بحـث
الشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المواضيع الأخيرة
نوفمبر 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | |||||
3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 |
10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 |
17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 |
24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
الحمدلله على نعمة الاسلام
ايها الاخوه الدعاه الى الله وكذا جميع الزائرين والزائرات مرحبا بكم واهلا نتمنى من الله ان نكون عند حسن ظنكم جميا والله الموفق الى الخير وهو حسبنا ونعم الوكيلالشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 3 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 3 زائر لا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 76 بتاريخ الأربعاء 30 أكتوبر 2024, 11:01 pm
قل أرأيتم إن أهلكني الله و من معي أو رحمنا فمن يجير الكافرين من عذاب أليم" الآية :28
صفحة 1 من اصل 1
قل أرأيتم إن أهلكني الله و من معي أو رحمنا فمن يجير الكافرين من عذاب أليم" الآية :28
تفسير سورة الملك | الآية الثامنة و العشرون
"قل أرأيتم إن أهلكني الله و من معي أو رحمنا فمن يجير الكافرين من عذاب أليم" الآية :28
*** لا أعلم شيئا صح في سبب نزول هذه الآية و لكن ذكر المفسرون أقوالا بصيغة التمريض أو بلا سند و الأغلب أنها اجتهادات:
1 - روي أن الكفار من بذاءتهم كانوا يدعون على الرسول صلى الله عليه
وسلم وأصحابه بالهلاك و ذكروا قوله تعالى" أم يقولون شاعر نتربص به ريب
المنون "[1] .
2 - كانوا يتآمرون بينهم بأن يهلكوهم بالقتل ونحوه قال تعالى: "وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك"[2] .
و قيل: أن أقوالهم بتمني هلاك النبي صلى الله عليه و سلم جاءت لما خوفهم بعذاب الله.
قال في التحرير:فقد يكون نزول هذه الآيات السابقة صادف مقالة من
مقالاتهم هذه فنزلت الآية في أثنائها وقد يكون نزولها لمناسبة حكاية قولهم:
"متى هذا الوعد" [3] بأن قارنه كلام بذيء مثل أن يقولوا: أبعد هلاكك يأتي الوعد.
*** "إن أهلكني الله":
الإهلاك : الإماتة.
*** "أو رحمنا":
1 – بالنصر عليكم.
2 – بالحياة و تأخير الأجل.
فمقابلة أهلكني ب "رحمنا" يدل على أن المراد: أو رحمنا بالحياة، فيفيد أن الحياة رحمة، وأن تأخير الأجل من النعم.
قال بن عاشور:وإنما سمى الحياة رحمة له ولمن معه، لأن في حياته نعمة له
وللناس ما دام الله مقدرا حياته، وحياة المؤمن رحمة لأنه تكثر له فيها بركة
الإيمان والأعمال الصالحة.
قلت أبو يوسف : و الأظهر عندي أن الآية جواب على دعاء دعوه على النبي
صلى الله عليه و سلم و أتباعه فالهلاك بسبب هذه الدعاء يكون استجابة لذلك
الدعاء و النجاة من أثر ذلك الدعاء يكون رحمة و الله أعلم.
*** "فمن يجير الكافرين من عذاب أليم":
و المعنى إذا كنتم دعوتم بهلاك النبي صلى الله عليه و سلم فهلك أو نجا
فمن يحميكم أنتم من عذاب الله المؤلم قال تعالى: "فإما نذهبن بك فإنا منهم
منتقمون أو نرينك الذي وعدناهم فإنا عليهم مقتدرون" [4]
وينسب إلى الشافعي:
تمنى رجال أن أموت فإن أمت ... فتلك سبيل لست فيها بأوحد
*** "فمن يجير الكافرين من عذاب أليم":
الأظهر أن هذا هو الوعد الذي وعده النبي صلى الله عليه و سلم لهم و سألوه عن ميعاد وقوعه بدلالة السياق.
و تنكير العذاب للتهويل والمراد ب الكافرين جميع الكافرين فيشمل المخاطبين.
