بحـث
الشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المواضيع الأخيرة
نوفمبر 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | |||||
3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 |
10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 |
17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 |
24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
الحمدلله على نعمة الاسلام
ايها الاخوه الدعاه الى الله وكذا جميع الزائرين والزائرات مرحبا بكم واهلا نتمنى من الله ان نكون عند حسن ظنكم جميا والله الموفق الى الخير وهو حسبنا ونعم الوكيلالشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 27 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 27 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحثلا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 76 بتاريخ الأربعاء 30 أكتوبر 2024, 11:01 pm
تربية الأبناء فى الإســـــلام
صفحة 1 من اصل 1
تربية الأبناء فى الإســـــلام
عنوان الخطبة
تربية الأبناء فى الإســـــلام
العنــــــــــــــــــاصر:
(1) هديه صلى الله عليه و سلم في تربية الأطفال .
(2) و اجبــــــــــــــــــنا تجاه الأبنـــــــــــــــــــــــاء.
المقدمة
الحمد لله الملك الجليل ، المنزه عن النظير والعديل ، المنعم بقبول القليل ، المتكرم بإعطاء الجزيل ، تقدس عما يقول أهل التعطيل ، وتعالى عما يعتقد أهل التمثيل ، نصب للعقل على وجوده أوضح دليل ، وهدى إلى وجوده أبين سبيل . أحمده كلما نطق بحمده وقيل ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له المنزه عمَّا عنه قيل ، وأصلى على نبيه محمد الصادق النبيل ، وعلى أبى بكر الذي لا يبغضه إلا ثقيل ، وعلى عمر وفضل عمر فضل طويل ، وعلى عثمان ، وكم لعثمان من فعل جميل ، وعلى عليّ وجحد قدر علي تغفيل .
ثم أما بعد :
العنصر الأول : هديه صلى الله عليه و سلم في تربية الأطفال :
أيها الأحباب : لقد اهتم الإسلام بشأن الأبناء إهتماما عظيما وجعلهم مسؤليه الأباء والأمهات يسألون عنهم يوم القيامة يسألون أمام الله عن أدبهم وعن أخلاقهم وعن تربيتهم لأنهم من يزرعون فيهم الدين والأخلاق والقيم وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول كما ورد في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصراه، أو يمجسانه..."
ولذا زرع النبى صلى الله عليه وسلم فى قلوب الأباء من الصحابة إذا مارزقوا بالأبناء أن يربطوا بينهم وبين الله عزوجل من أول لحظة فى حياتهم فقال صلى الله عليه وسلم لهم كما فى حديث الحاكم عن أبي رافع قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن في أذن الحسن بن علي حين ولدته فاطمة. رواه أبو داود والترمذي وقال حديث صحيح. وقال صلى الله عليه وسلم أيضا كما فى حديث الإمام الحاكم : (افتحوا على صبيانكم لا إله إلا الله)
وتعالوا وانظروا معى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف ربى أطفال الصحابة . فلقد رباهم على الأخلاق وعلى الصدق وعلى الأمانة وعلى العقيدة.
انظروا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يربي ابن عمه " عبد الله بن عباس " وهو غلام صغير فيقول له في نصيحة غالية : ــ " يا غلام !! إني أعلمك كلمات احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ، إذا سألت فاسأل الله ، و إذا استعنت فاستعن بالله ، و اعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، و لو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك بشيء إلا قد كتبه الله عليك جفت الأقلام ورفعت الصحف "
وربط النبى صلى الله عليه وسلم بينه وبين ربه ؛ وزرع فى قلبه الأدب مع الله عزوجل
فهل أوحى الآباء لأبنائهم بهذه الكلمات؟
وهل سجل الآباء هذه الكلمات في صدور أبنائهم بأسطر من نور؟
وهل قال الأب لابنه في الصباح وهو يودعه إلى مدرسته أو عمله أو مزرعته: احفظ الله يحفظك؟
وهذا هو الفرق بين أبناء الصحابة وأبناء اليوم
أم أنس رضى الله تعالى عنها وأرضاها يولد لها الطفل فتذهب به لرسول الله ليحنكه بيده الشريفة صلى الله عليه وسلم فمضغ النبى صلى الله عليه وسلم تمرة فى فمه وحنك بها طفلها فكان أول شيء وضع فى فمه هو ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم ولما أرادت أن تعلمه النطق بالكلام كانت تقول له بنى قل لا إله إلا الله . بنى قل لا إله إلا الله فكان أول كلمة نطق بها على الإطلاق لا إله إلا الله
ياإخوانى : هذا حالهم مع أطفالهم فكيف حالنا مع أطفالنا؟
زرعوا فى قلوبهم لاإله إلا الله مع النطق بالكلمات
أرضعوهم الإيمان بالله مع اللبن
فلما زرعوا فى قلوب أبنائهم الإيمان والأخلاق والتربية كانوا هم أول الحاصدين لها
لأن الإنسان يحصد ما يزرعه فمن زرع الأخلاق حصد الأخلاق
ومن زرع الأدب حصد الأدب
ومن زرع القرأن حصد القرأن
ومن زرع الفساد حصد الفساد
ومن زرع الفجور حصد الفجور
وما رأينا قط من يزرع القمح ثم يجنى منه الشعير.
ولا رأينا من يزرع الشوك ثم يجنيه وردا :لا.!
