بحـث
الشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المواضيع الأخيرة
نوفمبر 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | |||||
3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 |
10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 |
17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 |
24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
الحمدلله على نعمة الاسلام
ايها الاخوه الدعاه الى الله وكذا جميع الزائرين والزائرات مرحبا بكم واهلا نتمنى من الله ان نكون عند حسن ظنكم جميا والله الموفق الى الخير وهو حسبنا ونعم الوكيلالشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 4 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 4 زائر لا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 76 بتاريخ الأربعاء 30 أكتوبر 2024, 11:01 pm
فكر الثورة في الإسلام (مبدأ الخروج على الظالم)..
صفحة 1 من اصل 1
فكر الثورة في الإسلام (مبدأ الخروج على الظالم)..
فكر الثورة في الإسلام (مبدأ الخروج على الظالم)... أ/طه الحاضري
فكر الثورة في الإسلام (مبدأ الخروج على الظالم)
أ/ طه الحاضري
الحمد لله رب العالمين القائل: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) والصلاة والسلام على نبينا الكريم القائل: (لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ أَوْ لَيُسَلِّطَنَّ الله عَلَيْكُمْ شِرَاركُمْ ثُمْ يَدْعُوا خِيَارُكُمْ فَلا يُسْتَجَابُ لَهُمْ) فصلوات الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين، وأصحابه المنتجبين وبعد:
فإن الحديث عن فكر الثورة في الإسلام أصبح ضرورة ملحة وحاجة ماسة لنا كأمة مسلمة عانت الأمرين عبر تاريخها وفي حاضرها المثخن بالجراح وسيبقى كذلك بالنسبة لمستقبلها الذي تتطلع إليه .
وفي ظل الأوضاع الراهنة التي يعيشها أبناء الأمة من هزيمة نفسية ساحقة وضيق في الأفق وتحجر في الفكر والشعور بالنقص والضعف وسيطرة اليأس والإحباط من تغيير واقعها إلى الأفضل وانعدام الثقة بالله واعتبار الذلة والواقع المخزي والمنحط الذي يعيشونه قدراً إلهياً يجب التسليم له والإيمان به والتعامل مع الأحداث العاصفة والفتن العاتية بالتجرد من المسؤولية وبنفسية اللامبالاة حتى أصبحت الأمة كالكرة تركلها الأمم الأخرى حسب أمزجتها وبعد كل ذلك يرجون الأجر من الله والثواب على هذا الوضع .
والأصل أن الأمة الإسلامية سُميت بالإسلامية نسبة إلى الإسلام الدين الحنيف الذي شرعه الله تعالى لكل البشرية هداية لها وجعله سبيل سعادة العالم بكل ما يحتويه من أمم وضامناً للكرامة الإنسانية المهدورة من قبل أعداء الإنسانية .
وطالما لإسلام بهذا الرقي وبهذه العالمية في فكره وتعاليمه فالمفروض أن نكبر ونعظم بعظمة الإسلام وشموليته وعمليته وإنسانيته وواقعيته لا أن نصغر الإسلام بصغرنا أو نحجمه بأفكارنا أو نشوهه بعقائدنا المتناقضة مع غاياته النبيلة وأخلاقه الكريمة التي من أهمها الكرامة الإنسانية والعزة الإسلامية .
ولأن الخلل في الأمة بدأ بالأفكار المنحرفة التي أصبحت فيما بعد ديناً وعقائد وتصورات للحياة حتى وصلت إلى جعلها من أصول الدين الإسلامي ووسيلة لعبادة الله سبحانه وتعالى وتجسدت في الواقع بما الأمة عليه من خنوع وتشتت ومسخ وتناقضمع التعاليم الإلهية فإن النهوض بالأمة يبدأ من الثورة على تلك الأفكار والعقائد ليحل محلها الفكر الإسلامي الحقيقي المنسجم مع الفطرة الإنسانية ولا يتعارض مع العقل والمنطق المنبثق من القران الكريم وحركة النبي صلى الله عليه وآله ونهج أهل بيته الذين لا يفترقون عن القران كما في الحديث الشريف: (إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبداً، كتاب الله وعترتي أهل بيتي، إن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض) ومن ثَمَّ يتجسد هذا الفكر في الواقع على شكل ثورة جهادية لإصلاح الأمة .
والمتأمل في الفكر الإسلامي الحقيقي يجده حاضراً في التاريخ الإسلامي بقوة ويمكن تجسيده في الواقع المعاصر إذا استوعب الثورات الإسلامية النقية التي قادها أهل البيت عليهم السلام بدأ بكربلاء ومروراً بثورة حليف القران الإمام زيد بن علي عليه السلام ومن ثار على خطاه وصولاً إلى عصرنا هذا .
فكربلاء التي رسم الإمام الحسين عليه السلام فيها بدمائه الزكية الصورة الكاملة للثورة في الإسلام بكل تفاصيلها إلا أن الأمة تجمدت بعدها أو قامت بثورات غير مكتملة الفكر أمحدودة الأهداف حتى اكتملت صورة الثورة من جديد بحركة وثورة حفيد حسين كربلاء زيد بن علي عليهم السلام وعاد نبض الخط الجهادي الثوري والاستشهادي في الأمة وعادت معه أخلاق العزة والكرامة والحرية والعدالة والإباء والشهادة والتضحية لتعلن عن وجودها وحضورها في الميادين والساحات بطول وعرض الأمة وتؤكد أن صلاحيتها ممتدة وفاعليتها مستمرة وعمليتها حاضرة لا تنتهي ولا تتوقف حتى يرث الله الأرض ومن عليها .
الأسس الفكرية للثورة
عندما ينظر المسلم في كتب العقائد والأصول الدينية يرى بوضوح حجم الكارثة التي سببتها هذه العقائد حيث سلبت الإنسان الشعور بالحاجة للعمل والحركة في ميدان الحياة وقضت على روح المسؤولية لديه ووضعته في مربع السلبية واللامبالاة معتبرة ذلك جزء من الإيمان بالله سبحانه وتعالى والجمود تقرباً إليه .
وعند البحث عن السبب الحقيقي لظهور هذ العقائد والأفكار نجد أن السلطات الظالمة والحكومات الجائرة هي من اخترعتها لتخدير الناس عن معارضتها ولكي يتقبلوا ظلمها وفسادها وأول من قام بذلك معاوية بن أبي سفيان حيث أظهر عقيدة الجبر والقدر ووجوب طاعة الحاكم الظالم وحرمة الخروج والثورة عليه وتبعه على ذلك كل ظالم حكم بعده بمختلف مسمياتهم من خليفة وإمام وملك وأمير ورئيس وسلطان وغيرها من المسميات .
وأمام هذا الخرق والخلل الفكري والإيماني نهض الإمام زيد عليه السلام لإصلاحه متسلحاً بحليفه القران الكريم الذي خلا به ثلاثة عشر سنة يتلوه ويتأمله ويتدبره فناظر وحاور وناقش ووضح وبين وعلم ودرس وخطب وألف وأقام الحجة ودحض تلك التصورات السلطوية وألجم علماء السوء علماء السلطة والبلاط ونزه الله سبحانه وتعالى عن كل ما ينسبه الظالمون إليه .
فميدان القلوب والعقول والنفوس ميدان الفكر والإيمان والعقيدة والعلم هو نقطة البداية للثورة والجهاد في الإسلام لأنها محتلة بافتراءات وأباطيل الظلمة وتحريرها أول خطوة في طريق نيل رضا الله تعالى واقتلاع الظلم والظلمة من على كاهل الأمة .
ومن هنا سُمي أهل البيت من وافقهم أهل العدل والتوحيد ومن تابع الظلمة والملوك سُموا بالمجبرة والقدرية .
وخلاصة عقيدة أهل البيت عيهم السلام فيما يتعلق بعدل الله تعالى ووعده ووعيده أن الإنسان خلقه الله تعالى مخيراً حراً مكلفاً يستطيع أن يفعل الخير ويستطيع أن يفعل الشر وقد أمره الله تعالى بفعل الخير ونهاه عن الشر فإن فعل الخير أثابه الله تعالى وجعل مصيره الجنة وإن فعل الشر وفعل الكبائر ولم يتب عاقبه الله تعالى فلا تناله الشفاعة وجعل مصيره النار خالداً مخلداً فيها لا يخرج منها أبداً لأن أفعال الإنسان هي صادرة من الإنسان نفسه وهو مسؤول عنها وكل ما كلفه الله تعالى به وأمره ونهاه في حدود استطاعة ولم يكلفه فوق طاقته وزوده بالقوة التي يستطيع بها الفعل والترك وأن الله لا يأمر بالظلم ولا الفساد ولا المعصية ولا القبيح ولم يقدر ذلك على عباده ولم يجبرهم على فعلها ولم يخلقها فيهم .
وهذه العقيدة وهذا الإيمان الواعي يدفع الإنسان أن يتحمل مسؤوليته في الحياة تجاه دينه وأمته وهذا الفكر هو ما يمكن أن نخاطب به العالم ونحاجج به الأديان الأخرى لأنه لغة العقل ومنطق القران ونقاء الفطرة ومن ثمراته عدم الرضوخ للظلم والظالمين والقيام بمسؤولية مجابهتهم ومواجهتهم بكل الطرق المشروعة والتي تأتي في نهاية المطاف الثورة الجهادية العسكرية المسلحة كآخر حل وآخر الدواء الكي كما يقولون .
