بحـث
الشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المواضيع الأخيرة
نوفمبر 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | |||||
3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 |
10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 |
17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 |
24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
الحمدلله على نعمة الاسلام
ايها الاخوه الدعاه الى الله وكذا جميع الزائرين والزائرات مرحبا بكم واهلا نتمنى من الله ان نكون عند حسن ظنكم جميا والله الموفق الى الخير وهو حسبنا ونعم الوكيلالشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 26 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 26 زائر لا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 76 بتاريخ الأربعاء 30 أكتوبر 2024, 11:01 pm
لباس المرأة المسلمة لا يكون شرعياً إلا بضوابط عدة وهي :
صفحة 1 من اصل 1
لباس المرأة المسلمة لا يكون شرعياً إلا بضوابط عدة وهي :
أولاً : ألا يشبه لباس الكفار :
ـ ففي الحديث عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال:"رأىرسول الله صلى الله عليه وسلم
علي ثوبين معصفرين فقال : إن هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها " .[2]
والمُعَصْفَر من الثياب هي المصبوغة بعصفر .[3] وصبغ الثياب به يجعلها صفراء اللون أو حمراء. [4]
ـ وفي الحديث كذلك " من تشبه بقوم فهو منهم " . [5]
قال ابن تيمية في كتابه اقتضاء الصراط المستقيم : ( وهذا الحديث أقل أحواله أن يقتضي التحريم التشبه بهم ، وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم ، كما في قوله تعالى : { ومن يتولهم منكم فإنه منهم }. [6]
ثم قال : وقد يحمل هذا على التشبه المطلق ، وهو يوجب الكفر ، ويقتضي تحريم أبعاض ذلك ، وقد يحمل على أنه منهم في القدر المشترك الذي شابههم فيه فإن كان كفراً أو معصية أو شعاراً لها كان حكمه كذلك ) . [7]
(وقال الصنعاني في سبل السلام : والحديث دال على أن من تشبه بالفساق كان منهم ، أو الكفار أو المبتدعة في أي شيء مما يختصون به من ملبوس أو مركوب أو هيئة [8].
وقال بعض أهل العلم : لو خُصّ أهل الفسوق والمجون بلباس ، منع لبسه لغيرهم فقد يظن به من أنه منهم فيظن به ظن السوء فيأثم الظّان والمظنون فيه بسبب العون عليه. [9]
ومن هنا يبرز سؤال قد يدور في بال كثير ممن علم النهي عن التشبه أو سمع بحديث المصطفى صلى الله عليه وسلم الوارد في النهي عن التشبه وهو : هل التشبه بالكفار ونحوهم يكون بمجرد مشابهتهم حتى فيما ليس من خصائصهم أم أن التشبه يكون فقط فيما خصّوا به من زي أو عادات أو سلوك ... وغير ذلك ؟
والجواب: أن الأمور التي هي ليست من خصائص الكفار ولامن عقائدهم ولامن عاداتهم ولامن عباداتهم ،ولم تعارض نصاً أو أصلاً شرعياً ولم تترتب عليها مفسدة فليست هي من التشبه وإن ما نتشر بين المسلمين وأصبح أمراً لا يتميز به الكفار فليس محرماً لأجل التشبه إلا أن يكون محرماً من جهة أخرى . [10]
وقال ابن حجر في تعليقه على حديث بمثل هذا المعنى : وإن قلنا النهي عنها ـ أي عن مثل تلك الملبوسات ـ من أجل التشبه بالأعاجم فهو لمصلحة دينية ، لكن كان ذلك شعارهم حينئذ وهم كفار ، ثم لما لم يصر الآن مختص بشعارهم زال ذلك المعنى فتزول الكراهة . [11]
فهاهو ابن حجر رحمه الله وهو من في سعة علمه ودقة فهمه يبين أن ما كان مختصاً بشعار الكفار لايجوز لبسه لكن إن زال ذلك الاختصاص جاز اللبس .
