بحـث
الشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المواضيع الأخيرة
نوفمبر 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | |||||
3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 |
10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 |
17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 |
24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
الحمدلله على نعمة الاسلام
ايها الاخوه الدعاه الى الله وكذا جميع الزائرين والزائرات مرحبا بكم واهلا نتمنى من الله ان نكون عند حسن ظنكم جميا والله الموفق الى الخير وهو حسبنا ونعم الوكيلالشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 2 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 2 زائر لا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 76 بتاريخ الأربعاء 30 أكتوبر 2024, 11:01 pm
الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان
صفحة 1 من اصل 1
الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان
عناصر الموضوع
1 قراءة محنة في فلسطين في زمن الذل والهوان
2 قراءة مقارنات بين المؤمن والفاجر
الفرق بين المؤمن والفاجر في العيش
الفرق بين المؤمن والفاجر في الحياة
الفرق بين المؤمن والفاجر في القرب من الله
الفرق بين المؤمن والفاجر عند سكرات الموت وما بعدها
الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان
لقد خلق الله السماوات والأرض قبل أن يخلق بني آدم، وقدر فيها الخير والشر، وجعل من عباده الأخيار والفجار، وفاوت بينهم في الأعمال والمنازل في الدنيا والآخرة، فلا يستوي أولياء الرحمن وأولياء الشيطان في كل المراحل والأزمان.
محنة في فلسطين في زمن الذل والهوان
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله تعالى فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102]. يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء:1]. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71]. أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، وإن ما قل وكفى خير مما كثر وألهى. إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآتٍ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ [الأنعام:134]. ثم أما بعد: فكل كلمات المعاجم لا تكفي لتصوير ذل المسلمين وبؤسهم في فلسطين: القدس في القيد تبكي من فوارسها دمع المنابر يشكو للمصلينا قدساه في اليم ماتت قدسنا ذبحت ونحن في العار نسقي وحلنا طينا أي الحكايا ستروى عارنا جلل نحن الهوان وذل القدس يكفينا ولكن لن تعود القدس بالمظاهرات، ولن تعود القدس بالتهييج الفارغ، ولن تعود القدس بخروج بنت مدرسة ثانوية متبرجة غاية التبرج ثم تهيج الناس في الشوارع بأغان أو بكذا، أو برجل لابس بنطلون (شرلستون) أو كذا ويمسك بيده فتاة مثلاً وهم في قلب المظاهرة، وإنما تعود القدس بعودة جيوش صلاح الدين الأيوبي . والتاريخ يعيد نفسه، وصلت الأمة الإسلامية في أوقات من الذل والهوان إلى أكثر مما نحن فيه في أيام التتر، كان الجندي التتري يقول للمسلم: انتظرني هاهنا حتى آتي بحجر أقتلك به، فينتظره المسلم. ثم من الله عز وجل بـقطز ، وسيمن الله عز وجل بـصلاح الدين الأيوبي من جديد يوم أن تكون الأمة مهيأة لذلك، يوم أن يكون الصفوة من الكوادر مهيئين لذلك بالدعوة إلى الله عز وجل، والصبر على الدعوة أفضل من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما قال القرطبي : تدعو! وتدعو! وتدعو! حتى يأذن الله تبارك وتعالى بالفرج وليس لك إلا هذا، وأن توضح للناس أن عداءنا لهؤلاء القوم عداوة دينية مستحكمة، كما يقول المولى عز وجل: وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ [الأنعام:55]. والدين كله فرق، سمى الله عز وجل كتابه فرقاناً، وسمى يوم بدر يوم الفرقان، وجعل رسوله صلى الله عليه وسلم فرقاً ما بين الباطل والحق. ولقد أقسم الله عز وجل أنه لا يسوي بين المتضادين، ويجمع بين المتماثلين، قال الله عز وجل: إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ [الانفطار:13-14] قولوا للناس: تعالوا إلى رحاب الله عز وجل، إذا أردتم أن تدخلوا فلسطين فاستقيموا على درب الله عز وجل. إن فلسطين لن تعود إلا بالاتباع، انظر هل أنت مع الله عز وجل؟! هل أنت ممن بقي مع الله عز وجل أو من بقي عن الله عز وجل؟! هل أنت راغب عن الله عز وجل أم راغب إلى الله عز وجل؟! هل أنت منقطع إلى الله عز وجل أم شارد عن طريق الله عز وجل؟! ......
مقارنات بين المؤمن والفاجر
......
