مُلتَقى الدعوةُ والدعاةُ
نحن فى سعادة غامره بوجودكم معنا نرجوا من الله توفير كل ما يسعدكم فى هذا المنتدى ولكم جزيل الشكر

المدير العام
الشيخ محمدشوقى

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

مُلتَقى الدعوةُ والدعاةُ
نحن فى سعادة غامره بوجودكم معنا نرجوا من الله توفير كل ما يسعدكم فى هذا المنتدى ولكم جزيل الشكر

المدير العام
الشيخ محمدشوقى
مُلتَقى الدعوةُ والدعاةُ
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
بحـث
 
 

نتائج البحث
 

 


Rechercher بحث متقدم

الشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المواضيع الأخيرة
» صلاة الغائب
الهجرة النبوية Emptyالجمعة 21 يونيو 2024, 12:25 am من طرف Admin

» هل الانجيل محرف
الهجرة النبوية Emptyالأربعاء 19 يونيو 2024, 2:34 pm من طرف Admin

» شبهات النصاري زواج ام المؤمنين عائشه،
الهجرة النبوية Emptyالإثنين 17 يونيو 2024, 10:30 am من طرف Admin

» الفرق بين السنه والفقه
الهجرة النبوية Emptyالسبت 11 مايو 2024, 11:23 pm من طرف Admin

» كيف عرفت انه نبي..
الهجرة النبوية Emptyالجمعة 26 أبريل 2024, 5:40 am من طرف Admin

» موضوع هل يدخل الجنه غير المسلمين،
الهجرة النبوية Emptyالثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:48 am من طرف Admin

» التدرج في التشريع
الهجرة النبوية Emptyالثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:43 am من طرف Admin

» كتب عليكم الصيام،،
الهجرة النبوية Emptyالثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:41 am من طرف Admin

» اقوال العلماء في تفسير ايه الحجاب،،
الهجرة النبوية Emptyالثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:40 am من طرف Admin

نوفمبر 2024
الأحدالإثنينالثلاثاءالأربعاءالخميسالجمعةالسبت
     12
3456789
10111213141516
17181920212223
24252627282930

اليومية اليومية

التبادل الاعلاني

انشاء منتدى مجاني



الحمدلله على نعمة الاسلام
ايها الاخوه الدعاه الى الله وكذا جميع الزائرين والزائرات مرحبا بكم واهلا نتمنى من الله ان نكون عند حسن ظنكم جميا والله الموفق الى الخير وهو حسبنا ونعم الوكيل
الشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 32 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 32 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحث

لا أحد

أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 76 بتاريخ الأربعاء 30 أكتوبر 2024, 11:01 pm

الهجرة النبوية

اذهب الى الأسفل

الهجرة النبوية Empty الهجرة النبوية

مُساهمة من طرف Admin الأربعاء 29 أكتوبر 2014, 3:30 am

الهجرة النبوية [7] - للشيخ : ( عطية محمد سالم )

