بحـث
الشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المواضيع الأخيرة
نوفمبر 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | |||||
3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 |
10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 |
17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 |
24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
الحمدلله على نعمة الاسلام
ايها الاخوه الدعاه الى الله وكذا جميع الزائرين والزائرات مرحبا بكم واهلا نتمنى من الله ان نكون عند حسن ظنكم جميا والله الموفق الى الخير وهو حسبنا ونعم الوكيلالشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 7 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 7 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحثلا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 76 بتاريخ الأربعاء 30 أكتوبر 2024, 11:01 pm
هجرة الى المدينه 4
صفحة 1 من اصل 1
هجرة الى المدينه 4
أي وأظهرت الجن أوصافه الحميدة في صورة الغناء الذي تتولع به النفس حتى أطرب ذلك الغناء الإنس حيث سمعوه، وأما قول بعضهم إنهم علموا ذلك من هاتف هتف بقوله:
إن يسلم السعدان يصبح محمد ** من الأمر لا يخشى خلاف المخالف
فقالوا: السعود سعد بن زيد مناة، وسع، هديم، فلما كانت القابلة سمعوا ذلك الهاتف يقول:
فيا سعد سعد الأوس كن أنت مانعا ** ويا سعد سعد الخزرجين الغطارف
فقالوا: سعد الأوس سعد بن معاذ، وسعد الخزرجين سعد بن عبادة، ففيه نظر، لأن السعدين المذكورين كانا أسلما قبل ذلك؟ فلا يحسن قوله إن يسلم السعدان.
أقول: يجوز أن تكون أن هنا بمعنى إذ: أي صيرورته آمنا لا يخشى خلاف المخالف لأجل إسلام السعدين، أو المراد دوامهما على الإسلام، على أنه ذكر في الأصل إن إنشاد هذين البيتين وسماع أهل مكة له كان قبل إسلام سعد بن معاذ.
وذكر بعضهم أن السعود من الأنصار سبعة: أربعة من الأوس: سعد بن معاذ، وسعد بن خيثمة، وسعد بن عبيد، وسعد بن زيد، وثلاثة من الخزرج: سعد بن عبادة، وسعد بن الربيع وسعد بن عثمان أبو عبيدة، والله أعلم.
قال: وتقديم قصة سراقة على قصة أم معبد هو ما في الأصل، وقد التزم فيه ترتيب الوقائع وقضية الترتيب ذكر قصة أم معبد قبل قصة سراقة لأنه الصحيح الذي صرح به جماعة ا هـ.
أقول: ومما يدل لذلك ما تقدم من أن كفار قريش لم يعلموا أين توجه حتى سمعوا الهاتف يذكر أم معبد.
وعن أسماء بنت أبي بكر قالت: لما خرج رسول الله أتانا نفر من قريش فيهم أبو جهل وقفوا على الباب فخرجت إليهم، فقالوا: أين أبوك؟ قلت: والله لا أدري، فرفع أبو جهل يده فلطم خدي لطمة خرم منها قرطي، أي وفي لفظ: طرح منها قرطي. والقرط: ما يعلق في شحمة الأذن، قالت. ثم انصرفوا فمضى ثلاث ليال ولم ندر أي توجه رسول الله إذ أقبل رجل من الجن من أسفل مكة، يغني بأبيات وإن الناس ليتبعونه يسمعون صوته حتى خرج بأعلى مكة يقول: جزى الله رب الناس الأبيات كذا في الأصل.
وفيه أن قولها لما خرج رسول الله ظاهر في خروجه للغار، وقولها فمضى ثلاث لا ندري أين توجه يقتضي أن المراد خروجه من الغار، وتقدم أنهم علموا بخروجه إلى المدينة في اليوم الثاني من خروجه من الغار، وتقدم أنهم لم يعلموا بذلك إلا من الهاتف فليتأمل.
وقد تبع الأصل في ذلك شيخه الحافظ الدمياطي حيث قدّم خبر سراقة على قصة أم معبد، إلا أن يقال الدمياطي لم يلتزم الترتيب فلا تحسن تبعيته، وهنا قصة أخرى فيها زيادة ونقص. قيل هي قصة أم معبد وقيل غيرها. «وهي أنه اجتاز بغنم فقال لراعيها لمن هذه؟ فقال لرجل من أسلم، فالتفت قال لأبي بكر وقال: سلمت إن شاء الله تعالى، ثم قال للراعي: ما اسمك؟ قال مسعود، فالتفت إلى أبي بكر فقال: سعدت إن شاء الله تعالى».
وفي الإمتاع: ولقى بريدة بن الحصيب الأسلمي في ركب من قومه فدعاهم إلى الإسلام فأسلموا: أي والحصيب بضم الحاء المهملة وفتح الصاد.
