بحـث
الشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المواضيع الأخيرة
نوفمبر 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | |||||
3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 |
10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 |
17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 |
24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
الحمدلله على نعمة الاسلام
ايها الاخوه الدعاه الى الله وكذا جميع الزائرين والزائرات مرحبا بكم واهلا نتمنى من الله ان نكون عند حسن ظنكم جميا والله الموفق الى الخير وهو حسبنا ونعم الوكيلالشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 4 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 4 زائر لا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 76 بتاريخ الأربعاء 30 أكتوبر 2024, 11:01 pm
إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ (7)
صفحة 1 من اصل 1
إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ (7)
تفسير سورة الملك | الآية السابعة
إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ (7)
*** " إذا ألقوا فيها سمعوا لها شهيقا وهي تفور * تكاد تميز من الغيظ " :
الجملة مستأنفة استئنافا بيانيا لبيان ذم مصيرهم في جهنم أي من جملة مذام مصيرهم مذمة ما يسمعونه فيها من أصوات مؤلمة مخيفة.
و ( إذا ) ظرف متعلق ب ( سمعوا ) يدل على الاقتران بين زمن الإلقاء وزمن سماع الشهيق .
*** " أَلْقَوْاْ ":
طرحوا كما يطرح الحطب في النار العظيمة ويرمى به فيها ، ومثله قوله : { حَصَبُ جَهَنَّمَ } [ الأنبياء : 98 ]
و لفظة "ألقوا" فيها إشارة لهوانهم و إهانتهم ففيها غاية التحقير و الإذلال فكأنهم كوم من القمامة أو شيء فاسد يلقى في النار ليحرق و قد كانوا مُكَََََََرَمين كبشر في الدنيا و ربما كانوا جبابرة معظمين و لكن نهايتهم الإلقاء في النار .
*** " سَمِعُواْ لَهَا شَهِيقًا ":
الشهيق في اللغة:
1 - الشَّهِيقُ أَقِبحُ الأصوات شَهِقَ وشَهَقَ يَشْهَقُ ويَشْهِقُ شَهِيقاً ردَّد البكاء في صدره .
و قيل : تردد الأنفاس في الصدر لا تستطيع الصعود لبكاء ونحوه أطلق على صوت التهاب نار جهنم الشهيق تفظيعا له.
2 - وشَهِيقُ الحمار آخر صوته وزفيره أوَّله وقيل شَهِيقُ الحمار نَهيقه .
قال بن منظور: قال وزعم بعض أَهل اللغة من البصريين والكوفيين أن الزفير بمنزلة ابتداء صوت الحمار من النهيق والشهيق بمنزلة آخر صوته في الشَّهِيق وروي عن الربيع في قوله لهم فيها زَفِير وشَهِيق قال الزفير في الحلق والشَّهِيق في الصدر .
3 - ويقال الشَّهِيق ردُّ النفَس والزَّفِيرُ إخراجه الليث الشَّهِيقُ ضد الزفير والزفير إخراج النفس قال الله عز وجل في صفة أهل النار لهم فيها زَفِيرٌ وشَهِيق و يقال : يقال شَهِقَ يَشْهَقُ إذا تَنفَّس تنفُّساً.
4 - قال الزجاج الزَّفِير والشَّهِيق من أَصوات المكروبين قال والزفير من شديد الأنِين وقبيحه والشَّهِيقُ الأنِينُ الشديد المرتفع جدّاً .
5 - وفحل ذو شاهقٍ وذو صاهلٍ إذا هاجَ وصالَ فسمعت له صوتاً يخرج من جوفه الأَصمعي .
6 - والشَّهْقة كالصيحة يقال شَهَقَ فلانٌ وشَهِقَ شَهْقةً فمات .
