بحـث
الشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المواضيع الأخيرة
نوفمبر 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | |||||
3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 |
10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 |
17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 |
24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
الحمدلله على نعمة الاسلام
ايها الاخوه الدعاه الى الله وكذا جميع الزائرين والزائرات مرحبا بكم واهلا نتمنى من الله ان نكون عند حسن ظنكم جميا والله الموفق الى الخير وهو حسبنا ونعم الوكيلالشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 4 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 4 زائر لا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 76 بتاريخ الأربعاء 30 أكتوبر 2024, 11:01 pm
هجرة الى المدينه 7
صفحة 1 من اصل 1
هجرة الى المدينه 7
وركب حمارا وانطلق المسلمون يمشون معه، فلما أتاه النبي قال له: إليك عني، والله لقد آذاني نتن حمارك، فقال رجل من الأنصار: والله لحمار رسول الله أطيب ريحا منك، فغضب لعبدالله رجل من قومه فشتمه، فغضب لكل واحد منهما أصحابه، فكان بينهما ضرب بالجريد، والأيدي والنعال، فنزل {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما} كذا في البخاري.
وفيه أيضا «أن رسول الله مرّ على بن أبي ابن سلول وهو في جماعة فقال ابن أبيّ: لقد عثا ابن أبي كبشة في هذه البلاد، فسمعها ابنه عبدالله ، فاستأذن رسول الله أن يأتيه برأسه، فقال له لا، ولكن برّ أباك» وكان ابن أبيّ جميل الصورة ممتلىء الجسم، فصيح اللسان، وهو المعنيّ بقوله تعالى {وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم} الآية، ولكونه متبوعا جيء فيه بصيغة الجمع.
وعن الزهري «أخبرني عروة بن أسامة بن زيد أن رسول الله ركب حمارا على إكاف وأردف أسامة وراءه يعود سعد بن عبادة في بني الحارث بن الخزرج قبل وقعة بدر حتى مرّ بمجلس فيه عبدالله بن أبي ابن سلول وذلك قبل إن يسلم عبدالله بن أبي ابن سلول، فإذا في المجلس أخلاط من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان واليهود، وفي المسلمين عبدالله بن رواحة فثار غبار من مشي الحمار، فخمر ابن أبيّ أنفه بردائه، ثم قال: لا تغبروا علينا؛ فسلم رسول الله عليهم ثم نزل ودعاهم إلى الله وقرأ عليهم القرآن. فقال ابن أبيّ: أيها المرء إنه لا أحسن مما تقول إن كان حقا فلا تؤذينا به في مجالسنا، ارجع إلى رحلك، فمن جاءك فاقصص عليه، فقال عبدالله بن رواحة: بلى يا رسول الله فاغشنا فإنا نحب ذلك، واستبّ المسلمون والمشركون واليهود حتى كادوا يتبادرون، فلم يزل رسول الله يخفضهم حتى سكنوا، ثم ركب رسول الله دابته حتى دخل على سعد بن عبادة، فقال رسول الله : يا سعد ألم تسمع ما قال أبو حباب يعني ابن أبيّ، قال كذا وكذا، فقال سعد بن عبادة: يا رسول الله اعف عنه واصفح، فوالله الذي أنزل عليك الكتاب لقد جاء الله بالحق الذي أنزل عليك وقد اصطلح أهل هذه البحيرة على أن يتوّجوه فيعصبوه بالعصابة، فلما ردّ بالحق الذي أعطاك الله شرق، فذلك الذي فعل به ما رأيت، فعفا عنه رسول الله » والله أعلم.
ومكث ببيت أبي أيوب إلى أن بني المسجد وبعض مساكنه، وقد مكث في بناء ذلك من شهر ربيع الأول إلى شهر صفر من السنة القابلة، أي وذلك اثنا عشر شهرا: وقيل مكث ببيت أبي أيوب سبعة أشهر.
«قال ولما تحول رسول الله من بين عمرو بن عوف إلى المدينة تحول المهاجرون» أي غالبهم أخذا مما يأتي «فتنافس فيهم الأنصار أن ينزلوا عليهم حتى اقترعوا فيهم بالسهمان، فما نزل أحد من المهاجرين على أحد من الأنصار إلا بقرعة بينهم. فكان المهاجرون في دور الأنصار وأموالهم» ا هـ.
وكان من جملة محل مسجده مسجد لأبي أمامة أسعد بن زرارة ، وكان أبو أمامة يجمع فيه بمن يليه، بناه في بعض مربد للتمر لسهل وسهيل: أي يجفف فيه التمر، ويرادف المربد الجرين والمسطح والبيدر: وهو ما يبسط فيه الزرع أو التمر للتجفيف.
«وكان رسول الله يصلي في ذلك المسجد، قال: فعن أمّ زيد بن ثابت أنها قالت: رأيت أسعد بن زرارة قبل أن يقدم رسول الله المدينة يصلي بالناس الصلوات الخمس ويجمع بهم في مسجد بناه في مربد سهل وسهيل، قالت: فكأني أنظر إلى رسول الله لما قدم وصلى بهم في ذلك المسجد وبناه» أي مع إدخال بقية ذلك المربد فهو مسجده.