وجاء في المفصل في أحكام المرأة : وعلى هذا لا يجوز للمسلمة أن تتشبه بالمرأة غير المسلمة إذا كان هذا التشبه فيما تختص به المرأة غير المسلمة دون المرأة المسلمة مثل بعض أزيائهم في اللباس ونحوه .
ثم قال : لئلا تجر هذه المشابهة ـ أي اللباس ونحوه ـ إلى المشابهة بما يستحسنون أو يستقبحون مما هو مخالف للشرع ، وقد تتعمق المشابهة في هذه الأمور الظاهرية من لباس وعادات فتجر إلى استحسان ما عندهم من عقائد باطلة ، وفي هذا إثم عظيم قد يؤدي إلى الانسلاخ من الإسلام . [12]
وهذا مطابقٌ لما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية وقد ذكرته آنفاً .
إذاً يتضح من خلال ما ذكرته في هذا الضابط بأن الألبسة التي تأتي من الغرب وتصمم في دور أزيائهم يجوز أن تلبسها نساء المسلمين إذا وافقت الضوابط الشرعية الأخرى للباس ـ والتي سأذكرها لاحقاً ـ مادامت تلك الألبسة غير مختصة بهم وليس بها شيء من عباداتهم وعقائدهم الفاسدة كالصليب وغيره أو عاداتهم المنحرفة ككتابة عبارات ماجنة على الألبسة ونحو ذلك . مع مراعاة الاعتدال في الملبس وعدم التفاخر به أو الإسراف في قيمته لقوله صلى الله عليه وسلم " كلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا في غير إسراف ولا مخيلة " . [13]
الضابط الثاني : ألا يكون مشابهاً للباس الرجل :
والأصل فيه ما استفاض عن النبي صلى الله عليه وسلم في السنة النبوية من لعن المتشبهات من النساء بالرجال والمتشبهين من الرجال بالنساء ومنه :
ـ عن ابن عمر رضي الله عنه " لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال " .[14]
ـ وعن عائشة رضي الله عنها قالت : " لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرَّجُلة من النساء ".[15]
والرَّجُلة من النساء أي : المُترجِّلة يعني التي تتشبه بالرجال في زيّهم وهيأتهم . [16]
وضابط التشبه كما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في فتاويه : أن اللباس إذا كان غالبه لبس الرجال نهيت عنه المرأة ، والنهي يتغير بتغير العادات . [17]
وبيّن رحمه الله تعالى في موضع آخر أن المشابهة في الأمور الظاهرة تورث تناسباً وتشابهاً في الأخلاق والأعمال . [18]
ولعل هذا من الحكمة التي في أجلها نهي عن تشبه أحد الجنسين بالآخر لأنه يغير ماجُبلت عليه نفس وطباع كل منهما .
ومن هنا يعلم بأن ما تفعله بعض فتياتنا اليوم من لبس ما يُسمى بالبنطال وهو من لباس الرجال عادة وإذا كان على هيئة تحاكي هيئتهم ، أو لبس الأحذية الرجالية المظهر ... ونحو ذلك فهو من تشبهها بالرجال ، لذا يخشى عليها أن تكون ممن يدخلن في الأحاديث المذكورة آنفاً ـ أعاذنا الله تعالى ونساء المسلمين من ذلك ـ .
وجاء في المفصل في أحكام المرأة : فإذا لبست المرأة (السروال ) كما يلبسه الرجل في وقتنا الحاضر دون أن تلبس فوقه ثياباً أو جلباباً فهذا لا يجوز، لأن سراويلات الرجل عادة ضيقة وتصف أعضاءه فيكون لبسها هذا تشبهاً بلباس الرجل . [19]
الضابط الثالث : ألا يكون لباس شهرة :
والمقصود بالشُهرة في اللغة : وضوح الأمر ، تقول : شَهَرْت الأمر شُهْرة فاشتهر ، وشَهَّرْته تشهيراً . [20]
وقيل : ظهور الشيء أو انتشاره . [21] وكلاهما بمعنى واحد .