*** في الآية فوائد:
1. من أنذر الخلق العذاب فسيتمنون هلاكه أو قد يعملون على هلاكه فليقل
لهم مثل ما أمر الله نبيه صلى الله عليه و سلم أن يقول لكفار قريش فهي
حجة بالغة لله و للرسول صلى الله عليه و سلم و هذا هو موطنها عند تمنى
الكفار زوال الدعاة و المنذرين فيكون لها من الفائدة إقامة الحجة عليهم و
تخفيف الأذى عن حملة الرسالة خصوصا أن السورة مكية.
2. فهم عقلية و نفسية الكفار فإنهم لما آثروا الباطل على الحق و أصروا
عليه مع ظهور البينات كرهوا من يذكرهم بالله و عقوبته و عذابه و حولوا
المسألة من مسألة الدعوة و الحجة و البرهان إلى عداوة شديدة بينهم و بين من
يذكرهم بالله و عقوبته و سخطه فهم لا يريدون أن يسمعوا هذا الصوت و لما
كانوا لا يقدرون على حرب الله و لا على دحض حجج المرسلين و لكنهم يقدرون
على حرب و إيذاء الرسل فاتخذوا ذلك هدفا و أوهموا أنفسهم بذلك أنهم على
الحق و أنهم بذلك منتصرون وربما زادوا في غيهم فنسبوا ذلك الوعيد للرسل و
ادعوا أنهم هم أهل الحق و أنهم أولى بالله من الرسل و أتباعهم و أخذوا
يدعون على الرسل و يتمنون هلاكهم فجاءت هذه الآية تدمغهم و تجعلهم يفيقون
من سكرتهم و الوهم الذي رسموه لأنفسهم فإن قضيتهم ليست مع المرسلين إنما هي
رسالة الله يحملها بشر إليهم فإن هلك الرسل في جهادهم فلأنهم بشر و ما في
ذلك عيب و لكن الرسالة باقية و ما زالوا متوعدين بالعقوبة و العذاب و لو
استجاب الله لهم فأهلكهم فما زالوا أيضا تحت الوعيد.
و الآية تحمل معنى أنهم تمنوا هلاك النبي صلى الله عليه و سلم و من
معه أو دعوا بذلك أو سعوا في ذلك و قد فعلوا ذلك جميعا كما ورد في السيرة و
لكن الأغلب أن المقصود هنا التمني و الدعاء لأن الآية تقول "إن أهلكني
الله و من معي" فكأن الهلاك هنا رباني ناتج عن إجابة دعوة أو نحوها و ليس
هلاكا عاديا واقع بأيديهم فكأنهم فعلوا كفعل أبو جهل في غزوة بدر حينما
استفتح على النبي صلى الله عليه و سلم و قال:"اللهم أقطعنا للرحم و أتانا
بما لا نعرف فأحنه الغداة " فتمنى الشقي أن يهلك الله سبحانه النبي صلى
الله عليه و سلم فكان هو الهالك.
3. و في هذه الآية و ما قبلها تأكيد على بشرية النبي صلى الله عليه و
سلم و أتباعه و أنهم لا يملكون من الأمر شيء بل هم عباد لله إن شاء الله
سبحانه أهلكهم و إن شاء رحمهم ففي الآية رد بليغ على من يغلو في الأنبياء و
الصالحين و تجدر الإشارة إلى أن الآية سيقت على هذا النحو لبيان الحجة
الظاهرة فيها و إلا فما كان الله سبحانه ليهلك خيرة أنبياءه و رسله و
أتباعه بلا جريرة و هم حملة رسالته الصادقون إرضاء و استجابة للمكذبين
الجاحدين و الله عز وجل أعلى و أعلم.
و في إدراك قضية بشرية الرسل نتائج هامة فإن فريقا من الناس لا يدرك هذه
الحقيقة لبعد الزمان عن زمن الوحي فيجهل أن هذا الدين وصل إليهم بمعاناة و
تضحيات بل يظنون أن الدين وصل إليهم بمعجزة و نصر إلهي و أنه لا فائدة في
هذا الزمان من بذل الجهود في نشر الدين و العمل على تمكينه لأنهم يرون
عقبات جسام و لم يدركوا أن الرسل كانوا بشرا واجهوا نفس العقبات و منهم من
يحشر و ليس معه أحد أي لم يؤمن به أحد و المطلوب من العبد العمل و ليس عليه
ما تؤول له الأمور.
