بحـث
الشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المواضيع الأخيرة
نوفمبر 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | |||||
3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 |
10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 |
17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 |
24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
الحمدلله على نعمة الاسلام
ايها الاخوه الدعاه الى الله وكذا جميع الزائرين والزائرات مرحبا بكم واهلا نتمنى من الله ان نكون عند حسن ظنكم جميا والله الموفق الى الخير وهو حسبنا ونعم الوكيلالشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 25 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 25 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحثلا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 76 بتاريخ الأربعاء 30 أكتوبر 2024, 11:01 pm
مراحل تكوين الأسرة
صفحة 1 من اصل 1
مراحل تكوين الأسرة
مراحل تكوين الأسرة
أولاً : الاختيار ، ثانياً : الخطبة ، ثالثاً : الزواج ، رابعاً : الإنجاب .أولاً : الإختيار
مِنْ أهمِّ مراحل تكوين الأسرة فى الإسلام مرحلة الاختيار ، وهو أهم عنصر فى ترسيخ استقرار الأسرة المسلمة ، فإذا ما تلاقت الطباع ، وتوافقت النفوس ، وتقاطعت الثقافات كان ذلك عامل قوى لمجتمع أمتن روابط بين أُسَره وأَشَد صلة وألفة بين أفراده . ولقد تحدث الشرع الحنيف عن هذا الجانب ـ جانب الاختيار ـ واعتبره العمود الفقرى الذى تقوم عليه الأسرة المسلمة .وهذا الجانب هو ما يسميه الفقهاء بالكفاءة فى الزواج فى الدين والورع والعبادة وفى الأموال وفى الثقافات ونحو ذلك ...فالإسلام يأمر الرجل أن يكون هدفه نبيل وغايته شريفة فيطلُب المرأة؛ ويختارها لدينها لا لجسدها ؛ ولورعها ونبلها لا لأموالها .وليس معنى ذلك أنْ يتغاضى عن جمال المرأة !! كلاَّ بل أمرنا الإسلام أن نتزوج الجميلات ولكن الجمال المقرون بالخلق والدين .بل إنَّ النبيَّ ـصلى الله عليه وسلم ـ أمَرَ المغيرة بن شعبة ـ وقد خطب امرأة ليتزوجها أن ينظر إليها وقال له : أنظرت إليها ؟ قال : لا فقال له النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما .وعن أبى هريرة ـ رضى الله عنه ـ قال خطب رجل امرأة فقال له النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ : انظر إليها فإنَّ فى أعين الأنصار شيئاً .فهذا كلام صريح وقطعى الدلالة من النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ على مشروعية البحث عن المرأة الجميلة المحترمة المتدينة فى ذات الوقت .ذكر ابن كثير فى البداية والنهاية أنَّ النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ تزوج امرأة من بنى غفار فدخل بها ، فأمرها فنزعت ثوبها ، فرأى بها بياضاً من برص عند ثدييها ؛ فانماز رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقال : [خذى ثوبك ] وأصبح فقال لها : " ألحقى بأهلك " فأكمل لها صداقها .وقال الواقدى : أعتق رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ريحانة بنت زيد وكانت عند زوج لها وكان محباً لها مكرماً فقالت : لا أستخلف بعده أحداً أبداً ، وكانت ذات جمال.فلمَّا سبيت بنو قريظة ، عرض السبى على رسول الله ـ صلى الله غليه وسلم ـ ؛ قالت : فكنت فيمن عُرضَ عليه فأمر بى فعزلت فأرسل بى إلى منزل أم المنذر أياماً حتى قتل الأسرى ؛ وفرَّق السبى ؛ فدخل علىَّ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فتجنبت منه حياء ، فدعانى فأجلسنى بين يديه ، فقال : " إن اخترت الله ورسوله اختارك رسول الله لنفسه " فقلت : ـ إنى اخترت الله ورسوله ، فلما أسلمت أعتقنى وتزوجنى ، وأعرس بى فى بيت أم المنذر .قال : وكان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ معجباً بها ، وكانت لا تسأله شيئاً إلا أعطاها وقد كان يخلو بها ويستكثر منها .فالإسلام لم يمنع أن تُطلب المرأة لجمالها ، ولكن هذا إذا كان الجمال مقترناً بالشيم الأخرى التى من شأنها أن تذلل العقبات التى قد تطرأ على حياة الأسرة المسلمة . فالإعجاب وحده لا يكفى ـ ولو بلغ قمته ـ .