بحـث
الشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المواضيع الأخيرة
نوفمبر 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | |||||
3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 |
10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 |
17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 |
24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
الحمدلله على نعمة الاسلام
ايها الاخوه الدعاه الى الله وكذا جميع الزائرين والزائرات مرحبا بكم واهلا نتمنى من الله ان نكون عند حسن ظنكم جميا والله الموفق الى الخير وهو حسبنا ونعم الوكيلالشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 13 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 13 زائر لا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 76 بتاريخ الأربعاء 30 أكتوبر 2024, 11:01 pm
الاسلام والفرائض الاجتماعيه
صفحة 1 من اصل 1
الاسلام والفرائض الاجتماعيه
الاسلام والفرائض الاجتماعية \للدكتور محمد عمارة
الاسلام: دين الجماعة, ولذلك تميزت فرائضه وتكاليفه بالتوجه الي الفرد
والي المجموع معا, بل إن فرائضه الاجتماعية ـ الكفائية ـ غدت أكثر توكيدا
من فرائضه الفردية ـ وذلك لإعتبار العائد منها,
ولذلك كان إثم
التخلف عن الفريضة الفردية واقفا عند الفرد وحده, بينما إثم التخلف عن
الفريضة الاجتماعية واقعا علي الأمة جمعاء!.. بل إن الفرائض الفردية ـ
كالصلاة مثلا ـ يكون ثوابها أعظم عندما تؤدي في جماعة واجتماع!
كما أن المقاصد والثمرات لكل الفرائض الفردية إنما تصب في ترشيد الجماعة
والمجموع.. ولهذا التميز الإسلامي كان لابد لإقامة كامل الإسلام من وطن
يمثل الوعاء لإقامة فرائضه الاجتماعية, وذلك علي عكس ديانات أخري يكتمل
قيامها وإقامتها في عزلة الرهبنة, بعيدا عن الإنتماء للوطن والأمة
والمجموع.. ولهذه الحكمة ـ أيضا ـ كانت رهبانية الإسلام فريضة إجتماعية, هي
الجهاد في سبيل الله.. أي في سبيل الأمة وصيانة الوطن وصلاح الإجتماع!..
ولهذه الحكمة التي تميز بها الإسلام ـ كونه دين الجماعة ـ قامت دولته وكذلك
أمته علي التنظيم والنظم والمؤسسات..
< فالدولة الإسلامية
الأولي التي أبرم عقدها الاجتماعي والسياسي في بيعة العقبة س1 ق.هـ سنة621 م
ـ والتي برزت الي حيز الواقع عقب الهجرة سنة1هـ سنة622 م ـ قد قامت علي
مؤسسات دستورية ثلاث:
1 ـ مؤسسة الأمراء: المهاجرون الأولون ـ
العشرة الذين مثلوا قيادات بطون قريش والذين كانوا أول الناس إسلاما,
والذين أحاطت بيوتهم بمسجد النبوة ـ دار الحكومة ـ وكانت لها أبواب تفتح في
المسجد, وكانوا ـ في الصلاة ـ يقفون خلف رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ
وفي القتال يقفون أمامه!
2 ـ ومؤسسة الوزراء: النقباء الاثنا عشر
الذين مثلوا قيادات الأنصار ـ من الأوس والخزرج ـ والذين تم انتخابهم في
بيعة العقبة لينوبوا عن الأنصار في مبايعة الرسول علي الهجرة الي المدينة
وإقامة الدولة فيها.
3 ـ ومؤسسة مجلس الشوري: مجلس السبعين ـ الذي
كان يعقد جلساته بمسجد النبوة ـ دار الحكومة ـ في مكان محدد, وأوقات
محددة, وتعرض عليه شئون الدولة ومشكلات الولايات والأقاليم..
>
وغير مؤسسات الدولة كانت المؤسسية والمؤسسات هي الروابط التي تحول الأفراد
والقبائل والطوائف والطبقات الي لبنات في بناء أمة الإسلام.. الإسلام
العقدي الخاص بالمؤمنين, والإسلام الحضاري الجامع لرعية الدولة علي إختلاف
العقائد والأعراق والألسنة التي احتضنها المحيط الإسلامي, وسلكها في النسيج
الحضاري الواحد الذي بناه وانتمي اليه واعتز به كل الذين أظلتهم رايات
حضارة الإسلام.