الفرق بين المؤمن والفاجر في العيش
كم بين الأولياء والأعداء؟ وهل تستوي الظلمة والضياء، واليقين والتهمة، والوصلة والفرقة، والمعتكف على بساط الأنس، والمنحرف عن الباب، والمتصف بالولاء، والمنحرف عن الوفاء؟ لا يستوي المشغول بهم والمشغول عنهم، والمنقطع إليهم والمحجوب عنهم، لا يستوي من اصطفاه في الأزل ومن ران على قلبه سوء العمل. أفمن كان في حال القرب يجر أذياله كمن هو في مذلة الفراق يقاسي وباله؟! أفمن كان في روح القربة ونسيم الزلفة كمن هو في هول العقوبة يعاني مشقة الكلفة؟! أفمن هو في روح إقبالهم عليه كمن هو في محنة إعراضهم عنه؟! أفمن بقي مع الله عز وجل كمن رغب عن الله عز وجل؟! أفمن هو في نهار العرفان وضياء الإحسان كمن هو في ليالي الكفران ووحشة العصيان؟! أفمن أيد بنور البرهان وطلعت عليه شموس العرفان كمن اتسم بالخذلان ووسم بالحرمان؟! لا يستويان ولا يلتقيان. هل يستوي من رسول الله قائده دوماً وآخر هاديه أبو لهب وأين من كانت الزهراء أسوتها ممن تقصت خطى حمالة الخطب فكما لا يجتنى من الشوك العنب، كذلك لا ينزل الله الأبرار منازل الفجار. هما طريقان: أنت القتيل بكل من أحببته فاختر لنفسك في الهوى من تصطفي ليس من بات قريراً عينه مثل من أصبح قصراً دارسا ليس من أكرم بالقرب كمن ظل يهذي بلعل وعسى ليس من ألبس أثواب التقى مثل من ألبس ثوباً دنسا ليس من سير به مثل الذي بات يرعى للحمى مبتئسا ليس من شاهد صبحاً واضحاً مثل من شاهد ليلاً غلسا ليس من أشبه غصناً يانعاً مثل من أشبه عوداً يابسا قال الله تبارك وتعالى: أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لا يَسْتَوُونَ [السجدة:18]. وقال تعالى: وَمَا يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ * وَلا الظُّلُمَاتُ وَلا النُّورُ * وَلا الظِّلُّ وَلا الْحَرُورُ * وَمَا يَسْتَوِي الأَحْيَاءُ وَلا الأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ [فاطر:20-22]. وقال تعالى: أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ [ص:28]. وقال تعالى: أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ [الزمر:9]. وقال تعالى: أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ [الزمر:22]. وقال تعالى: وَمَا يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلا الْمُسِيءُ قَلِيلًا مَا تَتَذَكَّرُونَ [غافر:58]. وقال تعالى: أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ [فصلت:40]. وقال تعالى: أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [التوبة:109]. وقال تعالى: لا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ [الحشر:20]. وقال تعالى: كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ [الرعد:17]. وقال تعالى: أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ [الرعد:19]. وقال تعالى: أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِين * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ [القلم:35-36]. وقال تعالى: أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ [الجاثية:21]. من أخصر القضايا في القرآن الكريم: الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان، تجد في القرآن أربعمائة وخمسين وجهاً تقريباً للمقارنة بين المقبل على الله عز وجل والمعرض عنه، وهذا يحتاج جمعه لمدة سنتين، فلو أخذنا نقطة واحدة: عيش هذا وعيش هذا، كما قال الله عز وجل: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [النحل:97]. وقال الله تبارك وتعالى: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى [طه:124-126]. قال الإمام ابن القيم في الحياة الطيبة: قد فسرت الحياة الطيبة بالقناعة والرضا والرزق الحسن، وغير ذلك والصواب: أنها حياة القلب وسروره، وبهجته ونعيمه، ومعرفة الله ومحبته، والإنابة إليه والتوكل عليه، فإنه لا حياة أطيب من حياة صاحبها، ولا نعيم فوق نعيمه إلا نعيم الجنة. ألم يقل الإمام ابن القيم : مساكين أهل الدنيا! خرجوا من الدنيا وما ذاقوا أجمل ما فيها: لذة الأنس بالله عز وجل. ويقول: إنه لتمر بالقلب أوقات يرقص فيها طرباً. ويقول: إن كان أهل الجنة في مثل هذا العيش إنهم لفي عيش طيب. ويقول إبراهيم بن أدهم : لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه من السعادة لجالدونا عليها بالسيوف. إن كنت في سعادة حقاً فلم تحرم غيرك من المسلمين من الدعوة إلى هذه السعادة؟! إن كنت في نعيم الأنس بالله عز وجل فلم لا تصبر على دعوة الناس؟! لو أن معك ألف ملتزم فقط، وصبرت على الدعوة إلى الله عز وجل، وتهذيب من معك بالعلم والعمل والصبر على الدعوة، فكم سيكون معك بعد عشر سنوات؟ لو علمت أن هذا الذي تربيه أنت يدعو إلى الله عز وجل، وينشر ما يتعلمه كم سيكون العدد بعد عشر سنوات؟! لو صبرت بدلاً من التهييج الفارغ سيكون هناك عدد كبير جداً، احصره ثم اسأل نفسك كم ضيعت من السنوات مع الله عز وجل؟ اصبر على الدعوة إلى الله عز وجل، واصطبر لعبادته مثلما صبر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
أعلى الصفحة
الفرق بين المؤمن والفاجر في الحياة
يقول ابن القيم : قد ذكر غير واحد من أهل العلم منهم أبو الوفاء بن عقيل الحنبلي وغيره: أن أعمال الرسل والأنبياء والمؤمنين في الدنيا أفضل من نعيم الجنة.. أي: أن أعمال المؤمنين في الدنيا من صلاة، وزكاة، وجهاد نفس، ومحبة لله عز وجل، وشوق إلى الله عز وجل: أفضل من نعيم الجنة، لماذا؟ قال: لأن نعيم الجنة حظ الناس من الله عز وجل وتمتعهم، فأين يقاس إلى الإيمان؟ حظ الناس من التمتع والأكل والشرب ونكاح الحور العين أين يقاس مع الإيمان وأعماله، والصلوات، وقراءة القرآن، والجهاد في سبيل الله؟! فالإيمان متعلق به سبحانه، وهو حقه على العباد. ونعيم الجنة متعلق بهم وهو حظهم، فهم إنما خلقوا للعبادة.. وعلى الطرف الآخر قال الله تبارك وتعالى: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا [طه:124] جمهور المفسرين فسروها أنها عذاب القبر. قال ابن القيم : والحقيقة أن المعيشة الضنك في الدور الثلاث، فإن من أعرض عن ذكره الذي أنزله فله من ضيق الصدر، ونكد العيش، وكثرة الخوف، وشدة الحرص والتعب على الدنيا، والتحسر على فواتها قبل حصولها وبعد حصولها، والآلام التي في خلال ذلك ما لا يشعر به القلب لسكرته وانغماسه في السكر، فأي عيش أضيق من هذا العيش لو كان في القلب شعور؟! في قلبه الوحشة والذل والحسرات التي تقطع القلوب، والأماني الباطلة، فهو في جحيم قبل الجحيم الأكبر: وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ * قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ [النمل:71-72] ذقتم قليلاً من العيش النكد قبل الجحيم الأكبر في الدار الآخرة. يقول ابن القيم : فهذا المتاع ذاته شقوة في الدنيا والآخرة، غصة تعقبه، وعقابيل تتبعه، يتخبط في القلق والحيرة والتكفؤ والاندفاع من طرف إلى طرف، ضنك الانقطاع عن الله عز وجل، وضنك القلق والشك والحرص والحذر والحسرة على كل ما يفوت، هو منكوس موكوس منحوس، عنده غبش ولبس في الرؤية وتأرجح في الخطوة، وحيرة وشرود في الاتجاه، وطريق بهيم لا معالم فيه. قولوا للناس: من وجد الله فماذا فقد؟! ومن فقد الله فماذا وجد؟!! كما لا يجتنى من الشوك العنب، لا ينزل الله الأبرار منازل الفجار. قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من كانت الدنيا همه؛ فرق الله عليه شمله، وجعل فقره بين عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له منها، ومن كانت الآخرة همه؛ جمع الله عليه شمله، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي راغمة) أو كما قال صلى الله عليه وسلم.