أما عقيدة الملوك والظلمة والطغاة والجبابرة فهي على النقيض تماماً وخلاصتها أن الله تعالى خلق الإنسان مجبراً غير مخير وقدر عليه فعل المعاصي والآثام بعد أن خلقها فيه وقدر عليه الظلمة وقدر جرائمهم بحقه وبحق غيره وأنهم مهما فعلوا وأجرموا وبغوا وظلموا وفعلوا الكبائر إلا أنهم ما زالوا مؤمنين وإن لم يتوبوا ومن أصحاب الجنة وتنالهم الشفاعة وإن حدث ودخل بعضهم النار فسرعان ما سيخرجون منها ويدخلون الجنة وطاعتهم واجبة ووهم أولياء الأمر وتوليهم ضرورة إيمانية والخروج عليهم والثورة في وجوههم محرمة وخروج من الملة وردة عن الدين ويستحق صاحبه القتل بتهمة الخروج عن الجماعة وشق عصا الطاعة ولا يخفى التناقض الفج في هذه العقيدة حيث لم يعد للأوامر والنواهي الإلهية أي معنى ولا للوعيد القرآني أي تأثير وقدست الظالم أكثر من الله وجعلت طاعته مقدمة على طاعة الله سبحانه وتعالى وناسخة لها .
وهذه العقيدة مهدت الأرضية للظلمة على مر التاريخ ليعيثوا في الأرض فساداً وبكل حرية لأنها أعطت الظالم حصانة مطلقة من المساءلة القانونية والقضائية والشعبية بل وحتى الإلهية وصورت الإسلام وكأن دين الجمود ومسخ ليس لديه رؤية سياسية ولا ثورية ولاجهادية .
ويتضح مما سبق أن الفكر الإسلامي هو من يصنع الموقف ويحث على القيام بالمسؤولية ويدفع باتجاه العمل والحركة في الميدان ويفجر الثورة على الظالمين والمعتدين والمستعمرين المحتلين وينفخ في الأمة روح الجهاد والمقاومة ويدعوا إلى الحفاظ على الكرامة الإنسانية وإلى عشق الشهادة والنصر والحرية ونشر العدالة على الأرض ومواجهة جبابرة العالم ودول الاستكبار فيه ناهيك عن اقتلاع الحاكم الظالم المسلم من جذوره ورمية في زبالة التاريخ حتى يكن جزءاً من الماضي وعبرة للحاضر وعظة في المستقبل .
أما فكر الملوك والطواغيت فهو فكر لا أصل له ولم يكن له وجود وإنما اختلقه الظلمة كما قلنا لتبرير أفعالهم وتحصين أنفسهم من غضبة الشعوب ولشرعنة غيهم وضلالاهم وشتان ما بين فكر يصنع مواقف الحرية والعدالة والبطولة ويحافظ على الكرامة الإنسانية وبين فكر يصنع الجمود والمهانة والخضوع والذلة واللامبالاة ويُقدم الأمة فريسة سهلة للأعداء وكما يُقال على طبق من ذهب .
وهنا يأتي الدور الحقيقي والفعال للعلماء الذين ركز الإمام زيد عليه السلام في ثورته الفكرية عليهم وأرسل لهم رسالة وضح فيها دورهم الإيجابي حينما يتحركون في خط الإسلام ودورهم السلبي حينا يدورون في فلك الظلمة فالعالم ليس وظيفته مجرد الفتوى في الأمور الفقهية والتعبدية المحدودة فحسب ولكن دوره إشاعة الفكر الإسلامي بشموليته وتكامله وعالميته وجهاديته والفكر الإسلامي هو ما نتعلمه في مادة أصول الدين التي من الخطأ اقتصارها على المواضيع التاريخية والفرق التاريخية دون مواجهة الفرق المعاصرة كما فعل الإمام زيد عليه السلام في عصره كما لا يجوز سجن القضية السياسية في الأمة داخل تلك الكتب دون التفاعل مع الواقع وفي الحقيقة فإن دراسة باب الإمامة أو الخلافة في كتب العقائد وأصول الدين وعلم الكلام أو بدراسة باب السير في الفقه هو دراسة العلوم السياسية التي لا بد من وضع الأنظمة السياسية المعاصرة كجزء من الدراسة فيها حتى لا يخرج العالم وطالب العلم وهو جاهل بأهم قضايا الأمة لا يفهم من واقعه السياسي شيئاً ولا يملك الوعي السياسي ولا الحس الثوري ولا الروح الجهادية .
الفكر السياسي في الإسلام وعلاقته بفكر الثورة فيه
من خلال ما سبق ذكره من خلاصتي عقيدة العدل عقيدة أهل البيت عليهم السلام وعقيدة الجبر والقدر والإرجاء عقيدة الملوك والظلمة برز التناقض بين الفكر السياسي الإسلامي الناتج عن عقيدة العدل وبين فكر الملوك والظلمة الناتج عن عقيدة الجبر والقدر .
ولا شك أن الثورة لا تكون إلا على الظالم بقيادة العادل ليحل محله وبذلك يحل العدل محل الظلم ولكن عدم وضوح الرؤية السياسية والثورية في موضوع من يحق له حكم الأمة ومن يقود الثورة في حالة الخروج على الظالم جعل من الأمة ألعوبة بيد السفهاء ويجعل من الثورات فوضى ومجرد عبث.
وهذه القضية هي من صلب فكر الثورة في الإسلام لأن القيادة الواعية التي المفترض أن تحكم الأمة بعد إزالة الظالم هي بمثابة الرأس من الجسد وكما لا خير في جسد لا رأس معه فكذلك لا خير في ثورة لا قيادة واعية معها لأن الثورة ليست مجرد معارضة سياسية ولكنها إصلاح شامل للأمة .
أبرز النظريات السياسية الإسلامية
هناك العديد من النظريات والرؤى والعقائد السياسية باسم الإسلام بل لقد طغت هذا العقائد على العقيدة في الله تعالى فأصبح الناس لا يهتمون بتنزيه الله تعالى وتوحيده ومعرفته بقدر اهتمامهم بمعرفة الحاكم وولي الأمر حسب المذهب والطائفة بل لقد أصبحت العقيدة السياسية هي الأصل والعقيدة في الله تعالى تابعة لها وأصبح منظور الناس في الاتفاق والاختلاف منظور سياسي وليس ديني وجل الخلاف المذهبي والطائفي هو خلاف سياسي في أشخاص من بعد الرسول صلى الله عليه وآله في قضية الحكم والخلافة والإمامة وولاية أمر الأمة نتج عنه الخلاف الفكري والعقائدي والمذهبي والطائفي وحتى أصحاب المذهب الواحد والفكر الواحد والطائفة الواحدة نجدهم مختلفين سياسياً بسبب الزعامة والوجاهة ..
ويوجد هناك ثلاث نظريات سياسية رئيسية وكلها لها علاقة بالثورة من حيث الخروج على الظالم أو الخروج مع العادل كقيادة ثورية تكون البديل عن الظالم بعد إزالته واقتلاعه وهذا الأمر ما فشلت فيه أغلب ثورات ما يُسمى بثورات الربيع العربي .
نظرية الأمر الواقع
خلاصة هذه النظرية هي أن ولاية أمر الأمة مجرد كرسي من وصل إليه أصبح ولي الأمر والخليفة والإمام وواجب الطاعة وصاحب شرعية بغض النظر عن صلاحه من فساده وعن عدله من ظلمه وبغض النظر عن كيفية وصوله إلى الحكم بطرق شرعية أو غير شرعية وبغض النظر عن طريقة حكمه وعن كفاءته وأهليته .
وتعتمد هذه النظرية على عدة وسائل للوصول إلى الحكم منها الشورى وفيها إشكالية حيث لا يستطيع المسلمون الاجتماع للتشاور وهم أمة من المشرق حتى المغرب وستبرز إشكالية من يحق له أبداء الرأي في الاختيار والأمة اليوم عدة دول وعدة مذاهب وعدة طوائف وهل حدث فعلاً أن تشاور الناس على أمر وخرجوا بحل لقد اختلفوا في أمور كثير تتعلق بمعرفة الله تعالى وتوحيده وعدله ووعده ووعيده واختلفوا في الصلاة والأذان والوضوء أفتراهم يتفقون على شخص هكذا بكل بساطة في أعقد أمر على مر التاريخ وفي الواقع على امتداد العالم ثم لو افترضنا أن الشورى قابلة للتطبيق واختاروا فاسقاً وظالماً هل أصبح ولي أمر شرعي واجب الطاعة؟
وتعتمد هذه النظرية أيضاً على ولاية العهد والوراثة والملكية وحصر الحكم في الأسرة المالكة كما وتعتمد على مبدأ الغلبة بمعنى أن من وصل إلى الحكم بسفك الدماء وإثارة الفتن والخروج على ولي الأمر المحرم الخروج عليه حسب النظرية نفسها - وهذا من التناقض – وهزمه أو قتله أصبح هذا الباغي والخارج ولي الأمر الشرعي بعد انتزاعه الولاية ممن كان قبله بالقوة والبطش ثم تعطيه النظرية حصانة من المعارضة وتباركه باسم الله وتغلف حكمه بغلاف ديني وتحميه بالفتاوى .
