بحـث
الشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المواضيع الأخيرة
نوفمبر 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | |||||
3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 |
10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 |
17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 |
24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
الحمدلله على نعمة الاسلام
ايها الاخوه الدعاه الى الله وكذا جميع الزائرين والزائرات مرحبا بكم واهلا نتمنى من الله ان نكون عند حسن ظنكم جميا والله الموفق الى الخير وهو حسبنا ونعم الوكيلالشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 32 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 32 زائر لا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 76 بتاريخ الأربعاء 30 أكتوبر 2024, 11:01 pm
" قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْ
صفحة 1 من اصل 1
" قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْ
تفسير سورة الملك |5 الآية التاسعة
"
قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ
اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ " الآية :9
*** قال في التحرير: وكان جوابهم جواب المتحسر المتندم
فابتدئوا الجواب دفعة بحرف ( بلى ) المفيد نقيض النفي في الاستفهام فهو
مفيد معنى : جاءنا نذير ولذلك كان قولهم ( قد جاءنا نذير ) مؤكدا لما دلت
عليه ( بلى ) وهو من تكرير الكلام عند التحسر مع زيادة التحقيق ب ( قد )
وذلك التأكيد هو مناط الندامة والاعتراف بالخطأ.
*** و هنا اعتراف منهم بعدل الله ، وإقرار بأنه عز وعلا أزاح
عللهم ببعثة الرسل وإنذارهم فيما وقعوا فيه ، وأنهم لم يؤتوا من قدره كما
تزعم الجبرية ، وإنما أتوا من قبل أنفسهم واختيارهم بتكذيبهم الرسل.
*** " إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ فِى ضلال كَبِيرٍ " وجوه :
الوجه الأول : أنه من جملة قول الكفار وخطابهم للمنذرين قال الرازي: و هو الأظهر و قال أبو حيان : هو الظاهر.
الوجه الثاني : يجوز أن يكون من كلام الخزنة للكفار ،
والتقدير أن الكفار لما قالوا ذلك الكلام قالت الخزنة لهم : " إِنْ أَنتُمْ
إِلاَّ فِى ضلال كَبِيرٍ " .
و على هذا الوجه يحتمل أن يكون المراد من الضلال الكبير ما
كانوا عليه من ضلالهم في الدنيا ، ويحتمل أن يكون المراد بالضلال الهلاك ،
ويحتمل أن يكون سمي عقاب الضلال باسمه .
و قال في التحرير: وجملة ( قالوا بلى قد جاءنا نذير ) معترضة
بين كلام خزنة جهنم اعتراضا يشير إلى أن الفوج قاطع كلام الخزنة بتعجيل
الاعتراف بما وبخوهم عليه وذلك من شدة الخوف وفصلت الجملة لوجهين لأنها
اعتراض ولوقوعها في سياق المحاورة كما تقدم غير مرة كقوله تعالى ( قالوا
أتجعل فيها من يفسد فيها) في سورة البقرة
وجملة ( إن أنتم إلا في ضلال كبير ) الأظهر أنها بقية كلام
خزنة جهنم فصل بينها وبين ما سبقها من كلامهم اعتراض جواب الفوج الموجه
إليهم الاستفهام التوبيخي كما ذكرناه آنفا ويؤيد هذا إعادة فعل القول في
حكاية بقية كلام الفوج في قوله تعالى ( وقالوا لو كنا نسمع ) الخ لانقطاعه
الوجه الثالث: قال الزمخشري : أو من كلام الرسل لهم حكوه للخزنة ، أي قالوا لنا هذا فلم نقبله.
قلت (ش): و الوجوه الثلاثة صحيحة فقد قال الكفار ذلك لرسلهم
كما ورد في الكتاب العزيز:" قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا
لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (60) [الأعراف : 60]" و " قَالَ الْمَلَأُ
الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا
لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (66) [الأعراف : 66]" و " وَإِذَا قِيلَ
لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا
لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ
أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (47) [يس : 47]" و يحتمل أن الخزنة
أجابتهم بهذا و قد كانت رسالة المنذرين لأقوامهم أنهم في ضلال مبين وورد
التصريح بذلك كما ورد عن نبي الله إبراهيم " قَالَ لَقَدْ كُنْتُمْ
أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (54) [الأنبياء : 54]" "
وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آَزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا
آَلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (74) [الأنعام :
74]" و كما قال كفار قريش عن النبي (ص) أنه جاء يسفه أحلامهم و يضلل
أبائهم.