وحينئذ لا يخالف ذلك قول الحافظ بن الدمياطي عن الزهري قال «بركت ناقة رسول الله عند موضع مسجد رسول الله، وهو يومئذٍ يصلي فيه رجال من المسلمين قبل قدومه، وكان مربدا لسهل وسهيل، وكان جدار مجدرا ليس عليه سقف وقبلته إلى بيت المقدس، وكان أسعد بن زرارة بناه، وكان يصلي بأصحابه ويجمع بهم فيه الجمعة قبل قدوم رسول الله، أي ولما قدم رسول الله المدينة صار يصلي فيه».
وفي الإمتاع «كان أسعد بن زرارة بنى فيه جدارا تجاه بيت المقدس كان يصلي إليه بمن أسلم قبل قدوم مصعب بن عمير، ثم صلى بهم إليه مصعب» هذا كلامه، وتعلم ما فيه لما قدّمناه في قدوم مصعب المدينة، لكن في البخاري «أنه كان يصلي في مرابض الغنم قبل أن يبني المسجد» أي ولعله اتفق له ذلك في بعض الأوقات، لأنه كان يصلي حيث أدركته الصلاة.
«ثم إنه بعد ذلك سأل أسعد بن زرارة أن يبيعه تلك البقعة التي كان من جملتها ذلك المسجد ليجعلها مسجدا فإنها كانت في يده ليتيمين في حجره، وهما سهل وسهيل، وقيل كانا في حجر معاذ بن عفراء» قال في الأصل، وهو الأشهر.
وفي المواهب: أن الأول من المرجح، واليتيمان المذكوران من بني مالك بن النجار، وقيل كانا في حجر أبي أيوب الأنصاري. قال بعضهم: والظاهر أن الكل: أي من أسعد ومعاذ وأبي أيوب كانوا يتكلمون لليتيمين لأنهم بنو عمّ فنسبا إلى حجر كل.
«وقد عرض أبو أيوب عليه أن يأخذ تلك الأرض ويغرم لليتيمين قيمتها، فأبى رسول الله وابتاعها بعشرة دنانير أداها من مال أبي بكر» أي وفي رواية «فدعا الغلامين فساومهما بالمربد فقالا: نهبه لك يا رسول الله، فأبى أن يقبله منهما هبة حتى ابتاعه منهما بعشرة دنانير، وأمر أبا بكر أن يعطيهما ذلك» أي وحينئذ يكون وصفهما باليتيم باعتبار ما كان.
وفي رواية «أرسل إلا ملأ من بني النجار ولعلهم من تقدم وهم أسعد ومعاذ وأبو أيوب ومعهم سهل وسهيل فجاؤوه، فقال لهم ثامنوني بحائطكم هذا أي خذوا مني ثمنه. قالوا لا يا رسول الله، والله لا نطلب ثمنه إلا إلى الله، فأبى أن يأخذه إلا بالثمن».
قال «وجاء أن أسعد بن زرارة عوض اليتيمين من تلك الأرض نخلا أي له في بني بياضة، وقيل: أرضا هما فيها أبو أيوب، وقيل معاذ بن عفراء».
وطريق الجمع بين ذلك أنه يحتمل أن كلا من أسعد وأبي أيوب ومعاذ بن عفراء دفع للغلامين شيئا: أي زيادة على العشرة دنانير فنسب ذلك لكل منهم.
وجاء «أنه كان في تلك الأرض قبور جاهلية فأمر بها فنبشت؛ وأمر بالعظام فألقيت» ا هـ، أي وفي رواية «وأمر بالعظام أن تغيب» أي وفي رواية «كان في موضع المسجد نخل وخرب» أي حفر ومقابر للمشركين «فأمر بالقبور فنبشت، وبالخرب فسويت، وبالنخل فقطعت».
أي وفي سيرة الحافظ الدمياطي «فأمر رسول الله بالنخل الذي في الحديقة» أي وهي تلك الأرض التي كانت مربدا، أي وسمي حديقة لوجود النخل به «وأمر بالغرقد الذي فيه أن يقطع» أي والغرقد: شجر معروف. وبقيع الغرقد: مقبرة أهل المدينة. وشجر الغرقد: يقال له شجر اليهود، فإنه لا يدل على اليهودي إذا توارى به عند نزول عيسى وقتله للدجال ولجنده من اليهود، فإذا توارى اليهودي بشجرة نادته يا روح الله هاهنا يهودي، فيأتي حتى يقف عليه، فإما أن يسلم وإما أن يقتل؛ إلا شجر الغرقد فإنه لا يدل على اليهودي إذا توارى به؛ فقيل له شجر اليهود لذلك.
قال: وكان في المربد ماء مستبحر فسيروه حتى ذهب. والمستبحر الذي ينشع ويظهر من الأرض.
«ثم إن رسول الله أمر باتخاذ اللبن فاتخذ وبنى المسجد» وجاء «أنه عند الشروع في البناء وضع لبنة، ثم دعا أبا بكر فوضع لبنة أي بجانب لبنته، ثم دعا عمر فوضع لبنة بجانب لبنة أبي بكر، ثم جاء عثمان فوضع لبنة بجانب لبنة عمر».