وهذه النظرية ووسائلها هي التي ضربت الأمة ومزقتها وسفكت دماءها وبها اعتلى بنو أمية عرشها وحصروا حكمها فيهم فتوارثوه فيما بينهم حتى أزاحهم بنو العباس وحلوا محلهم وحصروا الحكم فيهم وتوارثوه حتى صار الطفل منهم خليفة وهكذا دول تتعاقب بهذه الطريقة وصولاً إلى العثمانيين الذين مشوا على طريقة من سبقهم إلى أن وصل الحال كما هو عليه اليوم من تعدد أولياء الأمر في الأمة حتى وصل عددهم إلى سبع وخمسين ولي أمر في وقت واحد وكل يدعي أنه شرعي وأن الله أمر بطاعته وحول كل واحد علماء يشرعون لحكمه ويحرمون معارضته والخروج والثورة عليه فهذا وصل إلى الحكم بانقلاب وذلك بولاية عهد وذلك بالوراثة وذلك بالاستعانة بالغرب المنشئ والمتحالف حليف الدول الملكية المستبدة الذي يدعي الديمقراطية بطريقة المسرحيات الانتخابية وبنسبة الفوز فيها بأكثر من خمس وتسعين في المئة من أصوات الشعب وفي الأخير يثور الشعب عليهم وكلهم حسب نظرية الأمر الواقع في الحكم شرعيون واجبوا الطاعة وفتحت القتل والقتال على كرسي الحكم عبر التاريخ إلى اليوم فهي نظرية فتنة .
نظرية الهروب من المسؤولية
خلاصة هذه النظرية أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نص على اثنا عشر إماماً أولهم الإمام علي بين أبي طالب وأخرهم المهدي المنتظر المولود حسب النظرية قبل مئات السنين ثم غاب وهو ما زال حياً حتى يومنا هذا وهو الإمام الشرعي للأمة ولا يجوز أن يلي أمر الأمة أحد قبل ظهوره لأنه الإمام الشرعي وما على الأمة إلا الانتظار له فقط .
ومنشأ هذه النظرية وبدايتها له علاقة بثورة الإمام زيد بن علي عليه السلام وقد اخترعها قوم كانوا قد بايعوه للقيام بمسؤوليتهم الدينية وأداء واجبهم الجهادي والثوري الذي تمليه عليهم عقيدة العدل والفطرة ولكنهم تراجعوا في آخر اللحظات خوفاً من السلطات الأموية آنذاك فجبنوا عن الجهاد في سبيل الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهربوا من المسؤولية بالقول أن الإمام زيداً عليه السلام ليس الإمام وإنما الإمام هو جعفر الصادق عليه السلام الذي كان فعلاً إمام علم وزهد وعبادة ولم يكن إمام جهاد وسياسة وثورة كالإمام زيد الذي كان كذلك بالإضافة إلى كونه إماماً أيضاً في العلم والزهد والعبادة وكفؤاً لقيادة الثورة والأمة وقد حدث هذا الموقف من أولئك القوم في قصة مشهورة سماهم الإمام زيد عليه السلام بالرافضة - وسياتي الحديث عن هذا الموقف وعن تسمية الرافضة في سياقه – ثم دعمت هذه النظرية من قبل السلطات العباسية نكاية بأهل البيت الثائرين .
ولهذه النظرية السلبية التي خذلت الثورات المتلاحقة شطحات كبيرة حيث اعتبرت الأئمة اثنا عشر معصومين بالنص والتعيين وأفضل من الملائكة المقربين ومن الأنبياء والمرسلين باستثناء خاتمهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ونسبت إليهم علم الغيب والولاية التكوينية التي تتحكم في ذرات الكون وغيرها مما يتعارض مع القرآن الكريم ومع العقل والمنطق .
ولكن حصل تحول إيجابي في هذه النظرية في قضية الانتظار للمهدي المنتظر الغائب حسب النظرية وعاد كثير من معتقديها إلى حضن الثورة والجهاد والقيام بالمسؤولية بقيام الثورة الإسلامية في إيران وانتصارها بقيادة مرجعها الإمام الخميني رحمه الله الذي توصل إلى نظرية ولاية الفقيه وقد استدل على ولاية الفقيه ودور العلماء في كتابه الحكومة الإسلامية بمقاطع كثيرة من رسالة الإمام زيد عليه السلام إلى علماء الأمة ونسبها إلى الإمام علي عليه السلام وثم ما ترتب على امتصار الثورة من ظهور حزب الله في لبنان كمقاومة إسلامية وكقوة جهادية أصبحت فخراً لكل الأمة الإسلامية .
ومضمون ولاية الفقيه أنها تعاملت مع الواقع وأعطت الفقيه العالم المجتهد على مذهب الجعفرية ولاية على الأمة كنيابة عن المهدي المنتظر الحي الغائب لبناء دولة قوية عادلة يستلمها الإمام المهدي حال ظهوره ويُطلق على الولي الفقيه كالخميني والخامنئي نائب الإمام المهدي وخرجوا عملياً عن الحصر في الإثنا عشر واصبح لهم إمامان جديدان الإمام الخميني والإمام الخامنئي .
طبعاً ليس كل الشيعة الإثنا عشرية يؤمنون بولاية الفقيه لكن جزء كبير منهم كذلك وهذه النظرية اعتراف بقصور النظرية الأصل في ترك الأمة مئات السنين بلا إمام ولا حكم ولا ثورة ووقعت في طاعة الظالم وحرمة الخروج عليه قبل ظهور الإمام المهدي حيث لا يجوز ذلك إلا تحت قيادته ومن ناحية أخرى هو اعتراف غير مباشر بخطأ تاريخي وعقائدي وفكري كلّف الأمة الكثير ودفعت ثمناً باهضاً لذلك ومع ذلك تبقى هذه النظرية غير عملية بالنسبة لحجم الأمة لأنه مبنيه على أن هناك مهدي حي غائب سيخرج في يوم ما لاستلام زمام الأمور والولي الفقيه نائبه وغير معروف كيف أناب المهدي الولي الفقيه عنه وهذه النظرية محدودة لأنها غير واسعة الأفق وغير منطقية وتحتاج إلى تعميم المذهب الاثنا عشري على الأمة حتى تتقبل فكرة الولي الفقيه وهذا ما لن يتحقق .
نظرية الجهاد والاجتهاد
خلاصة هذه النظرية أن من يلي أمر الأمة يجب أن يكون
ومن خلال النظرية السابقة فإن الإمام ولي أمر المسلمين ليس معصوماً ولا منصوصاً عليه بعد الإمام علي والحسنين عليهم السلام وفي نفس الوقت ليس ظالماً ولا فاسقاً وليس غائباً بل ظاهراً وتجري عليه الأحكام القضائية كما تجري على أبسط إنسان في دولته واللافت في هذه النظرية هو مبدأ الكفاءة فكما في أي شركة من أهم شروط إدارتها لتكون ناجحة الكفاءة والخبرة والمؤهل والأمة أكبر من شركة أو مؤسسة فلا يمكن أن يأتي فلاح مثلاً ويستولي على طائرة وبمجرد استيلائه عليها أصبح قادراً على قيادتها والطيران بها .
وتعتمد هذ النظرية على أمرين للوصول إلى حكم الأمة وهما الدعوة والخروج على الظالم أو اختيار أهل الحل والعقد وبهذا لا يصير الإمام ولي أمر الأمة إماماً تلقائياً بمجرد الوصول إلى الحكم أو بالنص بل بالقيام بأعباء الإمامة وتحمل المسؤولية في الظروف القاسية وفي وقت تخلي الجميع عن مسؤوليته فيخرج في وجه الظالم من أجل إقامة العدل والشريعة ويعرض نفسه للخطر ويضحي بروحه وفي كثير من الأحيان يرقى إلى السماء شهيداً قد أدى واجبه وقام بمسؤوليته وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر وأقام الحجة وأبرأ ذمته وجاهد في سبيل الله .
ومن هنا فإن الالتفاف حول القائم المتحمل للمسؤولية واجب ومسؤولية وتركه والتعذر بأنه ليس الإمام والجمود مع شخص قاعد بحجة أنه هو الإمام لا يعفي من المسؤولية وهذا العذر هو ما يضرب الأمة إلى اليوم وهو أن كل مجموعة من الناس يتمحورون حول عالم قاعد ويقدسونه ويعطونه حق الطاعة والإتباع والولاء .
ويؤخذ على هذه النظرية أنه لا توجد آليه معينة لانتقال ولاية الأمر والحكم من الإمام المتوفى إلى من يليه وفي هذه النقطة حصلت حروب بين أبناء الإمام المتوفي والإمام الجديد بالإضافة أنه كان يتعارض أكثر من إمام في وقت واحد ويحصل بينهم قتال وهنا يجب التوضيح في حال التعارض فيما مر من التاريخ من هو الإمام الشرعي ومن هو الباغي ومن هو الإمام الظالم ومن هو العادل الذي خرج وثار عليه وعلى العموم فهو أقل سوءاً من تعارض أمثر من سبعة وخمسين ولي أمر في عصرنا الحاضر ولا ينتقد من ينتقد تعارض إمامين أو ثلاثة او حتى أربعة في عصر واحد في فترة تاريخية معينة تعارض الحكام في عصرنا هذا بل يشرع للجميع ويدافع عن الجميع ويفتي في الدولة الفلانية على ضرورة الشعب في الدولة الفلانية الأخرى بطاعة ولي أمرهم وهكذا دواليك كما أنه باسم هذه النظرية كان في بعض الفترات يكون الخروج والثورة من أجل السلطة والوصول إليها بالغلبة وتصبح الإمامة كالملك العضوض ويصبح الحاكم ظالم ويقمع مبدأ الثورة عليه بحجة أنه من أصحاب هذا الفكر والواجب تنزيه النظرية من مثل هؤلاء وعدم الدفاع عنهم او تلميعهم حتى لا تتشوه هذه النظرية العظيمة .
