الصحابي الجليل شرحبيل بن حسنة رضي الله عنه
بعض الشرح عن فتح الأردن، وفلسطين
- بأمر من أبي عبيدة عامر بن الجرّاح رضي الله عنه افتتح شرحبيل رضي الله
عنه الأردنّ كلّها عنوة ما عدا طبريّا، فحاصرها أيّاما، ثمّ صالحه أهلها
على أنفسهم وأموالهم وكنائسهم ومنازلهم، إلاّ ما جلوا عنه وخلّوه، واستثني
لمسجد المسلمين موضعا، لكنّهم نقضوا الصلح في خلافة عمر بن الخطّاب رضي
الله عنه، واجتمع إليهم قوم من الروم وغيرهم، فأمر أبو عبيدة عامر بن
الجرّاح بغزوهم، فسارع إليهم في أربعة آلاف، ففتحها على مثل صلح شرحبيل بن
حسنة رضي الله عنه.
بعد فتح دمشق سار أبو عبيدة، ومعه خالد بن
الوليد رضي الله عنهما إلى فحل مستخلفا على دمشق يزيد بن أبي سفيان رضي
الله عنهما، وبعث خالدا على المقدّمة، وأمير الناس شرحبيل بن حسنة، وكان
على المجنبتين أبو عبيدة وعمرو بن العاص، فنزل شرحبيل بالناس في فحل،
وبينهم وبين الروم مياه وأوحال، وكتب المسلمون إلى عمر بن الخطّاب رضي
الله عنه يستشيرونه، وهم ينتظرون كتابه، ففاجأهم الروم، ولكنّ المسلمين
كانوا حذرين، وكان شرحبيل لا يبيت ولا يصبح إلاّ على أهبة وتعبئة، فلمّا
هجم الروم على المسلمين، اقتتلوا قتالا شديدا امتدّ يوما وليلة، وحار
الروم فانهزموا وقد قتل رئيسهم ونائبه، فظفر المسلمون بهم وغنموا أموالهم.
انصرف أبو عبيدة، وخالد رضي الله عنهما، ومن معهما إلى حمص، وأرسل
شرحبيل بن حسنة رضي الله عنه، ومن معه لفتح بيسان من أرض فلسطين.
هاجم
شرحبيل بن حسنة رضي الله عنه بيسان، وحاصرها أيّاما، فقاتلوا أهلها، فقتل
منهم خلقا كثيرا، ثمّ خرج إليه أهلها، ولكنّهم لم يلبثوا أن هزموا، فصالح
شرحبيل من بقي على صلح دمشق، فقبل منهـم.
وبلغ أهل طبريّا خبر صلح
بيسان، فطلبوا مثل صلحها على أن يشاطروا المسلمين المنازل في المدائن، وما
أحاط بها ممّا يصلها، فيدع المسلمون لهم نصفا، ويجتمعون في النصف الآخر.
بعد ذلك قام شرحبيل بن حسنة رضي الله عنه بفتح باقي مدن الأردن وحصونها
على هذا الصلح فتحا يسيرا بغير قتال، ففتح سوسيه، وجرش، وبيت راس،
والجولان، وغلب على سواد الأردن، وجميع أراضيها.
وما لبثت جموع الروم
أن نزلت قريبا من غزّة وأجنادين وبيسان، فسار إليهم عمرو بن العاص،
وشرحبيل بن حسنة رضي الله عنهما، وعلى الروم قائد يقال له الأرطبون، وكان
أدهى الروم وأبعدها غورا، واستخلف شرحبيل بن حسنة رضي الله عنه على الأردن
أبا الأعور السلميّ رضي الله عنه، متوجّها للقاء الأرطبون مع عمرو بن
العاص، وكان الأرطبون قد وضع بالرملة جندا عظيما، وبإيليـاء ( القدس )
جندا عظيما، وكتب عمرو إلى عمر بن الخطّاب رضي الله عنهما، فلمّا بلغ
الفاروق الخبر قال : قد رمينا أرطبون الروم بأرطبون العرب يقصد عمرو،
فانظروا عمّا تنفرج، وبعد وقعة أجنادين انهزم الأرطبون إلى القدس، فمضى
المسلمون في أثره، ففتحوا غزّة ثانية، وفتحوا مدنا أخرى في فلسطين.
-
يقول أبو حفص رضي الله عنه:قال أبو محمّد بن سعيد بن عبد العزيز : وبلغني
أن الوضين بن عطاء، قال:فتح شرحبيل عكّا، وصور، وصفّوريّة.
- يقول
أبو بشر المؤذّن رضي الله عنه، نقتبس منه:إنّ أبا عبيدة وجّه عمرو بن
العاص إلى سواحل الأردن، والروم به كثير، والمدد يأتيهم من ناحبة هرقل،
وهو بالقسطنطينيّة، فكتب إلى أبي عبيدة يطلب منه المدد، فوّجه أبو عبيدة
يزيد بن أبي سفيان رضي الله عنه، فسار يزيد وعلى مقدّمته معاوية أخوه،
ففتح يزيد وعمرو سواحل الأردن، فكتب إلى أبي عبيدة بفتحها لهما، وكان
لمعاوية في ذلك بلاء حسن، وأثر جميل، انتهى الاقتباس.
- حدّثني أبو
اليسع الأنطاكيّ، عن أبيه رضي الله عنهما، عن مشايخ أهل أنطاكية والأردن،
قالوا:نقل معاوية بن أبي سفيان قوما من فرس بعلبك، وحمص، وأنطاكية إلى
سواحل الأردن وصور وعكّا وغيرها سنة اثنتين وأربعين للهجرة النبويّة
الشريفة، ونقل جماعة من أساور البصرة، والكوفة، وفرس بعلبك، وحمص إلى
إنطاكية هذه السنة، أو قبلها أو بعدها بسنة، فكان من قوّاد الفرس مسلم بن
عبد الله جدّ عبد الله بن حبيب.
- ويقول بعض مشايخ أهل الشام:رمى
معاوية بن أبي سفيان عكّا عند ركوبه منها إلى قبرص، ورمى صور، ثمّ إنّ عبد
الملك بن مروان رضي الله عنه جدّدها وقد كانتا خربتا.
وقال مشايخ
أدركهم محمّد بن سهم الأنطاكيّ رضي الله عنهم : لمّا كانت سنة تسع وأربعين
للهجرة النبويّة الشريفة خرجت الروم إلى السواحل، وكانت الصناعة بمصر،
فأمر معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه بجمع الصنّاع النجّارين، فجمعوا
ورتّبهم في السواحل، وكانت الصناعة في الأردن بعكّا، ثمّ نقل هشام بن عبد
الملك رضي الله عنه الصناعة إلى صور، واتّخذ فندقا ومستغلّا.
- يقول
أبو عبد الله محمّد بن عمر الواقديّ رضي الله عنه، في كتابه فتوح الشام،
نقتبس منه : لم تزل المراكب بعكّا حتّى ولّي بنو مروان، فنقلوها إلى صور،
فهي بصور إلى اليوم، انتهى الاقتباس.
وأمر أمير المؤمنين المتوكّل
على الله سنة سبع وأربعين ومائتين للهجرة النبويّة الشريفة بترتيب المراكب
بعكّا، وجميع السواحل، وشحنها بالمقاتلة
البوابة 
الأحداث 
محمدشوقى 
اليومية