أعلى الصفحة
الفرق بين المؤمن والفاجر في القرب من الله
الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. ثم أما بعد: فهذا مع الله عز وجل، وذاك مع الشياطين.. هذا في معية الله الخاصة وهذا تتنزل عليه الشياطين!! هذا تتنزل عليه الملائكة تثبته، وربما تسلم عليه، مثلما فعلت مع عمران بن حصين لما صبر على أذى المرض قال: إن الملائكة لتسلم علي. وكما قال الصحابة: إن السكينة تنطق على لسان عمر ، أي: إن الملائكة تنطق على لسان عمر . أي حال حال هذا الذي يفر الشيطان من وجهه؛ (ما رآك الشيطان في طريق يا ابن الخطاب إلا وسلك سبيلاً غيره). فاروق الإسلام، سمي الفاروق لأنه فرق بين الحق والباطل. من وجد الله فماذا فقد؟ ومن فقد الله فماذا وجد؟!! من كان مع الله فإن الله يدافع عنه: إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا [الحج:38]. ويصلي عليه: هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ [الأحزاب:43] صلاة الله ثناؤه على العبد، فماذا تريد بعد ذلك؟! كفاك جزاء على الطاعة أن رضي منك أن يستغفر لك حملة العرش.. ما تساوي الأرض ومن عليها حتى يستغفر حملة العرش لعابد؟! يستغفر لك الأنبياء قبل مجيئك إلى دار الدنيا.. نوح عليه السلام أول نبي أرسل يقول: رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ [نوح:28] إذاً: دخلت في الجملة، بل يقيم الله عز وجل رسوله ليستغفر لك قبل مجيئك إلى الدنيا: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ [محمد:19]. فلو حسبت عملك كله في دار الدنيا مدة سبع سنوات وتخرج منه مكالمة الهاتف والموبايلات والأكل والشرب والذهاب إلى العمل.. وحصرت العبادة المحضة مدة سبع سنوات لوجدت أنها لا تساوي شيئاً؛ لكن ينمي الله عز وجل هذا العمل القليل، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من دخل السوق فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، بيده الخير وهو على كل شيء قدير، كتب الله له ألف ألف حسنة - مليون حسنة - ومحا عنه ألف ألف سيئة، ورفعه ألف ألف درجة في الجنة، وبنى له بيتاً في الجنة) قولوا للناس هذا.. حببوا إلى الناس الإيمان والعمل الصالح.. ذكروهم بفضل الله.. يقول الله عز وجل: إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ [البروج:10] يعني: يقتلون أولياءه، ثم يدعوهم بعد ذلك إلى التوبة، وهذه حاله مع من أعرض عنه.. مع من فتن أولياءه ثم تاب.. فكيف حاله مع من بقي مع الله عز وجل؟! والآخر يقول عنه المولى عز وجل: فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ [البقرة:279] رجل في سلم مع الله عز وجل.. سلام العقل والضمير والأسرة والمجتمع.. سلم مع الكون.. سلم مع الحياة.. وآخر في حرب مع الله عز وجل! هذا يسلم المولى عز وجل عليه: وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ [الصافات:78].. سَلامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ [الصافات:109] والآخر يقول فيه المولى عز وجل: وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ [هود:99]. هانوا عليه فعصوه، ولو عزوا عليه لعصمهم، إنهم وأن طقطقت بهم البغال، وهملجت بهم البراذين، فإن ذل المعصية لا يفارق قلوبهم. هؤلاء مولاهم الله عز وجل: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ [محمد:11]. هذا تفرح الأرض به، وتشتاق لمشيه عليها، وهذا تشمئز الأرض منه.. تلعنه حشرات الأرض وهوامها.. ينادي الجبل باسمه: هل مر بك ذاكر لله عز وجل؟ فإن قال: نعم، قال: أبشر بخير يوم طلع عليك. فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ [الدخان:29] هذا في شأن العاصي أو الكافر، أما المؤمن فإن الأرض تبكي عليه عند موته، تبكي غدوه ورواحه إلى المسجد، ومصعد عمله من السماء! فما ظنك بنهار هذا ونهار ذاك، وليل هذا وليل ذاك، وسماء هذا وسماء ذاك، وعلم هذا وعلم ذاك، ونوم هذا ونوم ذاك، وثوب هذا وثوب ذاك؟! يعني: حتى لو لم يكن الثوب ملبوساً، فستجد هذا الثوب جلباباً أبيض وطاقية فيها مسك وسواك، وثوب العاصي فيه ضنك، فهذا الثوب يعرف وإن لم يكن ملبوساً، فما ظنك بكل لحظة من لحظات حياته، فهذا في جحيم وهذا في نعيم! انظر إلى قلب هذا وقلب ذاك.. طمأنينة هذا القلب وريبة هذا القلب.. سلامة هذا القلب ومرض هذا القلب.. خشوع هذا القلب وكبر ذاك القلب.. تقوى هذا القلب وزيغ هذا القلب.. لين هذا القلب وقسوة هذا القلب.. وجل هذا القلب وغيظ ذاك القلب! هذا القلب المنيب الصالح، وذاك القلب اللاهي والمغمور في المنكر، طول عمله في استحسان القبائح.. والركون إلى الظلمة.. قبول الفتن.. واطراح الحياء من الخلق.. والجرأة على الخالق.. والشح.. والإعجاب.. والوهن.. والاستكانة للعدو.. والاشمئزاز القلب والصد والشذوذ.. كل هذا بعد عن الله! يقول الله في الحديث القدسي: (من تقرب إلي شبراً تقربت منه ذارعاً، ومن تقرب إلي ذارعاً تقربت منه باعاً، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة) ومن أتاني هرولة؟! سكت عنه النبي صلى الله عليه وسلم، (فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها) هذا في الجوارح فكيف بمن تقرب إلى الله عز وجل بروحه وقلبه؟! قال ابن القيم : وهذه منازل في القرب لا تحيط بها العقول وتكفي الإشارة إليها فقط: ما زلت أنزل من ودادك منزلاً تتحير الألباب دون نزوله ما معنى: (كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها) وقوله: (من أتاني يمشي أتيته هرولة)، إذاً يأتيه المولى عز وجل كيف؟!! منازل في القرب لا تحيط بها العقول، وهذه منازل في الجفوة والإعراض ووحشة القلب لا يحيط بها شيء.
أعلى الصفحة
الفرق بين المؤمن والفاجر عند سكرات الموت وما بعدها
وعند السكرات هذا تتنزل عليه الملائكة فتقول له: (اخرجي أيتها الروح الطيبة! كانت في الجسد الطيب، اخرجي إلى روح وريحان ورب غير غضبان) وهو يتقلب في نعيم الجنة، بعد ذاك لا ينسى بشارة ملك الموت له. وهذا الآخر كما قال الله عز وجل: فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ [محمد:27]. انظر إلى هذا وذاك! هذا تصعد روحه في كفن من أكفان الجنة، هل يساوي عمله هذا الكفن؟! والله لا يساويه، وهذا جاءه الكفن خصيصاً من الجنة، بل لا تخرج روحه إلا في ضبائر الريحان يؤتى له: فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ * فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ [الواقعة:88-89] يؤتى له بضبائر الريحان من الجنة يشمها، وعند شمها تقبض روحه. هذا يشيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها، بعد ما بين كل سماء وسماء مسيرة خمسمائة عام، وسمك كل سماء خمسمائة عام، يعني: تشيعه الملائكة مسيرة ألف سنة ضوئية.. أنت لو مشيت في جنازة شخص ست ساعات تقول: ارموا بها في هذا المكان، كفى مشياً! أما الفاجر فلا تفتح له أبواب السماوات.. هذا يقال له: (أن صدق عبدي) وهذا يقال له: (أن كذب عبدي)؟! والله لو لم يكن من جزاء إلا هذا لكفى. اللهم إنا نسألك بأن لك الحمد، لا إله إلا أنت المنان.. بديع السماوات والأرض يا ذا الجلال والإكرام! يا حي يا قيوم! اللهم صل على محمد وآله. اللهم إنا لا نملك إلا الدعاء لإخواننا من أهل فلسطين، اللهم ارفع الكرب عنهم، اللهم ارفع الكرب عنهم، اللهم ارفع الكرب عنهم، اللهم ثبتهم، اللهم ثبتهم، اللهم ثبتهم، اللهم احم أعراضهم، واحقن دمائهم، احم أعراضهم واحقن دمائهم، واحفظ أبطالهم، اللهم احفظ أبطالهم، اللهم احفظ أبطالهم. اللهم ثبت قلوبهم، وسدد رميهم، اللهم عليك بمن ظلمهم، خذ لدينك منهم حتى ترضى، وخذ لأعراض المسلمين حتى ترضى، خذ لبيوت المسلمين حتى ترضى، وخذ لأطفال المسلمين حتى ترضى، خذ لنساء المسلمين حتى ترضى. إذا أردتم أن تنصروا أهل فلسطين فكونوا من الصالحين وادعوا الناس إلى صراط الله عز وجل، وسيأذن الله عز وجل بالنصر، نحن أحرص على أمن هذا البلد من أي إنسان كائناً من كان، هذه البلدة بلدتنا، حبيبة إلينا؛ لأنها أرض من أرض الإسلام ندعو إلى الله عز وجل فيها، فاملئوا البلاد طولاً وعرضاً بالدعوة إلى الله عز وجل، علموا الناس وادعوهم إلى صراط الله عز وجل، واصبروا على دعوتهم عسى الله عز وجل أن يأذن بنصر من عنده.