نزول النبي على أم معبد والأحكام المستفادة من ذلك
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيد الأولين والآخرين، سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.أما بعد: فقد تقدم الكلام عن الهجرة إلى أن وصلنا إلى الغار، وما كان من أحداث خارجه وداخله، وأثر السكينة التي أنزلها الله على رسوله صلى الله عليه وسلم، وأيده بجنود لم تروها، واستعراض ذلك على سبيل الإجمال، وإنزال السكينة في جميع الأزمات من بداية الهجرة إلى بدر، والأحزاب، والحديبية، وحنين، وفي المقابل إنزال الرعب في قلوب الأعداء، وأن السكينة هي أقوى عوامل النصر، والرعب والهلع هو أشد عوامل الهزيمة.كان أبو بكر رضي الله تعالى عنه قد أعطى عبد الله بن أريقط الديلي راحلتين، وواعده بعد ثلاثة أيام لكي يأتي بهما إلى غار ثور، فجاء على الموعد، وخرج النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر حينما انقطع الطلب عنهم، فقدم أبو بكر رضي الله تعالى عنه خير الراحلتين للرسول صلى الله عليه وسلم، وهي الناقة القصواء التي ظلت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله: (لا أركب جملاً ليس لي، قال: هي لك يا رسول الله، قال: الثمن! قال: هي لك من عندي، قال: الثمن! قال: إني اشتريتهما بثمانمائة درهم، قال: هي عليَّ بذلك).فركب صلى الله عليه وسلم ناقته، وركب أبو بكر ومضى ابن أريقط يقود الركب ويسير بهم في طريق غير مأهول.وعامر بن فهيرة الذي كان يأتي بالغنم في الليل ليسقيهما من اللبن، ويمحو أثر عبد الله بن أبي بكر قال: أنا أرافقكما؛ فاصطحباه معهما لخدمتهما، وكان أبو بكر رضي الله تارة يمشي وتارة يركب، فيتعاقب على الجمل هو وعامر بن فهيرة ، وانفرد صلى الله عليه وسلم براحلته، ومضيا على بركة الله.وأخذ الدليل بهما إلى جهة الساحل، وكانت عادة أهل مكة إذا أرادوا قصد المدينة أن يبتعدوا عن الساحل؛ لأن الاقتراب من الساحل يطيل عليهم السفر، ولهذا خرج الرسول صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة في الحج في تسعة أيام، لكن رحلة الهجرة ظلت خمسة عشر يوماً؛ لأنه أخذ بهم طريقاً غير مأهول.ويمكن أن نقول: إن الترتيبات للهجرة قد انتهت إلى الخروج من الغار، ولكن بقيت أحداث الطريق، وتلك الأحداث بمثابة معالم على الطريق.
 أحداث خيمة أم معبد
أول حدث: مرور صلى الله عليه وسلم بعد عسفان بامرأة يقال لها أم معبد ، كانت تجلس وتطعم وتسقي من مر بها، وكان بيتها نائياً عن بيوت الحي.فلما قدم صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رأيا بيتاً متطرفاً فقصدا إليه، فوجدا فيه تلك المرأة، فسألها أبو بكر رضي الله عنه: هل عندكِ من لحم أو لبن أو تمر أو شيء تعطينا إياه من باب الإكرام للضيف، أو حتى ما نشتريه بالثمن، قالت: لو كان عندي شيء ما أحوجتكما إلى السؤال، إن كنت يا هذا تريد اللحم فعليك بسيد الحي، أما أنا فامرأة ليس عندي شيء، فنظر صلى الله عليه وسلم إلى شاة ضعيفة خلفها لا تستطيع أن تلحق بالغنم، قال: (ما شأن تلك العنز في طرف البيت؟ قالت: إنها ضعيفة، قال: عليَّ بها).وفي بعض الروايات: أنهما تنحيا جانباً في ظل شجرة ونزلا، فجاء غلام لـأم معبد كانت قد قالت له: يا هذا خذ الشاة والشفرة، واذهب بها إلى هذين فقل لهما: اذبحاها وكلا وأطعمانا، فقال صلى الله عليه وسلم: (رد الشفرة وائتني بالقدح، قال: إنها كنز، قال: رد الشفرة وائتني بقدح، فذهب وقال: إنه يقول: رد الشفرة وائتني بقدح).وفي بعض الروايات قال: (عليَّ بتلك الشاة، فقالت: هي كنز) وبعضها يقول: (أتأذنين لي بحلبها؟ قالت: احلبها إن كان بها حلب)، فأخذها فمسح على ظهرها وعلى ضرعها ودعا الله وأخذ يحلب في الإناء، فملأ الإناء فأعطى أبا بكر وأعطى من معه، ثم شرب وقال: (ساقي القوم آخرهم شرباً) ثم عاود وحلب وملأ الإناء وقال للغلام: (اذهب بهذا لأمك).وفي بعض الروايات الأخرى: أنه طلب منه شاة فجاء بعنز ضعيف ودعا وحلبها وأعطى أبا بكر فشرب، قال: ائت بغيرها، فجاء بالثانية كذلك وحلب وسقى صاحبهما عامر بن فهيرة، وقال: ائت بغيرها، فحلب فشرب، وهكذا إلى أربع من العنز الضعاف.