أما الأثار :
وروى ابن جرير عن ابن عباس قال : " إن الرجل ليجر إلى النار، فتنزوي وينقبض بعضها إلى بعض، فيقول لها الرحمن: ما لك؟ فتقول: إنه يستجير مني، فيقول: أرسلوا عبدي. وإن الرجل ليجر إلى النار فيقول: يا رب ما كان هذا الظن بك، فيقول: ما كان ظنك؟ فيقول: أن تسعني رحمتك، فيقول: أرسلوا عبدي. وإن الرجل إلى النار، فتشهق إليه النار شهوق البغلة إلى الشعير، وتزفر زفرة لا يبقى أحد إلا خاف " . صححه بن كثير في النهاية
و قال السيوطي: وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم بسند صحيح عن ابن عباس قال : إن العبد ليجر إلى النار فتشهق إليه شهقة البغلة إلى الشعير ، ثم تزفر زفرة لا يبقى أحد إلا خاف ، وإن الرجل من أهل النار ما بين شحمة أذنيه وبين منكبيه مسيرة سبعين سنة ، وإن فيها لأودية من قيح تكال ثم تصب في فيه .
و أما العلماء فهم في تفسير ذلك على ثلاثة أقوال:
1 - أن المراد تشبيه صوت لهب النار بالشهيق و هو صوت قبيح كصوت الحمار أو تنفس كتنفس المتغيظ أو تصيح .
و هي تصوت مثل ذلك لشدة توقدها وغليانها.
أخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : { سمعوا لها شهيقاً } قال : صياحاً .
2 - قال عطاء : سمعوا لأهلها ممن تقدم طرحهم فيها شهيقاً
قال أبو حيان : ويحتمل أن يكون على حذف مضاف ، أي سمعوا لأهلها ، كما قال تعالى : { لهم فيها زفير وشهيق }
3 - سمعوا من أنفسهم شهيقاً ، كقوله تعالى : { لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ } [ هود : 106 ] .
قلت (شريف): والصواب الذي لا محيد عنه هو التفسير الوارد في الأثر فالاحتمالات عديدة و كلها ظنية و لكن الأثر يفصل المسألة فالشهيق هنا النفس الداخل عكس الزفير و له صوت معروف إذا علا و أشتد و هو صوت منكر و الشهيق هنا شهيق إقبال و رغبة و ذلك من البغلة للشعير أما من النار للكافرين إقبال و رغبة في أذاهم و غضب و غيظ و الله أعلم اللهم أجرنا منها .
*** " وَهِىَ تَفُورُ " :
قال ابن عباس : تغلي بهم كغلي المرجل و قيل : تغلي وترتفع ألسنة لهيبها و قال مجاهد : تفور بهم كما يفور الماء الكثير بالحب القليل.
قال الليث : كل شيء جاش فقد فار ، وهو فور القدر والدخان والغضب والماء من العين .
ويجوز أن يكون هذا من فور الغضب ، قال المبرد : يقال تركت فلاناً يفور غضباً ، ويتأكد هذا القول بالآية التالية .
قلت (شريف): فالمعنى ارتفع و غلا .
*** قال بن عاشور: وجملة ( وهي تفور ) حال من ضمير ( فيها ).
*** قلت: و أظن الآية تفسير لقوله تعالى " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ" [التحريم : 6] .
فصفة دخولهم النار كصفة صب الوقود على النار المشتعلة و ليس كصفة حرق النار لأي شيء عادى و أيضا إلقائهم و ليس دخولهم يؤكد هذا المعنى فكأنهم هم الوقود الذي تشتعل فيه النار يصب عليها فإذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا و زفيرا و إذا ألقوا قيها شهقت إليهم كشهوق البغلة للشعير و يزيد لهيبها و يزداد توهجها و يشتد غليانها و فورانها بهم .
