الرسائل النبويه

من طرف **Admin** الجمعة 20 يونيو 2014, 9:19 am

رسائل ومعاهدات النبي صلى الله عليه وسلم

ـ كانت الرسائل معروفة من قبل عند العرب لوجود دواعيها من التجارة والرحلة والزراعة عقود التحالف ، خصوصاً في قرى الحجاز وإمارتي الحيرة وغسان .

ـ تروي كتب السيرة والتاريخ والحديث أكثر من أربعين وثيقة نبوية ما بين رسالة إلى أمير أو ملك أو قائد ، وما بين معاهدة صلح أو أمان أو اتفاق على مسائل في النزاع .

ـ كان للنبي صلى الله عليه وسلم كتاب للوحي ، وكتاب للحوائج ، وكتاب للملوك ، وكتاب للمغانم ، ولأموال الصدقات .

ـ توجد الآن ثلاثة أصول خطية سليمة مما أرسله الرسول صلى الله عليه وسلم ، وهي كتابه إلى المقوقس ملك القبط صاحب الإسكندرية ، وكتابه إلى المنذر بن ساوى ، وكتابه إلى النجاشي . وقد نشرها المستشرقون .

الفرق بين الرسائل والخطب من الناحية الأدبية :

ـ أغلب رسائل النبي صلى الله عليه وسلم بمثابة مواد قانونية سياسية رسمية أرسلت للفصل في الشأن الخاص بها ، فليس مجالها مجال أدب أو عاطفة أو خيال ، بل هي ملتزمة بالدقة ، لا يتجاوز فيها اللفظ قيقته . لأن نصوصها حجة عند النزاع ، فينبغي أن تكون مباشرة ، دقيقة ، وصريحة لا تساهل فيها .

ـ لذلك تختلف الرسائل عن الخطب من حيث الجمال البلاغي ، فالخطب غرضها الإقناع وتحريك العواطف ، والصور الأدبية لازمة من لوازم الإقناع .

سمات نصوص الرسائل والمعاهدات :

ـ يرى بعض النقاد أن هذه الرسائل كانت من الإيجاز بحيث لا تشرح قواعد الإسلام لقوم يجهلونه . والرد على ذلك بأنه صلى الله عليه وسلم كان يختار حامل الرسالة من صفوة أصحابه ليوصل دينه وما عرفه عن ربه على أكمل وجه .

ـ دهش أكثر المستشرقين من جرأة النبي صلى الله عليه وسلم ومجازفته الخطيرة بمكاتبة ملوك العالم في تلك الحقبة دون تهيب ، ولو علموا أنه لا ينطق عن الهوى لعرفوا مقدار ثقته بتأييد ربه ونصره .

ـ أما المعاهدات فتتصف بالدقة القانونية حتى لا تخرج عن الشروط الدقيقة بين الفريقين المتعاهدين . فألفاظها محددة ودقيقة . من أمثلتها معاهدة صلح الحديبية بينه وبين قريش ، ومعاهدته أهل نجران حين أرادوا مصالحته على الجزية .

ـ راعت هذه الرسائل والمعاهدات مقتضى الحال ، لالتزامها بالأمور التي اقتضتها والتعبير عنها بشعور صادق . وهي لذلك لا تخرج عن الفصاحة والبلاغة .

نماذج من رسائل النبي صلى الله عليه وسلم :

ـ أرسل محمد صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي النصراني ، وإلى كسرى المجوسي ، وإلى ابني الجلندى الوثنيين ، فخاطب كلاً بما يجب أن يخاطب به .

ـ فأرسل بعد صلح الحديبية في السنة السادسة أربعة كتب معاً إلى المقوقس صاحب الإسكندرية وإلى ملك غسان وإلى قيصر هرقل ملك الروم ، وإلى كسرى ملك الفرس .

