بحـث
الشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المواضيع الأخيرة
نوفمبر 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | |||||
3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 |
10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 |
17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 |
24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
الحمدلله على نعمة الاسلام
ايها الاخوه الدعاه الى الله وكذا جميع الزائرين والزائرات مرحبا بكم واهلا نتمنى من الله ان نكون عند حسن ظنكم جميا والله الموفق الى الخير وهو حسبنا ونعم الوكيلالشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 11 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 11 زائر لا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 76 بتاريخ الأربعاء 30 أكتوبر 2024, 11:01 pm
حوار بين شاب مسلم : وزميله النصراني (جورج) :3
صفحة 1 من اصل 1
حوار بين شاب مسلم : وزميله النصراني (جورج) :3
3- تهمة المرض:
قال جورج: لكن إن أنا آمنت بعد كل ما سمعت منك؛ أن محمداً لم يكن كذاباً ولا مشعوذاً ولا ملفقاً، فهناك من يتهمه بأنه كان مريضاً(48.. جاء في كتاب (حياة محمد) لإميل درمنغم – تعريب عادل زعيتر – ط2 ص11: «ذهب سبرنجر إلى أن محمداً كان مصاباً بالخُباط (أي الهيستريا) ثم نقض بابينسكي ذلك، وقرر مسيو ماسينيون أنه كان متزناً») ..
قلت: ألا ترى بعد كل شهادات النخبة التي أسلفتها لك؛ أن تهمة المرض هذه تهمة باطلة؟
فتروَّى جورج قليلاً ثم قال: أجل.
- قلت: ومع هذا فلآتينك بشهادة جديدة على بطلانها؛ يقول المؤرخان المدققان (غودفرواميين - و - بلانونوف) في كتابهما (تاريخ العالم): «غاية ما نقدر أن نجزم به هو تبرئة محمد من الكذب والمرض، إنما كان محمد رجلاً ذا مواهب إلهية عليا؛ ساد بها أبناء عصره؛ وهي رباطة الجأش، وطهارة القلب، وجاذبية الشمائل، ونفوذ الكلمة. وكان عابداً عظيماً» (49.. عن كتاب (محمد بن عبد الله) تعريب عمر أبو النصر ص59) ..
- وتزكي هذه الشهادة شهادة أخرى للمؤرخ الشهير (فنلي) إذ قال: «إن نجاح محمد كمتشرع بين أقدم الأمم الآسيوية، وثبات نُظُمه مدى أجيال طويلة في كل نواحي الهيكل الاجتماعي؛ دليل على أن هذا الرجل الخارق قد كوَّنه مزيج نادر من أكبر العبقريات» (50.. عن كتاب (محمد والإسلام) تعريب عمر أبو النصر – ط. المكتبة الأهلية) ..
- وتزكي هاتين الشهادة شهادة ثالثة للمؤرخ والأستاذ الجامعي (ألين نيكوسين) في كتابه (سيرة غير معروفة للنبي محمد) إذ يقول: «لم يحمل التاريخ لنا حتى اليوم، وربما بعد اليوم؛ عقلية فذة استطاعت أن تغير المفاهيم السياسية في العالم؛ بقدر ما حظيت به عقلية رسول الإسلام». أتكون هذه العقلية عقلية رجل مريض يا جورج؟.
قال جورج: لا؛ وأود أن أنتقل إلى تهمة أكبر من تهمة المرض، بل لعلها تناقضها.
قلت: وما هي؟
------------------------
4- تهمة الشهوانية:
قال: هناك من يتهم محمداً نبي المسلمين بأنه كان رجلاً شهوانياً مُغرماً بالنساء، وأنه تزوج نساءً عدة، وأنه اجتمع عنده منهن تسع زوجات.
قلت: على رسلك يا جورج؛ أتعرف قصة زيجاته؟
قال: لا.
قلت: سأحدثك عنها، وسأروي لك أولاً نصاً لباحثة غربية تحدثت عن هذا الموضوع بشيءٍ من التفصيل من وجهة نظر غربية مُعتدلة. ثم سأحدثك بإيجاز عن الواقع التاريخي لهذه الزيجات كما ورد في المصادر الصحيحة.
قال: حسناً؛ هات ما عندك.
قلت: تقول البريطانية الباحثة في الأديان (كارين أرمسترونج) في كتابها (سيرة النبي محمد): «لقد أثار موضوع زوجات النبي تأملات كثيرة في الغرب، تتسم بالبذاءة والصفاقة، وبكثير من مشاعر الحسد التي فشل الكتَّاب في إخفائها؛ على نحو ما رأينا في الفصل الأول الذي بينتُ فيه أن محمداً كثيراً ما اتهم بالميل إلى الشهوة الجسدية. وقد فرض القرآن فيما بعد ألا يزيد عدد زوجات المسلم على أربع، ولو أن محمداً قد سُمح له باعتباره نبياً بأكثر من ذلك. والواقع أن الاقتصار على زوجة واحدة لم يكن يعتبر من الأعراف المستحبة في بلاد العرب إلا من جانب قلة لا تذكر، وبعد سنوات كثيرة عندما أصبح محمد من سادة العرب العظماء، كانت زوجاته الكثيرات من دلالة منزلته الرفيعة.
