بحـث
الشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المواضيع الأخيرة
نوفمبر 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | |||||
3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 |
10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 |
17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 |
24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
الحمدلله على نعمة الاسلام
ايها الاخوه الدعاه الى الله وكذا جميع الزائرين والزائرات مرحبا بكم واهلا نتمنى من الله ان نكون عند حسن ظنكم جميا والله الموفق الى الخير وهو حسبنا ونعم الوكيلالشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 1 عُضو حالياً في هذا المنتدى :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 1 زائر لا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 76 بتاريخ الأربعاء 30 أكتوبر 2024, 11:01 pm
الرافضة في منهاج السنة
صفحة 1 من اصل 1
الرافضة في منهاج السنة
موقف شيخ الإسلام ابن تيمية
من الرافضة في منهاج السنة
د/ عبد الله بن إبراهيم بن عبد الله
هذا الكتاب رسالة أكاديمية ، اخترنا هذه الصفحات من المدخل تناول فيها الكاتب :
- أسماء الفرق التي رد عليها ابن تيمية في كتبه .
- أسباب تأليف المنهاج .
- أسلوب شيخ الإسلام في المناقشة .
وذلك لأهمية الاستفادة من جهود شيخ الإسلام وطريقته في المناقشة والمناظرة . الراصد
1- الفرق التي رد عليها:
1- فرقة الجهمية: وقد رد عليهم بكتاب "بيان تلبيس الجهمية[1] في تأسيس بدعهم الكلامية[2]" أو "نقض تأسيس الجهمية"، وقد قال عنه ابن عبد الهادي[3]،
"وهو كتاب جليل المقدار معدوم النظير كشف الشيخ فيه أسرار الجهمية وهتك
أستارهم ولو رحل طالب العلم لأجل تحصيله إلى الصين ما ضاعت رحلته"[4].
2- فرقة المعتزلة[5]: وقد رد عليهم بكتاب "التدمرية[6]، وفي ثنايا كتبه الأخرى.
3- فرقة الأشاعرة[7]:
وهذه الفرقة قد أكثر وأطال في الرد عليها؛ لأنها لبست على الناس وخلطت
الحق بالباطل وادعت أنها صاحبة الحق وأنها هي أهل السنة والجماعة الوقفة ضد
المعتزلة، فرد عليهم في عديد من كتبه، وفي ثنايا أجوبته، وأفرد للرد عليهم
كتبًا خاصة، مثل: "درء تعارض العقل والنقل[8] الذي امتدحه الإمام العلامة شيخ الإسلام الثاني ابن قيم الجوزية[9] فقال في نونيته: -
وأقرأ كتاب العقل والنقل الذي
ما في الوجود له نظير ثان[10]
وكتاب بيان تلبيس الجهمية رد فيه على الرازي[11]، وكتاب التسعينية[12] التي كتبها في الأشهر الأخيرة من حياته - رحمه الله - جوابًا عن محاكمة الأشاعرة له.
وكتاب شرح العقيدة الأصفهانية[13]، وهو شرح لعقيدة الشمس الأصفهاني[14] التي جرى فيها على أصول الأشاعرة، "والفتوى الحموية[15]"، و"الرسالة المدنية"[16]، و"النبوات"[17]، وهو رد على الباقلاني[18] خاصة والأشاعرة عامة وكتاب "الإيمان"[19] وهو نقد للأشاعرة في الإيمان وذكر بقية المرجئة[20]، تبعا، و"القاعدة المراكشية"[21]، وهي كالبيان لمذهب مالك في العقيدة والرد على متأخري المالكية من المغاربة الأشعرية.
وكتاب "المناظرة في الواسطية"[22] ألفها في محاكمة الأشاعرة له بسبب الواسطية، وكتاب الاستقامة"[23] كتبه نقضًا لكتاب[24] القشيري[25] الصوفي الأشعري[26].
4- الماتريدية[27] ورد عليهم بكتاب"الماتريدية"[28] وفي الفتاوى وغيرها.
5- الصوفية[29]، وفيه رد عليهم في ثنايا كتبه، وفي كتاب الاستقامة خاصة، وفي المجلد الحادي عشر من الفتاوى.
6- المتكلمة[30] وقد رد عليهم في ضمن ردوده على الأشاعرة والجهمية ونحوهم وفي كتاب درء تعارض العقل والنقل.
7- المناطقة[31] وقد رد عليهم بكتاب "الرد على المنطقيين"[32]، وكتاب " نقض المنطق"[33].
8- الفلاسفة[34]، وقد رد عليهم في ثنايا كتبه، وفي كتاب "الصفدية"[35] خاصة، وكتاب "درء تعارض العقل والنقل.
9، 10- المشبهة[36] والمجسمة[37]: وقد رد عليهم في ثنايا كتبه، وخاصة في "منهاج السنة النبوية"[38].
11، 12- اليهود[39] والنصارى[40]:وقد رد عليهم بكتاب "الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح"[41].
13، 14- المشركون والقبوريون:وقد رد عليهم في ثنايا كتبه، وفي كتاب "الرد على البكري[42] وكتاب الرد على الأخنائي[43].
15- الاتحاديون[44]:ورد عليهم بكتاب "الرد على أهل وحدة الوجود[45]، مع رده عليهم فيما رد به على الصوفية، وفي ثنايا كتبه وفي كتاب "الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان[46]، وكتاب السبعينية[47] الذي رد فيه على ابن سبعين[48]، وأضرابه.
16- الفقهاء المتعصبون: وأعني بهم فقهاء المذاهب الأربعة "المتبوعة" الذين
خالفهم في بعض المسائل، ورد عليهم ببيان الدليل الصحيح، ومن أعظم المسائل
التي أثارتهم عليه: مسألة الطلاق الثلاث وأنها واحدة إذا وقعت في طهر واحد
لم يراجعها[49] فيه، ومسألة الحلف بالطلاق[50]، وغيرها، ورد عليهم بكتاب "الرد الكبير على من اعترض عليه في مسألة الحلف بالطلاق"[51] وكتاب" الفرق بين التطليق والأيمان"[52]، وغيرها.
17- الرافضة[53]: ورد عليهم بكتاب "الرد على أهل كسروان الرافضة" وهو مجلدان ذكره ابن عبد الهادي[54]، وكتاب "منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة والقدرية" رد فيه على ابن المطهر الحلي[55]
الرافضي، وبين جهل الرافضة وضلالهم وكذبهم وافترائهم، وغير ما ذكرته من
الفرق التي تناصب أهل السنة والجماعة العداء، فوقعت جميع هذه الفرق ضده،
ورمته عن قوس واحد.
