بحـث
الشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المواضيع الأخيرة
نوفمبر 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | |||||
3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 |
10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 |
17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 |
24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
الحمدلله على نعمة الاسلام
ايها الاخوه الدعاه الى الله وكذا جميع الزائرين والزائرات مرحبا بكم واهلا نتمنى من الله ان نكون عند حسن ظنكم جميا والله الموفق الى الخير وهو حسبنا ونعم الوكيلالشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 25 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 25 زائر لا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 76 بتاريخ الأربعاء 30 أكتوبر 2024, 11:01 pm
من هو الشهيد في الإسلام
صفحة 1 من اصل 1
من هو الشهيد في الإسلام
من هو الشهيد في الإسلام
إن
الله شرع دفع الظلم عن النفس إذا صدر من أي إنسان مسلما كان أو كافرا ,
فإن كان كافرا فدفعه بالجهاد في سبيل الله وإن كان مسلما فبالإنكار عليه
وتحذيره من الظلم وعواقبه , فإذا لم يرتدع بترك الظلم فيدفع بالمطالبة
المستمرة والمؤازرة للمظلوم حتى يرتفع الظلم عنه ويزول , ومن خلال هذا
التدافع يقع ما تكرهه النفس فربما تهلك بعض الأنفس وتتلف بعض الأموال
ويتعدى على الأعراض في سبيل نصرة العدل ونصرة المظلوم , يقول الله تعالى (
ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على
العالمين ) البقرة (251) , وهذه المدافعة شرعها الله بين العباد حتى لا
يسيطر الظلم على الناس ويحل الفساد محل العدل فيظن عوام الناس أن الفساد
هو الأصل في حياة الناس وأنه يحل محل العدل فيتعاملوا به ويقننوه ويشرعوه
فييئس الناس من رحمة الله وعدله.
ودفع الشر عن النفس حق مشروع من حقوق الناس ولو كانوا غير مسلمين , فإن
الظلم ممقوت ولا بد من دفعه وإن الله يبغضه وقد حرمه على نفسه , فقد روى
مسلم في صحيحه عن أبي ذر الغفاري في حديث قدسي طويل , عن النبي صلى الله
عليه وسلم ، فيما روى عن الله تبارك وتعالى أنه قال " يا عبادي ! إني حرمت
الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما . فلا تظالموا , ... الحديث " , فلا
يحل لأحد أن يظلم شخص أخر وإن اختلفت عقيدته عن الإسلام فالعدل يجب أن
يكون قائما بين الناس والله هو الحكم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون .
ودفع الناس للفساد الذي يحدثه الظلمة يزيد من طيش الظالم ويزيد من عتوه
وقسوته ويريد هو بذلك إرهاب الناس وكفهم عن طلب العدل والإنصاف والرضا
بحياة الذل والمهانة , ولكن الله حث العباد وحرضهم على الصبر في مواجهة
الطغاة , فقد ذكر الألباني في صحيح النسائي عن سعيد بن زيد قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم , " من قاتل دون ماله فقتل , فهو شهيد ، ومن قاتل
دون دمه ، فهو شهيد ، ومن قاتل دون أهله ، فهو شهيد " , فأوجب الله الجنة
والشهادة لكل من أزهقت حياته وهو يدافع عن ماله وعرضه ويدفع الضر عن نفسه
وأهله , وهذا القتل هو بسبب دفع الظالم والوقوف في وجه المعتدي وعدم
الاستسلام له والرغبة فيما عند الله من أجر وشهادة على أن يكون تحت حياة
المهانة والمذلة .
