بحـث
الشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المواضيع الأخيرة
نوفمبر 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | |||||
3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 |
10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 |
17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 |
24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
الحمدلله على نعمة الاسلام
ايها الاخوه الدعاه الى الله وكذا جميع الزائرين والزائرات مرحبا بكم واهلا نتمنى من الله ان نكون عند حسن ظنكم جميا والله الموفق الى الخير وهو حسبنا ونعم الوكيلالشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 30 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 30 زائر لا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 76 بتاريخ الأربعاء 30 أكتوبر 2024, 11:01 pm
الفرق بين الحد والتعزير
صفحة 1 من اصل 1
الفرق بين الحد والتعزير
لقد
شرع الإسلام عقوبات محددة مقدرة على جرائم لا يستقيم المجتمع بحصولها فيه،
وحكمة هذا التشريع هي الردع والتطهير، ومن هنا تظهر الأهمية البالغة لهذه
الحدود الشرعية، ودون ذلك جرائم وإخلالات شرع لها الإسلام عقوبات التعزير،
وجعل مرد تقديرها إلى اجتهاد الحاكم بما يحقق مصلحة الفرد والمجتمع.
بدا
ية اوضح ان الحدود ليست الا جزء بسيط من الشريعة
الفروق بين الحد والتعزير
*******************
قد ذكرها أهل العلم على النحو التالي، كما ورد في رد المحتار: الفرق بين
الحد والتعزير أن الحد مقدر والتعزير مفوض إلى رأي الإمام, وأن الحد يدرأ
بالشبهات والتعزير يجب معها, وأن الحد لا يجب على الصبي والتعزير شرع عليه.
والرابع أن الحد يطلق على الذمي والتعزير يسمى عقوبة له لأن التعزير شرع
للتطهير. وزاد بعض المتأخرين أن الحد مختص بالإمام والتعزير يفعله الزوج
والمولى وكل من رأى أحدا يباشر المعصية, وأن الرجوع يعمل في الحد لا في
التعزير, وأنه يحبس المشهود عليه حتى يسأل عن الشهود في الحد لا في
التعزير, وأن الحد لا تجوز الشفاعة فيه وأنه لا يجوز للإمام تركه وأنه قد
يسقط بالتقادم بخلاف التعزير. فهي عشرة. اهـ بتصرف يسير.
وأما
الفرق بينهما من حيث العقوبة، فالحد يكون بالقتل والصلب وجلد مائة أو
ثمانين جلدة وقطع اليد والسجن والنفي ونحو ذلك، بحسب الذنب الذي اقترفه
الشخص.
وأما التعزير فليس فيه شيء محدد، وإنما يوكل إلى اجتهاد
الإمام فيضرب أو يسجن أو يفعل غير ذلك مما يراه رادعا عن المعصية، ولكن لا
ينبغي له الزيادة في الجلد على عشرة أسواط، لقوله صلى الله عليه وسلم: لا
يجلد فوق عشر جلدات، إلا في حد من حدود الله. رواه البخاري ومسلم وغيرهما،
واللفظ للبخاري.
ومن ذلك يتبن لك أن عقوبة الحد أعلى من عقوبة التعزير.
والله أعلم.
العقوبات الحدية :
****************************************
وهي سبع عقوبات:
1- الجلد، ودليله:
(أ) قوله تعالى الزانية والزاني فاجلدوا كل واحدٍ منهما مائة جلدة ٍ) (النور :2).
(ب) وقوله تعالى والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء
فاجلدوهم ثمانين جلدةً ولا تقبلوا لهم شاهدةً أبداً وأولئك هم الفاسقون )
(النور :4).
(ج) لما صح في السنة، من جلد شارب الخمر، وهكذا فعل الخلفاء الراشدون.
2- القطع :
ودليله، قول الله تعالى والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزآء بما كسبا نكالاً من الله والله عزيز حكيم ) (المائدة :38).
3- القتل.
4- الصلب.
5- القطع من خلاف.
6- النفي.
ويدل على ذلك قوله تعالى إنما جزآؤا الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون
في الأرض فساداً أن يُقتّلُوا أو يُصلّبُوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من
خلافٍ أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزى فى الدنيا ولهم في الأخرة عذاب عظيم
33 إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله عفور رحيم )
(المائدة :33-34).
7- الرجم، وقد ثبت بالسنة النبوية الصحيحة.
أثر إقامة الحدود في إصلاح المجتمع
(أ) عقدياً :سلامة الاعتقاد، واتساق المسلم مع نفسه، بتحكيم الشريعة، وحفظ
الدين، وصيانته في وجه المرتدين، الخارجين عليه، المحادين لله، ورسوله.
(ب) أخلاقياً :الاستقامة، والعفاف، والطهر، وحسن المظهر العام، وتعليم
الأمة أفرداً، وجماعات، وتربيتها على حب الفضيلة، وكراهية الرذيلة، وبغض
أهلها، وشهود ما يجري عليهم، من إقامة الحد وليشهد عذابهما طائفة من
المؤمنين ) (النور :2)، مقارنة بما في العالم الغربي، من جرائم متكاثرة،
ربما رأوها معيار حضارة، وتقدم، قياساً على مقدار ما يستهلكونه، من طاقة
كهربائية.
يضاف إلى ذلك :استقرار الأسر، وحمايتها من التشرد،
وحفظ الأعراض، وصيانة الأنساب، وطهارة المجتمع، وسد أبواب الفساد، والفحش،
والبذاءة، والتبذير، وإفساد العقول، ورعاية مصلحة المجتمع في ذلك كله، وإن
وقع الضرر في ذلك على أفراد معينين.
(ج) اقتصادياً :حفظ المال، وتنميته، وحماية الملكية، وإعلاء العمل، وحسن استثمار الوقت.
(د) أمنياً :الأمن على النفس، والعرض، وفي الممتلكات، لأن السرقة عدوان
على الملكية، والحرز، وما يتحقق من أمن اجتماعي، بإقامة الشريعة.