ومع ذلك فقد تصدى لها وصبر على ذلك ونصر الله به الحق، وقد رزقه الله تعالى
حافظة قوية بحيث إنه قوي الحجة سريع استحضار الأدلة، سريع الحفظ بطيء
النسيان.
و"منهاج السنة" من أهم الكتب التي رد بها على الفرق المخالفة لطريق أهل
السنة والجماعة، إذ بين فيه بطلان عقيدة الروافض، وأنهم أجهل الناس في
المعقولات، وأكذب الناس في المنقولات، ومخالفتهم لما عليه المسلمون الأولون
من الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم أجمعين، وهو كتابه هذا الذي سنتحدث
عنه موقفه من الرافضة من خلاله.
فيعتبر هذا الكتاب في مقدمة كتب شيخ الإسلام النفيسة التي أوضح فيها منهج
السلف في جميع الأبواب، وقد بين بطلان مذهب الرافضة وسخافاتهم بالحجة
القوية والبرهان الواضح والدليل الناصع، من الأثر والنظر. من العقل والنقل،
وليس هذا بغريب على شيخ الإسلام الذي قال فيه مرعي بن يوسف الكرمي[56]:
وقد
أثنى الأئمة الأعلام على هذا الإمام، ولقبوه بشيخ الإسلام، وأفردوا مناقبه
بالتصانيف، وتحلت بذكره التواريخ والتآليف، ولم ينقصه إلا من جهل مقداره
وخطره، ومن جهل شيئا أنكره[57].
وقال فيه ابن عبد البر السبكي[58]:
والله يا فلان: ما يبغض ابن تيمية إلا جاهل أو صاحب هوى، فالجاهل لا يدري ما يقول، وصاحب الهوى يصده هواه عن قول الحق بعد معرفته به[59].
وقال الذهبي[60]:
وكان
- يعني ابن تيمية - من بحور العلم، ومن الأذكياء المعدودين والزهاد
الأفراد، والشجعان الكبار، والكرماء الأجواد، أثنى عليه الموافق والمخالف،
وسارت بتصانيفه الركبان، لعلها ثلاثمائة مجلد[61].
وقال في موضع آخر:
قلت:
وله خبرة تامة بالرجال، وجرحهم، وتعديلهم وطبقاتهم، ومعرفة بفنون الحديث،
وبالعالي والنازل، وبالصحيح والسقيم، مع حفظه لمتونه، الذي انفرد به، فلا
يبلغ أحد في العصر رتبته، ولا يقاربه، وهو عجب في استحضاره، واستخراج الحجج
منه، وإليه المنتهى في عزوه إلى الكتب الستة[62] والمسند[63]،
بحيث يصدق عليه أن يقال: "كل حديث لا يعرفه ابن تيمية فليس بحديث" ولكن
الإحاطة لله تعالى، غير أنه يغترف من بحر وغيره من الأئمة يغترفون من
السواقي[64].
وأما التفسير فمسلم إليه، وله في استحضار الآيات من القرآن -وقت إقامة
الدليل بها على المسألة- قوة عجيبة، وإذا رآه المقرئ تحير فيه، ولفرط
إمامته في التفسير، وعظمة إطلاعه، يبين خطأ كثير من أقوال المفسرين ويوهي
أقوال عديدة، وينصر قولا واحدًا موافقا لما دل عليه القرآن والحديث[65].
وقال البزار[66] عن شيخ الإسلام:
"وقل كتاب من فنون العلم إلا وقف عليه، وكان الله قد خصه بسرعة الحفظ
وإبطاء النسيان، لم يكن يقف على شيء أو يستمع لشيء غالبًا إلا ويبقى على
خاطره إما بلفظه أو معناه وكان العلم كأنه قد اختلط بلحمه ودمه وسائره،
فإنه لم يكن مستعارا بل كان له شعارًا ودثارًا"[67].
وقال عنه ابن عبد الهادي "صاحب التصانيف التي لم يسبق لمثلها"[68] وذكر ابن عبد الهادي أن ابن دقيق العيد[69] اجتمع بشيخ الإسلام وسمع كلامه وذكر أنهم سألوه بعد انقضاء المجلس فقال: "هو رجل حفظة"[70][71].
وقال ابن دقيق العيد: "لما اجتمعت بابن تيمية رأيت رجلا العلوم كلها بين عينيه، يأخذ منها ما يريد، ويدع ما يريد[72].
قال ابن الهادي رحمه الله: وكان رحمه الله - يعني ابن تيمية- سيفًا مسلولاً
على المخالفين، وشجي في حلوق [أهل] الأهواء المبتدعين، وإمامًا قائمًا
ببيان الحق ونصرة الدين، وكان بحرًا لا تكدره الدلاء، وحبرًا يقتدي به
الأخيار الألباء، طنت بذكره الأمصار وضنت بمثله الأعصار[73].
وقال ابن عبد الهادي: وقال العلامة كمال الدين ابن الزملكاوي[74]
كان إذا سئل عن فن من العلم ظن الرائي والسامع أنه لا يعرف غير ذلك الفن
وحكم أن أحدًا لا يعرف مثله، إلى أن قال.... واجتمعت فيه شروط الاجتهاد على
وجهها[75].
وهذا الباب كثيرٌ جدًّا، ولعل ما ذكرت فيه كفاية، والله المستعان.
2- أسباب تأليف المنهاج :
ذكر شيخ الإسلام الأسباب التي دعته إلى تأليف هذا الكتاب فسأذكر ما قاله، ثم أبرز أهم الأسباب:
قال شيخ الإسلام:
أما
بعد: فإنه قد أحضر إلي طائفة من أهل السنة والجماعة كتابا صنفه بعض شيوخ
الرافضة في عصرنا منفقا لهذه البضاعة يدعو به إلى مذهب الرافضة الإمامية من
أمكنه دعوته من ولاة الأمور وغيرهم أهل الجاهلية ممن قلت معرفتهم بالعلم
والدين ولم يعرفوا أصل دين المسلمين وأعانه على ذلك من عادتهم إعانة
الرافضة من المتظاهرين بالإسلام من أصناف الباطنية[76] الملحدين.