النص الأول :

كتاب : من محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى كسرى عظيم فارس :

" سلام على من اتبع الهدى وآمن بالله ورسوله ،

وشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمداً عبده ورسوله ،

وأدعوك بدعاء الله تعالى

فإني أنا رسول الله إلى الناس كافة لأنذر من كان حياً ويحق القول على الكافرين

فأسلم تسلم " .

ـ السلام أسلوب جديد في المخاطبات . والاحتياط ( على من اتبع الهدى ) فيه دقة ، فهو سلام عافية ودعاء لمن اتبع الهدى ، أي من آمن ، ولهذا لم يوجه إلى كسرى . فهي بداية مؤانسة ولكن احتاط في التعبير ، وإغراء للمخاطب باتباع الهدى ليكون من أهل السلام .

ـ إذن هذه الصياغة تطوي إغراء وتحذيراً .

ـ ووراء كل هذا اعتداد وثقة بالغلبة ، خصوصاً حين يوجه الخطاب إلى من يحكم نصف الأرض ، ويغالب الروم في نصفها الآخر .

ـ الصيغة مستمدة من القرآن في قصة موسى وهارون عليهما السلام حينما أرسلهما الله إلى فرعون . { فأتياه فقولا إنا رسولا ربك فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم قد جئناك بآية من ربك والسلامُ على من اتبع الهدى } . فالله تعالى علّم نبيه موسى أن يخاطب خطاباً فيه أدب الأنبياء وخلقهم وفيه في نفس الوقت ثقة بنصر الله . فاقتدى به الرسول صلى الله عليه وسلم . فقد كان كل منهما ينذر ملكاً جباراً بزوال ملكه إذا رفض اللإيمان بالله .

ـ الفرق بين الاسياق القرآني وسياق الحديث النبوي :

ـ جملة ( سلام على من اتبع الهدى ) في الحديث جملة إنشائية لأن السلام في التحية دعاء وهو من الطلب . وجملة ( السلام على من اتبع الهدى ) في القرآن خبرية لأنها من جملة الكلام اللين الذي أمر الله موسى هارون أن يحادثا به فرعون .

ـ في القرآن أتت معرفة بأل ( السلام ) لأن المراد الإخبار عن السلام المتعارف المشهور . أما في الرسالة النبوية ( سلام ) نكرة لأنها في سياق الدعاء .

******************

ـ ( الهدى ) جاءت معرفة لتدل على أنه معروف معلوم ، وأنه هو الهدى الكامل . وهذا مأخوذ من قوله تعالى { إن هدى الله هو الهدى } ، والآية تحمل معنى المبالغة لأنه قصر الهدى على هدى الله قصراً حقيقياً ، فمن طلب الهدى من غيره ضل .

****************

ـ ( وآمن بالله ورسوله ) من التخصيص بعد التعميم ، لأنه ذكر الهدى عامة ، ثم جعل الإيمان بالله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم تابع للهدى ، فشرائع الأنبياء السابقين جزء من الهدى الكامل ، والإيمان محصور في رسالة خاتم الأنبياء .

*******************

ـ ( وشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله ) شملت هذه الجملة الجملة السابقة ، لكن بزيادة النص على الشهادتين اللتين هما قاعدة التوحيد . لأن فيهما نفي لألوهية غير الله وقصرها عليه .

ـ جعل الإيمان برسالته صلى الله عليه وسلم قرين الإيمان بالله ، وهذا تكريم واضح له من ربه . مع التركيز على كونه عبداً حتى لا يوهم اقترانه بالله شيئاً مما وقع فيه النصارى واليهود من إدعاء بنوة المسيح وعزير عليهما السلام لله .

**************

ـ ( وأدعوك بدعاء الله تعالى ) الواو للاستئناف ، وما بعدها بيان للغرض من الرسالة . وقوله ( دعاء الله ) تأكيد على أنه ليس من أمر البشر .

ـ ( فإني أنا رسول الله إلى الناس كافة ) بيان لسبب قيامه بالدعوة . وتأكيد للإقرار برسالته عن طريق التكرار لما سبق ذكره . وعن طريق الضمير المنفصل ( أنا ) .