فيحلب ويسقي أصحابه ثم يحلب لـأم معبد ، وفي آخر أمر تلك الشاة، تقول أم معبد وكان الوقت فيه قحط وجوع، فبقيت تلك الشاة عندنا بحلبها إلى زمن عمر رضي الله تعالى عنه، وفي عام الرمادة لم يكن في الحي حليب أبداً إلا تلك الشاة، تحلب لهم ولجيرانهم، ببركة دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم.وفي الأثر: جاء أبو معبد ووجد الحليب قال: يا أم معبد من أين لكِ هذا وليس عندكِ حلوب؟قالت: مرّ بنا رجل كريم الوجه سمح طلق، وأخذت تعدد صفاته، ومن أراد هذه الصفات فليرجع إليها في كتب السيرة؛ فكل ما وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم من صفات جمال الذات وجمال الصفات جاءت بها تلك العجوز، فقال: لئن كنتِ صدقتِ فيما قلتِ فلعله صاحب قريش الذي يطلبونه، قالت: إنه رجل مبارك.وكانوا يسمونه: حالب الحوائل، والحائل هي التي ليس فيها شيء فهو يحلبها، وكانوا يسمونه: الرجل المبارك، حتى إنه بعد ذلك كثر غنمها، وجاءت إلى المدينة ومر بها أبو بكر رضي الله تعالى عنه، فعرفه الغلام، قال: هذا صاحب الرجل المبارك، فدعته فقالت: أين صاحبك؟ قال: هو ذاك، قالت: ماذا يكون؟ قال: نبي الله، قالت: خذني إليه، فجاء بها إليه وأدخلها عليه وأعلنت إسلامها، وكساها وأطعمها وأعطاها، وقيل إن أبا معبد جاء أيضاً، بل إن أبا معبد قيل إنه أراد أن يلحق برسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك اليوم.إن الدارس للسيرة والمستأنس بأحداثها يقف هنا وقفة:قوم متخففون من الزاد، جاءوا إلى صاحبة خيمة، فأرسلت إليهما فاعتذرت، ثم بطوعها واختيارها أرسلت الشاة والشفرة، وجعلتهما كأنهما أصحاب بيت: (اذبحا وكلا وأطعمانا)، فلم يكن من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرضى بذبح الشاة واكتفى بحلبها، وهنا تساؤلات، لماذا لم يذبح وصاحبتها تريد أن تأكل معهم، وقد جادت بها عن طيب نفس؟هنا يقول القائل: تلك بداية الرحلة، وهي رحلة دعوة وليست رحلة احتلال، أو اعتداء، أو اغتصاب، ولكنها رحلة دعوة إلى الفطرة السمحاء، والدين الإسلامي دين الفطرة، ولكأنه صلى الله عليه وسلم يقول للعالم: إن رحلتي في الهجرة رحلة سلم وخير وبركة وفطرة ونماء، وليست رحلة إراقة للدماء ولو كان لشاة، وتظل الشاة تحلب لقومها عدة سنين بعد ذلك.
 من آداب الضيف مع مضيفه
وهنا ناحية أدبية: إذا كان تكلف المضيف لضيفه وقرب إليه الشاة، واستطاع الضيف أن يخفف على مضيفه مئونة الضيافة، فإن هذا من كرم الأخلاق، وقد فعله النبي صلى الله عليه وسلم في يوم من الأيام كما يقول أبو هريرة.إني لأُصرع من الجوع ويمر بي فلان وفلان، وينظر إليَّ ولا يدري ما بي، حتى مر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: أبا هر ماذا بك؟ فنظرت إليه، وقال: بك الجوع، قلت: بلى يا رسول الله، قال: الحق، وجئنا إلى عمر ، فقال: يا عمر ما الذي أخرجك؟ قال: أخرجني الجوع، قال: الحق، ومر بفلان وفلان، قال: ومشى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دخل حائط فلان، فسأل عنه رسول الله، فقال أهله: ذهب يستعذب لنا الماء.ولم تكن المياه العذبة متوفرة في المدينة، وكان أحسن بئر في المدينة به ماء عذب بئر رومة، الذي يسمونه بئر عثمان، وكان لرجل يهودي وكان يتحكم في بيع الماء، فقال صلى الله عليه وسلم: (من يشتري بئر رومة وله الجنة؟) فذهب عثمان ، وساومه على البئر فأبى، فاحتال له عثمان وقال: بعني نصفه بقيمته، فوافق. فكان يوماً لـعثمان ويوماً لليهودي، وهذه قسمة عادلة، فقام عثمان ونادى في المدينة، اليوم الذي لي أبيحه للجميع يأخذونه في سبيل الله، فكان الناس يأخذون الماء مجاناًً في يوم عثمان ، وفي يوم رومة يبيعه لهم، فصاروا يأخذون في يوم عثمان ما يكفيهم ليومين، ثم ساوم اليهودي عثمان على أن يشتري النصف الآخر ولو بربع الباقي، فاشتراه عثمان وصار بئر عثمان.