فما تزرعه فى ولدك تكون يا أخى أول الحاصدين له
وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم لما زرع الأدب فى قلوب أطفال الصحابة كان أول الحاصدين لهذا الأدب
فهذا ابن عباس رضي اللَّه تعالى عنه وأرضاه كما فى حديث الحاكم :
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام ليصلي آخر الليل،وتوضأ النبى صلى الله عليه وسلم من إناء كان فى بيته فما بدأ النبى صلاته قام بن عياس وتوضأ من هذا الإناء وقام ليصلى خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فجذبه النبى بجواره فانخنس ابن عباس خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلما جذبه النبى بجواره فانخنس ابن عباس خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم
فلما أتم النبى صلاته قال : «مالك يابن عباس كلما جعلتك بجوارى انخنست خلفى ؟» أي مالي أجعلك مساويا لي في الصلاة فتأبى إلا أن تتأخر خلفى فقال بن عباس: ما ينبغي لأحد أن يصلي حذاءك وأنت
رسول اللَّه. وكان ابن عباس في ذلك الوقت كان دون
العاشرة من عمره .
فرسول الله صلى الله عليه وسلم لما زرع الأدب فى قلب بن عباس كان أول من يحصد هذا الأدب هو رسول الله
ثم اعلموا جميعاً شباباً وأباءً وأمهات أن الأدب ليس معناه أن نزرع فى قلوب أطفالنا الخوف والرعب والجبن .لا !
فالنبى صلى الله عليه وسلم ماصنع ذلك ماصنع ذلك
بل كان يربى الطفل على الأدب ويربيه على القوة
وكان يربىه على العفو ولايربيه على الجبن
وأذكر موقفا فى هذا المقام لرسول الله صلى الله عليه وسلم مع بن عباس أيضا وهو مازال طفلاً دون العاشرة
والحديث رواه مسلم وغيره عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أُتِىَ بشراب فشرب منه، وعن يمينه غلام وفى روايه " وكان عن يمينه عبد الله بن عباس "، وعن يساره " أشياخ " كبار الصحابة أبو بكر وعمر وعثمان وعلى وخالد وغيرهما من الصحابة الكرام, فقال النبى صلى الله عليه وسلم:الشرب للغلام أى لإبن عباس لأنه على اليمين
ولكن تعالوا وانظروا إلى أدب رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وهنا ينبغى أن نفق وقفة إجلال لرسول الله إذا أردنا أن نتحدث عن أدبه لأن أدب النبى وخلقه جسده لنا أدب بن عباس وغيره من الصحابة الكرام
لأن المعلم إذا كان على درجة عالية في العلم لأخرج لنا أجيالا علماء
والمؤدب أذا كان على درجة عالية من الأدب لشرب طلابه من نبع أدبه
فما بالنا وقد رأينا هذا الأدب من بن عباس وغيره وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على أدب رسول الله بل إن الأدب إذا جُسد لجُسد في شخص رسول الله لأن الذى أدبه هو رب العالمين جل في علاه .
وكيف لا ؟ ورسول الله يقول عن نفسه أدبنى ربى فأحسن تأديبى
ياسيد السادات يامن قدره لاتستطيع له الورى إدراك
ماذا يقول الناس فيك وربهم بأتم تربية له رباك
حلاك بالخلق العظيم وفضله الفضل العظيم عليك ما أعلاك
أواك من يتم وأعطاك الغنى ولدينه الدين القويم هداك
شكرا لك اللهم أنت كفلته نعم الكفيل تقدست أسماك
يقول لإبن عباس ياغلام: هل تأذن لي أن أعطي هؤلاء الأشياخ قبلك؟ فرسول الله صلى الله عليه وسلم يستأذن غلاماً ربما بلغ عشر سنوات، ويقول له هل تأذن لي أن أسقي هؤلاء الأشياخ قبلك؟ فقال هذا الغلام الذكي، والفطن يا رسول الله، ما كنت لأوثر بنصيبي منك أحداً ".
مَن مِن أبنائنا يقول مثل هذا الكلام الجميل، لم يقل: أنا أريد الماء، أو أشتهيه، أو تعجل بيده، أو أخذه لا. بل أجاب بالجواب الذي يعجز عنه أكابر الرجال وأذكياؤهم، قال: " يا رسول الله ما كنت لأوثر بنصيبي منك أحداً . أى لا يهمني الماء ما كنت عطشان لكن كل همي أن أشرب بعدك، فأجعل فمي في المكان الذي شربت منه، وأنال بعض بركة هذا الماء الذي شربت منه يا رسول الله فأعطاه إياه". وفي رواية أخرى "قال عمر: يا رسول الله أعط أبا بكر" فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الأيمن، فالأيمن، وأعطاه الغلام .
فيا أيها الأباء ويا أيها الشباب ويا أيتها الأمهات الفاضلات والمربيات ماذا تنتظروا من أطفال نشأوا على التربية والأخلاق من الصغر
ماذا تنتظروا من أطفال رضعوا الأخلاق والأدب مع اللبن ماذا تنتظرون منهم إذا كبروا
ابن عباس يرى زيد بن ثابت على ناقته قيأخذ بخطام الناقة ويسحبها به فيقول زيد إليك يابن عم رسول الله دع عنك زمام الناقة
فيقول بن عباس: هكذا أمرنا أن نفعل بعلمائنا وكبرائنا، فقال زيد: أرني يدك، فأخرج ابن عباس يده فقبلها زيد وقال: وهكذا أمرنا أن نفعل بأهل بيت نبينا صلى الله عليه وسلم
العنصر الثانى : واجبنا تجاه الأبنـــــــــــــــاء.