وعليه فإن ثوب الشهرة هو ثوب يشتهر به لابسه بين الناس . [22]أي يتميز به بينهم . وسبب هذه الشهرة يختلف فقد يكون لارتدائه الفاخر من اللباس المرتفع في غاية أو الترذل الدنيء في غاية . [23] وقد عبّر شيخ الإسلام ابن تيمية عن ذلك حين عرّف الشهرة في الثوب بأنه المترفع الخارج عن العادة والمنخفض الخارج عن العادة ، ثم قال : وخيار الأمور أوساطها . [24]
وقيل : لأنه خالف زي بلده .[25]
أو المخالفة لونه لألوان ثيابهم . [26]
والشهرة في الثياب محرمة وقيل مكروهة ، وقد تصل للتحريم إذا كان ذلك بقصد الخيلاء أو العجب والتكبر. [27]
ودليل ذلك : حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي رواه ابن عمر رضي الله عنه " من لبس ثوب شهرة في الدنيا ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة " . [28]
فإذا كان اللبس لقصد الاشتهار فلا فرق بين رفيع الثياب ووضيعها ، والموافق لملبوس الناس والمخالف لأن التحريم يدور مع الاشتهار ، والمعتبر القصد وإن لم يطابق الواقع .[29]
ومما يجدد التنبيه إليه : أن المسلم حينما يحرص على تجنب ثوب الشهرة فإن ذلك لا يعني تخليه عن التجمل والتزين فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية : والفعل الواحد في الظاهر يُثاب الإنسان على فعله مع النية الصالحة ويعاقب على فعله مع النية الفاسدة، فمن ترك جميل الثياب بخلاً بالمال لم يكن له أجر ، ومن لبس جميل الثياب إظهاراً لنعمة الله واستعانة على طاعة الله كان مأجوراً ومن لبسه فخراً وخيلاء كان آثماً ،
فإن الله لا يحب كل مختالٍ فخور . [30]
وقد ذكر مؤلف المفصل في أحكام المرأة نقلاً عن الإمام الآلوسي [31] في تفسيره ما كان عليه بعض نساء زمانه من اللباس وعدّه المؤلف من لباس الشهرة ، فقد قال الآلوسي : ثم اعلم أن عندي مما يلحق بالزينة المنهي عن إبدائها ، ما يلبسه أكثر مترفات النساء في زماننا فوق الثياب ويتسترن به إذا خرجن من بيوتهن ، وهو غطاء منسوج من حرير ذي عدة ألوان ، وفيه من النقوش الذهبية أو الفضية مايبهر العيون ، وأرى أن تمكين أزواجهن ونحوهم لهن من الخروج بذلك ومشيهن به بين الأجانب من قلة الغيرة وقد عمّت البلوى بذلك .[32]
فسبحان الله كأن الإمام الآلوسي وهو قد توفي عام 1270هـ ـ أي قبل مائة وستين عاماً تقريباً ـ يصف ما عليه بعض نسائنا من لبس تلك العباءات المزركشة والملونة والتي كما قال تبهر العيون ، والتي تختال بها لابستها بين الرجال فترتفع إليهن الأبصار وتشرئب نحوهن الأعناق هدانا الله تعالى وإياهن .
وإن كنت أرى أن ذلك لا يُعد من لباس الشهرة تماماً بل هو من الحجاب الذي هو زينة في نفسه ، وهو ممنوع شرعاً كذلك لأنه ينافي الستر والاحتشام ـ وسيأتي لاحقاً ـ .
الضابط الرابع : ألا يصف العورة : ويندرج تحت هذا الضابط عدة مسائل :
أولاً : بيان معنى العورة :
والعورة في اللغة مأخوذ من العَوار بالفتح والتخفيف : العيب ، والضم لغة .[33]
وعورت العين عوراً : نقصت أو غارت ، ومنه قيل : كلمة عوراء ؛ لقبحها ، وقيل : للسَّوْءة : عورة ؛ لقبح النظر إليها .
