بحـث
الشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المواضيع الأخيرة
نوفمبر 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | |||||
3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 |
10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 |
17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 |
24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
الحمدلله على نعمة الاسلام
ايها الاخوه الدعاه الى الله وكذا جميع الزائرين والزائرات مرحبا بكم واهلا نتمنى من الله ان نكون عند حسن ظنكم جميا والله الموفق الى الخير وهو حسبنا ونعم الوكيلالشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 20 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 20 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحثلا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 76 بتاريخ الأربعاء 30 أكتوبر 2024, 11:01 pm
من روائع فضيلة الإمام الأكبر الأسبق الدكتور عبد الحليم محمود
صفحة 1 من اصل 1
من روائع فضيلة الإمام الأكبر الأسبق الدكتور عبد الحليم محمود
من روائع فضيلة الإمام الأكبر الأسبق الدكتور عبد الحليم محمود:
▂ ▃ ▅ ▆ ▇ أسطورة التطور الإنساني ▇ ▆ ▅ ▃ ▂
رأى رجال الحضارة ، أن يلجأوا إلى شي،يبعد عنهم وصمة العجز، فلجأوا إلي
فكرة التطور ، الإنسان متطور. الأفكار متطورة . وإذن المسألة ليست
مسالة خطأ صريح ، وإنما هى تطور فيما يتعلق بالأفكار، وفيما يتعلق
بالمعانى . وما دام هناك قانون للتطور إذن لا عيب عليهم إذا أخطأوا أو
تخبطوا فى كل مرحلة من مراحلهم . وفى كل فترة من فتراتهم ، ونادى
الحضاريون البشريون بفصل الدين عن الدولة . وحينما فصل الدين عن الدولة رأت
الدولة نفسها تتخبط حينما تستند إلى أسفل فى نظمها الدينية والاجتماعية .
وحينما تستند إلي الضمير في نظمها الأخلاقية ، فاخترعت أسطورة التطور
الانسانى فيما يتعلق بالفكر.
وكانت كلمة التطور هي الطلسم السحرى،
الذى يحاولون التعلل به ، لإخفاء عجز العقل والضمير الإنسانى . لإخفاء هذا
العجز المطلق الذى يجعل الإنسان متخبطا بعقله فى أمور ما وراء الطبيعة ،
ومتخبطا بضميره ، فى أمور الأخلاق ؟ لقد أخفوا كل ذلك بفكرة التطور.
ليس فى الأحكام القاطعة تطور:
ولكن إذا نظرنا إلى فكرة التطور فى الدين والأخلاق فما معناه حقيقة ؟ ما معني فكرة التطور، إذا أدخلناها في الفكر على وجه العموم؟
إن فكرة التطور ماهى إلا عودة إلي السفسطائية القديمة ، إنها عودة إلى
آراء اليونان القدماء – السفسطائية منها لأن معنى التطور في الفكر أنه ليس
هناك قضية ثابتة – وانما جميع القضايا الفكرية متطورة ، وهذا التطور لا
ينتهى الي حد، واذن هناك النسبية باستمرار ، هناك النسبية المطلقة ، هناك
إذن الخطأ المستمر، وهذا الخطأ لا علاج له ما دمنا نقول بالتطور، لأنه ما
دمنا نقول بالنسبية وبالتطور فليس هناك الثبات ، اذن لا يكون هناك ثبات فى
الدين ، ولا يكون هناك ثبات فى الأخلاق . فإذا أدخلنا فكرتهم بالتطور فى
الدين فقد قضينا على الدين واذا أدخلنا فكرة التطور فى الأخلاق فقد قضينا
على الأخلاق.