ـــ اختيار الزوجة الصالحة ـــ
يا أيها الأحباب ... جاء رجلٌ إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه، يشكو إليه عقوق ابنه ، فأحضر سيدنا عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه ابنه وأنَّبه على عقوقه لأبيه . فقال الابن : " يا أمير المؤمنين أليس للولد حقوقٌ على أبيه ؟ " . قال : " بلى " . فقال " فما هي يا أمير المؤمنين ؟ " . قال : " أن ينتقي أمه ، وأن يحسن اسمه ، وأن يعلِّمه الكتاب ـ القرآن ـ " . فقال الابن : " يا أمير المؤمنين إنه لم يفعل شيئاً من ذلك ، أما أمي فإنها زنجيةٌ كانت لمجوسي ، وقد سماني جُعْلاً ـ أي خنفساء ـ ولم يعلمني من الكتاب حرفاً واحداً " . فالتفت أمير المؤمنين إلى الرجل وقال له : " أجئت تشكو عقوق ابنك ، لقد عققته قبل أن يعقَّك، وأسئت إليه قبل أن يسئ إليك؟ " .
ففى هذا النص يأمره المصطفى أن ينتقي أمه ، وأن يحسن اسمه ، وأن يعلِّمه القرآن ، فإذا أهمل الأب هذه الأشياء يكون قد عَقَّ ابنه قبل أن يعقَّه ابنه ، ويكون الأب قد أساء إليه قبل أن يسئ الابن إلى أبيه .
فأول واجبٍ على الآباء تجاه الأبناء أن يحسن الأب اختيار الزوجة لأن الزوجة الفاسدة لا تؤتمن على عرض فضلا عن أن تؤتمن على تربية الولد،
ـــ الحرص على اختيار الاسم الحسن ـــ
لأن من حق ولدك عليك أن تختار له اسمًا حسنًا؛ لأن الاسم يلازمه، والاسم الحسن يعيش صاحبه حياته متفائلاً بعيدًا عما توحي به الأسماء القبيحة من منغّصات، قال الإمام الباجي في شرحه للموطأ: روى عبد الله بن عمر أن النبي غيّر اسم ابنةٍ لعمر بن الخطاب، كان اسمها عاصيةً فسماها جميلةً وجاءه رجل فقال: ما اسمك؟ قال: غاوي بن ظالم .
فقال صلى الله عليه وسلم: بل أنت راشد بن مقسط } فبدل عليه الصلاة والسلام اسم غاوي براشد وظالم بمقسط، تفاؤلاً أن يكون راشداً مقسطاً. فمن واجب الابن عليك أن تختار له الاسم الحسن، لأنه ينادى به في الدنيا والأخرة ، ففي السنن عن أبي الدرداء أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: " أحسنوا أسماء أبنائكم فإنهم يدعون بها يوم القيامة"
ـــ العـــــــــــدل بــــــــــين الأولاد ـــ
فلا يفضل أحدا على أحدا حتى لا يزرع البغضاء والعداوة بين أبنائه، و إخوة يوسف عندما أحسوا أن أبيهم يميل إلى يوسف وأخيه دونهم، قالوا "ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا ونحن عصبة إن أبانا لفي ضلال مبين ". ويتطور الأمر إلى القتل: " اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا يخل لكم وجه أبيكم وتكونوا من بعده قوما صالحين " .
وحديث النعمان بن بشير لما جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : (يا رسول الله إني نحلت ابني هذا غلاما، (أهديت له غلاما) وأريدك أن تشهد على ذاك، قال له النبي عليه الصلاة والسلام: هل أعطيت كل ولدك ما أعطيت النعمان؟ قال: لا، قال: إذن لا تشهدني على جور) أي على ظلم
وهذا هو الذى يحدث فى عصرنا هذا نجد من الأباء من يميز أحد الأبناء على غيره فى عطائه وفى معاملته بل وحتى فى كلامه والمسكين لايعلم أن الذى ينحيه جانبا قد يكون هو الولد الوحيد الذى ينفعه من أبنائه
قال الله " آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا" النساء
فينبغى أن لا نفضل بعض الأبناء على بعض لا تفضل هذا على ذاك ولا هذه على تلك ولا تفضل الولد على البنت وكثير من الناس من يفعله تراه إذا ماوهبه الله البنت يشمئز ويقنط وقد يغضب من زوجته ويظن أن العبيب فيها فلقد أورد ابن عبد البر في كتابه بهجة المجالس
يحكى أنه في العصر الجاهلي أن رجلاً كان يدعى أبا حمزة وقد رزق بخمس بنات وكانت زوجته في شهر حملها الأخير وكان على سفر فقال لزوجته اذا أنجبتي بنتاً فلن أدخل البيت مرة أخرى … وسافر وعند عودته وقبل وصوله لبيته قابله رجل وأبلغه بأن زوجته رزقت بنتاً فرفض الدخول الى بيته ودخل عند جاره وظل عنده …
ومرت الأيام وبينما هو يمر بجوار داره إذ به يسمع زوجته وهى تغنى لبناتها وتقول :
مالي أبي حمزة لا يأتينا …… وهو في البيت الذي يلينـــا
غضبان أن لا نلد البنينا …… تا الله … ما هذا بأيدينــــــا
فنحن كالأرض لزراعينا …… ننبت ما قد زرعوه فينــا
فعندها دخل الرجل بيته وقبل رأس امرأته وبناته .