الذين هم في الباطن من الصابئة[77]
الفلاسفة الخارجين عن حقيقة متابعة المرسلين الذين لا يوجبون اتباع دين
الإسلام ولا يحرمون اتباع ما سواه من الأديان بل يجعلون الملل بمنزلة
المذاهب والسياسات التي يسوغ اتباعها وأن النبوة نوع من السياسة العادلة
التي وضعت لمصلحة العامة في الدنيا[78].
وقد بين متى يكثر هذا الصنف من الناس فقال: فإن
هذا الصنف يكثرون إذا كثرت الجاهلية وأهلها ولم يكن هناك من أهل العلم
بالنبوة والمتابعة لها من يظهر أنوارها الماحية لظلمة الضلال ويكشف ما في
خلافها من الإفك والشرك والمحال.
وهؤلاء لا يكذبون بالنبوة تكذيبا مطلقا بل هم يؤمنون ببعض أحوالها ويكفرون
ببعض الأحوال وهم متفاوتون فيما يؤمنون به ويكفرون به من تلك الخلال.
فلهذا يلتبس أمرهم بسبب تعظيمهم للنبوات على كثير من أهل الجهالات.
والرافضة والجهمية هم الباب لهؤلاء الملحدين[79].
وقال: وذكر
من أحضر هذا الكتاب أنه من أعظم الأسباب في تقرير مذاهبهم عند من مال
إليهم من الملوك وغيرهم وقد صنفه للملك المعروف الذي سماه فيه خدا بنده[80]
وطلبوا مني بيان ما في هذا الكتاب من الضلال وباطل الخطاب لما في ذلك من
نصر عباد الله المؤمنين وبيان بطلان أقوال المفترين الملحدين[81].
وقال: فلما
ألحوا في طلب الرد لهذا الضلال المبين ذاكرين أن في الإعراض عن ذلك خذلانا
للمؤمنين وظن أهل الطغيان نوعا من العجز عن رد هذا البهتان فكتبت ما يسره
الله من البيان وفاء بما أخذه الله من الميثاق على أهل العلم والإيمان
وقياما بالقسط وشهادة لله كما قال تعالى: يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ
لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ
إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا
تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا
فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا[82]والليُّ: هو تغيير الشهادة، والإعراض: كتمانها[83].
وقال: وذلك
أن أول هذه الأمة هم الذين قاموا بالدين تصديقا وعلما وعملا وتبليغا
فالطعن فيهم طعن في الدين موجب للإعراض عما بعث الله به النبيين.
وهذا كان مقصود أول من أظهر بدعة التشيع[84].
وقال في موضع آخر: ولولا
أن هذا المعتدي الظالم قد اعتدى على خيار أولياء الله وسادات أهل الأرض
خير خلق الله بعد النبيين اعتداء يقدح في الدين ويسلط الكفار والمنافقين
ويورث الشبه والضعف عند كثير من المؤمنين، لم يكن بنا حاجة إلى كشف أسراره
وهتك أستاره والله حسيبه وحسيب أمثاله[85].
وقال: ونحن نبين إن شاء الله تعالى طريق الاستقامة في معرفة هذا الكتاب منهاج الندامة بحول الله وقوته[86].
وقال في بيان الطريقة المثلى في مناقشة الفرق، وقبول ما عندها من الحق ورد ما عندها من الباطل: ولهذا
جعل هذا الكتاب «منهاج أهل السنة النبوية في نقض كلام الشيع والقدرية» فإن
كثيرا من المنتسبين إلى السنة ردوا ما تقوله المعتزلة والرافضة وغيرهم من
أهل البدع بكلام فيه أيضا بدعة وباطل وهذه طريقة يستجيزها كثير من أهل
الكلام ويرون أنه يجوز مقابلة الفاسد بالفاسد.
لكن أئمة السنة والسلف على خلاف هذا وهم يذمون أهل الكلام المبتدع الذين
يردون باطلا بباطل وبدعة ببدعة ويأمرون ألا يقول الإنسان إلا الحق لا يخرج
عن السنة في حال من الأحوال وهذا هو الصواب الذي أمر الله تعالى به ورسوله[87].
ويمكن إبراز أهم الأسباب فيما يلي: -
1- قوة تأثير هذا الكتاب فيمن ليست لديهم خبرة ولا علم بفساد مذهب الرافضة.
2- أن الرافضي ألف هذا الكتاب يدعو به إلى مذهب من استطاع دعوته من ولاة الأمور وغيرهم.
3- أن هذا الكتاب من أعظم الأسباب في تقرير مذهب الرافضة عند من مال إليهم.
4- أن هذا الكتاب صنفه مصنفه لأحد الملوك - وقد كان سببًا في صرفه إلى مذهب الرافضة.
5- أن في رد هذا الكتاب نصرة لعباد الله المؤمنين وبيانا لبطلان أقوال المفترين الملحدين.
6- إجابة السؤال الذي طلب منه ممن عرف تأثير هذا الكتاب.
7- أن هؤلاء القوم يظهرون ويكثرون عندما يكثر الجهل ويقل العلماء العاملون بالكتاب والسنة الذين يقفون في وجوه المبطلين.
8- ظن أهل الطغيان نوعًا من العجز عن رد هذا البهتان.
9- أن هذا الرد وفاء بما أخذه الله من الميثاق على أهل العلم والإيمان، وقيامًا بالقسط وشهادة لله.
10- أن كتاب الرافضي فيه الطعن بالصحابة، والطعن فيهم طعن في هذا الدين
موجب للإعراض عما بعث الله به النبيين فوجب رده وبيان طريق الاستقامة.
11- أن هذا الكتاب إنما صنفه شيخ الإسلام لإقامة العدل وإبطال الباطل.
3- أسلوب شيخ الإسلام -رحمه الله- في المناقشة:
ذكر شيخ الإسلام -رحمه الله- قاعدة عامة في المناقشة لا بد من سلوكها، وهي
العدل مع الخصم، وقبول ما عنده من الحق، ورد ما في كلامه من الباطل، وأن لا
يقابل الباطل بباطل ولا البدعة ببدعة، وبين أن هذه طريقة السلف فمما قاله
في ذلك قوله: فالواجب
إذا كان الكلام بين طائفتين من هذه الطوائف أن يبين رجحان قول الفريق الذي
هو أقرب إلى السنة بالعقل والنقل ولا ننصر القول الباطل المخالف للشرع
والعقل أبدا فإن هذا محرم ومذموم يذم به صاحبه ويتولد عنه من الشر ما لا
يوصف كما تولد من الأقوال المبتدعة مثل ذلك ولبسط هذه الأمور مكان آخر
والله أعلم[88].