هذه الفكرة التى أتحدث عنها فكرة إدخال التطور في
الدين فكرة سمعناها من الكثيرين ، لقد ألفنا كلمة التطور، وألفنا لذلك كلمة
إدخال التطور فى الدين إلى درجة أن يخيل إلي وأنا أتحدث فيها، أن الأمر
غريب علي بعض الأذان التى تتساءل : لم لا يكون في الدين تطور؟
ولكن اذا فهمت فكرة التطور على حقيقتها ، وان فهمت فكرة الدين علي حقيقتها:
كان لا مناص من الإقرار، بأن الدين لا يدخله قط – ، ولا قلامة ظفر – فكرة
التطور ، إن التطور الفكرى تغيير من حال إلى حال ، وهو تغيير مستمر دائم ،
إنه تغيير لا ينتابه هدوء ولا سكون ، إنها إذن نسبية ، إنها إذن
السفسطائية القديمة ، إنها عود إلى هذه الفترة القديمة لتى لم يعن فيها دين
ثابت ، ولم يكن فيها خلق ثابت ، فالأمر فيهما حينئذ عند السفسطائيين ليس
أمر ثابت مطلق . وليس أمر عصمة ، وليس أمر قضايا محققة، وإنما الأمر تخيير
باستمرار ،أمر نسبية.
وذلك يقضي علي الدين . ويقضي علي الأخلاق.
وانه لمن المؤسف حقيقة – أننا نجد فكرة التطور لتسرب إلى الناحية الدينية ،
والي المحيط الدينى فى الأقاليم الإسلامية ، وهذه الفكرة لخطورتها أريد أن
أضرب بعض الأمثلة حتى تكون على بينة من الأمر.
مثال ذلك : إننا
جميعا نجل الشيح محمد عبده ونحترمه وندين له بالكثير من تخليص الدين من
الخرافات والأساطير ، ولكن حينما نقرأ له تفسير قصة أدم فنراه لا يمنع
احتمال أنها تمثيل ! ونتسائل لم ذكر الشيخ محمد عبده هذا الاحتمال حينما
نتساءل حقيقة عن السر العميق – فى الشعور أو فى اللاشعور – نجد أن الشيح
محمد عبده رأى أن فكرة التطور منتشرة فى جميع ارجاء أوروبا بل والعالم وهى –
فيما يرى بظاهرها – تتعارض مع التعاليم التى تنبئ بأن آدم هو أول البشر ،
وهو الذى خلقه الله وسواه ، وخاطب الملائكة فى شأنه وأمرهم أن يسجدوا له ،
رأى الشيح محمد عبده أن كل ذلك لا يتلائم كثيرا مع فكرة التطور المذعومة
فماذا صنع ؟ ذكر هذا الاحتمال وبذلك يمكننا أن نؤولها كيفما شئنا ، وما كنا
نود أن يجيز ذلك إذ أنه يفتح للناس باب التأويل فى صورة من الاستفاضة
الضارة.
كما رأى الشيح محمد عبده أن يفسر اختلاف رسالات الرسل
وتعاقبها موسية وعيسوية وإسلامية بتطور الإنسانية ، إن الإنسانية – حسبما
يرى – حسية فى زمن موسى ، فكانت رسالة سيدنا موسى حسية ثم تطورت الإنسانية
من الحس إلى العاطفة فكانت رسالة سيدنا عيسى عاطفية ثم تطورت الإنسانية من
الحس والعاطفة إلى العقل فكانت رسالة سيدنا محمد عقلية.
ورأى أن
الإنسانية لم تتطور هذا التطور ، وإن الإنسانية أينما سرنا وعند أى فرد
رأينا ، وفى أى مجتمع شاهدنا فإنما يتمثل فيها جوانب ثلاثة ، الحس ،
والعاطفه . والعقل ، ولكن فكرة التطور، وأن الإنسانية متطورة انتهت بأن
أصبحت مسيطرة على الكثيرين فانقادوا لها، وأدخلوها في المحيط الديني ،
فأفسدت كثيرا من القضايا. ونعود فنترحم علي الشيخ محمد عبده ، واذا كنا
ننتقده ونحن نحاضر في قاعته ، فذلك أننا نعلم أنه رحمه الله ، كان من سعة
الصدر ، ومن سعة الافق بحيث لا يضيق بنقد، ونعتقد أنه لا بضيق الآن بنقدنا.