4. و في الآية إشارة لما سيقابل به دعاة الحق في كل زمان و مكان من عداوة شديدة من الكفار و رغبة في هلاك حملة الحق و دعاته.
5. و في الآية ترهيب شديد للكافرين بذكر أنهم متوعدون بملاقاة عذاب
مؤلم شديد الألم لا ولي لهم و لا نصير لهم ينجيهم منه فالحقيقة التي لا شك
فيها التي يقررها القرآن أنه لا مجير من عذاب الله فهو سبحانه يجير من شاء و
لا يجار عليه.
6. و حقيقة أنه لا مجير من عذاب الله حجة بليغة على الكافرين فكيف
يكذبون و يحاربون الرسل و هم متوعدون بعذاب أليم لا نصير لهم و لا مجير
لهم منه و هذه الحجة حلقة من سلسلة الحجج التي امتلأت بها السورة.
7. و من الفوائد الإشارة أن الخلق يظلم بعضهم بعضا و يطغى بعضهم على
بعض فيستفتحون و يدعون بهلاك بعضهم البعض و الله على كل شيء شهيد فيهلك من
يشاء و يرحم من يشاء فليحذر أولوا الألباب إهلاك الله لهم بذنوبهم و ليرجوا
رحمته و ليعلموا أنهم بسمعه و بصره و تحت قدرته و أنه سبحانه يأخذ
الظالمين و لو أمهلهم حينا من الدهر و ليعلموا أن إمهال الظالمين أمر مؤقت
ورائه ما وراءه.
*** وقرأ ( أرأيتم ) معا بتسهيل الثانية نافع وأبو جعفر زاد الأزرق إبدالها ألفا مع المد وحذفها الكسائي وأثبتها الباقون محققة .
وقرأ الجمهور بفتحة على ياء أهلكني، وقرأها حمزة بإسكان الياء.
وقرأ الجمهور ياء معي بفتحة وقرأها أبو بكر عن عاصم وحمزة والكسائي و يعقوب و خلف بسكون الياء.
*** الفوائد العملية في الآية:
1. أن يفهم الدعاة سنة الله في عداوة أهل الباطل لأهل الحق و أنهم
سيتمنون هلاكهم و زوالهم و ربما سعوا فيه أو ادعوا أنهم أصحاب الحق و دعوا
على الدعاة و حملة الرسالة و كيف أنهم يهربون من الإجابة على حجج الرسل إلى
صرف الحال إلى عداوتهم و حربهم و يتناسون أن الرسل و أتباعهم ما هم إلا
بشر مبلغين لرسالة الله .
2. معرفة موطن استعمال هذه الحجة البليغة و أثرها .
3. إثبات بشرية المرسلين و الصالحين و أنهم ما هم إلا عباد أطاعوا الله
سبحانه و ليس لهم من الأمر شيء و أن وظيفة المسلم العمل وفق قدرته البشرية
و ليس عليه ضمان هداية الخلق و استجابتهم.
4. التدبر في وعيد الكافرين و أنه ليس لهم منه نجاة و النفور من حالهم.
5. الحجة القرآنية على الكافرين في هذه الآية.
6. الحذر من التعرض لعقوبة الله بظلم الخلق أو الافتراء على الله أو
نحو ذلك فإن الله سبحانه يهلك من يشاء و يرحم من يشاء و نسأل الله العافية و
الرحمة.
7. الحقيقة القرآنية أنه لا مجير من إهلاك الله و لا من عذاب الله و ما تثمره من الخوف من الله.
العودة إلى موقع تفسير القرآن قسم تفسير القرآن قسم الأبحاث الفقهية قسم الأبحاث الشرعية العامة قسم الصور
[1] الطور :52 و في تفسير الآية وجهان :
الأول:نتربص به الموت.
الثاني:نتربص به مصائب الدهر.