وقال: وأما
إذا كان المقصود بيان رجحان بعض الأقوال فهذا ممكن في نفسه وهذا هو الذي
نسلكه في كثير مما عاب به الرافضة كثير من الطوائف المنتسبين إلى السنة في
إثبات خلافة الخلفاء الثلاثة فإنهم عابوا كثيرا منهم بأقوال هي معيبة
مذمومة والله قد أمرنا ألا نقول عليه إلا الحق وألا نقول عليه إلا بعلم
وأمرنا بالعدل والقسط فلا يجوز لنا إذا قال يهودي أو نصراني فضلا عن
الرافضي قولا فيه حق أن نتركه أو نرده كله بل لا نرد إلا ما فيه من الباطل
دون ما فيه من الحق[89].
وقال في بيان طريقة السلف في الرد: لكن
أئمة السنة والسلف على خلاف هذا وهم يذمون أهل الكلام المبتدع الذين يردون
باطلا بباطل وبدعة ببدعة ويأمرون ألا يقول الإنسان إلا الحق لا يخرج عن
السنة في حال من الأحوال وهذا هو الصواب الذي أمر الله تعالى به ورسوله.
ولهذا لم نرد ما تقوله المعتزلة والرافضة من حق بل قبلناه لكن بينا أن ما
عابوا به مخالفيهم من الأقوال ففي أقوالهم من العيب ما هو أشد من ذلك[90].
من أهم الأساليب التي استعملها شيخ الإسلام في رده على الرافضي:
أولاً: الإقناع: حيث يذكر الأدلة التي تقنع من أراد الحق.
- من ذلك: أن يأتيه بكلام أصحابه كقوله رحمه الله: وقال محمد بن سعيد الأصبهاني[91] سمعت شريكا يقول: «أحمل العلم عن كل من لقيت إلا الرافضة فإنهم يضعون الحديث ويتخذونه دينا[92]».
وشريك هذا هو شريك بن عبد الله القاضي[93]، قاضى الكوفة من أقران الثوري[94] وأبي حنيفة وهو من الشيعة الذي يقول بلسانه أنا من الشيعة وهذه شهادته فيهم[95].
- ومن ذلك ذكر الاتفاق على خلاف ما ذكره الخصم، كقوله: إن قول القائل إن مسألة الإمامة أهم المطالب في أحكام الدين وأشرف مسائل المسلمين كذب بإجماع المسلمين سنيهم وشيعيهم بل هذا كفر.
فإن الإيمان بالله ورسوله أهم من مسألة الإمامة وهذا معلوم بالاضطرار من
دين الإسلام فالكافر لا يصير مؤمنا حتى يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا
رسول الله وهذا هو الذي قاتل عليه الرسول r الكفار أولا... بل نحن نعلم
بالاضطرار عن رسول الله r أنه لم يكن يذكر للناس إذا أرادوا الدخول في دينه
الإمامة لا مطلقا ولا معينا، فكيف تكون أهم المطالب في أحكام الدين[96]!.
ثانيًا: استعمال أسلوب الحصر والتقسيم: حيث يحصر المسألة في عدة أمور أو
احتمالات لا تخرج عنها، ثم يجيب عنها واحدًا واحدًا، ومثال ذلك قوله: إن
قول القائل: الإمامة أهم المطالب في أحكام الدين إما أن يريد به إمامة
الاثنى عشر أو إمام كل زمان بعينه في زمانه بحيث يكون الأهم في زماننا
الإيمان بإمامة محمد المنتظر والأهم في زمان الخلفاء الأربعة الإيمان
بإمامة علي عندهم والأهم في زمان النبي r الإيمان بإمامته وإما أن يراد به
الإيمان بأحكام الإمامة مطلقا غير معين وإما أن يراد به معنى رابعا.
أما الأول: فقد علم بالاضطرار أن هذا لم يكن معلوما شائعا بين الصحابة ولا
التابعين بل الشيعة تقول إن كل واحد إنما يعين بنص من قبله فبطل أن يكون
هذا أهم أمور الدين.
وأما الثاني:.... إلخ[97]، وهكذا.
ومن ذلك التماس جواب للخصم - يجيب به - ثم الرد عليه وهذا كثير في الكتاب.
ثالثًا: الإنصاف:
أي إنصاف الخصم وعدم الظلم أو الاعتداء وهذا أمثلته كثيرة، وسأذكر منها ما يتبين به المقصود، فمن ذلك قوله: وينبغي
أيضا أن يعلم أنه ليس كل ما أنكره بعض الناس عليهم يكون باطلا بل من
أقوالهم أقوال خالفهم فيها بعض أهل السنة ووافقهم بعض والصواب مع من وافقهم
لكن ليس لهم مسألة انفردوا بها أصابوا فيها[98].
وقوله: مما
ينبغي أن يعرف أن ما يوجد في جنس الشيعة من الأقوال والأفعال المذمومة وإن
كان أضعاف ما ذكر لكن قد لا يكون هذا كله في الإمامية الاثنى عشرية ولا في
الزيدية ولكن يكون كثير منه في الغالية وفي كثير من عوامهم مثل ما يذكر
عنهم من تحريم لحم الجمل وأن الطلاق يشترط فيه رضا المرأة ونحو ذلك مما
يقوله بعض عوامهم وإن كان علماؤهم لا يقولون ذلك...[99].
أو قول القائل: أو قول القائل: إن الرافضة تفعل كذا وكذا المراد به بعض الرافضة كقوله تعالى: وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ[100]، وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ[101] لم يقل ذلك كل يهودي بل قاله بعضهم...[102]. إلى غير ذلك من الأساليب المقنعة، الداحضة لحجة الخصوم.
فكل من أراد الحق وتجرد عن الهوى، فلا بد أن يقتنع ببطلان مذهب الروافض،
وأن الحق مع أهل السنة، وأن ما ذهبوا إليه هو الصواب الذي أمر الله به
ورسوله، وهو الشرع الذي تعبد الله به أمة الإسلام.
من الرافضة في منهاج السنة
د/ عبد الله بن إبراهيم بن عبد الله
هذا الكتاب رسالة أكاديمية ، اخترنا هذه الصفحات من المدخل تناول فيها الكاتب :
- أسماء الفرق التي رد عليها ابن تيمية في كتبه .
- أسباب تأليف المنهاج .
- أسلوب شيخ الإسلام في المناقشة .