إن الله سبحانه وتعالى يبغض التعدي بالقول أو الفعل على الغير ويبغض
المجاهرة بفاحش الكلام والكذب على الآخرين واستثنى من تلك المجاهرة التظلم
وذكر تعديات الخصم حتى تجد من يعينك و ينصفك منه يقول الله تعالى ( لاَّ
يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ
وَكَانَ اللّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا , النساء (148) , وفي الحديث عن أبي
هريرة أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن لي جارا يؤذيني
فقال له : " أخرج متاعك فضعه على الطريق " فأخذ الرجل متاعه فطرحه على
الطريق فكل من مر به قال : ما لك ؟ قال : جاري يؤذيني فيقول اللهم العنه
اللهم أخزه قال : فقال الرجل ارجع إلى منزلك والله لا أوذيك أبدا " , وقد
رواه أبو داود في كتاب الأدب وصححه الألباني , فكيف إذا كانت المظالم في
أخذ الأموال وانتهاك الأعراض والتغييب في السجون بغير حق , كيف إذا كان
الظلم بالقتل والتشريد وسلب الممتلكات ؟ هل يحق لك المجاهرة ؟ وهل عليك
بأس فيما تفعل من طلب المناصرة من أخوانك ؟ , وهل على المسلمين مناصرتك ؟
, يقول الله تعالى ( ولمن أنتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل * إنما
السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب
أليم , الشورى (42) , أي لا سبيل في معاتبة المظلوم في أن ينتصر على
الظالم ويأخذ حقه منه , ولا عتاب على من طلب النصرة من أخوانه المسلمين
واستعان بهم لكي ينصروه في استخلاص حقه ودفع الظلم عن نفسه , والعتاب
والحق على الذي يظلمون الناس ويؤذونهم فهم المحقوقون , وتوعهدهم الله
بعذاب من عنده وكل الخزي والعار على الظلمة .
إن أعظم المنازل للشهداء لمن كان يقاتل في سبيل الله , هي منزلة حمزة رضي
الله عنه سيد الشهداء , ورجل أنكر على إمام جائر ظالم مستبد فلم يتمالك
الظالم نفسه حتى قتله , ذكر الألباني بسند صحيح في صحيح الترغيب عن جابر
بن عبدالله أنه قال , قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم , سيد الشهداء
حمزة بن عبد المطلب ، ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه ، فقتله " ,
ففاز هذا المقتول بمرتبة عالية لم ينالها بقتال سيف ولا بخوض صفوف المعارك
ولكن بقوة الإيمان وقوة اليقين على الله فتكلم بكلمة الحق التي عجز عنها
الكثير من الناس فكانت سببا في قتله وكل ذلك في ذات الله ونصرة لدين الله
ودفعا للظلم .
إن كثير من الناس من يدعي أن فلانا مات شهيدا ويطلق التزكيات على كل ميت
يحبه , بل وصل الأمر أن نسمع من يقول أن فلانا هو شهيد الفن عندما سقط
ميتا على خشبة المسرح وهو يغني وأخر كان يرقص , فأطلق على أمثال هؤلاء
بهتانا وزورا لقب الشهيد , وهذا قول مردود على صاحبه , بل حتى الذي يرى
بين صفوف المجاهدين يقاتل جنبا إلى جنب ثم يقتل , فإنك لا تجرؤ أن تنعته
بمسمى الشهيد بل الأولى أن تقول نحسبه من الشهداء والله حسيبه , فلا يعرف
إخلاص المرء في تلك المواطن إلا الله , فقد ذكر البخاري في صحيحه عن أبي
موسى الأشعري أنه قال أعرابي للنبي صلى الله عليه وسلم : الرجل يقاتل
للمغنم ، والرجل يقاتل ليذكر ، ويقاتل ليرى مكانه ، من في سبيل الله ؟
فقال : " من قاتل ، لتكون كلمة الله هي العليا ، فهو في سبيل الله " , فلا
بد أن يكون جهادك خالصا لوجه الله حتى تنال تلك الدرجة الرفيعة لتكون
شهيدا في سبيل الله , وقد ذكر مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال , قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم , من خرج من الطاعة ، وفارق الجماعة ، فمات ، مات
ميتة جاهلية , ومن قاتل تحت راية عمية ، يغضب لعصبة ، أو يدعو إلى عصبة ،
أو ينصر عصبة ، فقتل ، فقتلة جاهلية , ومن خرج على أمتي يضرب برها وفاجرها
, ولا يتحاش من مؤمنها ، ولا يفي لذي عهد عهده ، فليس مني ولست منه " وفي
رواية : لا يتحاشى من مؤمنها , فليس كل من مات وإن كان ظاهره النضال
والجهاد وحضور المعارك أنه شهيد , فلا يعلم أحد عن الدافع الذي دفعه
للقتال ألا الله , فقد يكون حمية عن عشيرته أو يكون ثأرا عن أخيه أو طلب
مغنم أو غير ذلك من أسباب , فكل ذلك لا يدخلك في منزلة الشهيد .