> ولأن صلاح الدنيا ـ صلاح المعاش هو الأساس
الذي يقوم عليه صلاح الدين ـ صلاح المعاد علي النحو الذي عبر عنه حجة
الإسلام أو حامد الغرالي(450 ـ505 هـ105 ـ1111 م) عندما قال: إن نظام الدين
لايحصل إلا بنظام الدنيا ـ فنظام الدين, بالمعرفة والعبادة, لايتوصل
إليهما إلا:
ـ بصحة البدن. ـ وبقاء الحياة ــ وسلامة قدر الحاجات من:
اـ الكسوة. ب ـ والمسكن ـ والأقوات. ـ والأمن.
فلا ينتظم الدين إلا بتحقيق هذه المهمات الضرورية, وإلا فمن كان جميع
أوقاته مستغرقا بحراسة نفسه من سيوف الظلمة, وطلب قوته من وجوه الغلبة, متي
يتفرغ للعلم والعمل, وهما وسيلتاه الي سعادة الآخرة؟!.. فإذن, بان أن نظام
الدنيا, أعني مقادير الحاجة اشرط لنظام الدين لأن هذا هو مكان صلاح الدنيا
والمعاش من صلاح الدين والمعاد, في فلسفة الاسلام, كانت فريضة الزكاة ـ
التي هي ركن من أركان الإسلام ـ والتي هي فريضة جامعة بين التكليف الفردي
وبين التكليف الاجتماعي كانت أولي المؤسسات الاجتماعية الاقتصادية في تاريخ
الإسلام ودولة الإسلام وأمة الإسلام.
صحيح أن إيتاء الزكاة كان
مشروعا في الرسالات السماوية التي سبقت الشريعة الاسلامية الخاتمة, فلقد
جاء في قصص أبي الأنبياء, إبراهيم ـ وآله عليهم السلام وجعلناهم أئمة
يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا
لنا عابدين) الأنبياء:73 ـ.. لكن هذه الشعيرة قد إتخذت في الإسلام مكانا
متميزا, جمع بين التكليف الاجتماعي, لأنها السبيل لتكافل الأمة اجتماعيا,
ومن ثم فهي الآلية التي تحقق جعل آحاد الأفراد أمة واحدة ونسيجا متصلا
وجسدا واحدا.. كما أنها تميزت وامتازت ـ في الإسلام ـ بجعلها مؤسسة تقوم
عليها الدولة وتنظمها الجماعة عندما يتولاها ويقوم عليها نظام في الجمع
والتحصيل وفي الرعاية والتنمية وفي التوزيع, ينهض به العاملون عليها.. فهي
مؤسسة للأمة, ترعاها الدولة ـ التي تحرس الدين وتساس بهذا الدين.. فالخطاب
الإلهي بها موجه الي الدولة والي الأمة معا:
خذ من أموالهم صدقة
تطهرهم وتزكيهم بها) ـ التوبة:102 ـ( وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة
وماتقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله( البقرة:.110
> ولقد
نبعت هذه المكانة المتميزة لفريضة الزكاة, علي النحو الذي جعلها أولي
المؤسسات الاجتماعية في دولة الإسلام وأمته من فلسفة الإسلام في الثروات
والأموال, هذه الفلسفة التي جعلت الذات الإلهية هي المالك الحقيقي ـ مالك
الرقبة ـ في الثروات والأموال, وجعلت الناس ـ كل الناس ـ وليس الفرد أو
الطبقة.