ويغلب أن يكون تعدد الزوجات هو العرف السائد في المجتمع القبلي، ولا يجد الكتاب المقدس – أي التوراة – غضاضة على الإطلاق في الحديث عن الإنجازات الجنسية للملك داود، أو الزوجات اللائي لا يحصى عددهن للملك سليمان، ويعتبر عدد زوجات النبي محمد، بالقياس إلى زوجاتهما، ضئيلاً إلى درجة كبيرة. والواقع أنهما كانا يعيشان، مثل النبي محمد، في مجتمع يمر بفترة انتقالية من الحياة القبلية إلى حياة المدينة، ولكن يخطئ من يظن أن محمداً كان ينعم بالملاذ في حديقة من المتع الدنيوية، بل إن كثرة زوجاته كانت أحياناً، على نحو ما سوف نرى، نعمة ونقمة معاً..» (51.. ص219 ترجمة د. فاطمة نصر - د. محمد عناني – ط. شركة صحارى) ..
وأردفتُ: هذا ما قالته الباحثة البريطانية .. والتي حاولت رد التهم الباطلة عن نبي المسلمين ما استطاعت.
أما الواقع التاريخي لزيجات النبي صلى الله عليه وسلم؛ فنستطيع أن نـُلمَّ به من تتبع السيرة النبوية في مصادرها الموثوقة. (52.. من مصادر السيرة الموثوقة: سيرة ابن هشام – عيون الأثر لابن سيد الناس – جوامع السـيرة لابن حـزم الظاهري – زاد المعاد لابن قيم الجوزية – السيرة النبوية الصحيحة د. أكرم ضياء العمري) ..
فماذا نجد في تلك المصادر؟
في ذروة مرحلة الشباب المتأجج المضطرم بالشهوة الجنسية العارمة؛ في سن الخامسة والعشرين؛ يتزوج محمد من امرأة في سن الأربعين – أي كان من الممكن أن تكون في سن أمه لو تزوجت وهي في سن الخامسة عشرة – ولم تكن امرأة بكراً كما يطمح الشباب في بيئته؛ بل سبق لها أن تزوجت قبله مرتين؛ كما أسلفت لك.
أهذا يدل على شهوانية يا جورج؟
قال: لا.
قلت: وعاش محمد معها، وأنجبت له بنين وبنات.. حتى بلغ هو سن الخمسين، وبلغت هي سن الخامسة والستين، أي أنه عاش معها حياة زوجية هانئة طيلة خمس وعشرين سنة، أي قضى معها مرحلة شبابه كلها، وكان في أثناء ذلك مثال الزوج المخلص الوفي القانع.
وفي هذه السن توفيت فصار من حق محمد أن يبحث عن زوجة جديدة، ولو لم تُتَوَفَّ لما بحث عن غيرها، مع أنها صارت عجوزاً بعرف بيئته.
وبعد سن الخمسين يا جورج؛ لا تكون الشهوانية مطمع الرجل؛ حتى إن كان قبلها شهوانياً، فما بالك بمن لم يكن كذلك كما بينت لك.
وبين الخمسين والستين حصلت زيجات النبي صلى الله عليه وسلم؛ التي اتهمه بعض الجهلاء لأجلها بالشهوانية.
قال جورج: لماذا تقول بعض الجهلاء؟
قلت: لأنهم لو لم يكونوا جهلاء لقرؤوا في السيرة النبوية عن أحوال هؤلاء النسوة اللواتي لم يكنَّ من غرض الرجل الشهواني.
قال: لِمَ؟
قلت: لأنه لم تكن منهن فتاة بكر سوى عائشة، أما سائرهن فقد كنَّ ثيبات سبق لهن أن تزوجن بغير النبي صلى الله عليه وسلم، وقد تخطين ميعة الصبا. أما السيدة عائشة فقد كانت سنها عندما تزوج بها تسع سنوات فقط، أي أنها كانت صغيرة ولم تظهر منها بعد المفاتن التي يصبو إليها الشهواني. وهو لم يتزوجها إلا تكريماً لأبيها أبي بكر الصديق أقرب أصحابه إليه.
قال جورج بعد أن تروَّى قليلاً: إن في هذا الكلام مَقنع؛ لكن إن أنا آمنت معك بأن زيجات محمد لم تكن عن شهوانية؛ فبماذا تفسرها لي؟
قلت: لو قرأتَ سيرة النبي صلى الله عليه وسلم في مصادرها الصحيحة التي سبق أن أشرت إليها، لوجدت أنه عندما تزوج بعد سن الخمسين لم يأت إلى داره بمجموعة من ملكات الجمال الغانيات اللواتي تصبو إليهن نفوس أصحاب الشهوات.. إنما جاء إلى داره بمجموعة من الأرامل اللواتي فقدن أزواجهن لأسباب مختلفة (53.. لا يتسع هذا البحث لذكرها هنا فانظرها في السير النبوية الصحيحة د. أكرم العمري فصل أمهات المؤمنين) .. ثم لم يتقدم إليهن الكفء الذي يعولهن ويصلح حالهن. فما كان من النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن صار يضمهن إلى داره عن طريق الزواج صوناً لهن، تلك الدار التي كانت تمر عليها أيام وليس فيها ما يكفي للنفقة عليهن! فأين هنَّ من التنعم الدنيوي فيها. ولقد جاء يوم اجتمعن فيه وعزمن على تقديم الاحتجاج لزوجهن مطالبات بالنفقة التي تكفيهن! ومن أين يأتيهن بما يكفيهن؟ إذا كان هو ذاته يلجأ أحياناً إلى ربط حجر على بطنه عندما ينزل به الجوع!
