بحـث
الشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المواضيع الأخيرة
نوفمبر 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | |||||
3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 |
10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 |
17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 |
24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
الحمدلله على نعمة الاسلام
ايها الاخوه الدعاه الى الله وكذا جميع الزائرين والزائرات مرحبا بكم واهلا نتمنى من الله ان نكون عند حسن ظنكم جميا والله الموفق الى الخير وهو حسبنا ونعم الوكيلالشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 6 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 6 زائر لا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 76 بتاريخ الأربعاء 30 أكتوبر 2024, 11:01 pm
“لعنة الله على الراشي الراشي والمرتشي”
صفحة 1 من اصل 1
“لعنة الله على الراشي الراشي والمرتشي”
ولقد رويت كذلك عدة أحاديث نبوية شريفة منها: “لعنة الله على الراشي الراشي والمرتشي” وكذا : “لعنوالمرتشي في الحكم” وكذلك : “لعن رسول الله الراشي والمرتشي والرائش الذي يمشي بينهما”.رسول الله
والملاحظ أن هذه الأحاديث حددت الراشي والمرتشي والرائش مهما كانت الصيغة التي وردت بها.
على الصدقة لما جاء قال هذاوحديث ابن اللثبية المشهور حين بعثه النبي : “ما بال أقوام نستعملهم على مال ولانا الله فيقوللكم وهذا اهدي لي فقال هذا لكم وهذا أهدي لي فهلا جلس في بيت أبيه فنظر أيهدي له أم لا”( ).
ولقد أجمع الصحابة والتابعون ومن بعدهم على تحريم الرشوة أخذا وبذلا وتوسطا ولم يعرف لا حد خلاف ذلك والخلاف أنها هو في أمور تعرض للرشوة من ناحية الاضطرار إليها
المبحث الأول: الرشوة في صورتها البسيطة
المطلب الأول: أركان الرشوة
يتضح مما سبق أن جريمة الرشوة في الشريعة الإسلامية لها أطراف ثلاثة هي:
أ-مرتش : (وهو الأخذ)
ب-راش: (وهو المعطي)
ج-رائش: وهو الذي يمشي بينهما ويقدر الرشوة )
ويلاحظ أن الأطراف في جريمة الرشوة هم أنفسهم الذين عرفوا في القوانين الوضعية، حيث أن المرتشي هو نفسه المعروف في القانون والراشي هو كذلك هو نفسه المعرف في القانون، والرائش هو الوسيط، والمستفيد قد يكون المرتشي وقد يكون شخصا آخر.
كما يلاحظ أن أركان جريمة الرشوة في الشريعة الإسلامية هي ذاتها المعروفة في القوانين الوضعية فلابد لها من أركان هي:
صفة المرتشي والركن المادي والقصد الجنائي وسنخصص لكل ركن نقطة خاصة.
الفقرة الأولى: صفة المرتشي:
الشريعة الإسلامية الغراء كما قلنا قد نظمت كل شيء، وبالنسبة لجريمة الرشوة نجد أن صفة المرتشي كانت تطلق على القضاة والولاة في ذلك الوقت.
وهذا ثابت من الأحاديث التي سقناها وكانت تطبق أيضا على الحكام والخلفاء ففي الحديث : “من استعملناه على عمل فرزقناه رزقا (منحناه راتبا) فما أخذه بعد ذلك فهو غلول ” (رواه أبو داود).
يقبل الهدية ! قال: كان ذلك له هدية وهنا لنا رشوة( ).وأهدي إلى عمر بن عبد العزيز هدية، وهو خليفة فرفضها فقيل له: كان رسول الله
ويلاحظ أيضا أن حديث “لعنة الله على الراشي والمرتشي في الحكم” قد ورد بعدة صيغ أوردناها سابق مما يفهم منه أن يكون المرتشي موظفا عموميا أو موظفا غير عمومي ( ).