و هنا صورة جديرة بالتأمل يعطيها لنا القرآن و هو مشهد النار كسجن كبير بعيد القعر تستعر ناره بشدة و يلقى فيه أعداء الله مهانين صاغرين أذلاء فيشهق إليهم و يفور بهم و يغلي و يرتفع ويحطم بعضه بعضا أو صورة النار كقدر كبيرة تستعر النيران فيها فإذا ألقى فيها الكافرين شهقت من شدة الغليان بهم و لك أن تجلس فتتدبر و تنظر كم سيكون هناك من صراخ يصم الأذان وألام و خوف و حسرات و اضطراب و لعنات و رعب و ذل و نحو ذلك .
و رغم أنهم فيها إلا أنهم يسمعون شهيقها زيادة في كربهم و عذابهم و المرء لما يعلم أن عدوه المحيط به من كل جانب قد اشتد غيظه عليه و يسمع زمجرته عليه يشتد رعبه و كربه فمن كان بين مخالب سبع يزمجر عليه فقد اجتمع عليه هم على همة فما بالك لمن في النار تشهق عليه و هي تغلي به و اشتد غيظها عليه.
و هذا يدلك على الصفة التي خلقت جهنم عليها فهى ليست كنار الدنيا بل هي سجن عظيم الله أعلم بمساحته فيه من الأهوال ما تشيب لها الولدان و لها حساسية خاصة للكافرين فهي تشهق لقدومهم و تغلي و تفور بهم غيطها عليهم كأعظم ما يكون.
هذا مصير الكافرين على اختلاف مللهم و نحلهم هذا مصير الجبابرة العظماء الملوك القاهرين الرؤساء الحاكمين الذين حادوا الله و رسوله (ص) و من تبعهم و والاهم و أعانهم و رضى سبيلهم " أفرأيت إن متعناهم سنين ثم جاءهم ما كانوا يوعدون ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون ".
كم ألقوا في السجون؟ و كم عذبوا من مؤمنين؟ و كيف كانوا يتلقونهم في التعذيب بالإهانة والأذى الشديد و شدة العذاب؟ فهذا هو الجزاء .
*** شيء مما ورد عن زفير النار في القيامة:
قال عبد الرزاق : أخبرنا معمر عن منصور عن مجاهد عن عبيد بن عمير قال: إن جهنم تزفر زفرة لا يبقى معها ملك ولا نبي إلا خرّ ترعد فرائصه، حتّى إن إبراهيم ليجثو على ركبتيه ويقول: رب لا أسألك إلا نفسي اليوم.
قلت (شريف):رجاله ثقات و عبيد بن عمير من كبار التابعين مجمع على ثقته.
و زفرت النار : سُمِعَ لاتقادها صوت عكس الشهيق و الارتعاد : الرجفة والاضطرب من الخوف و الفَرِيصة : اللحم الذي بين الكتف والصدر ترتعد عند الفزع و الجثو : الجلوس على الركبتين.
* و في مصنف بن أبي شيبة حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ (ثقة) عَنِ الأَعْمَشِ (ثقة)، عَنِ الْمِنْهَالِ(ثقة ربما وهم) ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ(صدوق كثير الإرسال و الأوهام ، اختلف فيه الناس) ، عَنْ كَعْبٍ (صحابي) ، قَالَ : تَزْفِرُ جَهَنَّمُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ زَفْرَةً ، فَلاَ يَبْقَى مَلَكٌ مُقَرَّبٌ ، وَلاَ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ إِلاَّ وَقَعَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ ، يَقُول : يَا رَبِّ ، نَفْسِي نَفْسِي.
* قال بن السري (ثقة) حدثنا عبيده (هو بن حميد بن صهيب الكوفي:ثقة ربما أخطأ) عن منصور عن مجاهد عن عبيد بن عمير قال تزفر جهنم فلا يبقى ملك ولا نبي إلا وقع لركبتيه فرائصه ترعد قال حسبته يقول نفسي نفسي.
