بحـث
الشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المواضيع الأخيرة
نوفمبر 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | |||||
3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 |
10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 |
17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 |
24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
الحمدلله على نعمة الاسلام
ايها الاخوه الدعاه الى الله وكذا جميع الزائرين والزائرات مرحبا بكم واهلا نتمنى من الله ان نكون عند حسن ظنكم جميا والله الموفق الى الخير وهو حسبنا ونعم الوكيلالشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 23 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 23 زائر لا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 76 بتاريخ الأربعاء 30 أكتوبر 2024, 11:01 pm
الجامع الصحيح المختصر في ذكر دلائل النبوة(2
صفحة 1 من اصل 1
الجامع الصحيح المختصر في ذكر دلائل النبوة(2
الجامع الصحيح المختصر في ذكر دلائل النبوة(2)
أدلة صدق النبي محمد صلى الله عليه و سلم
** ذكر بعض محاولات الإتيان بمثل القرآن:
أ - محاولات قديمة:
قال الحافظ ابن كثير في البداية و النهاية :ولما قدمت وفود بني حنيفة
على الصديق قال لهم: أسمعونا من قرآن مسيلمة، فقالوا: أو تعفينا يا خليفة
رسول الله ؟ فقال: لا بد من ذلك، فقالوا: كان يقول:
" يا ضفدع بنت الضفدعين نقي لكم نقين، لا الماء تكدرين ولا
الشارب تمنعين، رأسك في الماء، وذنبك في الطين "، وكان يقول: "والمبذرات
زرعا، والحاصدات حصدا، والذاريات قمحا، والطاحنات طحنا، والخابزات خبزا،
والثاردات ثردا، واللاقمات لقما، إهالة وسمنا، لقد فضلتم على أهل الوبر،
وما سبقكم أهل المدر، رفيقكم فامنعوه، والمعتر فآووه، والناعي فواسوه ".
وذكروا أشياء من هذه الخرافات التي يأنف من قولها الصبيان وهم يلعبون،
فيقال: إن الصديق قال لهم: ويحكم، أين كان يذهب بقولكم ؟ إن هذا الكلام لم
يخرج عن أل[1]، وكان يقول:
"والفيل وما أدراك ما الفيل، له زلوم طويل"
وكان يقول:
" والليل الدامس، والذئب الهامس، ما قطعت أسد من رطب ولا يابس"
وتقدم قوله:
" لقد أنعم الله على الحبلى، أخرج منها نسمة تسعى، من بين صفاق وحشي"
وأشياء من هذا الكلام السخيف الركيك البارد السميج .
وقد أورد أبو بكر بن الباقلاني رحمه الله في كتابه إعجاز القرآن أشياء من كلام هؤلاء الجهلة المتنبئين
كمسيلمة وطليحة والاسود وسجاح وغيرهم، مما يدل على ضعف عقولهم وعقول من
اتبعهم على ضلالهم ومحالهم * وقد روينا عن عمرو بن العاص أنه وفد إلى
مسيلمة في أيام جاهليته، فقال له مسيلمة: ماذا أنزل على صاحبكم في هذا
الحين ؟ فقال له عمرو: لقد أنزل عليه سورة وجيزة بليغة، فقال: وما هي ؟
قال: أنزل عليه * (والعصر إن الانسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا
الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر) * قال: ففكر مسيلمة ساعة ثم رفع
رأسه فقال: ولقد أنزل علي مثلها، فقال له عمرو: وما هي ؟ فقال مسيلمة:
" يا وبر يا وبر، إنما أنت ايراد وصدر، وسائرك حفر نقر"
ثم قال: كيف ترى يا عمرو ؟ فقال له عمرو: والله إنك لتعلم أني أعلم أنك تكذب .
وذكر علماء التاريخ أنه كان يتشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم، بلغه أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم بصق في بئر فغزر ماؤه، فبصق في بئر فغاض ماؤه
بالكلية: وفي أخرى فصار ماؤه أجاجا، وتوضأ وسقى بوضوئه نخلا فيبست وهلكت،
وأتى بولدان يبرك عليهم فجعل يمسح رؤوسهم فمنهم من قرع رأسه، ومنهم من لثغ
لسانه، ويقال: إنه دعا لرجل أصابه وجع في عينيه فمسحهما فعمى .
* قال أبو بكر الباقلاني في كتابه إعجاز القرآن:
فأما كلام مسيلمة الكذاب وما زعم أنه قرآن فهو أخس من أن نشتغل به وأسخف من أن نفكر فيه
وإنما نقلنا منه طرفا ليتعجب القارئ وليتبصر الناظر فإنه على سخافته قد
أضل وعلى ركاكته قد أزل وميدان الجهل واسع ومن نظر فيما نقلناه عنه وفهم
موضع جهله كان جديرا أن يحمد الله على ما رزقه من فهم وآتاه من علم فما كان
يزعم أنه نزل عليه من السماء:
" والليل الأطخم والذئب الأدلم والجذع الأزلم ما انتهكت أسيد من محرم "
وذلك قد ذكر في خلاف وقع بين قوم أتوه من أصحابه وقال أيضا:
" والليل الدامس والذئب الهامس ما قطعت أسيد من رطب ولا يابس "
وكان يقول:
" والشاء وألوانها وأعجبها السود وألبانها والشاة السوداء واللبن الأبيض إنه لعجب محض وقد حرم المذق فما لكم لا تجتمعون"
وكان يقول:
" ضفدع بنت نقي ما تنقين أعلاك في الماء وأسفلك في الطين لا
الشارب تمنعين ولا الماء تكدرين لنا نصف الأرض ولقريش نصفها ولكن قريشا قوم
يعتدون "
وكان يقول:
" والمبديات زرعا والحاصدات حصدا والذاريات قمحا والطاحنات طحنا
والخابزات خبزا والثاردات ثردا واللاقمات لقما إهالة وسمنا لقد فضلتم على
أهل الوبر وما سبقكم أهل المدر ريفكم فامنعوه والمعتر فآووه والباغي
فناوئوه "
وقالت سجاح بنت الحارث بن عقبان وكانت تتنبأ فاجتمع مسيلمة معها فقالت له ما أوحي إليك : فقال:
" ألم تر كيف فعل ربك بالحبلى أخرج منها نسمة تسعى ما بين صفاق وحشا "
وقالت فما بعد ذلك :
قال أوحي إلى:
" إن الله خلق النساء أفواجا وجعل الرجال لهن أزواجا فنولج فيهن
قعسا إيلاجا ثم نخرجها إذا شئنا إخراجا فينتجن لنا سخالا نتاجا فقالت أشهد
أنك نبي "
قال :ولم ننقل كل ما ذكر من سخفه كراهية التثقيل.