وصدق ربى إذ يقول "لله ملك السموات والأرض يخلق مايشاء يهب لمن يشاء اناثاويهب لمن يشاء الذكور " الشورى
ورسول الله يقول فيما جاء فى شرح السنة عن ابن عباس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من عال ثلاث بنات أو مثلهن من الأخوات فأدبهن ورحمهن حتى يغنيهن الله أوجب الله له الجنة ) فقال رجل : يارسول الله واثنتين ؟ ولو قال لرسول الله وواحدة لقال واحدة) اسناده حسن ..
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من أبْتُليَ من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن كن له ستراً من النار ) متفق عليه
ـــ كن قــــــــــــــــــــدوة لهم ـــ
لأن الطفل ينهج منهاج أبيه وأمه فينبغى على الأباء لأن يتقوا الله فى أبنائهم ويكونوا لهم قدوة صالحة، وذلك لأن الطفل ينظر إلى أبيه ويظن أنه ليس في الدنيا مثل أبيه، ولا أحسن من أبيه، ولا أعدل منه، ولا أصدق منه، فهو يقلد حركاته وسكانته وحاله وأقواله وأفعاله،
وبالله عليكم أجيبونى ؟ كيف يقول الأب لابنه: كن صادقاً، ثم يخالفه فيكذب؟ الفعل فعل قبيح والقول قول جميل، قال الله:" أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ" نقول للابن: صل في المسجد، ثم لا يرانا نصلي نقول للابن: لا تغتب أحداً، اتقِ الله في أعراض المسلمين، ثم لاتمر الدقائق إلا ونقع في أعراض الناس بسكاكين من القول الجارح، فأين ذاك القول من هذا الفعل؟
أيها الأحباب :
كيف يتعلم الولد الصدق وهو يرى أباه يكذب؟!
كيف تتعلم البنت الفضيلة وهي ترى أمها مستهترة؟!
كيف نفعل المعصية أمامهم ونطلب منهم الطاعة
فيا أحبابى مانفعله نحن فأولادنا مقلدون له
فينبغى ألا يراك أبناؤك إلا في خير، لأن الولد سر أبيه، يحذو مثله، ويقلد فعاله، إن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر.
مَشَى الطاووسُ يومًا باختيال …فقلّدَ شكلَ مشيتهِ بنوهُ
فقالَ: علامَ تختالونَ؟ فقالوا:…بدأْتَ به ونحنُ مقلِدوهُ
فخالِفْ سيركَ المعوجَّ واعدلْ…فإنا إن عدلْتَ مُعَدِّلُوه
أمَا تدري أبانا أن الفتى …يجاري بالخُطى من أدّبوه؟
وينشَأُ ناشئُ الفتيانِ منا…على ما كان عوَّدَه أبوه
وقال الشاعر:
لا تسه عن أدب الصغير ... وإن شكا ألم التعب
ودع الكبير لشأنه ... كبر الكبير عن الأدب
التعليم في الصغر، كالنقش في الحجر
ـــ تأمــــــــــين مستقــبل الأبنـــاء ـــ
وقد يظن البعض أننا نقصد أن نأمن مستقبلهم بالمال والثروات كلا ؟
وإنما نؤمن مستقبلهم بالأعمال الصالحة وتقوى الله والدعاء لهم
دخل "مُقاتل بن سليمان" رحمه الله على "المنصور" رحمه الله يوم بُويعَ بالخلافة ...
فقال له الخليفة "المنصور" :
عِظني يا "مُقاتل" !
فقال :
أعظُك بما رأيت ,,, أم بما سمعت !
قال : بما رأيت ...
قال : يا أمير المؤمين !
إن عمر بن عبد العزيز أنجب أحد عشر ولدا ً وترك ثمانية عشر ديناراً
، كُفّنَ بخمسة دنانير ، واشتُريَ له قبر بأربعة دنانير وَوزّع الباقي على أبنائه ...
وهشام بن عبدالملك أنجب أحد عشر ولدا ً ، وكان نصيب كلّ ولدٍ من التركة مليون دينار ...
والله ... يا أمير المؤمين :
لقد رأيت في يومٍ واحدٍ أحد أبناء عمر بن عبد العزيز يتصدق بمائة فرس للجهاد في سبيل الله ،
وأحد أبناء هشام يتسول في الأسواق
وقد سأل الناس عمر بن عبدالعزيز وهو على فراش الموت :
ماذا تركت لأبنائك يا عمر !
قال :تركت لهم تقوى الله فإن كانوا صالحين فالله تعالى يتولى الصالحين ،،، وإن كانوا غير ذلك فلن أترك لهم ما يعينهم على معصية الله تعالى ...
فتأمل يا أخى كثير من الناس يسعى ويكد ويتعب ليؤمن مُستقبل أولاده ظناً منه أن وجود المال في أيديهم بعد موته أمان لهم وغفل عن الأمان العظيم الذي ذكره الله في كتابه :
"وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا "
نسأل الله أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه
اللهم اجعل مصرنا بلدنا سخاء رخاء وسائر بلاد المسلمين يارب العالمين
خادم العلم والعلماء
الشيخ / أحمد طلال رمضان
أوقاف كفر الشيخ
لتحميل الخطبة pdf من خلال https://drive.google.com/…/0B5gRbYR9T1WIU1M5NWVMdkE0RjA/view
تربية الأبناء فى الإســـــلام
العنــــــــــــــــــاصر:
(1) هديه صلى الله عليه و سلم في تربية الأطفال .
(2) و اجبــــــــــــــــــنا تجاه الأبنـــــــــــــــــــــــاء.
