بحـث
الشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المواضيع الأخيرة
نوفمبر 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | |||||
3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 |
10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 |
17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 |
24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
الحمدلله على نعمة الاسلام
ايها الاخوه الدعاه الى الله وكذا جميع الزائرين والزائرات مرحبا بكم واهلا نتمنى من الله ان نكون عند حسن ظنكم جميا والله الموفق الى الخير وهو حسبنا ونعم الوكيلالشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 35 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 35 زائر لا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 76 بتاريخ الأربعاء 30 أكتوبر 2024, 11:01 pm
مفهوم التضحية
صفحة 1 من اصل 1
مفهوم التضحية
مفهوم التضحية
خطبة عيد الأضحى لفضيلة الشيخ فوزي محمد ابوزيد
الله أكبر "تسع مرات" ولله الحمد.
الله أكبر ما لبى المؤمنون لله مرات ومرات، الله أكبر ما وقف الحجيج على جبل عرفات، الله أكبر ما لبوا الله العظيم سبحانه بالتسبيح والدعوات، الله أكبر ما أحاطت بهم ملائكة الأرض والسموات، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر ما تجلى إليهم الكريم عز وجل بالبركات والنفحات، الله أكبر ما فتح لهم أبواب القبول للعبادات والصلوات، الله أكبر ما تنزل لهم بالرحمات، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
الله أكبر كبيراً والحمد لله كثيراً وسبحان الله بكرة وأصيلاً لا إله إلا الله وحده صدق وعده ونصر عبده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
الحمد لله ربِّ العالمين الذي مد في أعمارنا أجمعين حتى شهدنا بالأمس أعظم يوم في الدنيا فإن يوم عرفة أعظم أيام الدنيا كلها وهو اليوم الذي نزل فيه تمام الخير للأمة والدين
الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا (3) المائدة
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له خلق الزمان والمكان وهو عز شأنه منفرد بالربوبية ومتوحد بالألوهية قبل خلق كل زمان ومكان، وأشهد أن سيدنا محمداً عبد الله ورسوله أظهر الله به تعاليم الدين الحنيف وأسس به مناسك الحج على منهج إبراهيم خليل الرحمن وبين المناسك قائلاً لهم ولمن بعدهم إلى يوم الدين {خُذُوا عَني مَنَاسِكَكُمْ}.
اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وأهدنا بهداه وارزقنا جميعاً رضاه واجعلنا جميعاً تحت لواء شفاعته يوم الدين يا الله.
أما بعد.. فيا أيها الأخوة المؤمنون.. كان من فضل الله عز وجل علينا أجمعين هذا اليوم المبارك يوم عرفة. وقد ورد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في شأنه: { إذا كان يوم عرفة نزل الله عز وجل إلى السماء الدنيا ونظر إلى خلقه فغفر لهم جميعاً. فقالوا: يا رسول الله أهذا لنا خاصة فقال صلى الله عليه وسلم: بل هذا لكم وللناس من بعدي }.(رواه مسلم والبخاري وابن ماجة عن عائشة )
فمن وقف على عرفات غفر الله له الذنوب والزلات واستجاب له الدعوات وأحاطه بالرحمات ومن صام هذا اليوم وهو هنا غفر الله عز وجل له ذنوب سنتين سنة ماضية وسنة آتية. أما من أكرمه الله عز وجل فذبح أضحية فإن الله عز وجل يجعله كالواقف على عرفات في المغفرة والستر فإن الله يغفر له كل ذنب فعله عند أول قطرة تنزل من دمها ولذا فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لابنته السيدة فاطمة: { يَا فَاطِمَةُ قُومِي فَاشْهَدِي أُضْحِيَتَكِ، فَإنَّ لَكِ بِأَوَّلِ قَطْرَةٍ تَقْطُرُ مِنْ دَمِهَا مَغْفِرَةً لِكُلِّ ذَنْبٍ }(رواه والبزار وابن حبان في كتاب الأضاحي) فهو يوم المغفرة لنا وللمسلمين أجمعين نحمد الله على عطاياه ونشكره على نعمه وجدواه ونسأله عز وجل المزيد من جوده وكرمه ونفحات رياه حتى يتوفانا مسلمين ويلحقنا بالصالحين.
إخوة الإيمان والإسلام إن هذا اليوم الكريم جعله الله عز وجل عبرة لكل مسلم وقدوة لكل مؤمن ونبراساًَ لكل محسن فإن بعض المؤمنين ينتابهم الشك إذا تواردت عليهم بعض كوارث الزمن أو بعض نكبات الدنيا وربما يتقزز من ذلك !! وربما يعلن السخط والتمرد على ذلك فيرفع شكواه !! وربما وهذا هو الأشر يشكو إلى الملأ مولاه عز وجل فيقول: لم يصنع الله بي كذا وأنا مسلم أصلي وأصوم لله؟ ولم يبتليني الله بكذا وأنا موحد ومؤمن بالله؟!!
ألا يعلم أن ذلك كله سنة الله على أنبيائه ورسله يبتليهم ليرفع درجاتهم وليعلي شأنهم عنده عز وجل فكلنا أعلنا الإسلام وكلنا أعلنا الإيمان ولابد لذلك من دليل وبرهان يراه ويطلع عليه الرحمن عز وجل ومن هنا جاءت حكمة الابتلاء فلو كان الابتلاء سخطاً وغضباً من الله كما تصور بعض المسلمين لما ابتلى الله عز وجل رسله وأنبيائه أجمعين لكنه كما قال في شأنه سيد الأولين والآخرين صلى الله عليه وسلم: {عن مُصْعَبِ بنِ سعد عن أبيه، قالَ : يا رسولَ اللَّهِ، مَنْ أشدُّ الناسِ بَلاءً؟ قالَ: الأنبياءُ، ثم الأَمْثَلُ فالأمثلُ } (الحاكم في المستدرك وابن حبان في صحيحه )
ومن هنا كانت قصة الابتلاء لإبراهيم عليه السلام لزيادة الإيمان وقوة الإسلام لعباد الرحمن عز وجل. فانظروا معي إلى خليل الله عندما كان وحيداً في بلاد العراق وليس هناك مؤمن معه إلا ابن أخيه لوط و سارة عليهم سلام الله أجمعين والكل جاحد ومشرك بأنعم الله ويعبدون الأصنام وفي ليلة العيد يتوجهون إليها بالعبادة فأخذ فأسه وكسرها جميعاً ثم وضع الفأس على كبيرها فلما ذهبوا في صبيحة العيد إلى الأصنام وجدوها كلها منكسة على رؤوسها وقد تهدمت أجزاؤها فقالوا: من فعل هذا بإلهتنا؟ لا يوجد إلا إبراهيم وجاءوا به وسألوه ولكن الله عز وجل جعل له من عنده مخرجاً فقصة إبراهيم تتلخص في قول مولانا العظيم " وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ " (2- 3الطلاق) ...