مستخلفين عن الله ـ سبحانه وتعالي في الحيازة و ملكية
المنفعة و التنمية والاستثمار والاستمتاع الحلال بهذه الثروات والأموال
فكانت الفلسفة المالية التي جمعت ـ بإعجاز وتوازن ـ بين ملكية المجموع وبين
ملكية الأفراد ـ علي النحو الذي بريء من غلوي الإفراط والتفريط اللذين
سادا في الحضارات غير الإسلامية ـ.. حتي أن القرآن الكريم قد نص علي فلسفة
الاستخلاف هذه ـ في الثروات والأموال ـ فقال ـ ضمن ما قال:ـ( وآتوهم من مال
الله الذي آتاكم) ـ النور:33 ـ( وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه) ـ
الحديد:7 ـ كما أضاف القرآن مصطلح المال الي ضمير الفرد في سبع آيات وأضافه
الي ضمير المجموع في سبع وأربعين آية!.. لتقرير هذه الفلسفة الفريدة ـ
والجامعة ـ في الثروات والأموال..
> ولقد قام الفكر الإسلامي ـ
وكذلك تطبيقاته ـ بالتفصيل لهذه الفلسفة الإسلامية في الثروات والأموال ـ
فلسفة الاستخلاف ـ فقال الراشد الثاني عمر بن الخطاب(40 ق. هـ23 هـ584 ـ644
م).. رضي الله عنه ـ:.. والذي نفسي بيده, مامن أحد إلا له في هذا المال
حق, وما أحد أحق به من أحد, وما أنا فيه إلا كأحدهم, فالرجل وبلاؤه, والرجل
وقدمه, والرجل وغناؤه, والرجل وحاجته. هو مالهم يأخذونه, ليس هو العمر ولا
لآل عمر.. ولو استقبلت من أمري ما استبدرت لأخذت فضول ـ( زيادات) أموال
الأغنياء فقسمتها علي الفقراء, وجعلتهم رجلا واحدا
> وقال
الراشد الرابع علي بن أبي طالب(23 ق. هـ600 ـ661 م) ـ رضي الله عنه ـ: إن
الله قد فرض في أموال الأغنياء أقوات الفقراء, فما جاع فقير إلا بما متع به
غني, وإن الله سائلهم عن ذلك.. إن الغني في الغربة وطن, وإن الفقر في
الوطن غربة, وإن المقل غريب في بلدته!
> وقال الراشد الخامس
عمر بن عبد العزيز(61 ـ101 هـ681 ـ720 م) ـ رضي الله عنه ـ عن المال في
دولة النبوة ـ: إن الله قد اختار رسوله ـ صلي الله عليه وسلم ـ الي جواره,
وترك للناس نهرا شربهم ـ( نصيبهم) ـ فيه سواء(5)!
> وقال
الإمام الزمخشري(467 ـ538 هـ1075 ـ1144 م) في تفسير آية وأنفقوا مما
جعلكم مستخلفين فيه): إن مراد الله من هذه الآية هو أن يقول للناس: إن
الأموال التي في أيديكم إنما هي أموال الله, بخلقه وإنشائه لها, وإنما
مولكم إياها, وخولكم الاستمتاع بها, رجعلكم خلفاء في التصرف فيها, فليست هي
أموالكم في الحقيقة, وما أنتم فيها إلا بمنزلة الوكلاء والنواب(6).
> وقال الإمام محمد عبده(1266 ـ1323 هـ1849 ـ1905 م) ـ في التعليق علي
إضافة القرآن مصطلح المال الي ضمير الفرد في سبع آيات, وإضافته الي ضمير
الجمع في سبع وأربعين آية ـ: إن الله
> وعبر تاريخ الإسلام
والحضارة الإسلامية, ورغم الجور والاستبداد والأثر التي طرأت علي الدولة
الإسلامية في كثير من الحقب والعصور, ظلت الأمة ساعية وقائمة علي رعاية
العدل الاجتماعي قدر الطاقة ـ.. وظلت الزكاة ومعها الأوقاف راعية للفقراء,
وعاملة علي الوفاء بقدر من حقوق الفقراء في أموال الأغنياء.