وذلك لأهمية الاستفادة من جهود شيخ الإسلام وطريقته في المناقشة والمناظرة . الراصد
1- الفرق التي رد عليها:
1- فرقة الجهمية: وقد رد عليهم بكتاب "بيان تلبيس الجهمية[1] في تأسيس بدعهم الكلامية[2]" أو "نقض تأسيس الجهمية"، وقد قال عنه ابن عبد الهادي[3]،
"وهو كتاب جليل المقدار معدوم النظير كشف الشيخ فيه أسرار الجهمية وهتك
أستارهم ولو رحل طالب العلم لأجل تحصيله إلى الصين ما ضاعت رحلته"[4].
2- فرقة المعتزلة[5]: وقد رد عليهم بكتاب "التدمرية[6]، وفي ثنايا كتبه الأخرى.
3- فرقة الأشاعرة[7]:
وهذه الفرقة قد أكثر وأطال في الرد عليها؛ لأنها لبست على الناس وخلطت
الحق بالباطل وادعت أنها صاحبة الحق وأنها هي أهل السنة والجماعة الوقفة ضد
المعتزلة، فرد عليهم في عديد من كتبه، وفي ثنايا أجوبته، وأفرد للرد عليهم
كتبًا خاصة، مثل: "درء تعارض العقل والنقل[8] الذي امتدحه الإمام العلامة شيخ الإسلام الثاني ابن قيم الجوزية[9] فقال في نونيته: -
وأقرأ كتاب العقل والنقل الذي
ما في الوجود له نظير ثان[10]
وكتاب بيان تلبيس الجهمية رد فيه على الرازي[11]، وكتاب التسعينية[12] التي كتبها في الأشهر الأخيرة من حياته - رحمه الله - جوابًا عن محاكمة الأشاعرة له.
وكتاب شرح العقيدة الأصفهانية[13]، وهو شرح لعقيدة الشمس الأصفهاني[14] التي جرى فيها على أصول الأشاعرة، "والفتوى الحموية[15]"، و"الرسالة المدنية"[16]، و"النبوات"[17]، وهو رد على الباقلاني[18] خاصة والأشاعرة عامة وكتاب "الإيمان"[19] وهو نقد للأشاعرة في الإيمان وذكر بقية المرجئة[20]، تبعا، و"القاعدة المراكشية"[21]، وهي كالبيان لمذهب مالك في العقيدة والرد على متأخري المالكية من المغاربة الأشعرية.
وكتاب "المناظرة في الواسطية"[22] ألفها في محاكمة الأشاعرة له بسبب الواسطية، وكتاب الاستقامة"[23] كتبه نقضًا لكتاب[24] القشيري[25] الصوفي الأشعري[26].
4- الماتريدية[27] ورد عليهم بكتاب"الماتريدية"[28] وفي الفتاوى وغيرها.
5- الصوفية[29]، وفيه رد عليهم في ثنايا كتبه، وفي كتاب الاستقامة خاصة، وفي المجلد الحادي عشر من الفتاوى.
6- المتكلمة[30] وقد رد عليهم في ضمن ردوده على الأشاعرة والجهمية ونحوهم وفي كتاب درء تعارض العقل والنقل.
7- المناطقة[31] وقد رد عليهم بكتاب "الرد على المنطقيين"[32]، وكتاب " نقض المنطق"[33].
8- الفلاسفة[34]، وقد رد عليهم في ثنايا كتبه، وفي كتاب "الصفدية"[35] خاصة، وكتاب "درء تعارض العقل والنقل.
9، 10- المشبهة[36] والمجسمة[37]: وقد رد عليهم في ثنايا كتبه، وخاصة في "منهاج السنة النبوية"[38].
11، 12- اليهود[39] والنصارى[40]:وقد رد عليهم بكتاب "الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح"[41].
13، 14- المشركون والقبوريون:وقد رد عليهم في ثنايا كتبه، وفي كتاب "الرد على البكري[42] وكتاب الرد على الأخنائي[43].
15- الاتحاديون[44]:ورد عليهم بكتاب "الرد على أهل وحدة الوجود[45]، مع رده عليهم فيما رد به على الصوفية، وفي ثنايا كتبه وفي كتاب "الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان[46]، وكتاب السبعينية[47] الذي رد فيه على ابن سبعين[48]، وأضرابه.
16- الفقهاء المتعصبون: وأعني بهم فقهاء المذاهب الأربعة "المتبوعة" الذين
خالفهم في بعض المسائل، ورد عليهم ببيان الدليل الصحيح، ومن أعظم المسائل
التي أثارتهم عليه: مسألة الطلاق الثلاث وأنها واحدة إذا وقعت في طهر واحد
لم يراجعها[49] فيه، ومسألة الحلف بالطلاق[50]، وغيرها، ورد عليهم بكتاب "الرد الكبير على من اعترض عليه في مسألة الحلف بالطلاق"[51] وكتاب" الفرق بين التطليق والأيمان"[52]، وغيرها.
17- الرافضة[53]: ورد عليهم بكتاب "الرد على أهل كسروان الرافضة" وهو مجلدان ذكره ابن عبد الهادي[54]، وكتاب "منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة والقدرية" رد فيه على ابن المطهر الحلي[55]
الرافضي، وبين جهل الرافضة وضلالهم وكذبهم وافترائهم، وغير ما ذكرته من
الفرق التي تناصب أهل السنة والجماعة العداء، فوقعت جميع هذه الفرق ضده،
ورمته عن قوس واحد.
ومع ذلك فقد تصدى لها وصبر على ذلك ونصر الله به الحق، وقد رزقه الله تعالى
حافظة قوية بحيث إنه قوي الحجة سريع استحضار الأدلة، سريع الحفظ بطيء
النسيان.
و"منهاج السنة" من أهم الكتب التي رد بها على الفرق المخالفة لطريق أهل
السنة والجماعة، إذ بين فيه بطلان عقيدة الروافض، وأنهم أجهل الناس في
المعقولات، وأكذب الناس في المنقولات، ومخالفتهم لما عليه المسلمون الأولون
من الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم أجمعين، وهو كتابه هذا الذي سنتحدث
عنه موقفه من الرافضة من خلاله.