1 قراءة محنة في فلسطين في زمن الذل والهوان
2 قراءة مقارنات بين المؤمن والفاجر
الفرق بين المؤمن والفاجر في العيش
الفرق بين المؤمن والفاجر في الحياة
الفرق بين المؤمن والفاجر في القرب من الله
الفرق بين المؤمن والفاجر عند سكرات الموت وما بعدها
الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان
لقد خلق الله السماوات والأرض قبل أن يخلق بني آدم، وقدر فيها الخير والشر، وجعل من عباده الأخيار والفجار، وفاوت بينهم في الأعمال والمنازل في الدنيا والآخرة، فلا يستوي أولياء الرحمن وأولياء الشيطان في كل المراحل والأزمان.
محنة في فلسطين في زمن الذل والهوان
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله تعالى فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102]. يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء:1]. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71]. أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، وإن ما قل وكفى خير مما كثر وألهى. إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآتٍ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ [الأنعام:134]. ثم أما بعد: فكل كلمات المعاجم لا تكفي لتصوير ذل المسلمين وبؤسهم في فلسطين: القدس في القيد تبكي من فوارسها دمع المنابر يشكو للمصلينا قدساه في اليم ماتت قدسنا ذبحت ونحن في العار نسقي وحلنا طينا أي الحكايا ستروى عارنا جلل نحن الهوان وذل القدس يكفينا ولكن لن تعود القدس بالمظاهرات، ولن تعود القدس بالتهييج الفارغ، ولن تعود القدس بخروج بنت مدرسة ثانوية متبرجة غاية التبرج ثم تهيج الناس في الشوارع بأغان أو بكذا، أو برجل لابس بنطلون (شرلستون) أو كذا ويمسك بيده فتاة مثلاً وهم في قلب المظاهرة، وإنما تعود القدس بعودة جيوش صلاح الدين الأيوبي . والتاريخ يعيد نفسه، وصلت الأمة الإسلامية في أوقات من الذل والهوان إلى أكثر مما نحن فيه في أيام التتر، كان الجندي التتري يقول للمسلم: انتظرني هاهنا حتى آتي بحجر أقتلك به، فينتظره المسلم. ثم من الله عز وجل بـقطز ، وسيمن الله عز وجل بـصلاح الدين الأيوبي من جديد يوم أن تكون الأمة مهيأة لذلك، يوم أن يكون الصفوة من الكوادر مهيئين لذلك بالدعوة إلى الله عز وجل، والصبر على الدعوة أفضل من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما قال القرطبي : تدعو! وتدعو! وتدعو! حتى يأذن الله تبارك وتعالى بالفرج وليس لك إلا هذا، وأن توضح للناس أن عداءنا لهؤلاء القوم عداوة دينية مستحكمة، كما يقول المولى عز وجل: وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ [الأنعام:55]. والدين كله فرق، سمى الله عز وجل كتابه فرقاناً، وسمى يوم بدر يوم الفرقان، وجعل رسوله صلى الله عليه وسلم فرقاً ما بين الباطل والحق. ولقد أقسم الله عز وجل أنه لا يسوي بين المتضادين، ويجمع بين المتماثلين، قال الله عز وجل: إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ [الانفطار:13-14] قولوا للناس: تعالوا إلى رحاب الله عز وجل، إذا أردتم أن تدخلوا فلسطين فاستقيموا على درب الله عز وجل. إن فلسطين لن تعود إلا بالاتباع، انظر هل أنت مع الله عز وجل؟! هل أنت ممن بقي مع الله عز وجل أو من بقي عن الله عز وجل؟! هل أنت راغب عن الله عز وجل أم راغب إلى الله عز وجل؟! هل أنت منقطع إلى الله عز وجل أم شارد عن طريق الله عز وجل؟! ......
مقارنات بين المؤمن والفاجر
......
الفرق بين المؤمن والفاجر في العيش
كم بين الأولياء والأعداء؟ وهل تستوي الظلمة والضياء، واليقين والتهمة، والوصلة والفرقة، والمعتكف على بساط الأنس، والمنحرف عن الباب، والمتصف بالولاء، والمنحرف عن الوفاء؟ لا يستوي المشغول بهم والمشغول عنهم، والمنقطع إليهم والمحجوب عنهم، لا يستوي من اصطفاه في الأزل ومن ران على قلبه سوء العمل. أفمن كان في حال القرب يجر أذياله كمن هو في مذلة الفراق يقاسي وباله؟! أفمن كان في روح القربة ونسيم الزلفة كمن هو في هول العقوبة يعاني مشقة الكلفة؟! أفمن هو في روح إقبالهم عليه كمن هو في محنة إعراضهم عنه؟! أفمن بقي مع الله عز وجل كمن رغب عن الله عز وجل؟! أفمن هو في نهار العرفان وضياء الإحسان كمن هو في ليالي الكفران ووحشة العصيان؟! أفمن أيد بنور البرهان وطلعت عليه شموس العرفان كمن اتسم بالخذلان ووسم بالحرمان؟! لا يستويان ولا يلتقيان. هل يستوي من رسول الله قائده دوماً وآخر هاديه أبو لهب وأين من كانت الزهراء أسوتها ممن تقصت خطى حمالة الخطب فكما لا يجتنى من الشوك العنب، كذلك لا ينزل الله الأبرار منازل الفجار. هما طريقان: أنت القتيل بكل من أحببته فاختر لنفسك في الهوى من تصطفي ليس من بات قريراً عينه مثل من أصبح قصراً دارسا ليس من أكرم بالقرب كمن ظل يهذي بلعل وعسى ليس من ألبس أثواب التقى مثل من ألبس ثوباً دنسا ليس من سير به مثل الذي بات يرعى للحمى مبتئسا ليس من شاهد صبحاً واضحاً مثل من شاهد ليلاً غلسا ليس من أشبه غصناً يانعاً مثل من أشبه عوداً يابسا قال الله تبارك وتعالى: أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لا يَسْتَوُونَ [السجدة:18]. وقال تعالى: وَمَا يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ * وَلا الظُّلُمَاتُ وَلا النُّورُ * وَلا الظِّلُّ وَلا الْحَرُورُ * وَمَا يَسْتَوِي الأَحْيَاءُ وَلا الأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ [فاطر:20-22]. وقال تعالى: أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ [ص:28]. وقال تعالى: أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ [الزمر:9]. وقال تعالى: أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ [الزمر:22]. وقال تعالى: وَمَا يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلا الْمُسِيءُ قَلِيلًا مَا تَتَذَكَّرُونَ [غافر:58]. وقال تعالى: أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ [فصلت:40]. وقال تعالى: أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [التوبة:109]. وقال تعالى: لا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ [الحشر:20]. وقال تعالى: كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ [الرعد:17]. وقال تعالى: أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ [الرعد:19]. وقال تعالى: أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِين * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ [القلم:35-36]. وقال تعالى: أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ [الجاثية:21]. من أخصر القضايا في القرآن الكريم: الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان، تجد في القرآن أربعمائة وخمسين وجهاً تقريباً للمقارنة بين المقبل على الله عز وجل والمعرض عنه، وهذا يحتاج جمعه لمدة سنتين، فلو أخذنا نقطة واحدة: عيش هذا وعيش هذا، كما قال الله عز وجل: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [النحل:97]. وقال الله تبارك وتعالى: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى [طه:124-126]. قال الإمام ابن القيم في الحياة الطيبة: قد فسرت الحياة الطيبة بالقناعة والرضا والرزق الحسن، وغير ذلك والصواب: أنها حياة القلب وسروره، وبهجته ونعيمه، ومعرفة الله ومحبته، والإنابة إليه والتوكل عليه، فإنه لا حياة أطيب من حياة صاحبها، ولا نعيم فوق نعيمه إلا نعيم الجنة. ألم يقل الإمام ابن القيم : مساكين أهل الدنيا! خرجوا من الدنيا وما ذاقوا أجمل ما فيها: لذة الأنس بالله عز وجل. ويقول: إنه لتمر بالقلب أوقات يرقص فيها طرباً. ويقول: إن كان أهل الجنة في مثل هذا العيش إنهم لفي عيش طيب. ويقول إبراهيم بن أدهم : لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه من السعادة لجالدونا عليها بالسيوف. إن كنت في سعادة حقاً فلم تحرم غيرك من المسلمين من الدعوة إلى هذه السعادة؟! إن كنت في نعيم الأنس بالله عز وجل فلم لا تصبر على دعوة الناس؟! لو أن معك ألف ملتزم فقط، وصبرت على الدعوة إلى الله عز وجل، وتهذيب من معك بالعلم والعمل والصبر على الدعوة، فكم سيكون معك بعد عشر سنوات؟ لو علمت أن هذا الذي تربيه أنت يدعو إلى الله عز وجل، وينشر ما يتعلمه كم سيكون العدد بعد عشر سنوات؟! لو صبرت بدلاً من التهييج الفارغ سيكون هناك عدد كبير جداً، احصره ثم اسأل نفسك كم ضيعت من السنوات مع الله عز وجل؟ اصبر على الدعوة إلى الله عز وجل، واصطبر لعبادته مثلما صبر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
أعلى الصفحة
الفرق بين المؤمن والفاجر في الحياة
يقول ابن القيم : قد ذكر غير واحد من أهل العلم منهم أبو الوفاء بن عقيل الحنبلي وغيره: أن أعمال الرسل والأنبياء والمؤمنين في الدنيا أفضل من نعيم الجنة.. أي: أن أعمال المؤمنين في الدنيا من صلاة، وزكاة، وجهاد نفس، ومحبة لله عز وجل، وشوق إلى الله عز وجل: أفضل من نعيم الجنة، لماذا؟ قال: لأن نعيم الجنة حظ الناس من الله عز وجل وتمتعهم، فأين يقاس إلى الإيمان؟ حظ الناس من التمتع والأكل والشرب ونكاح الحور العين أين يقاس مع الإيمان وأعماله، والصلوات، وقراءة القرآن، والجهاد في سبيل الله؟! فالإيمان متعلق به سبحانه، وهو حقه على العباد. ونعيم الجنة متعلق بهم وهو حظهم، فهم إنما خلقوا للعبادة.. وعلى الطرف الآخر قال الله تبارك وتعالى: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا [طه:124] جمهور المفسرين فسروها أنها عذاب القبر. قال ابن القيم : والحقيقة أن المعيشة الضنك في الدور الثلاث، فإن من أعرض عن ذكره الذي أنزله فله من ضيق الصدر، ونكد العيش، وكثرة الخوف، وشدة الحرص والتعب على الدنيا، والتحسر على فواتها قبل حصولها وبعد حصولها، والآلام التي في خلال ذلك ما لا يشعر به القلب لسكرته وانغماسه في السكر، فأي عيش أضيق من هذا العيش لو كان في القلب شعور؟! في قلبه الوحشة والذل والحسرات التي تقطع القلوب، والأماني الباطلة، فهو في جحيم قبل الجحيم الأكبر: وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ * قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ [النمل:71-72] ذقتم قليلاً من العيش النكد قبل الجحيم الأكبر في الدار الآخرة. يقول ابن القيم : فهذا المتاع ذاته شقوة في الدنيا والآخرة، غصة تعقبه، وعقابيل تتبعه، يتخبط في القلق والحيرة والتكفؤ والاندفاع من طرف إلى طرف، ضنك الانقطاع عن الله عز وجل، وضنك القلق والشك والحرص والحذر والحسرة على كل ما يفوت، هو منكوس موكوس منحوس، عنده غبش ولبس في الرؤية وتأرجح في الخطوة، وحيرة وشرود في الاتجاه، وطريق بهيم لا معالم فيه. قولوا للناس: من وجد الله فماذا فقد؟! ومن فقد الله فماذا وجد؟!! كما لا يجتنى من الشوك العنب، لا ينزل الله الأبرار منازل الفجار. قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من كانت الدنيا همه؛ فرق الله عليه شمله، وجعل فقره بين عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له منها، ومن كانت الآخرة همه؛ جمع الله عليه شمله، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي راغمة) أو كما قال صلى الله عليه وسلم.