(هـ) التجاوب الشعبي :لأن الشعب، يدرك بفطرته، أنه تتجلى آية كمال
الإيمان، ومنتهى الصدق، في توجه الدولة إلى الله، بإقامة الحاكم لشرع الله،
مع العناية بتنفيذ الحدود، لأن في ذلك مباينة تامة، ومفارقة كاملة،
للقوانين الوضعية.. وفي سبيل ذلك، يبايع الحاكم، إماماً للمسلمين، وتبذل له
الطاعة الخالصة، ويجاهد وراءه، ويتحمل الشعب المعاناه في المعاش، والحصار
الاقتصادي.
(و) بركة الحياة :حيث تتنزل البركة على المجتمع،
فينعم الفرد، والجماعة، بفضل الاستجابة لأمر الله تعالى، الاستقامة على شرع
الله، بنزول الغيث، ونماء الزرع، وكثرة القوت، والأمن من فتنة الجدب،
والجوع، واختلال الأمن، وانتشار الخوف، والرعب، يقول الله تعالى فليعبدوا
رب هذا البيت * الذى أطعمهم من جوعٍ وءامنهم من خوف ) (قريش :3-4) :وقال
تعالى ولو أن أهل القرى ءامنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركاتٍ من السماء
والأرض ) (الأعراف :96).. ويقول سبحانه وتعالى وألو استقموا على الطريقة
لأسقيناهم مآءً غدقاً ) (الجن :16).
أثر تطبيق حد الزنا في إصلاح المجتمع
الردع الحاسم، بعقوبة تكافئ جريمة مقيتة، حمل عليها سعار الشهوة البهيمية،
دون مراعاة لكرامة الإنسان، المميز على غيره، أو احترام لنظام الشريعة،
الذي وثق العلائق الزوجية، وصانها، فسن الرضا، والإيجاب، والقبول،
والإشهاد، والإشهار، حتى امتن الله على عباده بهذه النعمة، وجعلها من
علامات قدرته ومن ءاياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها
وجعل بينكم مودةً ورحمة إن فى ذلك لآياتٍ لقوم يتفكرون ) (الروم :21).
ولذلك كانت عقوبة المجاهرة بهذه الفاحشة، حتى شهد عليها، بصورتها المغلظة،
أربعة شهود عدول، أو جاء الزاني مقراً على نفسه بالزنا، وجاء بكامل قواه
العقلية، وطوعه، واختياره، مريداً تطهير نفسه، بإقامة الحد عليه.. وكانت
حكمة الشريعة عظيمة في سن هذه العقوبة الرادعة للجاني، حتى لا يعاودها،
والزاجرة لغيره، عن الاقتراب من هذه الفاحشة.. وتحقيقاً للزجر المراد، كان
حد الزاني غير المحصن، كما أمر الله تعالى الزانية والزاني فاجلدوا كل
منهما مائة جلدةٍ ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله
واليوم الأخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين ) (النور :2)
ولأن هذه الجريمة، تنشأ عادةً من سعار الشهوة، وما يصاحبها من إغواء،
وإغراء، بحيث لا يكف عن الاقتراب منها، صاحبها، ما لم يخوف، ويواجه بعقوبة
مشددة، مع افتضاح أمره، وشهود الناس، والمجتمع عليه، يقام عليه الحد..
وبتنفيذ هذا الحد، تحفظ الأعراض، وتصان الأنساب، وتؤدى الحقوق، ويسلم
المجتمع.
أثر تنفيذ حد القذف في إصلاح المجتمع
من ذلك:
1- كف السفهاء من تدنيس المجتمع، ورمي الأطهار، واتهامهم بالفواحش،
وتخويفهم من عاقبة ذلك، حتى هددهم الله تعالى بالعقوبة الدنيوية،
والأخروية.. قال تعالى إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين ءامنوا
لهم عذاب أليم في الدنيا والأخرة ) (النور :19).. ثم فصلت الآية الكريمة،
وهي الرابعة من سور النور، العقوبة الحدية للقذف، من الجلد، وإسقاط
الشهادة، والاتصاف بالفسق والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة
شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدةً ولا تقبلوا لهم شهادةً أبداً وأولئك هم
الفاسقون ) (النور :4).
2- حماية المجتمع من انتشار الفاحشة، وخدش حياء المحصنات، العفيفات الطاهرات.
3- حماية الأعراض، وشرف الأسر الكريمة، من المرجفين، والمستهزئين.
4- زجر الفساق، من الطعن في الأنساب الكريمة، التي هي أساس التواصل،
والتعارف يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل
لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير ) (الحجرات :13)..
ولقد وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم من يسب إخوانه، بالفسق، حيث قال
سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر ) (19)، بل وصف عليه الصلاة والسلام،
المسلم الحق بأنه من سلم المسلمون من لسانه ويده ) (20).
أثر تنفيذ حد الخمر في إصلاح المجتمع
من ذلك:
1- حماية العقول، وعدم تعطيلها.
2- حفظ الكيان الأسري، من التفكك، والانهيار، وضياع الأولاد.
3- حفظ المال، من إضاعته في شراء الخمر، ومن تبديده، وصرفه في غير وجه حق، بسبب غياب العقل.
4- حفظ الأمانات، وعدم إفشاء الأسرار، واستخدام الأعداء للمخمورين، في معرفة بعض الخبايا، والأسرار.
5- الكف عن جرائم عديدة، تقود إليه الخمر، فهي حقاً أُمّ الخبائث.
6- الحفاظ على الصحة النفسية، والجسمية، للأفراد، والجماعات.
7- عدم تبديد الوقت، وتضييعه.
8- مضاعفة الانتاج، بتوظيف الطاقات العاملة في المجتمع.
أثر حد السرقة في إصلاح المجتمع
من ذلك:
1- كف السارقين، وردعهم بعقوبة غليظة، وزجر من تسول له نفسه، أن يسرق، بقطع يده، وافتضاح أمره، وهوانه على الناس.
2- التنفير من أكل أموال الناس بالباطل، على وجه السرقة، بعقوبة حاسمة،
ورادعة، وزاجرة، لتكون صورة السارق المحدود، باعثة على كراهية جريمة
السرقة.
3- حفظ الملكية الخاصة، وأموال الناس، وقد اجتهدوا في جمع المال، وتنميته لمصلحة المجتمع.