* ملاحظة هامة : للأسف الشديد لم يتسني الوقوف على محاولات أخرى قديمة
لمحاكاة القرآن ، و يظهر فيما ذكرنا مدى السخافة و الركاكة ، و من وجد غير
ذلك فليظهره.
ب – محاولات معاصرة:
و الاستدلال بهذه المحاولات أقوى بكثير من الاستدلال بالمحاولات
القديمة لأن هذه المحاولات و أخص بالذكر ما أسموه "الفرقان الحق" الذي هو
بحق "مسخرة العصر" فلم يكن محاولة فردية بل جماعية ،و أنت تعلم ما وصل إليه
العلم الحديث من تقريب لمصادر البحث، و استغرقت تلك المحاولة سنين في
إعدادها ، و كان وراء تلك المحاولة مساندة أعتى قوى العصر المادية المحاربة
لدين الله ، و لا تسأل عن التمويل لمثل هذا المشروع الفاشل فهم ينفقون
المليارات من أموالهم ما بين حرب مباشرة و خفية للإسلام ،فضلا عن دماء
أبنائهم التي يضحون بها ،فكيف تراهم سينفقون على مثل هذا ؟
و لقد جاءت تلك المحاولة غاية في السخف و الهذيان و إليك التفصيل و أغلبه مقتبس من مقال لبعض الأفاضل فجزاه الله خيرا:
وصف الكتاب:
هو: عبارة عن كتاب يقع في ثمانية وستين وثلاثمئة ورقة (368)، ويتألف من
عدد من الموضوعات، كل موضع جعل تحت اسم خاص، كهيئة سور القرآن الكريم،
وبلغت تلك الموضوعات (أو السور ): سبعا وسبعين، مع مقدمة وخاتمة، ومن
الأمثلة على أسماء تلك الموضوعات(أو السور) التي تضمنها هذا الكتاب:
الفاتحة، المحبة، المسيح، الثالوث، المارقين، الصَّلب، الزنا، الماكرين،
الرعاة، الإنجيل، الأساطير، الكافرين، التنزيل، التحريف، الجنة، الأضحى،
العبس، الشهيد، الأنبياء، ... .
كما أن الموضوعات (أو السور) مقسمة إلى مقاطع مرقمة، كهيئة الآيات القرآنية.
ومن الملفت للنظر أن محاولة مشابهة القرآن الكريم واضحة تماما، حتى
طريقة خط الكتاب، تشابه رسم المصحف العثماني، ولذا قال أنيس شروش: "إن
الكتاب مشابه للقرآن من حيث الأسلوب والجوهر... لكنه يحتوي على رسالة
الإنجيل".
و إليك بعض المطاعن الجلية في ذلك كتاب "مسخرة العصر" أقصد "الفرقان الحق":
1. لم يجد القائمون على إعداد كتاب المسخرة في أنفسهم القدرة اللغوية أو
البلاغية لمناظرة القرآن و الإتيان بمثله ، فلجأوا لخطة بديلة ألا و هي
الإتيان بنفس آيات القرآن و ألفاظة و تغيير بعض الكلمات بما يناسب السموم
التي يريدون بثها ،و هذا سيظهر في كل النصوص التي سنوردها عن هذا الكتاب
المسخرة، و هذا وحده يكفي لإسقاط شبهتهم في الإتيان بمثل القرآن ، فأى
متخلف متدني الذكاء يستطيع الإتيان بجملة و حذف كلمة أو كلمتين منها لتغيير
معناها ، أما المطلوب الإتيان بكتاب فيه نفس القدر من البلاغة و الفصاحة .
* اسم الكتاب لم يخلو مما ذكرنا آنفا فالفرقان هو أحد أسماء القرآن فحتى
الاسم لم يستطيعوا الإتيان بمثله ، و للقرآن طريقة معهودة و ألفاظ معروفة
في البيان فنسخوا ذلك نسخ المقلد الجاهل أو نسخ من لا يحسن الكتابة
بالعربية ثم أضافوا له ما يفسد معناه و مبناه.
2. ويزعم واضعوه أن هذا الكتاب وحيي من الله تعالى إلى من دعوة بالصفي،
كما ورد ذلك نصا في الكتب: "ولقد أنزلنا الفرقان الحق وحيا، وألقيناه نورا
في قلب صفينا ليبلغه قولا معجزا بلسان عربي مبين، مصدقا لما بين يديه من
الإنجيل الحق صنوا فاروقا محقا للحق، ومزهقا للباطل، وبشيرا ونذيرا
للكافرين" (التنزيل:5، 4/ ص:325).
و هذه فيه من المهزلة أمور:
1) الكذب :فهم ذكروا في نفس الكتاب أن عيسى عليه
السلام خاتم الأنبياء ومن مما يثير السخرية أن ذات الكتاب يقرر ـ في معرض
تكذيبهم لنبوة محمد صلى الله عليه وسلم ـ أنه لا نبي بعد عيسى عليه السلام،
جاء في الكتاب" وما بشرنا بنى إسرائيل برسول يأتى من بعد كلمتنا وما عساه
أن يقول بعد أن قلنا كلمة الحق وأنزلنا سنة الكمال وبشرنا الناس كافة بدين
الحق ولن يجدوا له نَسْخا ولا تبديلا إلى يوم يُبْعَثون " (الأنبياء:16)
فكيف يدعي واضعوا هذا الكتاب بأنه وجي من الله لنبي يقال له الصفي.