ومما تجدر الإشارة إليه هو الحصر في أهل البيت عليهم السلام – في البطنين في ذرية الحسن الحسين – حيث اعتبره الأكثر من أصحاب النظرية شرط صلاحية بمعنى أن ولاية أمر الأمة لا تجوز في غير الهاشمي الحسني أو الحسيني والأقل اعتبره شرط أولوية وأفضلية فقط وليس شرط صلاحية وهذا الشرط هو مرتبط أساساً بالشروط الأخرى فلا يجوز ولاية الهاشمي الحسني أو الحسني حسب النظرية من لم يستوفي الشروط كلها فلا تجوز ولاية الهاشمي الظالم والجبان والجاهل و...الخ هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن التشنيع الذي يُشن على هذا الشرط بحجة أنها وراثية وملكية مستدلين بأن الإمامة كانت تنحصر في بعض البيوت والأسر الهاشمية وبالذات في اليمن والرد على ذلك أنه إذا كان التوارث مجرد من استيفاء الشروط فهو مذموم قطعاً أما إذا تحققت الشروط فليس سبب الإمامة التوارث وإنما اكتمال الشروط فلا إشكال في ذلك وفعلاً ما حصل في الفترة المتأخرة من جعلها وراثية ملكية يتوارثها أبناء وأحفاد الإمام لمجرد أنهم أبناءه وأحفاده وتسمية الدولة بالمملكة وتنصيب الإمام لولده لولاية العهد من بعده وولي العهد من بعد أن يصير حاكماً ينصب ولده أيضاً لولاية العهد من بعده قد أساء وشوه مفهوم الإمامة وزهد فيها وقصم ظهرها وخالفها مخالفة صريحة وتحولت إلى نظرية الأمر الواقع وهو ما يجب الاعتراف بهذا الخطأ الجسيم و للأسف فمن ينتقدون بشدة الإمامة بسبب بعض الأخطاء هم أنفسهم من يقدسون ملكية ووراثية بني أمية وبني العباس وآل سعود وغيرهم من الأسر المالكة المعاصرة ولا ينتقدون ذلك رغم سوء هؤلاء الملوك وظلمهم ولا يتنبه أن هناك فرق بين الشخص من أهل البيت الكفوء والعدل والعالم و ...الخ والذي يُجَوِّز الخروج عليه إذا ظلم ويخط بيده وجوب الثورة عليه أذا خالف وبين الظالم الذي يحرم الخروج والثورة على نفسه بالإضافة أنهم قد حصروا الإمامة في قريش وعملوا بها وشرعنوا لبني أمية وبني العباس بها ويقدسونها أضف إلى ذلك إلى أنهم حصروا الدين الإسلامي بكله في أربعة أشخاص فضلاء هم أصحاب المذاهب الأربعة بدون اي حجة ودليل ولا برهان والعجيب أيضاً أنهم لا يمانعون من الهاشمي الظالم ويؤيدونه ويحرمون الخروج عليه .
ومسألة أهل البيت عليهم السلام وشرط البطنين هو بحاجة إلى مزيد تأمل حيث أن أهل البيت وذريتهم اليوم قد أصبحوا ملايين ويتوزعون على أغلب الدول والمذاهب والطوائف والقوميات واللغات والقلة في هذا العصر يحملون هذه النظرية منهم ويجب التركيز على مسالة المنهج والعدالة لا على مسالة الحصر والنسب لأن في النظرية نفسها وبالخصوص في جزئها العملي ما يجعلها نظرية نموذجية على مستوى الإمة الإسلامية بل وتُقدم كرؤية إسلامية سياسية عالمية وذلك أنه لم يخرج أحد من المعتبرين من أهل البيت عليهم السلام لأنه هاشمي علوي فاطمي يعني من أجل انتسابه لأهل البيت ومن خرج عليه لأنه غير ذلك بل عدل ضد ظلم هذا أمر والأمر الثاني أنهم لا يفسقون من لم يقل بإمامتهم ولا يخرجون على الحاكم العادل من غيرهم ويخرجون على الظالم منهم ولا يفرضون إمامتهم على الأمة بل الأمة هي من تدعوهم وتلتف حولهم فالإمام زيد عليه السلام لم يكن إماماً ولا صار إماماً إلا بعد أن ألزمه الناس الحجة وطالبوه بالخروج ثم بايعوه وأعطوه العهود والمواثيق والإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين لم يكن إماماً ولا صار كذلك إلا بعد أن ذهب اليمنيون إليه في بيته في المدينة المنورة وطلبوا منه الحضور إليهم ليصلح شأنهم فخرج إلى اليمن ثم عاد المدينة المنورة حين لم يستجيبوا له في إقامة الحدود على الجميع دون التفريق بين وضيع وشريف ثم رجعوا إليه مرة أخرى إلى المدينة بدعوة من ملك اليمن آن ذاك طلبوا منه العودة إليهم وأعطوه العهود والمواثيق وعاد بأهله وبعض أصحابه ولم يعد بجيش وأول ما قام به الإصلاح بين القبائل المتناحرة فبايعوه وهذا أرقى اساليب الوصول إلى الحكم برغبة الناس والتفافهم بدون فرض وأجمل ما في النظرية على الإطلاق أنه طالما أن الوصول إلى الحكم فيها بالدعوة إلى إقامة الشريعة وبسط العدل وبالخروج على الظالم فإنه حين تكون الشريعة مقامة والعدل مبسوط والحاكم عادل فإنه لا مبرر للدعوة ولا للخروج ولا يذهب الناس أصلاً لدعوتهم للخروج بل إن أهل البيت عليهم السلام يعينون العادل ولو كان من غيرهم ويؤيدونه و في فترة الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز وهو أموي شاهد على ذلك لأن الحكم والسلطة عندهم وسيلة لتحقيق غاية العدل والحق وطالما الغاية متحققة فهو مرادهم وطالما والعدل جوهري في هذه النظرية فلتطالب الأمة به وسيطالب معهم أهل البيت وحين يتحقق ولو على يد غيرهم فإنه لا يخرجون ولا يطالبون بشيء بل هم في طليعة المضحين من أجله وهذا ما يسميه البعض إمامة المفضول مع وجود الفاضل .
وعلى كلٍ فالتقديس للحكام بشكل عام ومن الجميع وسواء تقديس الظالم منهم أو العادل والتحسس من نقدهم نقداً بناء أو من النصح لهم أومن قول كلمة الحق عندهم قد جر الويلات على الأمة وساهم في فسادهم وتجبرهم لأن الإمام ولي الأمر في الحقيقة بشر يخطئ ويصيب وتجري عليه الأحكام قبل غيره ويخضع للمساءلة القضائية كأبسط شخص في دولته لا فرق بينهما في هذا الجانب .
الفرق بين الثورة في الإسلام والثورة المذهبية
أول سمة من سمات النهج الثوري في الإسلام هو شموليته وتكامله وإنسانية ونبل أهدافه وغاياته فهو نهج بحجم الأمة لا بحجم المذهب وهذا يفسر إخفاق كثير من الحركات الإسلامية التي هي في حقيقة أمرها واستناداَ لحركتها في الواقع وأدبياتها هي حركات مذهبية وطائفية ومسيئة للإسلام وتستهدف نصرة من يؤيدها في الفكر والعقيدة وتتحرك في دائرة أتباعها متنكرة لغيرها من المسلمين ولهذا سقطت سقوطاً مدوياً وزادت الناس يأساً وإحباطاً وأفقدت الكثير منهم ثقتهم في دينهم وتطور بعضها إلى أن أصبحت تكفيرية لا ترقب في مؤمن إلاً ولا ذمة .
وتُعتبر ثورة الإمام زيد بن علي عليه السلام الامتداد الحقيقي لثورة الإمام الحسين عليه السلام النموذج الكامل للثورة الإسلامية الإصلاحية التصحيحية لواقع الأمة فكانت النموذج في قيادتها وفي وسطية فكرها وأدبياتها وفي أهدافها وأسلوبها .
فكر الثورة في الإسلام (مبدأ الخروج على الظالم)
أ/ طه الحاضري
الحمد لله رب العالمين القائل: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) والصلاة والسلام على نبينا الكريم القائل: (لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ أَوْ لَيُسَلِّطَنَّ الله عَلَيْكُمْ شِرَاركُمْ ثُمْ يَدْعُوا خِيَارُكُمْ فَلا يُسْتَجَابُ لَهُمْ) فصلوات الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين، وأصحابه المنتجبين وبعد:
فإن الحديث عن فكر الثورة في الإسلام أصبح ضرورة ملحة وحاجة ماسة لنا كأمة مسلمة عانت الأمرين عبر تاريخها وفي حاضرها المثخن بالجراح وسيبقى كذلك بالنسبة لمستقبلها الذي تتطلع إليه .