المقدمة
الحمد لله الملك الجليل ، المنزه عن النظير والعديل ، المنعم بقبول القليل ، المتكرم بإعطاء الجزيل ، تقدس عما يقول أهل التعطيل ، وتعالى عما يعتقد أهل التمثيل ، نصب للعقل على وجوده أوضح دليل ، وهدى إلى وجوده أبين سبيل . أحمده كلما نطق بحمده وقيل ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له المنزه عمَّا عنه قيل ، وأصلى على نبيه محمد الصادق النبيل ، وعلى أبى بكر الذي لا يبغضه إلا ثقيل ، وعلى عمر وفضل عمر فضل طويل ، وعلى عثمان ، وكم لعثمان من فعل جميل ، وعلى عليّ وجحد قدر علي تغفيل .
ثم أما بعد :
العنصر الأول : هديه صلى الله عليه و سلم في تربية الأطفال :
أيها الأحباب : لقد اهتم الإسلام بشأن الأبناء إهتماما عظيما وجعلهم مسؤليه الأباء والأمهات يسألون عنهم يوم القيامة يسألون أمام الله عن أدبهم وعن أخلاقهم وعن تربيتهم لأنهم من يزرعون فيهم الدين والأخلاق والقيم وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول كما ورد في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصراه، أو يمجسانه..."
ولذا زرع النبى صلى الله عليه وسلم فى قلوب الأباء من الصحابة إذا مارزقوا بالأبناء أن يربطوا بينهم وبين الله عزوجل من أول لحظة فى حياتهم فقال صلى الله عليه وسلم لهم كما فى حديث الحاكم عن أبي رافع قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن في أذن الحسن بن علي حين ولدته فاطمة. رواه أبو داود والترمذي وقال حديث صحيح. وقال صلى الله عليه وسلم أيضا كما فى حديث الإمام الحاكم : (افتحوا على صبيانكم لا إله إلا الله)
وتعالوا وانظروا معى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف ربى أطفال الصحابة . فلقد رباهم على الأخلاق وعلى الصدق وعلى الأمانة وعلى العقيدة.
انظروا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يربي ابن عمه " عبد الله بن عباس " وهو غلام صغير فيقول له في نصيحة غالية : ــ " يا غلام !! إني أعلمك كلمات احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ، إذا سألت فاسأل الله ، و إذا استعنت فاستعن بالله ، و اعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، و لو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك بشيء إلا قد كتبه الله عليك جفت الأقلام ورفعت الصحف "
وربط النبى صلى الله عليه وسلم بينه وبين ربه ؛ وزرع فى قلبه الأدب مع الله عزوجل
فهل أوحى الآباء لأبنائهم بهذه الكلمات؟
وهل سجل الآباء هذه الكلمات في صدور أبنائهم بأسطر من نور؟
وهل قال الأب لابنه في الصباح وهو يودعه إلى مدرسته أو عمله أو مزرعته: احفظ الله يحفظك؟
وهذا هو الفرق بين أبناء الصحابة وأبناء اليوم
أم أنس رضى الله تعالى عنها وأرضاها يولد لها الطفل فتذهب به لرسول الله ليحنكه بيده الشريفة صلى الله عليه وسلم فمضغ النبى صلى الله عليه وسلم تمرة فى فمه وحنك بها طفلها فكان أول شيء وضع فى فمه هو ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم ولما أرادت أن تعلمه النطق بالكلام كانت تقول له بنى قل لا إله إلا الله . بنى قل لا إله إلا الله فكان أول كلمة نطق بها على الإطلاق لا إله إلا الله
ياإخوانى : هذا حالهم مع أطفالهم فكيف حالنا مع أطفالنا؟
زرعوا فى قلوبهم لاإله إلا الله مع النطق بالكلمات
أرضعوهم الإيمان بالله مع اللبن
فلما زرعوا فى قلوب أبنائهم الإيمان والأخلاق والتربية كانوا هم أول الحاصدين لها
لأن الإنسان يحصد ما يزرعه فمن زرع الأخلاق حصد الأخلاق
ومن زرع الأدب حصد الأدب
ومن زرع القرأن حصد القرأن
ومن زرع الفساد حصد الفساد
ومن زرع الفجور حصد الفجور
وما رأينا قط من يزرع القمح ثم يجنى منه الشعير.
ولا رأينا من يزرع الشوك ثم يجنيه وردا :لا.!
فما تزرعه فى ولدك تكون يا أخى أول الحاصدين له
وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم لما زرع الأدب فى قلوب أطفال الصحابة كان أول الحاصدين لهذا الأدب
فهذا ابن عباس رضي اللَّه تعالى عنه وأرضاه كما فى حديث الحاكم :
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام ليصلي آخر الليل،وتوضأ النبى صلى الله عليه وسلم من إناء كان فى بيته فما بدأ النبى صلاته قام بن عياس وتوضأ من هذا الإناء وقام ليصلى خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فجذبه النبى بجواره فانخنس ابن عباس خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلما جذبه النبى بجواره فانخنس ابن عباس خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم
فلما أتم النبى صلاته قال : «مالك يابن عباس كلما جعلتك بجوارى انخنست خلفى ؟» أي مالي أجعلك مساويا لي في الصلاة فتأبى إلا أن تتأخر خلفى فقال بن عباس: ما ينبغي لأحد أن يصلي حذاءك وأنت
رسول اللَّه. وكان ابن عباس في ذلك الوقت كان دون
العاشرة من عمره .