[2] الأنفال :30
[3] الملك :25
[
4] الزخرف:41-42
"قل أرأيتم إن أهلكني الله و من معي أو رحمنا فمن يجير الكافرين من عذاب أليم" الآية :28
*** لا أعلم شيئا صح في سبب نزول هذه الآية و لكن ذكر المفسرون أقوالا بصيغة التمريض أو بلا سند و الأغلب أنها اجتهادات:
1 - روي أن الكفار من بذاءتهم كانوا يدعون على الرسول صلى الله عليه
وسلم وأصحابه بالهلاك و ذكروا قوله تعالى" أم يقولون شاعر نتربص به ريب
المنون "[1] .
2 - كانوا يتآمرون بينهم بأن يهلكوهم بالقتل ونحوه قال تعالى: "وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك"[2] .
و قيل: أن أقوالهم بتمني هلاك النبي صلى الله عليه و سلم جاءت لما خوفهم بعذاب الله.
قال في التحرير:فقد يكون نزول هذه الآيات السابقة صادف مقالة من
مقالاتهم هذه فنزلت الآية في أثنائها وقد يكون نزولها لمناسبة حكاية قولهم:
"متى هذا الوعد" [3] بأن قارنه كلام بذيء مثل أن يقولوا: أبعد هلاكك يأتي الوعد.
*** "إن أهلكني الله":
الإهلاك : الإماتة.
*** "أو رحمنا":
1 – بالنصر عليكم.
2 – بالحياة و تأخير الأجل.
فمقابلة أهلكني ب "رحمنا" يدل على أن المراد: أو رحمنا بالحياة، فيفيد أن الحياة رحمة، وأن تأخير الأجل من النعم.
قال بن عاشور:وإنما سمى الحياة رحمة له ولمن معه، لأن في حياته نعمة له
وللناس ما دام الله مقدرا حياته، وحياة المؤمن رحمة لأنه تكثر له فيها بركة
الإيمان والأعمال الصالحة.
قلت أبو يوسف : و الأظهر عندي أن الآية جواب على دعاء دعوه على النبي
صلى الله عليه و سلم و أتباعه فالهلاك بسبب هذه الدعاء يكون استجابة لذلك
الدعاء و النجاة من أثر ذلك الدعاء يكون رحمة و الله أعلم.
*** "فمن يجير الكافرين من عذاب أليم":
و المعنى إذا كنتم دعوتم بهلاك النبي صلى الله عليه و سلم فهلك أو نجا
فمن يحميكم أنتم من عذاب الله المؤلم قال تعالى: "فإما نذهبن بك فإنا منهم
منتقمون أو نرينك الذي وعدناهم فإنا عليهم مقتدرون" [4]
وينسب إلى الشافعي:
تمنى رجال أن أموت فإن أمت ... فتلك سبيل لست فيها بأوحد
*** "فمن يجير الكافرين من عذاب أليم":
الأظهر أن هذا هو الوعد الذي وعده النبي صلى الله عليه و سلم لهم و سألوه عن ميعاد وقوعه بدلالة السياق.
و تنكير العذاب للتهويل والمراد ب الكافرين جميع الكافرين فيشمل المخاطبين.
*** في الآية فوائد:
1. من أنذر الخلق العذاب فسيتمنون هلاكه أو قد يعملون على هلاكه فليقل
لهم مثل ما أمر الله نبيه صلى الله عليه و سلم أن يقول لكفار قريش فهي
حجة بالغة لله و للرسول صلى الله عليه و سلم و هذا هو موطنها عند تمنى
الكفار زوال الدعاة و المنذرين فيكون لها من الفائدة إقامة الحجة عليهم و
تخفيف الأذى عن حملة الرسالة خصوصا أن السورة مكية.
2. فهم عقلية و نفسية الكفار فإنهم لما آثروا الباطل على الحق و أصروا
عليه مع ظهور البينات كرهوا من يذكرهم بالله و عقوبته و عذابه و حولوا
المسألة من مسألة الدعوة و الحجة و البرهان إلى عداوة شديدة بينهم و بين من
يذكرهم بالله و عقوبته و سخطه فهم لا يريدون أن يسمعوا هذا الصوت و لما
كانوا لا يقدرون على حرب الله و لا على دحض حجج المرسلين و لكنهم يقدرون
على حرب و إيذاء الرسل فاتخذوا ذلك هدفا و أوهموا أنفسهم بذلك أنهم على
الحق و أنهم بذلك منتصرون وربما زادوا في غيهم فنسبوا ذلك الوعيد للرسل و
ادعوا أنهم هم أهل الحق و أنهم أولى بالله من الرسل و أتباعهم و أخذوا
يدعون على الرسل و يتمنون هلاكهم فجاءت هذه الآية تدمغهم و تجعلهم يفيقون
من سكرتهم و الوهم الذي رسموه لأنفسهم فإن قضيتهم ليست مع المرسلين إنما هي
رسالة الله يحملها بشر إليهم فإن هلك الرسل في جهادهم فلأنهم بشر و ما في
ذلك عيب و لكن الرسالة باقية و ما زالوا متوعدين بالعقوبة و العذاب و لو
استجاب الله لهم فأهلكهم فما زالوا أيضا تحت الوعيد.