وفي ظل الأوضاع الراهنة التي يعيشها أبناء الأمة من هزيمة نفسية ساحقة وضيق في الأفق وتحجر في الفكر والشعور بالنقص والضعف وسيطرة اليأس والإحباط من تغيير واقعها إلى الأفضل وانعدام الثقة بالله واعتبار الذلة والواقع المخزي والمنحط الذي يعيشونه قدراً إلهياً يجب التسليم له والإيمان به والتعامل مع الأحداث العاصفة والفتن العاتية بالتجرد من المسؤولية وبنفسية اللامبالاة حتى أصبحت الأمة كالكرة تركلها الأمم الأخرى حسب أمزجتها وبعد كل ذلك يرجون الأجر من الله والثواب على هذا الوضع .
والأصل أن الأمة الإسلامية سُميت بالإسلامية نسبة إلى الإسلام الدين الحنيف الذي شرعه الله تعالى لكل البشرية هداية لها وجعله سبيل سعادة العالم بكل ما يحتويه من أمم وضامناً للكرامة الإنسانية المهدورة من قبل أعداء الإنسانية .
وطالما لإسلام بهذا الرقي وبهذه العالمية في فكره وتعاليمه فالمفروض أن نكبر ونعظم بعظمة الإسلام وشموليته وعمليته وإنسانيته وواقعيته لا أن نصغر الإسلام بصغرنا أو نحجمه بأفكارنا أو نشوهه بعقائدنا المتناقضة مع غاياته النبيلة وأخلاقه الكريمة التي من أهمها الكرامة الإنسانية والعزة الإسلامية .
ولأن الخلل في الأمة بدأ بالأفكار المنحرفة التي أصبحت فيما بعد ديناً وعقائد وتصورات للحياة حتى وصلت إلى جعلها من أصول الدين الإسلامي ووسيلة لعبادة الله سبحانه وتعالى وتجسدت في الواقع بما الأمة عليه من خنوع وتشتت ومسخ وتناقضمع التعاليم الإلهية فإن النهوض بالأمة يبدأ من الثورة على تلك الأفكار والعقائد ليحل محلها الفكر الإسلامي الحقيقي المنسجم مع الفطرة الإنسانية ولا يتعارض مع العقل والمنطق المنبثق من القران الكريم وحركة النبي صلى الله عليه وآله ونهج أهل بيته الذين لا يفترقون عن القران كما في الحديث الشريف: (إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبداً، كتاب الله وعترتي أهل بيتي، إن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض) ومن ثَمَّ يتجسد هذا الفكر في الواقع على شكل ثورة جهادية لإصلاح الأمة .
والمتأمل في الفكر الإسلامي الحقيقي يجده حاضراً في التاريخ الإسلامي بقوة ويمكن تجسيده في الواقع المعاصر إذا استوعب الثورات الإسلامية النقية التي قادها أهل البيت عليهم السلام بدأ بكربلاء ومروراً بثورة حليف القران الإمام زيد بن علي عليه السلام ومن ثار على خطاه وصولاً إلى عصرنا هذا .
فكربلاء التي رسم الإمام الحسين عليه السلام فيها بدمائه الزكية الصورة الكاملة للثورة في الإسلام بكل تفاصيلها إلا أن الأمة تجمدت بعدها أو قامت بثورات غير مكتملة الفكر أمحدودة الأهداف حتى اكتملت صورة الثورة من جديد بحركة وثورة حفيد حسين كربلاء زيد بن علي عليهم السلام وعاد نبض الخط الجهادي الثوري والاستشهادي في الأمة وعادت معه أخلاق العزة والكرامة والحرية والعدالة والإباء والشهادة والتضحية لتعلن عن وجودها وحضورها في الميادين والساحات بطول وعرض الأمة وتؤكد أن صلاحيتها ممتدة وفاعليتها مستمرة وعمليتها حاضرة لا تنتهي ولا تتوقف حتى يرث الله الأرض ومن عليها .
الأسس الفكرية للثورة
عندما ينظر المسلم في كتب العقائد والأصول الدينية يرى بوضوح حجم الكارثة التي سببتها هذه العقائد حيث سلبت الإنسان الشعور بالحاجة للعمل والحركة في ميدان الحياة وقضت على روح المسؤولية لديه ووضعته في مربع السلبية واللامبالاة معتبرة ذلك جزء من الإيمان بالله سبحانه وتعالى والجمود تقرباً إليه .
وعند البحث عن السبب الحقيقي لظهور هذ العقائد والأفكار نجد أن السلطات الظالمة والحكومات الجائرة هي من اخترعتها لتخدير الناس عن معارضتها ولكي يتقبلوا ظلمها وفسادها وأول من قام بذلك معاوية بن أبي سفيان حيث أظهر عقيدة الجبر والقدر ووجوب طاعة الحاكم الظالم وحرمة الخروج والثورة عليه وتبعه على ذلك كل ظالم حكم بعده بمختلف مسمياتهم من خليفة وإمام وملك وأمير ورئيس وسلطان وغيرها من المسميات .
وأمام هذا الخرق والخلل الفكري والإيماني نهض الإمام زيد عليه السلام لإصلاحه متسلحاً بحليفه القران الكريم الذي خلا به ثلاثة عشر سنة يتلوه ويتأمله ويتدبره فناظر وحاور وناقش ووضح وبين وعلم ودرس وخطب وألف وأقام الحجة ودحض تلك التصورات السلطوية وألجم علماء السوء علماء السلطة والبلاط ونزه الله سبحانه وتعالى عن كل ما ينسبه الظالمون إليه .
فميدان القلوب والعقول والنفوس ميدان الفكر والإيمان والعقيدة والعلم هو نقطة البداية للثورة والجهاد في الإسلام لأنها محتلة بافتراءات وأباطيل الظلمة وتحريرها أول خطوة في طريق نيل رضا الله تعالى واقتلاع الظلم والظلمة من على كاهل الأمة .
ومن هنا سُمي أهل البيت من وافقهم أهل العدل والتوحيد ومن تابع الظلمة والملوك سُموا بالمجبرة والقدرية .
وخلاصة عقيدة أهل البيت عيهم السلام فيما يتعلق بعدل الله تعالى ووعده ووعيده أن الإنسان خلقه الله تعالى مخيراً حراً مكلفاً يستطيع أن يفعل الخير ويستطيع أن يفعل الشر وقد أمره الله تعالى بفعل الخير ونهاه عن الشر فإن فعل الخير أثابه الله تعالى وجعل مصيره الجنة وإن فعل الشر وفعل الكبائر ولم يتب عاقبه الله تعالى فلا تناله الشفاعة وجعل مصيره النار خالداً مخلداً فيها لا يخرج منها أبداً لأن أفعال الإنسان هي صادرة من الإنسان نفسه وهو مسؤول عنها وكل ما كلفه الله تعالى به وأمره ونهاه في حدود استطاعة ولم يكلفه فوق طاقته وزوده بالقوة التي يستطيع بها الفعل والترك وأن الله لا يأمر بالظلم ولا الفساد ولا المعصية ولا القبيح ولم يقدر ذلك على عباده ولم يجبرهم على فعلها ولم يخلقها فيهم .
وهذه العقيدة وهذا الإيمان الواعي يدفع الإنسان أن يتحمل مسؤوليته في الحياة تجاه دينه وأمته وهذا الفكر هو ما يمكن أن نخاطب به العالم ونحاجج به الأديان الأخرى لأنه لغة العقل ومنطق القران ونقاء الفطرة ومن ثمراته عدم الرضوخ للظلم والظالمين والقيام بمسؤولية مجابهتهم ومواجهتهم بكل الطرق المشروعة والتي تأتي في نهاية المطاف الثورة الجهادية العسكرية المسلحة كآخر حل وآخر الدواء الكي كما يقولون .
أما عقيدة الملوك والظلمة والطغاة والجبابرة فهي على النقيض تماماً وخلاصتها أن الله تعالى خلق الإنسان مجبراً غير مخير وقدر عليه فعل المعاصي والآثام بعد أن خلقها فيه وقدر عليه الظلمة وقدر جرائمهم بحقه وبحق غيره وأنهم مهما فعلوا وأجرموا وبغوا وظلموا وفعلوا الكبائر إلا أنهم ما زالوا مؤمنين وإن لم يتوبوا ومن أصحاب الجنة وتنالهم الشفاعة وإن حدث ودخل بعضهم النار فسرعان ما سيخرجون منها ويدخلون الجنة وطاعتهم واجبة ووهم أولياء الأمر وتوليهم ضرورة إيمانية والخروج عليهم والثورة في وجوههم محرمة وخروج من الملة وردة عن الدين ويستحق صاحبه القتل بتهمة الخروج عن الجماعة وشق عصا الطاعة ولا يخفى التناقض الفج في هذه العقيدة حيث لم يعد للأوامر والنواهي الإلهية أي معنى ولا للوعيد القرآني أي تأثير وقدست الظالم أكثر من الله وجعلت طاعته مقدمة على طاعة الله سبحانه وتعالى وناسخة لها .
وهذه العقيدة مهدت الأرضية للظلمة على مر التاريخ ليعيثوا في الأرض فساداً وبكل حرية لأنها أعطت الظالم حصانة مطلقة من المساءلة القانونية والقضائية والشعبية بل وحتى الإلهية وصورت الإسلام وكأن دين الجمود ومسخ ليس لديه رؤية سياسية ولا ثورية ولاجهادية .