فالعورة : هي كل شيء يستره الإنسان أنَفه وحياء . [34]
أو هي كل ما يُستحيا من إذا ظهر . [35]
ومن ضوابط اللباس الشرعي : ألا يصف العورة والمقصود ألا يصفها لوناً ، وكذا حجماً وشكلاً ، أي لا يشفّ ولا يصف .
والدليل :
ـ أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كسا الناس القباطي ، ثم قال : لا تدرعها نساؤكم ، فقال رجل : يا أمير المؤمنين ، قد ألبستها امرأتي ، فأقبلت في البيت وأدبرت فلم أره يشف ، فقال عمر : إن لم يشف فإنه يصف . [36]
والقباطي : جمع قُبْطية ، وهو الثوب من ثياب مِصْر رقيقة بيضاء ، وكأنه منسوب إلى القِبط وهم أهل مصر .[37] أي أن القباطي ثياب رقاق ضعيفة النسج فإذا لبستها المرأة لصقت بأردافها فوصفتها . [38]
والثوب الشفيف : هو الذي يستشف ماوراءه أي يُرى ماتحته لرقته . [39]
أو هو الثوب الرقيق الذي إن لم يبن منه الجسد لوناً فإنه لرقته يصف البدن فيظهر منه حجم الأعضاء . [40]
ـ وورد في وجوب ستر الثوب لحجم البدن كي لايصفه أيضاً ما رواه أسامة بن زيد رضي الله عنه حيث قال : كساني رسول الله صلى الله عليه وسلم قبطية كثيفة ، كانت مما أهدى له دحية الكلبي ، فكسوتها امرأتي فقال : مُرها أن تجعل تحتها غلالة ، فإني أخاف أن تصف حجم عظامها . [41]
والغِلالة بكسر الغين شِعار يُلبس تحت الثوب .[42] وهو يشبه ما يُسمى اليوم بالثياب الداخلية .[43]
قال الشوكاني في نيل الأوطار : والحديث يدل على أنه يجب على المرأة أن تستر بدنها بثوب لايصفه وهذا شرط ساتر للعورة وإنما أمر بالثوب تحته لأن القباطي ثياب رقيق لاتستر البشرة عن رؤية الناظر بل تصفها .[44]
ـ ومما يستشهد لهذا الشرط أيضاً ماورد في الحديث الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " صنفان من أهل النار لم أرهما ... وذكر منهما ونساء كاسيات عاريات ....... " إلى آخر الحديث . [45]
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وقد فُسِّر قوله (كاسيات عاريات ) بأن تكتسي مالا يسترها فهي كاسية وهي في الحقيقة عارية مثل منْ تكتسي الثوب الرقيق الذي يصف بشرتها ، أو الثوب الضيق الذي يبدي تقاطيع خلقها مثل عجيزتها وساعدها ونحو ذلك . وإنما كسوة المرأة مايسترها فلا يبدي جسمها ولاحجم أعضائها لكونه كثيفاً واسعاً . [46]
وقال النووي في شرحه على صحيح مسلم : وقيل : معناه تستر بعض بدنها وتكشف بعضه إظهاراً لجمالها ونحوه ، وقيل : تلبس ثوباً رقيقاً يصف لون بدنها .[47]
ثانيًا : حد عورة المرأة أمام المرأة :
فإذاً يحرم من اللباس ماوصف العورة لوناً أو حجماً ، لذا ينبغي أن نعرف ماهو حد عورة المرأة ؟ وذلك أمام المرأة أولاً ثم أمام محارمها ، وفي المبحث الذي يليه حدّها أمام الرجال الأجانب .