2) أن الصفي هذا أقرب تسمية له هو المخفي فلا
شيء يعرف عن هذا النبي، لا عن سيرته ولا دعوته ولا جهاده، فلا يعرف من هو؟
ولا إلى من ينتمي؟ ولا أين ظهر؟ ولا متى كان ظهوره؟ كل ما هنالك أن هذا
الوحي نزل في سبعة أيام كما جاء في الكتاب نفسه: " واصطفيناه وشرحنا صدره
للإيمان وجعلنا له عينا تبصر وأذنا تسمع وقلبا يعقل، ولسانا ينطق، وأوحينا
إليه بالفرقان الحق، فخطه في سبعة أيام وسبع ليال جليدا" ( الشهيد:2
،ص:360-361) ومبالغة في الإيهام والتلبيس على الناس يقتل هذا " الصفي " على
يد أعدائه المسلمين كما جاء في الكتاب "لقد طوعت لكم أنفسكم قتل صفينا
شاهدين على أنفسكم بالكفر، أفتقتلون نفسا زكية، وتطمعون برحمتنا وأنتم
المجرمون، لا جرم أنكم في الدنيا والآخرة أنتم الأخسرون، وختمتم بدمه آية
تكوى بها جباهكم وتشهد عليكم بأنكم كفرة مجرمون، وأنه الصفي الأمين، وأن
الفرقان الحق هو كلمتنا وهو الحق اليقين، ولو كره الكافرون " ( الشهيد: 7،
ص: 363)، وهنا يحق لنا أن نتساءل عن هذا النبي، الذي خرج وبعث، فلم يسمع به
أحد، ثم قتل ولم يدر به بشر، في هذا كله في هذا الوقت الذي تقارب فيه
العالم، وتطورت فيه وسائل الاتصال وتقنيات التواصل بين البشر، فلو وقعت
أدنى الحوادث وأقلها؛ لتسامع بها العالم، وتنادى بها البشر.
3) وأمر آخر يدل على تناقض من وضع هذا الكتاب مع
اعتقاد النصارى، ووجه ذلك: أنا نعلم أن النصارى بملتهم المحرفة لا يؤمنون
بني يأتي بعد عيسى عليه السلام، وإنما يؤمنون بعودته مرة أخرى، وإذا كان
الأمر كذلك، فكيف يزعمون في هذا الكتاب الداعي إلى ملتهم؛ أنه وحي الله
النازل على نبي يقال له: "الصفي" .
3. هم لا ينفكون في كتاب المسخرة عن نسبة النبي محمد صلى الله عليه و
سلم للكذب ، و قاصمة الظهر لهم هنا أو لم يجد الرب القدير – جل و علا عما
يقولون – أسلوبا بلاغيا و بيانيا يرد فيه على القرآن – المكذوب كما في
زعمهم – إلا الإتيان بمثل آياته مع تحريفها بركاكة .
وإن السبب الحقيقي وراء هذه المحاكاة لأسلوب القرآن الكريم شعورهم الباطني بمدى التميز والإعجاز في القرآن الكريم نظما ومعنى.
4. أن تلك المحاولة لمحاكة القرآن الكريم ومشابهته، جاءت ركيكة على نحو
مخجل، في نظم الكلام وألفاظه، وأساليبه ومعانيه، مع الأخطاء في اللغة
والاشتقاق، مما يدل على أن من ألف هذا الكتاب، ليس له معرفة بأساليب العرب
وبيانهم، يشعر بذلك أدنى من له تذوق للسان العربي، فضلا عن الضعف المخزي في
بلاغة النظم، وبديع البيان، فسبحان من خذل أعداء الله تعالى مع ما عندهم
من وسائل القوة وأسبابها، ومع ما نعرفه من تمكن نصارى العرب في اللغة، وصدق
الله القائل: { قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن
يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ
كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً }.
5. إن هذا الكتاب جاء ليقرر عقائد التثليث و الصلب و الفداء و هي من
الضعف بمكان و قد بسط أهل العلم الكلام في مثل ذلك و بينوا التناقضات
الجلية و أذكر منها:
أن الأنجيل (العهد الجديد) جاء مكملا للتوراة (العهد القديم) و لم يؤثر
قط عن أحد من أنبياء بني إسرائيل أنه دعا قومه لمثل تلك العقيدة ، و لا حتى
بالكذب و التحريف ، و هذه العقيدة هي عقيدة النجاة عند أصحابها ،فكيف جهل
أنبياء بني إسرائيل الذين يعترف النصارى بنبوتهم عقيدة النجاة و كيف خلا
العهد القديم من أى ذكر لها ، فبما يُرسل الأنبياء إن لم يرسلوا بعقيدة
النجاة؟
6. السب و القذف و الغلو في ذم المخالف ، فمن يقرأ الكتاب يستشعر حقدا كالنار المستعرة في قلب من كتبه على الإسلام و أهله:
" وأوردكم جهنم جميعا وإنْ منكم إلا واردها وكان عليه أمرا مقضيا .....
وطبع الشيطان على قلوبكم وسمعكم وأبصاركم فأنتم قوم لا تفقهون . لا جَرَمَ
أنكم في الآخرة أنتم الخاسرون " (المنافقون: 3، 6)
:" فشرعة أهل الكفر شرعة قومٍ حفاة، عراة، غزاة، زناة، أميين مفترين
ومعتدين ضالين ظالمين" (سورة الجنة 14-266)، وأما الجنة التي وعد الله بها
عباده المؤمنين كما في القرآن الكريم فقد وصفها بالآتي: "فهم في كهوف تعج
بالقتلة والكفرة والزناة يتمرغون في حمأة الفجور، تلفحهم زفرات الغرائز،
وتسوطهم شهوة البهائم، فهم في الرجس والموبقات غارقون وفي شغل فاكهون،
متكئون على سرر مصفوفة، والمسافحات مسجورات في المواخر يطوف عليهم ولدان
اللواط بأكواب الرجس والخمر الحرام، يلغُون فيها، فلا هم يطفئون أوارهم ولا
هم يرتوون" (الجنة 3، 4-262-263)
" فسيماؤكم كفر وشرك وزنى وغزو وسلب وسبي وجهل وعصيان" (الكبائر 3-
259-260)، وفي موضع آخر: " ولا تغلوا في دين لقيط، ولا تقولوا علينا غير
الحق المبين" (الفرقان" 29، ص:69) .
7. وفضلا عن هذا فالكتاب المزعوم يسلب عن محمد صلى الله عليه وسلم ودينه
وأتباعه، أي أثرة من حق، وأي بقية من خير، وهذا ليس من العدل والإنصاف
الذي هو من صفة الوحي الإلهي، القائم على العدل حتى مع كفار المشركين وأهل
الكتاب، ومن المقطوع به أن عقلاء العالم على مر التاريخ ـ مهما كانت درجة
مخالفتهم للإسلام ـ لم يزالوا يعرفون للنبي صلى الله عليه وسلمفضله وفضل
شرائعه التي جاء بها، ومنكر هذا كمن يحجب الشمس بيده، لقد زُعم في هذا
الكتاب أن محمدا صلى الله عليه وسلم لم تكن له أي حسنة ولم يدع إلى أي
فضيلة وبر وعدل وإنصاف، وهذه كذبة كبرى لا يجرؤ عليها حتى الشيطان الرجيم،
ذلك أن نعلم يقينا أن كثيرا من الفضائل التي جاء بها النبي صلى الله عليه
وسلموتضمنها القرآن الكريم مما تتفق عليه الملل الإلهية جميعا، ومنها
النصرانية على ما فيها من تحريف.