قالت: ذهب يستعذب لنا الماء، ثم ما لبث أن جاء وقال: ما رأيت أكرم ضيوفاً مني اليوم؛ رسول الله وأصحابه، فذهب فقطع تمراً من نخله، ووضعه أمامهم، وأخذ الشفرة وذهب ليذبح، فقال له رسول الله: تجنب الحلوب وذات الولد، فوجهه وأرفق به؛ لأن الحلوب تحلب لأصحاب البيت، وذات الولد ترضع ولدها، فذهب وذبح غير الحلوب وغير ذات الولد، وشوى وطبخ وقدم لرسول الله وأصحابه، ثم قال رسول الله : (والله لتسألن يومئذ عن النعيم، ظل بارد ورطب وتمر ولحم وماء عذب، والله لتسألن يومئذٍ عن النعيم.نسأل الله تعالى أن يتم علينا نعمه، وأن يوزعنا شكرها، نسأل الله العلي القدير أن يديمها لنا وأن يتمها علينا وأن يوزعنا شكرها، وأن يجعلها عوناً لنا على طاعته.فهنا قال: (رد الشفرة وائت بالإناء) وهنا قال له: (واذبح وتجنب ذات الضرع والولد) لقائل أن يقول: إنما وجد في الخيمة امرأة، والمرأة لها رجل، والمال مال الرجل في الغالب؛ فلعله صلى الله عليه وسلم لم يرد أن تتصرف المرأة في مال زوجها في غيبته، بينما الذي ذبح في البستان صاحب المال.وكذلك أم معبد تقول: ونحن في حالة قحط وضعف، فلذلك يذبح شاتهم، لكن هذا في بستان ونخيل وثمار وبه ذات الولد وغيرها، فالحال هنا حال يسار، فلا مانع أن تقبل مكرمة مضيفك إذا كان ذا يسار، لكن لا كما يفعل البدو في البادية من تعنت وتعصب وأنه لابد أن تذبح للضيف.
 الفرق بين البخل والإسراف في الضيافة
ومن العجب ما يذكره زميل لي، كان أبوه أمير قرية، وجاءه ضيف قبل أذان الظهر فذبح له، وأذن المؤذن، فصلوا ورجعوا، فوجد ضيفاً قد أتى وقد طبخت الذبيحة، ثم قدمت للضيوف فإذا بالضيف الثاني يمتنع عن الأكل، قال: هذه ليست ذبيحتي، هذه ذبيحة الأول، كيف آكل على حساب الأول!انظروا إلى أي حد بلغ التشدد، وإلى أي حد وصل التعصب، فأخذ العصا وقال: أقسم بالله! إما أن تأكل مع هذا وإلا لا تدخل بيتي بعد اليوم.فليست المسألة بالتعصب ولا بالعادات الشديدة، وليست هي بمسألة التكفير، وليست هي بمسألة الشح والبخل، فالرسول صلى الله عليه وسلم يعطينا الدرس هنا في تلك الخيمة بأنه لم يرد إراقة الدم في بداية طريق الهجرة الخيرة ويراعي ظروف المضيفة، بينما هنا في المدينة لما وجد اليسار ووجد صاحب المال قبل المكرمة.وأيضاً مما يذكر في هذا الباب:أن رجلاً صنع طعاماً ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فجاءوا فأكلوا قليلاً وامتنع البعض، فقال صلى الله عليه وسلم: (أخوكم تكلف لكم فكلوا).سمعت أن أحد آل الشيخ، دعا الملك عبد العزيز في ذلك الوقت، وجاء بعض الناس يجعلون أنفسهم كأنهم على شبع فينال الواحد من بعض الطعام قليلاً ثم يرفع يده، والعار عندهم إذا واحد رفع يده ومد آخر يده بعده، لأنه يقال: هذا قنوع وهذا جشع.فكان الشيخ عبد الله يغفر الله له حاضراً وهم جالسون، وأراد شخص أن يرفع يده، فأخذ بالعصا وأقسم بالله، وقال: يا عبد العزيز والله ما واحد يرفع يده قبل أن يشبعوا كلهم، وإلا والله أشبعته بالعصا، فأكلوا حتى شبعوا.ثم قال: الذي شبع يقوم ولا على البقية من أن يأكلوا حتى يشبعوا، اتركهم لحريتهم، المهم أن من لم يشبع يأكل ولا عار عليه، حتى سموها فيما بعد عادة سعودية، الذي شبع يقوم والذي ما شبع يأكل ولا عار على واحد منهما.على كلٍ مراعاة آداب الطعام ومراعاة آداب الضيافة والإرفاق بالمضيف من مكارم أخلاق الضيف.
أحداث مهمة وقعت في الهجرة
هناك في مكة لم يكونوا يعلمون أين توجه رسول الله؟ وهناك بعض الأحداث التي وقعت بعد خروج الرسول وصاحبه من مكة.
 مجيء أبي قحافة إلى بيت أبي بكر
جاء أبو قحافة والد أبي بكر إلى بيت أبي بكر حين سمع أنه خرج مع محمد، فقال لـأسماء: ماذا ترك لكم؟تقول أسماء : والله ما ترك لنا شيئاً، فجئت إلى حجارة ووضعتها في كيس ووضعتها في الكوة فلما جاء أبو قحافة قال: ماذا ترك لكم أبوكم؟ قالت: ترك لنا خيراً كثيراً، وكان قد كف بصره، فأخذت يده ووضعتها على الكيس فلمسه، فقال: هذا خير كثير.بعد ذلك جاء أبو جهل وطرق الباب بشدة، فخرجت إليه، فقال: أين أبوك؟ فقلت: لا أدري، تقول: فلطمني على وجهي فأسقط خرصي من أذني!هل هذه رجولة؟ لأن الحقد والحسد والحماقة تدفع صاحبها إلى أن يرتكب ما لا يرتكبه الجهال.