فالشهادة منزلة تبلغها بإحدى ثلاث مواطن :
الأولى : القتال في سبيل الله أي الجهاد لرفع كلمة الدين والنضال من أجله
وأنك لم تخرج إلا من أجل مواجهة جيش الكفار الذين يداهمون بلاد المسلمين ,
أو فتح بلاد كافرة جديدة لنشر الإسلام فيها أو نصرة مسلمين مستضعفين
استنصروهم على عدو فعليهم الإجابة , والشهداء في هذه المنزلة متفاوتون في
الأجر على قدر أعمالهم وإيمانهم وبلائهم في سبيل الله وأعلى ما في هذه
المنزلة وسيدهم هو حمزة بن عبدالمطلب سيد الشهداء , ذكر الألباني في صحيح
الترغيب بسند حسن عن عتبة بن عبد السلمي قال , قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم , القتلى ثلاثة : رجل مؤمن جاهد بنفسه وماله في سبيل الله ؛ حتى
إذا لقي العدو قاتلهم حتى يقتل . فذلك الشهيد الممتحن في جنة الله تحت
عرشه ، لا يفضله النبيون إلا بفضل درجة النبوة . ورجل فرق على نفسه من
الذنوب والخطايا ، جاهد بنفسه وماله في سبيل الله ، حتى إذا لقي العدو
قاتل حتى يقتل ، فتلك ممصمصة محت ذنوبه وخطاياه ، إن السيف محاء للخطايا ،
وأدخل من أي أبواب الجنة شاء ؛ فإن لها ثمانية أبواب ، ولجهنم سبعة أبواب
، وبعضها أفضل من بعض . ورجل منافق جاهد بنفسه وماله ، حتى إذا لقي العدو
قاتل في سبيل الله عز وجل حتى يقتل ، فذلك في النار ؛ إن السيف لا يمحو
النفاق " .
الثانية : رجل مؤمن أنكر على إمام جائر فوعظه ونهاه عن الظلم فاستشاط غضبا
عليه فقتله , فهذا بلغ به العمل أن وصل إلى منزلة حمزة سيد الشهداء , وإن
كان المنكرين على هذا الظالم فرادى أو جماعات فالمنزلة واحدة , فقد يذهب
مجموعة من الصالحين للإنكار على هذا الظالم فيقتلهم جميعا فكلهم بأذن الله
شهداء بمنزلة سيد الشهداء حمزة .