ويتضح مما سبق أن الفكر الإسلامي هو من يصنع الموقف ويحث على القيام بالمسؤولية ويدفع باتجاه العمل والحركة في الميدان ويفجر الثورة على الظالمين والمعتدين والمستعمرين المحتلين وينفخ في الأمة روح الجهاد والمقاومة ويدعوا إلى الحفاظ على الكرامة الإنسانية وإلى عشق الشهادة والنصر والحرية ونشر العدالة على الأرض ومواجهة جبابرة العالم ودول الاستكبار فيه ناهيك عن اقتلاع الحاكم الظالم المسلم من جذوره ورمية في زبالة التاريخ حتى يكن جزءاً من الماضي وعبرة للحاضر وعظة في المستقبل .
أما فكر الملوك والطواغيت فهو فكر لا أصل له ولم يكن له وجود وإنما اختلقه الظلمة كما قلنا لتبرير أفعالهم وتحصين أنفسهم من غضبة الشعوب ولشرعنة غيهم وضلالاهم وشتان ما بين فكر يصنع مواقف الحرية والعدالة والبطولة ويحافظ على الكرامة الإنسانية وبين فكر يصنع الجمود والمهانة والخضوع والذلة واللامبالاة ويُقدم الأمة فريسة سهلة للأعداء وكما يُقال على طبق من ذهب .
وهنا يأتي الدور الحقيقي والفعال للعلماء الذين ركز الإمام زيد عليه السلام في ثورته الفكرية عليهم وأرسل لهم رسالة وضح فيها دورهم الإيجابي حينما يتحركون في خط الإسلام ودورهم السلبي حينا يدورون في فلك الظلمة فالعالم ليس وظيفته مجرد الفتوى في الأمور الفقهية والتعبدية المحدودة فحسب ولكن دوره إشاعة الفكر الإسلامي بشموليته وتكامله وعالميته وجهاديته والفكر الإسلامي هو ما نتعلمه في مادة أصول الدين التي من الخطأ اقتصارها على المواضيع التاريخية والفرق التاريخية دون مواجهة الفرق المعاصرة كما فعل الإمام زيد عليه السلام في عصره كما لا يجوز سجن القضية السياسية في الأمة داخل تلك الكتب دون التفاعل مع الواقع وفي الحقيقة فإن دراسة باب الإمامة أو الخلافة في كتب العقائد وأصول الدين وعلم الكلام أو بدراسة باب السير في الفقه هو دراسة العلوم السياسية التي لا بد من وضع الأنظمة السياسية المعاصرة كجزء من الدراسة فيها حتى لا يخرج العالم وطالب العلم وهو جاهل بأهم قضايا الأمة لا يفهم من واقعه السياسي شيئاً ولا يملك الوعي السياسي ولا الحس الثوري ولا الروح الجهادية .
الفكر السياسي في الإسلام وعلاقته بفكر الثورة فيه
من خلال ما سبق ذكره من خلاصتي عقيدة العدل عقيدة أهل البيت عليهم السلام وعقيدة الجبر والقدر والإرجاء عقيدة الملوك والظلمة برز التناقض بين الفكر السياسي الإسلامي الناتج عن عقيدة العدل وبين فكر الملوك والظلمة الناتج عن عقيدة الجبر والقدر .
ولا شك أن الثورة لا تكون إلا على الظالم بقيادة العادل ليحل محله وبذلك يحل العدل محل الظلم ولكن عدم وضوح الرؤية السياسية والثورية في موضوع من يحق له حكم الأمة ومن يقود الثورة في حالة الخروج على الظالم جعل من الأمة ألعوبة بيد السفهاء ويجعل من الثورات فوضى ومجرد عبث.
وهذه القضية هي من صلب فكر الثورة في الإسلام لأن القيادة الواعية التي المفترض أن تحكم الأمة بعد إزالة الظالم هي بمثابة الرأس من الجسد وكما لا خير في جسد لا رأس معه فكذلك لا خير في ثورة لا قيادة واعية معها لأن الثورة ليست مجرد معارضة سياسية ولكنها إصلاح شامل للأمة .
أبرز النظريات السياسية الإسلامية
هناك العديد من النظريات والرؤى والعقائد السياسية باسم الإسلام بل لقد طغت هذا العقائد على العقيدة في الله تعالى فأصبح الناس لا يهتمون بتنزيه الله تعالى وتوحيده ومعرفته بقدر اهتمامهم بمعرفة الحاكم وولي الأمر حسب المذهب والطائفة بل لقد أصبحت العقيدة السياسية هي الأصل والعقيدة في الله تعالى تابعة لها وأصبح منظور الناس في الاتفاق والاختلاف منظور سياسي وليس ديني وجل الخلاف المذهبي والطائفي هو خلاف سياسي في أشخاص من بعد الرسول صلى الله عليه وآله في قضية الحكم والخلافة والإمامة وولاية أمر الأمة نتج عنه الخلاف الفكري والعقائدي والمذهبي والطائفي وحتى أصحاب المذهب الواحد والفكر الواحد والطائفة الواحدة نجدهم مختلفين سياسياً بسبب الزعامة والوجاهة ..
ويوجد هناك ثلاث نظريات سياسية رئيسية وكلها لها علاقة بالثورة من حيث الخروج على الظالم أو الخروج مع العادل كقيادة ثورية تكون البديل عن الظالم بعد إزالته واقتلاعه وهذا الأمر ما فشلت فيه أغلب ثورات ما يُسمى بثورات الربيع العربي .
نظرية الأمر الواقع
خلاصة هذه النظرية هي أن ولاية أمر الأمة مجرد كرسي من وصل إليه أصبح ولي الأمر والخليفة والإمام وواجب الطاعة وصاحب شرعية بغض النظر عن صلاحه من فساده وعن عدله من ظلمه وبغض النظر عن كيفية وصوله إلى الحكم بطرق شرعية أو غير شرعية وبغض النظر عن طريقة حكمه وعن كفاءته وأهليته .
وتعتمد هذه النظرية على عدة وسائل للوصول إلى الحكم منها الشورى وفيها إشكالية حيث لا يستطيع المسلمون الاجتماع للتشاور وهم أمة من المشرق حتى المغرب وستبرز إشكالية من يحق له أبداء الرأي في الاختيار والأمة اليوم عدة دول وعدة مذاهب وعدة طوائف وهل حدث فعلاً أن تشاور الناس على أمر وخرجوا بحل لقد اختلفوا في أمور كثير تتعلق بمعرفة الله تعالى وتوحيده وعدله ووعده ووعيده واختلفوا في الصلاة والأذان والوضوء أفتراهم يتفقون على شخص هكذا بكل بساطة في أعقد أمر على مر التاريخ وفي الواقع على امتداد العالم ثم لو افترضنا أن الشورى قابلة للتطبيق واختاروا فاسقاً وظالماً هل أصبح ولي أمر شرعي واجب الطاعة؟
وتعتمد هذه النظرية أيضاً على ولاية العهد والوراثة والملكية وحصر الحكم في الأسرة المالكة كما وتعتمد على مبدأ الغلبة بمعنى أن من وصل إلى الحكم بسفك الدماء وإثارة الفتن والخروج على ولي الأمر المحرم الخروج عليه حسب النظرية نفسها - وهذا من التناقض – وهزمه أو قتله أصبح هذا الباغي والخارج ولي الأمر الشرعي بعد انتزاعه الولاية ممن كان قبله بالقوة والبطش ثم تعطيه النظرية حصانة من المعارضة وتباركه باسم الله وتغلف حكمه بغلاف ديني وتحميه بالفتاوى .
وهذه النظرية ووسائلها هي التي ضربت الأمة ومزقتها وسفكت دماءها وبها اعتلى بنو أمية عرشها وحصروا حكمها فيهم فتوارثوه فيما بينهم حتى أزاحهم بنو العباس وحلوا محلهم وحصروا الحكم فيهم وتوارثوه حتى صار الطفل منهم خليفة وهكذا دول تتعاقب بهذه الطريقة وصولاً إلى العثمانيين الذين مشوا على طريقة من سبقهم إلى أن وصل الحال كما هو عليه اليوم من تعدد أولياء الأمر في الأمة حتى وصل عددهم إلى سبع وخمسين ولي أمر في وقت واحد وكل يدعي أنه شرعي وأن الله أمر بطاعته وحول كل واحد علماء يشرعون لحكمه ويحرمون معارضته والخروج والثورة عليه فهذا وصل إلى الحكم بانقلاب وذلك بولاية عهد وذلك بالوراثة وذلك بالاستعانة بالغرب المنشئ والمتحالف حليف الدول الملكية المستبدة الذي يدعي الديمقراطية بطريقة المسرحيات الانتخابية وبنسبة الفوز فيها بأكثر من خمس وتسعين في المئة من أصوات الشعب وفي الأخير يثور الشعب عليهم وكلهم حسب نظرية الأمر الواقع في الحكم شرعيون واجبوا الطاعة وفتحت القتل والقتال على كرسي الحكم عبر التاريخ إلى اليوم فهي نظرية فتنة .
نظرية الهروب من المسؤولية
خلاصة هذه النظرية أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نص على اثنا عشر إماماً أولهم الإمام علي بين أبي طالب وأخرهم المهدي المنتظر المولود حسب النظرية قبل مئات السنين ثم غاب وهو ما زال حياً حتى يومنا هذا وهو الإمام الشرعي للأمة ولا يجوز أن يلي أمر الأمة أحد قبل ظهوره لأنه الإمام الشرعي وما على الأمة إلا الانتظار له فقط .