ومن جانب آخر بعد ثلاثة أيام من خروجهم من الغار وهم لا يعلمون أين اتجاههم، تقول أسماء : جاء رجل من الجن ببطن الوادي يتغنى بأبيات، حيث سمعوا صوتاً يهتف فوق جبل أبي قبيس بأبيات، منها:جزى الله رب الناس خير جزائهرفيقين حلا خيمتي أم معبدهما نزلا بالبر ثم ترجلافأفلح من كان رفيق محمدفعرفوا بأن وجهته كانت إلى خيمة أم معبد ، وخيمة أم معبد بالنسبة إلى مكة في طريق المدينة، وكفار قريش كانوا قد طلبوه فلم يجدوه، وكانوا قد جعلوا لكل واحد منهما ديتين لمن يأتي بهما أمواتاً أو أحياء؛ لأنهم علموا أنهما إذا وصلا إلى المدينة فقد فاتهم الأمر، ويعرفون أن الأوس والخزرج سوف تقاتلهم، فأردوا أن يدركوه قبل أن يصل.
 لحوق سراقة بالنبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر رضي الله عنه
سمع الخبر سراقة بن مالك وكان جالساً مع قومه، وسمع جُعل قريش لمن يأتي بهما أحياء أو أمواتاً، فطمع في الجُعل، وسمع رجلاً يقول: رأيت سواداً بالساحل أرى أنه محمد وصاحبه، يقول سراقة : فعلمت أنهما هما، ولكني قلت: ليسا هناك، إنما هو فلان وفلان مرا علينا من هنا، فهو يغطي الخبر طمعاً في الجعل.قال: ودخلت البيت وأمرت جاريتي أن تجهز فرسي ونزلت من وراء البيت، وأخذت رمحي وركبت فرسي ولحقت بهما، فأدركهما بعد أن فارقا خيمة أم معبد ، يقول عن نفسه: فلما اقتربت منهما أخرجت من كنانتي الأزلام واستقسمت، فخرج السهم الذي فيه: لا تصبهم بمكروه، فخالفت الأزلام ومضيت، فلما دنوت منهما عثرت بي فرسي فسقطت عنها فقمت، فلما لحقت بهما غاصت قوائم فرسي في الأرض إلى ركبتيها، فعلمت أن ذلك منهما، فناديتهما الأمان، وكان أبو بكر كثيراً ما يلتفت ورسول الله لم يلتفت أبداً، وكان من شأن أبي بكر أن يقول: يا رسول الله أدركنا الطلب، أدركنا الطلب. ويبكي، فقال له رسول الله : (ما يبكيك يا أبا بكر ؟ قال: الطلب أدركنا، قال: لا تخف إن الله معنا، فسيكفيكهم الله).يقول سراقة : ما إن قال ذلك إلا وغاصت قوائم فرسي، فناديتهما الأمان، وقلت: يا محمد! لقد علمت أن ما أصابني منك، فادع ربك أن يكشف عني هذا ولكما الأمان مني، فوقف ودعا وخرجت قوائم فرسي، فعلمت أنه حقاً رسول الله، فأعلن تصديقه برسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: وعرضت عليهما الزاد فامتنعا، وقلت: بماذا تأمراني؟ قالا: رد عنا الطلب، فقلت: اكتبوا لي كتاب أمان، فقال صلى الله عليه وسالم لـعامر بن فهيرة : اكتب له، وقيل الذي كتب له أبو بكر على قطعة جلد أو على عظم، فوقف سراقة في مكانه ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه.وبعد فترة جاء الطلب من قريش فقال لهم: قد كفيتم هذه الجهة، اطلبوه في غيرها، وكل من لقيه كان يقول له: قد كفيت هذا الوجه فاطلبه في غيره. ومكث ثلاثة أيام ثم أخذ يحدث بما لقي وما صار له من فرسه، فسمع بذلك أبو جهل فأرسل يحذر بني جعشم أي: أهل سراقة ، وكان سراقة سيد قومه، فخاف إذا تفشت القصة عند الناس أن يعلم مكان رسول الله، وهذه معجزة.يقول ابن هشام وغيره عن سراقة : جاء في أول اليوم طالباً رسول الله وفي آخر اليوم مدافعاً عنه.فقال سراقة لـأبي جهل : والله يا أبا الحكم لو رأيت ما وقع لي ولفرسي لعلمت أن محمداً نبي حقاً، وقد علمت أن دينه منتشر ومنتصر.
 مرور النبي صلى الله عليه وسلم برعاة غنم
ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في طريقه، ومن الأحداث أيضاً أنه مر براعي غنم، فقال: (يا غلام! لمن أنت؟ قال: لرجل من أسلم، فالتفت صلى الله عليه وسلم لـأبي بكر وقال: سلمت يا أبا بكر ، ثم قال: ما اسمك؟ قال: مسعود ، قال: سعدت يا أبا بكر).فقال أبو بكر للغلام: أفي غنمك حلوب؟ قال: لا، قال: وهذه ما بالها؟ قال: هذه عنز كانت حاملاً وأسقطت حملها وليس فيها شيء، قال: فجاء بها ولمس ظهرها ومس ضرعها ودعا الله فحلب في قدح، وبعد أن حلب لمس الضرع فعاد كما كان، وجاء أبو بكر رضي الله عنه بهذا الحليب ومعه خرقة لتصفية الحليب من الشعر وتنظيفه، وهذا من العناية والخدمة من أبي بكر لرسول الله.