من يتق الله لو ضاقت به الحياة أو أحاط به جميع خلق الله يكيدون له كيداً فإن الله ينجيه بفضله من بينهم ويكشف عنه كل ضرر ينجيه من كل ضيق لأن الله تولى بعنايته ورحمته كل من يتقيه من خلقه وبريته.
فجمعوا قومهم أجمعين وعلى رأسهم النمروذ ملكهم وقال له زعمائهم جميعاً: من فعل هذا بآلهتنا؟ أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم؟ فرد عليهم وقال: بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون ويقصد بقوله إصبعه الأكبر الذي أشار به إلى الأصنام وظنوا أنه يقصد الصنم الأكبر - فلم يكذب صلى الله عليه وسلم - وإنما استخدم المعاريض التي يقول فيها صلى الله عليه وسلم :
{ إِنَّ فِي الْمَعَارِيضِ لَمَنْدُوحَةً } ( رواه البيهقي في سننه والطبراني وابن السني عن عمران بن حصين) يعني مخرج من كل ضيق فقال لهم إنما فعله كبيرهم وهو يشير بيده إلى الأصنام ويقصد أصبعه الكبير فلا يكذب في قوله، وهم قد فهموا أنه يعنى كبير الأصنام الذي علق الفأس على كتفه!!
وهم طبعا يعلمون أن الأصنام لا تحرك ساكناً فعلما أن إبراهيم قد فعلها .. فما كان منهم إلا أن جمعوا الحطب وأخذوا في جمعه مدة ستة أشهر وبعد تلك المدة أضرموا فيه النار لإلقائه فيها بشدة وهجها وقد كانت تحرق كل من يقرب منها لشدة لهيبها وسعيرها فنزل إبليس اللعين ودلهم على صنع المنجانيق وهو صورة مصغرة من المدفع بلغة عصرنا فجعلوا خشبتين على أعلى جبل وبينهما خشبة متحركة وأجلسوه عليها بعد أن قيدوه بالحبال ثم حركوه عدة مرات وفي النهاية قذفوا به في هذه النار.
ماذا كان المخرج؟ عندما كان في أعلى السماء وسينزل لا محالة في النار ضجت الأرض والسماوات وملائكة الأرض وملائكة السماوات وقالوا: إلهنا وسيدنا خليلك يحرق بالنار وليس في الأرض من يعبدك سواه! فقال الله عز وجل: هو خليلي وأنا أعلم به هل استغاث بكم؟ أو طلب النجدة منكم؟ إن كان قد استغاث بكم فأغيثوه أو طلب النجدة منكم فأنقذوه فلما اشتد طلبهم واستغاثتهم لله !! أمر جبريل عليه السلام أن ينزل عليه فنزل عليه وهو محلق في السماء وقال له: ألك حاجة؟ فقال عليه السلام أما إليك فلا. قال: فلله عز وجل؟ قال: علمه بحالي يغني عن سؤالي. فنزل في النار ففوجئ الملائكة الأطهار بأن الله عز وجل يقول لها: " يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ " (69الأنبياء)، فلم تحرق النار منه إلا حباله التي أوثقوه وقيدوه بها ثم وجدوا بجواره عين ماء نبعت من جوف النار يشرب منها ويتوضأ منها وشجرة بجواره يستظل بها ويأكل من ثمارها وجلس يعبد الله في خلوة مع هؤلاء لمدة شهرين كاملين هما المدة التي لبثتا النار مشتعلة حتى أطفئت بأمر الواحد القهار عز وجل وهذا أول دليل جعله الله عز وجل لكل مؤمن وثق في الله وتوكل على مولاه ولم يفوض أمره إلا إلى الله عز وجل.
فهذا رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هو سيدنا أبو إدريس الخولاني أرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الأسود العنسي رجل أدعى النبوة وزعم أنه ينزل عليه القرآن في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذهب إليه فقال له بعد أن سمعه أتؤمن أني نبي الله؟ قال: لا أسمع. قال: أتؤمن أن محمداً رسول الله؟ قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله. فكررها عليه عدة مرات وكلما قال له أتؤمن بي؟ قال: لا أسمع. فإذا قال له أتؤمن بمحمد رسول الله كرر الشهادتين. فجمع له الحطب وألقوه في النار ولكنه بفضل الله حدث له ما حدث مع إبراهيم الخليل فقد خرج من النار ولم تضره بشيء ولم تحرق إلا حباله حتى ثيابه لم تحرقها النار فقال له قومه - قوم الأسود له - : إن أبقيت هذا الرجل بين ظهرانينا فتن به قومك فأخرجه من هنا فخرج إلى المدينة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد لحق بالرفيق الأعلى لكنه كان قد أنبأ أصحابه بذلك فخرج سيدنا أبو بكر وسيدنا عمر لاستقباله وأحاطوا به واعتنقوه.
وقال سيدنا عمر رضي الله عنه: { الحمد لله الذي أحياني حتى شهدت شبيه الخليل إبراهيم عليه السلام في أمة محمد صلى الله عليه وسلم } فكل مؤمن يذكر الله ويتوكل على مولاه فله نصيب وافر من معونة الله وتوفيق الله في كل أمر ينتابه في هذه الحياة لأن الله قال في كتابه عز شأنه:
" وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ " (2- 3الطلاق) . أي كافيه ... يكفيه كل هم وكل عناء وكل بلاء وكان بعد ذلك هذا الأمر مع كل بلاء.