ونأتى الى شخصية أخرى نمجدها أبضا ونحترمها شخصية محمد إقبال ، وإن جهاده
بالنسبة للإسلام ، وجهاده بالنسبه للمسلمين لا ينكر ، ولكنه لم يستطيع أن
يتخلص من فكرة التطور فى بعض المسائل كما رأى فليراجعها من شاء فى آرائه
وفلسفته ، أيها السادة :كلكم تعلمون أن الدين عقيدة وأخلاق وشريعة ، وتصوير
التطور في العقيدة ، أن نقول مثلا. اليوم ، ربنا واحد.. أما غدا فإنه
سبحانه وتعالى عن ذلك – يكون اثنين؟
وتصوير التطور في الأخلاق ،
أن نقول مثلا ، إن الصدق اليوم فضيلة وغدا يكون رذيلة ، أو الصدق فضيلة
اليوم وهو غدا ليس بفضيلة ولا رذيلته فأنتم ترون أنه لا تطور فى العقيدة ،
ولا فى الأخلاق ، لكن الشبه تخلق فى بعض الأذهان حول التطور في التشريع ،
والذى يوجد الوهم بهذه الشبه هو باب الاجتهاد ، والمنطق يقول أنه مادام
هناك اجتهاد في التشريع فسيكون هناك تطور فيه، ولكن الذى يقول هذا الكلام
لا يفهم مسعى الاجتهاد، أو هو يفهم معناه ويحاول أن يتجاهله ، معنى
الاجتهاد وحقيقته ، إنما هو المحاولة الجادة المستمرة للوصول إلى ما كان
عليه الرسول صلى الله عليه وسلم من أجل أتباعه ، ومن أجل إدخال المسائل
الجديدة تحت القواعد القديمة التي استنتجت من كلام الرسول صلى الله عليه
وسلم ومن القرآن ، وليس للاجتهاد معنى أخر غير هذا.
وكل المجتهدين
. الإمام الشافعى ، الإمام أحمد بن حنبل ، الإمام أبوحنيفة ، الإمام مالك –
كلهم يقولون : إذا صح الحديث فاضرب برأيى عرض الحائط : أى أنه إذا رأى
رأيا من الآراء ملتمسا في هذا الرأى، أن يكون موافقا لكلام الرسول ، ثم
تبين أنه أخطأ ، لان الحديث يفيد غير ذلك » فإن كلامه ورأيه لا قيمة لها،
ويجب أن يطرحا ، ويهملا وأن يأخذ بكلام الرسول صلى الله عليه وسلم ، وإذن
ليس فى الاجتهاد تطور.
إن العقل كمنبع لما وراء الطبيعة ، والضمير
كمنبع للأخلاق ، كل هذه هي البشرية في مقابلة الألوهية ، فى مقابلته النص ،
واعتمدت إذن الحضارة الحديثة علي البشرية في مبادئها وقواعدها، فكانت
النظم الاجتماعية المختلفة ، والنظم الأخلاقية المختلفة ، وكان الهدم فى كل
يوم وانتهت في بعض الميادين الفكرية الاجتماعية إلى ما كان يمكن أن يتصور
أن ينتمي إليه.
لقد انتهت بتفسير أو تصوير رائع ، لآية قرآنية
كريمة هي : {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا
فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ
{175} وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَـكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى
الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ
عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث} وأريد أن أشرح هذه الآية في
إيجاز ،إن آيات الله محيطة بالإنسان من جميع أقطاره ، فالسماوات من آيات
الله . والأرض من آيات الله ، والأشجار من آيات الله ، والأنهار والجبال ،
والمحيطات والنجوم والكواكب كل ذلك من آيات الله . هذا الإبداع المحكم .
الذى يحيط بالإنسان من جميع أقطاره ، هذه الآيات التى تحيط بالناس ، أينما
كانوا والتي تنادى بجلال الله وعظمته .. حاول بعض الناس الانسلاخ منها «
قلم يقروا بالألوهية الاقرار السليم . والتعيير بالانسلاخ من أحكم وأدق
وأروع ما يكون.