قال: ثم أخذت الماء وصببته على ظهر القدح لأبرده، لأن القدح في الحر يصير حاراً فبرده وصب الحليب فيه، وكان رسول الله قد نام في ظل الشجرة، فانتظر حتى استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: اشرب يا رسول الله.ومشى ثم مر أيضاً بغلام أسود ومعه غنم، ونفس القضية في حلب الشاة، فلما رأى الغلام هذا قال: (من أنت؟ والله ما فعل ذلك رجل قبلك، قال: أو تكتم عليَّ إن أنا قلت لك؟ قال: نعم، قال: أنا محمد رسول الله، قال: أريد أن أتبعك، والله ما يفعل ذلك إلا نبي)، وكأن الرسول صلى الله عليه وسلم في طريق هجرته يضع رايات ومعالم لكل من جاء وراءه، وذلك بأفعاله، فيعلم بأن معالم الطريق كلها دالة على رسالته، وأنها هداية ومعجزات.وقد قلنا: إن معالم الطريق في الهجرة كلها دروس وعبر للعامي وطالب العلم، فحينما قال الغلام: (أريد أن أتبعك) لو كان رجلاً آخر لقال: أهلاً وسهلاً ومرحباً، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم قال له: (إنك لن تستطيع اليوم)، مع أنه كان أحوج ما يكون لرفيق ولمساعد، ولكن قال: (إنك لن تستطيع اليوم، ولكن انتظر في غنم قومك حتى تسمع بي قد ظهرت)، أي: إذا سمعت بأني قد وصلت وظهرت وأصبح لي أعوان وأنصار، وصار الدين والمسلمون أحراراً ففي تلك الساعة لك أن تتبعني، أما الآن فلا تعرض نفسك لأخطار، وهذا أسمى ما يمكن من مراعاة الحكمة في الدعوة ومراعاة أحوال الأفراد، والحكمة هي وضع الشيء في موضعه.ومضى صلى الله عليه وسلم فلقيهم الزبير وكان تاجراً ومعه قماش، فكساهما ثياباً بيضاً، وكذلك طلحة مروا عليه وأعطاهم وكساهم، ومضيا في طريق البر والخير حتى قدما إلى قباء يوم الإثنين قيل: أول ربيع الأول، وقيل: في نصفه، وقيل: في سبعة وعشرين منه.
 سبل انتشار الأخبار في القديم
كان من شأن أصحاب المدينة لما علموا بخروج النبي صلى الله عليه وسلم إليهم ما كان، ولكن من أين علموا؟الإعلام في الجاهلية أسرع من الإعلام اليوم، بمعنى: لو قسنا سرعة انتشار الخبر على وسائل المواصلات في ذلك الوقت لكان أسرع، الخبر اليوم يحصل في مكان من العالم وفي نصف ساعة يعم العالم كله؛ لأن وسائل النقل تنقل عبر الأثير، لكن في السابق كانت وسائل النقل إنما هي الإبل، وكانت وسائل الإعلام هي: الشعر، والخطابة، والكلمة التي تنقل الخبر.أما أهل مكة فقد سمعوا هاتفاً يهتف بهذا، ونرجع مرة أخرى للهاتف فقد نسينا أمراً ما: من أين جاء هذا الهاتف؟ تقول أسماء : رجل من الجن، وكأنهم كانوا معتادين مجيء هاتف يهتف، وهذا إما أن يكون فعلاً جنياً مؤمناً وإما أن يكون ملكاً.وقد تكررت هتافات مؤمني الجن بخصوص الإسلام في عدة مواقف منها هذا الموقف، ونحن نعلم بأن الجن قد آمنت عند عودة رسول الله من الطائف حينما رأته قائماً يصلي، كما قال: وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ [الأحقاف:29]، ومنهم من آمن، فلا مانع أن يكون هناك من مؤمني الجن من يتابع حالة رسولنا.وكذلك في غزوة بدر سمعوا ليلة الوقعة هاتفاً يهتف: ألا فاخرجوا إلى مصارعكم يا بني فلان، فيسمعون الصوت ولا يرون القائل.وقد حدث مثل هذا في انتقاله صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى، وذلك أنهم لما أرادوا أن يغسلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ترددوا، كيف نغسل رسول الله؟ هل نجرده كما نجرد موتانا؟ فألقى الله عليهم سنة من النوم وسمعوا من ركن البيت صوتاً يقول: غسلوا رسول الله ولا تجردوه.يذكر ابن كثير أيضاً: أنه في زمان عمر، لما كان سارية قائد الجيش في تركستان، كان عمر على المنبر يخطب، فإذا بالحاضرين يسمعون عمر يقطع الخطبة ويقول: يا سارية الجبل، ونجد البعض يشكك في هذه الرواية ويوردها على مقياس ليس مقياسها، ويزنها بميزان غير ميزانها، هل ميزان الحرارة يصلح لما يوزن بالكيلو جرام، أو ميزان الرطوبة يصلح في ميزان الحرارة، أو ميزان كثافة الحليب والدسم يصلح في ميزان الحرارة، أو مقياس ضغط الدم يصلح لقياس السكر في الدم؟ لا، فكل نوع له ميزانه الخاص.