4- إعلاء قيمة العمل، والإنتاج، والكسب الحلال، ليكون وسيلة للتملك،
والاقتناء، من أداء حق الله فيه، نحو المجتمع، على وجه الوجوب، بالزكاة،
والكفارات، أو على وجه الإحسان، صدقة، وبراً، وصلة.
5- تحقيق الأمن، والاطمئنان النفسي للفرد، وللمجتمع.
6- الرحمة بالناس، بإقامة حد السرقة، رعاية للحكمة المرادة، من ذلك، كما
قال تعالى والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالاً من
الله والله عزيز حكيم * فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن
الله غفور رحيم ) (المائدة :38-39)، وذلك لأن في كف الناس عن السرقة،
وزجرهم، عنها رحمة بهم، من تكفير عن السارق، وزجر للغير.. فالحدود زواجر
وجوابر معاً، ومن رحمة الله بالمجتمع، في صيانة المال الذي هو قوام الحياة،
وحماية الملكية الخاصة، وإعلاء قيمة العمل، والاعتماد على النفس في الكسب،
والإنتاج.
وفيما تقدم، تحقيق لمعاني الرحمة، ولئن كانت فاصلة
الآية السابقة، ببيان حد السرقة، تصفه سبحانه، بالعزة، والحكمة، فإن
التالية لها تختم بالغفران، والرحمة، فسبحان الله تعالى المشرع، الحكيم،
العادل، الموصوف بالرأفة، والرحمة، وهو تعالى القائل إن الله بالناس
لرءوف رحيم ) (الحج :65)، وصلوات الله المباركات، وتسليماته الزاكيات، على
رسوله الأمين، الذي أقام الشريعة، ونفذ الحدود، والذي وصفه ربه بالرأفة،
والرحمة، وأنزل عليه في هذا الشأن، في أواخر ما نزل من القرآن لقد جاءكم
رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم )
(التوبة :128).
أثر تنفيذ حد الحرابة في إصلاح المجتمع
من ذلك:
1- حفظ المال، من أن يعتدى عليه بالقوة، والغلبة، فتتعطل مصالح الأفراد،
والجماعات، وللوقاية من أن يستخدم المعتدون القوة، في أخذ أموال الناس،
فكانت العقوبة مشددة، أكثر من عقوبة السرقة العادية.
2- حفظ
الأعراض، من الانتهاك، باستخدام القوة، أو الإكراه على الفاحشة، يقول
القرطبي إذا أراد إخافة الطريق، بإظهار السلاح، قصداً، للغلبة على
الفروج، فهذا أفحش، وأقبح، من أخذ المال) (21)، ولذلك كانت شدة العقوبة
بالقتل، دون تفرقة بين كون الزاني محصناً، أو غير محصن.
3- حفظ
الأنفس، والآمنين، من إرهاب المحاربين، المحادين لله ورسوله، فلا عفو من
أحد، ولو كان ولي الدم، أو الإمام، بل تتحتم العقوبة على المحاربين.
4- تأمين الطريق، والمجتمع، والمجتمع، ونشر الطمأنينة فيه، والاستقرار،
وكف شر المحاربين، المعتدين على سلامة الأرواح، والدماء، والأعراض،
والأموال.
5- استقرار الدولة، والمجتمع، وإخلاص الولاء لولاة الأمور، من الحكام المسلمين.
6- حرية الحركة، والتنقل، وما يؤدي إليه ذلك من نهضة اقتصادية.
أثر إقامة القصاص في إصلاح المجتمع
من ذلك:
1- كف المعتدين، من الجناية على الأنفس، والأرواح، والجوارح، والأعضاء،
وحماية المجتمع من الاعتداء، بعضه على بعض، ومن التقاتل ثأراً، بعقوبة
رادعة، وزاجرة، ومماثلة لما فعله الجاني بأخيه.. يقول تعالى في وجوب إقامة
القصاص يأيها الذين ءامنوا كتب عليكم القصاص في القتلى ) (البقرة :178)،
ويقول سبحانه وتعالى وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين
والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص ) (المائدة :45)،
ويقول تعالى فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ) (النحل
:126) (ولكم في القصاص حياة ) (البقرة:179).
2- تأمين المجتمع،
من انتشار الجرائم، والعدوان، بعضه على بعض، وتماسك المجتمع، واستقراره،
بالقصاص، أو بالعفو عنه، ممن جعلت لهم الشريعة هذا الحق.. وفي إثبات حق
أولياء الدم في العفو، ما يحقق رعاية هذا الأمر، ويحقق التسامح مع من وقع
في الخطيئة، من غير أن يكون من معتادي الجرائم، مع مراعاة حق الإمام
الحاكم، في أن يوقع بالجاني، عقوبة تعزيرية مناسبة.
التوبة وأثرها في رفع الحدود أو العقوبة
أولاً :سقوط عقوبة المرتد بالتوبة:
وهو رأي جمهور الفقهاء :أنه يجب أن يستتاب المرتد، فإن تاب، عفي عنه وأخلي سبيله (22).
ثانياً :سقوط عقوبة المحاربة بالتوبة:
إذا تاب المحارب، قبل المقدرة عليه، فإن العقوبة المقررة المنصوص عليها،
تسقط.. يقول تعالى إنما جزآؤا الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض
فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيدهم وأرجلهم من خلافٍ أو ينفوا من
الأرض ذلك لهم خزى في الدنيا ولهم في الأخرة عذاب عظيم * إلا الذين تابوا
من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم ) (المائدة :33-34).
ثالثاً :سقوط عقوبة الزنا، والسرقة، وشرب الخمر، بالتوبة :
وهو رأي الحنابلة، وبعض الفقهاء، أن التوبة إذا حدثت قبل وصوله إلى
الإمام، فإنها تسقط عنه الحد، ومستدلين بأن الآيات الموجبة للعقوبة،
المنصوص عليها، تلتها آيات التوبة، والمغفرة، والرحمة، قال تعالى والذان
يأتيانها منكم فأذوهما فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما إن الله كان تواباً
رحيما ً) (النساء :16)، وقال أيضاً فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله
يتوب عليه إن الله غفور رحيم ) (المائدة :39).