الثالثة : أنواع من البلاء يبتلى الناس بها فيرتفعون إلى منزلة الشهيد
ويدخلون ضمنهم وقد ذكر الحديث أصناف منهم , فقد ذكر الألباني في صحيح
الترغيب عن راشد بن حبيش بسند حسن صحيح , قال , قال : رسول الله صلى الله
عليه وسلم , أتعلمون من الشهيد من أمتي ؟ فأرم القوم ، فقال عبادة :
ساندوني . فأسندوه ، فقال : يا رسول الله ! الصابر المحتسب . فقال رسول
الله : إن شهداء أمتي إذا لقليل ، القتل في سبيل الله عز وجل شهادة ،
والطاعون شهادة ، والغرق شهادة ، والبطن شهادة ، والنفساء يجرها ولدها
بسرره إلى الجنة ، [ قال : وزاد أبو العوام سادن بيت المقدس : ] والحرق ،
والسل " , وفي حديث أخر ذكر البخاري في صحيحه عن ابي هريرة أنه قال , قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم " الشهداء : الغرق ، والمطعون ، والمبطون ،
والهدم . وقال : لو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا ، ولو يعلمون ما في
العتمة والصبح ، لأتوهما ولو حبوا ، ولو يعلمون ما في الصف المقدم
لاستهموا" , فهؤلاء رفعهم الصبر على تلك البلايا حتى ماتوا درجة الشهيد ,
ويلحق بهم كل من حدث نفسه بالجهاد في سبيل الله ولكن لم يتيسر له الجهاد
لأسباب منعته باللحاق بهم فهو على نيته وإن مات على فراشه , فقد ذكر
الألباني في صحيح الجامع بسند صحيح عن سهل بن حنيف أنه قال , قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم , " من سأل الله الشهادة بصدق ، بلغه الله منازل
الشهداء ، و إن مات على فراشه " , فالنية الصادقة ترفع عمل العبد حتى
تبلغه إلى ما يصبوا إليه .
ومنازل الشهداء عظيمة فهي مطمع لكل مؤمن أن ينال مرتبتها , فقد ذكر
الألباني في صحيح الجامع بسند صحيح عن كعب بن مالك قال , قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم , " إن أرواح الشهداء في جوف طير خضر ، لها قناديل
معلقة تحت العرش ، تسرح من الجنة حيث شاءت ، ثم تأوي إلى تلك القناديل ،
فاطلع إليهم ربهم اطلاعة فقال : هل تشتهون شيئا ؟ قالوا : أي شيء نشتهي
ونحن نسرح من الجنة حيث شئنا ؟ فيفعل ذلك بهم ثلاث مرات ، فلما رأوا أنهم
لم يتركوا من أن يسألوا ، قالوا : يا رب نريد أن ترد أرواحنا في أجسادنا
حتى نرجع إلى الدنيا فنقتل في سبيلك مرة أخرى ! فلما رأى أن ليس لهم حاجة
تركوا " , وفي حديث أخر ذكر الألباني في صحيح الترغيب بسند صحيح عن عبادة
بن الصامت أنه قال , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم , إن للشهيد عند
الله سبع خصال : أن يغفر له في أول دفعة من دمه ، ويرى مقعده من الجنة ،
ويحلى حلة الإيمان ، ويجار من عذاب القبر ، ويأمن من الفزع الأكبر ، ويوضع
على رأسه تاج الوقار ؛ الياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها ، ويزوج
اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين ، ويشفع في سبعين إنسانا من أقاربه" .
إن الحديث في فضل الشهادة ومنازل الشهداء ممتع وطويل ويصعب حصره واختصاره
في سطور ولكن من يسر الله له في أن يسلك أقصر الطرق إلى الجنة فعليه أن
يسلك طريق الشهادة ويخلص النية لنيل مرتبة الشهيد فإن الله اشترى من
المؤمنين أنفسهم , قال الله تعالى ( إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم
وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه
حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم
الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم ) التوبة (111), وهل هناك أحد أقدر
من الله على الوفاء , كلا , لا أحد , فعلى من أختار أن يجاهد بنفسه وماله
لنصرة المظلومين والوقوف في وجوه الطغاة فعليه أن يصبر ويحتسب وأجره على
الله , ولن يضيع الله أجر من أحسن عملا ...... والحمد لله رب العالمين
الله شرع دفع الظلم عن النفس إذا صدر من أي إنسان مسلما كان أو كافرا ,
فإن كان كافرا فدفعه بالجهاد في سبيل الله وإن كان مسلما فبالإنكار عليه
وتحذيره من الظلم وعواقبه , فإذا لم يرتدع بترك الظلم فيدفع بالمطالبة
المستمرة والمؤازرة للمظلوم حتى يرتفع الظلم عنه ويزول , ومن خلال هذا
التدافع يقع ما تكرهه النفس فربما تهلك بعض الأنفس وتتلف بعض الأموال
ويتعدى على الأعراض في سبيل نصرة العدل ونصرة المظلوم , يقول الله تعالى (
ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على
العالمين ) البقرة (251) , وهذه المدافعة شرعها الله بين العباد حتى لا
يسيطر الظلم على الناس ويحل الفساد محل العدل فيظن عوام الناس أن الفساد
هو الأصل في حياة الناس وأنه يحل محل العدل فيتعاملوا به ويقننوه ويشرعوه
فييئس الناس من رحمة الله وعدله.