وفي الشرف «أن بريدة لما بلغه ما جعلته قريش لمن يأخذ النبي طمع في ذلك، فخرج هو في سبعين من أهل بيته. وفي لفظ كانوا نحو ثمانين بيتا، وحينئذ يراد ببيته قومه، فلما رآه قال له: من أنت؟ قال: بريدة ابن الحصيب، فالتفت النبي : قال يا أبا بكر برد أمرنا وصلح، قال: ممن أنت؟ قال: من أسلم من بني سهم، قال النبي سلمنا وخرج سهمك يا أبا بكر» أي لأنه كان يتفاءل ولا يتطير كما تقدم. ثم قال بريدة للنبي من أنت؟ قال: أنا محمد بن عبدالله بن عبد المطلب رسول الله، فقال بريدة: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، فأسلم بريدة وكل من كان معه: أي وصلوا خلفه العشاء الآخرة، ثم قال بريدة: يا رسول الله لا تدخل المدينة إلا ومعك لواء، فحلّ بريدة عمامته، ثم شدها في رمح ثم مشى بين يديه: أي وقال له كما في الوفاء: تنزل علام يا نبي الله؟ فقال النبي : إن ناقتي هذه مأمورة، فقال بريدة: الحمد لله الذي أسلمت بنو سهم» يعني قومه «طائعين غير مكرهين».
ولما سمع المسلمون بالمدينة بخروج رسول الله من مكة كانوا يغدون كل غداة إلى الحرة ينتظرونه حتى يردهم حرّ الظهيرة.
أقول: ولعلّ خروجهم كان في ثلاثة أيام، وهي المدة الزائدة على المسافة المعتادة بين مكة والمدينة التي كان بها في الغار، والله أعلم.
فانقلبوا يوما بعد أن طال انتظارهم أي وأحرقتهم الشمس، وإذا رجل من اليهود صعد على أطم: أي محل مرتفع من آطامهم أي من محالهم المرتفعة لأمر ينظر إليه، فبصر برسول الله وأصحابه مبيضين: أي لأنهم لقوا الزبير في ركب من المسلمين كانوا تجار قافلين من الشام، فكسا الزبير رسول الله وأبا بكر ثيابا بيضا كما في البخاري.
وقيل إن الذي كساهما طلحة بن عبيدالله. فقال في النور: ولعلهما لقياه معا أو متعاقبين فكسواه وأبا بكر ما ذكره، وهذا الجمع أولى من ترجيح الحافظ الدمياطي لهذا القيل ومن ثم ذكر الحافظ ابن حجر أن هذا القيل هو الذي في السير. ومال الدمياطي إلى ترجيحه على عادته في ترجيح ما في السير على ما في الصحيح، لكنه ذكر أن ذلك كان شأنه في ابتداء أمره، فلما تضلع من الأحاديث الصحيحة كان يرى الرجوع عن كثير مما وافق عليه أهل السير وخالف الأحاديث الصحيحة.
فلما رآهم ذلك اليهودي يزول بهم السراب، أي يرفعهم ويظهرهم: أي والسراب ما يرى كالماء في وسط النهار في زمن الحرّ، فلم يملك اليهودي أن قال بأعلى صوته: يا معشر العرب هذا جدكم: أي حظكم الذي تنتظرون، أي وفي رواية: فلما دنوا من المدينة بعثوا رجلا من أهل البادية إلى أبي امامة وأصحابه من الأنصار، أي ولا مانع من وجود الأمرين، فثار المسلمون إلى السلاح، فبلغوا رسول الله بظهر الحرة، أي وفي لفظ: فوافوه وهو مع أبي بكر في ظل نخلة، ولعل تلك النخلة كانت بظهر الحرة فلا مخالفة، ثم قالوا لهما ادخلا آمنين مطمئنين. وفي لفظ: فاستقبله زهاء خمسمائة أي ما يزيد على خمسمائة من الأنصار، فقالوا: اركبا آمنين مطاعين، فعدل بهم ذات اليمين حتى نزل بقباء في دار بني عمرو بن عوف، وذلك في يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول على كلثوم بن الهدم: أي لأنه كان شيخ بني عمرو بن عوف: أي وهم بطن من الأوس، قيل وكان يومئذٍ مشركا ثم أسلم وتوفي قبل بدر بيسير وقيل أسلم قبل وصوله المدينة، أي وعند نزوله نادى كلثوم بغلام له يا نجيح، فقال رسول الله : أنجحت يا أبا بكر، وكان يجلس للناس ويتحدث مع أصحابه في بيت سعد بن خيثمة: أي لأنه كان عزبا لا أهل له هناك، أي وكان منزله يسمى منزل العزاب، والعزب من الرجال من لا زوجة له ولا يقال أعزب، وقيل هي لغة رديئة.
أقول: وبذلك يجمع بين قول من قال: نزل على كلثوم وقول من قال: نزل على سعد بن خيثمة، ثم رأيت الحافظ الدمياطي أشار إلى ذلك، والله أعلم.
ونزل عليّ بن أبي طالب لما قدم المدينة على كلثوم أيضا بقباء بعد أن تأخر بمكة بعده ثلاث ليال يؤدي الودائع التي كانت عند النبي، لأمره له بذلك كما تقدم.
فلما توجه إلى المدينة قام عليّ بالأبطح ينادي: من كان له عند رسول الله وديعة فليأت تؤدى إليه أمانته، فلما نفد ذلك ورد عليه كتاب رسول الله بالشخوص إليه؛ فابتاع ركائب وقدم ومعه الفواطم، ومعه أم أيمن وولدها أيمن، وجماعة من ضعفاء المؤمنين.