وهنا استبق جورج الكلام وقال: وكيف تصرف محمد في هذا الموقف؟
قلت: لقد تفكر في الأمر قرابة شهر، وهو ينتظر أن يوحي إليه الله سبحانه بما يفرج كربه. وفي نهاية ذلك الشهر نزلت الآيات القرآنية تقول: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً{28} وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْراً عَظِيماً} (54.. الأحزاب /28-29) .
لقد أمره الله سبحانه أن يُخير أزواجه بين الطلاق الذي يحصلن فيه على كافة حقوق المطلقات، فيما إذا كن يفضلن متاع الدنيا وزينتها، وبين البقاء معه طلباً للفوز بالدار الآخرة وما أعد الله سبحانه فيها للمحسنات من ثواب.
قال جورج: وماذا اختارت نساء محمد؟
قلت: لقد اخترن البقاء مع زوجهن والفوز بثواب الآخرة، ورفضن الدنيا وزينتها.
قال جورج وقد أشرق وجهه:
ما دار محمد هذه بدار رجل من أصحاب الشهوات، وما نساء هذا الرجل اللواتي اخترن الآخرة على الدنيا إلا قديسات!.
قلت: أتود أن تقرأ وصفاً لنبي المسلمين في داره هذه يا جورج.
قال: حبذا؛ على أن يكون هذا الوصف بقلم أحد النخبة من علماء الغرب الذين عرفوه ودرسوه.
قلت: لك هذا؛ يقول (وِل ديورانت) في كتابه (قصة الحضارة): «كانت حياة النبي غاية في البساطة، فقد كانت المساكن التي أقام بها واحداً بعد واحد؛ كلها من الطوب اللبِن، لا يزيد اتساعها على /12-14/ قدماً، ولا يزيد ارتفاعها على /8/ أقدام، سقفها من جريد النخل، وأبوابها ستائر من شعر المعز أو وبر الإبل، أما الفراش فلم يكن أكثر من حشية تفرش على الأرض ووسادة. وكثيراً ما كان يشاهَد وهو يخصف نعليه، ويرقع ثوبه، وينفخ النار، ويكنس أرض الدار، ويحلب عنزة البيت في فِنائه، ويبتاع الطعام من السوق.. ولم يتعاط الخمر.. وكان لطيفاً مع العظماء، بشوشاً في أوجه الضعفاء، عظيماً مهيباً أمام المتعاظمين المتكبرين.. وكان يرفض أن يوجَّه إليه شيء من التعظيم الخاص، يَقبل دعوة العبد الرقيق إلى الطعام، ولا يطلب إلى عبد أن يقوم له بعمل يجد لديه من الوقت والقوة ما يمكنانه من القيام به بنفسه.. أما ما كان ينفقه على نفسه فكان أقلَّ من القليل، وكان يخص الصدقات بالجزء الأكبر مما يرد إليه من المال..» (55.. 7/45) ..
وأزيدك قول المستشرق (بودلي) يصف حياة نبي المسلمين فيقول: «كانت حياة محمد بسيطة كحياة السيد المسيح، فكان طعامه الثريد والتمر واللبن، وكان يتناول أحياناً حساء ضأن وخُضر، وربما شرب بعض العسل، وكان غالباً ما يقتصر على التمر واللبن، وأياً كان الطعام فقد كان يتناوله على حصير فوق الأرض، وكانت ثيابه بسيطة كطعامه؛ فكان يرتدي فوق جسمه مباشرة قميصاً له أكمام من الصوف الخشن والقطن، وفوقه بردة، وكان باستطاعته لو أراد؛ أن تساق له الدنيا بأجمعها، ولكنه كان يكتفي من كل شيء بالكفاف، وقد صغُرت في عينيه الحياة؛ لأنه كان أكبر من كل ما في الحياة! هذه البساطة لا تحتاج إلى أدنى دليل على أن صاحبها ليس إلا من عند الله» (56.. عن كتاب (محمد في الآداب العالمية المنصفة) محمد عثمان عثمان ص145)
- وأزيدك قول المستشرق (سييل) في مقدمة (ترجمته للقرآن الكريم) عن نبي المسلمين: «كانت طريقته مُرْضيَّة، وكان الإحسان إلى المساكين شيمته، وكان يعامل الجميع بالخلق الحسن، وكان شجاعاً مع الأعداء، وكان يعظم اسم الله تعظيماً قوياً، وكان يشدد على المفترين – الذين يرمون البرآء – والزناة والقتلة وأهل الفضول والطامعين وشهود الزور تشديداً بليغاً، وكان كثير الوعظ في الصبر والود والبر والإحسان، وتعظيم الأبوين والكبار وتوقيرهم وتكريمهم، وكان عابداً..» (57.. ص6 من النسخة المطبوعة عام /1805م) ..