أعلى الصفحة
الفرق بين المؤمن والفاجر في القرب من الله
الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. ثم أما بعد: فهذا مع الله عز وجل، وذاك مع الشياطين.. هذا في معية الله الخاصة وهذا تتنزل عليه الشياطين!! هذا تتنزل عليه الملائكة تثبته، وربما تسلم عليه، مثلما فعلت مع عمران بن حصين لما صبر على أذى المرض قال: إن الملائكة لتسلم علي. وكما قال الصحابة: إن السكينة تنطق على لسان عمر ، أي: إن الملائكة تنطق على لسان عمر . أي حال حال هذا الذي يفر الشيطان من وجهه؛ (ما رآك الشيطان في طريق يا ابن الخطاب إلا وسلك سبيلاً غيره). فاروق الإسلام، سمي الفاروق لأنه فرق بين الحق والباطل. من وجد الله فماذا فقد؟ ومن فقد الله فماذا وجد؟!! من كان مع الله فإن الله يدافع عنه: إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا [الحج:38]. ويصلي عليه: هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ [الأحزاب:43] صلاة الله ثناؤه على العبد، فماذا تريد بعد ذلك؟! كفاك جزاء على الطاعة أن رضي منك أن يستغفر لك حملة العرش.. ما تساوي الأرض ومن عليها حتى يستغفر حملة العرش لعابد؟! يستغفر لك الأنبياء قبل مجيئك إلى دار الدنيا.. نوح عليه السلام أول نبي أرسل يقول: رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ [نوح:28] إذاً: دخلت في الجملة، بل يقيم الله عز وجل رسوله ليستغفر لك قبل مجيئك إلى الدنيا: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ [محمد:19]. فلو حسبت عملك كله في دار الدنيا مدة سبع سنوات وتخرج منه مكالمة الهاتف والموبايلات والأكل والشرب والذهاب إلى العمل.. وحصرت العبادة المحضة مدة سبع سنوات لوجدت أنها لا تساوي شيئاً؛ لكن ينمي الله عز وجل هذا العمل القليل، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من دخل السوق فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، بيده الخير وهو على كل شيء قدير، كتب الله له ألف ألف حسنة - مليون حسنة - ومحا عنه ألف ألف سيئة، ورفعه ألف ألف درجة في الجنة، وبنى له بيتاً في الجنة) قولوا للناس هذا.. حببوا إلى الناس الإيمان والعمل الصالح.. ذكروهم بفضل الله.. يقول الله عز وجل: إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ [البروج:10] يعني: يقتلون أولياءه، ثم يدعوهم بعد ذلك إلى التوبة، وهذه حاله مع من أعرض عنه.. مع من فتن أولياءه ثم تاب.. فكيف حاله مع من بقي مع الله عز وجل؟! والآخر يقول عنه المولى عز وجل: فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ [البقرة:279] رجل في سلم مع الله عز وجل.. سلام العقل والضمير والأسرة والمجتمع.. سلم مع الكون.. سلم مع الحياة.. وآخر في حرب مع الله عز وجل! هذا يسلم المولى عز وجل عليه: وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ [الصافات:78].. سَلامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ [الصافات:109] والآخر يقول فيه المولى عز وجل: وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ [هود:99]. هانوا عليه فعصوه، ولو عزوا عليه لعصمهم، إنهم وأن طقطقت بهم البغال، وهملجت بهم البراذين، فإن ذل المعصية لا يفارق قلوبهم. هؤلاء مولاهم الله عز وجل: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ [محمد:11]. هذا تفرح الأرض به، وتشتاق لمشيه عليها، وهذا تشمئز الأرض منه.. تلعنه حشرات الأرض وهوامها.. ينادي الجبل باسمه: هل مر بك ذاكر لله عز وجل؟ فإن قال: نعم، قال: أبشر بخير يوم طلع عليك. فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ [الدخان:29] هذا في شأن العاصي أو الكافر، أما المؤمن فإن الأرض تبكي عليه عند موته، تبكي غدوه ورواحه إلى المسجد، ومصعد عمله من السماء! فما ظنك بنهار هذا ونهار ذاك، وليل هذا وليل ذاك، وسماء هذا وسماء ذاك، وعلم هذا وعلم ذاك، ونوم هذا ونوم ذاك، وثوب هذا وثوب ذاك؟! يعني: حتى لو لم يكن الثوب ملبوساً، فستجد هذا الثوب جلباباً أبيض وطاقية فيها مسك وسواك، وثوب العاصي فيه ضنك، فهذا الثوب يعرف وإن لم يكن ملبوساً، فما ظنك بكل لحظة من لحظات حياته، فهذا في جحيم وهذا في نعيم! انظر إلى قلب هذا وقلب ذاك.. طمأنينة هذا القلب وريبة هذا القلب.. سلامة هذا القلب ومرض هذا القلب.. خشوع هذا القلب وكبر ذاك القلب.. تقوى هذا القلب وزيغ هذا القلب.. لين هذا القلب وقسوة هذا القلب.. وجل هذا القلب وغيظ ذاك القلب! هذا القلب المنيب الصالح، وذاك القلب اللاهي والمغمور في المنكر، طول عمله في استحسان القبائح.. والركون إلى الظلمة.. قبول الفتن.. واطراح الحياء من الخلق.. والجرأة على الخالق.. والشح.. والإعجاب.. والوهن.. والاستكانة للعدو.. والاشمئزاز القلب والصد والشذوذ.. كل هذا بعد عن الله! يقول الله في الحديث القدسي: (من تقرب إلي شبراً تقربت منه ذارعاً، ومن تقرب إلي ذارعاً تقربت منه باعاً، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة) ومن أتاني هرولة؟! سكت عنه النبي صلى الله عليه وسلم، (فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها) هذا في الجوارح فكيف بمن تقرب إلى الله عز وجل بروحه وقلبه؟! قال ابن القيم : وهذه منازل في القرب لا تحيط بها العقول وتكفي الإشارة إليها فقط: ما زلت أنزل من ودادك منزلاً تتحير الألباب دون نزوله ما معنى: (كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها) وقوله: (من أتاني يمشي أتيته هرولة)، إذاً يأتيه المولى عز وجل كيف؟!! منازل في القرب لا تحيط بها العقول، وهذه منازل في الجفوة والإعراض ووحشة القلب لا يحيط بها شيء.