ودفع الشر عن النفس حق مشروع من حقوق الناس ولو كانوا غير مسلمين , فإن
الظلم ممقوت ولا بد من دفعه وإن الله يبغضه وقد حرمه على نفسه , فقد روى
مسلم في صحيحه عن أبي ذر الغفاري في حديث قدسي طويل , عن النبي صلى الله
عليه وسلم ، فيما روى عن الله تبارك وتعالى أنه قال " يا عبادي ! إني حرمت
الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما . فلا تظالموا , ... الحديث " , فلا
يحل لأحد أن يظلم شخص أخر وإن اختلفت عقيدته عن الإسلام فالعدل يجب أن
يكون قائما بين الناس والله هو الحكم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون .
ودفع الناس للفساد الذي يحدثه الظلمة يزيد من طيش الظالم ويزيد من عتوه
وقسوته ويريد هو بذلك إرهاب الناس وكفهم عن طلب العدل والإنصاف والرضا
بحياة الذل والمهانة , ولكن الله حث العباد وحرضهم على الصبر في مواجهة
الطغاة , فقد ذكر الألباني في صحيح النسائي عن سعيد بن زيد قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم , " من قاتل دون ماله فقتل , فهو شهيد ، ومن قاتل
دون دمه ، فهو شهيد ، ومن قاتل دون أهله ، فهو شهيد " , فأوجب الله الجنة
والشهادة لكل من أزهقت حياته وهو يدافع عن ماله وعرضه ويدفع الضر عن نفسه
وأهله , وهذا القتل هو بسبب دفع الظالم والوقوف في وجه المعتدي وعدم
الاستسلام له والرغبة فيما عند الله من أجر وشهادة على أن يكون تحت حياة
المهانة والمذلة .
إن الله سبحانه وتعالى يبغض التعدي بالقول أو الفعل على الغير ويبغض
المجاهرة بفاحش الكلام والكذب على الآخرين واستثنى من تلك المجاهرة التظلم
وذكر تعديات الخصم حتى تجد من يعينك و ينصفك منه يقول الله تعالى ( لاَّ
يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ
وَكَانَ اللّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا , النساء (148) , وفي الحديث عن أبي
هريرة أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن لي جارا يؤذيني
فقال له : " أخرج متاعك فضعه على الطريق " فأخذ الرجل متاعه فطرحه على
الطريق فكل من مر به قال : ما لك ؟ قال : جاري يؤذيني فيقول اللهم العنه
اللهم أخزه قال : فقال الرجل ارجع إلى منزلك والله لا أوذيك أبدا " , وقد
رواه أبو داود في كتاب الأدب وصححه الألباني , فكيف إذا كانت المظالم في
أخذ الأموال وانتهاك الأعراض والتغييب في السجون بغير حق , كيف إذا كان
الظلم بالقتل والتشريد وسلب الممتلكات ؟ هل يحق لك المجاهرة ؟ وهل عليك
بأس فيما تفعل من طلب المناصرة من أخوانك ؟ , وهل على المسلمين مناصرتك ؟
, يقول الله تعالى ( ولمن أنتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل * إنما
السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب
أليم , الشورى (42) , أي لا سبيل في معاتبة المظلوم في أن ينتصر على
الظالم ويأخذ حقه منه , ولا عتاب على من طلب النصرة من أخوانه المسلمين
واستعان بهم لكي ينصروه في استخلاص حقه ودفع الظلم عن نفسه , والعتاب
والحق على الذي يظلمون الناس ويؤذونهم فهم المحقوقون , وتوعهدهم الله
بعذاب من عنده وكل الخزي والعار على الظلمة .