أقول: سيأتي ما يخالف ذلك، وهو «أنه لما نزل في دار أبي أيوب بعث زيد بن حارثة وأبا رافع إلى مكة وأعطاهما خمسمائة درهم وبعيرين يقدمان عليه بفاطمة وأم كلثوم بنته وسودة زوجته وأم أيمن وولدها أسامة» إلا أن يقال يجوز أن يكون الكتاب الذي فيه استدعاء سيدنا علي للهجرة كان مع زيد وأبي رافع وأنهما صحباه. ولا ينافي ذلك ما تقدم من أنه تأخر بعد عليّ بمكة ثلاث ليال يؤدي الودائع، لأن تلك الليالي الثلاث كانت مدة تأدية الودائع؛ ومكث بعدها إلى أن جاءه كتاب رسول الله، وحينئذ يكون قدم على النبي بالمدينة بعد نزوله بقباء على كلثوم فلا مخالفة، لكن في السيرة الهشامية «فنزل: أي عليّ معه أي مع النبي على كلثوم» وهو لا يتأتى إلا على القول بأنه مكث في قباء بضع عشرة ليلة كما سيأتي، وحينئذ يخالف ما سبق من مجيئه مع زيد وأبي رافع، لما علمت أنه إنما أرسلهما بعد أن تحول من قباء إلى المدينة.
وفي الإمتاع: لما قدم عليّ من مكة كان يسير الليل ويكمن النهار حتى تقطرت قدماه، فاعتنقه النبي، وبكى رحمة لما بقدميه من الورم، وتفل في يديه وأمرّهما على قدميه فلم يشكهما بعد ذلك، ولا مانع من وقوع ذلك من عليّ مع وجود ما يركبه، لأنه يجوزأن يكون هاجر ماشيا رغبة في عظيم الأجر.
وفي السيرة الهشامية: أن إقامة عليّ بقباء كانت ليلة أو ليلتين، وأنه رأى امرأة مسلمة لا زوج لها يأتيها إنسان من جوف الليل يضرب عليها بابها فتخرج إليه فيعطيها شيئا معه فتأخذه، قال علي: فسألتها فقالت: هذا سهل بن حنيف قد عرف أني امرأة لا أحد لي، فإذا أمسى غدا على أوثان قومه فكسرها، ثم جاءني بها فقال احتطبي بهذا: أي اجعليه للنار، فكان عليّ يعرف ذلك لسهل بن حنيف والله أعلم.
قال: ونزل أبو بكر على حبيب بن أبي إساف، وقيل على خارجة بن زيد بالسنح بضم السين المهملة فنون ساكنة فحاء مهملة.
وعن ابن عباس : ولد نبيكم يوم الاثنين، وحملت به أمه يوم الاثنين، وخرج من مكة: أي من الغار يوم الاثنين، ودخل المدينة يوم الاثنين.
قال الحاكم: تواترت الأخبار أن خروجه كان يوم الاثنين ودخوله المدينة كان يوم الاثنين. زاد بعضهم: وفتح مكة كان يوم الاثنين، ووضع الركن كان يوم الاثنين.
ومن الغريب ما حكاه بعضهم عن الربيع المالكي، وكان بمصر كان يوم الاثنين خاصة إذا نام فيه تنام عيناه ولا ينام قلبه. وقيل خرج من مكة أي إلى الغار يوم الخميس، وعليه يكون مكث في الغار تلك الليلة التي هي ليلة الجمعة، وليلة السبت وليلة الأحد، وعليه يكون خروجه من الغار صبيحة ليلة الأحد.
ففي البخاري «أتاهما» أي الدليل «براحلتهما صبح ثلاث» وتقدم أن خروجهما إلى الغار كان ليلا من بيت أبي بكر، وقول أبي بكر «سرنا ليلتنا كلها حتى قام قائم الظهيرة» يقتضي أنهما خرجا من الغار ليلا، بل أول الليل، لأن مع التأكيد يبعد أن يكون المراد بقية ليلتنا، وتقدم عن البخاري «أتاهما براحلتيهما صبح ثلاث» وحمل ذلك على ما قارب الصبح من الليل بعيد فليتأمل هذا المحل. وقيل دخلها أي المدينة ليلا كما في رواية لمسلم، أي وقال الحافظ ابن حجر: ويجمع بأن القدوم كان آخر الليل فدخلها نهارا.
أقول: لعل مراد الحافظ أن الوصول كان ليلا إلى قرب المدينة فأقاموا بذلك المحل إلى أن أسفر النهار وساروا فما وصلوا إلا وقت الظهيرة، فلا يخالف ما تقدم، وقيل دخلها يوم الجمعة. وذكر الحافظ ابن حجر أنه شاذ والله أعلم.
وسرى السرور إلى القلوب بحلوله في المدينة. فعن البراء ، قال: ما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء فرحهم برسول الله.