و الأقرب و الأظهر أن المقصود قول الكفار لأقوامهم فهو ظاهر
السياق و المتكرر في الكتاب العزيز عنهم رغم اختلاف مكانهم و زمانهم فكأنه
سمة لهم و الله أعلم.
*** وعموم ( شيء ) في قوله ( ما نزل الله من شيء ) والمراد
منه : شيء من التنزيل يدل على أنهم كانوا يحيلون أن ينزل الله وحيا على بشر
وهذه دعوى أهل الكفر قال تعالى ( وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل
الله على بشر من شيء ) .
*** لماذا جاء الخطاب "إن أنتم " بالجمع ؟
1 - قال أبو حيان: فإن كان الخطاب في { إن أنتم } للرسل ، فقد يراد به الجنس ، ولذلك جاء الخطاب بالجمع.
قلت (ش): أظنه يعنى التكذيب بجنس الرسالات السماوية النازلة على البشر.
2 - و قال بن عاشور: وأوتي بضمير جمع المخاطبين مع إن لكل قوم
رسولا واحدا في الغالب باستثناء موسى وهارون وباستثناء رسل أصحاب القرية
المذكورة في سورة يس أما على اعتبار الحكاية بالمعنى بأن جمع كلام جميع
الأفواج في عبارة واحدة فجيء بضمير الجمع والمراد التوزيع على الأفواج أي
قال جميع الأفواج : ( بلى قد جاءنا نذير ) إلى قوله ( إن أنتم إلا في ضلال
كبير ) على طريقة المثال المشهور " ركب القوم دوابهم ".
3 - و قال : وإما على إرادة شمول الضمير للنذير وأتباعه الذين يؤمنون بما جاء به .
*** قال في التحرير: ومعنى القصر لمستفاد من النفي والاستثناء
( إن أنتم إلا في ضلال كبير ) قصر قلب أي ما حالكم التي أنتم متلبسون بها
إلا الضلال وليس الوحي الإلهي والهدى كما تزعمون .
والظرفية مجازية لتشبيههم تمحضهم للضلال بإحاطة الظرف بالمظروف.
ووصف الضلال ب ( كبير ) معناه شديد بالغ غاية ما يبلغ إليه جنسه حتى كأنه جسم كبير .
*** و النكتة هنا ليس أن تتدبر فقط الكلام بل أن تراه في واقع
المكذبين كيف فعلوه؟ فتربط الكلام المسطور بالكون المعمور من حولك فهو
كلام الله الذي يعم كل جيل و كل زمان و فيه شفاء القلوب من أمراضها و هو
ليس كلاما يتلى للتبرك بل هو الواقع الذي تراه في كل يوم و تحياه .
قال تعالى :" وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا
نَذِيرٌ " أقام الله سبحانه الحجة على كل أمة و من مات في الفترة امتحن يوم
القيامة إعذارا من الله العظيم سبحانه إلى خلقه و قد جاءت الرسل صلوات
الله و سلامه عليهم بالبراهين الواضحة و الأدلة الناصعة القاطعة لكل من
يريد الحق و اختارهم سبحانه ممن لا يُعلم عليهم كذبا و من أشراف قومهم و من
لم يكن لآبائهم ملك فيقال يسعون لملك أبائهم.
أما الأمم الكافرة فقد كذبت الرسل و أنكرت نزول الوحي عليهم و
تعللوا بعلل مختلفة فمنهم من أنكر أن يكون الرسول بشر و منهم من قال لولا
أنزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم و منهم ما نراك أتبعك إلا الذين
هم أراذلنا بادي الرأي و عللهم متشابهة مع اختلاف أزمانهم و أجناسهم تشابهت
قلوبهم.
و لم يكتفوا بالتكذيب بل اتهموا الرسل و أتباعهم بأعظم الضلال
اتهموهم بالضلال و السفه و الجنون و الشعر و الافتراء على الله و أنهم
مصابون بمس من الجن و أن الآلهة أصابتهم بسوء و أنهم اتبعه الأرذلون بلا
حكمة و لا تدبر و أنهم جاءوا بذلك ليكون لهم الملك و الكبرياء في الأرض و
في زماننا وصفوهم بالجهل و الظلام و الرجعية و التخلف و التحجر و الجمود و
الغباء و التطرف و الأصولية والتكفير والجهل.