و الآية تحمل معنى أنهم تمنوا هلاك النبي صلى الله عليه و سلم و من
معه أو دعوا بذلك أو سعوا في ذلك و قد فعلوا ذلك جميعا كما ورد في السيرة و
لكن الأغلب أن المقصود هنا التمني و الدعاء لأن الآية تقول "إن أهلكني
الله و من معي" فكأن الهلاك هنا رباني ناتج عن إجابة دعوة أو نحوها و ليس
هلاكا عاديا واقع بأيديهم فكأنهم فعلوا كفعل أبو جهل في غزوة بدر حينما
استفتح على النبي صلى الله عليه و سلم و قال:"اللهم أقطعنا للرحم و أتانا
بما لا نعرف فأحنه الغداة " فتمنى الشقي أن يهلك الله سبحانه النبي صلى
الله عليه و سلم فكان هو الهالك.
3. و في هذه الآية و ما قبلها تأكيد على بشرية النبي صلى الله عليه و
سلم و أتباعه و أنهم لا يملكون من الأمر شيء بل هم عباد لله إن شاء الله
سبحانه أهلكهم و إن شاء رحمهم ففي الآية رد بليغ على من يغلو في الأنبياء و
الصالحين و تجدر الإشارة إلى أن الآية سيقت على هذا النحو لبيان الحجة
الظاهرة فيها و إلا فما كان الله سبحانه ليهلك خيرة أنبياءه و رسله و
أتباعه بلا جريرة و هم حملة رسالته الصادقون إرضاء و استجابة للمكذبين
الجاحدين و الله عز وجل أعلى و أعلم.
و في إدراك قضية بشرية الرسل نتائج هامة فإن فريقا من الناس لا يدرك هذه
الحقيقة لبعد الزمان عن زمن الوحي فيجهل أن هذا الدين وصل إليهم بمعاناة و
تضحيات بل يظنون أن الدين وصل إليهم بمعجزة و نصر إلهي و أنه لا فائدة في
هذا الزمان من بذل الجهود في نشر الدين و العمل على تمكينه لأنهم يرون
عقبات جسام و لم يدركوا أن الرسل كانوا بشرا واجهوا نفس العقبات و منهم من
يحشر و ليس معه أحد أي لم يؤمن به أحد و المطلوب من العبد العمل و ليس عليه
ما تؤول له الأمور.
4. و في الآية إشارة لما سيقابل به دعاة الحق في كل زمان و مكان من عداوة شديدة من الكفار و رغبة في هلاك حملة الحق و دعاته.
5. و في الآية ترهيب شديد للكافرين بذكر أنهم متوعدون بملاقاة عذاب
مؤلم شديد الألم لا ولي لهم و لا نصير لهم ينجيهم منه فالحقيقة التي لا شك
فيها التي يقررها القرآن أنه لا مجير من عذاب الله فهو سبحانه يجير من شاء و
لا يجار عليه.
6. و حقيقة أنه لا مجير من عذاب الله حجة بليغة على الكافرين فكيف
يكذبون و يحاربون الرسل و هم متوعدون بعذاب أليم لا نصير لهم و لا مجير
لهم منه و هذه الحجة حلقة من سلسلة الحجج التي امتلأت بها السورة.