فرسول الله صلى الله عليه وسلم لما زرع الأدب فى قلب بن عباس كان أول من يحصد هذا الأدب هو رسول الله
ثم اعلموا جميعاً شباباً وأباءً وأمهات أن الأدب ليس معناه أن نزرع فى قلوب أطفالنا الخوف والرعب والجبن .لا !
فالنبى صلى الله عليه وسلم ماصنع ذلك ماصنع ذلك
بل كان يربى الطفل على الأدب ويربيه على القوة
وكان يربىه على العفو ولايربيه على الجبن
وأذكر موقفا فى هذا المقام لرسول الله صلى الله عليه وسلم مع بن عباس أيضا وهو مازال طفلاً دون العاشرة
والحديث رواه مسلم وغيره عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أُتِىَ بشراب فشرب منه، وعن يمينه غلام وفى روايه " وكان عن يمينه عبد الله بن عباس "، وعن يساره " أشياخ " كبار الصحابة أبو بكر وعمر وعثمان وعلى وخالد وغيرهما من الصحابة الكرام, فقال النبى صلى الله عليه وسلم:الشرب للغلام أى لإبن عباس لأنه على اليمين
ولكن تعالوا وانظروا إلى أدب رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وهنا ينبغى أن نفق وقفة إجلال لرسول الله إذا أردنا أن نتحدث عن أدبه لأن أدب النبى وخلقه جسده لنا أدب بن عباس وغيره من الصحابة الكرام
لأن المعلم إذا كان على درجة عالية في العلم لأخرج لنا أجيالا علماء
والمؤدب أذا كان على درجة عالية من الأدب لشرب طلابه من نبع أدبه
فما بالنا وقد رأينا هذا الأدب من بن عباس وغيره وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على أدب رسول الله بل إن الأدب إذا جُسد لجُسد في شخص رسول الله لأن الذى أدبه هو رب العالمين جل في علاه .
وكيف لا ؟ ورسول الله يقول عن نفسه أدبنى ربى فأحسن تأديبى
ياسيد السادات يامن قدره لاتستطيع له الورى إدراك
ماذا يقول الناس فيك وربهم بأتم تربية له رباك
حلاك بالخلق العظيم وفضله الفضل العظيم عليك ما أعلاك
أواك من يتم وأعطاك الغنى ولدينه الدين القويم هداك
شكرا لك اللهم أنت كفلته نعم الكفيل تقدست أسماك
يقول لإبن عباس ياغلام: هل تأذن لي أن أعطي هؤلاء الأشياخ قبلك؟ فرسول الله صلى الله عليه وسلم يستأذن غلاماً ربما بلغ عشر سنوات، ويقول له هل تأذن لي أن أسقي هؤلاء الأشياخ قبلك؟ فقال هذا الغلام الذكي، والفطن يا رسول الله، ما كنت لأوثر بنصيبي منك أحداً ".
مَن مِن أبنائنا يقول مثل هذا الكلام الجميل، لم يقل: أنا أريد الماء، أو أشتهيه، أو تعجل بيده، أو أخذه لا. بل أجاب بالجواب الذي يعجز عنه أكابر الرجال وأذكياؤهم، قال: " يا رسول الله ما كنت لأوثر بنصيبي منك أحداً . أى لا يهمني الماء ما كنت عطشان لكن كل همي أن أشرب بعدك، فأجعل فمي في المكان الذي شربت منه، وأنال بعض بركة هذا الماء الذي شربت منه يا رسول الله فأعطاه إياه". وفي رواية أخرى "قال عمر: يا رسول الله أعط أبا بكر" فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الأيمن، فالأيمن، وأعطاه الغلام .
فيا أيها الأباء ويا أيها الشباب ويا أيتها الأمهات الفاضلات والمربيات ماذا تنتظروا من أطفال نشأوا على التربية والأخلاق من الصغر
ماذا تنتظروا من أطفال رضعوا الأخلاق والأدب مع اللبن ماذا تنتظرون منهم إذا كبروا
ابن عباس يرى زيد بن ثابت على ناقته قيأخذ بخطام الناقة ويسحبها به فيقول زيد إليك يابن عم رسول الله دع عنك زمام الناقة
فيقول بن عباس: هكذا أمرنا أن نفعل بعلمائنا وكبرائنا، فقال زيد: أرني يدك، فأخرج ابن عباس يده فقبلها زيد وقال: وهكذا أمرنا أن نفعل بأهل بيت نبينا صلى الله عليه وسلم
العنصر الثانى : واجبنا تجاه الأبنـــــــــــــــاء.
ـــ اختيار الزوجة الصالحة ـــ
يا أيها الأحباب ... جاء رجلٌ إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه، يشكو إليه عقوق ابنه ، فأحضر سيدنا عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه ابنه وأنَّبه على عقوقه لأبيه . فقال الابن : " يا أمير المؤمنين أليس للولد حقوقٌ على أبيه ؟ " . قال : " بلى " . فقال " فما هي يا أمير المؤمنين ؟ " . قال : " أن ينتقي أمه ، وأن يحسن اسمه ، وأن يعلِّمه الكتاب ـ القرآن ـ " . فقال الابن : " يا أمير المؤمنين إنه لم يفعل شيئاً من ذلك ، أما أمي فإنها زنجيةٌ كانت لمجوسي ، وقد سماني جُعْلاً ـ أي خنفساء ـ ولم يعلمني من الكتاب حرفاً واحداً " . فالتفت أمير المؤمنين إلى الرجل وقال له : " أجئت تشكو عقوق ابنك ، لقد عققته قبل أن يعقَّك، وأسئت إليه قبل أن يسئ إليك؟ " .