وروي عن علي بن أبي طالب أنه قال: السحت رشوة في الحكم ومهر البغي وعسب الفحل وكسب الحجام وثمن الكلب وثمن الخمر وثمن الميتة وحلوان الكاهن والاستعجال في القضية..”
(هدايا الأمراء من السحت) ( ).وعن جابر قال: قال رسول الله
فالشريعة الإسلامية قد عرفن صفة المرتشي كما عرفته القوانين الوضعية وحددته تحديدا واضحا ومنظما.
الفقرة الثانية: الركن المادي:
المرتشي يقبل أن يتاجر بالوظيفة مقابل حصوله على فائدة معينة و الراشي يدفع الفائدة مقابل حصوله على شيء معين يهدف إليه، أي أن الراشي و المرتشي ينفقان على ما يريدانه حسب مصلحة كل منهما، فالراشي يقوم بنشاط إجرامي مقابل الميزة أو الهدية أو الفائدة المتفق عليها.
والشريعة الإسلامية قد عرفت كل ذلك ويكون مقتضى الركن المادي في جريمة الرشوة هو ذاته المعروف في القوانين الوضعية.
ويكون الغرض من الرشوة هو إما أن يرشي الراشي المرتشي لأنه قد خوفه فيعطيه الرشوة ليدفع الخوف عن نفسه، أو يرشوه ليسوي أمره بين يدي السلطان ويسعى في ذلك أو يرشوه لتقلد القضاء من السلطان أو يرشو القاضي ليقضي له( ).
أغراض الرشوة
يفهم من ذلك أن الرشوة قد تدفع لأغراض أربعة هي:
أ-الرشوة لرفع الخوف
ب-الرشوة لتسوية ألأمر بين يدي السلطان
ج-الرشوة لتلد القضاء
د-الرشوة للقضاء للراشي
حكم دفع الرشوة في تلك الحالات ( ).
* في الحالة الأولى:
الرشوة لدفع الخوف لا يحل لأخذ للأخذ لأن الكف عن التخويف كف عن الظلم وأنه واجب بدين الإسلام فلا يحل أخذ المال لذلك، وحل للمعطى الإعطاء لأنه جعل المال صيانة للنفس وهذا جائز في الشرع، وكذا إذا طمع في ماله فرشاه بعض ماله لا يحل الآخذ وحل الإعطاء لأنه جعل بعض المال وقاية لسائر الأموال.
وقيل أن هذه الحالة تدخل تحت الوعيد وعامة الفقهاء على أنه يحل للمعطى الإعطاء لأنه يجعل ماله وقاية لنفسه أو يجعل بعض ماله وقاية للباقي( ).
* في الحالة الثانية
الرشوة لتسوية أمر بين يدي السلطان لا يحل للآخذ الأخذ لأن القيام بمعونة المسلمين واجب عليه بدون المال فهو يأخذ المال لإقامة ما وجب عليه إقامته لذويه فلا يحل له الأخذ.
الرشوة أربعة أنواع:
الأول: ما هو حرام على الأخذ والمعطي وهو الرشوة على تقليد القضاء والإمارة.الثاني: ارتشاء القاضي ليحكم وهو كذلك حرام ولو القضاء بحق لأنه واجب عليه
الثالث: أخذ المال ليسوي أمره عند السلطان دفعا للضرر أو جلبا للنفع وهو حرام على الأخذ فقط وحيلة حلها هي أن يستأجره يوما إلى الليل أو يستأجره يومين فتصير منافعه مملوكة ثم يستعمله في الذهاب إلى السلطان للأمر الفلاني.
وفي الأقضية قسم الهدية وجعل هذا من أقسامها فقال حلال من الجانبين كالإهداء للتودد وحرام منهما كالإهداء ليعينه على الظلم وحرام على الآخذ فقط، وهو أن يهدى ليكف عنه الظلم والحيلة أن يستأجره.