* قال هناد بن السري (الكوفي و هو ثقة) حدثنا محمد بن عبيد (هو الطنافسي و هوثقة من الطبقة :11 من أواسط الآخذين عن تبع الأتباع) عن سلمة بن نبيط (ثقة من الطبقة الخامسة من صغار التابعين) عن الضحاك (صدوق كثير الارسال ،مختلف فية)قال إن جهنم لتزفر زفرة لا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا خر ساجدا يقول رب نفسي نفسي.(قلت : و الأصح ما ورد آنفا من الجثو)
* قال بن الجوزى في تلبيس إبليس أخبرنا محمد بن عبد الباقي بن احمد نا حمد بن احمد الحداد ثنا أبو نعيم الحافظ ثنا أبي ثنا أحمد بن محمد بن الحسن البغدادي ثنا ابراهيم بن عبد الله الجنيد ثنا عبد الله بن محمد بن عائشة ثنا سالم الخواص عن فرات بن السائب عن زاذان قال سمعت كعب الأحبار يقول إذا كان يوم القيامة جمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد ونزلت الملائكة وصارت صفوف فيقول يا جبرائيل أئتني بجهنم فيأتي بها جبريل فتقاد بسبعين ألف زمام حتى إذا كانت من الخلائق على قدر مائة عام زفرت زفرة طارت لها أفئدة الخلائق ثم زفرت ثانية فلا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا جثى على ركبتيه ثم تزفر الثالثة فتبلغ القلوب الحناجر وتذهب العقول فيفزع كل أمرىء الى عمله حتى أن ابراهيم الخليل يقول بخلتي لا أسألك إلا نفسي ويقول موسى بمناجاتي لا أسألك إلا نفسي وان عيسى ليقول بما أكرمتني لا أسألك إلا نفسي لا أسألك مريم التي ولدتني
قلت (شريف):و في السند من لم أعرفهم .
* روى عبد الرزاق في تفسيره عن جعفر بن سليمان(ثقة) ، في قوله تعالى : ( يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها ) ، قال : سمعت علي بن زيد بن جدعان (ضعيف) يحدث عن مطرف بن عبد الله بن الشخير(ثقة) ، قال : نا كعب(ثقة) أن عمر ، قال له : حدثنا يا كعب خوفنا ، قال : قلت : يا أمير المؤمنين أليس فيكم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فيه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم والحكمة ؟ ، قال : بلى ولكن خوفنا ، قال : قلت : يا أمير المؤمنين اعمل عمل رجل لو وافيت يوم القيامة بعمل سبعين نبيا لازدريت عملك مما ترى ، قال : فأطرق عمر مليا ثم أفاق ، ثم قال : زدنا يا كعب ، قال : قلت : يا أمير المؤمنين ، لو فتح قدر منخر ثور من جهنم بالمشرق ورجل بالمغرب لغلى دماغه حتى يسيل من شدة حرها ، قال : فأطرق عمر مليا ثم أفاق ، فقال : زدنا يا كعب ، قال : يا أمير المؤمنين إن جهنم تزفر يوم القيامة زفرة ما يبقى ملك مقرب ، ولا نبي مصطفى إلا خر جاثيا لركبتيه ، حتى إن إبراهيم خليل الله ليخر جاثيا لركبتيه ، يقول : لا أسألك اليوم إلا نفسي فأطرق عمر مليا ثم أفاق ، قال : قلت : يا أمير المؤمنين أليس هذا في كتاب الله ؟ قال : كيف ؟ قال : قلت ( يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها ).
*** الفوائد العملية في الآية :
1 – حقارة أهل النار مهما بلغ بهم الحال في هذه الدنيا.
2 – تدبر الكيفية التي خلقت عليها النار من عظمة العذاب و شدة الحساسية للكافرين.
3 – تدبر المشهد الوارد في الآية و الآثار المروية.
4 – تدبر نهاية الكافرين التي وصفها الله سبحانه بأنها بئس المصير.
5 – الخوف من الله و الاستعاذة من النار.
إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ (7)
*** " إذا ألقوا فيها سمعوا لها شهيقا وهي تفور * تكاد تميز من الغيظ " :
الجملة مستأنفة استئنافا بيانيا لبيان ذم مصيرهم في جهنم أي من جملة مذام مصيرهم مذمة ما يسمعونه فيها من أصوات مؤلمة مخيفة.
و ( إذا ) ظرف متعلق ب ( سمعوا ) يدل على الاقتران بين زمن الإلقاء وزمن سماع الشهيق .
*** " أَلْقَوْاْ ":
طرحوا كما يطرح الحطب في النار العظيمة ويرمى به فيها ، ومثله قوله : { حَصَبُ جَهَنَّمَ } [ الأنبياء : 98 ]
و لفظة "ألقوا" فيها إشارة لهوانهم و إهانتهم ففيها غاية التحقير و الإذلال فكأنهم كوم من القمامة أو شيء فاسد يلقى في النار ليحرق و قد كانوا مُكَََََََرَمين كبشر في الدنيا و ربما كانوا جبابرة معظمين و لكن نهايتهم الإلقاء في النار .
*** " سَمِعُواْ لَهَا شَهِيقًا ":
الشهيق في اللغة:
1 - الشَّهِيقُ أَقِبحُ الأصوات شَهِقَ وشَهَقَ يَشْهَقُ ويَشْهِقُ شَهِيقاً ردَّد البكاء في صدره .
و قيل : تردد الأنفاس في الصدر لا تستطيع الصعود لبكاء ونحوه أطلق على صوت التهاب نار جهنم الشهيق تفظيعا له.
2 - وشَهِيقُ الحمار آخر صوته وزفيره أوَّله وقيل شَهِيقُ الحمار نَهيقه .
قال بن منظور: قال وزعم بعض أَهل اللغة من البصريين والكوفيين أن الزفير بمنزلة ابتداء صوت الحمار من النهيق والشهيق بمنزلة آخر صوته في الشَّهِيق وروي عن الربيع في قوله لهم فيها زَفِير وشَهِيق قال الزفير في الحلق والشَّهِيق في الصدر .
3 - ويقال الشَّهِيق ردُّ النفَس والزَّفِيرُ إخراجه الليث الشَّهِيقُ ضد الزفير والزفير إخراج النفس قال الله عز وجل في صفة أهل النار لهم فيها زَفِيرٌ وشَهِيق و يقال : يقال شَهِقَ يَشْهَقُ إذا تَنفَّس تنفُّساً.
4 - قال الزجاج الزَّفِير والشَّهِيق من أَصوات المكروبين قال والزفير من شديد الأنِين وقبيحه والشَّهِيقُ الأنِينُ الشديد المرتفع جدّاً .
5 - وفحل ذو شاهقٍ وذو صاهلٍ إذا هاجَ وصالَ فسمعت له صوتاً يخرج من جوفه الأَصمعي .
6 - والشَّهْقة كالصيحة يقال شَهَقَ فلانٌ وشَهِقَ شَهْقةً فمات .
أما الأثار :
وروى ابن جرير عن ابن عباس قال : " إن الرجل ليجر إلى النار، فتنزوي وينقبض بعضها إلى بعض، فيقول لها الرحمن: ما لك؟ فتقول: إنه يستجير مني، فيقول: أرسلوا عبدي. وإن الرجل ليجر إلى النار فيقول: يا رب ما كان هذا الظن بك، فيقول: ما كان ظنك؟ فيقول: أن تسعني رحمتك، فيقول: أرسلوا عبدي. وإن الرجل إلى النار، فتشهق إليه النار شهوق البغلة إلى الشعير، وتزفر زفرة لا يبقى أحد إلا خاف " . صححه بن كثير في النهاية
و قال السيوطي: وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم بسند صحيح عن ابن عباس قال : إن العبد ليجر إلى النار فتشهق إليه شهقة البغلة إلى الشعير ، ثم تزفر زفرة لا يبقى أحد إلا خاف ، وإن الرجل من أهل النار ما بين شحمة أذنيه وبين منكبيه مسيرة سبعين سنة ، وإن فيها لأودية من قيح تكال ثم تصب في فيه .
و أما العلماء فهم في تفسير ذلك على ثلاثة أقوال:
1 - أن المراد تشبيه صوت لهب النار بالشهيق و هو صوت قبيح كصوت الحمار أو تنفس كتنفس المتغيظ أو تصيح .
و هي تصوت مثل ذلك لشدة توقدها وغليانها.
أخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : { سمعوا لها شهيقاً } قال : صياحاً .
2 - قال عطاء : سمعوا لأهلها ممن تقدم طرحهم فيها شهيقاً
قال أبو حيان : ويحتمل أن يكون على حذف مضاف ، أي سمعوا لأهلها ، كما قال تعالى : { لهم فيها زفير وشهيق }
3 - سمعوا من أنفسهم شهيقاً ، كقوله تعالى : { لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ } [ هود : 106 ] .
قلت (شريف): والصواب الذي لا محيد عنه هو التفسير الوارد في الأثر فالاحتمالات عديدة و كلها ظنية و لكن الأثر يفصل المسألة فالشهيق هنا النفس الداخل عكس الزفير و له صوت معروف إذا علا و أشتد و هو صوت منكر و الشهيق هنا شهيق إقبال و رغبة و ذلك من البغلة للشعير أما من النار للكافرين إقبال و رغبة في أذاهم و غضب و غيظ و الله أعلم اللهم أجرنا منها .
*** " وَهِىَ تَفُورُ " :
قال ابن عباس : تغلي بهم كغلي المرجل و قيل : تغلي وترتفع ألسنة لهيبها و قال مجاهد : تفور بهم كما يفور الماء الكثير بالحب القليل.
قال الليث : كل شيء جاش فقد فار ، وهو فور القدر والدخان والغضب والماء من العين .
ويجوز أن يكون هذا من فور الغضب ، قال المبرد : يقال تركت فلاناً يفور غضباً ، ويتأكد هذا القول بالآية التالية .
قلت (شريف): فالمعنى ارتفع و غلا .
*** قال بن عاشور: وجملة ( وهي تفور ) حال من ضمير ( فيها ).
*** قلت: و أظن الآية تفسير لقوله تعالى " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ" [التحريم : 6] .
فصفة دخولهم النار كصفة صب الوقود على النار المشتعلة و ليس كصفة حرق النار لأي شيء عادى و أيضا إلقائهم و ليس دخولهم يؤكد هذا المعنى فكأنهم هم الوقود الذي تشتعل فيه النار يصب عليها فإذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا و زفيرا و إذا ألقوا قيها شهقت إليهم كشهوق البغلة للشعير و يزيد لهيبها و يزداد توهجها و يشتد غليانها و فورانها بهم .
و هنا صورة جديرة بالتأمل يعطيها لنا القرآن و هو مشهد النار كسجن كبير بعيد القعر تستعر ناره بشدة و يلقى فيه أعداء الله مهانين صاغرين أذلاء فيشهق إليهم و يفور بهم و يغلي و يرتفع ويحطم بعضه بعضا أو صورة النار كقدر كبيرة تستعر النيران فيها فإذا ألقى فيها الكافرين شهقت من شدة الغليان بهم و لك أن تجلس فتتدبر و تنظر كم سيكون هناك من صراخ يصم الأذان وألام و خوف و حسرات و اضطراب و لعنات و رعب و ذل و نحو ذلك .
و رغم أنهم فيها إلا أنهم يسمعون شهيقها زيادة في كربهم و عذابهم و المرء لما يعلم أن عدوه المحيط به من كل جانب قد اشتد غيظه عليه و يسمع زمجرته عليه يشتد رعبه و كربه فمن كان بين مخالب سبع يزمجر عليه فقد اجتمع عليه هم على همة فما بالك لمن في النار تشهق عليه و هي تغلي به و اشتد غيظها عليه.