وفي هذا السياق قارن ذلك بما تضمنه القرآن الكريم من عدل ونصفة مع أهل
الكتاب والملل السابقة، ففرق بين الحق والباطل، وذكر الذي لهم من الحق،
الذي لا يحملنا مخالفتهم لنا على جحده، وتكذيبه، وهاك مثالا على ذلك يقول
تعالى: (لَيْسُواْ سَوَاء مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ
يَتْلُونَ آيَاتِ اللّهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ يُؤْمِنُونَ
بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ
عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُوْلَئِكَ مِنَ
الصَّالِحِينَ . وَمَا يَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلَن يُكْفَرُوْهُ
وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ ) (سورة آل عمران: 113،114)
8. ومما يلاحظ في الكتاب، أنه موجه للمسلمين خصوصا، وهذا أمر غريب حقا،
فالدعوة فيه إلى النصرانية، لم تستهدف أحدا سوى المسلمين، فلم تخاطب الأمم
الوثنية، أو تلك الملحدة، مع أن تلك الأمم ـ بكل حال ـ أشد كفرا بالله
تعالى وبعدا عن ملته، إذ هي لا تؤمن بالله، ولا كتبه، ولا رسله، ولا
ملائكته، ولا اليوم الأخر، فهي أحق أن تدعى، أو على أقل تقدير أن يوجه لهم
من الدعوة بقدر ما وجه للمسلمين، وأن يبين ضلال عقائدهم كما فعلوا مع
المسلمين.
9. الكذب البواح و لو على حساب دينهم:
" وافتريتم علينا الكذب إذ زعمتم بأنا أوحينا إليكم بشرعة الكفر والقتل
والضلال. ألا أنا لا نوحي بقتل عبادنا ولو كانوا كافرين. لكنها شرعة الكفر
من وحي شيطان عنيد" (الهدى:5،6)
" فلا تطيعوا أمر الشيطان ولا تصدقوه إن قال لكم: كلوا مما غنمتم حلالا طيبا واتقوا الله إن الله غفور رحيم"
" وزعمتم بأنا قلنا قاتلوا في سبيل الله وحرضوا المؤمنين علي القتال وما
كان القتال سبيلنا وما كنا لنحرض المؤمنين علي القتال إن ذلك إلا تحريض
شيطان رجيم لقوم مجرمين"( الموعظة: 2)
لأن تصديق هذا الدجل يستلزم التكذيب بما ورد عندهم في العهد القديم من
أمر الأنبياء بالجهاد و نحوه ، فأنظر إليهم كيف يكذبون و لو كان كذبهم يؤدي
للتكذيب بما يدعون أنه الحق.
*** بعض نصوص كتاب المسخرة و تأمل نسبة الكلمات المقتبسة من القرآن لنسبة باقي الكلام:
" إنا أنزلناه فرقانا حقا مصدقا لقولنا في الإنجيل الحق ومذكرا للكافرين
فسنتنا واحدة وآيتنا واحدة لا نبدلها في إنجيل حق أو في فرقان حق ولا
يغيرها زمان أو مكان ولا ينسخها الثقلان ولا أهل الضلال والبهتان"
(المعجزات:7).
"يا أيها الذين ظلموا من عبادنا لقد جاءكم الفرقان الحق يبين لكم كثيراً
مما كنتم تجهلون من الإنجيل الحق، ومما كنتم تكتمون" (الصلب: 1، ص:44) ،
وفيه أيضا جاء: "فرقان أنزلناه نوراً ورحمة للعالمين، وما يزيد الذين كفروا
إلا نفوراً، إذ جعل الشيطان على قلوبهم أكنة أن يفقهوه، وفي آذانهم وقرا،
ويزيد الذين آمنوا بالإنجيل الحق من قبله نوراً وإيماناً فوق إيمانهم، فهم
لا يعثرون) (الفرقان:13، ص: 56) .
" وما كان لكم أن تجادلوا عبادنا المؤمنين في إيمانهم وتكفروهم بكفركم
فسواء تجلينا واحدا أو ثلاثة أو تسعة وتسعين فلا تقولوا ما ليس لكم به من
علم وإنا أعلم من ضل عن السبيل"(التوحيد:2).
"إن الشيطان إذا أراد أن يضل قوما استحوذ على أميِّ منهم فأغواه فأغوى
قومه وزين لهم سوء أعمالهم فأضلهم وهو بضلالهم فرحون وأوردهم نارا تلظى وهم
لا يشعرون" (الإفك:3، 4)
"يا أيها الذين كفروا من عبادنا لقد ضل رائدكم وقد غوي.. إن هو إلا وحي
إفك يوحى علمه مريد القوى.. فرأى من مكائد الشيطان الكبرى... كلما مسه طائف
من الشيطان زجره صحبه فأخفى ما أبدى.. ..وإذا خلا به قال إني معك، فقد
اتخذ الشيطان ولياً من دوننا... فلا يقوم إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان
من المس إذ ينزل عليه رجزاً "(الغرانيق: 1، 11).
و على كل فتهافت هذه الشبهة جلي وواضح بحمد الله و قد صنف الدكتور صلاح
الخالدي كتاب صدر في عام 1426هـ ، باسم: الانتصار للقرآن، تهافت فرقان
متنبئ الأمريكان أمام حقائق القرآن" فمن أراد الاستزادة فليراجعه.
[1] أي :عن ربوبية.(قاله الباقلاني)
أدلة صدق النبي محمد صلى الله عليه و سلم
** ذكر بعض محاولات الإتيان بمثل القرآن:
أ - محاولات قديمة:
قال الحافظ ابن كثير في البداية و النهاية :ولما قدمت وفود بني حنيفة
على الصديق قال لهم: أسمعونا من قرآن مسيلمة، فقالوا: أو تعفينا يا خليفة
رسول الله ؟ فقال: لا بد من ذلك، فقالوا: كان يقول:
" يا ضفدع بنت الضفدعين نقي لكم نقين، لا الماء تكدرين ولا
الشارب تمنعين، رأسك في الماء، وذنبك في الطين "، وكان يقول: "والمبذرات
زرعا، والحاصدات حصدا، والذاريات قمحا، والطاحنات طحنا، والخابزات خبزا،
والثاردات ثردا، واللاقمات لقما، إهالة وسمنا، لقد فضلتم على أهل الوبر،
وما سبقكم أهل المدر، رفيقكم فامنعوه، والمعتر فآووه، والناعي فواسوه ".