ففى هذا النص يأمره المصطفى أن ينتقي أمه ، وأن يحسن اسمه ، وأن يعلِّمه القرآن ، فإذا أهمل الأب هذه الأشياء يكون قد عَقَّ ابنه قبل أن يعقَّه ابنه ، ويكون الأب قد أساء إليه قبل أن يسئ الابن إلى أبيه .
فأول واجبٍ على الآباء تجاه الأبناء أن يحسن الأب اختيار الزوجة لأن الزوجة الفاسدة لا تؤتمن على عرض فضلا عن أن تؤتمن على تربية الولد،
ـــ الحرص على اختيار الاسم الحسن ـــ
لأن من حق ولدك عليك أن تختار له اسمًا حسنًا؛ لأن الاسم يلازمه، والاسم الحسن يعيش صاحبه حياته متفائلاً بعيدًا عما توحي به الأسماء القبيحة من منغّصات، قال الإمام الباجي في شرحه للموطأ: روى عبد الله بن عمر أن النبي غيّر اسم ابنةٍ لعمر بن الخطاب، كان اسمها عاصيةً فسماها جميلةً وجاءه رجل فقال: ما اسمك؟ قال: غاوي بن ظالم .
فقال صلى الله عليه وسلم: بل أنت راشد بن مقسط } فبدل عليه الصلاة والسلام اسم غاوي براشد وظالم بمقسط، تفاؤلاً أن يكون راشداً مقسطاً. فمن واجب الابن عليك أن تختار له الاسم الحسن، لأنه ينادى به في الدنيا والأخرة ، ففي السنن عن أبي الدرداء أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: " أحسنوا أسماء أبنائكم فإنهم يدعون بها يوم القيامة"
ـــ العـــــــــــدل بــــــــــين الأولاد ـــ
فلا يفضل أحدا على أحدا حتى لا يزرع البغضاء والعداوة بين أبنائه، و إخوة يوسف عندما أحسوا أن أبيهم يميل إلى يوسف وأخيه دونهم، قالوا "ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا ونحن عصبة إن أبانا لفي ضلال مبين ". ويتطور الأمر إلى القتل: " اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا يخل لكم وجه أبيكم وتكونوا من بعده قوما صالحين " .
وحديث النعمان بن بشير لما جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : (يا رسول الله إني نحلت ابني هذا غلاما، (أهديت له غلاما) وأريدك أن تشهد على ذاك، قال له النبي عليه الصلاة والسلام: هل أعطيت كل ولدك ما أعطيت النعمان؟ قال: لا، قال: إذن لا تشهدني على جور) أي على ظلم
وهذا هو الذى يحدث فى عصرنا هذا نجد من الأباء من يميز أحد الأبناء على غيره فى عطائه وفى معاملته بل وحتى فى كلامه والمسكين لايعلم أن الذى ينحيه جانبا قد يكون هو الولد الوحيد الذى ينفعه من أبنائه
قال الله " آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا" النساء
فينبغى أن لا نفضل بعض الأبناء على بعض لا تفضل هذا على ذاك ولا هذه على تلك ولا تفضل الولد على البنت وكثير من الناس من يفعله تراه إذا ماوهبه الله البنت يشمئز ويقنط وقد يغضب من زوجته ويظن أن العبيب فيها فلقد أورد ابن عبد البر في كتابه بهجة المجالس
يحكى أنه في العصر الجاهلي أن رجلاً كان يدعى أبا حمزة وقد رزق بخمس بنات وكانت زوجته في شهر حملها الأخير وكان على سفر فقال لزوجته اذا أنجبتي بنتاً فلن أدخل البيت مرة أخرى … وسافر وعند عودته وقبل وصوله لبيته قابله رجل وأبلغه بأن زوجته رزقت بنتاً فرفض الدخول الى بيته ودخل عند جاره وظل عنده …
ومرت الأيام وبينما هو يمر بجوار داره إذ به يسمع زوجته وهى تغنى لبناتها وتقول :
مالي أبي حمزة لا يأتينا …… وهو في البيت الذي يلينـــا
غضبان أن لا نلد البنينا …… تا الله … ما هذا بأيدينــــــا
فنحن كالأرض لزراعينا …… ننبت ما قد زرعوه فينــا
فعندها دخل الرجل بيته وقبل رأس امرأته وبناته .
وصدق ربى إذ يقول "لله ملك السموات والأرض يخلق مايشاء يهب لمن يشاء اناثاويهب لمن يشاء الذكور " الشورى
ورسول الله يقول فيما جاء فى شرح السنة عن ابن عباس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من عال ثلاث بنات أو مثلهن من الأخوات فأدبهن ورحمهن حتى يغنيهن الله أوجب الله له الجنة ) فقال رجل : يارسول الله واثنتين ؟ ولو قال لرسول الله وواحدة لقال واحدة) اسناده حسن ..