ـ أما بالنسبة لعورة المرأة أمام المرأة فقد بيّن الفقهاء أن كل مايحل للرجل أن ينظر إليه من الرجل يحل للمرأة أن تنظر إليه من المرأة ، وكل مالايحل له لايحل لها ، وجمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والصحيح من مذهب الحنابلة على أن مابين السرة والركبة عورة ، على خلاف هل تدخل السرة والركبة في حدها أم لا. فالجمهور منهم على عدم دخولها خلافاً للحنفية إذ ْ الركبة لديهم عورة بخلاف السرة. [48]
وهناك بعض الأقوال الفقهية المخالفة لما عليه الجمهور والتي أجازت أو حرّمت غير ذلك .
ـ ومنها قول الظاهرية وهو رواية أخرى عن الإمام أحمد أنه يجوز النظر إلى ماعدا السوأتين : القبل والدبر .
واستدل ابن حزم بقوله تعالى : { ولايبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن ..... أو نسائهن ْ} .فقال: أن الله تعالى قد ساوى بين البعولة والنساء والأطفال وسائر من ذكروا في الآية فجاز أن تُري الزينة الباطنة لهؤلاء إلا مالا خلاف فيه من أنه لا يحل لغير الزوج النظر إليه من الفرج والدبر . [49]
ـ ويرد عليه أن الآية كما ذكر في استدلاله قد ساوت كل من ذُكِر في جواز إبداء الزينة الباطنة لهم دون استثناء ، فلماذا إذاً استثنى الزوج وحده في جواز النظر إلى السوأتين ( الفرج والدبر ) دون غيره ، فهو قد جزم بذلك لاطلاعه على أدلة أخرى غير هذه الآية ، وكذلك من قال بتحديد مايُباح للمذكورين في الآية من النظر لاشك أنهم فهموه من أدلة أخرى غير تلك الآية الكريمة ـ كما سأبين لاحقاً ـ لذا لم يسلم احتجاجه بها على ماذكر ـ والله أعلم ـ .
ـ ومنها قول : أن نظر المرأة إلى المرأة كنظر الرجل إلى ذوات محارمه حتى لايُباح له النظر إلى ظهرها وبطنها . ذكره السرخسي في مبسوطه ولم ينسبه لأحد . [50]
ـ واستدلوا : بحديث ابن عمر رضي الله عنه "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن دخول الحمامات بمئزر وبغير مئزر" . [51]
وردّ عليهم بقوله : المراد منع النساء من الخروج والقرار في البيوت . [52]
وقد استدل جمهور الفقهاء لصحة ماذهبوا إليه بعدة أدلة أهمها :
1ـ قوله صلى الله عليه وسلم " أسفل السرة وفوق الركبتين من العورة . " [53]
فدل على أن مافوق السرة وما تحت الركبة ليس بعورة إذا كان النظر بين متجانسين .
2ـ وجاء أيضاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي رضي الله عنه : " لاتكشف فخذك ، ولا تنظر إلى فخذ حي ولاميت " . [54]
3ـ وعن جرهد الأسلمي قال : مرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليّ بردة وقد انكشفت فخذي ، فقال : " غط فخذك فإن الفخذ عورة " .
والحديثان صريحان في الدلالة على قولهم .
4ـ أن الشهوة في نظر المرأة للمرأة منعدمة لوجود المجانسة ، كما أن الضرورة قد تحققت إلى الانكشاف فيما بينهن كما في الحمامات وغيرها .
وبذا يتضح صحة ماذهب إليه الجمهور من أن عورة المرأة بالنسبة للمرأة كعورة الرجل أمام الرجل .
لكن ثمة ما ينبغي التنبيه إليه كون أن البحث في موضوع اللباس الشرعي للمرأة وهو أن حد عورة المرأة بالنسبة للمرأة ما تبين سابقاً لكن ذلك لا يعني كشف ما عداها أمام النساء فإن ذلك لا يستسيغه عقل ولا يوافقه عرف ، بل إن المرأة لا تظهر أمام المرأة إلا ما تعارف النساء المحتشمات على إظهاره ، فالمطلوب من المرأة الاحتشام والحياء ، وجواز النظر للعورة ينبغي أن يُقتصر فيه على الحاجة أو الضرورة كأن تكون ترضع طفلها أمام النساء فيظهر ثديها أو أن تكشف جزءاً من جسمها لتريهم شيئاً ما تقتضي الحاجة النظر إليه ونحو ذلك ،أما أن تخرج إليهن ابتداءً بملابس لاتستر العورة أوقريباً منها أو مكشوفة الصدر أو البطن أو الظهر فهذا لم يقل به أحد ولم تعرفه نساء المسلمين قط وإنما ابتليت به بعض النساء تتبعاً لملابس نساء الغرب حذو القذة بالقذة .
ويمكن أن يقال أيضاً أن مثل هذا التكشف بلبس تلك الألبسة قد يثير الفتنة ببعضهن البعض ـ والعياذ بالله ـ فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية أثناء حديثه عن الحجاب والزينة مما يتعلق بهما : وكذلك المرأة ... متى كان يخاف الفتنة عليها توجه الاحتجاب بل وجب . [55]
وقال في موضع آخر : والنظر المنهي عنه هو نظر العورات ونظر الشهوات وإن لم تكن من العورات . [56]
فلتتق الله تلك المرأة التي لا تبالي بما ظهر منها أو استتر بزعمها مادامت قد استترت عورتها أمام النساء ، فربما أدخلت عليهن من الفتنة بها والشرور ما الله به عليم .
ومن تلك الألبسة التي انتشرت بين النساء أيضاً ذلك البنطال الضيق الذي يصف حجم العجيزة والفخذين فهي وإن سترت عورتها بما لا يشف لكنه يصف وهو محرم بلا شك ، ويمكنها إن أرادت ارتداء هذا اللباس أن ترتدي فوقه قميصاً واسعاً طويلاً يغطي مافوق الركبتين لتستر عورتها حجماً ، ولكي لاتتشبه بلبسه على تلك الهيئة بالرجل ـ كما أسلفت سابقاً ـ .
ويعضد ما قلته نقلاً عن العلماء المتقدمين بعض فتاوى علمائنا المعاصرين رحمهم الله أجمعين ومنها :
سؤال لفضيلة الشيخ الفوزان وهو: أن كثيراً من النساء يذكرن أن عورة المرأة من المرأة هي من السرة إلى الركبة ، فبعضهن لايترددن في ارتداء الملابس الضيقة جدّاً أو المفتوحة لتظهر أجزاء كبيرة من الصدر واليدين ؛ فما تعليقكم ؟
أجاب فضيلته : مطلوب من المسلمة الاحتشام والحياء ، وأن تكون قدوة حسنة لأخواتها من النساء ، وأن لا تكشف عند النساء إلا ما جرت عادة المسلمات الملتزمات بكشفه فيما بينهن ، هذا هو الأولى والأحوط ؛ لأن التساهل في كشف مالا داعي لكشفه قد يبعث على التساهل ويجر إلى السفور المحرم . والله أعلم .
وأجاب في سؤال آخر عندما سُئل عن لبس الملابس الضيقة للنساء بقوله: لاشك أن لبس المرأة للشيء الضيق الذي يبين مفاتن جسمها لا يجوز إلا عند زوجها فقط ، أما عند غير زوجها ؛ فلا يجوز ، حتى ولو كان بحضرة نساء ؛ لأنها تكون قدوة سيئة لغيرها ، إذا رأينها تلبس هذا ؛ يقتدين بها ، وأيضاً ؛ هي مأمورة بستر عورتها بالضافي والساتر عن كل أحد ؛ إلا عن زوجها ، تستر عورتها عن النساء كما تسترها عن الرجال ؛ إلا ماجرت العادة بكشفه عن النساء ؛ كالوجه واليدين والقدمين؛ مما تدعو الحاجة إلى كشفه .
ولا يجوز للمرأة أن تلبس القصير من الثياب أمام أولادها ومحارمها ، ولا تكشف عندهم إلا ما جرت العادة بكشفه مما ليس فيه فتنة ، وإنما تلبس القصير عند زوجها فقط . [57]
وبذا يتبين أن على المرأة أن تقتصر على ما كانت تعرفه نساء السلف وما تعارف عليه النساء المحتشمات ، فلا ترتدي الضيق الذي يصف العورة ولا القصير الذي يظهر أعالي ساقيها أو ذا الأكمام القصيرة فتظهر أعلى جسمها وأكتافها ونحو ذلك .
ثالثاً : حد عورة المرأة أمام محارمها :
وأما عورة المرأة أمام محارمها[58] فقد اختلف فيها العلماء على عدة أقوال أبرزها :
1ـ أنه يجوز للرجل أن ينظر من ذوات محارمه إلى ما يظهر غالباً كالرقبة والرأس والكفين والقدمين ونحو ذلك . وليس له النظر إلى ما يُستر غالباً كالصدر والظهر ونحوهما .
وهذا هو قول الجمهور من المالكية والحنابلة ووجه عند الشافعية حيث قالوا : وله نظر مايبدو منها في المهنة فقط ـ أي الخدمة ـ كالوجه والرأس والعنق واليد إلى المرفق والرجل إلى الركبة . [59]
وتوسع الحنفية فقالوا : ينظر إلى ماعدا مابين السرة إلى الركبة،والظهر والبطن . [60]
وهذه الأعضاء مما تستر غالباً ، فمؤدى قولهم ـ في نظري ـ قريب من قول الجمهور.
2ـ أما المذهب عند الشافعية فهو أن عورة المرأة بالنسبة لمحارمها مابين السرة إلى الركبة أي كعورتها أمام المرأة وكعورة الرجل أمام الرجل . وهو قول القاضي أبي يعلى من الحنابلة . [61]
واستدل الجمهور بأدلة عديدة منها :
1ـ قوله تعالى : { ولايبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو أبنائهن ... } .[62]
2ـ قوله تعالى : { لاجناح عليهن في آبائهن أو أبنائهن ... } .[63]
وجه الدلالة من الآيتين : أن الله تعالى استثنى من تحريم إبداء الزينة للرجال الأجانب من ذكرهم في هاتين الآيتين الكريمتين فدلّ على أن حكمهم مختلف ، وجاز للمرأة أن تبدي لهم مايظهر منها غالباً . [64]
3ـ وعن سهلة بنت سهيل رضي الله عنها أنها قالت : يا رسول الله إنا كنا نرى سالماً ولداً ، وكان يأوي معي ومع أبي حذيفة في بيت واحد ، ويراني فُضُلاً ، وقد أنزل الله تعالى فيهم ما علمت فكيف ترى فيه ؟ فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : " أرضعيه " ، فأرضعته خمس رضعات ، فكان بمنزلة ولدها. [65]
وجه الدلالة : هذا دليل على أنه كان ينظر منها إلى ما يظهر غالباً ، فإنها قالت : يراني فُضُلاً ، ومعناه في ثياب البذلة (2) التي لا تستر أطرافها ، فكان يراها كذلك إذ اعتقدته ولداً ، ثم دلّهم النبي صلى الله عليه وسلم على ما يستديمون به ما كانوا يعتقدونه ويفعلونه .[66]
4ـ ولأن التحرز من هذا لا يمكن ، فأبيح كالوجه ، ومالا يظهر غالباً لا يباح ؛ لأن الحاجة لا تدعو إلى نظره ، ولا تؤمن معه الشهوة ومواقعة المحظور ، فحُرِّم النظر إليه كما تحت السرة . [67]
واستدل الحنفية بغالب ما استدل به الجمهور إلا أنهم قالوا في قوله تعالى : { ولايبدين زينتهن إلا لبعولتهن ...} ، المراد : موضع الزينة وهي الرأس والشعر والعنق والصدر والعضد والساعد والكف والساق والرجل ، وهذه المواضع تُزيّن عادة بأنواع من الحلي فجاز إبداؤها لمنْ ذُكر في هذه الآية ، بخلاف الظهر والبطن والفخذ لأنها ليست بمواضع الزينة . [68]
ويمكن أن يُرد على استدلالهم بما ذكروه دليلاً لهم على مذهبهم وهو قولهم : ولأن المحارم يدخل بعضهم على بعض من غير استئذان ولا حشمة والمرأة في بيتها تكون في ثياب مهنتها عادة ولا تكون مستترة ، فلو أمرها بالتستر من ذوي محارمها أدى إلى الحرج .[69]
وهذا صحيح لذا يقال: فما الحاجة إذاً لأن تكشف عن مواضع أخرى من بدنها تستحي المرأة عادة أن تبديها لغير زوجها ، فالمرأة السليمة الطباع جُبلت على الحياء والاحتشام .
أما الآية فقد أجازت للمحارم أن يروا من زينة المرأة مالا يراها الأجانب لاستحالة النكاح فيما بينهم ولدفع الحرج عن المرأة لكثرة مخالطتها لهم فيقتصر على ما تندفع الحاجة به وتؤمن معه الفتنة .
وأما الشافعية فقد استدلوا لمذهبهم بدليل عقلي وهو: أن المحرمية معنى يوجب حرمة المناكحة فكانا كالرجلين والمرأتين ، فيجوز النظر إلى السرة والركبة ، لأنهما ليسا بعورة بالنسبة لنظر المحرم . [70]
لكن يُرد عليهم بأنه قياس مع الفارق ، ذلك لأن عورة المرأة مع المرأة أو عورة الرجل مع الرجل ليس لأجل حرمة المناكحة فقط بل لوجود المجانسة التي تنتفي معها الشهوة غالباً وليس كذلك في حال اختلاف الجنس ، كما أن الضرورة متحققة إلى الانكشاف في حال اتحاد الجنس ـ كما سبق ـ ، ولا ضرورة لذلك فيما بين المرأة ومحارمها .
وبذا يتبين رجحان قول الجمهور القائل بأن للمرأة أن تبدي أمام محارمها مايظهر منها غالباً ولا حاجة لإبداء ماعدا ذلك ـ والله أعلم ـ
مواضيع مماثلة
» ضوابط لباس المرأة المسلمة
» شروط لباس المرأة المسلمة
» حدود وضوابط لباس المرأة أمام محارمها وأمام النساء
» طريق المرأة المسلمة
» هل على المرأة المسلمة أن تغطي وجهها في حضرة الرجل الشاذ ؟
» شروط لباس المرأة المسلمة
» حدود وضوابط لباس المرأة أمام محارمها وأمام النساء
» طريق المرأة المسلمة
» هل على المرأة المسلمة أن تغطي وجهها في حضرة الرجل الشاذ ؟
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة 21 يونيو 2024, 12:25 am من طرف Admin
» هل الانجيل محرف
الأربعاء 19 يونيو 2024, 2:34 pm من طرف Admin
» شبهات النصاري زواج ام المؤمنين عائشه،
الإثنين 17 يونيو 2024, 10:30 am من طرف Admin
» الفرق بين السنه والفقه
السبت 11 مايو 2024, 11:23 pm من طرف Admin
» كيف عرفت انه نبي..
الجمعة 26 أبريل 2024, 5:40 am من طرف Admin
» موضوع هل يدخل الجنه غير المسلمين،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:48 am من طرف Admin
» التدرج في التشريع
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:43 am من طرف Admin
» كتب عليكم الصيام،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:41 am من طرف Admin
» اقوال العلماء في تفسير ايه الحجاب،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:40 am من طرف Admin