كما جاءت التوبة،
بعد عقوبة الشرك، والقتل، كما في قوله تعالى والذين لا يدعون مع الله
إلاهاً ءآخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل
ذلك يلق أثاماً * يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً * إلا من
تاب وءامن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله
غفوراً رحيماً ) (الفرقان :68-70).
ويستدلون، بأن إقامة النبي صلى الله عليه وسلم الحد على من جاء تائباً، أن ذلك خاص بهم، بأنهم طلبوا تطهيراً لأنفسهم (23).
والتوبة النصوح، باب عظيم في الأمل في رحمة الله، وفضله، ونيل محبته تعالى
إن الله يحب التوابين ) (البقرة :222) .. وقد ندب الله تعالى إلى التوبة
النصوح، فقال تعالى يأيها الذين ءامنوا توبوا إلى الله توبةً نصوحاً عسى
ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جناتٍ تجري من تحتها الأنهار يوم لا
يخزى الله النبي والذين ءامنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون
ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شىءٍ قدير ) (التحريم :.
وعندما يحقق المؤمن التوبة، فإنه يحقق لنفسه الاستقرار النفسي، ويتخلص من
العقد النفسية، التي تؤرقه، إلى جانب تكفير السيئات، وسقوط العقوبات،
المترتبة على اقتراف تلك المخالفات.
رابعاً :سقوط حد القذف بالتوبة:
وفي أثر توبة القاذف، في سقوط الحد عنه، نقرأ قوله تعالىوالذين يرمون
المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدةً ولا تقبلوا لهم
شهادةً أبداً وأولئك هم الفاسقون * إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن
الله غفور رحيم ) (النور :4-5).
خصائص الشريعة الإسلامية
ومن أبرز خصائص الشريعة الإسلامية:
1- تحقيق العدالة، مع الإحسان في الحكم، والمساواة بين الناس كافة إن
الله يأمركم أن تؤدوا الأماناتٍ إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا
بالعدل ) (النساء :58)، ومن ذلك، النهي عن الشفاعة في الحدود، بعد بلوغها
الإمام، وفيه حديث أسامة المشهور أتشفع في حد من حدود الله؟)(24)
2- إقامة الرقيب الداخلي :التزكية الإيمانية، على الطاعة، والاستقامة،
كآداب الاستئذان، وغض البصر، والخلوة، والبعد عن الفواحش، وما يؤدي إليها،
وبغضها، لأنها ليست من أخلاق المؤمنين، مع ما ورد من الزجر عنها، ووصف
مقترفيها بالفسق، وتخويفهم بالخزي، والنكال في الدنيا، وغذاب الآخرة، الأمر
الذي يجمع بين الديانة، والقضاء، وفي حديث صحيح (لا يزني الزاني حين يزني
وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو
مؤمن ) (25).
3- رعاية مصلحة المجتمع، وسد باب الفساد، وإن، أوقع ذلك بعض الضرر، على أفراد معينين.
4- إحياء الرقيب الاجتماعي :الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والرقابة
الاجتماعية على المجتمع، بأداء واجب الحسبة، لإحداث الرقي الأخلاقي، في
المجتمع.
5- تيسير أبواب الحلال، والطيبات، مع الحض عليه، فيما يغلق أبواباً من الشر، والمنكرات.
6- الطبيعة الحاسمة لأحكام الشريعة، في مقابل القوانين الأوربية الوضعية،
التي تبالغ في العقوبات (الحبس والسجون)، وقد صار أثرها السيء واضحاً في
تعليم الإجرام، وإفساد السجناء، بما يقترف في السجون، من منكرات، مع ما
يؤدي إليه الحبس من كراهية المجتمع، وتعميق روح الانتقام، وضياع أسر
السجناء.. زيادة على ذلك، فإن هذه السجون، عبء على الأمة، في إيواء
المجرمين، وإعاشتهم.
7- كون هذه العقوبات، المقدرة في الشريعة
نكلاً من الله والله عزيز حكيم ) (المائدة :38)، أي عبرة للآخرين، عن
مصير المجرم المحدود، ليتجنبوا فعل ما أوجب تلك العقوبة، ممن شهدوا إقامة
الحد عليه، أو رأوا أثره.
8- استقلال المسلمين، وتميزهم في
الأمم، والحضارات المعاصرة، خاصة بهذه التشريعات، ولذلك فإن الغرب شديد
العداء، والمقاومة لهذه التشريعات الإسلامية عامة، والحدية منها خاصة،
لأنها تخص المسلمين، وتميزهم عن غيرهم، وتقطع أمل الأعداء في رد المسلمين
عن دينهم اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشون ) (المائدة
:3).
ومهما يكن من نفور الغرب، من بعض أحكام الشريعة، ووصفها
بالقسوة، فإنه لاجئ إليها اضطراراً، كما رجعت مضطرة لإعادة عقوبة الإعدام.
ومع أن الغرب لا يزال يستخدم اسم الإنسانية، وحقوق الإنسان، في تشويشه على
التشريعات الإسلامية، حتى على عقوبة الجلد، فإن قانون العقوبات الإنجليزي،
قد تضمن في مواده، عقوبة الجلد، وظل هذا القانون معمولاً به في بعض البلاد
الإسلامية، مثل السودان، إلى وقت سن التشريعات الإسلامية.
ومهما
يكن من عداء الغرب، وغيره، للشريعة، والدعاية الظالمة ضدها، فإنها دعوة
منصورة، بإذن الله: (يأيها الذين ءامنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت
أقدامكم ) (محمد :7).. (ولينصرن الله من ينصره ) (الحج :40).. (وما النصر
إلا من عند الله ) (آل عمران :126).. (ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين *
إنهم لهم المنصورون * وإن جندنا لهم الغالبون ) (الصافات :171-173) ..
(كتب الله لأغلبن أنا ورسلى ) (المجادلة:21) .. (والله غالب على أمره ولكن
أكثر الناس لا يعلمون ) (يوسف :21).
شرع الإسلام عقوبات محددة مقدرة على جرائم لا يستقيم المجتمع بحصولها فيه،
وحكمة هذا التشريع هي الردع والتطهير، ومن هنا تظهر الأهمية البالغة لهذه
الحدود الشرعية، ودون ذلك جرائم وإخلالات شرع لها الإسلام عقوبات التعزير،
وجعل مرد تقديرها إلى اجتهاد الحاكم بما يحقق مصلحة الفرد والمجتمع.