فخوارق العادات حينما تعرضها على مقياس العقل لا يمكن أن يصدقها، فبعضنا قال: كيف يمكن أن يراه عمر وهو في تركستان؟ وكيف يسمع الرجل هناك صوت عمر بدون تلغراف أو تليفون؟ولكن ما الذي يمنع أن يكون المولى سبحانه ينصر دينه ويعز جنده بأن يرسل إليهم هاتفاً يهتف، ويكون على صوت عمر ليسمعه الجيش ويلزم الجبل ويتحصن به حتى لا يأتيه العدو من ورائه، وما الذي يمنع الله سبحانه من أن يرسل إلى عمر أيضاً من يعلمه بالموقف فيقول عمر كلمته ويكلف الله من يحملها من الجن أو الملائكة، إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا [الأنفال:12]، إذاً: لا مانع إن صح الخبر، وإذا لم يصح يبقى كأخبار إسرائيلية أو أخبار تاريخية.
أحداث قباء
ومضى صلى الله عليه وسلم في طريقه إلى أن شارف المدينة، وقبل وصوله صلى الله عليه وسلم كان أهل المدينة يخرجون عن بكرة أبيهم إلى قباء، ينتظرون مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن تشتد عليهم الشمس فيعودون إلى بيوتهم.وفي يوم قدومه صلى الله عليه وسلم خرجوا على عاداتهم حتى إذا اشتد عليهم الحر رجعوا إلى بيوتهم، وإذا برجل يهودي على بيت له ينظر حاجة له، فيرى من يأتي مبيضاً يلوح به السراب، فعرف أنه محمد ومن معه، فنادى: يا بني قيلة! هذا جدكم الذي تنتظرون.وقيلة هي جدة الأوس والخزرج، وكانوا ينتسبون إليها، فلما سمعوه ينادي بهذا خرجوا عن بكرة أبيهم في سلاحهم.
 استقبال الأنصار للنبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه
وصل صلى الله عليه وسلم فرأى النخيل فجلس تحته، وقام أبو بكر بجواره، والناس يتوافدون عليهما، ومن لم يكن يعرف رسول الله من قبل يرى أبا بكر فيظنه هو فيسلم عليه، حتى أصبحت الشمس عمودية فقام أبو بكر بردائه يظلل رسول الله، فعرفوا رسول الله من صاحبه.وكان قد نزل أولاً على بني عمرو بن عوف ومكث هناك، وجاءه أهل المدينة والوافدون هناك في بني عمرو، وكان البيت موجوداً إلى العام الماضي حتى أزيل في توسعة ميدان مسجد قباء.نزل عنده صلى الله عليه وسلم، وكان بجانبه بيت أنصاري آخر يأتيه المهاجرون العزاب وينزلون عنده، ومن يأتي من المهاجرين بأسرهم أو بأولادهم ينزلون عليه. وصل الرسول يوم الإثنين وخرج يوم الجمعة التالية، وفي تلك الفترة التي قضاها بنى مسجد قباء.
 بشائر نصر الله لدينه
نحن هنا عند مشارف المدينة نقف وقفة طويلة، ونتأمل ما يمكن أن يسميه الإنسان: تفاؤلاً.الرسول تفاءل لما علم أن الراعي رجل من أسلم وقال لـأبي بكر : (سلمت) وتفاءل لما سمع أن اسم الراعي (مسعود) وقال: (سعدت)، ونحن نتفاءل، ولكن بأي شيء؟نعود إلى بداية الرحلة وإلى نهايتها، وإلى ما بين ذلك، فإن دليل الرحلة هو عبد الله بن أريقط وهو رجل مشرك، ولما قدم المدينة أعلن عن وصوله يهودي.فمن الفأل الحسن أن يكون الله سبحانه قد سخر الأعداء لخدمة رسوله صلى الله عليه وسلم، فالمشركون ممثلون في شخصية ابن أريقط وهو يقود الركب رغماً عن أنوفهم إلى المدينة، وها هم اليهود أعداء الإسلام والمسلمين بحقد وحسد هم الذين يعلنون مقدم رسول الله، فمن باب الفأل الحسن أن نقول: لقد سخر الله أعداء الإسلام والمسلمين لخدمة دينه ورسوله صلى الله عليه وسلم.أما النصارى فقد أمن جانبهم حينما ذهب المهاجرون الأولون إلى الحبشة، وما كان من أثر الهجرة الأولى إلى الحبشة بين يدي النجاشي يدل على هذا، وهذا النجاشي قد أعلن إسلامه وتصديقه لرسول الله، وقال: (لولا ما أنا فيه من الملك لوددت أن أخلص إلى محمد لأغسل التراب عن قدميه).تاج النصرانية على رأس النجاشي يطأطئ ليغسل التراب عن قدمي رسول الله، وها هي أصنام وأوثان الشرك تتكسر وتتحطم في ابن أريقط ليقود ركب الهجرة إلى المدينة، وهاهم اليهود الحاقدون الحاسدون هم الذين يعلنون عن وصول رسول الله إلى المدينة، إذاً: فالإسلام ظاهر على المشركين وعلى اليهود، وقد ظهر على النصرانية من قبل، فماذا بقي بعد ذلك؟ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا [الفتح:28].
 بناء المسجد بقباء