قال الله تعالى : " ولا تنكحوا المشركات حتى يُؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم .."فالإسلام يضع الإعجاب والحب ضمن عناصر اختيار الزوجة ، المهم أن لا يكون هو العنصر الوحيد الذى تقوم عليه الأسرة المسلمة .ولا شك أن الإعجاب والحب من عوامل استقرار الأسرة المسلمة إذا كان هذا الحب نابعا عن عقيدة دينية ـ والإنسان بطبيعته محب للجمال ـ وعلم الرجل أنه إذا لم يتزوج امرأة جميلة كان ذلك سبباً فى فتنته .والصحابة رضوان الله عليهم حرصوا على الزواج من النساء الجميلات واعتبروا ذلك سداً منيعاً وحصناً حصيناً ضد الفتن .روى ابن ماجة فى سننه ـ بسنده ـ عن علقمة بن قيس ، قال : كنت مع عبد الله بن مسعود بمنىً فخلا به عثمان فجلست قريباً منه فقال له عثمان : هل لك أن أزوجك جارية بكراً تذكرك من نفسك بعض ما قد مضى ؟!فلما رأى عبد الله أنه ليس له حاجة سوى هذا أشار إلىَّ بيده ، فجئت وهو يقول : لئن قلت ذلك ، لقد قال رسول الله ـصلى الله عليه وسلم ـ " يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء .وهذا مقبول من الصحابة ومن سار على نهجهم ممن خاف على دينه وأراد أن يتجنب الفتن ما ظهر منها وما بطن .والنبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ هو القائل : " لَمْ نَر للمتحابين مثل النكاح " . وقال ابن حزم الأندلسى ـ رحمه الله ـ : " وليس العشق بمنكر فى الديانة ولا بمحظور فى الشريعة ؛ إذ القلوب بيد الله " وقال : " وقد أحب الكثير والكثير من الخلفاء المهديين والأئمة الراشدين . " وقال : " وقد أحب من الصالحين والفقهاء والمحدثين فى الدهور الماضية ، والأزمان الخالية من قد استغنى بأشعارهم عن ذكرهم " .وقال : وقد أحب عبيد الله بن عتبة بن مسعود وهو أحد فقهاء المدينة السبعة وقد ورد من خبره وشعره ما فيه الكفاية " . وقال : " وقد جاء من فتيا ابن عباس ما لا نحتاج معه إلى غيره حين قال : هذا قتيل الهوى فلا عقل ولا قود .الأُسُسُ التى يُبنى عليها الاختيار:
ووضَعَ الإسلام أُسُساً قويمة أَوْجَبَ عَلى الإِنسَان أَنْ يأْخُذَها فى عين الاعتبار حين قدومه على اختيار الزوجة.
فروى ابْنُ مَاجَةَ بسندهِ عَنْ أَبى هُريْرَة أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : " تنكح النساء لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك " .
وروى بسنده عن جابر بن عبدالله قال : تزوجت امرأة على عهد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فلقيت رَسُولَ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال : أتزوجت يا جابر ؟! قلت نعم قال أبكراً أو ثيباً ؟! قلت : ثيباً قال : فهلاَّ بكراً تلاعبها ؟قلتُ : كنَّ لى أخوات فخشيت أن تدخل بينى وبينهن قال : فذاك إذن .وروى بسنده أن النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : " عليكم بالأبكار فإنًّهن أعذب أفواهاً وأنتق أرحاماً وأرضى باليسير " . وقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه وإن لم تفعلوا تكن فتنة فى الأرض وفساد كبير " .وهكذا نرى أنَّ النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ بَيَّن للرِّجَالِ طريقةَ الاختيار ووضع منظومة كاملة ينبغى للإنسان أَنْ يُراعيها عند اختياره من دين وجمال وبكارة ونحو ذلك... وهذا كله من دعائم استقرار الأسرة وأحرى لدوام هُدوئِها واستمرارِ معيشتها .
ونخْلُصُ من ذلك أنَّ أُسس الاختيار تتمثل فى :
1- الدين2- البكارة3- الجمال4- المال5- النسب6- الإعجابولقد وضعناه فى جملة الأسس والشُّروط التى ينبغى أن تُؤخذ فى عين الإعتبارِ وَقْتَ الاختيارِ لما ذكرناه آنفاً من قَّوْلِ النبِّى ـ صلى الله عليه وسلم ـ وَمِنْ فِعْلِه ولما روى من فعل كبار الصحابة رضى الله عنهم .قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ : روى الخرائطى بسنده أنَّ أبا بكر الصديق رضى الله عنه مَرَّ فى خلافته بطريق من طرق المدينة فإذا بجارية تقول :
وهويته من قبل قطع تمائمىمتمايساً مثل القضيب الناعم
وكأن نور البدر سنة وجهه