لقد حاولوا الانسلاخ منها وهى ملتصقة بهم التصاق
جلد الإنسان بالإنسان ، وانسلخوا منها بعد لأى وعلى خلاف الفطرة ، وعلى وضع
لا يتلاءم مع النظام الطبيعى ، وانسلخوا بذلك من محيط الألوهية ، إنهم
خرجوا عن سرادق الألوهية . وخرجوا عن أن يكونوا من عباد الله ، فتهيئوا
بصنيعهم هذا ليكونوا من اتباع الشيطان ، وسهل على الشيطان غزوهم بخيله
ورجله فكانوا من الغاوين ،ولو شاء الله لرفعهم بآياته ولكن العيب جاء منهم
هم ، إذ خلدوا إلى الأرض ، وما من ريب فى أن الإخلاد فى الأرض فى أبشع صوره
هو الشيوعية.
إن الشيوعى ليس همه إلا المادة والإخلاد إلى الأرض
ومهما بسط الله له فى الرزق فهو ضيق بذلك ، وإذا ضيق الله عليه الرزق فهو
ضيق بذلك أيضا ، إنه لا يطمئن إلى شئ روحى يقنعه والمادة مهما أوتى الإنسان
منها فإنها – مادام جشعا – لا تنتهى إلى إرضائه ، وكذلك الأمر فيما يتعلق
بالوجودى فإنه وقد آثر أتباع الهوى – وليست الوجودية إلا أثار أتباع الهوى –
فإنه لا يعتمد على هاد يطمئنه ، ولا على اطمئنان يسكنه ، وهو ضيق بالحياة
ذرعا ، سواء كان سعيدا أو شقيا فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو
نتركه يلهث.
تلك أسس الحضارة ومنابعها ومصادرها : عقل، ضمير، فتطور، فانتهاء إلى أمثال هذه النظم التى خرجت بالإنسان عن الجادة.
والدين لا يعارض التقدم فى سبيل إسعاد البشرية ، هذه قضية نحن مسلمون بها.
▂ ▃ ▅ ▆ ▇ أسطورة التطور الإنساني ▇ ▆ ▅ ▃ ▂
رأى رجال الحضارة ، أن يلجأوا إلى شي،يبعد عنهم وصمة العجز، فلجأوا إلي
فكرة التطور ، الإنسان متطور. الأفكار متطورة . وإذن المسألة ليست
مسالة خطأ صريح ، وإنما هى تطور فيما يتعلق بالأفكار، وفيما يتعلق
بالمعانى . وما دام هناك قانون للتطور إذن لا عيب عليهم إذا أخطأوا أو
تخبطوا فى كل مرحلة من مراحلهم . وفى كل فترة من فتراتهم ، ونادى
الحضاريون البشريون بفصل الدين عن الدولة . وحينما فصل الدين عن الدولة رأت
الدولة نفسها تتخبط حينما تستند إلى أسفل فى نظمها الدينية والاجتماعية .
وحينما تستند إلي الضمير في نظمها الأخلاقية ، فاخترعت أسطورة التطور
الانسانى فيما يتعلق بالفكر.
وكانت كلمة التطور هي الطلسم السحرى،
الذى يحاولون التعلل به ، لإخفاء عجز العقل والضمير الإنسانى . لإخفاء هذا
العجز المطلق الذى يجعل الإنسان متخبطا بعقله فى أمور ما وراء الطبيعة ،
ومتخبطا بضميره ، فى أمور الأخلاق ؟ لقد أخفوا كل ذلك بفكرة التطور.
ليس فى الأحكام القاطعة تطور:
ولكن إذا نظرنا إلى فكرة التطور فى الدين والأخلاق فما معناه حقيقة ؟ ما معني فكرة التطور، إذا أدخلناها في الفكر على وجه العموم؟
إن فكرة التطور ماهى إلا عودة إلي السفسطائية القديمة ، إنها عودة إلى
آراء اليونان القدماء – السفسطائية منها لأن معنى التطور في الفكر أنه ليس
هناك قضية ثابتة – وانما جميع القضايا الفكرية متطورة ، وهذا التطور لا
ينتهى الي حد، واذن هناك النسبية باستمرار ، هناك النسبية المطلقة ، هناك
إذن الخطأ المستمر، وهذا الخطأ لا علاج له ما دمنا نقول بالتطور، لأنه ما
دمنا نقول بالنسبية وبالتطور فليس هناك الثبات ، اذن لا يكون هناك ثبات فى
الدين ، ولا يكون هناك ثبات فى الأخلاق . فإذا أدخلنا فكرتهم بالتطور فى
الدين فقد قضينا على الدين واذا أدخلنا فكرة التطور فى الأخلاق فقد قضينا
على الأخلاق.