- وأزيدك قول المؤلف الاسكتلندي المشهور (توماس كارليل) في كتابه (الأبطال) مُلخصاً كل ما سبق عن تهمة الشهوانية: «وما كان محمد أخا شهوات برغم ما اتهم به ظلماً وعدواناً، وشدَّ ما نجور ونخطئ إذا حسبناه رجلاً شهوياً لا همَّ له إلا قضاء مآربه من الملاذ. كلا؛ فما أبعد ما كان بينه وبين الملاذ أيةً كانت، لقد كان زاهداً متقشفاً في مسكنه ومأكله ومشربه وملبسه وسائر أموره وأحواله. وكان طعامه عادة الخبز والماء، وربما تتابعت الشهور ولم توقد بداره نار.. وكان يصلح ويرفو ثوبه بيده، فهل بعد هذا مكرمة ومفخرة؟ فحبذا محمد من رجل خشن اللباس، خشن الطعام، مجتهد في الله، قائم النهار ساهر الليل، دائب في نشر دين الله، غير طامع إلى ما يطمع إليه أصاغر الرجال من رتبة أو دولة أو سلطان، غير متطلع إلى ذِكْر أو شهرة كيفما كانت، رجل عظيم وربكم» (58.. ص83) .. إلى أن يقول: « إني لأحب محمداً لبراءة طبعه من الرياء والتصنع، ولقد كان ابن القفار هذا رجلاً مستقل الرأي لا يعوِّل إلا على نفسه، ولا يدعي ما ليس فيه، ولم يك متكبراً، ولكنه لم يكن ذليلاً ضارعاً، فهو قائم في ثوبه المرقع كما أوجده الله وكما أراده، يخاطب بقوله الحر المبين قياصرة الروم وأكاسرة العجم، يرشدهم إلى ما يجب عليهم لهذه الحياة وللحياة الآخرة» (59.. ص85 ترجمة محمد السباعي) ..
- وأزيدك أخيراً قول المستشرق والمؤرخ البريطاني (وليم موير) في كتابه (حياة محمد): «كانت السهولة صورة من حياة محمد كلها، وكان الذوق والأدب من اظهر صفاته، كما أن التواضع والعطف والصبر والإيثار والجود من أخلاقه الحسنة. ما كان يرفض هدية مهما صغرت، وما كان يتعالى في مجلسه، ولا يُشعر أحداً أنه لا يخصه بإقباله.. لقد امتاز محمد بوضوح كلامه ويُسر دينه، وقد أتم من الأعمال ما يُدهش العقول! ولم يعهد التاريخ مُصلحاً أيقظ النفوس، وأحيا الأخلاق، ورفع شأن الفضيلة في زمن؛ كما فعل نبي الإسلام.
كان محمد لا يطمع قط بالثراء، وكان ملهماً بروح ناعمة وبذوق لطيف، وكان يحيا حياة التحنث، وتأملاته تشغل دون شك كل ساعات لهوه، مع أن أترابه كانوا يقضونها في اللهو المحرم والحياة المنطلقة من كل قيد. وهذه الشهرة الحسنة والسلوك الشريف خولاه احترام معاصريه، ولذا كان الإجماع عليه حتى لقب بالأمين».
وأردفت: أمثل هذا يكون شهوانياً يا جورج؟
قال جورج والإشراقة تنير وجهه: إن رجلاً يصفه (ديورانت و بودلي و سييل و كارليل و موير) بهذا الوصف؛ حري بأن يكون نبياً !!..
قلت: حياك الله يا جورج، لكن أزيدك وضوحاً حتى تكون على بينة من أمرك.
قال: وما ذاك؟
قلت: إن من يتعرف نظرة الإسلام إلى المرأة، يتبين له أن المرأة لم تكن في عُرف النبي صلى الله عليه وسلم أداة للمتعة وقضاء الشهوة؛ إنما كانت إنسانة قبل كل شيء، ولها أن تتمتع بكافة حقوقها التي تجعلها مكافئة للرجل، يقول القرآن الكريم عن النساء: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ}(60.. البقرة 228) .. أي لهن من الحقوق مثل ما عليهن من الواجبات.. وكذلك الرجال.
ويقول القرآن الكريم: {لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ} (61.. النساء 32) .. أي كلٌ من الرجل والمرأة يُعطى من الميزات بحسب الدور الذي يؤديه في المجتمع.
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما النساء شقائق الرجال» (62.. سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني رقم 2863) .. وهل يتميز الأشقاء فيما بينهم إلا بالدور الذي يؤديه كل منهم.
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم مخاطباً الرجال: «إن الله يوصيكم بالنساء خيراً؛ فإنهن أمهاتكم وبناتكم وخالاتكم» (63.. المرجع السابق رقم 2871) ..