قال في الأقضية هذا كان فيه شرط ما إذا كان بلا شرط لكن يعلم يقينا أنه إنما يهدي ليعينه عند السلطان فمشى يظن أنه لا بأس به ولو قضى حاجته بلا شرط ولا طمع فأهدى إليه بعد ذلك فهو حلال لا بأس به وما نقل عن ابن مسعود من كراهته فروع.
الرابع: ما يدفعه ليدفع الخوف من الدفوع إليه على نفسه أو ماله حلال للدافع حرام على الأخذ لأن يدفع الضرر عن المسلم واجب ولا يجوز اخذ المال ليفعل الواجب.
المطلب الثاني: العقوبة
جريمة الرشوة من الجرائم التعزيرية ويسميها البعض العقوبة التفويضية وهذه العقوبة مجالها واسع أمام الحاكم يؤدب به من يشاء على من يشاء بما شاء غير مقدر فيها بشيء ما، ولا في نوعها ولا في كمها ولا في كيفيتها مادام رائدة النظر والمصلحة وقصد الردع والتأديب وإقرار الحق والعدل.
لذلك يجدر بنا أن نتكلم عن العقوبات التي نرى أن تطبق في جريمة الرشوة وهي:
1-عقوبة الحبس، 2-عقوبة الغرامة، 3-عقوبة المصادرة، 4-عقوبة العزل من الوظيفة، 5-عقوبة الجلد والضرب، 6-عقوبات الحرمان.
وعلى ذلك فإن ولي الأمر أو القاضي من حقه أن يختار العقوبة أو العقوبات المناسبة ويوقعها على أطراف الجريمة مراعيا في ذلك أحكام شريعتنا الغراء وباستطاعته التشديد أو التخفيف، ونرى أن العقوبات التي بالإمكان تطبيقها على أطراف الرشوة تكون حسب الآتي:
الفقرة الأولى: عقوبة المرتشي
للقاضي توقيع العقوبات التالية عليه:
1-الحبس: الحبس في الشريعة الإسلامية ليس سجنا في مكان ضيق فحسب ولكنه تعويق الشخص ومنعه من التصرف بنفسه سواء أكان ذلك في بيت أو في مسجد أو في وأبي بكر الصديق رضي اللهeغيرها، وكان هذا هو السجن أو الحبس أيام النبي عنه أما في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقد اشترى دارا لصفوان بن أمية بأربعة آلاف درهم وجعلها حبسا( ).
رب السجن أحب إلي مما)والحبس أو السجن ورد في القرآن الكريم بقوله تعالى: (لئن اتخذت لها غير لأجعلنك من المسجونين) ( )، وقوله تعالى: (يدعونني إليه ( ).
وقد شرعت عقوبة الحبس بالسنة النبوية الشريفة والإجماع وقد أورد القرطبي في أقضية الرسول الروايات والأحاديث التي تؤيد ذلك وللمصلحة العامة رأينا وأبوeأن نورد بعضها للاستفادة وهي (اختلفت أهل الأمصار هل سجن رسول الله بكر رضي الله عنه جدا أو لا؟ ( ).
سجن فيeفذكر بعضهم أنه لهما سجن ولا سجنا أحدا وذكر بعضهم أن رسول الله المدينة في تهمة دم رواه عبد الرزاق والنسائي في مصنفهما من طريق نهرين حكم عن أبيه عن جده.
ناسا من قومي في تهمة دم.وذكر أبو داود في مصنفه قال حبس رسول الله
حبس رجلا في تهمة (دم) ساعة من نهار ثم خلى عنه.وفي غير المصنف عن عبد الرزاق بهذا السن أن النبي
ووقع في أحكام ابن زياد عن الفقيه أبي صالح أيوب بن سليمان: أن رسول الله سجن رجلا أعتق شركا له في عبد فأوجب عليه استتمام عتقه وقال في الحديث: حتى باغ غنيمة له(..).