فيعتبر هذا الكتاب في مقدمة كتب شيخ الإسلام النفيسة التي أوضح فيها منهج
السلف في جميع الأبواب، وقد بين بطلان مذهب الرافضة وسخافاتهم بالحجة
القوية والبرهان الواضح والدليل الناصع، من الأثر والنظر. من العقل والنقل،
وليس هذا بغريب على شيخ الإسلام الذي قال فيه مرعي بن يوسف الكرمي[56]:
وقد
أثنى الأئمة الأعلام على هذا الإمام، ولقبوه بشيخ الإسلام، وأفردوا مناقبه
بالتصانيف، وتحلت بذكره التواريخ والتآليف، ولم ينقصه إلا من جهل مقداره
وخطره، ومن جهل شيئا أنكره[57].
وقال فيه ابن عبد البر السبكي[58]:
والله يا فلان: ما يبغض ابن تيمية إلا جاهل أو صاحب هوى، فالجاهل لا يدري ما يقول، وصاحب الهوى يصده هواه عن قول الحق بعد معرفته به[59].
وقال الذهبي[60]:
وكان
- يعني ابن تيمية - من بحور العلم، ومن الأذكياء المعدودين والزهاد
الأفراد، والشجعان الكبار، والكرماء الأجواد، أثنى عليه الموافق والمخالف،
وسارت بتصانيفه الركبان، لعلها ثلاثمائة مجلد[61].
وقال في موضع آخر:
قلت:
وله خبرة تامة بالرجال، وجرحهم، وتعديلهم وطبقاتهم، ومعرفة بفنون الحديث،
وبالعالي والنازل، وبالصحيح والسقيم، مع حفظه لمتونه، الذي انفرد به، فلا
يبلغ أحد في العصر رتبته، ولا يقاربه، وهو عجب في استحضاره، واستخراج الحجج
منه، وإليه المنتهى في عزوه إلى الكتب الستة[62] والمسند[63]،
بحيث يصدق عليه أن يقال: "كل حديث لا يعرفه ابن تيمية فليس بحديث" ولكن
الإحاطة لله تعالى، غير أنه يغترف من بحر وغيره من الأئمة يغترفون من
السواقي[64].
وأما التفسير فمسلم إليه، وله في استحضار الآيات من القرآن -وقت إقامة
الدليل بها على المسألة- قوة عجيبة، وإذا رآه المقرئ تحير فيه، ولفرط
إمامته في التفسير، وعظمة إطلاعه، يبين خطأ كثير من أقوال المفسرين ويوهي
أقوال عديدة، وينصر قولا واحدًا موافقا لما دل عليه القرآن والحديث[65].
وقال البزار[66] عن شيخ الإسلام:
"وقل كتاب من فنون العلم إلا وقف عليه، وكان الله قد خصه بسرعة الحفظ
وإبطاء النسيان، لم يكن يقف على شيء أو يستمع لشيء غالبًا إلا ويبقى على
خاطره إما بلفظه أو معناه وكان العلم كأنه قد اختلط بلحمه ودمه وسائره،
فإنه لم يكن مستعارا بل كان له شعارًا ودثارًا"[67].
وقال عنه ابن عبد الهادي "صاحب التصانيف التي لم يسبق لمثلها"[68] وذكر ابن عبد الهادي أن ابن دقيق العيد[69] اجتمع بشيخ الإسلام وسمع كلامه وذكر أنهم سألوه بعد انقضاء المجلس فقال: "هو رجل حفظة"[70][71].
وقال ابن دقيق العيد: "لما اجتمعت بابن تيمية رأيت رجلا العلوم كلها بين عينيه، يأخذ منها ما يريد، ويدع ما يريد[72].
قال ابن الهادي رحمه الله: وكان رحمه الله - يعني ابن تيمية- سيفًا مسلولاً
على المخالفين، وشجي في حلوق [أهل] الأهواء المبتدعين، وإمامًا قائمًا
ببيان الحق ونصرة الدين، وكان بحرًا لا تكدره الدلاء، وحبرًا يقتدي به
الأخيار الألباء، طنت بذكره الأمصار وضنت بمثله الأعصار[73].
وقال ابن عبد الهادي: وقال العلامة كمال الدين ابن الزملكاوي[74]
كان إذا سئل عن فن من العلم ظن الرائي والسامع أنه لا يعرف غير ذلك الفن
وحكم أن أحدًا لا يعرف مثله، إلى أن قال.... واجتمعت فيه شروط الاجتهاد على
وجهها[75].
وهذا الباب كثيرٌ جدًّا، ولعل ما ذكرت فيه كفاية، والله المستعان.
2- أسباب تأليف المنهاج :
ذكر شيخ الإسلام الأسباب التي دعته إلى تأليف هذا الكتاب فسأذكر ما قاله، ثم أبرز أهم الأسباب:
قال شيخ الإسلام:
أما
بعد: فإنه قد أحضر إلي طائفة من أهل السنة والجماعة كتابا صنفه بعض شيوخ
الرافضة في عصرنا منفقا لهذه البضاعة يدعو به إلى مذهب الرافضة الإمامية من
أمكنه دعوته من ولاة الأمور وغيرهم أهل الجاهلية ممن قلت معرفتهم بالعلم
والدين ولم يعرفوا أصل دين المسلمين وأعانه على ذلك من عادتهم إعانة
الرافضة من المتظاهرين بالإسلام من أصناف الباطنية[76] الملحدين.
الذين هم في الباطن من الصابئة[77]
الفلاسفة الخارجين عن حقيقة متابعة المرسلين الذين لا يوجبون اتباع دين
الإسلام ولا يحرمون اتباع ما سواه من الأديان بل يجعلون الملل بمنزلة
المذاهب والسياسات التي يسوغ اتباعها وأن النبوة نوع من السياسة العادلة
التي وضعت لمصلحة العامة في الدنيا[78].
وقد بين متى يكثر هذا الصنف من الناس فقال: فإن
هذا الصنف يكثرون إذا كثرت الجاهلية وأهلها ولم يكن هناك من أهل العلم
بالنبوة والمتابعة لها من يظهر أنوارها الماحية لظلمة الضلال ويكشف ما في
خلافها من الإفك والشرك والمحال.
وهؤلاء لا يكذبون بالنبوة تكذيبا مطلقا بل هم يؤمنون ببعض أحوالها ويكفرون
ببعض الأحوال وهم متفاوتون فيما يؤمنون به ويكفرون به من تلك الخلال.
فلهذا يلتبس أمرهم بسبب تعظيمهم للنبوات على كثير من أهل الجهالات.
والرافضة والجهمية هم الباب لهؤلاء الملحدين[79].