يَنْمى ويصعد فى ذؤابة هاشم
فدق عليها الباب فخرجت إليه فقال :ويلك أحرة أنت أم مملوكة؟ قالت : مملوكة يا خليفة رسول الله ، قال : فمن هويت ؟! فقالت بعدما بكت بكاءاً شديداً :وكأن نور البدر سنة وجهه
يَنْمى ويصعد فى ذؤابة هاشم
وأنا التى لعب الغرام بقلبهافبكت لحب محمد بن القاسم
فاشتراها أبو بكر من مولاها وبعث بها إلى محمد بن القاسم بن جعفر بن أبى طالب وكان وضيئاً جميلاً ؛ وقال : هؤلاء فتنَّ الرجال ؛ وكم قد مات بهن من كريم ؛ وعطب عليهن من سليمومن ذلك ما حُكى أنَّ سليمان بن عبد الملك بن مروان كان غيوراً على النساء جداً ، حتى أنه رُبَّما سفك دم من ظنَّ أنه نظر لبعض محاظيه نظر عشق . فاتفق له أن أحضر مُغنياً فى بعض الأيام وكان فى النهار ، فأجلس المغنى تحت السرير وأمره أن يغنى واستلقى على ظهره على السرير ؛ وكانت معه جارية تروح عليه من شدة الحر ، فأخذه النوم ، فرفع المغنى رأسه على حين غفلة فرأى الخليفة قد نام ؛ والجارية تُرَوِّح عليه فتأملها فوجدها كالشمس فى راجعة النهار ، فافتتن بها ، ولم يقدر على التكلم خوفاً من الخليفة ؛ فانهملت دموعه ؛ وهاج ولوعه ، فأخذ قرطاساً وكتب فيه ، شعراً من الكامل :إنى رأيتك فى المنام ضجيعتىمسترشفاً من ريق فيك الباردِ
وكأننا وكأننا وكأننا
بتنا جميعاً فى فراش واحدثم ألقاه عليها فأخذته وقرأته وكتبت له فيه ، من الكامل :
خيراً رأيتَ وكلُّ ما أَمَّلتَهُ
ستنالُه منى برغم الحاسد
وتبيت بين خلاخلى ودمالجى
وتحُلُّ بين مَراشِفى وسواعدِى
ورمت القرطاس إليه ، فالتقفه الخليفة قبل أن يصل إليه فلما قرأه احمرَّت عيناه وكاد يتميز غيظاً ، وقال : ما الذى حملكما على ما صنعتما ، أحُبُّ قديمُ بينكما ؛ أم عشق خامركما هذه الساعة ؟ فقالا : بلى والله فى هذه الساعة ، ولم يكن لنا به عهد قبل ذلك . وانهملت دموعهما ، فلما رأى منهما ذلك رقَّ لهما ، وقال للمغنى : خذها ولا تعد تقاربنا .وكأننا وكأننا وكأننا
بتنا جميعاً فى فراش واحدثم ألقاه عليها فأخذته وقرأته وكتبت له فيه ، من الكامل :
خيراً رأيتَ وكلُّ ما أَمَّلتَهُ
ستنالُه منى برغم الحاسد
وتبيت بين خلاخلى ودمالجى
وتحُلُّ بين مَراشِفى وسواعدِى
ثانياً: الخطبة
وبعد مرحلة التفكير السليم والاختيار تأتى مرحلة الخطبة ؛ ولمَّا كان عقد الزواج فى الإسلام يُعتبر من أعظم العقود خطراً وأجلها شأناً وأرفعها مكانة ؛ لأنه يرد على أعظم مخلوق فى الأرض ألا وهو الإنسان الذى كرمه الله تعالى بقوله : " ولقد كرمنا بنى آدم ... " [سورة الإسراء : 70 ].وَلمَّا كَانَ الشَّأْنُ فى هذا العقد هو الدوام والاستمرار فإنَّ هذا يقتضى ألا يقدم أحد الطرفين على الارتباط مع الطرف الآخر برباط الزوجية المقدس إلا بعد أن يكون على بينة من أمره ؛ وإلا بعد أنْ يعرف الكثير من عادات شريك حياته وطباعه وسلوكه وأخلاقه حتى يضمنا حياة كريمة هادئة ترفرف على جنباتها أعلام الحب والوفاء والسعادة والاستقرار ، وحتى لا يؤدى التسرع فى الارتباط إلى أوخم العواقب لكلا الطرفين أو لأحدهما ، لذلك كان تشريع الخطبة فى الإسلام لتحقيق هذا الهدف النبيل والمغزى العظيم .ثالثاً: الزواج
الزواج فى الشرع هو عقد يفيد حل العشرة بين الرجل والمرأة وينظم تعاونهما ويُحدد ما لكل منهما من حقوق وما عليه من واجبات ويكون هذا العقد بلفظ النكاح أو التزويج ، واشتهر استعمال كلمة الزواج فى اقتران الرجل بالمرأة على سبيل دوام الأسرة واستقرارها .يقول العلامة عبد الفتاح أبو غدة : ـ
والزواج فى الإسلام مُرغَّب فيه أتم الترغيب ؛ ومحضوض عليه أكد الحض ؛ إلى جانب أنه أمر فطرى مركوز فى الطبيعة الإنسانية ؛ يسعى الإنسان إليه بدافع الفطرة ؛ وهو شطر هام كبير من الحاجة الأصلية فى هذه الحياة ، محقق لاكتمال الذات ، وإنشاء الذرية ، وبقاء النسل والنوع الإنسانى ، وعمارة الكون .وقد أمر الشرع الحنيف بالنكاح أمراً أكيداً لمن خشى العنت والزنا وعدَّه بعض الأئمة والفقهاء من قسم العبادات ، لما يترتب عليه من استمرار النسل الصالح فى الوجود ؛ وتلقيه الإسلام عن الآباء ، وتبليغه إلى الأبناء ، وهكذا حتى يرث الله الأرض ومن عليها ، ولما له أيضاً من آثار طيبة على سلوك الإنسان فى طهره وعفافه وكمال دينه واستقرار نفسه ، وسلامة خواطره .