إلى متى يستهان بالإمام ؟
أرجو النجاة وأرجو رحمة الباري *** كيف السبيل وتلك بعض أخباري
بعد اجتهاد ومكثي الليل في سهر *** أخاصم النوم في حلّي وأسفاري
وأطلب العلم كي أرقي بصحبته ***وتهنأ الزوج بعـد البــعد بالـدّار
بعد العناء وبعد الجدِّ في طلب *** قـــد نلتـــها بتفــوّقٍ على الجـار
واستبشر الناس بي خيرا فهنأني *** على الوظيفة من يشقى بإعساري
واغرورقت عين ُمن بالأمس يكرهني *** وقال فـــاز المجــدّ بعــد إصرار
خلت الأمور غدا بالبشر تغمرني *** حتى إذا كُشِفَتْ أحْسسْتُ بالنّـار
لا البــدر بـــدر حين كنت أرقبه *** بـل كـان وهْما عنــد كل إبـصار
أين الوظيفة يامن كنت تحسدني *** قد خيّمَ اليأس في نفسي وأشعاري
قــد أصبحتْ في عداد الوهم تطلبها ***كالجــنّ تحسبــها في وقـت أسـحار
صارت كلؤلــؤة والكـل يطلبــها *** إن لم تكــن حُجَجا أضحــت بقنـطار
قد حزتها بسعادة والناس ترمقني *** هذا الإمام أتى بشــراه مــن ســـار
في كـل يــوم لهـم مـن مالها بدل *** زيٌّ ومـــقــــرأةٌ وشــــدْوُ أذكـــار
سمعتهم وشدوت اليوم من فرح *** غدا أكــون أميـرا بيــن أبـــــرار
مضت سراعا وغار الوهم وانكشفت *** كـــل المنايــا وزالــت كـل أستار
وحزته وكظمت الغيظ في كبدي *** أيــن الرواتــب يا أبـــناء دينــار
هذي الرواتب لا تكفي لمرضَعًةٍ *** أو تشتري الفول يا زوار جــزّار
أو تشتري الخبز في أيام ميسرةٍ *** أو أدفــع الأجــر تقسيـطا لحــفار
فلمتــهم ولبســت الصبـر أرديــة *** حتــى ييســر ربي شـأن أعصار
فجـاءني فـــرج مــنْ بـعد محنتنا *** لما أ قـــروا بتــحسـيـن وإكثـــار
ضجت صدور وهاج القوم واحتشدوا *** حقــدا على فئــة تسري كأقمار
حتـى أتـــت ثـــورة بالخـير نحسبها *** وبدّلـــت حٍقـــبٌ كانــت لشُـطّار
وأصبح الناس بعد اليأس في أمــل ***يـراود النـفس أن تحيى بإكبــار
وفـــاز كلّ سعيـــدٍ بعــــد كربتــــه *** إلا الأئـــمة قــد فـازوا بمسمـار
واحسرة بُخِسوا لم تزددْ رواتبهم *** وطار تحسينهم في يوم إعصـار
أيـن العدالة يا رضوان والأمـــلُ *** حتـى أتــى حــازم بقطع أوتاري
صاح الأئمة يا وزيرنا خسفـــتْ *** أركانـنا فاسقنا مــن ريــع أنـهار
قال الوزير لنــا جفــت منـابعها *** فلتذهبوا عصبة وادعوا لإقرار
إن يسمعوا صوتكم فتلك خاتمتي *** أو يهملوا شأنكم فارضوا بأقدار
بحــت حناجرهم فليأتنا شــــرف ***أو يأتــنا حـازم مــن غيـــر إنـكار
لم يأتـــنا حـازم أو رمزنا شرف *** بل أوصــدوا سبــلا كانـت لأحرار
واستمرأوا الجهل صوب كل داعية *** واستعذبـوا الـــذل نــحو كـل كفّار
وأحضروا سوطهم من كل ناحية *** وأقبــلوا نحـــونا بالخــزي والعار
واستأسدوا بعدما شلّتْ قرائحهم *** وفــرقوا جمعنـــا تـفريــق أبــقار
يا ويح عسكرنا بالخزي يضربنا *** وغيــرنا مكثــوا من غير إخــطار
ماصدهم أحـــــد بــل ذللوا سبـلا *** مــن أجــل مطلبهم صارت لأحْبار
وزيــرنا وئـدت بالأمـس عزتـنا *** فما استقــاد لنا مــن بطش جـبّار
هانت كرامتنا من أجــل منصبه *** بئس المنـاصب إن أدت لإدبــار
هـــذي إهانتنا بالأمس تشـمـلكم *** فانـظر وداعتــهم لمشعلي النــّار
إن كان يرضيك ما بالأمس تعلمه *** فارحــل ودعــها لليـث غير مهذار
وحسبنا الله ونعم الوكيل