أعلى الصفحة
الفرق بين المؤمن والفاجر عند سكرات الموت وما بعدها
وعند السكرات هذا تتنزل عليه الملائكة فتقول له: (اخرجي أيتها الروح الطيبة! كانت في الجسد الطيب، اخرجي إلى روح وريحان ورب غير غضبان) وهو يتقلب في نعيم الجنة، بعد ذاك لا ينسى بشارة ملك الموت له. وهذا الآخر كما قال الله عز وجل: فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ [محمد:27]. انظر إلى هذا وذاك! هذا تصعد روحه في كفن من أكفان الجنة، هل يساوي عمله هذا الكفن؟! والله لا يساويه، وهذا جاءه الكفن خصيصاً من الجنة، بل لا تخرج روحه إلا في ضبائر الريحان يؤتى له: فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ * فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ [الواقعة:88-89] يؤتى له بضبائر الريحان من الجنة يشمها، وعند شمها تقبض روحه. هذا يشيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها، بعد ما بين كل سماء وسماء مسيرة خمسمائة عام، وسمك كل سماء خمسمائة عام، يعني: تشيعه الملائكة مسيرة ألف سنة ضوئية.. أنت لو مشيت في جنازة شخص ست ساعات تقول: ارموا بها في هذا المكان، كفى مشياً! أما الفاجر فلا تفتح له أبواب السماوات.. هذا يقال له: (أن صدق عبدي) وهذا يقال له: (أن كذب عبدي)؟! والله لو لم يكن من جزاء إلا هذا لكفى. اللهم إنا نسألك بأن لك الحمد، لا إله إلا أنت المنان.. بديع السماوات والأرض يا ذا الجلال والإكرام! يا حي يا قيوم! اللهم صل على محمد وآله. اللهم إنا لا نملك إلا الدعاء لإخواننا من أهل فلسطين، اللهم ارفع الكرب عنهم، اللهم ارفع الكرب عنهم، اللهم ارفع الكرب عنهم، اللهم ثبتهم، اللهم ثبتهم، اللهم ثبتهم، اللهم احم أعراضهم، واحقن دمائهم، احم أعراضهم واحقن دمائهم، واحفظ أبطالهم، اللهم احفظ أبطالهم، اللهم احفظ أبطالهم. اللهم ثبت قلوبهم، وسدد رميهم، اللهم عليك بمن ظلمهم، خذ لدينك منهم حتى ترضى، وخذ لأعراض المسلمين حتى ترضى، خذ لبيوت المسلمين حتى ترضى، وخذ لأطفال المسلمين حتى ترضى، خذ لنساء المسلمين حتى ترضى. إذا أردتم أن تنصروا أهل فلسطين فكونوا من الصالحين وادعوا الناس إلى صراط الله عز وجل، وسيأذن الله عز وجل بالنصر، نحن أحرص على أمن هذا البلد من أي إنسان كائناً من كان، هذه البلدة بلدتنا، حبيبة إلينا؛ لأنها أرض من أرض الإسلام ندعو إلى الله عز وجل فيها، فاملئوا البلاد طولاً وعرضاً بالدعوة إلى الله عز وجل، علموا الناس وادعوهم إلى صراط الله عز وجل، واصبروا على دعوتهم عسى الله عز وجل أن يأذن بنصر من عنده.
مواضيع مماثلة
» إن الغضب من الشيطان وإن الشيطان خلق من النار
» تفسير سورة الفرقان
» : إني أجد نفس الرحمن من هنا
» الرحمن ...
» عبد الرحمن بن عوف
» تفسير سورة الفرقان
» : إني أجد نفس الرحمن من هنا
» الرحمن ...
» عبد الرحمن بن عوف
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة 21 يونيو 2024, 12:25 am من طرف Admin
» هل الانجيل محرف
الأربعاء 19 يونيو 2024, 2:34 pm من طرف Admin
» شبهات النصاري زواج ام المؤمنين عائشه،
الإثنين 17 يونيو 2024, 10:30 am من طرف Admin
» الفرق بين السنه والفقه
السبت 11 مايو 2024, 11:23 pm من طرف Admin
» كيف عرفت انه نبي..
الجمعة 26 أبريل 2024, 5:40 am من طرف Admin
» موضوع هل يدخل الجنه غير المسلمين،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:48 am من طرف Admin
» التدرج في التشريع
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:43 am من طرف Admin
» كتب عليكم الصيام،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:41 am من طرف Admin
» اقوال العلماء في تفسير ايه الحجاب،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:40 am من طرف Admin