وقال: وذكر
من أحضر هذا الكتاب أنه من أعظم الأسباب في تقرير مذاهبهم عند من مال
إليهم من الملوك وغيرهم وقد صنفه للملك المعروف الذي سماه فيه خدا بنده[80]
وطلبوا مني بيان ما في هذا الكتاب من الضلال وباطل الخطاب لما في ذلك من
نصر عباد الله المؤمنين وبيان بطلان أقوال المفترين الملحدين[81].
وقال: فلما
ألحوا في طلب الرد لهذا الضلال المبين ذاكرين أن في الإعراض عن ذلك خذلانا
للمؤمنين وظن أهل الطغيان نوعا من العجز عن رد هذا البهتان فكتبت ما يسره
الله من البيان وفاء بما أخذه الله من الميثاق على أهل العلم والإيمان
وقياما بالقسط وشهادة لله كما قال تعالى: يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ
لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ
إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا
تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا
فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا[82]والليُّ: هو تغيير الشهادة، والإعراض: كتمانها[83].
وقال: وذلك
أن أول هذه الأمة هم الذين قاموا بالدين تصديقا وعلما وعملا وتبليغا
فالطعن فيهم طعن في الدين موجب للإعراض عما بعث الله به النبيين.
وهذا كان مقصود أول من أظهر بدعة التشيع[84].
وقال في موضع آخر: ولولا
أن هذا المعتدي الظالم قد اعتدى على خيار أولياء الله وسادات أهل الأرض
خير خلق الله بعد النبيين اعتداء يقدح في الدين ويسلط الكفار والمنافقين
ويورث الشبه والضعف عند كثير من المؤمنين، لم يكن بنا حاجة إلى كشف أسراره
وهتك أستاره والله حسيبه وحسيب أمثاله[85].
وقال: ونحن نبين إن شاء الله تعالى طريق الاستقامة في معرفة هذا الكتاب منهاج الندامة بحول الله وقوته[86].
وقال في بيان الطريقة المثلى في مناقشة الفرق، وقبول ما عندها من الحق ورد ما عندها من الباطل: ولهذا
جعل هذا الكتاب «منهاج أهل السنة النبوية في نقض كلام الشيع والقدرية» فإن
كثيرا من المنتسبين إلى السنة ردوا ما تقوله المعتزلة والرافضة وغيرهم من
أهل البدع بكلام فيه أيضا بدعة وباطل وهذه طريقة يستجيزها كثير من أهل
الكلام ويرون أنه يجوز مقابلة الفاسد بالفاسد.
لكن أئمة السنة والسلف على خلاف هذا وهم يذمون أهل الكلام المبتدع الذين
يردون باطلا بباطل وبدعة ببدعة ويأمرون ألا يقول الإنسان إلا الحق لا يخرج
عن السنة في حال من الأحوال وهذا هو الصواب الذي أمر الله تعالى به ورسوله[87].
ويمكن إبراز أهم الأسباب فيما يلي: -
1- قوة تأثير هذا الكتاب فيمن ليست لديهم خبرة ولا علم بفساد مذهب الرافضة.
2- أن الرافضي ألف هذا الكتاب يدعو به إلى مذهب من استطاع دعوته من ولاة الأمور وغيرهم.
3- أن هذا الكتاب من أعظم الأسباب في تقرير مذهب الرافضة عند من مال إليهم.
4- أن هذا الكتاب صنفه مصنفه لأحد الملوك - وقد كان سببًا في صرفه إلى مذهب الرافضة.
5- أن في رد هذا الكتاب نصرة لعباد الله المؤمنين وبيانا لبطلان أقوال المفترين الملحدين.
6- إجابة السؤال الذي طلب منه ممن عرف تأثير هذا الكتاب.
7- أن هؤلاء القوم يظهرون ويكثرون عندما يكثر الجهل ويقل العلماء العاملون بالكتاب والسنة الذين يقفون في وجوه المبطلين.
8- ظن أهل الطغيان نوعًا من العجز عن رد هذا البهتان.
9- أن هذا الرد وفاء بما أخذه الله من الميثاق على أهل العلم والإيمان، وقيامًا بالقسط وشهادة لله.
10- أن كتاب الرافضي فيه الطعن بالصحابة، والطعن فيهم طعن في هذا الدين
موجب للإعراض عما بعث الله به النبيين فوجب رده وبيان طريق الاستقامة.
11- أن هذا الكتاب إنما صنفه شيخ الإسلام لإقامة العدل وإبطال الباطل.
3- أسلوب شيخ الإسلام -رحمه الله- في المناقشة:
ذكر شيخ الإسلام -رحمه الله- قاعدة عامة في المناقشة لا بد من سلوكها، وهي
العدل مع الخصم، وقبول ما عنده من الحق، ورد ما في كلامه من الباطل، وأن لا
يقابل الباطل بباطل ولا البدعة ببدعة، وبين أن هذه طريقة السلف فمما قاله
في ذلك قوله: فالواجب
إذا كان الكلام بين طائفتين من هذه الطوائف أن يبين رجحان قول الفريق الذي
هو أقرب إلى السنة بالعقل والنقل ولا ننصر القول الباطل المخالف للشرع
والعقل أبدا فإن هذا محرم ومذموم يذم به صاحبه ويتولد عنه من الشر ما لا
يوصف كما تولد من الأقوال المبتدعة مثل ذلك ولبسط هذه الأمور مكان آخر
والله أعلم[88].
وقال: وأما
إذا كان المقصود بيان رجحان بعض الأقوال فهذا ممكن في نفسه وهذا هو الذي
نسلكه في كثير مما عاب به الرافضة كثير من الطوائف المنتسبين إلى السنة في
إثبات خلافة الخلفاء الثلاثة فإنهم عابوا كثيرا منهم بأقوال هي معيبة
مذمومة والله قد أمرنا ألا نقول عليه إلا الحق وألا نقول عليه إلا بعلم
وأمرنا بالعدل والقسط فلا يجوز لنا إذا قال يهودي أو نصراني فضلا عن
الرافضي قولا فيه حق أن نتركه أو نرده كله بل لا نرد إلا ما فيه من الباطل
دون ما فيه من الحق[89].
وقال في بيان طريقة السلف في الرد: لكن
أئمة السنة والسلف على خلاف هذا وهم يذمون أهل الكلام المبتدع الذين يردون
باطلا بباطل وبدعة ببدعة ويأمرون ألا يقول الإنسان إلا الحق لا يخرج عن
السنة في حال من الأحوال وهذا هو الصواب الذي أمر الله تعالى به ورسوله.