وذكروا أشياء من هذه الخرافات التي يأنف من قولها الصبيان وهم يلعبون،
فيقال: إن الصديق قال لهم: ويحكم، أين كان يذهب بقولكم ؟ إن هذا الكلام لم
يخرج عن أل[1]، وكان يقول:
"والفيل وما أدراك ما الفيل، له زلوم طويل"
وكان يقول:
" والليل الدامس، والذئب الهامس، ما قطعت أسد من رطب ولا يابس"
وتقدم قوله:
" لقد أنعم الله على الحبلى، أخرج منها نسمة تسعى، من بين صفاق وحشي"
وأشياء من هذا الكلام السخيف الركيك البارد السميج .
وقد أورد أبو بكر بن الباقلاني رحمه الله في كتابه إعجاز القرآن أشياء من كلام هؤلاء الجهلة المتنبئين
كمسيلمة وطليحة والاسود وسجاح وغيرهم، مما يدل على ضعف عقولهم وعقول من
اتبعهم على ضلالهم ومحالهم * وقد روينا عن عمرو بن العاص أنه وفد إلى
مسيلمة في أيام جاهليته، فقال له مسيلمة: ماذا أنزل على صاحبكم في هذا
الحين ؟ فقال له عمرو: لقد أنزل عليه سورة وجيزة بليغة، فقال: وما هي ؟
قال: أنزل عليه * (والعصر إن الانسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا
الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر) * قال: ففكر مسيلمة ساعة ثم رفع
رأسه فقال: ولقد أنزل علي مثلها، فقال له عمرو: وما هي ؟ فقال مسيلمة:
" يا وبر يا وبر، إنما أنت ايراد وصدر، وسائرك حفر نقر"
ثم قال: كيف ترى يا عمرو ؟ فقال له عمرو: والله إنك لتعلم أني أعلم أنك تكذب .
وذكر علماء التاريخ أنه كان يتشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم، بلغه أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم بصق في بئر فغزر ماؤه، فبصق في بئر فغاض ماؤه
بالكلية: وفي أخرى فصار ماؤه أجاجا، وتوضأ وسقى بوضوئه نخلا فيبست وهلكت،
وأتى بولدان يبرك عليهم فجعل يمسح رؤوسهم فمنهم من قرع رأسه، ومنهم من لثغ
لسانه، ويقال: إنه دعا لرجل أصابه وجع في عينيه فمسحهما فعمى .
* قال أبو بكر الباقلاني في كتابه إعجاز القرآن:
فأما كلام مسيلمة الكذاب وما زعم أنه قرآن فهو أخس من أن نشتغل به وأسخف من أن نفكر فيه
وإنما نقلنا منه طرفا ليتعجب القارئ وليتبصر الناظر فإنه على سخافته قد
أضل وعلى ركاكته قد أزل وميدان الجهل واسع ومن نظر فيما نقلناه عنه وفهم
موضع جهله كان جديرا أن يحمد الله على ما رزقه من فهم وآتاه من علم فما كان
يزعم أنه نزل عليه من السماء:
" والليل الأطخم والذئب الأدلم والجذع الأزلم ما انتهكت أسيد من محرم "
وذلك قد ذكر في خلاف وقع بين قوم أتوه من أصحابه وقال أيضا:
" والليل الدامس والذئب الهامس ما قطعت أسيد من رطب ولا يابس "
وكان يقول:
" والشاء وألوانها وأعجبها السود وألبانها والشاة السوداء واللبن الأبيض إنه لعجب محض وقد حرم المذق فما لكم لا تجتمعون"
وكان يقول:
" ضفدع بنت نقي ما تنقين أعلاك في الماء وأسفلك في الطين لا
الشارب تمنعين ولا الماء تكدرين لنا نصف الأرض ولقريش نصفها ولكن قريشا قوم
يعتدون "
وكان يقول:
" والمبديات زرعا والحاصدات حصدا والذاريات قمحا والطاحنات طحنا
والخابزات خبزا والثاردات ثردا واللاقمات لقما إهالة وسمنا لقد فضلتم على
أهل الوبر وما سبقكم أهل المدر ريفكم فامنعوه والمعتر فآووه والباغي
فناوئوه "
وقالت سجاح بنت الحارث بن عقبان وكانت تتنبأ فاجتمع مسيلمة معها فقالت له ما أوحي إليك : فقال:
" ألم تر كيف فعل ربك بالحبلى أخرج منها نسمة تسعى ما بين صفاق وحشا "
وقالت فما بعد ذلك :
قال أوحي إلى:
" إن الله خلق النساء أفواجا وجعل الرجال لهن أزواجا فنولج فيهن
قعسا إيلاجا ثم نخرجها إذا شئنا إخراجا فينتجن لنا سخالا نتاجا فقالت أشهد
أنك نبي "
قال :ولم ننقل كل ما ذكر من سخفه كراهية التثقيل.
* ملاحظة هامة : للأسف الشديد لم يتسني الوقوف على محاولات أخرى قديمة
لمحاكاة القرآن ، و يظهر فيما ذكرنا مدى السخافة و الركاكة ، و من وجد غير
ذلك فليظهره.
ب – محاولات معاصرة:
و الاستدلال بهذه المحاولات أقوى بكثير من الاستدلال بالمحاولات
القديمة لأن هذه المحاولات و أخص بالذكر ما أسموه "الفرقان الحق" الذي هو
بحق "مسخرة العصر" فلم يكن محاولة فردية بل جماعية ،و أنت تعلم ما وصل إليه
العلم الحديث من تقريب لمصادر البحث، و استغرقت تلك المحاولة سنين في
إعدادها ، و كان وراء تلك المحاولة مساندة أعتى قوى العصر المادية المحاربة
لدين الله ، و لا تسأل عن التمويل لمثل هذا المشروع الفاشل فهم ينفقون
المليارات من أموالهم ما بين حرب مباشرة و خفية للإسلام ،فضلا عن دماء
أبنائهم التي يضحون بها ،فكيف تراهم سينفقون على مثل هذا ؟
و لقد جاءت تلك المحاولة غاية في السخف و الهذيان و إليك التفصيل و أغلبه مقتبس من مقال لبعض الأفاضل فجزاه الله خيرا:
وصف الكتاب:
هو: عبارة عن كتاب يقع في ثمانية وستين وثلاثمئة ورقة (368)، ويتألف من
عدد من الموضوعات، كل موضع جعل تحت اسم خاص، كهيئة سور القرآن الكريم،
وبلغت تلك الموضوعات (أو السور ): سبعا وسبعين، مع مقدمة وخاتمة، ومن
الأمثلة على أسماء تلك الموضوعات(أو السور) التي تضمنها هذا الكتاب:
الفاتحة، المحبة، المسيح، الثالوث، المارقين، الصَّلب، الزنا، الماكرين،
الرعاة، الإنجيل، الأساطير، الكافرين، التنزيل، التحريف، الجنة، الأضحى،
العبس، الشهيد، الأنبياء، ... .