ومنشأ هذه النظرية وبدايتها له علاقة بثورة الإمام زيد بن علي عليه السلام وقد اخترعها قوم كانوا قد بايعوه للقيام بمسؤوليتهم الدينية وأداء واجبهم الجهادي والثوري الذي تمليه عليهم عقيدة العدل والفطرة ولكنهم تراجعوا في آخر اللحظات خوفاً من السلطات الأموية آنذاك فجبنوا عن الجهاد في سبيل الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهربوا من المسؤولية بالقول أن الإمام زيداً عليه السلام ليس الإمام وإنما الإمام هو جعفر الصادق عليه السلام الذي كان فعلاً إمام علم وزهد وعبادة ولم يكن إمام جهاد وسياسة وثورة كالإمام زيد الذي كان كذلك بالإضافة إلى كونه إماماً أيضاً في العلم والزهد والعبادة وكفؤاً لقيادة الثورة والأمة وقد حدث هذا الموقف من أولئك القوم في قصة مشهورة سماهم الإمام زيد عليه السلام بالرافضة - وسياتي الحديث عن هذا الموقف وعن تسمية الرافضة في سياقه – ثم دعمت هذه النظرية من قبل السلطات العباسية نكاية بأهل البيت الثائرين .
ولهذه النظرية السلبية التي خذلت الثورات المتلاحقة شطحات كبيرة حيث اعتبرت الأئمة اثنا عشر معصومين بالنص والتعيين وأفضل من الملائكة المقربين ومن الأنبياء والمرسلين باستثناء خاتمهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ونسبت إليهم علم الغيب والولاية التكوينية التي تتحكم في ذرات الكون وغيرها مما يتعارض مع القرآن الكريم ومع العقل والمنطق .
ولكن حصل تحول إيجابي في هذه النظرية في قضية الانتظار للمهدي المنتظر الغائب حسب النظرية وعاد كثير من معتقديها إلى حضن الثورة والجهاد والقيام بالمسؤولية بقيام الثورة الإسلامية في إيران وانتصارها بقيادة مرجعها الإمام الخميني رحمه الله الذي توصل إلى نظرية ولاية الفقيه وقد استدل على ولاية الفقيه ودور العلماء في كتابه الحكومة الإسلامية بمقاطع كثيرة من رسالة الإمام زيد عليه السلام إلى علماء الأمة ونسبها إلى الإمام علي عليه السلام وثم ما ترتب على امتصار الثورة من ظهور حزب الله في لبنان كمقاومة إسلامية وكقوة جهادية أصبحت فخراً لكل الأمة الإسلامية .
ومضمون ولاية الفقيه أنها تعاملت مع الواقع وأعطت الفقيه العالم المجتهد على مذهب الجعفرية ولاية على الأمة كنيابة عن المهدي المنتظر الحي الغائب لبناء دولة قوية عادلة يستلمها الإمام المهدي حال ظهوره ويُطلق على الولي الفقيه كالخميني والخامنئي نائب الإمام المهدي وخرجوا عملياً عن الحصر في الإثنا عشر واصبح لهم إمامان جديدان الإمام الخميني والإمام الخامنئي .
طبعاً ليس كل الشيعة الإثنا عشرية يؤمنون بولاية الفقيه لكن جزء كبير منهم كذلك وهذه النظرية اعتراف بقصور النظرية الأصل في ترك الأمة مئات السنين بلا إمام ولا حكم ولا ثورة ووقعت في طاعة الظالم وحرمة الخروج عليه قبل ظهور الإمام المهدي حيث لا يجوز ذلك إلا تحت قيادته ومن ناحية أخرى هو اعتراف غير مباشر بخطأ تاريخي وعقائدي وفكري كلّف الأمة الكثير ودفعت ثمناً باهضاً لذلك ومع ذلك تبقى هذه النظرية غير عملية بالنسبة لحجم الأمة لأنه مبنيه على أن هناك مهدي حي غائب سيخرج في يوم ما لاستلام زمام الأمور والولي الفقيه نائبه وغير معروف كيف أناب المهدي الولي الفقيه عنه وهذه النظرية محدودة لأنها غير واسعة الأفق وغير منطقية وتحتاج إلى تعميم المذهب الاثنا عشري على الأمة حتى تتقبل فكرة الولي الفقيه وهذا ما لن يتحقق .
نظرية الجهاد والاجتهاد
خلاصة هذه النظرية أن من يلي أمر الأمة يجب أن يكون
- شخصاً مكلفاً – بالغاً عاقلاً - فلا تجوز ولاية الطفل ولا المجنون
- ذكراً فلا تجوز ولاية النساء
- حراً فلا تجوز ولاية العبيد
- سليم الحواس والأطراف فلا تجوز ولاية المشلول ومن فقد أحد الحواس الخمس أو أحد أطرافه
- عالماً مجتهداً في الدين وبما تحتاجه الأمة فلا تجوز ولاية الجاهل
- عدلاً ورعاً فاضلاً نزيهاً ليس في تاريخه سوابق سيئة فلا تجوز ولاية الفاسق والظالم والفاسد
- سخياً كريماً فلا تجوز ولاية البخيل أو المسرف والمبذر
- مدبراً سياسياً محنكاً حكيماً كفؤاً أكثر رأيه الإصابة فلا تجوز ولاية من لا يفهم في السياسة والقيادة والإدارة
- شجاعاً بطلاً مقداماً لديه القدرة على قيادة الجيوش وإدارة المعارك والتدبير في الحرب ورفع معنويات الأمة فلا تجوز ولاية الجبان
- علوياً فاطمياً – من أهل البيت من البطنين من ذرية الحسن أو الحسين - فلا تجوز ولاية غيرهم
- لم يسبقه إمام استوفى الشروط السابقة بايعه الناس والتفوا حوله فلا تجوز معارضته .
ومن خلال النظرية السابقة فإن الإمام ولي أمر المسلمين ليس معصوماً ولا منصوصاً عليه بعد الإمام علي والحسنين عليهم السلام وفي نفس الوقت ليس ظالماً ولا فاسقاً وليس غائباً بل ظاهراً وتجري عليه الأحكام القضائية كما تجري على أبسط إنسان في دولته واللافت في هذه النظرية هو مبدأ الكفاءة فكما في أي شركة من أهم شروط إدارتها لتكون ناجحة الكفاءة والخبرة والمؤهل والأمة أكبر من شركة أو مؤسسة فلا يمكن أن يأتي فلاح مثلاً ويستولي على طائرة وبمجرد استيلائه عليها أصبح قادراً على قيادتها والطيران بها .
وتعتمد هذ النظرية على أمرين للوصول إلى حكم الأمة وهما الدعوة والخروج على الظالم أو اختيار أهل الحل والعقد وبهذا لا يصير الإمام ولي أمر الأمة إماماً تلقائياً بمجرد الوصول إلى الحكم أو بالنص بل بالقيام بأعباء الإمامة وتحمل المسؤولية في الظروف القاسية وفي وقت تخلي الجميع عن مسؤوليته فيخرج في وجه الظالم من أجل إقامة العدل والشريعة ويعرض نفسه للخطر ويضحي بروحه وفي كثير من الأحيان يرقى إلى السماء شهيداً قد أدى واجبه وقام بمسؤوليته وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر وأقام الحجة وأبرأ ذمته وجاهد في سبيل الله .
ومن هنا فإن الالتفاف حول القائم المتحمل للمسؤولية واجب ومسؤولية وتركه والتعذر بأنه ليس الإمام والجمود مع شخص قاعد بحجة أنه هو الإمام لا يعفي من المسؤولية وهذا العذر هو ما يضرب الأمة إلى اليوم وهو أن كل مجموعة من الناس يتمحورون حول عالم قاعد ويقدسونه ويعطونه حق الطاعة والإتباع والولاء .
ويؤخذ على هذه النظرية أنه لا توجد آليه معينة لانتقال ولاية الأمر والحكم من الإمام المتوفى إلى من يليه وفي هذه النقطة حصلت حروب بين أبناء الإمام المتوفي والإمام الجديد بالإضافة أنه كان يتعارض أكثر من إمام في وقت واحد ويحصل بينهم قتال وهنا يجب التوضيح في حال التعارض فيما مر من التاريخ من هو الإمام الشرعي ومن هو الباغي ومن هو الإمام الظالم ومن هو العادل الذي خرج وثار عليه وعلى العموم فهو أقل سوءاً من تعارض أمثر من سبعة وخمسين ولي أمر في عصرنا الحاضر ولا ينتقد من ينتقد تعارض إمامين أو ثلاثة او حتى أربعة في عصر واحد في فترة تاريخية معينة تعارض الحكام في عصرنا هذا بل يشرع للجميع ويدافع عن الجميع ويفتي في الدولة الفلانية على ضرورة الشعب في الدولة الفلانية الأخرى بطاعة ولي أمرهم وهكذا دواليك كما أنه باسم هذه النظرية كان في بعض الفترات يكون الخروج والثورة من أجل السلطة والوصول إليها بالغلبة وتصبح الإمامة كالملك العضوض ويصبح الحاكم ظالم ويقمع مبدأ الثورة عليه بحجة أنه من أصحاب هذا الفكر والواجب تنزيه النظرية من مثل هؤلاء وعدم الدفاع عنهم او تلميعهم حتى لا تتشوه هذه النظرية العظيمة .