بدا
ية اوضح ان الحدود ليست الا جزء بسيط من الشريعة
الفروق بين الحد والتعزير
*******************
قد ذكرها أهل العلم على النحو التالي، كما ورد في رد المحتار: الفرق بين
الحد والتعزير أن الحد مقدر والتعزير مفوض إلى رأي الإمام, وأن الحد يدرأ
بالشبهات والتعزير يجب معها, وأن الحد لا يجب على الصبي والتعزير شرع عليه.
والرابع أن الحد يطلق على الذمي والتعزير يسمى عقوبة له لأن التعزير شرع
للتطهير. وزاد بعض المتأخرين أن الحد مختص بالإمام والتعزير يفعله الزوج
والمولى وكل من رأى أحدا يباشر المعصية, وأن الرجوع يعمل في الحد لا في
التعزير, وأنه يحبس المشهود عليه حتى يسأل عن الشهود في الحد لا في
التعزير, وأن الحد لا تجوز الشفاعة فيه وأنه لا يجوز للإمام تركه وأنه قد
يسقط بالتقادم بخلاف التعزير. فهي عشرة. اهـ بتصرف يسير.
وأما
الفرق بينهما من حيث العقوبة، فالحد يكون بالقتل والصلب وجلد مائة أو
ثمانين جلدة وقطع اليد والسجن والنفي ونحو ذلك، بحسب الذنب الذي اقترفه
الشخص.
وأما التعزير فليس فيه شيء محدد، وإنما يوكل إلى اجتهاد
الإمام فيضرب أو يسجن أو يفعل غير ذلك مما يراه رادعا عن المعصية، ولكن لا
ينبغي له الزيادة في الجلد على عشرة أسواط، لقوله صلى الله عليه وسلم: لا
يجلد فوق عشر جلدات، إلا في حد من حدود الله. رواه البخاري ومسلم وغيرهما،
واللفظ للبخاري.
ومن ذلك يتبن لك أن عقوبة الحد أعلى من عقوبة التعزير.
والله أعلم.
العقوبات الحدية :
****************************************
وهي سبع عقوبات:
1- الجلد، ودليله:
(أ) قوله تعالى الزانية والزاني فاجلدوا كل واحدٍ منهما مائة جلدة ٍ) (النور :2).
(ب) وقوله تعالى والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء
فاجلدوهم ثمانين جلدةً ولا تقبلوا لهم شاهدةً أبداً وأولئك هم الفاسقون )
(النور :4).
(ج) لما صح في السنة، من جلد شارب الخمر، وهكذا فعل الخلفاء الراشدون.
2- القطع :
ودليله، قول الله تعالى والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزآء بما كسبا نكالاً من الله والله عزيز حكيم ) (المائدة :38).
3- القتل.
4- الصلب.
5- القطع من خلاف.
6- النفي.
ويدل على ذلك قوله تعالى إنما جزآؤا الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون
في الأرض فساداً أن يُقتّلُوا أو يُصلّبُوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من
خلافٍ أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزى فى الدنيا ولهم في الأخرة عذاب عظيم
33 إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله عفور رحيم )
(المائدة :33-34).
7- الرجم، وقد ثبت بالسنة النبوية الصحيحة.
أثر إقامة الحدود في إصلاح المجتمع
(أ) عقدياً :سلامة الاعتقاد، واتساق المسلم مع نفسه، بتحكيم الشريعة، وحفظ
الدين، وصيانته في وجه المرتدين، الخارجين عليه، المحادين لله، ورسوله.
(ب) أخلاقياً :الاستقامة، والعفاف، والطهر، وحسن المظهر العام، وتعليم
الأمة أفرداً، وجماعات، وتربيتها على حب الفضيلة، وكراهية الرذيلة، وبغض
أهلها، وشهود ما يجري عليهم، من إقامة الحد وليشهد عذابهما طائفة من
المؤمنين ) (النور :2)، مقارنة بما في العالم الغربي، من جرائم متكاثرة،
ربما رأوها معيار حضارة، وتقدم، قياساً على مقدار ما يستهلكونه، من طاقة
كهربائية.
يضاف إلى ذلك :استقرار الأسر، وحمايتها من التشرد،
وحفظ الأعراض، وصيانة الأنساب، وطهارة المجتمع، وسد أبواب الفساد، والفحش،
والبذاءة، والتبذير، وإفساد العقول، ورعاية مصلحة المجتمع في ذلك كله، وإن
وقع الضرر في ذلك على أفراد معينين.
(ج) اقتصادياً :حفظ المال، وتنميته، وحماية الملكية، وإعلاء العمل، وحسن استثمار الوقت.
(د) أمنياً :الأمن على النفس، والعرض، وفي الممتلكات، لأن السرقة عدوان
على الملكية، والحرز، وما يتحقق من أمن اجتماعي، بإقامة الشريعة.
(هـ) التجاوب الشعبي :لأن الشعب، يدرك بفطرته، أنه تتجلى آية كمال
الإيمان، ومنتهى الصدق، في توجه الدولة إلى الله، بإقامة الحاكم لشرع الله،
مع العناية بتنفيذ الحدود، لأن في ذلك مباينة تامة، ومفارقة كاملة،
للقوانين الوضعية.. وفي سبيل ذلك، يبايع الحاكم، إماماً للمسلمين، وتبذل له
الطاعة الخالصة، ويجاهد وراءه، ويتحمل الشعب المعاناه في المعاش، والحصار
الاقتصادي.
(و) بركة الحياة :حيث تتنزل البركة على المجتمع،
فينعم الفرد، والجماعة، بفضل الاستجابة لأمر الله تعالى، الاستقامة على شرع
الله، بنزول الغيث، ونماء الزرع، وكثرة القوت، والأمن من فتنة الجدب،
والجوع، واختلال الأمن، وانتشار الخوف، والرعب، يقول الله تعالى فليعبدوا
رب هذا البيت * الذى أطعمهم من جوعٍ وءامنهم من خوف ) (قريش :3-4) :وقال
تعالى ولو أن أهل القرى ءامنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركاتٍ من السماء
والأرض ) (الأعراف :96).. ويقول سبحانه وتعالى وألو استقموا على الطريقة
لأسقيناهم مآءً غدقاً ) (الجن :16).