كما أن الموضوعات (أو السور) مقسمة إلى مقاطع مرقمة، كهيئة الآيات القرآنية.
ومن الملفت للنظر أن محاولة مشابهة القرآن الكريم واضحة تماما، حتى
طريقة خط الكتاب، تشابه رسم المصحف العثماني، ولذا قال أنيس شروش: "إن
الكتاب مشابه للقرآن من حيث الأسلوب والجوهر... لكنه يحتوي على رسالة
الإنجيل".
و إليك بعض المطاعن الجلية في ذلك كتاب "مسخرة العصر" أقصد "الفرقان الحق":
1. لم يجد القائمون على إعداد كتاب المسخرة في أنفسهم القدرة اللغوية أو
البلاغية لمناظرة القرآن و الإتيان بمثله ، فلجأوا لخطة بديلة ألا و هي
الإتيان بنفس آيات القرآن و ألفاظة و تغيير بعض الكلمات بما يناسب السموم
التي يريدون بثها ،و هذا سيظهر في كل النصوص التي سنوردها عن هذا الكتاب
المسخرة، و هذا وحده يكفي لإسقاط شبهتهم في الإتيان بمثل القرآن ، فأى
متخلف متدني الذكاء يستطيع الإتيان بجملة و حذف كلمة أو كلمتين منها لتغيير
معناها ، أما المطلوب الإتيان بكتاب فيه نفس القدر من البلاغة و الفصاحة .
* اسم الكتاب لم يخلو مما ذكرنا آنفا فالفرقان هو أحد أسماء القرآن فحتى
الاسم لم يستطيعوا الإتيان بمثله ، و للقرآن طريقة معهودة و ألفاظ معروفة
في البيان فنسخوا ذلك نسخ المقلد الجاهل أو نسخ من لا يحسن الكتابة
بالعربية ثم أضافوا له ما يفسد معناه و مبناه.
2. ويزعم واضعوه أن هذا الكتاب وحيي من الله تعالى إلى من دعوة بالصفي،
كما ورد ذلك نصا في الكتب: "ولقد أنزلنا الفرقان الحق وحيا، وألقيناه نورا
في قلب صفينا ليبلغه قولا معجزا بلسان عربي مبين، مصدقا لما بين يديه من
الإنجيل الحق صنوا فاروقا محقا للحق، ومزهقا للباطل، وبشيرا ونذيرا
للكافرين" (التنزيل:5، 4/ ص:325).
و هذه فيه من المهزلة أمور:
1) الكذب :فهم ذكروا في نفس الكتاب أن عيسى عليه
السلام خاتم الأنبياء ومن مما يثير السخرية أن ذات الكتاب يقرر ـ في معرض
تكذيبهم لنبوة محمد صلى الله عليه وسلم ـ أنه لا نبي بعد عيسى عليه السلام،
جاء في الكتاب" وما بشرنا بنى إسرائيل برسول يأتى من بعد كلمتنا وما عساه
أن يقول بعد أن قلنا كلمة الحق وأنزلنا سنة الكمال وبشرنا الناس كافة بدين
الحق ولن يجدوا له نَسْخا ولا تبديلا إلى يوم يُبْعَثون " (الأنبياء:16)
فكيف يدعي واضعوا هذا الكتاب بأنه وجي من الله لنبي يقال له الصفي.
2) أن الصفي هذا أقرب تسمية له هو المخفي فلا
شيء يعرف عن هذا النبي، لا عن سيرته ولا دعوته ولا جهاده، فلا يعرف من هو؟
ولا إلى من ينتمي؟ ولا أين ظهر؟ ولا متى كان ظهوره؟ كل ما هنالك أن هذا
الوحي نزل في سبعة أيام كما جاء في الكتاب نفسه: " واصطفيناه وشرحنا صدره
للإيمان وجعلنا له عينا تبصر وأذنا تسمع وقلبا يعقل، ولسانا ينطق، وأوحينا
إليه بالفرقان الحق، فخطه في سبعة أيام وسبع ليال جليدا" ( الشهيد:2
،ص:360-361) ومبالغة في الإيهام والتلبيس على الناس يقتل هذا " الصفي " على
يد أعدائه المسلمين كما جاء في الكتاب "لقد طوعت لكم أنفسكم قتل صفينا
شاهدين على أنفسكم بالكفر، أفتقتلون نفسا زكية، وتطمعون برحمتنا وأنتم
المجرمون، لا جرم أنكم في الدنيا والآخرة أنتم الأخسرون، وختمتم بدمه آية
تكوى بها جباهكم وتشهد عليكم بأنكم كفرة مجرمون، وأنه الصفي الأمين، وأن
الفرقان الحق هو كلمتنا وهو الحق اليقين، ولو كره الكافرون " ( الشهيد: 7،
ص: 363)، وهنا يحق لنا أن نتساءل عن هذا النبي، الذي خرج وبعث، فلم يسمع به
أحد، ثم قتل ولم يدر به بشر، في هذا كله في هذا الوقت الذي تقارب فيه
العالم، وتطورت فيه وسائل الاتصال وتقنيات التواصل بين البشر، فلو وقعت
أدنى الحوادث وأقلها؛ لتسامع بها العالم، وتنادى بها البشر.
3) وأمر آخر يدل على تناقض من وضع هذا الكتاب مع
اعتقاد النصارى، ووجه ذلك: أنا نعلم أن النصارى بملتهم المحرفة لا يؤمنون
بني يأتي بعد عيسى عليه السلام، وإنما يؤمنون بعودته مرة أخرى، وإذا كان
الأمر كذلك، فكيف يزعمون في هذا الكتاب الداعي إلى ملتهم؛ أنه وحي الله
النازل على نبي يقال له: "الصفي" .