ومما تجدر الإشارة إليه هو الحصر في أهل البيت عليهم السلام – في البطنين في ذرية الحسن الحسين – حيث اعتبره الأكثر من أصحاب النظرية شرط صلاحية بمعنى أن ولاية أمر الأمة لا تجوز في غير الهاشمي الحسني أو الحسيني والأقل اعتبره شرط أولوية وأفضلية فقط وليس شرط صلاحية وهذا الشرط هو مرتبط أساساً بالشروط الأخرى فلا يجوز ولاية الهاشمي الحسني أو الحسني حسب النظرية من لم يستوفي الشروط كلها فلا تجوز ولاية الهاشمي الظالم والجبان والجاهل و...الخ هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن التشنيع الذي يُشن على هذا الشرط بحجة أنها وراثية وملكية مستدلين بأن الإمامة كانت تنحصر في بعض البيوت والأسر الهاشمية وبالذات في اليمن والرد على ذلك أنه إذا كان التوارث مجرد من استيفاء الشروط فهو مذموم قطعاً أما إذا تحققت الشروط فليس سبب الإمامة التوارث وإنما اكتمال الشروط فلا إشكال في ذلك وفعلاً ما حصل في الفترة المتأخرة من جعلها وراثية ملكية يتوارثها أبناء وأحفاد الإمام لمجرد أنهم أبناءه وأحفاده وتسمية الدولة بالمملكة وتنصيب الإمام لولده لولاية العهد من بعده وولي العهد من بعد أن يصير حاكماً ينصب ولده أيضاً لولاية العهد من بعده قد أساء وشوه مفهوم الإمامة وزهد فيها وقصم ظهرها وخالفها مخالفة صريحة وتحولت إلى نظرية الأمر الواقع وهو ما يجب الاعتراف بهذا الخطأ الجسيم و للأسف فمن ينتقدون بشدة الإمامة بسبب بعض الأخطاء هم أنفسهم من يقدسون ملكية ووراثية بني أمية وبني العباس وآل سعود وغيرهم من الأسر المالكة المعاصرة ولا ينتقدون ذلك رغم سوء هؤلاء الملوك وظلمهم ولا يتنبه أن هناك فرق بين الشخص من أهل البيت الكفوء والعدل والعالم و ...الخ والذي يُجَوِّز الخروج عليه إذا ظلم ويخط بيده وجوب الثورة عليه أذا خالف وبين الظالم الذي يحرم الخروج والثورة على نفسه بالإضافة أنهم قد حصروا الإمامة في قريش وعملوا بها وشرعنوا لبني أمية وبني العباس بها ويقدسونها أضف إلى ذلك إلى أنهم حصروا الدين الإسلامي بكله في أربعة أشخاص فضلاء هم أصحاب المذاهب الأربعة بدون اي حجة ودليل ولا برهان والعجيب أيضاً أنهم لا يمانعون من الهاشمي الظالم ويؤيدونه ويحرمون الخروج عليه .
ومسألة أهل البيت عليهم السلام وشرط البطنين هو بحاجة إلى مزيد تأمل حيث أن أهل البيت وذريتهم اليوم قد أصبحوا ملايين ويتوزعون على أغلب الدول والمذاهب والطوائف والقوميات واللغات والقلة في هذا العصر يحملون هذه النظرية منهم ويجب التركيز على مسالة المنهج والعدالة لا على مسالة الحصر والنسب لأن في النظرية نفسها وبالخصوص في جزئها العملي ما يجعلها نظرية نموذجية على مستوى الإمة الإسلامية بل وتُقدم كرؤية إسلامية سياسية عالمية وذلك أنه لم يخرج أحد من المعتبرين من أهل البيت عليهم السلام لأنه هاشمي علوي فاطمي يعني من أجل انتسابه لأهل البيت ومن خرج عليه لأنه غير ذلك بل عدل ضد ظلم هذا أمر والأمر الثاني أنهم لا يفسقون من لم يقل بإمامتهم ولا يخرجون على الحاكم العادل من غيرهم ويخرجون على الظالم منهم ولا يفرضون إمامتهم على الأمة بل الأمة هي من تدعوهم وتلتف حولهم فالإمام زيد عليه السلام لم يكن إماماً ولا صار إماماً إلا بعد أن ألزمه الناس الحجة وطالبوه بالخروج ثم بايعوه وأعطوه العهود والمواثيق والإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين لم يكن إماماً ولا صار كذلك إلا بعد أن ذهب اليمنيون إليه في بيته في المدينة المنورة وطلبوا منه الحضور إليهم ليصلح شأنهم فخرج إلى اليمن ثم عاد المدينة المنورة حين لم يستجيبوا له في إقامة الحدود على الجميع دون التفريق بين وضيع وشريف ثم رجعوا إليه مرة أخرى إلى المدينة بدعوة من ملك اليمن آن ذاك طلبوا منه العودة إليهم وأعطوه العهود والمواثيق وعاد بأهله وبعض أصحابه ولم يعد بجيش وأول ما قام به الإصلاح بين القبائل المتناحرة فبايعوه وهذا أرقى اساليب الوصول إلى الحكم برغبة الناس والتفافهم بدون فرض وأجمل ما في النظرية على الإطلاق أنه طالما أن الوصول إلى الحكم فيها بالدعوة إلى إقامة الشريعة وبسط العدل وبالخروج على الظالم فإنه حين تكون الشريعة مقامة والعدل مبسوط والحاكم عادل فإنه لا مبرر للدعوة ولا للخروج ولا يذهب الناس أصلاً لدعوتهم للخروج بل إن أهل البيت عليهم السلام يعينون العادل ولو كان من غيرهم ويؤيدونه و في فترة الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز وهو أموي شاهد على ذلك لأن الحكم والسلطة عندهم وسيلة لتحقيق غاية العدل والحق وطالما الغاية متحققة فهو مرادهم وطالما والعدل جوهري في هذه النظرية فلتطالب الأمة به وسيطالب معهم أهل البيت وحين يتحقق ولو على يد غيرهم فإنه لا يخرجون ولا يطالبون بشيء بل هم في طليعة المضحين من أجله وهذا ما يسميه البعض إمامة المفضول مع وجود الفاضل .
وعلى كلٍ فالتقديس للحكام بشكل عام ومن الجميع وسواء تقديس الظالم منهم أو العادل والتحسس من نقدهم نقداً بناء أو من النصح لهم أومن قول كلمة الحق عندهم قد جر الويلات على الأمة وساهم في فسادهم وتجبرهم لأن الإمام ولي الأمر في الحقيقة بشر يخطئ ويصيب وتجري عليه الأحكام قبل غيره ويخضع للمساءلة القضائية كأبسط شخص في دولته لا فرق بينهما في هذا الجانب .
الفرق بين الثورة في الإسلام والثورة المذهبية
أول سمة من سمات النهج الثوري في الإسلام هو شموليته وتكامله وإنسانية ونبل أهدافه وغاياته فهو نهج بحجم الأمة لا بحجم المذهب وهذا يفسر إخفاق كثير من الحركات الإسلامية التي هي في حقيقة أمرها واستناداَ لحركتها في الواقع وأدبياتها هي حركات مذهبية وطائفية ومسيئة للإسلام وتستهدف نصرة من يؤيدها في الفكر والعقيدة وتتحرك في دائرة أتباعها متنكرة لغيرها من المسلمين ولهذا سقطت سقوطاً مدوياً وزادت الناس يأساً وإحباطاً وأفقدت الكثير منهم ثقتهم في دينهم وتطور بعضها إلى أن أصبحت تكفيرية لا ترقب في مؤمن إلاً ولا ذمة .
وتُعتبر ثورة الإمام زيد بن علي عليه السلام الامتداد الحقيقي لثورة الإمام الحسين عليه السلام النموذج الكامل للثورة الإسلامية الإصلاحية التصحيحية لواقع الأمة فكانت النموذج في قيادتها وفي وسطية فكرها وأدبياتها وفي أهدافها وأسلوبها .
مواضيع مماثلة
» : حث الإسلام على مبدأ السلام خطبة الجمعه
» قيادة الثورة وإمامة الأمة
» المطلب الثاني: عرض مبدأ الأمان في مقابل حقن الدماء
» شبهة انتشار الإسلام بالسيف دراسة مقارنة بين الإسلام والنصرانية
» حب أهل السنة أهل الإسلام للحسن والحسين يلخصه لنا شيخ الإسلام إبن تيمية . .
» قيادة الثورة وإمامة الأمة
» المطلب الثاني: عرض مبدأ الأمان في مقابل حقن الدماء
» شبهة انتشار الإسلام بالسيف دراسة مقارنة بين الإسلام والنصرانية
» حب أهل السنة أهل الإسلام للحسن والحسين يلخصه لنا شيخ الإسلام إبن تيمية . .
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة 21 يونيو 2024, 12:25 am من طرف Admin
» هل الانجيل محرف
الأربعاء 19 يونيو 2024, 2:34 pm من طرف Admin
» شبهات النصاري زواج ام المؤمنين عائشه،
الإثنين 17 يونيو 2024, 10:30 am من طرف Admin
» الفرق بين السنه والفقه
السبت 11 مايو 2024, 11:23 pm من طرف Admin
» كيف عرفت انه نبي..
الجمعة 26 أبريل 2024, 5:40 am من طرف Admin
» موضوع هل يدخل الجنه غير المسلمين،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:48 am من طرف Admin
» التدرج في التشريع
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:43 am من طرف Admin
» كتب عليكم الصيام،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:41 am من طرف Admin
» اقوال العلماء في تفسير ايه الحجاب،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:40 am من طرف Admin