إن أعظم المنازل للشهداء لمن كان يقاتل في سبيل الله , هي منزلة حمزة رضي
الله عنه سيد الشهداء , ورجل أنكر على إمام جائر ظالم مستبد فلم يتمالك
الظالم نفسه حتى قتله , ذكر الألباني بسند صحيح في صحيح الترغيب عن جابر
بن عبدالله أنه قال , قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم , سيد الشهداء
حمزة بن عبد المطلب ، ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه ، فقتله " ,
ففاز هذا المقتول بمرتبة عالية لم ينالها بقتال سيف ولا بخوض صفوف المعارك
ولكن بقوة الإيمان وقوة اليقين على الله فتكلم بكلمة الحق التي عجز عنها
الكثير من الناس فكانت سببا في قتله وكل ذلك في ذات الله ونصرة لدين الله
ودفعا للظلم .
إن كثير من الناس من يدعي أن فلانا مات شهيدا ويطلق التزكيات على كل ميت
يحبه , بل وصل الأمر أن نسمع من يقول أن فلانا هو شهيد الفن عندما سقط
ميتا على خشبة المسرح وهو يغني وأخر كان يرقص , فأطلق على أمثال هؤلاء
بهتانا وزورا لقب الشهيد , وهذا قول مردود على صاحبه , بل حتى الذي يرى
بين صفوف المجاهدين يقاتل جنبا إلى جنب ثم يقتل , فإنك لا تجرؤ أن تنعته
بمسمى الشهيد بل الأولى أن تقول نحسبه من الشهداء والله حسيبه , فلا يعرف
إخلاص المرء في تلك المواطن إلا الله , فقد ذكر البخاري في صحيحه عن أبي
موسى الأشعري أنه قال أعرابي للنبي صلى الله عليه وسلم : الرجل يقاتل
للمغنم ، والرجل يقاتل ليذكر ، ويقاتل ليرى مكانه ، من في سبيل الله ؟
فقال : " من قاتل ، لتكون كلمة الله هي العليا ، فهو في سبيل الله " , فلا
بد أن يكون جهادك خالصا لوجه الله حتى تنال تلك الدرجة الرفيعة لتكون
شهيدا في سبيل الله , وقد ذكر مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال , قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم , من خرج من الطاعة ، وفارق الجماعة ، فمات ، مات
ميتة جاهلية , ومن قاتل تحت راية عمية ، يغضب لعصبة ، أو يدعو إلى عصبة ،
أو ينصر عصبة ، فقتل ، فقتلة جاهلية , ومن خرج على أمتي يضرب برها وفاجرها
, ولا يتحاش من مؤمنها ، ولا يفي لذي عهد عهده ، فليس مني ولست منه " وفي
رواية : لا يتحاشى من مؤمنها , فليس كل من مات وإن كان ظاهره النضال
والجهاد وحضور المعارك أنه شهيد , فلا يعلم أحد عن الدافع الذي دفعه
للقتال ألا الله , فقد يكون حمية عن عشيرته أو يكون ثأرا عن أخيه أو طلب
مغنم أو غير ذلك من أسباب , فكل ذلك لا يدخلك في منزلة الشهيد .