7. و من الفوائد الإشارة أن الخلق يظلم بعضهم بعضا و يطغى بعضهم على
بعض فيستفتحون و يدعون بهلاك بعضهم البعض و الله على كل شيء شهيد فيهلك من
يشاء و يرحم من يشاء فليحذر أولوا الألباب إهلاك الله لهم بذنوبهم و ليرجوا
رحمته و ليعلموا أنهم بسمعه و بصره و تحت قدرته و أنه سبحانه يأخذ
الظالمين و لو أمهلهم حينا من الدهر و ليعلموا أن إمهال الظالمين أمر مؤقت
ورائه ما وراءه.
*** وقرأ ( أرأيتم ) معا بتسهيل الثانية نافع وأبو جعفر زاد الأزرق إبدالها ألفا مع المد وحذفها الكسائي وأثبتها الباقون محققة .
وقرأ الجمهور بفتحة على ياء أهلكني، وقرأها حمزة بإسكان الياء.
وقرأ الجمهور ياء معي بفتحة وقرأها أبو بكر عن عاصم وحمزة والكسائي و يعقوب و خلف بسكون الياء.
*** الفوائد العملية في الآية:
1. أن يفهم الدعاة سنة الله في عداوة أهل الباطل لأهل الحق و أنهم
سيتمنون هلاكهم و زوالهم و ربما سعوا فيه أو ادعوا أنهم أصحاب الحق و دعوا
على الدعاة و حملة الرسالة و كيف أنهم يهربون من الإجابة على حجج الرسل إلى
صرف الحال إلى عداوتهم و حربهم و يتناسون أن الرسل و أتباعهم ما هم إلا
بشر مبلغين لرسالة الله .
2. معرفة موطن استعمال هذه الحجة البليغة و أثرها .
3. إثبات بشرية المرسلين و الصالحين و أنهم ما هم إلا عباد أطاعوا الله
سبحانه و ليس لهم من الأمر شيء و أن وظيفة المسلم العمل وفق قدرته البشرية
و ليس عليه ضمان هداية الخلق و استجابتهم.
4. التدبر في وعيد الكافرين و أنه ليس لهم منه نجاة و النفور من حالهم.
5. الحجة القرآنية على الكافرين في هذه الآية.
6. الحذر من التعرض لعقوبة الله بظلم الخلق أو الافتراء على الله أو
نحو ذلك فإن الله سبحانه يهلك من يشاء و يرحم من يشاء و نسأل الله العافية و
الرحمة.
7. الحقيقة القرآنية أنه لا مجير من إهلاك الله و لا من عذاب الله و ما تثمره من الخوف من الله.
العودة إلى موقع تفسير القرآن قسم تفسير القرآن قسم الأبحاث الفقهية قسم الأبحاث الشرعية العامة قسم الصور
[1] الطور :52 و في تفسير الآية وجهان :
الأول:نتربص به الموت.
الثاني:نتربص به مصائب الدهر.
[2] الأنفال :30
[3] الملك :25
[
4] الزخرف:41-42
مواضيع مماثلة
» قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين" الآية :30
» "قل إنما العلم عند الله و إنما أنا نذير مبين" الآية :26
» عن أبي هريرة –رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الله تعالى طيب
» من أسباب عذاب القبر
» عذاب القبر **الدليل من القرآن:
» "قل إنما العلم عند الله و إنما أنا نذير مبين" الآية :26
» عن أبي هريرة –رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الله تعالى طيب
» من أسباب عذاب القبر
» عذاب القبر **الدليل من القرآن:
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة 21 يونيو 2024, 12:25 am من طرف Admin
» هل الانجيل محرف
الأربعاء 19 يونيو 2024, 2:34 pm من طرف Admin
» شبهات النصاري زواج ام المؤمنين عائشه،
الإثنين 17 يونيو 2024, 10:30 am من طرف Admin
» الفرق بين السنه والفقه
السبت 11 مايو 2024, 11:23 pm من طرف Admin
» كيف عرفت انه نبي..
الجمعة 26 أبريل 2024, 5:40 am من طرف Admin
» موضوع هل يدخل الجنه غير المسلمين،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:48 am من طرف Admin
» التدرج في التشريع
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:43 am من طرف Admin
» كتب عليكم الصيام،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:41 am من طرف Admin
» اقوال العلماء في تفسير ايه الحجاب،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:40 am من طرف Admin