هذه الفكرة التى أتحدث عنها فكرة إدخال التطور في
الدين فكرة سمعناها من الكثيرين ، لقد ألفنا كلمة التطور، وألفنا لذلك كلمة
إدخال التطور فى الدين إلى درجة أن يخيل إلي وأنا أتحدث فيها، أن الأمر
غريب علي بعض الأذان التى تتساءل : لم لا يكون في الدين تطور؟
ولكن اذا فهمت فكرة التطور على حقيقتها ، وان فهمت فكرة الدين علي حقيقتها:
كان لا مناص من الإقرار، بأن الدين لا يدخله قط – ، ولا قلامة ظفر – فكرة
التطور ، إن التطور الفكرى تغيير من حال إلى حال ، وهو تغيير مستمر دائم ،
إنه تغيير لا ينتابه هدوء ولا سكون ، إنها إذن نسبية ، إنها إذن
السفسطائية القديمة ، إنها عود إلى هذه الفترة القديمة لتى لم يعن فيها دين
ثابت ، ولم يكن فيها خلق ثابت ، فالأمر فيهما حينئذ عند السفسطائيين ليس
أمر ثابت مطلق . وليس أمر عصمة ، وليس أمر قضايا محققة، وإنما الأمر تخيير
باستمرار ،أمر نسبية.
وذلك يقضي علي الدين . ويقضي علي الأخلاق.
وانه لمن المؤسف حقيقة – أننا نجد فكرة التطور لتسرب إلى الناحية الدينية ،
والي المحيط الدينى فى الأقاليم الإسلامية ، وهذه الفكرة لخطورتها أريد أن
أضرب بعض الأمثلة حتى تكون على بينة من الأمر.
مثال ذلك : إننا
جميعا نجل الشيح محمد عبده ونحترمه وندين له بالكثير من تخليص الدين من
الخرافات والأساطير ، ولكن حينما نقرأ له تفسير قصة أدم فنراه لا يمنع
احتمال أنها تمثيل ! ونتسائل لم ذكر الشيخ محمد عبده هذا الاحتمال حينما
نتساءل حقيقة عن السر العميق – فى الشعور أو فى اللاشعور – نجد أن الشيح
محمد عبده رأى أن فكرة التطور منتشرة فى جميع ارجاء أوروبا بل والعالم وهى –
فيما يرى بظاهرها – تتعارض مع التعاليم التى تنبئ بأن آدم هو أول البشر ،
وهو الذى خلقه الله وسواه ، وخاطب الملائكة فى شأنه وأمرهم أن يسجدوا له ،
رأى الشيح محمد عبده أن كل ذلك لا يتلائم كثيرا مع فكرة التطور المذعومة
فماذا صنع ؟ ذكر هذا الاحتمال وبذلك يمكننا أن نؤولها كيفما شئنا ، وما كنا
نود أن يجيز ذلك إذ أنه يفتح للناس باب التأويل فى صورة من الاستفاضة
الضارة.
كما رأى الشيح محمد عبده أن يفسر اختلاف رسالات الرسل
وتعاقبها موسية وعيسوية وإسلامية بتطور الإنسانية ، إن الإنسانية – حسبما
يرى – حسية فى زمن موسى ، فكانت رسالة سيدنا موسى حسية ثم تطورت الإنسانية
من الحس إلى العاطفة فكانت رسالة سيدنا عيسى عاطفية ثم تطورت الإنسانية من
الحس والعاطفة إلى العقل فكانت رسالة سيدنا محمد عقلية.
ورأى أن
الإنسانية لم تتطور هذا التطور ، وإن الإنسانية أينما سرنا وعند أى فرد
رأينا ، وفى أى مجتمع شاهدنا فإنما يتمثل فيها جوانب ثلاثة ، الحس ،
والعاطفه . والعقل ، ولكن فكرة التطور، وأن الإنسانية متطورة انتهت بأن
أصبحت مسيطرة على الكثيرين فانقادوا لها، وأدخلوها في المحيط الديني ،
فأفسدت كثيرا من القضايا. ونعود فنترحم علي الشيخ محمد عبده ، واذا كنا
ننتقده ونحن نحاضر في قاعته ، فذلك أننا نعلم أنه رحمه الله ، كان من سعة
الصدر ، ومن سعة الافق بحيث لا يضيق بنقد، ونعتقد أنه لا بضيق الآن بنقدنا.
ونأتى الى شخصية أخرى نمجدها أبضا ونحترمها شخصية محمد إقبال ، وإن جهاده
بالنسبة للإسلام ، وجهاده بالنسبه للمسلمين لا ينكر ، ولكنه لم يستطيع أن
يتخلص من فكرة التطور فى بعض المسائل كما رأى فليراجعها من شاء فى آرائه
وفلسفته ، أيها السادة :كلكم تعلمون أن الدين عقيدة وأخلاق وشريعة ، وتصوير
التطور في العقيدة ، أن نقول مثلا. اليوم ، ربنا واحد.. أما غدا فإنه
سبحانه وتعالى عن ذلك – يكون اثنين؟
وتصوير التطور في الأخلاق ،
أن نقول مثلا ، إن الصدق اليوم فضيلة وغدا يكون رذيلة ، أو الصدق فضيلة
اليوم وهو غدا ليس بفضيلة ولا رذيلته فأنتم ترون أنه لا تطور فى العقيدة ،
ولا فى الأخلاق ، لكن الشبه تخلق فى بعض الأذهان حول التطور في التشريع ،
والذى يوجد الوهم بهذه الشبه هو باب الاجتهاد ، والمنطق يقول أنه مادام
هناك اجتهاد في التشريع فسيكون هناك تطور فيه، ولكن الذى يقول هذا الكلام
لا يفهم مسعى الاجتهاد، أو هو يفهم معناه ويحاول أن يتجاهله ، معنى
الاجتهاد وحقيقته ، إنما هو المحاولة الجادة المستمرة للوصول إلى ما كان
عليه الرسول صلى الله عليه وسلم من أجل أتباعه ، ومن أجل إدخال المسائل
الجديدة تحت القواعد القديمة التي استنتجت من كلام الرسول صلى الله عليه
وسلم ومن القرآن ، وليس للاجتهاد معنى أخر غير هذا.
وكل المجتهدين
. الإمام الشافعى ، الإمام أحمد بن حنبل ، الإمام أبوحنيفة ، الإمام مالك –
كلهم يقولون : إذا صح الحديث فاضرب برأيى عرض الحائط : أى أنه إذا رأى
رأيا من الآراء ملتمسا في هذا الرأى، أن يكون موافقا لكلام الرسول ، ثم
تبين أنه أخطأ ، لان الحديث يفيد غير ذلك » فإن كلامه ورأيه لا قيمة لها،
ويجب أن يطرحا ، ويهملا وأن يأخذ بكلام الرسول صلى الله عليه وسلم ، وإذن
ليس فى الاجتهاد تطور.
إن العقل كمنبع لما وراء الطبيعة ، والضمير
كمنبع للأخلاق ، كل هذه هي البشرية في مقابلة الألوهية ، فى مقابلته النص ،
واعتمدت إذن الحضارة الحديثة علي البشرية في مبادئها وقواعدها، فكانت
النظم الاجتماعية المختلفة ، والنظم الأخلاقية المختلفة ، وكان الهدم فى كل
يوم وانتهت في بعض الميادين الفكرية الاجتماعية إلى ما كان يمكن أن يتصور
أن ينتمي إليه.
لقد انتهت بتفسير أو تصوير رائع ، لآية قرآنية
كريمة هي : {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا
فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ
{175} وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَـكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى
الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ
عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث} وأريد أن أشرح هذه الآية في
إيجاز ،إن آيات الله محيطة بالإنسان من جميع أقطاره ، فالسماوات من آيات
الله . والأرض من آيات الله ، والأشجار من آيات الله ، والأنهار والجبال ،
والمحيطات والنجوم والكواكب كل ذلك من آيات الله . هذا الإبداع المحكم .