أما العلاقة الزوجية التي تربط بين الرجل والمرأة؛ فاسمع يا جورج ماذا قال عنها القرآن الكريم الذي أنزله الله سبحانه على محمد صلى الله عليه وسلم: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً} (64.. الروم21) .. أي أن المرأة والرجل في أصل خلقهما شيء واحد؛ فإذا اقتضت المادة فصل هذا الشيء إلى جزأين، أي زوجين، جاءت الروح عن طريق المودة والرحمة فضمتهما من جديد، وبهذا تصير المرأة سكناً للرجل، ويصير الرجل سكناً للمرأة.
وقد أكَّد القرآن الكريم على هذا المعنى في أكثر من موضع؛ تقول آية أخرى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا} (65.. الأعراف189) ..
أما النبي صلى الله عليه وسلم فيوجه عناية الأزواج إلى الحقوق المتبادلة بين الزوجين، ويدعو الرجال إلى مراعاة وحفظ حقوق النساء بعامة إذ يقول: «أيها الناس؛ إن لنسائكم عليكم حقاً، ولكم عليهن حق.. فاتقوا الله في النساء، واستوصوا بهن خيراً» (66.. انظره في خطبة الوداع في سيرة ابن هشام – وانظر حديث «استوصوا بالنساء خيراً» في البخاري ومسلم) ..
وأردفت: أتتبين في هذه النصوص شيئاً من الشهوانية أو النظرة الدون إلى المرأة مما يجعلها مرتعاً للغريزة الجنسية فقط.
قال جورج وقد تنبهت عقلانيته:
عجباً لبني قومي من الغربيين كيف فاتتهم هذه النظرة الإسلامية السامية للمرأة؛ وأشاعوا فيما بينهم نقيضها تماماً؟! حتى ليظن الجاهل أن المرأة في الإسلام بؤرة للجنس لا غير !!!..
قلت: ليس جميع الدارسين للإسلام من الغربيين وقعوا في هذا الخطأ، إنما الذين وقعوا فيه هم المبشرون (أي المـُنصرون) فقط؛ الذين همهم تشويه الإسلام حتى لا يعتنقه الباحثون عن الراحة النفسية من الغربيين، الراحة النفسية التي يوفرها هذا الدين لمعتنقيه نساءً ورجالاً.
أما غير المبشرين من الدارسين الغربيين - للإسلام ولنبي الإسلام – المعتدلين، فهاك أمثلة مما أوصلتهم إليه دراساتهم:
- يقول الفيلسوف الشهير (جورج برنارد شو): «رأيت في دراستي لسيرة النبي العربي؛ أنه كان من أكبر أنصار المرأة الذين عرفهم التاريخ، وقد كان للمرأة أكبر الأثر في عظمته» (67.. عن مجلة (العربي) العدد 203 سنة 1975م – مجلة (نهج الإسلام) العدد /40/ 1410هـ - مقالة د. صفاء خلوصي) ..
- ويقول الكاتب القبطي النصراني (واصف باشا بطرس غالي) في كتابه (فروسية العرب المتوارثة): «كان محمد يحب النساء ويفهمهن، وقد عمل جهد طاقته لتحريرهن، وربما كان ذلك بالقدوة الحسنة التي استنها فوق ما هو بالقواعد والتعاليم، وهو يُعد بحق من أكبر أنصار المرأة العمليين إن لم يكن عظيم الاحترام والتكريم لهن، ولم يكن ذلك منه خاصاً بزوجاته، بل كان ذلك شأنه مع جميع النساء على السواء» (68.. يقول المستشرق (آتيين دينيه) في كتابه (محمد رسول الله – تعريب د. عبد الحليم محمود) بعدما أورد في الحاشية هذا النص معلقاً عليه: «هذا في الوقت الذي كان فيه سان بونا فنتور يقول لتلاميذه في أوربا: (إذا رأيتم امرأة فلا تحسبوا أنكم ترون كائناً بشرياً ولا كائناً وحشياً، وإنما الذي ترون هو الشيطان ذاته، والذي تسمعون هو صفير الثعبان») ..
- ويقول الروائي الألماني المعروف (ويلكي كوكنـز) في كتابه (جوهرة القمر): «لقد جاء محمد بصيانة النساء وحثهن على العفة» (69.. عن كتاب (محمد عند علماء الغرب) خليل ياسين) .. فهل يحث الرجل الشهواني النساء على العفة؟
- ويقول الكاتب الإنجليزي (جون أروكس) في كتابه (عظماء التاريخ): «لم نعلم أن محمداً تسربل بأية رذيلة طيلة حياته، لذلك نراه عظيماً» (70.. ص83) ..
- ويقول المستشرق والمؤرخ الأمريكي (أورينج) في كتابه (الحياة والإسلام): «كان النبي الأخير بسيطاً خلوقاً، ومفكراً عظيماً ذا آراء عالية، وإن أحاديثه القصيرة جميلة ذات معان كثيرة، فهو إذاً مقدس كريم».
أيكون الشهواني مقدساً كريماً يا جورج؟.
قال: لا.
قلت: وتقول المستشرقة الإيطالية (لورافيشيا فاغليري) في كتابها (دفاع عن الإسلام): «وحاول أقوى أعداء الإسلام، وقد أعماهم الحقد، أن يرموا نبي الله ببعض التهم المفتراة، لقد نسوا أن محمداً كان قبل أن يستهل رسالته؛ موضع الإجلال العظيم من مواطنيه بسبب أمانته وطهارة حياته». ثم تقول ملخصة هذه التهمة والرد عليها: «لقد أصر أعداء الإسلام على تصوير محمد شخصاً شهوانياً ورجلاً مستهتراً، محاولين أن يجدوا في زواجه المتعدد شخصية ضعيفة غير متناغمة مع رسالته. إنهم يرفضون أن يأخذوا بعين الاعتبار هذه الحقيقة؛ وهي أنه طوال سني الشباب التي تكون فيها الغريزة الجنسية أقوى ما تكون.. لم يتزوج إلا من امرأة واحدة ليس غير.. وأنه ظل طوال /25/ سنة زوجها المحب المخلص، ولم يتزوج كرة ثانية إلا بعد أن توفيت خديجة، وإلا بعد أن بلغ الخمسين من عمره، لقد كان لكل زيجة من زيجاته سبب اجتماعي أو سياسي.. وباستثناء عائشة تزوج محمد من نسوة لم يكنَّ لا عذارى ولا شابات ولا جميلات، فهل كان ذلك شهوانية؟!» (71.. ص99) ..
- ويقول المستشرق السويسري (جون وانبورت) في كتابه (محمد والقرآن): «بقدر ما نرى من صفة محمد الحقيقية بعين البصيرة والتروي في المصادر التاريخية الصحيحة؛ بقدر ما نرى من ضعف البرهان وسقوط الأدلة لتأييد أقوال الهجو الشديد، والطعن القبيح الذي انهال عليه من افواه المغرضين والذين جهلوا حقيقة محمد ومكانته، ذلك الرجل العظيم عند كل من درس صفاته العظيمة، كيف لا وقد جاء بشرع لا يمكننا أن نتهمه فيه».
وأردفت: أأزيدك يا جورج؟
قال: حسبي.
قلت ألا ترى يا جورج أن من كانت هذه حاله يكون إنساناً متميزاً؟
قال: بل يكون رجلاً عظيماً.
قلت: لقد سبقك بعض النخبة من علماء الغرب إلى هذا الحكم.
قال: من؟
قلت: يقول الشاعر الفرنسي الشهير (لامارتين): «إن محمداً هو أعظم رجل بجميع المقاييس التي وُضعت لوزن العظمة الإنسانية؛ فإذا كان مقياس العظمة الإنسانية هو إصلاح شعب متدهور، فمن الذي يطاول محمداً في هذا المضمار؟
وإذا كان مقياس العظمة هو توحيد الإنسانية المفككة الأوصال؛ فإن محمداً أجدر الناس بهذه العظمة؛ لأنه جمع شمل العرب بعد تفكك شامل.
وإذا كان مقياس العظمة هو إقامة حكم السماء في الأرض؛ فمن ذا الذي ينافس محمداً الذي محا مظاهر الوثنية، وثبت عبادة الله وقوانينه في عالم الوثنية والقوة» (72.. عن كتاب (مقارنة الأديان) قسم: الإسلام – ص292 – د. أحمد شلبي) ..
-------------------------
سيرة النبي صلى الله عليه وسلم :
قال جورج: أشهد أن هذه الشهادات التي أوردتها على مسامعي قد شوقَتْني إلى أن أطالع سيرة محمد لو وجدت إليها سبيلاً.
قلت: أتود أن تعرف ما قالته النخبة من العلماء الغربيين عن سيرة محمد صلى الله عليه وسلم؟ (73.. يُقدِّر سليمان الندوي في كتابه (الرسالة المحمدية) عدد الكتب التي ألِّفت في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم من عهد الرسالة إلى اليوم عند المسلمين وغير المسلمين بالألوف، وقد أُجريَ إحصاء في النصف الأول من القرن العشرين لعدد الكتب التي كتبها الأوربيون فقط عن سيرة محمد صلى الله عليه وسلم فكان أكثر من /1300/ كتاب بمختلف اللغات الأوروبية.
أما الآن فكم أصبح العدد يا ترى؟! وهذا مصداق لقوله تعالى : {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ}.)..
قال: أجل.
قلت: يقول (برنارد شو): «لقد درست سيرة محمد فوجدته بعيداً عن مخاصمة المسيح، ويمكن بحق أن نعتبر محمداً (منقذ الإنسانية) وأعتقد أن رجلاً مثله لو حكم العالم بإيثاره وخُلُقه لجلب للعالم السلام والسعادة» (74.. عن كتاب (مقارنة الأديان – قسم الإسلام) د. أحمد شلبي ص294) ..
ويقول المؤرخ البريطاني الشهير (أرنولد توينبي) في كتابه (مدخل تاريخي للدين): «الذين يريدون أن يدرسوا السيرة النبوية العطرة، يجدون أمامهم من الأسفار ما لا يتوافر مثله للباحثين في حياة أي نبي من أنبياء الله الكرام».
- ويقول المستشرق الإيطالي الكونت (ليوني كاتياني) في كتابه (تاريخ الإسلام): «أليس الرسول جديراً بأن نقدم للعالم سيرته حتى لا يطمسها الحاقدون عليه وعلى دعوته التي جاء بها لينشر في العالم الحب والسلام؟! وإن الوثائق الحقيقية التي بين أيدينا عن رسول الإسلام ندر أن نجد مثلها، فتاريخ عيسى وما ورد في شأنه في الإنجيل لا يشفي الغليل».
- ويقول المستشرق (غوستاف لوبون) في كتابه (حياة الحقائق): «نعرف ما فيه الكفاية عن حياة محمد، أما حياة المسيح فمجهولة تقريباً، وإنك لن تطمع أن تبحث عن حياته في الأناجيل» (75.. ص62) ..
- ويقول المستشرق (ر. ف. بودلي) في كتابه (حياة محمد): «لا نعرف إلا شذرات عن حياة المسيح، أما في سيرة محمد فنعرف الشيء الكثير؛ ونجد التاريخ بدل الظلال والغموض» (76.. ص6) ..
قال جورج: هل لك أن تلخص لي حياة محمد في جملة واحدة؟
قلت: لقد لخصها أحد علماء الغرب من النخبة، وهو المستشرق الإسباني (جان ليك) في كتابه (العرب) فقال: «لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} كان محمد رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق» (77.. ص43) ..
وأردفت: أما المستشرق (بوسورث سميث) في كتابه (محمد والإسلام) فلم يستطع أن يلخص حياة النبي صلى الله عليه وسلم بجملة واحدة فقال: «إنه لمن المستحيل لأي شخص درس حياة محمد العربي العظيم وشخصيته، وعرف كيف عاش وكيف تعلم، إلا أن ينحني لهذا الرسول المبجل القوي، الذي هو واحد من أعظم رسل الله. ومهما أقل لكم؛ فإني سأقول أشياء كثيرة معروفة للجميع، ولكن حينما أعيد قراءتها أشعر بمزيد من التقدير والإعجاب، أشعر بمشاعر جديدة من الاحترام والتبجيل لهذا المعلم العربي العظيم» (78.. ص92) ..
وأردفت: وإكراماً لك يا جورج؛ فإليك مُلخصاً بقلم شهير غربي كبير؛ لكل ما سلف من أقوال؛ يقول (أرنست رينان) في كتابه (تعليقاتي على تواريخ الأديان): «لقد دلتني تحرياتي العلمية والتاريخية على أنه لا صحة مطلقاً لما أريد إلصاقه بالنبي محمد من كذب وافتراء مصدرهما بعض المباينات العرفية، والعادات القومية، التي أراد بعض المتحاملين أن يتوجهوا بها إلى الناحية التي تشفي سقام أذهانهم الوقحة، وتعصبهم الذميم.. مع أن محمداً وكما أثبتت الوثائق التاريخية، وشهادات أكابر علماء التاريخ كان على العكس من ذلك؛ بريئاً من روح الكبرياء، متواضعاً، أميناً، لا يحمل الحقد لأحد، وكانت طباعه نبيلة، وقلبه طاهراً، ورقيق الشعور» (79.. عن كتاب (محمد رسول الله هكذا بشرت به الأناجيل) لـ : بُشرى زخاري ميخائيل ص49) ..
وأردفت: بل أزيدك ملخصاً آخر بقلم كاتب كثيراً ما تحامل على النبي صلى الله عليه وسلم في كتابه (محمد مؤسس الدين الإسلامي) لكنه لم يستطع في نهايات كتابه هذا إلا أن ينطق بالحق، إنه الكاتب الأمريكي (جورج بوش - /1796-1859/م) فقد قال عند كلامه عن موت النبي صلى الله عليه وسلم: «وهكذا انتهت مهمة محمد على ظهر الأرض، هكذا انتهت مهمة واحد من أبرز الرجال وأكثرهم جدارة بالالتفات على الإطلاق.. وتزداد دهشتنا أكثر وأكثر إذا تركنا نجاحه السياسي وتحدثنا عن صعود دينه وانتشاره السريع، واستمراره ورسوخه الدائم. والحقيقة أن ما حققه نبي الإسلام والإسلام لا يمكن تفسيره إلا بأن الله كان يخصهما برعاية خاصة؛ فالنجاح الذي حققه محمد لا يتناسب مع إمكاناته، ولا يمكن تفسيره بحسابات بشرية معقولة.
لا مناص إذاً من القول أنه كان يعمل في ظل حماية الله ورعايته، لا تفسير غير هذا لتفسير الإنجازات ذات النتائج الباهرة» (80.. ص353 ترجمة د. عبد الرحمن الشيخ – ط. السعودية /2005/م) ..