وعن أنس بن مالك قال: لما كان اليوم الذي دخل فيه رسول الله أضاء منها كل شيء وصعدت ذوات الخدور على الأجاجير: أي الأسطحة عند قدومه يعلنّ بقولهن: طلع البدر علينا. الخ.
وعن عائشة : لما قدم رسول الله المدينة جعل النساء والصبيان والولائد يقلن:
طلع البدر علينا ** من ثنيات الواداع
وجب الشكر علينا ** ما دعا لله داعي
أيها المبعوث فينا ** جئت بالأمر المطاع
قال: واستشكل بأن ثنيات الوداع ليست من جهة القادم من مكة، بل هي من جهة الشام. فقد قال ابن القيم في الهدي في غزوة تبوك: ثنيات الوداع من جهة الشام لا يطؤها القادم من مكة. ونقل الحافظ ابن حجر عنه عكس ذلك، وليس في محله، وأجيب بأنه جاء من جهتها في دخوله للمدينة عند خروجه من قباء ا هـ.
أي وفي كلام بعضهم: ما كان أحد يدخل المدينة إلا منها، فإن لم يعبر منها مات قبل إن يخرج لوبائها كما زعمت اليهود، فإذا وقف عليها قيل قد ودع فسميت به؛ وقيل قيل لها ثنية الوداع لأن المودع يمشي مع المسافر من المدينة إليها، وهو اسم قديم جاهلي، وقيل إسلامي؛ سمي ذلك المحل لذلك، وقيل لأن الصحابة ودعوا فيها النساء اللاتي استمتعوا بهن في خيبر عند رجوعهن من خيبر، أو وقع توديع من خرج إلى غزوة تبوك فيها، أو لكونه ودّع بعض المسافرين عندها، وهذا يدل على أن هذا الشعر قيل له عند دخوله المدينة لا عند دخوله قباء، وسياق بعضهم يقتضيه؛ وسياق بعض آخر يقتضي أنه كان عند دخوله قباء؛ ومن هذا تعلم أن المدينة تطلق ويراد بها ما يشمل قباء، ومنه قولنا وسرى السرور إلى القلوب بحلوله في المدينة؛ فعن البراء إلى آخره، وهي المرادة بدخوله المدينة يوم الاثنين على ما تقدم؛ وتطلق ويراد بها ما قابل قباء وحينئذ تكون هذه المرادة بقول أنس: لما كان اليوم الذي دخل فيه رسول الله المدينة إلى آخره، ولعل منه ما في بعض الروايات المتقدمة «دخل المدينة يوم الجمعة» الذي حكم الحافظ ابن حجر بشذوذه كما تقدم.
«ولما جلس رسول الله قام أبو بكر للناس» أي وأبو بكر شيخ: أي شيبه ظاهر، والنبي شاب: أي شعر لحيته أسود مع كونه أسن من أبي بكر كما تقدم. وقد قال أنس: لم يكن في الذين هاجروا أشمط غير أبي بكر «فطفق من جاء من الأنصار ممن لم ير رسول الله يجيء أبا بكر فيعرفه بالنبي حتى أصابت الشمس رسول الله، فأقبل أبو بكر حتى ظلل عليه بردائه، فعرفه الناس» أي عرفه من جاء منهم بعد ذلك: أي لأن عدم تأثير الشمس فيه لتظليل الغمامة كان قبل البعثة إرهاصا كما تقدم.
ومما يدل على أن خروجه من قباء كان يوم الجمعة قول بعضهم «ولبث رسول الله في بني عمرو بن عوف» أي في قباء «بقية يوم الاثنين ويوم الثلاثة ويوم الأربعاء ويوم الخميس وخرج يوم الجمعة» وقيل لبث بضع عشرة ليلة، وهو المنقول عن البخاري.
وعن ابن عقبة «أقام ثنتين وعشرين ليلة» وفي الهدى «أقام أربعة عشر يوما» وهو ما في صحيح مسلم فليتأمل «وأسس في قباء المسجد الذي أسس على التقوى: أي الذي نزلت فيه الآية، وصلى فيه رسول الله » قال في الهدى: ولا ينافي هذا قوله «وقد سئل عن المسجد الذي أسس على التقوى فقال: مسجدكم هذا، وأشار لمسجد المدينة» أي وفي رواية «فأخذ حصاة فضرب به الأرض، وقال: مسجدكم هذا» يعني مسجد المدينة، لأن كلا منهما مؤسس على التقوى هذا كلامه. ويوافقه ما نقل عن ابن عباس أنه كان يرى كل مسجد بني المدينة الشاملة لقباء أسس على التقوى: أي لكن الذي نزلت فيه الآية مسجد قباء «وكان خروجه من قباء يوم الجمعة حين ارتفع النهار» قال: قيل وكان محل مسجد قباء مربد أي محلا يجفف فيه التمر لكلثوم بن الهدم، وهو أول مسجد بني في الإسلام لعموم المسلمين، فلا ينافي أنه بنى قبله غيره من المساجد لكن لخصوص الذي بناه كالمسجد الذي بناه الصديق بفناء داره بمكة كما تقدم انتهى.