أثر تطبيق حد الزنا في إصلاح المجتمع
الردع الحاسم، بعقوبة تكافئ جريمة مقيتة، حمل عليها سعار الشهوة البهيمية،
دون مراعاة لكرامة الإنسان، المميز على غيره، أو احترام لنظام الشريعة،
الذي وثق العلائق الزوجية، وصانها، فسن الرضا، والإيجاب، والقبول،
والإشهاد، والإشهار، حتى امتن الله على عباده بهذه النعمة، وجعلها من
علامات قدرته ومن ءاياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها
وجعل بينكم مودةً ورحمة إن فى ذلك لآياتٍ لقوم يتفكرون ) (الروم :21).
ولذلك كانت عقوبة المجاهرة بهذه الفاحشة، حتى شهد عليها، بصورتها المغلظة،
أربعة شهود عدول، أو جاء الزاني مقراً على نفسه بالزنا، وجاء بكامل قواه
العقلية، وطوعه، واختياره، مريداً تطهير نفسه، بإقامة الحد عليه.. وكانت
حكمة الشريعة عظيمة في سن هذه العقوبة الرادعة للجاني، حتى لا يعاودها،
والزاجرة لغيره، عن الاقتراب من هذه الفاحشة.. وتحقيقاً للزجر المراد، كان
حد الزاني غير المحصن، كما أمر الله تعالى الزانية والزاني فاجلدوا كل
منهما مائة جلدةٍ ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله
واليوم الأخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين ) (النور :2)
ولأن هذه الجريمة، تنشأ عادةً من سعار الشهوة، وما يصاحبها من إغواء،
وإغراء، بحيث لا يكف عن الاقتراب منها، صاحبها، ما لم يخوف، ويواجه بعقوبة
مشددة، مع افتضاح أمره، وشهود الناس، والمجتمع عليه، يقام عليه الحد..
وبتنفيذ هذا الحد، تحفظ الأعراض، وتصان الأنساب، وتؤدى الحقوق، ويسلم
المجتمع.
أثر تنفيذ حد القذف في إصلاح المجتمع
من ذلك:
1- كف السفهاء من تدنيس المجتمع، ورمي الأطهار، واتهامهم بالفواحش،
وتخويفهم من عاقبة ذلك، حتى هددهم الله تعالى بالعقوبة الدنيوية،
والأخروية.. قال تعالى إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين ءامنوا
لهم عذاب أليم في الدنيا والأخرة ) (النور :19).. ثم فصلت الآية الكريمة،
وهي الرابعة من سور النور، العقوبة الحدية للقذف، من الجلد، وإسقاط
الشهادة، والاتصاف بالفسق والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة
شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدةً ولا تقبلوا لهم شهادةً أبداً وأولئك هم
الفاسقون ) (النور :4).
2- حماية المجتمع من انتشار الفاحشة، وخدش حياء المحصنات، العفيفات الطاهرات.
3- حماية الأعراض، وشرف الأسر الكريمة، من المرجفين، والمستهزئين.
4- زجر الفساق، من الطعن في الأنساب الكريمة، التي هي أساس التواصل،
والتعارف يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل
لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير ) (الحجرات :13)..
ولقد وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم من يسب إخوانه، بالفسق، حيث قال
سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر ) (19)، بل وصف عليه الصلاة والسلام،
المسلم الحق بأنه من سلم المسلمون من لسانه ويده ) (20).
أثر تنفيذ حد الخمر في إصلاح المجتمع
من ذلك:
1- حماية العقول، وعدم تعطيلها.
2- حفظ الكيان الأسري، من التفكك، والانهيار، وضياع الأولاد.
3- حفظ المال، من إضاعته في شراء الخمر، ومن تبديده، وصرفه في غير وجه حق، بسبب غياب العقل.
4- حفظ الأمانات، وعدم إفشاء الأسرار، واستخدام الأعداء للمخمورين، في معرفة بعض الخبايا، والأسرار.
5- الكف عن جرائم عديدة، تقود إليه الخمر، فهي حقاً أُمّ الخبائث.
6- الحفاظ على الصحة النفسية، والجسمية، للأفراد، والجماعات.
7- عدم تبديد الوقت، وتضييعه.
8- مضاعفة الانتاج، بتوظيف الطاقات العاملة في المجتمع.
أثر حد السرقة في إصلاح المجتمع
من ذلك:
1- كف السارقين، وردعهم بعقوبة غليظة، وزجر من تسول له نفسه، أن يسرق، بقطع يده، وافتضاح أمره، وهوانه على الناس.
2- التنفير من أكل أموال الناس بالباطل، على وجه السرقة، بعقوبة حاسمة،
ورادعة، وزاجرة، لتكون صورة السارق المحدود، باعثة على كراهية جريمة
السرقة.
3- حفظ الملكية الخاصة، وأموال الناس، وقد اجتهدوا في جمع المال، وتنميته لمصلحة المجتمع.
4- إعلاء قيمة العمل، والإنتاج، والكسب الحلال، ليكون وسيلة للتملك،
والاقتناء، من أداء حق الله فيه، نحو المجتمع، على وجه الوجوب، بالزكاة،
والكفارات، أو على وجه الإحسان، صدقة، وبراً، وصلة.
5- تحقيق الأمن، والاطمئنان النفسي للفرد، وللمجتمع.
6- الرحمة بالناس، بإقامة حد السرقة، رعاية للحكمة المرادة، من ذلك، كما
قال تعالى والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالاً من
الله والله عزيز حكيم * فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن
الله غفور رحيم ) (المائدة :38-39)، وذلك لأن في كف الناس عن السرقة،
وزجرهم، عنها رحمة بهم، من تكفير عن السارق، وزجر للغير.. فالحدود زواجر
وجوابر معاً، ومن رحمة الله بالمجتمع، في صيانة المال الذي هو قوام الحياة،
وحماية الملكية الخاصة، وإعلاء قيمة العمل، والاعتماد على النفس في الكسب،
والإنتاج.