ويلاحظ أن عقوبة الحبس يعاقب بها على الجرائم البسيطة والجرائم الخطيرة.
2-الجلد والضرب: عقوبة مشروعة بالكتاب والسنة والإجماع:
( ).(واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبعوا عليهن سبيلا)من القرآن قوله تعالى:: “لا يجلد فوق عشرة إلا في حد” وقوله-من السنة النبوية الشريفة: قوله في رواية أخرى: “لا يجلد أحد فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله تعالى”( )
-ومن الإجماع وقد عزر الخلفاء الراشدون ومن بعدهم من حكام المسلمين وقال الفقهاء بجواز الجلد أو الضرب في التعزير وعلى ذلك انعقد إجماعهم.
واختلف في مقدار الجلدات التعزيرية من حيث الحد الأعلى والحد الأدنى وذلك باختلاف الآراء الفقهية.
3-المصادرة: الشريعة الإسلامية عرفت هذه العقوبة وقد أوردها ابن تيمية في كتابه الحسبة في الإسلام ومصدر هذه العقوبة السنة النبوية الشريفة وما فعله الصحابة والإجماع ومنها مصادرة آلات وسلع وكذا مصادرة أموال.
4-الغرامة: عقوبة معروفة في الشريعة الإسلامية الغراء وتوقع تعزيرا، وقد تكون الغرامة عقوبة أصلية وقد تكون مع غيرها وليس هناك حد أدنى أو أعلى لها.
5-العزل من الوظيفة والحرمان من تولي الوظائف ومباشرة الحقوق:
العزل من الوظيفة معناه حرمان الشخص من وظيفته وحرمانه تبعا لذلك من رابته الذي يتقاضاه عنها لعزله عن عمله، وهذه العقوبة تطبق في شأن كل موظف أخذ ما لا يحل له أخذه من الرشوة وغيرها، أو ارتكابه جزاء اقتراضه لهذه الجرائم التي أهدر معها الأمانة المعهودة إليه.
وهذه العقوبة توقع على الموظفين العموميين وقد عوقب بها الولاة والقضاء الذين ثبت قيامهم بارتكاب أمر ينكره عليه دينهم.
ومصدر هذه العقوبة أقوال الفقهاء والإجماع نذكر من ذلك قول ابن تيمية في السياسة الشرعية: “فلو عزل الشارب من الأربعين بقطع خبره أو عزله من ولايته كان حسنا” وقد ضرب ابن تيمية أمثلة لمن توقع عليهم تلك العقوبة منها:
1-من يقبل الهدية بسبب العمل
2-من يستخرج من العمال ما يريد أن يختص به هو ودويه.
3-ولي الأمر الذي يأخذ الرشوة أو الهدية
4-والأمير إذا فعل ما يستعظم
وعقوبة الحرمان عقوبة تعزيرية مثل حرمان بعض الأشخاص من مباشرة حقوقهم السياسية أو تولي الوظائف العامة مثل عمل القضاة.
الفقرة الثانية: عقوبة الراشي والرائش والمستفيد:
يمكن للقاضي أن يطبق نفس عقوبات المرتشي باستثناء عقوبة العزل من الوظيفة والحرمان من تولي الوظائف ومباشرة الحقوق أي يمكن أن يطبق على هذه الأشخاص : كل من عقوبات الحبس، والجلد أو الضرب وكذا الغرامة والمصادرة.
وما يمكن ملاحظته في كون عقوبة الرشوة تختلف من شخص إلى آخر ومن مكان إلى مكان والأمر في النهاية متروك للسلطة التقديرية للقاضي.
والملاحظ أن هذه الأحاديث حددت الراشي والمرتشي والرائش مهما كانت الصيغة التي وردت بها.
على الصدقة لما جاء قال هذاوحديث ابن اللثبية المشهور حين بعثه النبي : “ما بال أقوام نستعملهم على مال ولانا الله فيقوللكم وهذا اهدي لي فقال هذا لكم وهذا أهدي لي فهلا جلس في بيت أبيه فنظر أيهدي له أم لا”( ).