وذلك أنَّ غريزة الشهوة إذا استيقظت فى الإنسان العَزب ، شتت عليه الفكر والرأى ، وأقلقت منه العين والنفس ؛ وقد تزحزحه عن الجادَّة والاستقامة ؛ وتهوى به إلى السقوط فى هوَّة الرذيلة والهلاك .فلذا كان الزواج ـ إلى جانب أنه متعة مشروعة ـ أمراً أساسياً وحاجة أصلية من حاجات الإنسان فى الحياة ، يصعب عليه التخلى عنها إلا لشوق غلاب محرق ؛ أو لتعلق شديد بعزيز غال على النفس جداً ، يفوق تعلقها بالزواج ...ومن السهل أن ندرك أن التبتل والانقطاع عن الزواج اختياراً لشدة من أكبر الشدائد فى حياة الإنسان ، يفقد بها الأنس الروحى ، والسكون النفسى ، ويتحمل معها مشاق العزوبة ، فى شئون الطعام والشراب والنظافة وخدمة البيت والمسكن ، ويُحرم بسببها من رعاية المرأة وحنانها عند نزول الأمراض والأسقام عليه ؛ وفى وقت حلول الشيخوخة ومتاعبها لديه ، وهذه شدائد متراكمة ، ومشاق متعاظمة ، هذا ولم يرد نص صحيح عن الشارع الحكيم يشجع على العزوبة ؛ لأن الزواج هو الوسيلة الوحيدة لبناء الأسرة الفاضلة القوية ، التى تبني ولا تهدم ، وتصلح ولا تفسد ، وتعمر ولا تخرب وتتعاون مع غيرها على البر والتقوى لا على الإثم والعدوان .وهو الطريق الأمثل والأقوم الذى اختاره الله لبقاء النوع الإنسانى وجعل بقدرته ورحمته الرابطة التى ربطت بين الزوجين من أقوى الروابط وأعمقها وأشرفها وأكثرها تمازجاً وتلاصقاً . ويكفى لتصوير عمق الروابط العاطفية والنفسية والجسدية قوله تعالى " هن لباس لكم وأنتم لباس لهن .." [البقرة : 187 ] .فهذه الجملة الكريمة تصور سمو العلاقة التى بين الزوجين ، تصويراً بلغ النهاية فى اللطافة والرقة والدقة وتعانق الروحين ، فهى تشير إلى أن كلاً من الزوجين يميل إلى صاحبه ويكون فى شدة القرب منه كالثوب الساتر له والملاصق لبدنه .كما يكفى لتصوير قوة المحبة والرحمة بين الزوجين قوله تعالى " ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة " [ الروم : 21 ] .
ويمكننا أن نُجمل فوائد الزواج وأهميته فى الآتى :
1 ـ الزواج يوجد الأسرة ويحقق بقاء النوع الإنسانى لأنه وسيلة للتناسل والتوالد وظهور جيل بعد جيل ؛ يُعمِّر الحياة ويقوم بالخلافة عن المولى سبحانه وتعالى ولا يقال إنَّ ذلك يمكن أن يحقق عن طريق الاتصال غير المشروع وهو الوجه الذى يبغضه الشارع ، وذلك يستلزم التظالم وسفك الدماء وضياع الأنساب واختلاطها كالحيوان ، فالزواج حصانة من الانحدار إلى درك الحيوان وحفظ الأخلاق والأعراض ، وصيانة للإنسان من الآثام والأمراض ووقاية من الشحناء والبغضاء.2 ـ إن التزواج هو عماد الأسرة الثابتة المستقرة التى تُحاط الحقوق والواجبات فيها بتقديس دينى ، يشعر الشخص فيه بأنه رابطة مقدسة تعلو بإنسانيته ، فهو علاقة روحية نفسية تليق برقى الإنسان وتسمو به عن دركة الحيوانية التى تكون العلاقة بين الأنثى والذكر فيها هى الشهوة البهيمية فقط ، بل إنَّ العلاقة الزوجية هى فى حقيقتها سكن النفس وإيناسها بالمجالسة والنظر ، فهى كما قال الغزالى [المتوفى 505 هجرى ] فى فوائد الزواج : ـ " فيه راحة للقلب وتقوية له على العبادة ، فإنَّ النفس ملول ، وهى عن الحق نفور ، لأنه على خلاف طبعها ؛ فلو كلفت المداومة بالإكراه على ما يُخالفها جمحت وثارت ، وإذا رُوِّحت باللذات فى بعض الأوقات قويت ونشطت ، وفى الاستئناس بالنساء من الراحة ما يزيل الكرب ؛ ويروح القلب ؛ وينبغى لنفوس المتقين استراحات بالمباحات .ومن هذا يتبين أنَّ أغراض التشريع الإسلامى من الزواج نبيلة سامية وأنه مظهر من مظاهر الرقى البشرى الذى يلائم طبيعة الوجود ، ويتفق كل الاتفاق مع حياة العالم الاجتماعية ، إذا أريد تهذيبها والسير بها صعداً إلى معارج الكمال فإن يكن فى حياة بعض المسلمين ما يؤاخذ عليه ، فليس سببه تعاليم دينهم ، ولكن السبب الحقيقى أنَّ هؤلاء قد انحرفوا عن جادة هذه التعاليم ، وقطعوا كثيراً مما أمر الله أن يوصل وأفسدوا فى الأرض جرياً وراء الغريزة الحيوانية غير آبهين بما اصطنعت لها الشريعة من تهذيب .
المرأة في الشرق والغرب
البداية من المرأة
إذا أراد الإنسان أن يعرف مدى استقرار الأسرة فى المجتمع الغربى وإلى أين وصلت فى سموها وتألقها .. فلينظر إلى حالة المرأة عندهم ؛ لأنَّ المرأة هى العمود الفقرى لأى أسرة تنشد الإستقرار .يقول الدكتور سعيد صوابى : " وبقليل من التأمل فى واقع الحياة يبدو لنا أهمية صلاح المرأة واستقامتها علماً وخلقاً وسلوكاً داخل الأسرة ، ثم فى المجتمع الكبير ، فبمقدار صلاح المرأة فى الأسرة يكون غالباً صلاح النشء والذرية فيها ؛ وبمقدار فسادها يكون غالباً فسادهم ؛ يُضاف إلى ذلك ما لها من تأثير بالغ على الرجال زوجاً كان أو أباً أو أخاً؛ وأهمية صلاح المرأة لصلاح الأسرة أكثر من أهمية صلاح الرجل لصلاحها ، وذلك لأن المرأة تستطيع أن تكون ذات أثر فعال مرشد أو مفسد فى تكوين أخلاق الأطفال وطباعهم وعاداتهم ، أكثر من الرجل بكثير ، لعدة أسباب منها : ـ ما وهبها الله من عاطفة جياشة متدفقة ؛ ولين فى الطبع ، وقابلية للاندماج والمشاركة فى أمور الصغار على مقدار طبائعهم ونفوسهم ، مما له أثر كبير فى اكتساب حبهم وإحراز ثقتهم ، حتى يتخذوها قدوة لهم فى أقوالها وأعمالها وأخلاقها وسائر تصرفاتها ؛ ومنها واقع ملازمتها لأطفالها فى أكثر أوقات نشأتهم ؛ وهم ما يزالون بعد فطرة نقية ، وعجينة لينة ، قابلة للتكيف والتشكل ، فما طبع فيها من خير جفت عليه ، وما يطبع فيها من سوء كذلك ، ثم يعسر بعد ذلك التغيير والتبديل ، متى صلب عود الطفل .... ولذلك كثيراً ما نلاحظ أولاداً فاضلين مهذبين ، ثم نبحث عن سر ذلك فنعلم أن لهم أماً مربية فاضلة ، تقية مهذبة ، وإن لم يكن أبوهم على مثل ذلك ، ونلاحظ أولاداً فاسدين منحرفين ثم نبحث عن سر ذلك فنعلم أن لهم أماً منحرفة فاسدة ، وقد يكون لهم آباء صالحون فاضلون .والمرأة فى المجتمع الغربى فى غاية الإهانة والإذلال ، فالمرأة عندهم كسقط المتاع وكالسلعة التى تبدل وتباع وتشترى ؛ فالحضارة التى تبيح الشذوذ الجنسى الآثم والاختلاط الجنسى الآثم ـ تحت بند الحرية ـ حضارة لا يجدر بها أن تحترم النساء أو تكرمهن فضلاً عن تأسيسها لأسرة آمنة مطمئنة .وإذا كانت هذه الزلاَّت هى الحضارة والتقدمية والحرية من منظورهم فما هى الحيوانية إذاً؟!إننا لا نرى أبداً أنَّ الغرب أصَّل تأصيلاتٍ من شأنها أن تدعم الأسرة وتحافظ على استقرارها، بل إنه نزل بالأسرة من الرابطة المقدسة التى هى لبنة قوية من لبنات المجتمع إلى الانفكاكية والانهزامية أمام التيارات المادية والإلحادية المتصاعدة .إن الغرب نزل بالمرأة من أعلى مقامات الحرية التى شرعها الإسلام إلى حضيض العبودية ومستنقع الرذيلة ، فجعلها تبحث عن إشباع نزواتها المتأججة بكل السبل وبشتى الوسائل .وامرأة تلهث خلف غريزتها لترضى شهوتها لا تفكر مجرد التفكير أن تؤسس أسرة أو تبنى بيتاً أو تربى أجيالاً ولا يُنتظر منها ذلك .إنها جاهلية العصر الحاضر وعبودية هذه القرون ، ما الفرق بين أنْ يعبد الإنسان عجلا أو وثناً وبين خضوعه لشهوة وسجوده لظالم ؟!يقول الغزالي رحمه الله : " إن الحرية ليست حق الإنسان أن يتحول حيواناً إذا شاء ، أو يجحد نسبه الروحي إلى رب العالمين ، أو يقترف بالأعمال ما يوهى صلته بالسماء ويقوى صلته بالتراب ، فإن الحرية بهذا المعنى لا تعدو قلب الحقائق ؛ وإبعاد الأمور عن مجراها العتيد . بل الواقع أنك لن تجد أعبد ولا أخنع من رجل يدعى أنه حر ، فإذا فتشت فى نفسه وجدته ذليلاً لشهواته كلا، رُبما كان عبد بطنه أو فرجه ، وربما كان عبداً لمظاهر يرائي بها الناس ، أو لمراسم يظنها مناط وجاهة ، فإذا فقد بعض هذه الرغائب رأيته أتفه شيء ولو كان يلي أكبر المناصب ، بل لو كان ملكاً تدين له الرقاب . الحرية المطلقة لا تنبع إلا من العبودية الصحيحة لله وحده .