وفيما تقدم، تحقيق لمعاني الرحمة، ولئن كانت فاصلة
الآية السابقة، ببيان حد السرقة، تصفه سبحانه، بالعزة، والحكمة، فإن
التالية لها تختم بالغفران، والرحمة، فسبحان الله تعالى المشرع، الحكيم،
العادل، الموصوف بالرأفة، والرحمة، وهو تعالى القائل إن الله بالناس
لرءوف رحيم ) (الحج :65)، وصلوات الله المباركات، وتسليماته الزاكيات، على
رسوله الأمين، الذي أقام الشريعة، ونفذ الحدود، والذي وصفه ربه بالرأفة،
والرحمة، وأنزل عليه في هذا الشأن، في أواخر ما نزل من القرآن لقد جاءكم
رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم )
(التوبة :128).
أثر تنفيذ حد الحرابة في إصلاح المجتمع
من ذلك:
1- حفظ المال، من أن يعتدى عليه بالقوة، والغلبة، فتتعطل مصالح الأفراد،
والجماعات، وللوقاية من أن يستخدم المعتدون القوة، في أخذ أموال الناس،
فكانت العقوبة مشددة، أكثر من عقوبة السرقة العادية.
2- حفظ
الأعراض، من الانتهاك، باستخدام القوة، أو الإكراه على الفاحشة، يقول
القرطبي إذا أراد إخافة الطريق، بإظهار السلاح، قصداً، للغلبة على
الفروج، فهذا أفحش، وأقبح، من أخذ المال) (21)، ولذلك كانت شدة العقوبة
بالقتل، دون تفرقة بين كون الزاني محصناً، أو غير محصن.
3- حفظ
الأنفس، والآمنين، من إرهاب المحاربين، المحادين لله ورسوله، فلا عفو من
أحد، ولو كان ولي الدم، أو الإمام، بل تتحتم العقوبة على المحاربين.
4- تأمين الطريق، والمجتمع، والمجتمع، ونشر الطمأنينة فيه، والاستقرار،
وكف شر المحاربين، المعتدين على سلامة الأرواح، والدماء، والأعراض،
والأموال.
5- استقرار الدولة، والمجتمع، وإخلاص الولاء لولاة الأمور، من الحكام المسلمين.
6- حرية الحركة، والتنقل، وما يؤدي إليه ذلك من نهضة اقتصادية.
أثر إقامة القصاص في إصلاح المجتمع
من ذلك:
1- كف المعتدين، من الجناية على الأنفس، والأرواح، والجوارح، والأعضاء،
وحماية المجتمع من الاعتداء، بعضه على بعض، ومن التقاتل ثأراً، بعقوبة
رادعة، وزاجرة، ومماثلة لما فعله الجاني بأخيه.. يقول تعالى في وجوب إقامة
القصاص يأيها الذين ءامنوا كتب عليكم القصاص في القتلى ) (البقرة :178)،
ويقول سبحانه وتعالى وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين
والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص ) (المائدة :45)،
ويقول تعالى فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ) (النحل
:126) (ولكم في القصاص حياة ) (البقرة:179).
2- تأمين المجتمع،
من انتشار الجرائم، والعدوان، بعضه على بعض، وتماسك المجتمع، واستقراره،
بالقصاص، أو بالعفو عنه، ممن جعلت لهم الشريعة هذا الحق.. وفي إثبات حق
أولياء الدم في العفو، ما يحقق رعاية هذا الأمر، ويحقق التسامح مع من وقع
في الخطيئة، من غير أن يكون من معتادي الجرائم، مع مراعاة حق الإمام
الحاكم، في أن يوقع بالجاني، عقوبة تعزيرية مناسبة.
التوبة وأثرها في رفع الحدود أو العقوبة
أولاً :سقوط عقوبة المرتد بالتوبة:
وهو رأي جمهور الفقهاء :أنه يجب أن يستتاب المرتد، فإن تاب، عفي عنه وأخلي سبيله (22).
ثانياً :سقوط عقوبة المحاربة بالتوبة:
إذا تاب المحارب، قبل المقدرة عليه، فإن العقوبة المقررة المنصوص عليها،
تسقط.. يقول تعالى إنما جزآؤا الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض
فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيدهم وأرجلهم من خلافٍ أو ينفوا من
الأرض ذلك لهم خزى في الدنيا ولهم في الأخرة عذاب عظيم * إلا الذين تابوا
من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم ) (المائدة :33-34).
ثالثاً :سقوط عقوبة الزنا، والسرقة، وشرب الخمر، بالتوبة :
وهو رأي الحنابلة، وبعض الفقهاء، أن التوبة إذا حدثت قبل وصوله إلى
الإمام، فإنها تسقط عنه الحد، ومستدلين بأن الآيات الموجبة للعقوبة،
المنصوص عليها، تلتها آيات التوبة، والمغفرة، والرحمة، قال تعالى والذان
يأتيانها منكم فأذوهما فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما إن الله كان تواباً
رحيما ً) (النساء :16)، وقال أيضاً فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله
يتوب عليه إن الله غفور رحيم ) (المائدة :39).
كما جاءت التوبة،
بعد عقوبة الشرك، والقتل، كما في قوله تعالى والذين لا يدعون مع الله
إلاهاً ءآخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل
ذلك يلق أثاماً * يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً * إلا من
تاب وءامن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله
غفوراً رحيماً ) (الفرقان :68-70).
ويستدلون، بأن إقامة النبي صلى الله عليه وسلم الحد على من جاء تائباً، أن ذلك خاص بهم، بأنهم طلبوا تطهيراً لأنفسهم (23).
والتوبة النصوح، باب عظيم في الأمل في رحمة الله، وفضله، ونيل محبته تعالى
إن الله يحب التوابين ) (البقرة :222) .. وقد ندب الله تعالى إلى التوبة
النصوح، فقال تعالى يأيها الذين ءامنوا توبوا إلى الله توبةً نصوحاً عسى
ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جناتٍ تجري من تحتها الأنهار يوم لا
يخزى الله النبي والذين ءامنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون
ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شىءٍ قدير ) (التحريم :.