ولقد أجمع الصحابة والتابعون ومن بعدهم على تحريم الرشوة أخذا وبذلا وتوسطا ولم يعرف لا حد خلاف ذلك والخلاف أنها هو في أمور تعرض للرشوة من ناحية الاضطرار إليها
المبحث الأول: الرشوة في صورتها البسيطة
المطلب الأول: أركان الرشوة
يتضح مما سبق أن جريمة الرشوة في الشريعة الإسلامية لها أطراف ثلاثة هي:
أ-مرتش : (وهو الأخذ)
ب-راش: (وهو المعطي)
ج-رائش: وهو الذي يمشي بينهما ويقدر الرشوة )
ويلاحظ أن الأطراف في جريمة الرشوة هم أنفسهم الذين عرفوا في القوانين الوضعية، حيث أن المرتشي هو نفسه المعروف في القانون والراشي هو كذلك هو نفسه المعرف في القانون، والرائش هو الوسيط، والمستفيد قد يكون المرتشي وقد يكون شخصا آخر.
كما يلاحظ أن أركان جريمة الرشوة في الشريعة الإسلامية هي ذاتها المعروفة في القوانين الوضعية فلابد لها من أركان هي:
صفة المرتشي والركن المادي والقصد الجنائي وسنخصص لكل ركن نقطة خاصة.
الفقرة الأولى: صفة المرتشي:
الشريعة الإسلامية الغراء كما قلنا قد نظمت كل شيء، وبالنسبة لجريمة الرشوة نجد أن صفة المرتشي كانت تطلق على القضاة والولاة في ذلك الوقت.
وهذا ثابت من الأحاديث التي سقناها وكانت تطبق أيضا على الحكام والخلفاء ففي الحديث : “من استعملناه على عمل فرزقناه رزقا (منحناه راتبا) فما أخذه بعد ذلك فهو غلول ” (رواه أبو داود).
يقبل الهدية ! قال: كان ذلك له هدية وهنا لنا رشوة( ).وأهدي إلى عمر بن عبد العزيز هدية، وهو خليفة فرفضها فقيل له: كان رسول الله
ويلاحظ أيضا أن حديث “لعنة الله على الراشي والمرتشي في الحكم” قد ورد بعدة صيغ أوردناها سابق مما يفهم منه أن يكون المرتشي موظفا عموميا أو موظفا غير عمومي ( ).
وروي عن علي بن أبي طالب أنه قال: السحت رشوة في الحكم ومهر البغي وعسب الفحل وكسب الحجام وثمن الكلب وثمن الخمر وثمن الميتة وحلوان الكاهن والاستعجال في القضية..”
(هدايا الأمراء من السحت) ( ).وعن جابر قال: قال رسول الله
فالشريعة الإسلامية قد عرفن صفة المرتشي كما عرفته القوانين الوضعية وحددته تحديدا واضحا ومنظما.
الفقرة الثانية: الركن المادي:
المرتشي يقبل أن يتاجر بالوظيفة مقابل حصوله على فائدة معينة و الراشي يدفع الفائدة مقابل حصوله على شيء معين يهدف إليه، أي أن الراشي و المرتشي ينفقان على ما يريدانه حسب مصلحة كل منهما، فالراشي يقوم بنشاط إجرامي مقابل الميزة أو الهدية أو الفائدة المتفق عليها.
والشريعة الإسلامية قد عرفت كل ذلك ويكون مقتضى الركن المادي في جريمة الرشوة هو ذاته المعروف في القوانين الوضعية.
ويكون الغرض من الرشوة هو إما أن يرشي الراشي المرتشي لأنه قد خوفه فيعطيه الرشوة ليدفع الخوف عن نفسه، أو يرشوه ليسوي أمره بين يدي السلطان ويسعى في ذلك أو يرشوه لتقلد القضاء من السلطان أو يرشو القاضي ليقضي له( ).
