((الحديث الأول)) جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم

من طرف القرني1408 الثلاثاء 02 أكتوبر 2018, 6:53 am

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :

فهذا هو الحديث الأول من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم :

عن أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (( إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأةٍ ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه )) رواه البخاري ومسلم .

1. (( إنما الأعمال بالنيات )) ، إنما : أداة حصر ، تفيد إثبات الحكم في المذكور ونفيه عما سواه .

الأعمال : جمع عمل ، وهو كل ما يصدر من المكلف سواء كان عمل القلب أو عمل الجوارح أو قول القلب أو قول اللسان .

- قول القلب : كالتصديق بالمغيبات .

- عمل القلب : كالمحبة والخوف والرجاء والتوكل وغيرها من أعمال القلب .

النيات : جمع نية وهي في اللغة : القصد والعزم .

وشرعاً : العزم على فعل العبادة تقرباً لله تعالى .

والنية محلها القلب ، ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه تلفظ بالنية .

والنية تأتي في القرآن بعبارات منها :

- الإرادة ، كقوله تعالى { واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه }.

- الابتغاء ، كقوله تعالى {إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى} .

- إسلام الوجه : كقوله { من أحسن ديناً ممن أسلم وجهه لله وهو محسن } .

(( إنما الأعمال بالنيات )) ومعنى هذه الجملة : إنما تقع الأعمال وقوعها صحيحة مقبولة بالنية . والباء للسببية يعني : بسبب النية الأعمال تقبل وتصح .

2. (( وإنما لكل امرئ ما نوى )) ومعنى هذه الجملة : إنما يثاب المرء على عمله بما نواه .

فالجملة الأولى: تختص بالعمل من حيث الصحة والقبول ، والجملة الثانية: تختص بالعامل من حيث الثواب وعدمه .

النية تطلق باعتبارين :

- الأول متجه للعبادة ، ويستعملها الفقهاء ؛ لتمييز العبادات عن العادات ، وتمييز العبادات بعضها عن بعض .

مثال تمييز العبادات عن العادات : النية تميز غسل الجنابة عن غسل التبرد .

مثال تمييز العبادات بعضها عن بعض : النية تميز الصدقة الواجبة ( الزكاة ) من الصدقة المستحبة .

- الثاني متجه للمعبود : ويستعمله علماء الاعتقاد والتوحيد ، ويتحدثون عنها باسم إخلاص القصد ، إخلاص النية ، إخلاص العمل لله .

3. ثم مثَّل النبي صلى الله عليه وسلم لهاتين الجملتين بمثال يوضح كيف أن تغيير النية في عمل واحد غير القبول للعمل وثواب العامل من عدمه : (( فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأةٍ ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه )) .

العمل : الهجرة .

الرجل الأول: كانت نيته في الهجرة أنها لله ورسوله ، فكان ثوابه أن هجرته لله ورسوله .

والرجل الثاني: كانت نيته في الهجرة لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها ، فلم يكتب له ثواب الهجرة .

- مسألة الناس في إرادة العمل على ثلاثة أحوال :

الحال الأولى : أن ينشئ العبادة أساساً للناس ، فهذا شرك محبط للعمل ، ولا يقع من مؤمن .

الحال الثانية : أن يشئ العبادة لله ابتداءً لكن طرأ عليه الرياء فلا يخلو من أمرين :

الأمر الأول : أن يجتهد في مدافعة الرياء فالعبادة صحيحة .

الأمر الثاني : لم يجتهد في مدافعة الرياء ، فقد اختلف العلماء في هذه الصورة هل تصح العبادة أو لا ؟

منهم من يقول ببطلان العبادة ، ومنهم من يرى صحة العبادة ولكن لا يثاب إلا على النية الأولى .

من فوائد من الحديث :

1. أن مدار الأعمال بالنيات ، صحةً وفساداً ، كمالاً ونقصاً .

2. أن النية شرط أساسي في العمل ، ولكن بلا غلو في استحضارها يفسد على المتعبد عبادته، فإن مجرد قصد العمل يكون نية له بدون تكلف استحضارها وتحقيقها .

3. النية محلها القلب ، والتلفظ بها بدعة .

4. وجوب الحذر من الرياء والسمعة والعمل لأجل الدنيا .

5. وجوب الاعتناء بأعمال القلوب ومراقبتها .

أسال الله لنا ولكم الإخلاص في القول والعمل وأن يحيينا على الإسلام والسنة وأن يميتنا عليهما ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

الأحد	الإثنين	الثلاثاء	الأربعاء	الخميس	الجمعة	السبت
					1	2
3	4	5	6	7	8	9
10	11	12	13	14	15	16
17	18	19	20	21	22	23
24	25	26	27	28	29	30