وأعود فأقول إنَّ المرأة صارت عندهم لغرائزها وشهواتها .. صارت عبداً لنداء الجنس ، وأصبحت تباع وتشترى .. وتبدل الرجال كما تبدل الأثاث والمتاع .!!بل إن ممارسة الجنس هناك له أربابه والقائمون عليه ، وصار تجارة يتكسب من ورائها رجال ومؤسسات تدر عليهم بالربح الثقيل .ولم يقفوا عند ذلك بل عملوا على تصدير إفكهم إلى العالم كله ، فبدلاً من أن يهدوا البشرية إلى صوابها ويلهموها رشدها ويأخذوا بها إلى بارئها صاروا يدلون العالم إلى ضلاله ويأخذون بيده إلى طريق الهاوية حيث قال تعالى :ـ ( إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة فى الذين آمنوا لهم عذاب أليم فى الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون ) .يجب أن تعلم الأمم فى الشرق والغرب أنَّ هذه الحضارة فقدت عذريتها قبل أن تفقد قيمها وأخلاقها التي زعمت أنها ما قامت إلا عليها .وتحكمت فى رجالها الأهواء ولو على حساب الدين ، والأثرة ولو بإلغاء المبادئ والقيم الإنسانية المتعارف عليها .إنهم اقترفوا آثاماً كفيلة بأن تهدم أُمماً ومجتمعات فضلاً عن أن تهدم أسرة من أفراد.انهيار المجتمع الغربى
ولكي لا يكون كلامنا أقرب للكلام الفلسفي الإنشائي أو السفسطى العقلي فنؤثر أن ندعمه بأدلة وبراهين .يقول الدكتور عبد الله ناصح علوان : (" جاء فى كتاب الإسلام والسلام العالمي للشهيد سيد قطب : ( أنَّ نسبة الحبالى من تلميذات المدارس الثانوية فى أمريكا بلغت فى إحدى المدن 48 فى المائة " ) انتهى .وفى نقل علوان عن سيد قطب تصحيف وتحريف وعبارة الأستاذ سيد قطب كالآتي : " ودع عنك تدلى الإنسانية فى الفاحشة ، وارتكاسها فى البهيمية ، وانتكاسها إلى مثل فوضى الحيوان ونزواته المطلقة العنان" !!فأما خرافة التهذيب والتصريف النظيف باللقاء والحديث فليسألوا عنها نسبة الحبالى من تلميذات المدارس الثانوية الأمريكية وقد بلغت فى إحدى المدن 48 من المائة . وأما البيوت السعيدة بعد زواج الاختلاط المطلق والاختبار الكامل فليسألوا عنها نسبة البيوت المحطمة بالطلاق فى أمريكا ، وهى تقفز فترة بعد فترة كلما ازداد الاختلاط وكلما تم الاختبار!! وهذه النسبة المخيفة تمضى فى هذه الخطوط ...؛ والبقية تأتى من البيوت المحطمة تحت مطارق الشهوات الجامحة ، والرغبات المتقلبة ، والقلق الجانح ، الذى يثيره تقلب العواطف فى المجتمع المختلف ، الذى تلوح فيه للأزواج والزوجات مزايا جديدة فى نساء جدد ورجال فينفلت هؤلاء وهؤلاء إلى صيد جديد ، وتتأرجح البيوت فى مهاب الريح ؛ كلما لمح زوج أو لمحت زوجة بارقة لامعة فى شخصية جديدة ؛ كما لو كان الزوج أو كانت الزوجة قطعة أثاث أو رباط عنق أو زياً جديداً فى عالم المودات !!لقد آن أن تراجع البشرية تلك النظرات الخيالية الخاوية . انتهىويقول الدكتور علوان : ـ ونقلت جريدة الأحد اللبنانية فى العدد 650 عن الفضائح الجنسية فى الجامعات والكليات الأمريكية ما يلى:
الطلاب يقومون بمظاهرة فى جامعات أمريكا يهتفون فيها نريد الفتيات .. نريد أن نرفه عن أنفسنا .وذكرت الصحيفة أن هجوماً ليلياً قام به الطلاب على غرف نوم الطالبات ، وقاموا بسرقة ثيابهن الداخلية .قلت : انظر بالله عليك إلى هذه الحضارة المعوجة هل تصلح أن تنهض بالبشرية إلى بر الأمان ؟!! كيف وهى تفتقد إلى أدنى التعاليم المتعارف عليها فى المعايير الأخلاقية .ونقلت الجريدة عن المربية الاجتماعية مرغريت سميث حديثاً قالت فيه : " إنَّ الطالبة هنا فى أمريكا لا تفكر بعقلها بل تفكر بعاطفتها الجنسية فقط ، إنَّ أكثر من 60 فى المائة من الطالبات سقطن فى الامتحانات وتعود أسباب الفشل إلى أنهن يفكرن فى الجنس أكثر من دروسهن وحتى مستقبلهن .. " انتهى .قلت : ودائماً ما أقول وأكرر بأن هذه الحضارة مصيرها لا محالة إلى زوال لأنها حضارة لم تتمسك بأهداب الفضيلة ، بل وإن دولها تتسابق إلى الكفر والإلحاد .