الاسلام: دين الجماعة, ولذلك تميزت فرائضه وتكاليفه بالتوجه الي الفرد
والي المجموع معا, بل إن فرائضه الاجتماعية ـ الكفائية ـ غدت أكثر توكيدا
من فرائضه الفردية ـ وذلك لإعتبار العائد منها,
ولذلك كان إثم
التخلف عن الفريضة الفردية واقفا عند الفرد وحده, بينما إثم التخلف عن
الفريضة الاجتماعية واقعا علي الأمة جمعاء!.. بل إن الفرائض الفردية ـ
كالصلاة مثلا ـ يكون ثوابها أعظم عندما تؤدي في جماعة واجتماع!
كما أن المقاصد والثمرات لكل الفرائض الفردية إنما تصب في ترشيد الجماعة
والمجموع.. ولهذا التميز الإسلامي كان لابد لإقامة كامل الإسلام من وطن
يمثل الوعاء لإقامة فرائضه الاجتماعية, وذلك علي عكس ديانات أخري يكتمل
قيامها وإقامتها في عزلة الرهبنة, بعيدا عن الإنتماء للوطن والأمة
والمجموع.. ولهذه الحكمة ـ أيضا ـ كانت رهبانية الإسلام فريضة إجتماعية, هي
الجهاد في سبيل الله.. أي في سبيل الأمة وصيانة الوطن وصلاح الإجتماع!..
ولهذه الحكمة التي تميز بها الإسلام ـ كونه دين الجماعة ـ قامت دولته وكذلك
أمته علي التنظيم والنظم والمؤسسات..
< فالدولة الإسلامية
الأولي التي أبرم عقدها الاجتماعي والسياسي في بيعة العقبة س1 ق.هـ سنة621 م
ـ والتي برزت الي حيز الواقع عقب الهجرة سنة1هـ سنة622 م ـ قد قامت علي
مؤسسات دستورية ثلاث:
1 ـ مؤسسة الأمراء: المهاجرون الأولون ـ
العشرة الذين مثلوا قيادات بطون قريش والذين كانوا أول الناس إسلاما,
والذين أحاطت بيوتهم بمسجد النبوة ـ دار الحكومة ـ وكانت لها أبواب تفتح في
المسجد, وكانوا ـ في الصلاة ـ يقفون خلف رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ
وفي القتال يقفون أمامه!
2 ـ ومؤسسة الوزراء: النقباء الاثنا عشر
الذين مثلوا قيادات الأنصار ـ من الأوس والخزرج ـ والذين تم انتخابهم في
بيعة العقبة لينوبوا عن الأنصار في مبايعة الرسول علي الهجرة الي المدينة
وإقامة الدولة فيها.
3 ـ ومؤسسة مجلس الشوري: مجلس السبعين ـ الذي
كان يعقد جلساته بمسجد النبوة ـ دار الحكومة ـ في مكان محدد, وأوقات
محددة, وتعرض عليه شئون الدولة ومشكلات الولايات والأقاليم..
>
وغير مؤسسات الدولة كانت المؤسسية والمؤسسات هي الروابط التي تحول الأفراد
والقبائل والطوائف والطبقات الي لبنات في بناء أمة الإسلام.. الإسلام
العقدي الخاص بالمؤمنين, والإسلام الحضاري الجامع لرعية الدولة علي إختلاف
العقائد والأعراق والألسنة التي احتضنها المحيط الإسلامي, وسلكها في النسيج
الحضاري الواحد الذي بناه وانتمي اليه واعتز به كل الذين أظلتهم رايات
حضارة الإسلام.
> ولأن صلاح الدنيا ـ صلاح المعاش هو الأساس
الذي يقوم عليه صلاح الدين ـ صلاح المعاد علي النحو الذي عبر عنه حجة
الإسلام أو حامد الغرالي(450 ـ505 هـ105 ـ1111 م) عندما قال: إن نظام الدين
لايحصل إلا بنظام الدنيا ـ فنظام الدين, بالمعرفة والعبادة, لايتوصل
إليهما إلا:
ـ بصحة البدن. ـ وبقاء الحياة ــ وسلامة قدر الحاجات من:
اـ الكسوة. ب ـ والمسكن ـ والأقوات. ـ والأمن.