حينما وصل صلى الله عليه وسلم إلى قباء لم تنته الهجرة بعد؛ لأن قباء ليست هي المقر النهائي، وإنما نزل فيها مؤقتاً، وانظروا إلى أول عمل عمله النبي صلى الله عليه وسلم.. إنه بناء المسجد.ومما يذكرون في قصته: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من يركب الناقة، فقام رجل، فقال: اسمك؟ قال: اسمي كذا، قال: اجلس، حتى جاء اسم يرتضيه وركب وقال: أرخ لها زمامها، وقامت وخطت على مربع، وقال: خطوا على آثارها وأقيموا بناء المسجد).وكانت القبلة أول قدوم النبي المدينة إلى بيت المقدس، ثم بعد ذلك تحولت، وأراه جبريل الكعبة وهو يضع قبلة هذا المسجد النبوي الشريف.في قباء بُني المسجد، فكانت عناية النبي صلى الله عليه وسلم بادئ ذي بدء بالمسجد.لماذا؟لأن المسجد هو بيت الأمة ومحل اجتماع المسلمين، ومكان تشاورهم، وغير ذلك من الأمور التي سنؤجلها حتى يأتي الحديث عن المسجد النبوي إن شاء الله.ثم أخذ في طريقه -بعد أن وضع مسجد قباء- إلى المدينة أو يثرب، وهو اسمها الأول.ثم وهو في قباء سأل عن أبي أمامة قالوا: إنه في قومه، وكان بينه وبين بني عوف ما بين القبائل، ولا يستطيع أن يأتي وحده، فإذا به في الليل يدخل عليه أبو أمامة ، قال: (كيف خلصت وحدك في الليل وأنت حرب لهؤلاء القوم؟ قال: ما كان لي أن أسمع بقدوم رسول الله وأتأخر عنه فقال لبني عوف : أجيروا أبا أمامة) أي: اجعلوه في جواركم حتى يستطيع أن يذهب ويأتي، قالوا: أجره أنت يا رسول الله!انظروا يا إخوان! إنما يجير من القوم واحد منهم، فإذا بهم يضعون حقهم في الجوار لرسول الله وكأنه المسئول عنهم، قالوا: أنت تجير علينا، أي: ما دمت قد وصلتَ فليس لنا كلمة، وأنت الذي تتحكم في أنفسنا وأموالنا وأرواحنا.فأجاره رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن أول خطوة يجد رسول الله صلى الله عليه وسلم الالتحام من أهل المدينة.
 استقبال الأنصار للنبي صلى الله عليه وسلم بالعَدد والعُدد
ثم مضى في طريقه، وكانت قبائل المدينة تمتد مع الوادي من قباء إلى المدينة شمالاً، فكان كلما مر بحي من الأحياء يجد أهله في العَدَد والعُدَد يأخذون بزمام الناقة: هلم إلينا يا رسول الله، هلم إلى العَدَد والعُدَد والمنعة؛ لأنهم بايعوه عند العقبة على هذا.قبل مجيئه عليه السلام كانت المدينة منقسمة إلى قسمين، فقد استمرت الحروب فيما بينهم مائة سنة، والخمس سنوات التي سبقت مقدمة هي التي وضعت الحرب فيها أوزارها، وكانت الجروح لم تلتئم بعد، وهاهم الأوس والخزرج، أفينزل عند الأوس فيكون على حساب الخزرج، أم ينزل عند الخزرج فيكون على حساب الأوس، وهو إنما جاء ليجمع الجميع تحت راية واحدة؟!فإذا به وهو النبي المرسل الموحى إليه من ربه يقول لهم: (خلوا سبيلها فإنها مأمورة)، أي: خلوا سبيل الناقة.وهكذا كلما مرت بحي قال: خلوا سبيلها .. خلوا سبيلها، حتى أتت إلى أمام هذا المسجد وبركت، وهي في كل هذا مأمورة، ولم ينزل عنها ابتداءً حتى لا يقولوا: غمزها، بل بقي عليها، ثم نهضت وهم ينظرون، ثم دارت واستدارت وتلفتت، وكأن مهندساً يأخذ خارطة إلى محل معين ويتبع الخارطة ويتأكد من الموقع.فرجعت إلى المحل الأول وبركت ومدت عنقها كعلامة على النزول، فنزل صلى الله عليه وسلم عنها وقال: (هو المنزل إن شاء الله).كل القبائل تعرض عليه العَدَد والعُدَد والمنعة وهو يعتذر إليهم ويقول: إنها مأمورة، وأنا تبع لها، حتى لا يتحمل مسئولية نزوله وإكرامه قوماً على قوم، حتى إن أخواله بني النجار ليقولون: هلم إلى أخوالك، فقال: (خلوا سبيلها).ولما جاء إلى المحل الذي نزل فيه كان كل واحد يقول: عندي .. عندي، أما أبو أيوب فقد أخذ الرحل وأدخله بيته، فقال الرسول: (أين رحلي؟ قالوا: أدخله أبو أيوب ، قال: المرء مع رحله).والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
Admin
Admin
الشيخ محمدشوقى المدير العام

عدد المساهمات : 7498
نقاط : 25568
تاريخ التسجيل : 16/08/2011
العمر : 52
الموقع : https://www.facebook.com/profile.php?id=100001995123161

https://qqqq.forumegypt.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى