) (22).
الولي :
الولي في اللغة من صيغ المبالغة من اسم الفاعل الوالي ، فعله وَلِيَ يَلِي وَلْيا وولاءً وَوِلايةً ، والولي هو الذي يلي غيره بحيث يكون قريبا منه بلا فاصل ، ويكون ذلك في المكان أو النسب أو النسبة ، ويطلق الولي أيضا على الوالد والناصر والحاكم والسيد (23) ، والولاية تولي الأمر كقوله تعالى : } فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ { [البقرة:282] وعند مسلم من حديث أبي هريرة رضى الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم قال : ( إِذَا صَنَعَ لأَحَدِكُمْ خَادِمُهُ طَعَامَهُ ثُمَّ جَاءَهُ بِهِ وَقَدْ وَلِيَ حَرَّهُ وَدُخَانَهُ فَلْيُقْعِدْهُ مَعَهُ فَلْيَأْكُلْ ) (24) .
والولي سبحانه هو المُتَوَلي لأُمُور خلقه ، القَائِم بأمره على تدبير ملكه ، يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه كما قال سبحانه } وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الأَرْضِ إِلا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءوفٌ رَحِيمٌ { [الحج:65] ، وقال : } أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ { [الرعد:33] ، وولاية الله لعباده على وجهين :
الوجه الأول : الولاية العامة وهي ولاية الله لشئون عباده ، وتكفله بأرزاقهم وتدبيره لأحوالهم ، وتمكينهم من الفعل والاستطاعة ، وذلك بتيسير الأسباب ونتائجها وترتيب المعلولات على عللها ، وتلك هي الولاية العامة التي تقتضي العناية والتدبير ، وتصريف الأمور وتدبير المقادير ، فالله عز وجل من فوق عرشه قريب من عباده كما قال سبحانه : } وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيد ِ{ [قّ:16] .
الوجه الثاني : ولاية الله للمؤمنين وهي ولاية حفظ وتدبير سواء كان تدبيرا كونيا أو شرعيا فإن الإرادة الكونية والشرعية عند السلف تجتمعان في المؤمن وتفترقان في الكافر حيث تتوافق إرادة المؤمن مع الإرادة الشرعية والكونية معا ، والكافر يخالف الشرعية ويوافق الكونية حتما (25) ، فالولاية الخاصة ولاية حفظ وعصمة ومحبة ونصرة سواء كان في تدبير الله الكوني أو الشرعي كما قال الله عز وجل : } اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ { [البقرة:257] ، وشرط هذه الولاية الإيمان وتحقيق الإخلاص والمتابعة ، قال تعالى : } أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ { [يونس:63] ، وعند البخاري من حديث أبي هريرة رضى الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم قال : ( إن اللَّه قال من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب .. الحديث ) (26) ، فولاية الله لعباده المؤمنين مقرونة بولايتهم لربهم ، فولايتهم ولاية حفظ لحدوده والتزام بتوحيده ، قال تعالى : } قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيّاً فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ { [الأنعام:14].
الله جل جلاله الحَميدُ :
اسم الله الحميد ورد في القرآن على سبيل الإطلاق مرادا به العلمية ودالا على الوصفية في كثير من النصوص القرآنية ، وقد ورد مفردا ومقترنا باسم الله العزيز والغني والولي والمجيد والحكيم ، ومن ذلك قوله تعالى : ( وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ ) [الحج:24] ، وقوله : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ) [فاطر:15] ، وقوله : ( وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ ) [الشورى:28] ، واقترن بالمجيد في قوله : ( قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيد ٌ{ [هود:73] واقترن بالحكيم في قوله تعالى : ( لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ) [فصلت:42] .
وعند البخاري عن كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ رضي الله عنه أنه قَالَ : ( سَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، كَيْفَ الصَّلاَةُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ عَلَّمَنَا كَيْفَ نُسَلِّمُ ؟ قَالَ : قُولُوا : اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ )(1) .
الله جل جلاله الحَفيظُ :
ورد في قوله تعالى : ( وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ ) [سبأ:21]، وفي قوله تعالى عن هود عليه السلام : ( فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّونَهُ شَيْئاً إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ ) [هود:57] ، وقد تقدم في شروط الإحصاء أن الاسم المقترن بالعلو والفوقية يزيد الإطلاق كمالا على كمال ، فالله من فوق عرشه حفيظ له مطلق الكمال في الوصف ، فإذا انضم إلى ذلك اجتماع معاني العلو ظهر في الإطلاق جمال الكمال ، وقد ورد الاسم مقيدا في قوله تعالى : ( وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ ) [الشورى:6] ، ولم يرد الاسم في السنة إلا في حديث سرد الأسماء عند الترمذي وليس بحجة كما تقدم .
الله جل جلاله المَجيدُ :
المجيد اسم من أسماء الله الحسنى ورد في القرآن والسنة على سبيل الإطلاق مرادا به العلمية ودالا على الوصفية وكمالها ، قال تعالى : ( قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ البَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ) [هود:73] ، وقال : ( ذُو العَرْشِ المَجِيدُ ) [البروج:15] ، قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر وعاصم ذو العرش المجيدُ رفعا وهذه القراءة دليل على أن المجيد اسم ، وقرأ حمزة والكسائي ذو العرش المجيدِ خفضا (2) .
وعند البخاري من حديث أبي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُ رضي الله عنه : ( أَنَّهُمْ قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ نُصَلِّى عَلَيْكَ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : قُولُوا : اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ )(3) .
الله جل جلاله الفَتَّاحُ :
سمى الله نفسه الفتاح على سبيل الإطلاق مرادا به العلمية ودالا على الوصفية وقد ورد المعنى محمولا عليه مسندا إليه في نص واحد من النصوص القرآنية وهو قوله تعالى : ( قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيم ُ{ [سبأ :26] ، وهذه الآية ورد فيها الاسم والوصف معا ، ولم يرد الاسم في السنة إلا في حديث سرد الأسماء عند الترمذي وليس بحجة .
الله جل جلاله الشَّهيدُ :
ورد الاسم في كثير من النصوص القرآنية مقرونا بالعلو والفوقية كما في قول الله تعالى : ( قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلا عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) [سبأ:47] ، وقوله : ( أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) [فصلت:53] وقد ورد مقيدا في آيات كثيرة كما في قوله : ( لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً ) [النساء:166] .
وعند البخاري ومسلم من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه مرفوعا : ( .. فَأَقُولُ كَمَا قَالَ العَبْدُ الصَّالِحُ : ( وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شيء شَهِيدٌ إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ العَزِيزُ الحَكِيم ُ{ قَالَ : فَيُقَالُ لِي إِنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ )
الحميد :
الحميد في اللغة صيغة مبالغه على وزن فعيل بمعنى اسم المفعول وهو المحمود ، فعله حمد يحمد حمدا ، والحمد نقيض الذم بمعنى الشكر والثناء وهو المكافأة على العمل والحمد والشكر مُتَقاربان لكن الحمد أعَمُّ من الشكر , لأنّك تحمَد الإنسان على صِفاته الذَّاتِّية وعلى عطائه ولا تَشْكُره على صِفاته (1) .
قال الراغب : ( الحمد أخص من المدح وأعم من الشكر ، فإن المدح يقال فيما يكون من الإنسان باختياره ، ومما يقال منه وفيه بالتسخير ، فقد يمدح الإنسان بطول قامته وصباحة وجهه ، كما يمدح ببذل ماله وسخائه وعلمه ، والحمد يكون في الثاني دون الأول ، والشكر لا يقال إلا في مقابلة نعمة ، فكل شكر حمد ، وليس كل حمد شكرا ، وكل حمد مدح وليس كل مدح حمدا ، ويقال فلان محمود إذا حمد ، ومحمد إذا كثرت خصاله المحمودة ) (2) .
والتحميد كثرة حمد اللَّه سبحانه بالمحامد الحسنة ، والمحمود المشهور بفعل الخير للغير ، ومنه ما ورد عند النسائي وصححه الشيخ الألباني من حديث جَابِرٍ رضى الله عنه أن رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه و سلم قَالَ : ( مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ وَالصَّلاَةِ الْقَائِمَةِ آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ وَابْعَثْهُ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ الَّذِي وَعَدْتَهُ إِلاَّ حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) (3) ، ومعنى ابْعَثْه المقَام المحمود الذي وَعَدْتَه أي الذي يَحمْدَه فيه جميع الخلق لتعْجيل الحساب والإراحة من طُول الوقوف (4) .