إن يسلم السعدان يصبح محمد ** من الأمر لا يخشى خلاف المخالف
فقالوا: السعود سعد بن زيد مناة، وسع، هديم، فلما كانت القابلة سمعوا ذلك الهاتف يقول:
فيا سعد سعد الأوس كن أنت مانعا ** ويا سعد سعد الخزرجين الغطارف
فقالوا: سعد الأوس سعد بن معاذ، وسعد الخزرجين سعد بن عبادة، ففيه نظر، لأن السعدين المذكورين كانا أسلما قبل ذلك؟ فلا يحسن قوله إن يسلم السعدان.
أقول: يجوز أن تكون أن هنا بمعنى إذ: أي صيرورته آمنا لا يخشى خلاف المخالف لأجل إسلام السعدين، أو المراد دوامهما على الإسلام، على أنه ذكر في الأصل إن إنشاد هذين البيتين وسماع أهل مكة له كان قبل إسلام سعد بن معاذ.
وذكر بعضهم أن السعود من الأنصار سبعة: أربعة من الأوس: سعد بن معاذ، وسعد بن خيثمة، وسعد بن عبيد، وسعد بن زيد، وثلاثة من الخزرج: سعد بن عبادة، وسعد بن الربيع وسعد بن عثمان أبو عبيدة، والله أعلم.
قال: وتقديم قصة سراقة على قصة أم معبد هو ما في الأصل، وقد التزم فيه ترتيب الوقائع وقضية الترتيب ذكر قصة أم معبد قبل قصة سراقة لأنه الصحيح الذي صرح به جماعة ا هـ.
أقول: ومما يدل لذلك ما تقدم من أن كفار قريش لم يعلموا أين توجه حتى سمعوا الهاتف يذكر أم معبد.
وعن أسماء بنت أبي بكر قالت: لما خرج رسول الله أتانا نفر من قريش فيهم أبو جهل وقفوا على الباب فخرجت إليهم، فقالوا: أين أبوك؟ قلت: والله لا أدري، فرفع أبو جهل يده فلطم خدي لطمة خرم منها قرطي، أي وفي لفظ: طرح منها قرطي. والقرط: ما يعلق في شحمة الأذن، قالت. ثم انصرفوا فمضى ثلاث ليال ولم ندر أي توجه رسول الله إذ أقبل رجل من الجن من أسفل مكة، يغني بأبيات وإن الناس ليتبعونه يسمعون صوته حتى خرج بأعلى مكة يقول: جزى الله رب الناس الأبيات كذا في الأصل.
وفيه أن قولها لما خرج رسول الله ظاهر في خروجه للغار، وقولها فمضى ثلاث لا ندري أين توجه يقتضي أن المراد خروجه من الغار، وتقدم أنهم علموا بخروجه إلى المدينة في اليوم الثاني من خروجه من الغار، وتقدم أنهم لم يعلموا بذلك إلا من الهاتف فليتأمل.
وقد تبع الأصل في ذلك شيخه الحافظ الدمياطي حيث قدّم خبر سراقة على قصة أم معبد، إلا أن يقال الدمياطي لم يلتزم الترتيب فلا تحسن تبعيته، وهنا قصة أخرى فيها زيادة ونقص. قيل هي قصة أم معبد وقيل غيرها. «وهي أنه اجتاز بغنم فقال لراعيها لمن هذه؟ فقال لرجل من أسلم، فالتفت قال لأبي بكر وقال: سلمت إن شاء الله تعالى، ثم قال للراعي: ما اسمك؟ قال مسعود، فالتفت إلى أبي بكر فقال: سعدت إن شاء الله تعالى».
وفي الإمتاع: ولقى بريدة بن الحصيب الأسلمي في ركب من قومه فدعاهم إلى الإسلام فأسلموا: أي والحصيب بضم الحاء المهملة وفتح الصاد.
وفي الشرف «أن بريدة لما بلغه ما جعلته قريش لمن يأخذ النبي طمع في ذلك، فخرج هو في سبعين من أهل بيته. وفي لفظ كانوا نحو ثمانين بيتا، وحينئذ يراد ببيته قومه، فلما رآه قال له: من أنت؟ قال: بريدة ابن الحصيب، فالتفت النبي : قال يا أبا بكر برد أمرنا وصلح، قال: ممن أنت؟ قال: من أسلم من بني سهم، قال النبي سلمنا وخرج سهمك يا أبا بكر» أي لأنه كان يتفاءل ولا يتطير كما تقدم. ثم قال بريدة للنبي من أنت؟ قال: أنا محمد بن عبدالله بن عبد المطلب رسول الله، فقال بريدة: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، فأسلم بريدة وكل من كان معه: أي وصلوا خلفه العشاء الآخرة، ثم قال بريدة: يا رسول الله لا تدخل المدينة إلا ومعك لواء، فحلّ بريدة عمامته، ثم شدها في رمح ثم مشى بين يديه: أي وقال له كما في الوفاء: تنزل علام يا نبي الله؟ فقال النبي : إن ناقتي هذه مأمورة، فقال بريدة: الحمد لله الذي أسلمت بنو سهم» يعني قومه «طائعين غير مكرهين».
ولما سمع المسلمون بالمدينة بخروج رسول الله من مكة كانوا يغدون كل غداة إلى الحرة ينتظرونه حتى يردهم حرّ الظهيرة.