الإسلاميون وبناء الأسرة "الإخوان المسلمون أنموذج"
فالإمام البنا أنشأ قسم الأخوات المسلمات وأسند الإشراف عليه إلي الشيخ محمود محمد الجوهري ، وما لبث أن انتشرت فروع القسم في كل أنحاء الإقليم المصريوامتد إلي خارج مصر .أولي الإسلاميون عموما والإخوان المسلمون خصوصا الأسرة عناية خاصة ، وتفلسفوا في رصد التحلل الأسري السائد في المجتمع ، ودرسوا التجربة الغربية دراسة جيدة ، في نظرتها للمرأة وانعكاسات ذلك علي الأسرة في المجتمع الغربي .ففي عام 1932م ، تأسست أول فرقة للأخوات المسلمات ، تحت إشراف المركز العام للإخوان المسلمين ، والذي ضم سنة 1948م خمسين فرعا يضم خمسة آلاف سيدة ، وتمّ حل هذا التنظيم النسائي في العام نفسه لكن استمر نشاطه ، كذلك تم تأسيس جماعة السيدات المسلمات التي قادتها زينب الغزالي منذ سنة 1937م ، وكانت عضوا فاعلا في الاتحاد النسائي من قبل ، ثم اندمجت بتنظيمها هذا مع التنظيم النسائي لجماعة الإخوان سنة 1948م بعد مبايعتها للإمام الشهيد حسن البنا .
فنحن ننظر إلي المرأة كفرد مهم فاعل في بناء المجتمع ، وتقويم ثغراته ، وكجزء لا ينفصل أبدا عن نسيج المجتمع . فالمرأة عندنا تشارك في صناعة القرار ، وتقرير المصير ، وتختار –كالرجل تماما- من يتولي أمورنا ويقود زمامنا .
لكننا نؤمن أن المرأة لها مهمة أساسية بعد كل ذلك ، لا ينبغي أن تقصر فيها ، هذه المهمة هي تنشئة الأجيال وتربية الرجال ، فهذه مهمة لا تقل قيمة عما ذكر . بل إن الأمة من غير امرأة راشدة تتفنن في تربية صبيانها وغرس لبنات الأخلاق ، وبذور الثوابت في أفئدتهم ، هي أمة هالكة لا محالة .
بل إننا نزعم أن المرأة هي المجتمع كله ، وليست نصف المجتمع كما يردد البعض ، لأن المرأة إذا فسدت أو تخلت عن مهمتها فسد المجتمع بأكمله ، وإذا صلحت صلح المجتمع بأكمله ، والواقع المشهود خير دليل علي ذلك .
إن الرجل الكبير في تصرفاته وأفعاله وطريقة تفكيره بل ومعتنقه الفكري والثقافي ومنهجيته ، إنما يعود في الأساس إلي تلك القيم التي رسختها فيه الأم حال صغره . ومن هنا علمنا أهمية دور المرأة في المجتمع وتغيير مساره . فلا مانع أن تشارك المرأة في الحياة السياسية والاجتماعية وأن تدلي بدلوها ، بجانب مهمتها في البيت.
وكلام الإمام المؤسس حسن البنا يجب أن يُفهم في هذا السياق ، وأن يجمع بين أقواله وأفعاله لا أن يبتر منها بترا . كذلك يجب أن يُفهم كلامه من خلال أقوال تلامذته ومريديه وأرباب الدعوة كالغزالي والقرضاوي وسيد سابق وغيرهم . فجمع النصوص أمر حتمي لمن يريد أن يقرر حكما .
هذه النظرة الشاملة للمرأة لدي الإسلاميين تنعكس بالأساس علي كيان الأسرة المسلمة ومن ثم علي المجتمع الفاضل الذي ننشده .
فالأسرة عندنا هي عامل بناء وليست أداة هدم ..