والحميد سبحانه هو المستحق للحمد والثناء ، حمد نفسه فقال : } الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ { [الفاتحة:2] ، وقال : } الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ { [الأنعام:1] ، وقال : } قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ { [النمل:59] ، فهو سبحانه المحمود على ما خلق وشرع ، ووهب ونزع ، وضر ونفع ، وأعطى ومنع ، وعلا بذاته وشأنه فارتفع وأمسك السماء عن الأرض أن تقع ، وفرش الأرض فانبسط سهلها واتسع ، حمد نفسه وحمده الموحدون فله الحمد كله ، قال ابن قيم الجوزية : ( فصل في إثبات الحمد كله لله رب العالمين .. فإنه المحمود على ما خلقه وأمر به ونهى عنه ، فهو المحمود على طاعات العباد ومعاصيهم وإيمانهم وكفرهم ، وهو المحمود على خلق الأبرار والفجار والملائكة وعلى خلق الرسل وأعدائهم ، وهو المحمود على عدله في أعدائه كما هو المحمود على فضله وإنعامه على أوليائه ، فكل ذرة من ذرات الكون شاهدة بحمده ، ولهذا سبح بحمده السموات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ) (5).
وروى البخاري من حديث عبد الله بن عباس رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم كان إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يَتَهَجَّدُ قَالَ : ( اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ وَلَكَ الْحَمْدُ ، لَكَ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ الْحَقُّ ، وَوَعْدُكَ الْحَقُّ ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ ، وَقَوْلُكَ حَقٌّ ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ ، وَالنَّارُ حَقٌّ وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ ، وَمُحَمَّدٌ صلى الله عليه و سلم حَقٌّ ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ .. الحديث ) (6).
وكذلك فإن الله عز وجل هو الحميد الذي يحمده عباده الموحدون لأنهم يعلمون أن الله خلق الدنيا للابتلاء وخلق الآخرة للجزاء ، فهم يحمدونه على السراء والضراء ويوحدونه في العبادة والاستعانة والدعاء ، حتى يكرمهم بجنته عند اللقاء ، فإن ابتلاهم صبروا ، وإن أنعم عليهم شكروا ، ولذلك قال تعالى في وصفهم : } وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ { [الأعراف:43] ، وقال أيضا : } وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ { [فاطر:34] (7) .
قال ابن القيم في نونيته :
وهو الحميد فكل حمد واقع : أو كان مفروضا مدى الأزمان
ملأ الوجود جمعيه ونظيره : من غير ما عد ولا حسبان
هو أهله سبحانه وبحمده : كل المحامد وصف ذي الاحسان ( .
مواضيع مماثلة
» معانى الأسماء الحسنى 6
» معانى الأسماء الحسنى 8
» معانى الأسماء الحسنى 9
» معانى الأسماء الحسنى 10
» معانى الأسماء الحسنى 11
» معانى الأسماء الحسنى 8
» معانى الأسماء الحسنى 9
» معانى الأسماء الحسنى 10
» معانى الأسماء الحسنى 11
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة 21 يونيو 2024, 12:25 am من طرف Admin
» هل الانجيل محرف
الأربعاء 19 يونيو 2024, 2:34 pm من طرف Admin
» شبهات النصاري زواج ام المؤمنين عائشه،
الإثنين 17 يونيو 2024, 10:30 am من طرف Admin
» الفرق بين السنه والفقه
السبت 11 مايو 2024, 11:23 pm من طرف Admin
» كيف عرفت انه نبي..
الجمعة 26 أبريل 2024, 5:40 am من طرف Admin
» موضوع هل يدخل الجنه غير المسلمين،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:48 am من طرف Admin
» التدرج في التشريع
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:43 am من طرف Admin
» كتب عليكم الصيام،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:41 am من طرف Admin
» اقوال العلماء في تفسير ايه الحجاب،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:40 am من طرف Admin