ـ ( لأنذر من كان حياً ويحق القول على الكافرين ) مزج بين الترغيب والترهيب . والحي هو من له عقل يعقل به . ومعنى يحق القول : يقع بحسب ما يجب .

ـ الإنذار من عمل النبي صلى الله عليه وسلم . أما العذاب فمن أمر الله ولذلك خلت جملة ( يحق القول على الكافرين ) من ذكره عليه الصلاة والسلام .

ـ ( فأسلم تسلم ) نص على المطلوب ، وهي كلمتان تمثلان جملتين ، الأولى طلبية ، والثانية جملة جواب شرط محذوف تقديره : فإن تسلم تسلم .

ـ كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم تجبر كسرى وتكبره ، ومقابلته الحجج والبراهين بالغضب والاستعلاء ، فأوصل إليه في الرسالة شيئاً من القرآن ، وحمله وزر المجوس إن أبى الإسلام . وقد تعالى الطاغية وتجبر ومزق الكتاب . فدعا عليه الرسول صلى اله عليه وسلم أن يُمزَّق كل مُمَزَّق .

النص الثاني :

كتاب : من محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي ملك الحبشة :

" سَلِمٌ أنتَ . فإني أحمد إليكَ الله الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن ،

وأشهد أن عيسى ابن مريم روح الله وكلمته ألقاها إلى مريم البتول الطيبة ، فحملت بعيسى ، فحملته من روحه ونفخه ، كما خلق آدم بيده ونفخه ،

وإني أدعوك إلى الله وحده لا شريك له ، والموالاة على طاعته ، وأن تتبعني ، وتؤمن بالذي جاءني ،

وإني أدعوك وجنودك إلى الله تعالى . فقد بلغتُ ، ونصحت فاقبلوا نصحي ، والسلام على من اتبع الهدى "

ـ (سَلِمٌ أنتَ ) تبدأ تحية النجاشي بالدعاء بالسلامة ؛ لأن المسلمين سلموا عنده وأكرمهم ، ولأنه كان على الهدى الذي نزل على عيسى عليه السلام .

ـ ( فإني أحمد إليك الله ) : أي أشكره على ما أنعم به عليك ، كأنه ينوب منابه في حمد الله والثناء عليه ، وهذا غاية المقاربة والإيناس .

ـ عرف أن النجاشي كتابي يؤمن بالمسيح ومريم العذراء ، ولديه ثقافة دينية عن آدم وبدء الخليقة مما يقره الإسلام ، فكتب إليه بلباقة . وبدبلوماسية سياسية .

ـ ( وأشهد أن عيسى ابن مريم روح الله وكلمته ألقاها إلى مريم البتول .. ) : يخاطب فيه العقيدة النصرانية التي لم يدخلها الفساد . وهذا من الملاطفة والمؤانسة .

ـ ( وإني أدعوك إلى الله وحده لا شريك له .. ) : استئناف لمعنى جديد سبق التوطئة له ، وهذا المعنى هو أن عقيدة التثليث عند النصرانية ضرب من الوثنية والشرك .

ـ ( والسلام على من اتبع الهدى ) ، عبارة خاطب بها غير أهل الإسلام . وقد ذكرها بعد قوله ( وإني أدعوك وجنودك إلى الله تعالى ) ، فجنوده ليسوا من أهل الإسلام ، وقد ثاروا على النجاشي لما صدق بما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم ، واعتبروه مخالفاً لعقيدتهم .

ـ وقد سلم النجاشي وهلك شعبه ، كما هلك كسرى وسلم شعبه .

******************

الأحد	الإثنين	الثلاثاء	الأربعاء	الخميس	الجمعة	السبت
	1	2	3	4	5	6
7	8	9	10	11	12	13
14	15	16	17	18	19	20
21	22	23	24	25	26	27
28	29	30