وعندما يحقق المؤمن التوبة، فإنه يحقق لنفسه الاستقرار النفسي، ويتخلص من
العقد النفسية، التي تؤرقه، إلى جانب تكفير السيئات، وسقوط العقوبات،
المترتبة على اقتراف تلك المخالفات.
رابعاً :سقوط حد القذف بالتوبة:
وفي أثر توبة القاذف، في سقوط الحد عنه، نقرأ قوله تعالىوالذين يرمون
المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدةً ولا تقبلوا لهم
شهادةً أبداً وأولئك هم الفاسقون * إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن
الله غفور رحيم ) (النور :4-5).
خصائص الشريعة الإسلامية
ومن أبرز خصائص الشريعة الإسلامية:
1- تحقيق العدالة، مع الإحسان في الحكم، والمساواة بين الناس كافة إن
الله يأمركم أن تؤدوا الأماناتٍ إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا
بالعدل ) (النساء :58)، ومن ذلك، النهي عن الشفاعة في الحدود، بعد بلوغها
الإمام، وفيه حديث أسامة المشهور أتشفع في حد من حدود الله؟)(24)
2- إقامة الرقيب الداخلي :التزكية الإيمانية، على الطاعة، والاستقامة،
كآداب الاستئذان، وغض البصر، والخلوة، والبعد عن الفواحش، وما يؤدي إليها،
وبغضها، لأنها ليست من أخلاق المؤمنين، مع ما ورد من الزجر عنها، ووصف
مقترفيها بالفسق، وتخويفهم بالخزي، والنكال في الدنيا، وغذاب الآخرة، الأمر
الذي يجمع بين الديانة، والقضاء، وفي حديث صحيح (لا يزني الزاني حين يزني
وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو
مؤمن ) (25).
3- رعاية مصلحة المجتمع، وسد باب الفساد، وإن، أوقع ذلك بعض الضرر، على أفراد معينين.
4- إحياء الرقيب الاجتماعي :الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والرقابة
الاجتماعية على المجتمع، بأداء واجب الحسبة، لإحداث الرقي الأخلاقي، في
المجتمع.
5- تيسير أبواب الحلال، والطيبات، مع الحض عليه، فيما يغلق أبواباً من الشر، والمنكرات.
6- الطبيعة الحاسمة لأحكام الشريعة، في مقابل القوانين الأوربية الوضعية،
التي تبالغ في العقوبات (الحبس والسجون)، وقد صار أثرها السيء واضحاً في
تعليم الإجرام، وإفساد السجناء، بما يقترف في السجون، من منكرات، مع ما
يؤدي إليه الحبس من كراهية المجتمع، وتعميق روح الانتقام، وضياع أسر
السجناء.. زيادة على ذلك، فإن هذه السجون، عبء على الأمة، في إيواء
المجرمين، وإعاشتهم.
7- كون هذه العقوبات، المقدرة في الشريعة
نكلاً من الله والله عزيز حكيم ) (المائدة :38)، أي عبرة للآخرين، عن
مصير المجرم المحدود، ليتجنبوا فعل ما أوجب تلك العقوبة، ممن شهدوا إقامة
الحد عليه، أو رأوا أثره.
8- استقلال المسلمين، وتميزهم في
الأمم، والحضارات المعاصرة، خاصة بهذه التشريعات، ولذلك فإن الغرب شديد
العداء، والمقاومة لهذه التشريعات الإسلامية عامة، والحدية منها خاصة،
لأنها تخص المسلمين، وتميزهم عن غيرهم، وتقطع أمل الأعداء في رد المسلمين
عن دينهم اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشون ) (المائدة
:3).
ومهما يكن من نفور الغرب، من بعض أحكام الشريعة، ووصفها
بالقسوة، فإنه لاجئ إليها اضطراراً، كما رجعت مضطرة لإعادة عقوبة الإعدام.
ومع أن الغرب لا يزال يستخدم اسم الإنسانية، وحقوق الإنسان، في تشويشه على
التشريعات الإسلامية، حتى على عقوبة الجلد، فإن قانون العقوبات الإنجليزي،
قد تضمن في مواده، عقوبة الجلد، وظل هذا القانون معمولاً به في بعض البلاد
الإسلامية، مثل السودان، إلى وقت سن التشريعات الإسلامية.
ومهما
يكن من عداء الغرب، وغيره، للشريعة، والدعاية الظالمة ضدها، فإنها دعوة
منصورة، بإذن الله: (يأيها الذين ءامنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت
أقدامكم ) (محمد :7).. (ولينصرن الله من ينصره ) (الحج :40).. (وما النصر
إلا من عند الله ) (آل عمران :126).. (ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين *
إنهم لهم المنصورون * وإن جندنا لهم الغالبون ) (الصافات :171-173) ..
(كتب الله لأغلبن أنا ورسلى ) (المجادلة:21) .. (والله غالب على أمره ولكن
أكثر الناس لا يعلمون ) (يوسف :21).
مواضيع مماثلة
» الحد خمسة أقسام .
» الفرق بين العله والحكمه 2
» الفرق بين السنه والفقه
» ما هو الفرق بين استهزأ بـ وسخر من؟
» هل تعرف الفرق بين "فيما " و " فيم " و في ما "؟
» الفرق بين العله والحكمه 2
» الفرق بين السنه والفقه
» ما هو الفرق بين استهزأ بـ وسخر من؟
» هل تعرف الفرق بين "فيما " و " فيم " و في ما "؟
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة 21 يونيو 2024, 12:25 am من طرف Admin
» هل الانجيل محرف
الأربعاء 19 يونيو 2024, 2:34 pm من طرف Admin
» شبهات النصاري زواج ام المؤمنين عائشه،
الإثنين 17 يونيو 2024, 10:30 am من طرف Admin
» الفرق بين السنه والفقه
السبت 11 مايو 2024, 11:23 pm من طرف Admin
» كيف عرفت انه نبي..
الجمعة 26 أبريل 2024, 5:40 am من طرف Admin
» موضوع هل يدخل الجنه غير المسلمين،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:48 am من طرف Admin
» التدرج في التشريع
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:43 am من طرف Admin
» كتب عليكم الصيام،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:41 am من طرف Admin
» اقوال العلماء في تفسير ايه الحجاب،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:40 am من طرف Admin