أغراض الرشوة
يفهم من ذلك أن الرشوة قد تدفع لأغراض أربعة هي:
أ-الرشوة لرفع الخوف
ب-الرشوة لتسوية ألأمر بين يدي السلطان
ج-الرشوة لتلد القضاء
د-الرشوة للقضاء للراشي
حكم دفع الرشوة في تلك الحالات ( ).
* في الحالة الأولى:
الرشوة لدفع الخوف لا يحل لأخذ للأخذ لأن الكف عن التخويف كف عن الظلم وأنه واجب بدين الإسلام فلا يحل أخذ المال لذلك، وحل للمعطى الإعطاء لأنه جعل المال صيانة للنفس وهذا جائز في الشرع، وكذا إذا طمع في ماله فرشاه بعض ماله لا يحل الآخذ وحل الإعطاء لأنه جعل بعض المال وقاية لسائر الأموال.
وقيل أن هذه الحالة تدخل تحت الوعيد وعامة الفقهاء على أنه يحل للمعطى الإعطاء لأنه يجعل ماله وقاية لنفسه أو يجعل بعض ماله وقاية للباقي( ).
* في الحالة الثانية
الرشوة لتسوية أمر بين يدي السلطان لا يحل للآخذ الأخذ لأن القيام بمعونة المسلمين واجب عليه بدون المال فهو يأخذ المال لإقامة ما وجب عليه إقامته لذويه فلا يحل له الأخذ.
الرشوة أربعة أنواع:
الأول: ما هو حرام على الأخذ والمعطي وهو الرشوة على تقليد القضاء والإمارة.الثاني: ارتشاء القاضي ليحكم وهو كذلك حرام ولو القضاء بحق لأنه واجب عليه
الثالث: أخذ المال ليسوي أمره عند السلطان دفعا للضرر أو جلبا للنفع وهو حرام على الأخذ فقط وحيلة حلها هي أن يستأجره يوما إلى الليل أو يستأجره يومين فتصير منافعه مملوكة ثم يستعمله في الذهاب إلى السلطان للأمر الفلاني.
وفي الأقضية قسم الهدية وجعل هذا من أقسامها فقال حلال من الجانبين كالإهداء للتودد وحرام منهما كالإهداء ليعينه على الظلم وحرام على الآخذ فقط، وهو أن يهدى ليكف عنه الظلم والحيلة أن يستأجره.
قال في الأقضية هذا كان فيه شرط ما إذا كان بلا شرط لكن يعلم يقينا أنه إنما يهدي ليعينه عند السلطان فمشى يظن أنه لا بأس به ولو قضى حاجته بلا شرط ولا طمع فأهدى إليه بعد ذلك فهو حلال لا بأس به وما نقل عن ابن مسعود من كراهته فروع.
الرابع: ما يدفعه ليدفع الخوف من الدفوع إليه على نفسه أو ماله حلال للدافع حرام على الأخذ لأن يدفع الضرر عن المسلم واجب ولا يجوز اخذ المال ليفعل الواجب.
المطلب الثاني: العقوبة
جريمة الرشوة من الجرائم التعزيرية ويسميها البعض العقوبة التفويضية وهذه العقوبة مجالها واسع أمام الحاكم يؤدب به من يشاء على من يشاء بما شاء غير مقدر فيها بشيء ما، ولا في نوعها ولا في كمها ولا في كيفيتها مادام رائدة النظر والمصلحة وقصد الردع والتأديب وإقرار الحق والعدل.
لذلك يجدر بنا أن نتكلم عن العقوبات التي نرى أن تطبق في جريمة الرشوة وهي:
1-عقوبة الحبس، 2-عقوبة الغرامة، 3-عقوبة المصادرة، 4-عقوبة العزل من الوظيفة، 5-عقوبة الجلد والضرب، 6-عقوبات الحرمان.