فإن الله عز وجل ابتلاه بعدم الإنجاب وهو خليل الله وصفي الله حتى وصل سن الثمانين وهنا هيأ الله له الإنجاب من السيدة هاجر عليها السلام فأنجبت منه سيدنا إسماعيل فابتلاه الله عز وجل وأمره أن يأخذ هاجر وابنها إلى المكان الذي هيأه الله ليبني فيه بيتاً لله.
وهنا أوصى إخواني جميعاً بألا يستمعوا إلى الروايات اليهودية والإسرائيلية في هذه القصة فقد قيل في ذلك ولا نزال نسمع ذلك أن السيدة سارة عليها السلام غارت من هاجر لما ولدت إسماعيل فقطعت أذنها وأمرته أن يأخذها وابنها ويلقيها في الصحراء. كيف ذلك؟ وقد بشرها الله على لسان ملائكة الله بأنها ستلد اسحق وإنها ستعيش حتى تشاهد من اسحق ويعقوب " فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَاء إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ " (71هود)، وهي صديقة لله عز وجل وقد أجرى الله على أيديها المعجزات عندما دخلت مصر مع إبراهيم وأخذوها إلى قصر الملك وكانت بارعة الجمال، وكلما أراد أن يمد يده إليها شلت يده في الحال، فيستعطفها ويعدها ألا يعود إلى مسِّها فتدعو له الله فيفك الله عز وجل يده في الحال فإذا هم بمسها شلت يده مرة ثانية وكرر هذا الأمر ثلاث مرات حتى قال فرعون: إنها شيطانه أخرجوها من أمامي وأعطوها كذا وكذا من الجواري، وكذا وكذا من الأغنام، وكذا وكذا من المال، ومن جملة ما أعطاها كانت السيدة هاجر أم إسماعيل عليه السلام .
كيف لهذه المرأة التقية النقية أن تغار من زوجة زوجها وهي التي زوجتها وإنما الأمر كما قال الله على لسان خليل الله عندما أخذ ابنه وولده ووضعه في هذه الصحراء ولم يكن فيها ماء ولا زرع ولا ضرع ماذا قال في الدعاء؟ " رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ " (37إبراهيم)، ولم يكن هناك في هذا الوقت بيت لكنه يعلم علم اليقين أن إسماعيل هو الذي سيعاونه في بناء البيت.
وقد قالت السيدة هاجر: لمن تتركنا ها هنا يا إبراهيم؟ فسكت. قالت: أالله أمرك بهذا؟ قال: نعم. قالت: إذاً لن يضيعنا. إذاً هناك أمر من الله يتم تنفيذه على يد خليل الله إبراهيم وابنه وهو بناء بيت الله ودعوة الخلائق أجمعين للحج إلى بيت الله عز وجل إذا كان إبراهيم عندما أخذ إسماعيل إلى البيت ينفذ أمر الله وكان الله عز وجل هو الذي أمره ولذلك تولاه فكان هذا الغلام الرضيع يرقد على الأرض ولما نفد ما كان معه من الماء والزاد وأخذت تذهب مرات إلى الصفا مرة وتصعد وتتطلع هل من قادم .. وكذا على المروة مرة ... فإذا بها تجد طيوراً بجوار ابنها فذهبت إليهم مسرعة خائفة عليه !! فوجدت الماء قد نبع من تحت قدميه ... فأخذت تضم الماء ... وتقول زمي زمي ... لأن هذا الماء كان واسعاً وخافت أن يخرج منه طوفان يغرق المنطقة كلها، ولذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :{ يَرْحَمُ الله أُمَّ إِسْمَاعِيـلَ لَوْلاَ أَنَّهَا عَجِلَتْ لَكَانَتْ زَمْزَمُ عَيْناً مَعِيناً } (احمد في مسنده والبخاري في صحيحه عن ابن عباس)
فأمرهم الله عز وجل بالسكن هناك وأرسل لهم الساكنين وهيأ لهم سبيلهم لأنهم ذهبوا طاعة لأمر الله وتنفيذاً لمشيئة الله، قال صلى الله عليه وسلم: { إِذا أَحَبَّ اللَّهُ عَبْداً ابْتَلاَهُ، وَإِذَا أَحَبَّهُ الْحُبَّ الْبَالِغَ اقْتَنَاهُ } (رواه الطبراني في الكبير عن أبي عتبة الخولاني).... أو كما قال ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة.
الخطبة الثانية:
الله أكبر "سبع مرات" ولله الحمد، الحمد لله ربِّ العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأولين والآخرين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن سيدنا محمداً عبد الله ورسوله.
أما بعد.. فيا أيها الأخوة المؤمنون.. كانت في هذا اليوم المبارك الميمون قصة الفداء فإسماعيل عندما بلغ أشده أمر الله عز وجل إبراهيم خليل الرحمن أن يذبحه فأخذ بيد ابنه وقال له يا بني إني أرى في المنام إني أذبحك فانظر ماذا ترى؟ فما كان من هذا الابن الذي ملأ الله قلبه بالإيمان إلا أن قال له " يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ " (102الصافات) . فقال له: لا تعلم أمي بهذا النبأ ونتوجه سوياً إلى حيث منى.
فقال له: يا أبت أوثقني بالحبال جيداً حتى لا تأخذني نفسي فأتحرك وألقني على وجهي حتى لا تنظر إلي فتأخذك رأفة في تنفيذ أمر الله واشحذ السكين حتى يقطع بسرعة " فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا "(103- 105الصافات)، ثم جعل الله هذا الأمر لجميع المؤمنين إلى يوم الدين فقال عزَّ شأنه " إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ " (105الصافات)، فكل محسن كريم له أسوة بـ إبراهيم خليل الله ففداه الله عز وجل بذبح عظيم.