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من أبْتُليَ من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن كن له ستراً من النار ) متفق عليه
ـــ كن قــــــــــــــــــــدوة لهم ـــ
لأن الطفل ينهج منهاج أبيه وأمه فينبغى على الأباء لأن يتقوا الله فى أبنائهم ويكونوا لهم قدوة صالحة، وذلك لأن الطفل ينظر إلى أبيه ويظن أنه ليس في الدنيا مثل أبيه، ولا أحسن من أبيه، ولا أعدل منه، ولا أصدق منه، فهو يقلد حركاته وسكانته وحاله وأقواله وأفعاله،
وبالله عليكم أجيبونى ؟ كيف يقول الأب لابنه: كن صادقاً، ثم يخالفه فيكذب؟ الفعل فعل قبيح والقول قول جميل، قال الله:" أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ" نقول للابن: صل في المسجد، ثم لا يرانا نصلي نقول للابن: لا تغتب أحداً، اتقِ الله في أعراض المسلمين، ثم لاتمر الدقائق إلا ونقع في أعراض الناس بسكاكين من القول الجارح، فأين ذاك القول من هذا الفعل؟
أيها الأحباب :
كيف يتعلم الولد الصدق وهو يرى أباه يكذب؟!
كيف تتعلم البنت الفضيلة وهي ترى أمها مستهترة؟!
كيف نفعل المعصية أمامهم ونطلب منهم الطاعة
فيا أحبابى مانفعله نحن فأولادنا مقلدون له
فينبغى ألا يراك أبناؤك إلا في خير، لأن الولد سر أبيه، يحذو مثله، ويقلد فعاله، إن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر.
مَشَى الطاووسُ يومًا باختيال …فقلّدَ شكلَ مشيتهِ بنوهُ
فقالَ: علامَ تختالونَ؟ فقالوا:…بدأْتَ به ونحنُ مقلِدوهُ
فخالِفْ سيركَ المعوجَّ واعدلْ…فإنا إن عدلْتَ مُعَدِّلُوه
أمَا تدري أبانا أن الفتى …يجاري بالخُطى من أدّبوه؟
وينشَأُ ناشئُ الفتيانِ منا…على ما كان عوَّدَه أبوه
وقال الشاعر:
لا تسه عن أدب الصغير ... وإن شكا ألم التعب
ودع الكبير لشأنه ... كبر الكبير عن الأدب
التعليم في الصغر، كالنقش في الحجر
ـــ تأمــــــــــين مستقــبل الأبنـــاء ـــ
وقد يظن البعض أننا نقصد أن نأمن مستقبلهم بالمال والثروات كلا ؟
وإنما نؤمن مستقبلهم بالأعمال الصالحة وتقوى الله والدعاء لهم
دخل "مُقاتل بن سليمان" رحمه الله على "المنصور" رحمه الله يوم بُويعَ بالخلافة ...
فقال له الخليفة "المنصور" :
عِظني يا "مُقاتل" !
فقال :
أعظُك بما رأيت ,,, أم بما سمعت !
قال : بما رأيت ...
قال : يا أمير المؤمين !
إن عمر بن عبد العزيز أنجب أحد عشر ولدا ً وترك ثمانية عشر ديناراً
، كُفّنَ بخمسة دنانير ، واشتُريَ له قبر بأربعة دنانير وَوزّع الباقي على أبنائه ...
وهشام بن عبدالملك أنجب أحد عشر ولدا ً ، وكان نصيب كلّ ولدٍ من التركة مليون دينار ...
والله ... يا أمير المؤمين :
لقد رأيت في يومٍ واحدٍ أحد أبناء عمر بن عبد العزيز يتصدق بمائة فرس للجهاد في سبيل الله ،
وأحد أبناء هشام يتسول في الأسواق
وقد سأل الناس عمر بن عبدالعزيز وهو على فراش الموت :
ماذا تركت لأبنائك يا عمر !
قال :تركت لهم تقوى الله فإن كانوا صالحين فالله تعالى يتولى الصالحين ،،، وإن كانوا غير ذلك فلن أترك لهم ما يعينهم على معصية الله تعالى ...
فتأمل يا أخى كثير من الناس يسعى ويكد ويتعب ليؤمن مُستقبل أولاده ظناً منه أن وجود المال في أيديهم بعد موته أمان لهم وغفل عن الأمان العظيم الذي ذكره الله في كتابه :
"وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا "
نسأل الله أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه
اللهم اجعل مصرنا بلدنا سخاء رخاء وسائر بلاد المسلمين يارب العالمين
خادم العلم والعلماء
الشيخ / أحمد طلال رمضان
أوقاف كفر الشيخ
لتحميل الخطبة pdf من خلال https://drive.google.com/…/0B5gRbYR9T1WIU1M5NWVMdkE0RjA/view
مواضيع مماثلة
» - اختيار الزوجة الصالحة. 3- حسن تربية الأولاد. 4
» نسب الأبناء غير الشرعيين
» من حقوق الأبناء على الآباء
» فقه تربية الأولاد [1]
» فقه تربية الأولاد [2]
» نسب الأبناء غير الشرعيين
» من حقوق الأبناء على الآباء
» فقه تربية الأولاد [1]
» فقه تربية الأولاد [2]
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة 21 يونيو 2024, 12:25 am من طرف Admin
» هل الانجيل محرف
الأربعاء 19 يونيو 2024, 2:34 pm من طرف Admin
» شبهات النصاري زواج ام المؤمنين عائشه،
الإثنين 17 يونيو 2024, 10:30 am من طرف Admin
» الفرق بين السنه والفقه
السبت 11 مايو 2024, 11:23 pm من طرف Admin
» كيف عرفت انه نبي..
الجمعة 26 أبريل 2024, 5:40 am من طرف Admin
» موضوع هل يدخل الجنه غير المسلمين،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:48 am من طرف Admin
» التدرج في التشريع
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:43 am من طرف Admin
» كتب عليكم الصيام،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:41 am من طرف Admin
» اقوال العلماء في تفسير ايه الحجاب،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:40 am من طرف Admin