3. هم لا ينفكون في كتاب المسخرة عن نسبة النبي محمد صلى الله عليه و
سلم للكذب ، و قاصمة الظهر لهم هنا أو لم يجد الرب القدير – جل و علا عما
يقولون – أسلوبا بلاغيا و بيانيا يرد فيه على القرآن – المكذوب كما في
زعمهم – إلا الإتيان بمثل آياته مع تحريفها بركاكة .
وإن السبب الحقيقي وراء هذه المحاكاة لأسلوب القرآن الكريم شعورهم الباطني بمدى التميز والإعجاز في القرآن الكريم نظما ومعنى.
4. أن تلك المحاولة لمحاكة القرآن الكريم ومشابهته، جاءت ركيكة على نحو
مخجل، في نظم الكلام وألفاظه، وأساليبه ومعانيه، مع الأخطاء في اللغة
والاشتقاق، مما يدل على أن من ألف هذا الكتاب، ليس له معرفة بأساليب العرب
وبيانهم، يشعر بذلك أدنى من له تذوق للسان العربي، فضلا عن الضعف المخزي في
بلاغة النظم، وبديع البيان، فسبحان من خذل أعداء الله تعالى مع ما عندهم
من وسائل القوة وأسبابها، ومع ما نعرفه من تمكن نصارى العرب في اللغة، وصدق
الله القائل: { قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن
يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ
كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً }.
5. إن هذا الكتاب جاء ليقرر عقائد التثليث و الصلب و الفداء و هي من
الضعف بمكان و قد بسط أهل العلم الكلام في مثل ذلك و بينوا التناقضات
الجلية و أذكر منها:
أن الأنجيل (العهد الجديد) جاء مكملا للتوراة (العهد القديم) و لم يؤثر
قط عن أحد من أنبياء بني إسرائيل أنه دعا قومه لمثل تلك العقيدة ، و لا حتى
بالكذب و التحريف ، و هذه العقيدة هي عقيدة النجاة عند أصحابها ،فكيف جهل
أنبياء بني إسرائيل الذين يعترف النصارى بنبوتهم عقيدة النجاة و كيف خلا
العهد القديم من أى ذكر لها ، فبما يُرسل الأنبياء إن لم يرسلوا بعقيدة
النجاة؟
6. السب و القذف و الغلو في ذم المخالف ، فمن يقرأ الكتاب يستشعر حقدا كالنار المستعرة في قلب من كتبه على الإسلام و أهله:
" وأوردكم جهنم جميعا وإنْ منكم إلا واردها وكان عليه أمرا مقضيا .....
وطبع الشيطان على قلوبكم وسمعكم وأبصاركم فأنتم قوم لا تفقهون . لا جَرَمَ
أنكم في الآخرة أنتم الخاسرون " (المنافقون: 3، 6)
:" فشرعة أهل الكفر شرعة قومٍ حفاة، عراة، غزاة، زناة، أميين مفترين
ومعتدين ضالين ظالمين" (سورة الجنة 14-266)، وأما الجنة التي وعد الله بها
عباده المؤمنين كما في القرآن الكريم فقد وصفها بالآتي: "فهم في كهوف تعج
بالقتلة والكفرة والزناة يتمرغون في حمأة الفجور، تلفحهم زفرات الغرائز،
وتسوطهم شهوة البهائم، فهم في الرجس والموبقات غارقون وفي شغل فاكهون،
متكئون على سرر مصفوفة، والمسافحات مسجورات في المواخر يطوف عليهم ولدان
اللواط بأكواب الرجس والخمر الحرام، يلغُون فيها، فلا هم يطفئون أوارهم ولا
هم يرتوون" (الجنة 3، 4-262-263)
" فسيماؤكم كفر وشرك وزنى وغزو وسلب وسبي وجهل وعصيان" (الكبائر 3-
259-260)، وفي موضع آخر: " ولا تغلوا في دين لقيط، ولا تقولوا علينا غير
الحق المبين" (الفرقان" 29، ص:69) .
7. وفضلا عن هذا فالكتاب المزعوم يسلب عن محمد صلى الله عليه وسلم ودينه
وأتباعه، أي أثرة من حق، وأي بقية من خير، وهذا ليس من العدل والإنصاف
الذي هو من صفة الوحي الإلهي، القائم على العدل حتى مع كفار المشركين وأهل
الكتاب، ومن المقطوع به أن عقلاء العالم على مر التاريخ ـ مهما كانت درجة
مخالفتهم للإسلام ـ لم يزالوا يعرفون للنبي صلى الله عليه وسلمفضله وفضل
شرائعه التي جاء بها، ومنكر هذا كمن يحجب الشمس بيده، لقد زُعم في هذا
الكتاب أن محمدا صلى الله عليه وسلم لم تكن له أي حسنة ولم يدع إلى أي
فضيلة وبر وعدل وإنصاف، وهذه كذبة كبرى لا يجرؤ عليها حتى الشيطان الرجيم،
ذلك أن نعلم يقينا أن كثيرا من الفضائل التي جاء بها النبي صلى الله عليه
وسلموتضمنها القرآن الكريم مما تتفق عليه الملل الإلهية جميعا، ومنها
النصرانية على ما فيها من تحريف.
وفي هذا السياق قارن ذلك بما تضمنه القرآن الكريم من عدل ونصفة مع أهل
الكتاب والملل السابقة، ففرق بين الحق والباطل، وذكر الذي لهم من الحق،
الذي لا يحملنا مخالفتهم لنا على جحده، وتكذيبه، وهاك مثالا على ذلك يقول
تعالى: (لَيْسُواْ سَوَاء مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ
يَتْلُونَ آيَاتِ اللّهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ يُؤْمِنُونَ
بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ
عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُوْلَئِكَ مِنَ
الصَّالِحِينَ . وَمَا يَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلَن يُكْفَرُوْهُ
وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ ) (سورة آل عمران: 113،114)
8. ومما يلاحظ في الكتاب، أنه موجه للمسلمين خصوصا، وهذا أمر غريب حقا،
فالدعوة فيه إلى النصرانية، لم تستهدف أحدا سوى المسلمين، فلم تخاطب الأمم
الوثنية، أو تلك الملحدة، مع أن تلك الأمم ـ بكل حال ـ أشد كفرا بالله
تعالى وبعدا عن ملته، إذ هي لا تؤمن بالله، ولا كتبه، ولا رسله، ولا
ملائكته، ولا اليوم الأخر، فهي أحق أن تدعى، أو على أقل تقدير أن يوجه لهم
من الدعوة بقدر ما وجه للمسلمين، وأن يبين ضلال عقائدهم كما فعلوا مع
المسلمين.