الذى يحيط بالإنسان من جميع أقطاره ، هذه الآيات التى تحيط بالناس ، أينما
كانوا والتي تنادى بجلال الله وعظمته .. حاول بعض الناس الانسلاخ منها «
قلم يقروا بالألوهية الاقرار السليم . والتعيير بالانسلاخ من أحكم وأدق
وأروع ما يكون.
لقد حاولوا الانسلاخ منها وهى ملتصقة بهم التصاق
جلد الإنسان بالإنسان ، وانسلخوا منها بعد لأى وعلى خلاف الفطرة ، وعلى وضع
لا يتلاءم مع النظام الطبيعى ، وانسلخوا بذلك من محيط الألوهية ، إنهم
خرجوا عن سرادق الألوهية . وخرجوا عن أن يكونوا من عباد الله ، فتهيئوا
بصنيعهم هذا ليكونوا من اتباع الشيطان ، وسهل على الشيطان غزوهم بخيله
ورجله فكانوا من الغاوين ،ولو شاء الله لرفعهم بآياته ولكن العيب جاء منهم
هم ، إذ خلدوا إلى الأرض ، وما من ريب فى أن الإخلاد فى الأرض فى أبشع صوره
هو الشيوعية.
إن الشيوعى ليس همه إلا المادة والإخلاد إلى الأرض
ومهما بسط الله له فى الرزق فهو ضيق بذلك ، وإذا ضيق الله عليه الرزق فهو
ضيق بذلك أيضا ، إنه لا يطمئن إلى شئ روحى يقنعه والمادة مهما أوتى الإنسان
منها فإنها – مادام جشعا – لا تنتهى إلى إرضائه ، وكذلك الأمر فيما يتعلق
بالوجودى فإنه وقد آثر أتباع الهوى – وليست الوجودية إلا أثار أتباع الهوى –
فإنه لا يعتمد على هاد يطمئنه ، ولا على اطمئنان يسكنه ، وهو ضيق بالحياة
ذرعا ، سواء كان سعيدا أو شقيا فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو
نتركه يلهث.
تلك أسس الحضارة ومنابعها ومصادرها : عقل، ضمير، فتطور، فانتهاء إلى أمثال هذه النظم التى خرجت بالإنسان عن الجادة.
والدين لا يعارض التقدم فى سبيل إسعاد البشرية ، هذه قضية نحن مسلمون بها.
مواضيع مماثلة
» الإمام الشافعي في ضيافة الإمام أحمد
» لدكتور عبد الحليم محمود – فيلسوف الفقهاء وفقيه المتصوفة
» فتوى الإمام الأكبر شيخ الأزهر في حكم حلق اللحى>>>>
» من روائع المفكر الإسلامى الراحل الدكتور مصطفى الشكعه عضو مجمع البحوث الإسلامية: (مكانة الم
» سيرة ذاتيةالشيخ جاد الحق على جاد الحق.. الإمام الأكبر "رحمه الله"
» لدكتور عبد الحليم محمود – فيلسوف الفقهاء وفقيه المتصوفة
» فتوى الإمام الأكبر شيخ الأزهر في حكم حلق اللحى>>>>
» من روائع المفكر الإسلامى الراحل الدكتور مصطفى الشكعه عضو مجمع البحوث الإسلامية: (مكانة الم
» سيرة ذاتيةالشيخ جاد الحق على جاد الحق.. الإمام الأكبر "رحمه الله"
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة 21 يونيو 2024, 12:25 am من طرف Admin
» هل الانجيل محرف
الأربعاء 19 يونيو 2024, 2:34 pm من طرف Admin
» شبهات النصاري زواج ام المؤمنين عائشه،
الإثنين 17 يونيو 2024, 10:30 am من طرف Admin
» الفرق بين السنه والفقه
السبت 11 مايو 2024, 11:23 pm من طرف Admin
» كيف عرفت انه نبي..
الجمعة 26 أبريل 2024, 5:40 am من طرف Admin
» موضوع هل يدخل الجنه غير المسلمين،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:48 am من طرف Admin
» التدرج في التشريع
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:43 am من طرف Admin
» كتب عليكم الصيام،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:41 am من طرف Admin
» اقوال العلماء في تفسير ايه الحجاب،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:40 am من طرف Admin