فالشهادة منزلة تبلغها بإحدى ثلاث مواطن :
الأولى : القتال في سبيل الله أي الجهاد لرفع كلمة الدين والنضال من أجله
وأنك لم تخرج إلا من أجل مواجهة جيش الكفار الذين يداهمون بلاد المسلمين ,
أو فتح بلاد كافرة جديدة لنشر الإسلام فيها أو نصرة مسلمين مستضعفين
استنصروهم على عدو فعليهم الإجابة , والشهداء في هذه المنزلة متفاوتون في
الأجر على قدر أعمالهم وإيمانهم وبلائهم في سبيل الله وأعلى ما في هذه
المنزلة وسيدهم هو حمزة بن عبدالمطلب سيد الشهداء , ذكر الألباني في صحيح
الترغيب بسند حسن عن عتبة بن عبد السلمي قال , قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم , القتلى ثلاثة : رجل مؤمن جاهد بنفسه وماله في سبيل الله ؛ حتى
إذا لقي العدو قاتلهم حتى يقتل . فذلك الشهيد الممتحن في جنة الله تحت
عرشه ، لا يفضله النبيون إلا بفضل درجة النبوة . ورجل فرق على نفسه من
الذنوب والخطايا ، جاهد بنفسه وماله في سبيل الله ، حتى إذا لقي العدو
قاتل حتى يقتل ، فتلك ممصمصة محت ذنوبه وخطاياه ، إن السيف محاء للخطايا ،
وأدخل من أي أبواب الجنة شاء ؛ فإن لها ثمانية أبواب ، ولجهنم سبعة أبواب
، وبعضها أفضل من بعض . ورجل منافق جاهد بنفسه وماله ، حتى إذا لقي العدو
قاتل في سبيل الله عز وجل حتى يقتل ، فذلك في النار ؛ إن السيف لا يمحو
النفاق " .
الثانية : رجل مؤمن أنكر على إمام جائر فوعظه ونهاه عن الظلم فاستشاط غضبا
عليه فقتله , فهذا بلغ به العمل أن وصل إلى منزلة حمزة سيد الشهداء , وإن
كان المنكرين على هذا الظالم فرادى أو جماعات فالمنزلة واحدة , فقد يذهب
مجموعة من الصالحين للإنكار على هذا الظالم فيقتلهم جميعا فكلهم بأذن الله
شهداء بمنزلة سيد الشهداء حمزة .
الثالثة : أنواع من البلاء يبتلى الناس بها فيرتفعون إلى منزلة الشهيد
ويدخلون ضمنهم وقد ذكر الحديث أصناف منهم , فقد ذكر الألباني في صحيح
الترغيب عن راشد بن حبيش بسند حسن صحيح , قال , قال : رسول الله صلى الله
عليه وسلم , أتعلمون من الشهيد من أمتي ؟ فأرم القوم ، فقال عبادة :
ساندوني . فأسندوه ، فقال : يا رسول الله ! الصابر المحتسب . فقال رسول
الله : إن شهداء أمتي إذا لقليل ، القتل في سبيل الله عز وجل شهادة ،
والطاعون شهادة ، والغرق شهادة ، والبطن شهادة ، والنفساء يجرها ولدها
بسرره إلى الجنة ، [ قال : وزاد أبو العوام سادن بيت المقدس : ] والحرق ،
والسل " , وفي حديث أخر ذكر البخاري في صحيحه عن ابي هريرة أنه قال , قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم " الشهداء : الغرق ، والمطعون ، والمبطون ،
والهدم . وقال : لو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا ، ولو يعلمون ما في
العتمة والصبح ، لأتوهما ولو حبوا ، ولو يعلمون ما في الصف المقدم
لاستهموا" , فهؤلاء رفعهم الصبر على تلك البلايا حتى ماتوا درجة الشهيد ,
ويلحق بهم كل من حدث نفسه بالجهاد في سبيل الله ولكن لم يتيسر له الجهاد
لأسباب منعته باللحاق بهم فهو على نيته وإن مات على فراشه , فقد ذكر
الألباني في صحيح الجامع بسند صحيح عن سهل بن حنيف أنه قال , قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم , " من سأل الله الشهادة بصدق ، بلغه الله منازل
الشهداء ، و إن مات على فراشه " , فالنية الصادقة ترفع عمل العبد حتى
تبلغه إلى ما يصبوا إليه .