أقول: ولعلّ خروجهم كان في ثلاثة أيام، وهي المدة الزائدة على المسافة المعتادة بين مكة والمدينة التي كان بها في الغار، والله أعلم.
فانقلبوا يوما بعد أن طال انتظارهم أي وأحرقتهم الشمس، وإذا رجل من اليهود صعد على أطم: أي محل مرتفع من آطامهم أي من محالهم المرتفعة لأمر ينظر إليه، فبصر برسول الله وأصحابه مبيضين: أي لأنهم لقوا الزبير في ركب من المسلمين كانوا تجار قافلين من الشام، فكسا الزبير رسول الله وأبا بكر ثيابا بيضا كما في البخاري.
وقيل إن الذي كساهما طلحة بن عبيدالله. فقال في النور: ولعلهما لقياه معا أو متعاقبين فكسواه وأبا بكر ما ذكره، وهذا الجمع أولى من ترجيح الحافظ الدمياطي لهذا القيل ومن ثم ذكر الحافظ ابن حجر أن هذا القيل هو الذي في السير. ومال الدمياطي إلى ترجيحه على عادته في ترجيح ما في السير على ما في الصحيح، لكنه ذكر أن ذلك كان شأنه في ابتداء أمره، فلما تضلع من الأحاديث الصحيحة كان يرى الرجوع عن كثير مما وافق عليه أهل السير وخالف الأحاديث الصحيحة.
فلما رآهم ذلك اليهودي يزول بهم السراب، أي يرفعهم ويظهرهم: أي والسراب ما يرى كالماء في وسط النهار في زمن الحرّ، فلم يملك اليهودي أن قال بأعلى صوته: يا معشر العرب هذا جدكم: أي حظكم الذي تنتظرون، أي وفي رواية: فلما دنوا من المدينة بعثوا رجلا من أهل البادية إلى أبي امامة وأصحابه من الأنصار، أي ولا مانع من وجود الأمرين، فثار المسلمون إلى السلاح، فبلغوا رسول الله بظهر الحرة، أي وفي لفظ: فوافوه وهو مع أبي بكر في ظل نخلة، ولعل تلك النخلة كانت بظهر الحرة فلا مخالفة، ثم قالوا لهما ادخلا آمنين مطمئنين. وفي لفظ: فاستقبله زهاء خمسمائة أي ما يزيد على خمسمائة من الأنصار، فقالوا: اركبا آمنين مطاعين، فعدل بهم ذات اليمين حتى نزل بقباء في دار بني عمرو بن عوف، وذلك في يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول على كلثوم بن الهدم: أي لأنه كان شيخ بني عمرو بن عوف: أي وهم بطن من الأوس، قيل وكان يومئذٍ مشركا ثم أسلم وتوفي قبل بدر بيسير وقيل أسلم قبل وصوله المدينة، أي وعند نزوله نادى كلثوم بغلام له يا نجيح، فقال رسول الله : أنجحت يا أبا بكر، وكان يجلس للناس ويتحدث مع أصحابه في بيت سعد بن خيثمة: أي لأنه كان عزبا لا أهل له هناك، أي وكان منزله يسمى منزل العزاب، والعزب من الرجال من لا زوجة له ولا يقال أعزب، وقيل هي لغة رديئة.
أقول: وبذلك يجمع بين قول من قال: نزل على كلثوم وقول من قال: نزل على سعد بن خيثمة، ثم رأيت الحافظ الدمياطي أشار إلى ذلك، والله أعلم.
ونزل عليّ بن أبي طالب لما قدم المدينة على كلثوم أيضا بقباء بعد أن تأخر بمكة بعده ثلاث ليال يؤدي الودائع التي كانت عند النبي، لأمره له بذلك كما تقدم.
فلما توجه إلى المدينة قام عليّ بالأبطح ينادي: من كان له عند رسول الله وديعة فليأت تؤدى إليه أمانته، فلما نفد ذلك ورد عليه كتاب رسول الله بالشخوص إليه؛ فابتاع ركائب وقدم ومعه الفواطم، ومعه أم أيمن وولدها أيمن، وجماعة من ضعفاء المؤمنين.
أقول: سيأتي ما يخالف ذلك، وهو «أنه لما نزل في دار أبي أيوب بعث زيد بن حارثة وأبا رافع إلى مكة وأعطاهما خمسمائة درهم وبعيرين يقدمان عليه بفاطمة وأم كلثوم بنته وسودة زوجته وأم أيمن وولدها أسامة» إلا أن يقال يجوز أن يكون الكتاب الذي فيه استدعاء سيدنا علي للهجرة كان مع زيد وأبي رافع وأنهما صحباه. ولا ينافي ذلك ما تقدم من أنه تأخر بعد عليّ بمكة ثلاث ليال يؤدي الودائع، لأن تلك الليالي الثلاث كانت مدة تأدية الودائع؛ ومكث بعدها إلى أن جاءه كتاب رسول الله، وحينئذ يكون قدم على النبي بالمدينة بعد نزوله بقباء على كلثوم فلا مخالفة، لكن في السيرة الهشامية «فنزل: أي عليّ معه أي مع النبي على كلثوم» وهو لا يتأتى إلا على القول بأنه مكث في قباء بضع عشرة ليلة كما سيأتي، وحينئذ يخالف ما سبق من مجيئه مع زيد وأبي رافع، لما علمت أنه إنما أرسلهما بعد أن تحول من قباء إلى المدينة.