والأسرة عندنا لا تُختزل في علاقة الرجل بزوجته أو بأبنائه ، إنما تتعدي لتشمل علاقته بالمجتمع ، وواجباته تجاه أمته ، فمن الفرائض التي لا ينبغي التهاون فيها أن كل فرد مطالب بأن يهب المجتمع أولادا صالحين قد تشربوا معاني الإسلام ومفاهيم الأخلاق وثوابت الأمة التي لا يجوز التنازل عنا أو التخاذل فيها .
إن الآخر لمح أهمية تقويم الأسرة وتنشئة الطفل في صنع المستقبل ، فالأحرى بالإسلاميين أن يدعموا هذه المفاهيم وأن يجتهدوا في هذا الإطار .
كذلك نحتاج أن ننظر إلي المرأة هذه النظرة التي ننشدها لما تحويه من أهمية في استقرار المجتمع مستقبلا لا أن ننظر إليها ككونها أسيرة البيت وحبيسة المنزل وأداة لمتعة الفراش فحسب ، حينئذ سوف تربي لنا حيوانات لا رجال .
خاتمة
لقد وقفنا في هذه الوريقات علي فلسفة الإسلام في ترشيد الأسرة وتقويمها . وقلنا أن الإسلام اهتم بالأسرة اهتماما كبيرا إذا ما نظرنا إلي شرائعه في مرحلة ما قبل الخطبة ، ثم مرحلة الاختيار والخطبة ، ثم مرحلة الزواج ، ثم مرحلة ما بعد الزواج . أدلي الإسلامفي كل هذا بجملة من النصوص المفصلة والدقيقة في التعامل مع كل مرحلة من هذه المراحل . ولم أجد أمرا من الأمور أعطاهالإسلام مثل هذه الأهمية في نصوص القرآن والسنة ، ومن ثم الأبواب الفقهية بل إن مدارها علي هذا الأمر من نكاح وطلاق وخطبة وخلع وإيلاء وما أشبه .فعندما كان يقرر الإسلام هذه الأحكام ويتفنن في استنباطها الفقهاء فليس لذاتها ، إنما لأبعاد أكبر وخلفيات أسمي هي استقرار الأسرة المسلمة والذي ينعكس علي المجتمع ومن ثم تهيئة الأجواء لصناعة الحضارة .
كذلك ألمحنا إلي وضع المرأة عند الإسلاميين "الإخوان" ، وقررنا أنها شريكة في صنع حضارة أمتها واختيار من يتحدث باسمها ومن يقود زمامها ، وأنها من جملة نسيج المجتمع ، وأنه لا ينبغي أن يُنظر إليها كأداة للمتعة ولذاذة الفراش فحسب لأنها لو استشعرت هذا المعني واختزلت فيه وجودها لأنبتت لنا حيوانات ولن تشارك في بناء المجتمع بل ستكون عاملا هادما لكيان لمجتمع ومنظومته الأخلاقية بما أخرجت لنا من جهلة وأغبياء .
كذلك رأينا كيف تفرد الإسلام بتقنين الحياة الأسرة ومهامها في المجتمع المسلم وأن هذا خصيصة من خصائص الإسلام ، ليس للغرب ولا للشرق فيه نصيب ، وحال الأسرة الغربية في التنظير والتطبيق يبرهن علي ما قلناه . ولا ننسي أن الكنيسة عندما منعت الطلاق أو تعدد الزوجات إنما ساعدت في ما وصلت إليه الأسرة الغربية من انهيار تام وتحلل لمعني الأسرة وتبديل لمفاهيمها وأهدافها .
مواضيع مماثلة
» الأسرة في الإسلام ذات أهمية كبيرة
» هل للزوجة حق في معرفة ميزانية الأسرة ؟
» مراحل نشأة علم القراءات
» مراحل الاستدراج الخمسة!
» انفاق55% من دخل الأسرة علي الأغذية والمشروبات و54% للتعليم سبحان الله
» هل للزوجة حق في معرفة ميزانية الأسرة ؟
» مراحل نشأة علم القراءات
» مراحل الاستدراج الخمسة!
» انفاق55% من دخل الأسرة علي الأغذية والمشروبات و54% للتعليم سبحان الله
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة 21 يونيو 2024, 12:25 am من طرف Admin
» هل الانجيل محرف
الأربعاء 19 يونيو 2024, 2:34 pm من طرف Admin
» شبهات النصاري زواج ام المؤمنين عائشه،
الإثنين 17 يونيو 2024, 10:30 am من طرف Admin
» الفرق بين السنه والفقه
السبت 11 مايو 2024, 11:23 pm من طرف Admin
» كيف عرفت انه نبي..
الجمعة 26 أبريل 2024, 5:40 am من طرف Admin
» موضوع هل يدخل الجنه غير المسلمين،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:48 am من طرف Admin
» التدرج في التشريع
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:43 am من طرف Admin
» كتب عليكم الصيام،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:41 am من طرف Admin
» اقوال العلماء في تفسير ايه الحجاب،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:40 am من طرف Admin