ولهذا لم نرد ما تقوله المعتزلة والرافضة من حق بل قبلناه لكن بينا أن ما
عابوا به مخالفيهم من الأقوال ففي أقوالهم من العيب ما هو أشد من ذلك[90].
من أهم الأساليب التي استعملها شيخ الإسلام في رده على الرافضي:
أولاً: الإقناع: حيث يذكر الأدلة التي تقنع من أراد الحق.
- من ذلك: أن يأتيه بكلام أصحابه كقوله رحمه الله: وقال محمد بن سعيد الأصبهاني[91] سمعت شريكا يقول: «أحمل العلم عن كل من لقيت إلا الرافضة فإنهم يضعون الحديث ويتخذونه دينا[92]».
وشريك هذا هو شريك بن عبد الله القاضي[93]، قاضى الكوفة من أقران الثوري[94] وأبي حنيفة وهو من الشيعة الذي يقول بلسانه أنا من الشيعة وهذه شهادته فيهم[95].
- ومن ذلك ذكر الاتفاق على خلاف ما ذكره الخصم، كقوله: إن قول القائل إن مسألة الإمامة أهم المطالب في أحكام الدين وأشرف مسائل المسلمين كذب بإجماع المسلمين سنيهم وشيعيهم بل هذا كفر.
فإن الإيمان بالله ورسوله أهم من مسألة الإمامة وهذا معلوم بالاضطرار من
دين الإسلام فالكافر لا يصير مؤمنا حتى يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا
رسول الله وهذا هو الذي قاتل عليه الرسول r الكفار أولا... بل نحن نعلم
بالاضطرار عن رسول الله r أنه لم يكن يذكر للناس إذا أرادوا الدخول في دينه
الإمامة لا مطلقا ولا معينا، فكيف تكون أهم المطالب في أحكام الدين[96]!.
ثانيًا: استعمال أسلوب الحصر والتقسيم: حيث يحصر المسألة في عدة أمور أو
احتمالات لا تخرج عنها، ثم يجيب عنها واحدًا واحدًا، ومثال ذلك قوله: إن
قول القائل: الإمامة أهم المطالب في أحكام الدين إما أن يريد به إمامة
الاثنى عشر أو إمام كل زمان بعينه في زمانه بحيث يكون الأهم في زماننا
الإيمان بإمامة محمد المنتظر والأهم في زمان الخلفاء الأربعة الإيمان
بإمامة علي عندهم والأهم في زمان النبي r الإيمان بإمامته وإما أن يراد به
الإيمان بأحكام الإمامة مطلقا غير معين وإما أن يراد به معنى رابعا.
أما الأول: فقد علم بالاضطرار أن هذا لم يكن معلوما شائعا بين الصحابة ولا
التابعين بل الشيعة تقول إن كل واحد إنما يعين بنص من قبله فبطل أن يكون
هذا أهم أمور الدين.
وأما الثاني:.... إلخ[97]، وهكذا.
ومن ذلك التماس جواب للخصم - يجيب به - ثم الرد عليه وهذا كثير في الكتاب.
ثالثًا: الإنصاف:
أي إنصاف الخصم وعدم الظلم أو الاعتداء وهذا أمثلته كثيرة، وسأذكر منها ما يتبين به المقصود، فمن ذلك قوله: وينبغي
أيضا أن يعلم أنه ليس كل ما أنكره بعض الناس عليهم يكون باطلا بل من
أقوالهم أقوال خالفهم فيها بعض أهل السنة ووافقهم بعض والصواب مع من وافقهم
لكن ليس لهم مسألة انفردوا بها أصابوا فيها[98].
وقوله: مما
ينبغي أن يعرف أن ما يوجد في جنس الشيعة من الأقوال والأفعال المذمومة وإن
كان أضعاف ما ذكر لكن قد لا يكون هذا كله في الإمامية الاثنى عشرية ولا في
الزيدية ولكن يكون كثير منه في الغالية وفي كثير من عوامهم مثل ما يذكر
عنهم من تحريم لحم الجمل وأن الطلاق يشترط فيه رضا المرأة ونحو ذلك مما
يقوله بعض عوامهم وإن كان علماؤهم لا يقولون ذلك...[99].
أو قول القائل: أو قول القائل: إن الرافضة تفعل كذا وكذا المراد به بعض الرافضة كقوله تعالى: وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ[100]، وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ[101] لم يقل ذلك كل يهودي بل قاله بعضهم...[102]. إلى غير ذلك من الأساليب المقنعة، الداحضة لحجة الخصوم.
فكل من أراد الحق وتجرد عن الهوى، فلا بد أن يقتنع ببطلان مذهب الروافض،
وأن الحق مع أهل السنة، وأن ما ذهبوا إليه هو الصواب الذي أمر الله به
ورسوله، وهو الشرع الذي تعبد الله به أمة الإسلام.
مواضيع مماثلة
» الشبهة: قال ابن تيمية في منهاج السنة : [ وقد أنزل الله تعالى في علي: {يا أيها الذين آمنوا
» عقيدة الرافضة في أهل السنة
» قُدرة الرافضة على التكيّف والتلوّن\"!! (صُورة لشعار الرافضة الجديد)
» سلسلة الخلاف بين أهل السنة والشيعة الحلقة الخامسة عقيدتهم في السنة النبوي
» بعض ما جاء في كتاب منهاج السنّة النبوية
» عقيدة الرافضة في أهل السنة
» قُدرة الرافضة على التكيّف والتلوّن\"!! (صُورة لشعار الرافضة الجديد)
» سلسلة الخلاف بين أهل السنة والشيعة الحلقة الخامسة عقيدتهم في السنة النبوي
» بعض ما جاء في كتاب منهاج السنّة النبوية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة 21 يونيو 2024, 12:25 am من طرف Admin
» هل الانجيل محرف
الأربعاء 19 يونيو 2024, 2:34 pm من طرف Admin
» شبهات النصاري زواج ام المؤمنين عائشه،
الإثنين 17 يونيو 2024, 10:30 am من طرف Admin
» الفرق بين السنه والفقه
السبت 11 مايو 2024, 11:23 pm من طرف Admin
» كيف عرفت انه نبي..
الجمعة 26 أبريل 2024, 5:40 am من طرف Admin
» موضوع هل يدخل الجنه غير المسلمين،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:48 am من طرف Admin
» التدرج في التشريع
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:43 am من طرف Admin
» كتب عليكم الصيام،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:41 am من طرف Admin
» اقوال العلماء في تفسير ايه الحجاب،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:40 am من طرف Admin