وفي الإمتاع: لما قدم عليّ من مكة كان يسير الليل ويكمن النهار حتى تقطرت قدماه، فاعتنقه النبي، وبكى رحمة لما بقدميه من الورم، وتفل في يديه وأمرّهما على قدميه فلم يشكهما بعد ذلك، ولا مانع من وقوع ذلك من عليّ مع وجود ما يركبه، لأنه يجوزأن يكون هاجر ماشيا رغبة في عظيم الأجر.
وفي السيرة الهشامية: أن إقامة عليّ بقباء كانت ليلة أو ليلتين، وأنه رأى امرأة مسلمة لا زوج لها يأتيها إنسان من جوف الليل يضرب عليها بابها فتخرج إليه فيعطيها شيئا معه فتأخذه، قال علي: فسألتها فقالت: هذا سهل بن حنيف قد عرف أني امرأة لا أحد لي، فإذا أمسى غدا على أوثان قومه فكسرها، ثم جاءني بها فقال احتطبي بهذا: أي اجعليه للنار، فكان عليّ يعرف ذلك لسهل بن حنيف والله أعلم.
قال: ونزل أبو بكر على حبيب بن أبي إساف، وقيل على خارجة بن زيد بالسنح بضم السين المهملة فنون ساكنة فحاء مهملة.
وعن ابن عباس : ولد نبيكم يوم الاثنين، وحملت به أمه يوم الاثنين، وخرج من مكة: أي من الغار يوم الاثنين، ودخل المدينة يوم الاثنين.
قال الحاكم: تواترت الأخبار أن خروجه كان يوم الاثنين ودخوله المدينة كان يوم الاثنين. زاد بعضهم: وفتح مكة كان يوم الاثنين، ووضع الركن كان يوم الاثنين.
ومن الغريب ما حكاه بعضهم عن الربيع المالكي، وكان بمصر كان يوم الاثنين خاصة إذا نام فيه تنام عيناه ولا ينام قلبه. وقيل خرج من مكة أي إلى الغار يوم الخميس، وعليه يكون مكث في الغار تلك الليلة التي هي ليلة الجمعة، وليلة السبت وليلة الأحد، وعليه يكون خروجه من الغار صبيحة ليلة الأحد.
ففي البخاري «أتاهما» أي الدليل «براحلتهما صبح ثلاث» وتقدم أن خروجهما إلى الغار كان ليلا من بيت أبي بكر، وقول أبي بكر «سرنا ليلتنا كلها حتى قام قائم الظهيرة» يقتضي أنهما خرجا من الغار ليلا، بل أول الليل، لأن مع التأكيد يبعد أن يكون المراد بقية ليلتنا، وتقدم عن البخاري «أتاهما براحلتيهما صبح ثلاث» وحمل ذلك على ما قارب الصبح من الليل بعيد فليتأمل هذا المحل. وقيل دخلها أي المدينة ليلا كما في رواية لمسلم، أي وقال الحافظ ابن حجر: ويجمع بأن القدوم كان آخر الليل فدخلها نهارا.
أقول: لعل مراد الحافظ أن الوصول كان ليلا إلى قرب المدينة فأقاموا بذلك المحل إلى أن أسفر النهار وساروا فما وصلوا إلا وقت الظهيرة، فلا يخالف ما تقدم، وقيل دخلها يوم الجمعة. وذكر الحافظ ابن حجر أنه شاذ والله أعلم.
وسرى السرور إلى القلوب بحلوله في المدينة. فعن البراء ، قال: ما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء فرحهم برسول الله.
وعن أنس بن مالك قال: لما كان اليوم الذي دخل فيه رسول الله أضاء منها كل شيء وصعدت ذوات الخدور على الأجاجير: أي الأسطحة عند قدومه يعلنّ بقولهن: طلع البدر علينا. الخ.
وعن عائشة : لما قدم رسول الله المدينة جعل النساء والصبيان والولائد يقلن:
طلع البدر علينا ** من ثنيات الواداع
وجب الشكر علينا ** ما دعا لله داعي
أيها المبعوث فينا ** جئت بالأمر المطاع
قال: واستشكل بأن ثنيات الوداع ليست من جهة القادم من مكة، بل هي من جهة الشام. فقد قال ابن القيم في الهدي في غزوة تبوك: ثنيات الوداع من جهة الشام لا يطؤها القادم من مكة. ونقل الحافظ ابن حجر عنه عكس ذلك، وليس في محله، وأجيب بأنه جاء من جهتها في دخوله للمدينة عند خروجه من قباء ا هـ.