أما (برنارد شو) فقد قال في تلخيصه لحياة محمد: «قرأت حياة رسول الإسلام جيداً مرات ومرات فلم أجد فيها إلا الخلُق كما يجب أن يكون، وأصبحت أضع محمداً في مصاف؛ بل على قمم المصاف من الرجال الذين يجب أن يُتَّبعوا. ولما قرأت دين محمد أحسست أنه دين عظيم» (81.. عن كتاب (محمد في الآداب العالمية المنصفة) محمد عثمان عثمان ص33) ..
وأردفتُ قائلاً: وبسبب هذه السيرة العطرة لنبي المسلمين؛ التي شهد بها هؤلاء السادة النخبة، صار يحق له أن يُدعى (سيد وِلد آدم).
قال جورج: على رسلك؛ سيد ولد آدم هذه : تقولون بها أنتم المسلمين؛ أما غيركم : فلا يقول بها.
قلت: أتود أن أتحفك بشهادةٍ عليها ممن ترتضيهم أنت يا جورج؟.
قال: أَوَتوجد مثل هذه الشهادة؟!
قلت: أحدِّثك، ثم لك أن تحكم.
قال: هاتِ ما عندك.
قلت: أقرأتَ كتاب الباحث الأمريكي (د. مايكل هارت) الموسوم بـ(المئة الأوائل)؟
قال: سمعت به ولم أقرأه.
قلت: لقد استعرض هذا الباحث تاريخ البشرية كله؛ منذ أن وصلتنا عنه أخبار مؤكدة حتى اليوم.. ثم استخلص منه أعظم مئة رجل تركوا تأثيراً دائماً في حياة البشر.. ثم صنف هؤلاء المئة بحسب أهميتهم ليعطي كلاً منهم الدرجة التي يستحقها في السلَّم الذي وضعه وحدده بمقاييس علمية..
أتدري يا جورج من كان صاحب الدرجة الأولى في رأس سلَّم الأوائل هؤلاء؟
قال: مَنْ؟.
قلت: لقد كان صاحب الدرجة الأولى في رأس سلَّم هؤلاء الأوائل؛ هو نبي المسلمين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم!!.
وأردفتُ: لقد كان هؤلاء المئة هم النخبة الأوائل من البشر، وكان نبي المسلمين أول هؤلاء الأوائل المئة وسيدهم! ألا يكون د. مايكل هارت قد شهد بهذا أن نبي المسلمين هو سيد البشر؟
فتفكر جورج وتروى ثم قال: أجلْ؛ هذا ما يقوله العقل.
لكنه أردف قائلاً: وبماذا نال محمد هذه الدرجة عند د. هارت؟.
قلت: لقد أجاب هو عن سؤالك هذا فقال: «إن الاتحاد الفريد الذي لا نظير له للتأثير الديني والدنيوي معاً؛ مما يخوِّل محمداً أن يعتبر أعظم شخصية مفردة ذات تأثير في تاريخ البشرية» (82.. (المئة الأوائل) ترجمة خالد أسعد عيسى – أحمد غسان سبانو – ط. دمشق دار قتيبة ص25) ..
قال جورج: لكنْ لماذا لم يجعل د. هارت هذه الدرجة للسيد المسيح؛ مع أنه من أتباعه؟!
قلت: لقد أجاب هو عن سؤالك هذا أيضاً فقال: «المسيح لم يترك آثاراً كتابية.. إن معظم المعلومات التي نعرفها عن يسوع المسيح هي غير مؤكدة، بل وإن حتى سنة ميلاده أيضاً غير معروفة، وكذلك سنة وفاته» (83.. المرجع السابق ص30) ..
-------------------------
حقيقة الدين الإسلامي ودحض الافتراءات والتهم الباطلة:
1- تهمة الهمجية والتخلف:
مواضيع مماثلة
» حوار بين شاب مسلم : وزميله النصراني (جورج) :1
» حوار بين شاب مسلم : وزميله النصراني (جورج) :2
» حوار بين شاب مسلم : وزميله النصراني (جورج) :4
» حوار بين شاب مسلم : وزميله النصراني (جورج) :5
» حوار بين شاب مسلم : وزميله النصراني (جورج) :6
» حوار بين شاب مسلم : وزميله النصراني (جورج) :2
» حوار بين شاب مسلم : وزميله النصراني (جورج) :4
» حوار بين شاب مسلم : وزميله النصراني (جورج) :5
» حوار بين شاب مسلم : وزميله النصراني (جورج) :6
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة 21 يونيو 2024, 12:25 am من طرف Admin
» هل الانجيل محرف
الأربعاء 19 يونيو 2024, 2:34 pm من طرف Admin
» شبهات النصاري زواج ام المؤمنين عائشه،
الإثنين 17 يونيو 2024, 10:30 am من طرف Admin
» الفرق بين السنه والفقه
السبت 11 مايو 2024, 11:23 pm من طرف Admin
» كيف عرفت انه نبي..
الجمعة 26 أبريل 2024, 5:40 am من طرف Admin
» موضوع هل يدخل الجنه غير المسلمين،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:48 am من طرف Admin
» التدرج في التشريع
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:43 am من طرف Admin
» كتب عليكم الصيام،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:41 am من طرف Admin
» اقوال العلماء في تفسير ايه الحجاب،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:40 am من طرف Admin