و هذا يدلك على الصفة التي خلقت جهنم عليها فهى ليست كنار الدنيا بل هي سجن عظيم الله أعلم بمساحته فيه من الأهوال ما تشيب لها الولدان و لها حساسية خاصة للكافرين فهي تشهق لقدومهم و تغلي و تفور بهم غيطها عليهم كأعظم ما يكون.
هذا مصير الكافرين على اختلاف مللهم و نحلهم هذا مصير الجبابرة العظماء الملوك القاهرين الرؤساء الحاكمين الذين حادوا الله و رسوله (ص) و من تبعهم و والاهم و أعانهم و رضى سبيلهم " أفرأيت إن متعناهم سنين ثم جاءهم ما كانوا يوعدون ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون ".
كم ألقوا في السجون؟ و كم عذبوا من مؤمنين؟ و كيف كانوا يتلقونهم في التعذيب بالإهانة والأذى الشديد و شدة العذاب؟ فهذا هو الجزاء .
*** شيء مما ورد عن زفير النار في القيامة:
قال عبد الرزاق : أخبرنا معمر عن منصور عن مجاهد عن عبيد بن عمير قال: إن جهنم تزفر زفرة لا يبقى معها ملك ولا نبي إلا خرّ ترعد فرائصه، حتّى إن إبراهيم ليجثو على ركبتيه ويقول: رب لا أسألك إلا نفسي اليوم.
قلت (شريف):رجاله ثقات و عبيد بن عمير من كبار التابعين مجمع على ثقته.
و زفرت النار : سُمِعَ لاتقادها صوت عكس الشهيق و الارتعاد : الرجفة والاضطرب من الخوف و الفَرِيصة : اللحم الذي بين الكتف والصدر ترتعد عند الفزع و الجثو : الجلوس على الركبتين.
* و في مصنف بن أبي شيبة حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ (ثقة) عَنِ الأَعْمَشِ (ثقة)، عَنِ الْمِنْهَالِ(ثقة ربما وهم) ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ(صدوق كثير الإرسال و الأوهام ، اختلف فيه الناس) ، عَنْ كَعْبٍ (صحابي) ، قَالَ : تَزْفِرُ جَهَنَّمُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ زَفْرَةً ، فَلاَ يَبْقَى مَلَكٌ مُقَرَّبٌ ، وَلاَ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ إِلاَّ وَقَعَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ ، يَقُول : يَا رَبِّ ، نَفْسِي نَفْسِي.
* قال بن السري (ثقة) حدثنا عبيده (هو بن حميد بن صهيب الكوفي:ثقة ربما أخطأ) عن منصور عن مجاهد عن عبيد بن عمير قال تزفر جهنم فلا يبقى ملك ولا نبي إلا وقع لركبتيه فرائصه ترعد قال حسبته يقول نفسي نفسي.
* قال هناد بن السري (الكوفي و هو ثقة) حدثنا محمد بن عبيد (هو الطنافسي و هوثقة من الطبقة :11 من أواسط الآخذين عن تبع الأتباع) عن سلمة بن نبيط (ثقة من الطبقة الخامسة من صغار التابعين) عن الضحاك (صدوق كثير الارسال ،مختلف فية)قال إن جهنم لتزفر زفرة لا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا خر ساجدا يقول رب نفسي نفسي.(قلت : و الأصح ما ورد آنفا من الجثو)
* قال بن الجوزى في تلبيس إبليس أخبرنا محمد بن عبد الباقي بن احمد نا حمد بن احمد الحداد ثنا أبو نعيم الحافظ ثنا أبي ثنا أحمد بن محمد بن الحسن البغدادي ثنا ابراهيم بن عبد الله الجنيد ثنا عبد الله بن محمد بن عائشة ثنا سالم الخواص عن فرات بن السائب عن زاذان قال سمعت كعب الأحبار يقول إذا كان يوم القيامة جمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد ونزلت الملائكة وصارت صفوف فيقول يا جبرائيل أئتني بجهنم فيأتي بها جبريل فتقاد بسبعين ألف زمام حتى إذا كانت من الخلائق على قدر مائة عام زفرت زفرة طارت لها أفئدة الخلائق ثم زفرت ثانية فلا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا جثى على ركبتيه ثم تزفر الثالثة فتبلغ القلوب الحناجر وتذهب العقول فيفزع كل أمرىء الى عمله حتى أن ابراهيم الخليل يقول بخلتي لا أسألك إلا نفسي ويقول موسى بمناجاتي لا أسألك إلا نفسي وان عيسى ليقول بما أكرمتني لا أسألك إلا نفسي لا أسألك مريم التي ولدتني
قلت (شريف):و في السند من لم أعرفهم .