وعلى ذلك فإن ولي الأمر أو القاضي من حقه أن يختار العقوبة أو العقوبات المناسبة ويوقعها على أطراف الجريمة مراعيا في ذلك أحكام شريعتنا الغراء وباستطاعته التشديد أو التخفيف، ونرى أن العقوبات التي بالإمكان تطبيقها على أطراف الرشوة تكون حسب الآتي:
الفقرة الأولى: عقوبة المرتشي
للقاضي توقيع العقوبات التالية عليه:
1-الحبس: الحبس في الشريعة الإسلامية ليس سجنا في مكان ضيق فحسب ولكنه تعويق الشخص ومنعه من التصرف بنفسه سواء أكان ذلك في بيت أو في مسجد أو في وأبي بكر الصديق رضي اللهeغيرها، وكان هذا هو السجن أو الحبس أيام النبي عنه أما في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقد اشترى دارا لصفوان بن أمية بأربعة آلاف درهم وجعلها حبسا( ).
رب السجن أحب إلي مما)والحبس أو السجن ورد في القرآن الكريم بقوله تعالى: (لئن اتخذت لها غير لأجعلنك من المسجونين) ( )، وقوله تعالى: (يدعونني إليه ( ).
وقد شرعت عقوبة الحبس بالسنة النبوية الشريفة والإجماع وقد أورد القرطبي في أقضية الرسول الروايات والأحاديث التي تؤيد ذلك وللمصلحة العامة رأينا وأبوeأن نورد بعضها للاستفادة وهي (اختلفت أهل الأمصار هل سجن رسول الله بكر رضي الله عنه جدا أو لا؟ ( ).
سجن فيeفذكر بعضهم أنه لهما سجن ولا سجنا أحدا وذكر بعضهم أن رسول الله المدينة في تهمة دم رواه عبد الرزاق والنسائي في مصنفهما من طريق نهرين حكم عن أبيه عن جده.
ناسا من قومي في تهمة دم.وذكر أبو داود في مصنفه قال حبس رسول الله
حبس رجلا في تهمة (دم) ساعة من نهار ثم خلى عنه.وفي غير المصنف عن عبد الرزاق بهذا السن أن النبي
ووقع في أحكام ابن زياد عن الفقيه أبي صالح أيوب بن سليمان: أن رسول الله سجن رجلا أعتق شركا له في عبد فأوجب عليه استتمام عتقه وقال في الحديث: حتى باغ غنيمة له(..).
ويلاحظ أن عقوبة الحبس يعاقب بها على الجرائم البسيطة والجرائم الخطيرة.
2-الجلد والضرب: عقوبة مشروعة بالكتاب والسنة والإجماع:
( ).(واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبعوا عليهن سبيلا)من القرآن قوله تعالى:: “لا يجلد فوق عشرة إلا في حد” وقوله-من السنة النبوية الشريفة: قوله في رواية أخرى: “لا يجلد أحد فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله تعالى”( )
-ومن الإجماع وقد عزر الخلفاء الراشدون ومن بعدهم من حكام المسلمين وقال الفقهاء بجواز الجلد أو الضرب في التعزير وعلى ذلك انعقد إجماعهم.
واختلف في مقدار الجلدات التعزيرية من حيث الحد الأعلى والحد الأدنى وذلك باختلاف الآراء الفقهية.
3-المصادرة: الشريعة الإسلامية عرفت هذه العقوبة وقد أوردها ابن تيمية في كتابه الحسبة في الإسلام ومصدر هذه العقوبة السنة النبوية الشريفة وما فعله الصحابة والإجماع ومنها مصادرة آلات وسلع وكذا مصادرة أموال.
4-الغرامة: عقوبة معروفة في الشريعة الإسلامية الغراء وتوقع تعزيرا، وقد تكون الغرامة عقوبة أصلية وقد تكون مع غيرها وليس هناك حد أدنى أو أعلى لها.