9. الكذب البواح و لو على حساب دينهم:
" وافتريتم علينا الكذب إذ زعمتم بأنا أوحينا إليكم بشرعة الكفر والقتل
والضلال. ألا أنا لا نوحي بقتل عبادنا ولو كانوا كافرين. لكنها شرعة الكفر
من وحي شيطان عنيد" (الهدى:5،6)
" فلا تطيعوا أمر الشيطان ولا تصدقوه إن قال لكم: كلوا مما غنمتم حلالا طيبا واتقوا الله إن الله غفور رحيم"
" وزعمتم بأنا قلنا قاتلوا في سبيل الله وحرضوا المؤمنين علي القتال وما
كان القتال سبيلنا وما كنا لنحرض المؤمنين علي القتال إن ذلك إلا تحريض
شيطان رجيم لقوم مجرمين"( الموعظة: 2)
لأن تصديق هذا الدجل يستلزم التكذيب بما ورد عندهم في العهد القديم من
أمر الأنبياء بالجهاد و نحوه ، فأنظر إليهم كيف يكذبون و لو كان كذبهم يؤدي
للتكذيب بما يدعون أنه الحق.
- هم يناظرون القرآن بهذا الهذيان ، و القرآن بنى أمة عظيمة و صدق به
ملايين البشر ، و كان أتباعه و ما يزالون يقومون به ساعات الليل يتلونه و
يبكون لما عرفوه فيه من الحق ، فأين كتاب المهزلة من مثل هذا؟ من الذي
اعتنقه و صدق به ، و قام به أناء الليل و أطراف النهار ساجدا و قائما ، أين
الأمة التي بناها كتاب الضلال ، أم يزعمون أن كتاب المتنبئ خير من كتاب
الله؟
*** بعض نصوص كتاب المسخرة و تأمل نسبة الكلمات المقتبسة من القرآن لنسبة باقي الكلام:
" إنا أنزلناه فرقانا حقا مصدقا لقولنا في الإنجيل الحق ومذكرا للكافرين
فسنتنا واحدة وآيتنا واحدة لا نبدلها في إنجيل حق أو في فرقان حق ولا
يغيرها زمان أو مكان ولا ينسخها الثقلان ولا أهل الضلال والبهتان"
(المعجزات:7).
"يا أيها الذين ظلموا من عبادنا لقد جاءكم الفرقان الحق يبين لكم كثيراً
مما كنتم تجهلون من الإنجيل الحق، ومما كنتم تكتمون" (الصلب: 1، ص:44) ،
وفيه أيضا جاء: "فرقان أنزلناه نوراً ورحمة للعالمين، وما يزيد الذين كفروا
إلا نفوراً، إذ جعل الشيطان على قلوبهم أكنة أن يفقهوه، وفي آذانهم وقرا،
ويزيد الذين آمنوا بالإنجيل الحق من قبله نوراً وإيماناً فوق إيمانهم، فهم
لا يعثرون) (الفرقان:13، ص: 56) .
" وما كان لكم أن تجادلوا عبادنا المؤمنين في إيمانهم وتكفروهم بكفركم
فسواء تجلينا واحدا أو ثلاثة أو تسعة وتسعين فلا تقولوا ما ليس لكم به من
علم وإنا أعلم من ضل عن السبيل"(التوحيد:2).
"إن الشيطان إذا أراد أن يضل قوما استحوذ على أميِّ منهم فأغواه فأغوى
قومه وزين لهم سوء أعمالهم فأضلهم وهو بضلالهم فرحون وأوردهم نارا تلظى وهم
لا يشعرون" (الإفك:3، 4)
"يا أيها الذين كفروا من عبادنا لقد ضل رائدكم وقد غوي.. إن هو إلا وحي
إفك يوحى علمه مريد القوى.. فرأى من مكائد الشيطان الكبرى... كلما مسه طائف
من الشيطان زجره صحبه فأخفى ما أبدى.. ..وإذا خلا به قال إني معك، فقد
اتخذ الشيطان ولياً من دوننا... فلا يقوم إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان
من المس إذ ينزل عليه رجزاً "(الغرانيق: 1، 11).
و على كل فتهافت هذه الشبهة جلي وواضح بحمد الله و قد صنف الدكتور صلاح
الخالدي كتاب صدر في عام 1426هـ ، باسم: الانتصار للقرآن، تهافت فرقان
متنبئ الأمريكان أمام حقائق القرآن" فمن أراد الاستزادة فليراجعه.
[1] أي :عن ربوبية.(قاله الباقلاني)
مواضيع مماثلة
» الجامع الصحيح المختصر في ذكر دلائل النبوة(3)
» الجامع الصحيح المختصر في ذكر دلائل النبوة(3)
» الجامع الصحيح المختصر في ذكر دلائل النبوة أدلة صدق النبي محمد صلى الله عليه و سلم
» من دلائل النبوة : نبي ، وصِدِّيق ، وشهيد
» بعض دلائل النبوة نواجه بها المشككين :د مصطفي لقليوبي
» الجامع الصحيح المختصر في ذكر دلائل النبوة(3)
» الجامع الصحيح المختصر في ذكر دلائل النبوة أدلة صدق النبي محمد صلى الله عليه و سلم
» من دلائل النبوة : نبي ، وصِدِّيق ، وشهيد
» بعض دلائل النبوة نواجه بها المشككين :د مصطفي لقليوبي
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة 21 يونيو 2024, 12:25 am من طرف Admin
» هل الانجيل محرف
الأربعاء 19 يونيو 2024, 2:34 pm من طرف Admin
» شبهات النصاري زواج ام المؤمنين عائشه،
الإثنين 17 يونيو 2024, 10:30 am من طرف Admin
» الفرق بين السنه والفقه
السبت 11 مايو 2024, 11:23 pm من طرف Admin
» كيف عرفت انه نبي..
الجمعة 26 أبريل 2024, 5:40 am من طرف Admin
» موضوع هل يدخل الجنه غير المسلمين،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:48 am من طرف Admin
» التدرج في التشريع
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:43 am من طرف Admin
» كتب عليكم الصيام،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:41 am من طرف Admin
» اقوال العلماء في تفسير ايه الحجاب،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:40 am من طرف Admin