ومنازل الشهداء عظيمة فهي مطمع لكل مؤمن أن ينال مرتبتها , فقد ذكر
الألباني في صحيح الجامع بسند صحيح عن كعب بن مالك قال , قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم , " إن أرواح الشهداء في جوف طير خضر ، لها قناديل
معلقة تحت العرش ، تسرح من الجنة حيث شاءت ، ثم تأوي إلى تلك القناديل ،
فاطلع إليهم ربهم اطلاعة فقال : هل تشتهون شيئا ؟ قالوا : أي شيء نشتهي
ونحن نسرح من الجنة حيث شئنا ؟ فيفعل ذلك بهم ثلاث مرات ، فلما رأوا أنهم
لم يتركوا من أن يسألوا ، قالوا : يا رب نريد أن ترد أرواحنا في أجسادنا
حتى نرجع إلى الدنيا فنقتل في سبيلك مرة أخرى ! فلما رأى أن ليس لهم حاجة
تركوا " , وفي حديث أخر ذكر الألباني في صحيح الترغيب بسند صحيح عن عبادة
بن الصامت أنه قال , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم , إن للشهيد عند
الله سبع خصال : أن يغفر له في أول دفعة من دمه ، ويرى مقعده من الجنة ،
ويحلى حلة الإيمان ، ويجار من عذاب القبر ، ويأمن من الفزع الأكبر ، ويوضع
على رأسه تاج الوقار ؛ الياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها ، ويزوج
اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين ، ويشفع في سبعين إنسانا من أقاربه" .
إن الحديث في فضل الشهادة ومنازل الشهداء ممتع وطويل ويصعب حصره واختصاره
في سطور ولكن من يسر الله له في أن يسلك أقصر الطرق إلى الجنة فعليه أن
يسلك طريق الشهادة ويخلص النية لنيل مرتبة الشهيد فإن الله اشترى من
المؤمنين أنفسهم , قال الله تعالى ( إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم
وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه
حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم
الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم ) التوبة (111), وهل هناك أحد أقدر
من الله على الوفاء , كلا , لا أحد , فعلى من أختار أن يجاهد بنفسه وماله
لنصرة المظلومين والوقوف في وجوه الطغاة فعليه أن يصبر ويحتسب وأجره على
الله , ولن يضيع الله أجر من أحسن عملا ...... والحمد لله رب العالمين
.
مواضيع مماثلة
» مكانة الشهيد في الإسلام
» شبهة انتشار الإسلام بالسيف دراسة مقارنة بين الإسلام والنصرانية
» حب أهل السنة أهل الإسلام للحسن والحسين يلخصه لنا شيخ الإسلام إبن تيمية . .
» قل وسطية الإسلام ولا تقل الإسلام الوسطى!!
» من هو الشهيد فى الاسلام؟
» شبهة انتشار الإسلام بالسيف دراسة مقارنة بين الإسلام والنصرانية
» حب أهل السنة أهل الإسلام للحسن والحسين يلخصه لنا شيخ الإسلام إبن تيمية . .
» قل وسطية الإسلام ولا تقل الإسلام الوسطى!!
» من هو الشهيد فى الاسلام؟
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة 21 يونيو 2024, 12:25 am من طرف Admin
» هل الانجيل محرف
الأربعاء 19 يونيو 2024, 2:34 pm من طرف Admin
» شبهات النصاري زواج ام المؤمنين عائشه،
الإثنين 17 يونيو 2024, 10:30 am من طرف Admin
» الفرق بين السنه والفقه
السبت 11 مايو 2024, 11:23 pm من طرف Admin
» كيف عرفت انه نبي..
الجمعة 26 أبريل 2024, 5:40 am من طرف Admin
» موضوع هل يدخل الجنه غير المسلمين،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:48 am من طرف Admin
» التدرج في التشريع
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:43 am من طرف Admin
» كتب عليكم الصيام،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:41 am من طرف Admin
» اقوال العلماء في تفسير ايه الحجاب،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:40 am من طرف Admin