5-العزل من الوظيفة والحرمان من تولي الوظائف ومباشرة الحقوق:
العزل من الوظيفة معناه حرمان الشخص من وظيفته وحرمانه تبعا لذلك من رابته الذي يتقاضاه عنها لعزله عن عمله، وهذه العقوبة تطبق في شأن كل موظف أخذ ما لا يحل له أخذه من الرشوة وغيرها، أو ارتكابه جزاء اقتراضه لهذه الجرائم التي أهدر معها الأمانة المعهودة إليه.
وهذه العقوبة توقع على الموظفين العموميين وقد عوقب بها الولاة والقضاء الذين ثبت قيامهم بارتكاب أمر ينكره عليه دينهم.
ومصدر هذه العقوبة أقوال الفقهاء والإجماع نذكر من ذلك قول ابن تيمية في السياسة الشرعية: “فلو عزل الشارب من الأربعين بقطع خبره أو عزله من ولايته كان حسنا” وقد ضرب ابن تيمية أمثلة لمن توقع عليهم تلك العقوبة منها:
1-من يقبل الهدية بسبب العمل
2-من يستخرج من العمال ما يريد أن يختص به هو ودويه.
3-ولي الأمر الذي يأخذ الرشوة أو الهدية
4-والأمير إذا فعل ما يستعظم
وعقوبة الحرمان عقوبة تعزيرية مثل حرمان بعض الأشخاص من مباشرة حقوقهم السياسية أو تولي الوظائف العامة مثل عمل القضاة.
الفقرة الثانية: عقوبة الراشي والرائش والمستفيد:
يمكن للقاضي أن يطبق نفس عقوبات المرتشي باستثناء عقوبة العزل من الوظيفة والحرمان من تولي الوظائف ومباشرة الحقوق أي يمكن أن يطبق على هذه الأشخاص : كل من عقوبات الحبس، والجلد أو الضرب وكذا الغرامة والمصادرة.
وما يمكن ملاحظته في كون عقوبة الرشوة تختلف من شخص إلى آخر ومن مكان إلى مكان والأمر في النهاية متروك للسلطة التقديرية للقاضي.
مواضيع مماثلة
» لعنة الكنيسة. (3) خدعة القداسة.
» عن أبي هريرة –رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الله تعالى طيب
» آمنت بالله وبما جاء عن الله، على مراد الله. وآمنت برسول الله، وبما جاء عن رسول الله، على م
» عن ابن عباس رضي الله عنهما : "ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فوجد اليهود صيام
» حكم سب أو الطعن في عائشة رضي الله عنها و باقي أمهات المؤمنين رضي الله عنهن . و الله أسأل
» عن أبي هريرة –رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الله تعالى طيب
» آمنت بالله وبما جاء عن الله، على مراد الله. وآمنت برسول الله، وبما جاء عن رسول الله، على م
» عن ابن عباس رضي الله عنهما : "ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فوجد اليهود صيام
» حكم سب أو الطعن في عائشة رضي الله عنها و باقي أمهات المؤمنين رضي الله عنهن . و الله أسأل
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة 21 يونيو 2024, 12:25 am من طرف Admin
» هل الانجيل محرف
الأربعاء 19 يونيو 2024, 2:34 pm من طرف Admin
» شبهات النصاري زواج ام المؤمنين عائشه،
الإثنين 17 يونيو 2024, 10:30 am من طرف Admin
» الفرق بين السنه والفقه
السبت 11 مايو 2024, 11:23 pm من طرف Admin
» كيف عرفت انه نبي..
الجمعة 26 أبريل 2024, 5:40 am من طرف Admin
» موضوع هل يدخل الجنه غير المسلمين،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:48 am من طرف Admin
» التدرج في التشريع
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:43 am من طرف Admin
» كتب عليكم الصيام،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:41 am من طرف Admin
» اقوال العلماء في تفسير ايه الحجاب،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:40 am من طرف Admin