ومن هنا جعل لنا نبينا صلى الله عليه وسلم هذا النسك، وجعل فيه صلى الله عليه وسلم للمسلم فضائل كثيرة فإذا ذبحه المؤمن على هدى شريعة الله بعد صلاة العيد والخطبة لقوله صلى الله عليه وسلم { إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ بِهِ فـي يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّـيَ ثم نَرْجِعَ فَنَنْـحَرَ، فَمَنْ فَعَلَ ذلكَ فقد أصابَ سُنَّتَنَا } (رواه البخاري في صحيحه وابن حبان والنسائي والبيهقي عن البراء بن عازب.)
أى " فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ " (2الكوثر).. فإذا كان الذبح بعد الصلاة ، وكانت من الإبل أو البقر يشترك فيه عدد لا يزيد عن سبعة، والخروف أو الماعز عن رجل واحد، وشرطها أن يكون قد مرَّ عليها زمن استسمن فيه لحمها وليس فيها عيب من العيوب التي تعيب الأضحية وتجعل هذه الهدية غير مقبولة عند رب العالمين عز وجل، فلا يقبل الله الجرباء ولا العوراء ولا العمياء ولا المريضة ولا الهزيلة وإنما يقبل السليمة الصحيحة غفر الله عز وجل لصاحب هذه الهدية فإذا أشرك أهله معه كما قال صلى الله عليه وسلم في أضحيته { اللهم هذه عن محمد وعن آل محمد } غفر الله لأهله جميعاً معه وأهله هنا هم زوجه وولده الذي لم يتزوج.
أما الذي تزوج فأصبح له بيتاً لوحده فيجب أن يفعل هذا الصنيع عن نفسه لأن هذا دين الله وشرع الله عز وجل ثم ماذا بعد ذلك؟ يزيد فضل الله في قول حبيب الله ومصطفاه عندما سأله أصحابه بعدما ذبحوا ما هذه الأضاحي؟ قال صلى الله عليه وسلم: (سنة أبيكم إبراهيم عليه السلام فقالوا: يا رسول الله ما لنا فيها؟ قال صلى الله عليه وسلم: { إِنَّهَا لَتَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقُرُونِهَا وَأَشْعَارِهَا وَأَظْلاَفِهَا، وَإِنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنَ اللَّهِ بِمَكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ عَلَى الأَرْضِ، فَطِيبُوا بِهَا نَفْساً }.( الترمذي وابن ماجة والحاكم عن عائشةَ رضَي اللَّهُ عنهَا
ثم زاد هذا الفضل فجعلها المطايا التي نركبها على الصراط يوم الدين هذا الصراط الذي يمر على جسور جهنم ونمر عليه أجمعون وهذا ما قال في شأنه صلى الله عليه وسلم: { اسْتَفْرِهُوا ضَحَايَاكُمْ فَإنَّهَا مَطَايَاكُمْ عَلَى الصرَاطِ} (رواه السيوطي في الكبير والديلمي عن أبي هريرة ). ومن هنا فقد أوجبها نبينا صلى الله عليه وسلم على الموسر والواجد سعة وقال محذراً لهم { مَنْ وَجَدَ سَعَةً لأَنْ يُضَحيَ فَلَمْ يُضَح فَلاَ يَحْضُرْ مُصَلاَّنَا } (رواه ابن ماجة في سننه وأحمد والحاكم عن أبي هريرة) تحذيراً لهم من ترك هذه السنة.
أما الفقير فلم يكلفه الله عز وجل ولكن علينا أن نعمل بقول الرجل الصالح ابن عطاء الله السكندري رضي الله عنه حيث يقول: { إذا علمت شيئاً من البر فاعمل به ولو مرة واحدة تكتب من أهله} فعلى المسلم أن يضحي ولو مرة في حياته كلها لكي يكون له برهان على إتباعه لسيدنا إبراهيم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم السلام.
ثم بعد ذلك فعلينا في هذا اليوم وبقية أيام العيد حتى عصر اليوم الرابع أن نكبر لله عقب كل صلاة سواء صلينا في جماعة أو صلينا فرادى فمن حضر الجماعة كبر معها فإن لم يلحق الجماعة لتأخره في دخولها كبر بعد انتهاء الصلاة.
ومن فاتته الجماعة وصلى بمفرده عليه ... أن يكبر الله بصوت مسموع لا يكبر في سره، فإن الذي يكبر في سره ويسمع نفسه ولا يسمع من حوله إنما هن النساء، وعلينا أن نأمر النساء أن يكبرن في بيوتهن عقب كل صلاة سواءً فريضة أو نافلة، فمن صلى ركعتي الضحى كبر بعدهما لله، ومن صلى قيام الليل كبر بعدها لله، وإن كانت هناك صلاة جنازة كبرنا بعدها لله، لأن صلاة النافلة نكبر بعدها، وهذا مذهب إمامنا الشافعي رضي الله عنه، أما الإمام أبو حنيفة فقد أوجب التكبير بعد الفرائض ولم يوجبه بعد النوافل والسنن، قال صلى الله عليه وسلم :
{ زَيِّنُوا أَعْيَادَكُمْ بالتَّكْبِيرِ } (الطبراني في الصغير والأوسط والسيوطي في الكبير عن أبي هريرة
وعلينا بعد ذلك أن نتجنب ما يفعله البعض من الجلوس في البيت لتجديد الأحزان وتلقي العزاء لأن هذا ليس من دين الله في شيء ولأن هذا يوم عيد ويوم فرح نفرح فيه الفقراء والمساكين ونفرح فيه الأطفال لقوله صلى الله عليه وسلم: { للجنة باب يقال له: الفرح، لا يدخل منه إلاَّ مفرح الصبيان }(الفردوس عن ابن عباس رضَي اللَّهُ عنهَما)، ثم بعد ذلك نصل فيه أرحامنا ونود فيه إخواننا ونجعل هذا الأمر وهو المودة والصلة عبادة هذا اليوم فأعظم أعمالنا هي إدخال البر والسرور على المسلم وصلة الأرحام وتواصل الأنام .... << ثم الدعاء >>.
خطبة عيد الأضحى لفضيلة الشيخ فوزي محمد ابوزيد
الله أكبر "تسع مرات" ولله الحمد.