* روى عبد الرزاق في تفسيره عن جعفر بن سليمان(ثقة) ، في قوله تعالى : ( يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها ) ، قال : سمعت علي بن زيد بن جدعان (ضعيف) يحدث عن مطرف بن عبد الله بن الشخير(ثقة) ، قال : نا كعب(ثقة) أن عمر ، قال له : حدثنا يا كعب خوفنا ، قال : قلت : يا أمير المؤمنين أليس فيكم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فيه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم والحكمة ؟ ، قال : بلى ولكن خوفنا ، قال : قلت : يا أمير المؤمنين اعمل عمل رجل لو وافيت يوم القيامة بعمل سبعين نبيا لازدريت عملك مما ترى ، قال : فأطرق عمر مليا ثم أفاق ، ثم قال : زدنا يا كعب ، قال : قلت : يا أمير المؤمنين ، لو فتح قدر منخر ثور من جهنم بالمشرق ورجل بالمغرب لغلى دماغه حتى يسيل من شدة حرها ، قال : فأطرق عمر مليا ثم أفاق ، فقال : زدنا يا كعب ، قال : يا أمير المؤمنين إن جهنم تزفر يوم القيامة زفرة ما يبقى ملك مقرب ، ولا نبي مصطفى إلا خر جاثيا لركبتيه ، حتى إن إبراهيم خليل الله ليخر جاثيا لركبتيه ، يقول : لا أسألك اليوم إلا نفسي فأطرق عمر مليا ثم أفاق ، قال : قلت : يا أمير المؤمنين أليس هذا في كتاب الله ؟ قال : كيف ؟ قال : قلت ( يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها ).
*** الفوائد العملية في الآية :
1 – حقارة أهل النار مهما بلغ بهم الحال في هذه الدنيا.
2 – تدبر الكيفية التي خلقت عليها النار من عظمة العذاب و شدة الحساسية للكافرين.
3 – تدبر المشهد الوارد في الآية و الآثار المروية.
4 – تدبر نهاية الكافرين التي وصفها الله سبحانه بأنها بئس المصير.
5 – الخوف من الله و الاستعاذة من النار.
مواضيع مماثلة
» " تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا
» { أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا
» جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَآؤو
» قال الله تعالى :-[( إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ... )]
» أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ )
» { أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا
» جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَآؤو
» قال الله تعالى :-[( إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ... )]
» أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ )
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة 21 يونيو 2024, 12:25 am من طرف Admin
» هل الانجيل محرف
الأربعاء 19 يونيو 2024, 2:34 pm من طرف Admin
» شبهات النصاري زواج ام المؤمنين عائشه،
الإثنين 17 يونيو 2024, 10:30 am من طرف Admin
» الفرق بين السنه والفقه
السبت 11 مايو 2024, 11:23 pm من طرف Admin
» كيف عرفت انه نبي..
الجمعة 26 أبريل 2024, 5:40 am من طرف Admin
» موضوع هل يدخل الجنه غير المسلمين،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:48 am من طرف Admin
» التدرج في التشريع
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:43 am من طرف Admin
» كتب عليكم الصيام،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:41 am من طرف Admin
» اقوال العلماء في تفسير ايه الحجاب،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:40 am من طرف Admin