أي وفي كلام بعضهم: ما كان أحد يدخل المدينة إلا منها، فإن لم يعبر منها مات قبل إن يخرج لوبائها كما زعمت اليهود، فإذا وقف عليها قيل قد ودع فسميت به؛ وقيل قيل لها ثنية الوداع لأن المودع يمشي مع المسافر من المدينة إليها، وهو اسم قديم جاهلي، وقيل إسلامي؛ سمي ذلك المحل لذلك، وقيل لأن الصحابة ودعوا فيها النساء اللاتي استمتعوا بهن في خيبر عند رجوعهن من خيبر، أو وقع توديع من خرج إلى غزوة تبوك فيها، أو لكونه ودّع بعض المسافرين عندها، وهذا يدل على أن هذا الشعر قيل له عند دخوله المدينة لا عند دخوله قباء، وسياق بعضهم يقتضيه؛ وسياق بعض آخر يقتضي أنه كان عند دخوله قباء؛ ومن هذا تعلم أن المدينة تطلق ويراد بها ما يشمل قباء، ومنه قولنا وسرى السرور إلى القلوب بحلوله في المدينة؛ فعن البراء إلى آخره، وهي المرادة بدخوله المدينة يوم الاثنين على ما تقدم؛ وتطلق ويراد بها ما قابل قباء وحينئذ تكون هذه المرادة بقول أنس: لما كان اليوم الذي دخل فيه رسول الله المدينة إلى آخره، ولعل منه ما في بعض الروايات المتقدمة «دخل المدينة يوم الجمعة» الذي حكم الحافظ ابن حجر بشذوذه كما تقدم.
«ولما جلس رسول الله قام أبو بكر للناس» أي وأبو بكر شيخ: أي شيبه ظاهر، والنبي شاب: أي شعر لحيته أسود مع كونه أسن من أبي بكر كما تقدم. وقد قال أنس: لم يكن في الذين هاجروا أشمط غير أبي بكر «فطفق من جاء من الأنصار ممن لم ير رسول الله يجيء أبا بكر فيعرفه بالنبي حتى أصابت الشمس رسول الله، فأقبل أبو بكر حتى ظلل عليه بردائه، فعرفه الناس» أي عرفه من جاء منهم بعد ذلك: أي لأن عدم تأثير الشمس فيه لتظليل الغمامة كان قبل البعثة إرهاصا كما تقدم.
ومما يدل على أن خروجه من قباء كان يوم الجمعة قول بعضهم «ولبث رسول الله في بني عمرو بن عوف» أي في قباء «بقية يوم الاثنين ويوم الثلاثة ويوم الأربعاء ويوم الخميس وخرج يوم الجمعة» وقيل لبث بضع عشرة ليلة، وهو المنقول عن البخاري.
وعن ابن عقبة «أقام ثنتين وعشرين ليلة» وفي الهدى «أقام أربعة عشر يوما» وهو ما في صحيح مسلم فليتأمل «وأسس في قباء المسجد الذي أسس على التقوى: أي الذي نزلت فيه الآية، وصلى فيه رسول الله » قال في الهدى: ولا ينافي هذا قوله «وقد سئل عن المسجد الذي أسس على التقوى فقال: مسجدكم هذا، وأشار لمسجد المدينة» أي وفي رواية «فأخذ حصاة فضرب به الأرض، وقال: مسجدكم هذا» يعني مسجد المدينة، لأن كلا منهما مؤسس على التقوى هذا كلامه. ويوافقه ما نقل عن ابن عباس أنه كان يرى كل مسجد بني المدينة الشاملة لقباء أسس على التقوى: أي لكن الذي نزلت فيه الآية مسجد قباء «وكان خروجه من قباء يوم الجمعة حين ارتفع النهار» قال: قيل وكان محل مسجد قباء مربد أي محلا يجفف فيه التمر لكلثوم بن الهدم، وهو أول مسجد بني في الإسلام لعموم المسلمين، فلا ينافي أنه بنى قبله غيره من المساجد لكن لخصوص الذي بناه كالمسجد الذي بناه الصديق بفناء داره بمكة كما تقدم انتهى.
مواضيع مماثلة
» هجرة الى المدينه 2
» هجرة الى المدينه 3
» هجرة الى المدينه 5
» هجرة الى المدينه 6
» هجرة الى المدينه 7
» هجرة الى المدينه 3
» هجرة الى المدينه 5
» هجرة الى المدينه 6
» هجرة الى المدينه 7
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة 21 يونيو 2024, 12:25 am من طرف Admin
» هل الانجيل محرف
الأربعاء 19 يونيو 2024, 2:34 pm من طرف Admin
» شبهات النصاري زواج ام المؤمنين عائشه،
الإثنين 17 يونيو 2024, 10:30 am من طرف Admin
» الفرق بين السنه والفقه
السبت 11 مايو 2024, 11:23 pm من طرف Admin
» كيف عرفت انه نبي..
الجمعة 26 أبريل 2024, 5:40 am من طرف Admin
» موضوع هل يدخل الجنه غير المسلمين،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:48 am من طرف Admin
» التدرج في التشريع
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:43 am من طرف Admin
» كتب عليكم الصيام،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:41 am من طرف Admin
» اقوال العلماء في تفسير ايه الحجاب،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:40 am من طرف Admin