أي وقد أخرج ابن حبان «لما بنى رسول الله المسجد ووضع في البناء حجرا وقال لأبي بكر: ضع حجرك إلى جنب حجري، ثم قال لعمر: ضع حجرك إلى جنب حجر أبي بكر، ثم قال لعثمان ضع حجرك إلى جنب حجر عمر، ثم قال: هؤلاء الخلفاء بعدي» قال أبو زرعة إسناده لابأس به، فقد أخرجه الحاكم في المستدرك وصححه، وفي رواية «هؤلاء ولاة الأمر بعدي» قال ابن كثير وهذا الحديث بهذا الإسناد غريب جدا.
قال بعضهم: وقوله لعثمان ما ذكر. أي ضع حجرك إلى جنب حجر عمر يرد على من زعم أن هذا منه إشارة إلى قبورهم، أي إذ لو كان إشارة إلى ذ لك لدفن عثمان بجانب عمر كما دفن عمر بجانب أبي بكر، بل هو إشارة إلى ترتيب الخلافة، أي لأنه لا يستفاد من قوله «هؤلاء الخلفاء بعدي إلا ذلك» ومن ثم جاء في رواية «فسئل رسول الله عن ذلك، فقال أمر الخلافة من بعدي».
وتصحيح الحاكم لما ذكر يظهر التوقف في قول بعضهم إن هذا لم يجىء في الصحيح إلا أن يريد صحيح الشيخين.
وأما قوله قال البخاري في تاريخه: إن ابن حبان لم يتابع على الحديث المذكور، لأن عمر وعثمان وعليا قالوا: لم يستخلف النبي، فقد يقال عليه: معناه لم ينص على استخلاف أحد بعينه عند موته، وذلك لا ينافي الإشارة إلى وقوع الخلافة لهؤلاء بعده، ولا ينافي قوله «هؤلاء الخلفاء بعدي» لجواز أن يراد الخلافة في العلم. ثم رأيت ابن حجر الهيتمي أشار إلى ذلك حيث قال: قلت هذا أي وضع تلك الأحجار، وقوله «هؤلاء الخلفاء بعدي» مع احتماله للخلافة في العلم والإرشاد متقدم على وقت الاستخلاف عادة وهو قرب الموت، فلم يكن نصا سالما من المعارض هذا كلامه «ثم قال للناس ضعوا أي الحجارة فوضعوا، ورفع بالحجارة أي قريب من ثلاثة أذرع، وبنى باللبن وجعل عضادتيه أي جانبيه بالحجارة وسقفه بالجريد، وجعلت عمد» وفي رواية «سواريه من جذوع النخل، وطول جداره قامة» أي كان ارتفاعه قدر قامة.
قال: وعن شهر بن حوشب قال: لما أراد رسول الله أن يبني المسجد قال «ابنوا لي عريشا كعريش موسى ثمامات وخشبات وظلة كظلة موسى، والأمر أعجل من ذلك، قيل: وما ظلة موسى؟ قال: كان إذا قام أصاب رأسه السقف» انتهى.
أي فالمراد اجعلوا سقفه يكون بحيث إذا قمت أصاب رأسي السقف، أو رفعت يدي أصابت السقف.
والجمع بين هاتين الروايتين يدل على أن المراد ما هو قريب من ذلك، بحيث لا يكون كثر الارتفاع، فلا ينافي ما يأتي من أمره بجعل ارتفاعه سبعة أذرع فليتأمل.
وفي سيرة الحافظ الدمياطي «فقيل له: ألا تسقف؟ فقال: عريش كعريش موسى، خشبات وثمام» أي وقيل للحسن: ما عريش موسى؟ قال: إذا رفع يده بلغ العرش: يعني السقف.
وفي رواية «لما أراد رسول الله بناء المسجد، قال: قيل لي: أي قال له جبريل: عريش كعريش أخيك موسى، سبعة أذرع طولا في السماء، وكان سبعة أذرع بحيث يصيب رأسه ولا نزخرفه، ثم الأمر أعجل من ذلك» أي وفيه أن هذا يقتضي أن موسى كان طوله سبعة أذرع، وهو يخالف ما اشتهر أن قامة موسى كانت أربعين ذراعا، وعصاه كذلك، ووثبته كذلك. وقد جاء «ما أمرت بتشييد المساجد» أي ولعل قوله ذلك كان «لما جمع الأنصار مالا جاؤوا به إلى رسول الله، فقالوا: يا رسول الله ابنِ هذا المسجد وزينه، إلى متى نصلي تحت هذا الجريد».
وجاء «لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد». وجاء «من أشراط الساعة أن يتباهى الناس في المساجد» أي تزخرفها كما تزخرف اليهود والنصارى كنائسهم وبيعهم ولم يكن على السقف كبير طين، إذ كان المطر يكف: أي ينزل منه ماء المطر المخالط للطين عليهم بحيث يمتلىء: أي المسجد طينا، فقالوا: يا رسول الله لو أمرت فطين: أي جعل عليه طين كثير بحيث لا ينزل عليه المطر فقال: «لا عريش كعريش موسى» فلم يزل كذلك حتى قبض رسول الله، وعند بنائه عمل فيه المسلمون المهاجرون والأنصار، وعمل فيه رسول الله بنفسه ليرغب المسلمين في العمل فيه.