فلا ينتظم الدين إلا بتحقيق هذه المهمات الضرورية, وإلا فمن كان جميع
أوقاته مستغرقا بحراسة نفسه من سيوف الظلمة, وطلب قوته من وجوه الغلبة, متي
يتفرغ للعلم والعمل, وهما وسيلتاه الي سعادة الآخرة؟!.. فإذن, بان أن نظام
الدنيا, أعني مقادير الحاجة اشرط لنظام الدين لأن هذا هو مكان صلاح الدنيا
والمعاش من صلاح الدين والمعاد, في فلسفة الاسلام, كانت فريضة الزكاة ـ
التي هي ركن من أركان الإسلام ـ والتي هي فريضة جامعة بين التكليف الفردي
وبين التكليف الاجتماعي كانت أولي المؤسسات الاجتماعية الاقتصادية في تاريخ
الإسلام ودولة الإسلام وأمة الإسلام.
صحيح أن إيتاء الزكاة كان
مشروعا في الرسالات السماوية التي سبقت الشريعة الاسلامية الخاتمة, فلقد
جاء في قصص أبي الأنبياء, إبراهيم ـ وآله عليهم السلام وجعلناهم أئمة
يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا
لنا عابدين) الأنبياء:73 ـ.. لكن هذه الشعيرة قد إتخذت في الإسلام مكانا
متميزا, جمع بين التكليف الاجتماعي, لأنها السبيل لتكافل الأمة اجتماعيا,
ومن ثم فهي الآلية التي تحقق جعل آحاد الأفراد أمة واحدة ونسيجا متصلا
وجسدا واحدا.. كما أنها تميزت وامتازت ـ في الإسلام ـ بجعلها مؤسسة تقوم
عليها الدولة وتنظمها الجماعة عندما يتولاها ويقوم عليها نظام في الجمع
والتحصيل وفي الرعاية والتنمية وفي التوزيع, ينهض به العاملون عليها.. فهي
مؤسسة للأمة, ترعاها الدولة ـ التي تحرس الدين وتساس بهذا الدين.. فالخطاب
الإلهي بها موجه الي الدولة والي الأمة معا:
خذ من أموالهم صدقة
تطهرهم وتزكيهم بها) ـ التوبة:102 ـ( وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة
وماتقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله( البقرة:.110
> ولقد
نبعت هذه المكانة المتميزة لفريضة الزكاة, علي النحو الذي جعلها أولي
المؤسسات الاجتماعية في دولة الإسلام وأمته من فلسفة الإسلام في الثروات
والأموال, هذه الفلسفة التي جعلت الذات الإلهية هي المالك الحقيقي ـ مالك
الرقبة ـ في الثروات والأموال, وجعلت الناس ـ كل الناس ـ وليس الفرد أو
الطبقة.
مستخلفين عن الله ـ سبحانه وتعالي في الحيازة و ملكية
المنفعة و التنمية والاستثمار والاستمتاع الحلال بهذه الثروات والأموال
فكانت الفلسفة المالية التي جمعت ـ بإعجاز وتوازن ـ بين ملكية المجموع وبين
ملكية الأفراد ـ علي النحو الذي بريء من غلوي الإفراط والتفريط اللذين
سادا في الحضارات غير الإسلامية ـ.. حتي أن القرآن الكريم قد نص علي فلسفة
الاستخلاف هذه ـ في الثروات والأموال ـ فقال ـ ضمن ما قال:ـ( وآتوهم من مال
الله الذي آتاكم) ـ النور:33 ـ( وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه) ـ
الحديد:7 ـ كما أضاف القرآن مصطلح المال الي ضمير الفرد في سبع آيات وأضافه
الي ضمير المجموع في سبع وأربعين آية!.. لتقرير هذه الفلسفة الفريدة ـ
والجامعة ـ في الثروات والأموال..
> ولقد قام الفكر الإسلامي ـ
وكذلك تطبيقاته ـ بالتفصيل لهذه الفلسفة الإسلامية في الثروات والأموال ـ
فلسفة الاستخلاف ـ فقال الراشد الثاني عمر بن الخطاب(40 ق. هـ23 هـ584 ـ644
م).. رضي الله عنه ـ:.. والذي نفسي بيده, مامن أحد إلا له في هذا المال
حق, وما أحد أحق به من أحد, وما أنا فيه إلا كأحدهم, فالرجل وبلاؤه, والرجل
وقدمه, والرجل وغناؤه, والرجل وحاجته. هو مالهم يأخذونه, ليس هو العمر ولا
لآل عمر.. ولو استقبلت من أمري ما استبدرت لأخذت فضول ـ( زيادات) أموال
الأغنياء فقسمتها علي الفقراء, وجعلتهم رجلا واحدا
> وقال
الراشد الرابع علي بن أبي طالب(23 ق. هـ600 ـ661 م) ـ رضي الله عنه ـ: إن
الله قد فرض في أموال الأغنياء أقوات الفقراء, فما جاع فقير إلا بما متع به
غني, وإن الله سائلهم عن ذلك.. إن الغني في الغربة وطن, وإن الفقر في
الوطن غربة, وإن المقل غريب في بلدته!
> وقال الراشد الخامس
عمر بن عبد العزيز(61 ـ101 هـ681 ـ720 م) ـ رضي الله عنه ـ عن المال في
دولة النبوة ـ: إن الله قد اختار رسوله ـ صلي الله عليه وسلم ـ الي جواره,
وترك للناس نهرا شربهم ـ( نصيبهم) ـ فيه سواء(5)!
> وقال
الإمام الزمخشري(467 ـ538 هـ1075 ـ1144 م) في تفسير آية وأنفقوا مما
جعلكم مستخلفين فيه): إن مراد الله من هذه الآية هو أن يقول للناس: إن
الأموال التي في أيديكم إنما هي أموال الله, بخلقه وإنشائه لها, وإنما
مولكم إياها, وخولكم الاستمتاع بها, رجعلكم خلفاء في التصرف فيها, فليست هي
أموالكم في الحقيقة, وما أنتم فيها إلا بمنزلة الوكلاء والنواب(6).
> وقال الإمام محمد عبده(1266 ـ1323 هـ1849 ـ1905 م) ـ في التعليق علي
إضافة القرآن مصطلح المال الي ضمير الفرد في سبع آيات, وإضافته الي ضمير
الجمع في سبع وأربعين آية ـ: إن الله
> وعبر تاريخ الإسلام
والحضارة الإسلامية, ورغم الجور والاستبداد والأثر التي طرأت علي الدولة
الإسلامية في كثير من الحقب والعصور, ظلت الأمة ساعية وقائمة علي رعاية
العدل الاجتماعي قدر الطاقة ـ.. وظلت الزكاة ومعها الأوقاف راعية للفقراء,
وعاملة علي الوفاء بقدر من حقوق الفقراء في أموال الأغنياء.
مواضيع مماثلة
» ]بني الاسلام علي خمس
» لدعوة الى الاسلام
» من هو الشهيد فى الاسلام؟
» حكم الشهيد فى الاسلام
» خلق الامانه فى الاسلام
» لدعوة الى الاسلام
» من هو الشهيد فى الاسلام؟
» حكم الشهيد فى الاسلام
» خلق الامانه فى الاسلام
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة 21 يونيو 2024, 12:25 am من طرف Admin
» هل الانجيل محرف
الأربعاء 19 يونيو 2024, 2:34 pm من طرف Admin
» شبهات النصاري زواج ام المؤمنين عائشه،
الإثنين 17 يونيو 2024, 10:30 am من طرف Admin
» الفرق بين السنه والفقه
السبت 11 مايو 2024, 11:23 pm من طرف Admin
» كيف عرفت انه نبي..
الجمعة 26 أبريل 2024, 5:40 am من طرف Admin
» موضوع هل يدخل الجنه غير المسلمين،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:48 am من طرف Admin
» التدرج في التشريع
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:43 am من طرف Admin
» كتب عليكم الصيام،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:41 am من طرف Admin
» اقوال العلماء في تفسير ايه الحجاب،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:40 am من طرف Admin