الله أكبر ما لبى المؤمنون لله مرات ومرات، الله أكبر ما وقف الحجيج على جبل عرفات، الله أكبر ما لبوا الله العظيم سبحانه بالتسبيح والدعوات، الله أكبر ما أحاطت بهم ملائكة الأرض والسموات، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر ما تجلى إليهم الكريم عز وجل بالبركات والنفحات، الله أكبر ما فتح لهم أبواب القبول للعبادات والصلوات، الله أكبر ما تنزل لهم بالرحمات، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
الله أكبر كبيراً والحمد لله كثيراً وسبحان الله بكرة وأصيلاً لا إله إلا الله وحده صدق وعده ونصر عبده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
الحمد لله ربِّ العالمين الذي مد في أعمارنا أجمعين حتى شهدنا بالأمس أعظم يوم في الدنيا فإن يوم عرفة أعظم أيام الدنيا كلها وهو اليوم الذي نزل فيه تمام الخير للأمة والدين
الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا (3) المائدة
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له خلق الزمان والمكان وهو عز شأنه منفرد بالربوبية ومتوحد بالألوهية قبل خلق كل زمان ومكان، وأشهد أن سيدنا محمداً عبد الله ورسوله أظهر الله به تعاليم الدين الحنيف وأسس به مناسك الحج على منهج إبراهيم خليل الرحمن وبين المناسك قائلاً لهم ولمن بعدهم إلى يوم الدين {خُذُوا عَني مَنَاسِكَكُمْ}.
اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وأهدنا بهداه وارزقنا جميعاً رضاه واجعلنا جميعاً تحت لواء شفاعته يوم الدين يا الله.
أما بعد.. فيا أيها الأخوة المؤمنون.. كان من فضل الله عز وجل علينا أجمعين هذا اليوم المبارك يوم عرفة. وقد ورد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في شأنه: { إذا كان يوم عرفة نزل الله عز وجل إلى السماء الدنيا ونظر إلى خلقه فغفر لهم جميعاً. فقالوا: يا رسول الله أهذا لنا خاصة فقال صلى الله عليه وسلم: بل هذا لكم وللناس من بعدي }.(رواه مسلم والبخاري وابن ماجة عن عائشة )
فمن وقف على عرفات غفر الله له الذنوب والزلات واستجاب له الدعوات وأحاطه بالرحمات ومن صام هذا اليوم وهو هنا غفر الله عز وجل له ذنوب سنتين سنة ماضية وسنة آتية. أما من أكرمه الله عز وجل فذبح أضحية فإن الله عز وجل يجعله كالواقف على عرفات في المغفرة والستر فإن الله يغفر له كل ذنب فعله عند أول قطرة تنزل من دمها ولذا فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لابنته السيدة فاطمة: { يَا فَاطِمَةُ قُومِي فَاشْهَدِي أُضْحِيَتَكِ، فَإنَّ لَكِ بِأَوَّلِ قَطْرَةٍ تَقْطُرُ مِنْ دَمِهَا مَغْفِرَةً لِكُلِّ ذَنْبٍ }(رواه والبزار وابن حبان في كتاب الأضاحي) فهو يوم المغفرة لنا وللمسلمين أجمعين نحمد الله على عطاياه ونشكره على نعمه وجدواه ونسأله عز وجل المزيد من جوده وكرمه ونفحات رياه حتى يتوفانا مسلمين ويلحقنا بالصالحين.
إخوة الإيمان والإسلام إن هذا اليوم الكريم جعله الله عز وجل عبرة لكل مسلم وقدوة لكل مؤمن ونبراساًَ لكل محسن فإن بعض المؤمنين ينتابهم الشك إذا تواردت عليهم بعض كوارث الزمن أو بعض نكبات الدنيا وربما يتقزز من ذلك !! وربما يعلن السخط والتمرد على ذلك فيرفع شكواه !! وربما وهذا هو الأشر يشكو إلى الملأ مولاه عز وجل فيقول: لم يصنع الله بي كذا وأنا مسلم أصلي وأصوم لله؟ ولم يبتليني الله بكذا وأنا موحد ومؤمن بالله؟!!
ألا يعلم أن ذلك كله سنة الله على أنبيائه ورسله يبتليهم ليرفع درجاتهم وليعلي شأنهم عنده عز وجل فكلنا أعلنا الإسلام وكلنا أعلنا الإيمان ولابد لذلك من دليل وبرهان يراه ويطلع عليه الرحمن عز وجل ومن هنا جاءت حكمة الابتلاء فلو كان الابتلاء سخطاً وغضباً من الله كما تصور بعض المسلمين لما ابتلى الله عز وجل رسله وأنبيائه أجمعين لكنه كما قال في شأنه سيد الأولين والآخرين صلى الله عليه وسلم: {عن مُصْعَبِ بنِ سعد عن أبيه، قالَ : يا رسولَ اللَّهِ، مَنْ أشدُّ الناسِ بَلاءً؟ قالَ: الأنبياءُ، ثم الأَمْثَلُ فالأمثلُ } (الحاكم في المستدرك وابن حبان في صحيحه )
ومن هنا كانت قصة الابتلاء لإبراهيم عليه السلام لزيادة الإيمان وقوة الإسلام لعباد الرحمن عز وجل. فانظروا معي إلى خليل الله عندما كان وحيداً في بلاد العراق وليس هناك مؤمن معه إلا ابن أخيه لوط و سارة عليهم سلام الله أجمعين والكل جاحد ومشرك بأنعم الله ويعبدون الأصنام وفي ليلة العيد يتوجهون إليها بالعبادة فأخذ فأسه وكسرها جميعاً ثم وضع الفأس على كبيرها فلما ذهبوا في صبيحة العيد إلى الأصنام وجدوها كلها منكسة على رؤوسها وقد تهدمت أجزاؤها فقالوا: من فعل هذا بإلهتنا؟ لا يوجد إلا إبراهيم وجاءوا به وسألوه ولكن الله عز وجل جعل له من عنده مخرجاً فقصة إبراهيم تتلخص في قول مولانا العظيم " وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ " (2- 3الطلاق) ...
من يتق الله لو ضاقت به الحياة أو أحاط به جميع خلق الله يكيدون له كيداً فإن الله ينجيه بفضله من بينهم ويكشف عنه كل ضرر ينجيه من كل ضيق لأن الله تولى بعنايته ورحمته كل من يتقيه من خلقه وبريته.
فجمعوا قومهم أجمعين وعلى رأسهم النمروذ ملكهم وقال له زعمائهم جميعاً: من فعل هذا بآلهتنا؟ أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم؟ فرد عليهم وقال: بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون ويقصد بقوله إصبعه الأكبر الذي أشار به إلى الأصنام وظنوا أنه يقصد الصنم الأكبر - فلم يكذب صلى الله عليه وسلم - وإنما استخدم المعاريض التي يقول فيها صلى الله عليه وسلم :
{ إِنَّ فِي الْمَعَارِيضِ لَمَنْدُوحَةً } ( رواه البيهقي في سننه والطبراني وابن السني عن عمران بن حصين) يعني مخرج من كل ضيق فقال لهم إنما فعله كبيرهم وهو يشير بيده إلى الأصنام ويقصد أصبعه الكبير فلا يكذب في قوله، وهم قد فهموا أنه يعنى كبير الأصنام الذي علق الفأس على كتفه!!
وهم طبعا يعلمون أن الأصنام لا تحرك ساكناً فعلما أن إبراهيم قد فعلها .. فما كان منهم إلا أن جمعوا الحطب وأخذوا في جمعه مدة ستة أشهر وبعد تلك المدة أضرموا فيه النار لإلقائه فيها بشدة وهجها وقد كانت تحرق كل من يقرب منها لشدة لهيبها وسعيرها فنزل إبليس اللعين ودلهم على صنع المنجانيق وهو صورة مصغرة من المدفع بلغة عصرنا فجعلوا خشبتين على أعلى جبل وبينهما خشبة متحركة وأجلسوه عليها بعد أن قيدوه بالحبال ثم حركوه عدة مرات وفي النهاية قذفوا به في هذه النار.
ماذا كان المخرج؟ عندما كان في أعلى السماء وسينزل لا محالة في النار ضجت الأرض والسماوات وملائكة الأرض وملائكة السماوات وقالوا: إلهنا وسيدنا خليلك يحرق بالنار وليس في الأرض من يعبدك سواه! فقال الله عز وجل: هو خليلي وأنا أعلم به هل استغاث بكم؟ أو طلب النجدة منكم؟ إن كان قد استغاث بكم فأغيثوه أو طلب النجدة منكم فأنقذوه فلما اشتد طلبهم واستغاثتهم لله !! أمر جبريل عليه السلام أن ينزل عليه فنزل عليه وهو محلق في السماء وقال له: ألك حاجة؟ فقال عليه السلام أما إليك فلا. قال: فلله عز وجل؟ قال: علمه بحالي يغني عن سؤالي. فنزل في النار ففوجئ الملائكة الأطهار بأن الله عز وجل يقول لها: " يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ " (69الأنبياء)، فلم تحرق النار منه إلا حباله التي أوثقوه وقيدوه بها ثم وجدوا بجواره عين ماء نبعت من جوف النار يشرب منها ويتوضأ منها وشجرة بجواره يستظل بها ويأكل من ثمارها وجلس يعبد الله في خلوة مع هؤلاء لمدة شهرين كاملين هما المدة التي لبثتا النار مشتعلة حتى أطفئت بأمر الواحد القهار عز وجل وهذا أول دليل جعله الله عز وجل لكل مؤمن وثق في الله وتوكل على مولاه ولم يفوض أمره إلا إلى الله عز وجل.
فهذا رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هو سيدنا أبو إدريس الخولاني أرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الأسود العنسي رجل أدعى النبوة وزعم أنه ينزل عليه القرآن في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذهب إليه فقال له بعد أن سمعه أتؤمن أني نبي الله؟ قال: لا أسمع. قال: أتؤمن أن محمداً رسول الله؟ قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله. فكررها عليه عدة مرات وكلما قال له أتؤمن بي؟ قال: لا أسمع. فإذا قال له أتؤمن بمحمد رسول الله كرر الشهادتين. فجمع له الحطب وألقوه في النار ولكنه بفضل الله حدث له ما حدث مع إبراهيم الخليل فقد خرج من النار ولم تضره بشيء ولم تحرق إلا حباله حتى ثيابه لم تحرقها النار فقال له قومه - قوم الأسود له - : إن أبقيت هذا الرجل بين ظهرانينا فتن به قومك فأخرجه من هنا فخرج إلى المدينة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد لحق بالرفيق الأعلى لكنه كان قد أنبأ أصحابه بذلك فخرج سيدنا أبو بكر وسيدنا عمر لاستقباله وأحاطوا به واعتنقوه.
وقال سيدنا عمر رضي الله عنه: { الحمد لله الذي أحياني حتى شهدت شبيه الخليل إبراهيم عليه السلام في أمة محمد صلى الله عليه وسلم } فكل مؤمن يذكر الله ويتوكل على مولاه فله نصيب وافر من معونة الله وتوفيق الله في كل أمر ينتابه في هذه الحياة لأن الله قال في كتابه عز شأنه:
" وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ " (2- 3الطلاق) . أي كافيه ... يكفيه كل هم وكل عناء وكل بلاء وكان بعد ذلك هذا الأمر مع كل بلاء.
فإن الله عز وجل ابتلاه بعدم الإنجاب وهو خليل الله وصفي الله حتى وصل سن الثمانين وهنا هيأ الله له الإنجاب من السيدة هاجر عليها السلام فأنجبت منه سيدنا إسماعيل فابتلاه الله عز وجل وأمره أن يأخذ هاجر وابنها إلى المكان الذي هيأه الله ليبني فيه بيتاً لله.
وهنا أوصى إخواني جميعاً بألا يستمعوا إلى الروايات اليهودية والإسرائيلية في هذه القصة فقد قيل في ذلك ولا نزال نسمع ذلك أن السيدة سارة عليها السلام غارت من هاجر لما ولدت إسماعيل فقطعت أذنها وأمرته أن يأخذها وابنها ويلقيها في الصحراء. كيف ذلك؟ وقد بشرها الله على لسان ملائكة الله بأنها ستلد اسحق وإنها ستعيش حتى تشاهد من اسحق ويعقوب " فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَاء إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ " (71هود)، وهي صديقة لله عز وجل وقد أجرى الله على أيديها المعجزات عندما دخلت مصر مع إبراهيم وأخذوها إلى قصر الملك وكانت بارعة الجمال، وكلما أراد أن يمد يده إليها شلت يده في الحال، فيستعطفها ويعدها ألا يعود إلى مسِّها فتدعو له الله فيفك الله عز وجل يده في الحال فإذا هم بمسها شلت يده مرة ثانية وكرر هذا الأمر ثلاث مرات حتى قال فرعون: إنها شيطانه أخرجوها من أمامي وأعطوها كذا وكذا من الجواري، وكذا وكذا من الأغنام، وكذا وكذا من المال، ومن جملة ما أعطاها كانت السيدة هاجر أم إسماعيل عليه السلام .
كيف لهذه المرأة التقية النقية أن تغار من زوجة زوجها وهي التي زوجتها وإنما الأمر كما قال الله على لسان خليل الله عندما أخذ ابنه وولده ووضعه في هذه الصحراء ولم يكن فيها ماء ولا زرع ولا ضرع ماذا قال في الدعاء؟ " رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ " (37إبراهيم)، ولم يكن هناك في هذا الوقت بيت لكنه يعلم علم اليقين أن إسماعيل هو الذي سيعاونه في بناء البيت.
وقد قالت السيدة هاجر: لمن تتركنا ها هنا يا إبراهيم؟ فسكت. قالت: أالله أمرك بهذا؟ قال: نعم. قالت: إذاً لن يضيعنا. إذاً هناك أمر من الله يتم تنفيذه على يد خليل الله إبراهيم وابنه وهو بناء بيت الله ودعوة الخلائق أجمعين للحج إلى بيت الله عز وجل إذا كان إبراهيم عندما أخذ إسماعيل إلى البيت ينفذ أمر الله وكان الله عز وجل هو الذي أمره ولذلك تولاه فكان هذا الغلام الرضيع يرقد على الأرض ولما نفد ما كان معه من الماء والزاد وأخذت تذهب مرات إلى الصفا مرة وتصعد وتتطلع هل من قادم .. وكذا على المروة مرة ... فإذا بها تجد طيوراً بجوار ابنها فذهبت إليهم مسرعة خائفة عليه !! فوجدت الماء قد نبع من تحت قدميه ... فأخذت تضم الماء ... وتقول زمي زمي ... لأن هذا الماء كان واسعاً وخافت أن يخرج منه طوفان يغرق المنطقة كلها، ولذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :{ يَرْحَمُ الله أُمَّ إِسْمَاعِيـلَ لَوْلاَ أَنَّهَا عَجِلَتْ لَكَانَتْ زَمْزَمُ عَيْناً مَعِيناً } (احمد في مسنده والبخاري في صحيحه عن ابن عباس)
فأمرهم الله عز وجل بالسكن هناك وأرسل لهم الساكنين وهيأ لهم سبيلهم لأنهم ذهبوا طاعة لأمر الله وتنفيذاً لمشيئة الله، قال صلى الله عليه وسلم: { إِذا أَحَبَّ اللَّهُ عَبْداً ابْتَلاَهُ، وَإِذَا أَحَبَّهُ الْحُبَّ الْبَالِغَ اقْتَنَاهُ } (رواه الطبراني في الكبير عن أبي عتبة الخولاني).... أو كما قال ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة.
الخطبة الثانية:
الله أكبر "سبع مرات" ولله الحمد، الحمد لله ربِّ العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأولين والآخرين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن سيدنا محمداً عبد الله ورسوله.
أما بعد.. فيا أيها الأخوة المؤمنون.. كانت في هذا اليوم المبارك الميمون قصة الفداء فإسماعيل عندما بلغ أشده أمر الله عز وجل إبراهيم خليل الرحمن أن يذبحه فأخذ بيد ابنه وقال له يا بني إني أرى في المنام إني أذبحك فانظر ماذا ترى؟ فما كان من هذا الابن الذي ملأ الله قلبه بالإيمان إلا أن قال له " يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ " (102الصافات) . فقال له: لا تعلم أمي بهذا النبأ ونتوجه سوياً إلى حيث منى.
فقال له: يا أبت أوثقني بالحبال جيداً حتى لا تأخذني نفسي فأتحرك وألقني على وجهي حتى لا تنظر إلي فتأخذك رأفة في تنفيذ أمر الله واشحذ السكين حتى يقطع بسرعة " فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا "(103- 105الصافات)، ثم جعل الله هذا الأمر لجميع المؤمنين إلى يوم الدين فقال عزَّ شأنه " إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ " (105الصافات)، فكل محسن كريم له أسوة بـ إبراهيم خليل الله ففداه الله عز وجل بذبح عظيم.
ومن هنا جعل لنا نبينا صلى الله عليه وسلم هذا النسك، وجعل فيه صلى الله عليه وسلم للمسلم فضائل كثيرة فإذا ذبحه المؤمن على هدى شريعة الله بعد صلاة العيد والخطبة لقوله صلى الله عليه وسلم { إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ بِهِ فـي يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّـيَ ثم نَرْجِعَ فَنَنْـحَرَ، فَمَنْ فَعَلَ ذلكَ فقد أصابَ سُنَّتَنَا } (رواه البخاري في صحيحه وابن حبان والنسائي والبيهقي عن البراء بن عازب.)
أى " فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ " (2الكوثر).. فإذا كان الذبح بعد الصلاة ، وكانت من الإبل أو البقر يشترك فيه عدد لا يزيد عن سبعة، والخروف أو الماعز عن رجل واحد، وشرطها أن يكون قد مرَّ عليها زمن استسمن فيه لحمها وليس فيها عيب من العيوب التي تعيب الأضحية وتجعل هذه الهدية غير مقبولة عند رب العالمين عز وجل، فلا يقبل الله الجرباء ولا العوراء ولا العمياء ولا المريضة ولا الهزيلة وإنما يقبل السليمة الصحيحة غفر الله عز وجل لصاحب هذه الهدية فإذا أشرك أهله معه كما قال صلى الله عليه وسلم في أضحيته { اللهم هذه عن محمد وعن آل محمد } غفر الله لأهله جميعاً معه وأهله هنا هم زوجه وولده الذي لم يتزوج.
أما الذي تزوج فأصبح له بيتاً لوحده فيجب أن يفعل هذا الصنيع عن نفسه لأن هذا دين الله وشرع الله عز وجل ثم ماذا بعد ذلك؟ يزيد فضل الله في قول حبيب الله ومصطفاه عندما سأله أصحابه بعدما ذبحوا ما هذه الأضاحي؟ قال صلى الله عليه وسلم: (سنة أبيكم إبراهيم عليه السلام فقالوا: يا رسول الله ما لنا فيها؟ قال صلى الله عليه وسلم: { إِنَّهَا لَتَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقُرُونِهَا وَأَشْعَارِهَا وَأَظْلاَفِهَا، وَإِنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنَ اللَّهِ بِمَكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ عَلَى الأَرْضِ، فَطِيبُوا بِهَا نَفْساً }.( الترمذي وابن ماجة والحاكم عن عائشةَ رضَي اللَّهُ عنهَا
ثم زاد هذا الفضل فجعلها المطايا التي نركبها على الصراط يوم الدين هذا الصراط الذي يمر على جسور جهنم ونمر عليه أجمعون وهذا ما قال في شأنه صلى الله عليه وسلم: { اسْتَفْرِهُوا ضَحَايَاكُمْ فَإنَّهَا مَطَايَاكُمْ عَلَى الصرَاطِ} (رواه السيوطي في الكبير والديلمي عن أبي هريرة ). ومن هنا فقد أوجبها نبينا صلى الله عليه وسلم على الموسر والواجد سعة وقال محذراً لهم { مَنْ وَجَدَ سَعَةً لأَنْ يُضَحيَ فَلَمْ يُضَح فَلاَ يَحْضُرْ مُصَلاَّنَا } (رواه ابن ماجة في سننه وأحمد والحاكم عن أبي هريرة) تحذيراً لهم من ترك هذه السنة.
أما الفقير فلم يكلفه الله عز وجل ولكن علينا أن نعمل بقول الرجل الصالح ابن عطاء الله السكندري رضي الله عنه حيث يقول: { إذا علمت شيئاً من البر فاعمل به ولو مرة واحدة تكتب من أهله} فعلى المسلم أن يضحي ولو مرة في حياته كلها لكي يكون له برهان على إتباعه لسيدنا إبراهيم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم السلام.
ثم بعد ذلك فعلينا في هذا اليوم وبقية أيام العيد حتى عصر اليوم الرابع أن نكبر لله عقب كل صلاة سواء صلينا في جماعة أو صلينا فرادى فمن حضر الجماعة كبر معها فإن لم يلحق الجماعة لتأخره في دخولها كبر بعد انتهاء الصلاة.
ومن فاتته الجماعة وصلى بمفرده عليه ... أن يكبر الله بصوت مسموع لا يكبر في سره، فإن الذي يكبر في سره ويسمع نفسه ولا يسمع من حوله إنما هن النساء، وعلينا أن نأمر النساء أن يكبرن في بيوتهن عقب كل صلاة سواءً فريضة أو نافلة، فمن صلى ركعتي الضحى كبر بعدهما لله، ومن صلى قيام الليل كبر بعدها لله، وإن كانت هناك صلاة جنازة كبرنا بعدها لله، لأن صلاة النافلة نكبر بعدها، وهذا مذهب إمامنا الشافعي رضي الله عنه، أما الإمام أبو حنيفة فقد أوجب التكبير بعد الفرائض ولم يوجبه بعد النوافل والسنن، قال صلى الله عليه وسلم :
{ زَيِّنُوا أَعْيَادَكُمْ بالتَّكْبِيرِ } (الطبراني في الصغير والأوسط والسيوطي في الكبير عن أبي هريرة
وعلينا بعد ذلك أن نتجنب ما يفعله البعض من الجلوس في البيت لتجديد الأحزان وتلقي العزاء لأن هذا ليس من دين الله في شيء ولأن هذا يوم عيد ويوم فرح نفرح فيه الفقراء والمساكين ونفرح فيه الأطفال لقوله صلى الله عليه وسلم: { للجنة باب يقال له: الفرح، لا يدخل منه إلاَّ مفرح الصبيان }(الفردوس عن ابن عباس رضَي اللَّهُ عنهَما)، ثم بعد ذلك نصل فيه أرحامنا ونود فيه إخواننا ونجعل هذا الأمر وهو المودة والصلة عبادة هذا اليوم فأعظم أعمالنا هي إدخال البر والسرور على المسلم وصلة الأرحام وتواصل الأنام .... << ثم الدعاء >>.
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة 21 يونيو 2024, 12:25 am من طرف Admin
» هل الانجيل محرف
الأربعاء 19 يونيو 2024, 2:34 pm من طرف Admin
» شبهات النصاري زواج ام المؤمنين عائشه،
الإثنين 17 يونيو 2024, 10:30 am من طرف Admin
» الفرق بين السنه والفقه
السبت 11 مايو 2024, 11:23 pm من طرف Admin
» كيف عرفت انه نبي..
الجمعة 26 أبريل 2024, 5:40 am من طرف Admin
» موضوع هل يدخل الجنه غير المسلمين،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:48 am من طرف Admin
» التدرج في التشريع
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:43 am من طرف Admin
» كتب عليكم الصيام،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:41 am من طرف Admin
» اقوال العلماء في تفسير ايه الحجاب،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:40 am من طرف Admin