قال: فقد جاء «أنه صار ينقل اللبن» أي في ثيابه. وفي رواية «في ردائه حتى اغبرّ صدره الشريف، وصار يقول:
هذا الحمال لا حمال خيبر ** هذا أبرّ ربنا وأطهر»
أي هذا المحمول من اللبن أبرّ وأطهر يا ربنا مما يحمل من خيبر من نحو التمر والزبيب، فالحمال بالحاء المهملة بمنى المحمول؛ ووقع في رواية بالجيم جمع جمل، قال بعضهم: وله وجه، والأول أظهر، ولا يحسن هذا الوجه إلا إذا كانت جمال خيبر أنفس من جمال غيرها وصار يقول:
اللهم إن الأجر أجر الآخره ** فارحم الأنصار والمهاجره
قال البلاذري: وهذا القول لامرأة من الأنصار، وتمامة:
وعافهم من حرّ نار ساعره ** فإنها لكافر وكافره
والذي في البخاري «فاغفر للأنصار والمهاجره» ولعله هو الذي أخرجه عن الوزن كما هو عادته في إنشاد الشعر كما سيأتي: وفي لفظ «فأصلح» وفي لفظ «فأكرم» وفي رواية «اللهم لا خير إلا خير الآخرة، فارحم المهاجرين والأناصره» وفي رواية «فانصر الأنصار والمهاجرِ» وعن الزهري أنه كان يقول «اللهم لا خير إلا خير الآخرة، فارحم المهاجرين والأنصار» لأنه كان لا يقيم الشعر: أي لا يأتي به موزونا ولو متمثلا، وفيه أنه مع قوله: اللهم إن الأجر إلى آخره لا يكون شعرا موزونا، إلا إن حذف أل من اللهم وقال لا هم وكسر همزة فارحم؛ وحينئذ تكون المرأة من الأنصار إنما نطقت بذلك: أي قالت لا هم إلى آخره، وهو هو الذي غيره.
ونقل عن الزهري «أنه لم يقل بيتا موزونا متمثلا به إلا قوله هذا الحمال» البيت، ولم أقف على قائله، وسيأتي عن الزهري أنه من إنشائه وسيأتي ما فيه.
وفي كلام بعضهم: قال ابن شهاب: يعني الزهري: لم يبلغنا في الأحاديث أنه تمثل ببيت شعر تام: أي موزون إلا هذه الأبيات، قال ابن عائذ: أي التي كان يرتجز بهن وهو ينقل اللبن لبناء المسجد: أي وفيه أن هذا مخالف لما تقدم عن الزهري أنه لم يقل بيتا موزونا إلا قوله هذا الحمال، فلا يحسن أن يفسر كلامه بذلك، على أنه تمثل ببيت شعر تام موزون غير ذلك، فقد جاء «أنه جعل يدور بين قتلى بدر ويقول:
نفلق هاما من رجال أعزة ** علينا وهم كانوا أعقّ وألاّما
وفي المواهب: وقد قيل أن الممتنع عليه إنشاء الشعر لا إنشاده، أي ولذلك جاء «ما أبالي ما أوتيت إن أنا قلت الشعر من قبل نفسي» وفي الكشاف: وقد صح أن الأنبياء معصومون من الشعر، ولا دليل على منع إنشاده أي الشعر موزونا متمثلا.
أقول: نقل الحافظ الدمياطي عن الزهري أنه كان يقول: إنه لم يقل شيئا من الشعر إلا ما قد قيل قبله إلا قوله:
هذا الحمال لا حمال خيبر ** هذا أبرّ ربنا وأطهر
أي فإنه من قوله، وهو يخالف ما تقدم عنه، ولعله سقط من عبارة الزهري المذكورة شيء، والأصل أنه لم يقل شيئا من الشعر إلا ما قد قيل قبله، ولم يقل ما قبله تاما: أي موزونا إلا قوله: هذا الحمال إلى آخره، فلا يخالف ما تقدم عنه، وكونه كان لا يقيم الشعر: أي لا يأتي به موزونا ولو متمثلا هو المنقول عن عائشة ، فقد قيل لها: هل كان رسول الله يأتي بشيء من الشعر؟ فقالت: كان أبغض الحديث إليه الشعر، غير أنه كان يتمثل ويجعل أوله آخره وآخره أوله: أي غالبا كان يقول: ويأتيك من لم تزود بالأخبار، ويقول: كفى بالإسلام والشيب للمرء ناهيا أي وذلك قول سحيم بمهملة مصغرا عبد بني الحساس، شاعر مشهور مخضرم * كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيا * ولما غير ذلك رسول الله قال له الصديق : إنما قال الشاعر كذا، فأعاده كالأول، فقال الصديق: أشهد أنك رسول الله {وما علمناه الشعر}. ولما سمع رسول الله قول سحيم:
وفيه أيضا «أن رسول الله مرّ على بن أبي ابن سلول وهو في جماعة فقال ابن أبيّ: لقد عثا ابن أبي كبشة في هذه البلاد، فسمعها ابنه عبدالله ، فاستأذن رسول الله أن يأتيه برأسه، فقال له لا، ولكن برّ أباك» وكان ابن أبيّ جميل الصورة ممتلىء الجسم، فصيح اللسان، وهو المعنيّ بقوله تعالى {وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم} الآية، ولكونه متبوعا جيء فيه بصيغة الجمع.
وعن الزهري «أخبرني عروة بن أسامة بن زيد أن رسول الله ركب حمارا على إكاف وأردف أسامة وراءه يعود سعد بن عبادة في بني الحارث بن الخزرج قبل وقعة بدر حتى مرّ بمجلس فيه عبدالله بن أبي ابن سلول وذلك قبل إن يسلم عبدالله بن أبي ابن سلول، فإذا في المجلس أخلاط من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان واليهود، وفي المسلمين عبدالله بن رواحة فثار غبار من مشي الحمار، فخمر ابن أبيّ أنفه بردائه، ثم قال: لا تغبروا علينا؛ فسلم رسول الله عليهم ثم نزل ودعاهم إلى الله وقرأ عليهم القرآن. فقال ابن أبيّ: أيها المرء إنه لا أحسن مما تقول إن كان حقا فلا تؤذينا به في مجالسنا، ارجع إلى رحلك، فمن جاءك فاقصص عليه، فقال عبدالله بن رواحة: بلى يا رسول الله فاغشنا فإنا نحب ذلك، واستبّ المسلمون والمشركون واليهود حتى كادوا يتبادرون، فلم يزل رسول الله يخفضهم حتى سكنوا، ثم ركب رسول الله دابته حتى دخل على سعد بن عبادة، فقال رسول الله : يا سعد ألم تسمع ما قال أبو حباب يعني ابن أبيّ، قال كذا وكذا، فقال سعد بن عبادة: يا رسول الله اعف عنه واصفح، فوالله الذي أنزل عليك الكتاب لقد جاء الله بالحق الذي أنزل عليك وقد اصطلح أهل هذه البحيرة على أن يتوّجوه فيعصبوه بالعصابة، فلما ردّ بالحق الذي أعطاك الله شرق، فذلك الذي فعل به ما رأيت، فعفا عنه رسول الله » والله أعلم.
ومكث ببيت أبي أيوب إلى أن بني المسجد وبعض مساكنه، وقد مكث في بناء ذلك من شهر ربيع الأول إلى شهر صفر من السنة القابلة، أي وذلك اثنا عشر شهرا: وقيل مكث ببيت أبي أيوب سبعة أشهر.
«قال ولما تحول رسول الله من بين عمرو بن عوف إلى المدينة تحول المهاجرون» أي غالبهم أخذا مما يأتي «فتنافس فيهم الأنصار أن ينزلوا عليهم حتى اقترعوا فيهم بالسهمان، فما نزل أحد من المهاجرين على أحد من الأنصار إلا بقرعة بينهم. فكان المهاجرون في دور الأنصار وأموالهم» ا هـ.
وكان من جملة محل مسجده مسجد لأبي أمامة أسعد بن زرارة ، وكان أبو أمامة يجمع فيه بمن يليه، بناه في بعض مربد للتمر لسهل وسهيل: أي يجفف فيه التمر، ويرادف المربد الجرين والمسطح والبيدر: وهو ما يبسط فيه الزرع أو التمر للتجفيف.
«وكان رسول الله يصلي في ذلك المسجد، قال: فعن أمّ زيد بن ثابت أنها قالت: رأيت أسعد بن زرارة قبل أن يقدم رسول الله المدينة يصلي بالناس الصلوات الخمس ويجمع بهم في مسجد بناه في مربد سهل وسهيل، قالت: فكأني أنظر إلى رسول الله لما قدم وصلى بهم في ذلك المسجد وبناه» أي مع إدخال بقية ذلك المربد فهو مسجده.
وحينئذ لا يخالف ذلك قول الحافظ بن الدمياطي عن الزهري قال «بركت ناقة رسول الله عند موضع مسجد رسول الله، وهو يومئذٍ يصلي فيه رجال من المسلمين قبل قدومه، وكان مربدا لسهل وسهيل، وكان جدار مجدرا ليس عليه سقف وقبلته إلى بيت المقدس، وكان أسعد بن زرارة بناه، وكان يصلي بأصحابه ويجمع بهم فيه الجمعة قبل قدوم رسول الله، أي ولما قدم رسول الله المدينة صار يصلي فيه».
وفي الإمتاع «كان أسعد بن زرارة بنى فيه جدارا تجاه بيت المقدس كان يصلي إليه بمن أسلم قبل قدوم مصعب بن عمير، ثم صلى بهم إليه مصعب» هذا كلامه، وتعلم ما فيه لما قدّمناه في قدوم مصعب المدينة، لكن في البخاري «أنه كان يصلي في مرابض الغنم قبل أن يبني المسجد» أي ولعله اتفق له ذلك في بعض الأوقات، لأنه كان يصلي حيث أدركته الصلاة.
«ثم إنه بعد ذلك سأل أسعد بن زرارة أن يبيعه تلك البقعة التي كان من جملتها ذلك المسجد ليجعلها مسجدا فإنها كانت في يده ليتيمين في حجره، وهما سهل وسهيل، وقيل كانا في حجر معاذ بن عفراء» قال في الأصل، وهو الأشهر.
وفي المواهب: أن الأول من المرجح، واليتيمان المذكوران من بني مالك بن النجار، وقيل كانا في حجر أبي أيوب الأنصاري. قال بعضهم: والظاهر أن الكل: أي من أسعد ومعاذ وأبي أيوب كانوا يتكلمون لليتيمين لأنهم بنو عمّ فنسبا إلى حجر كل.
«وقد عرض أبو أيوب عليه أن يأخذ تلك الأرض ويغرم لليتيمين قيمتها، فأبى رسول الله وابتاعها بعشرة دنانير أداها من مال أبي بكر» أي وفي رواية «فدعا الغلامين فساومهما بالمربد فقالا: نهبه لك يا رسول الله، فأبى أن يقبله منهما هبة حتى ابتاعه منهما بعشرة دنانير، وأمر أبا بكر أن يعطيهما ذلك» أي وحينئذ يكون وصفهما باليتيم باعتبار ما كان.
وفي رواية «أرسل إلا ملأ من بني النجار ولعلهم من تقدم وهم أسعد ومعاذ وأبو أيوب ومعهم سهل وسهيل فجاؤوه، فقال لهم ثامنوني بحائطكم هذا أي خذوا مني ثمنه. قالوا لا يا رسول الله، والله لا نطلب ثمنه إلا إلى الله، فأبى أن يأخذه إلا بالثمن».
قال «وجاء أن أسعد بن زرارة عوض اليتيمين من تلك الأرض نخلا أي له في بني بياضة، وقيل: أرضا هما فيها أبو أيوب، وقيل معاذ بن عفراء».
وطريق الجمع بين ذلك أنه يحتمل أن كلا من أسعد وأبي أيوب ومعاذ بن عفراء دفع للغلامين شيئا: أي زيادة على العشرة دنانير فنسب ذلك لكل منهم.
وجاء «أنه كان في تلك الأرض قبور جاهلية فأمر بها فنبشت؛ وأمر بالعظام فألقيت» ا هـ، أي وفي رواية «وأمر بالعظام أن تغيب» أي وفي رواية «كان في موضع المسجد نخل وخرب» أي حفر ومقابر للمشركين «فأمر بالقبور فنبشت، وبالخرب فسويت، وبالنخل فقطعت».
أي وفي سيرة الحافظ الدمياطي «فأمر رسول الله بالنخل الذي في الحديقة» أي وهي تلك الأرض التي كانت مربدا، أي وسمي حديقة لوجود النخل به «وأمر بالغرقد الذي فيه أن يقطع» أي والغرقد: شجر معروف. وبقيع الغرقد: مقبرة أهل المدينة. وشجر الغرقد: يقال له شجر اليهود، فإنه لا يدل على اليهودي إذا توارى به عند نزول عيسى وقتله للدجال ولجنده من اليهود، فإذا توارى اليهودي بشجرة نادته يا روح الله هاهنا يهودي، فيأتي حتى يقف عليه، فإما أن يسلم وإما أن يقتل؛ إلا شجر الغرقد فإنه لا يدل على اليهودي إذا توارى به؛ فقيل له شجر اليهود لذلك.
قال: وكان في المربد ماء مستبحر فسيروه حتى ذهب. والمستبحر الذي ينشع ويظهر من الأرض.
«ثم إن رسول الله أمر باتخاذ اللبن فاتخذ وبنى المسجد» وجاء «أنه عند الشروع في البناء وضع لبنة، ثم دعا أبا بكر فوضع لبنة أي بجانب لبنته، ثم دعا عمر فوضع لبنة بجانب لبنة أبي بكر، ثم جاء عثمان فوضع لبنة بجانب لبنة عمر».
أي وقد أخرج ابن حبان «لما بنى رسول الله المسجد ووضع في البناء حجرا وقال لأبي بكر: ضع حجرك إلى جنب حجري، ثم قال لعمر: ضع حجرك إلى جنب حجر أبي بكر، ثم قال لعثمان ضع حجرك إلى جنب حجر عمر، ثم قال: هؤلاء الخلفاء بعدي» قال أبو زرعة إسناده لابأس به، فقد أخرجه الحاكم في المستدرك وصححه، وفي رواية «هؤلاء ولاة الأمر بعدي» قال ابن كثير وهذا الحديث بهذا الإسناد غريب جدا.
قال بعضهم: وقوله لعثمان ما ذكر. أي ضع حجرك إلى جنب حجر عمر يرد على من زعم أن هذا منه إشارة إلى قبورهم، أي إذ لو كان إشارة إلى ذ لك لدفن عثمان بجانب عمر كما دفن عمر بجانب أبي بكر، بل هو إشارة إلى ترتيب الخلافة، أي لأنه لا يستفاد من قوله «هؤلاء الخلفاء بعدي إلا ذلك» ومن ثم جاء في رواية «فسئل رسول الله عن ذلك، فقال أمر الخلافة من بعدي».
وتصحيح الحاكم لما ذكر يظهر التوقف في قول بعضهم إن هذا لم يجىء في الصحيح إلا أن يريد صحيح الشيخين.
وأما قوله قال البخاري في تاريخه: إن ابن حبان لم يتابع على الحديث المذكور، لأن عمر وعثمان وعليا قالوا: لم يستخلف النبي، فقد يقال عليه: معناه لم ينص على استخلاف أحد بعينه عند موته، وذلك لا ينافي الإشارة إلى وقوع الخلافة لهؤلاء بعده، ولا ينافي قوله «هؤلاء الخلفاء بعدي» لجواز أن يراد الخلافة في العلم. ثم رأيت ابن حجر الهيتمي أشار إلى ذلك حيث قال: قلت هذا أي وضع تلك الأحجار، وقوله «هؤلاء الخلفاء بعدي» مع احتماله للخلافة في العلم والإرشاد متقدم على وقت الاستخلاف عادة وهو قرب الموت، فلم يكن نصا سالما من المعارض هذا كلامه «ثم قال للناس ضعوا أي الحجارة فوضعوا، ورفع بالحجارة أي قريب من ثلاثة أذرع، وبنى باللبن وجعل عضادتيه أي جانبيه بالحجارة وسقفه بالجريد، وجعلت عمد» وفي رواية «سواريه من جذوع النخل، وطول جداره قامة» أي كان ارتفاعه قدر قامة.
قال: وعن شهر بن حوشب قال: لما أراد رسول الله أن يبني المسجد قال «ابنوا لي عريشا كعريش موسى ثمامات وخشبات وظلة كظلة موسى، والأمر أعجل من ذلك، قيل: وما ظلة موسى؟ قال: كان إذا قام أصاب رأسه السقف» انتهى.
أي فالمراد اجعلوا سقفه يكون بحيث إذا قمت أصاب رأسي السقف، أو رفعت يدي أصابت السقف.
والجمع بين هاتين الروايتين يدل على أن المراد ما هو قريب من ذلك، بحيث لا يكون كثر الارتفاع، فلا ينافي ما يأتي من أمره بجعل ارتفاعه سبعة أذرع فليتأمل.
وفي سيرة الحافظ الدمياطي «فقيل له: ألا تسقف؟ فقال: عريش كعريش موسى، خشبات وثمام» أي وقيل للحسن: ما عريش موسى؟ قال: إذا رفع يده بلغ العرش: يعني السقف.
وفي رواية «لما أراد رسول الله بناء المسجد، قال: قيل لي: أي قال له جبريل: عريش كعريش أخيك موسى، سبعة أذرع طولا في السماء، وكان سبعة أذرع بحيث يصيب رأسه ولا نزخرفه، ثم الأمر أعجل من ذلك» أي وفيه أن هذا يقتضي أن موسى كان طوله سبعة أذرع، وهو يخالف ما اشتهر أن قامة موسى كانت أربعين ذراعا، وعصاه كذلك، ووثبته كذلك. وقد جاء «ما أمرت بتشييد المساجد» أي ولعل قوله ذلك كان «لما جمع الأنصار مالا جاؤوا به إلى رسول الله، فقالوا: يا رسول الله ابنِ هذا المسجد وزينه، إلى متى نصلي تحت هذا الجريد».
وجاء «لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد». وجاء «من أشراط الساعة أن يتباهى الناس في المساجد» أي تزخرفها كما تزخرف اليهود والنصارى كنائسهم وبيعهم ولم يكن على السقف كبير طين، إذ كان المطر يكف: أي ينزل منه ماء المطر المخالط للطين عليهم بحيث يمتلىء: أي المسجد طينا، فقالوا: يا رسول الله لو أمرت فطين: أي جعل عليه طين كثير بحيث لا ينزل عليه المطر فقال: «لا عريش كعريش موسى» فلم يزل كذلك حتى قبض رسول الله، وعند بنائه عمل فيه المسلمون المهاجرون والأنصار، وعمل فيه رسول الله بنفسه ليرغب المسلمين في العمل فيه.
قال: فقد جاء «أنه صار ينقل اللبن» أي في ثيابه. وفي رواية «في ردائه حتى اغبرّ صدره الشريف، وصار يقول:
هذا الحمال لا حمال خيبر ** هذا أبرّ ربنا وأطهر»
أي هذا المحمول من اللبن أبرّ وأطهر يا ربنا مما يحمل من خيبر من نحو التمر والزبيب، فالحمال بالحاء المهملة بمنى المحمول؛ ووقع في رواية بالجيم جمع جمل، قال بعضهم: وله وجه، والأول أظهر، ولا يحسن هذا الوجه إلا إذا كانت جمال خيبر أنفس من جمال غيرها وصار يقول:
اللهم إن الأجر أجر الآخره ** فارحم الأنصار والمهاجره
قال البلاذري: وهذا القول لامرأة من الأنصار، وتمامة:
وعافهم من حرّ نار ساعره ** فإنها لكافر وكافره
والذي في البخاري «فاغفر للأنصار والمهاجره» ولعله هو الذي أخرجه عن الوزن كما هو عادته في إنشاد الشعر كما سيأتي: وفي لفظ «فأصلح» وفي لفظ «فأكرم» وفي رواية «اللهم لا خير إلا خير الآخرة، فارحم المهاجرين والأناصره» وفي رواية «فانصر الأنصار والمهاجرِ» وعن الزهري أنه كان يقول «اللهم لا خير إلا خير الآخرة، فارحم المهاجرين والأنصار» لأنه كان لا يقيم الشعر: أي لا يأتي به موزونا ولو متمثلا، وفيه أنه مع قوله: اللهم إن الأجر إلى آخره لا يكون شعرا موزونا، إلا إن حذف أل من اللهم وقال لا هم وكسر همزة فارحم؛ وحينئذ تكون المرأة من الأنصار إنما نطقت بذلك: أي قالت لا هم إلى آخره، وهو هو الذي غيره.
ونقل عن الزهري «أنه لم يقل بيتا موزونا متمثلا به إلا قوله هذا الحمال» البيت، ولم أقف على قائله، وسيأتي عن الزهري أنه من إنشائه وسيأتي ما فيه.
وفي كلام بعضهم: قال ابن شهاب: يعني الزهري: لم يبلغنا في الأحاديث أنه تمثل ببيت شعر تام: أي موزون إلا هذه الأبيات، قال ابن عائذ: أي التي كان يرتجز بهن وهو ينقل اللبن لبناء المسجد: أي وفيه أن هذا مخالف لما تقدم عن الزهري أنه لم يقل بيتا موزونا إلا قوله هذا الحمال، فلا يحسن أن يفسر كلامه بذلك، على أنه تمثل ببيت شعر تام موزون غير ذلك، فقد جاء «أنه جعل يدور بين قتلى بدر ويقول:
نفلق هاما من رجال أعزة ** علينا وهم كانوا أعقّ وألاّما
وفي المواهب: وقد قيل أن الممتنع عليه إنشاء الشعر لا إنشاده، أي ولذلك جاء «ما أبالي ما أوتيت إن أنا قلت الشعر من قبل نفسي» وفي الكشاف: وقد صح أن الأنبياء معصومون من الشعر، ولا دليل على منع إنشاده أي الشعر موزونا متمثلا.
أقول: نقل الحافظ الدمياطي عن الزهري أنه كان يقول: إنه لم يقل شيئا من الشعر إلا ما قد قيل قبله إلا قوله:
هذا الحمال لا حمال خيبر ** هذا أبرّ ربنا وأطهر
أي فإنه من قوله، وهو يخالف ما تقدم عنه، ولعله سقط من عبارة الزهري المذكورة شيء، والأصل أنه لم يقل شيئا من الشعر إلا ما قد قيل قبله، ولم يقل ما قبله تاما: أي موزونا إلا قوله: هذا الحمال إلى آخره، فلا يخالف ما تقدم عنه، وكونه كان لا يقيم الشعر: أي لا يأتي به موزونا ولو متمثلا هو المنقول عن عائشة ، فقد قيل لها: هل كان رسول الله يأتي بشيء من الشعر؟ فقالت: كان أبغض الحديث إليه الشعر، غير أنه كان يتمثل ويجعل أوله آخره وآخره أوله: أي غالبا كان يقول: ويأتيك من لم تزود بالأخبار، ويقول: كفى بالإسلام والشيب للمرء ناهيا أي وذلك قول سحيم بمهملة مصغرا عبد بني الحساس، شاعر مشهور مخضرم * كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيا * ولما غير ذلك رسول الله قال له الصديق : إنما قال الشاعر كذا، فأعاده كالأول، فقال الصديق: أشهد أنك رسول الله {وما علمناه الشعر}. ولما سمع رسول الله قول سحيم:
مواضيع مماثلة
» هجرة الى المدينه 2
» هجرة الى المدينه 3
» هجرة الى المدينه 4
» هجرة الى المدينه 5
» هجرة الى المدينه 6
» هجرة الى المدينه 3
» هجرة الى المدينه 4
» هجرة الى المدينه 5
» هجرة الى المدينه 6
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة 21 يونيو 2024, 12:25 am من طرف Admin
» هل الانجيل محرف
الأربعاء 19 يونيو 2024, 2:34 pm من طرف Admin
» شبهات النصاري زواج ام المؤمنين عائشه،
الإثنين 17 يونيو 2024, 10:30 am من طرف Admin
» الفرق بين السنه والفقه
السبت 11 مايو 2024, 11:23 pm من طرف Admin
» كيف عرفت انه نبي..
الجمعة 26 أبريل 2024, 5:40 am من طرف Admin
» موضوع هل يدخل الجنه غير المسلمين،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:48 am من طرف Admin
» التدرج في التشريع
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:43 am من طرف Admin
» كتب عليكم الصيام،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:41 am من طرف Admin
» اقوال العلماء في تفسير ايه الحجاب،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:40 am من طرف Admin