و الذين كذبوا من كل أمة هم الملأ و الكبراء و اتبعهم أقوامهم
و لما قالوا مقالاتهم فوافقهم عليها أقوامهم نسب القول لهم جميعا و لما
اجتمعوا على ذلك كان الجزاء أن يلقوا في النار أفواج و لم يكتفوا بهذه
الاتهامات بل شهروا بهم في كل محفل و أطلقوا أبواقهم على أشدها لتصرخ بذلك
في كل مكان كم كتبوا من مقالات و استأجروا من أقلام و صنعوا من برامج و
أقاموا من دعايات و أطلقوا من قنوات فكم فتن بهم من أقوام و صُدوا عن
السبيل و كم نشأت من أجيال منحرفة بسببهم ففتنتهم كم شب فيها من الصغير و
هرم فيها من الشباب و مات فيها من الشيوخ كم كان في صد الكبراء و إتباع
الخلق لهم من فتنة؟ ليصبح المؤمن غريبا هذا واقع يقصه القرآن مجملا فإن
تدبرته أخرجت التفاصيل التي توجد في واقع الناس .
و انتبه أن هذا الاتهام رغم أنهم عرفوا صدقهم في رسالتهم و
علموا أنهم هم المجرمون الصادون عن سبيل الله فاتبعوا التكذيب العظيم بحجود
الرسل الكرام باتهام الرسل بالضلال الكبير فجمعوا أعظم التكذيب مع إيذاء
الرسل الشديد و كان ذلك جوابهم على دعاة الله الذين ارسلهم إليهم و بما
اقترفت أيديهم طبع الله على قلوبهم بظلمهم و نسوا الله فأنساهم أنفسهم و
زين لكل أمة عملهم و أوحي بعضهم إلي بعض زخرف القول غرورا فصغت إليه قلوبهم
و رضوه و اقترفوا ما هم مقترفون و تدبر موقف الصغار و الحسرة التي هم فيها
الآن و قارن ذلك بكبرهم و بطشهم و غرورهم .
*** الفوائد العملية في الآية :
1 – كرم الله و رحمته في الإعذار إلى خلقه بإرسال الرسل .
2 - عظيم جحود الكافرين حيث لم يكتفوا بالتكذيب بالآيات
البينات بل اتهموا الرسل بأعظم الضلال و آذوهم أشد الإيذاء فجمعوا بين
السوءتين و تأمل أن هذا ردهم على رسالة ربهم الذي رحمهم بإرسال النذر و
ألا يؤخذوا بغتة بدون نذير.
3 – الحسرة و الصغار و العذاب الذي تلقوه جزاء أعمالهم و التي إن تدبرها المؤمن هان عليه كيدهم و مكرهم و افتراءهم.
4 – آثار اتهامهم الرسل بالضلال الكبير على الخلق فكم ضلت من أمم بسبب تلك الدعاوى و الاتهامات.
"
قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ
اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ " الآية :9
*** قال في التحرير: وكان جوابهم جواب المتحسر المتندم
فابتدئوا الجواب دفعة بحرف ( بلى ) المفيد نقيض النفي في الاستفهام فهو
مفيد معنى : جاءنا نذير ولذلك كان قولهم ( قد جاءنا نذير ) مؤكدا لما دلت
عليه ( بلى ) وهو من تكرير الكلام عند التحسر مع زيادة التحقيق ب ( قد )
وذلك التأكيد هو مناط الندامة والاعتراف بالخطأ.
*** و هنا اعتراف منهم بعدل الله ، وإقرار بأنه عز وعلا أزاح
عللهم ببعثة الرسل وإنذارهم فيما وقعوا فيه ، وأنهم لم يؤتوا من قدره كما
تزعم الجبرية ، وإنما أتوا من قبل أنفسهم واختيارهم بتكذيبهم الرسل.
*** " إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ فِى ضلال كَبِيرٍ " وجوه :
الوجه الأول : أنه من جملة قول الكفار وخطابهم للمنذرين قال الرازي: و هو الأظهر و قال أبو حيان : هو الظاهر.
الوجه الثاني : يجوز أن يكون من كلام الخزنة للكفار ،
والتقدير أن الكفار لما قالوا ذلك الكلام قالت الخزنة لهم : " إِنْ أَنتُمْ
إِلاَّ فِى ضلال كَبِيرٍ " .
و على هذا الوجه يحتمل أن يكون المراد من الضلال الكبير ما
كانوا عليه من ضلالهم في الدنيا ، ويحتمل أن يكون المراد بالضلال الهلاك ،
ويحتمل أن يكون سمي عقاب الضلال باسمه .
و قال في التحرير: وجملة ( قالوا بلى قد جاءنا نذير ) معترضة
بين كلام خزنة جهنم اعتراضا يشير إلى أن الفوج قاطع كلام الخزنة بتعجيل
الاعتراف بما وبخوهم عليه وذلك من شدة الخوف وفصلت الجملة لوجهين لأنها
اعتراض ولوقوعها في سياق المحاورة كما تقدم غير مرة كقوله تعالى ( قالوا
أتجعل فيها من يفسد فيها) في سورة البقرة
وجملة ( إن أنتم إلا في ضلال كبير ) الأظهر أنها بقية كلام
خزنة جهنم فصل بينها وبين ما سبقها من كلامهم اعتراض جواب الفوج الموجه
إليهم الاستفهام التوبيخي كما ذكرناه آنفا ويؤيد هذا إعادة فعل القول في
حكاية بقية كلام الفوج في قوله تعالى ( وقالوا لو كنا نسمع ) الخ لانقطاعه
الوجه الثالث: قال الزمخشري : أو من كلام الرسل لهم حكوه للخزنة ، أي قالوا لنا هذا فلم نقبله.
قلت (ش): و الوجوه الثلاثة صحيحة فقد قال الكفار ذلك لرسلهم
كما ورد في الكتاب العزيز:" قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا
لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (60) [الأعراف : 60]" و " قَالَ الْمَلَأُ
الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا
لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (66) [الأعراف : 66]" و " وَإِذَا قِيلَ
لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا
لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ
أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (47) [يس : 47]" و يحتمل أن الخزنة
أجابتهم بهذا و قد كانت رسالة المنذرين لأقوامهم أنهم في ضلال مبين وورد
التصريح بذلك كما ورد عن نبي الله إبراهيم " قَالَ لَقَدْ كُنْتُمْ
أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (54) [الأنبياء : 54]" "
وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آَزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا
آَلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (74) [الأنعام :
74]" و كما قال كفار قريش عن النبي (ص) أنه جاء يسفه أحلامهم و يضلل
أبائهم.
و الأقرب و الأظهر أن المقصود قول الكفار لأقوامهم فهو ظاهر
السياق و المتكرر في الكتاب العزيز عنهم رغم اختلاف مكانهم و زمانهم فكأنه
سمة لهم و الله أعلم.
*** وعموم ( شيء ) في قوله ( ما نزل الله من شيء ) والمراد
منه : شيء من التنزيل يدل على أنهم كانوا يحيلون أن ينزل الله وحيا على بشر
وهذه دعوى أهل الكفر قال تعالى ( وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل
الله على بشر من شيء ) .
*** لماذا جاء الخطاب "إن أنتم " بالجمع ؟
1 - قال أبو حيان: فإن كان الخطاب في { إن أنتم } للرسل ، فقد يراد به الجنس ، ولذلك جاء الخطاب بالجمع.
قلت (ش): أظنه يعنى التكذيب بجنس الرسالات السماوية النازلة على البشر.
2 - و قال بن عاشور: وأوتي بضمير جمع المخاطبين مع إن لكل قوم
رسولا واحدا في الغالب باستثناء موسى وهارون وباستثناء رسل أصحاب القرية
المذكورة في سورة يس أما على اعتبار الحكاية بالمعنى بأن جمع كلام جميع
الأفواج في عبارة واحدة فجيء بضمير الجمع والمراد التوزيع على الأفواج أي
قال جميع الأفواج : ( بلى قد جاءنا نذير ) إلى قوله ( إن أنتم إلا في ضلال
كبير ) على طريقة المثال المشهور " ركب القوم دوابهم ".
3 - و قال : وإما على إرادة شمول الضمير للنذير وأتباعه الذين يؤمنون بما جاء به .
*** قال في التحرير: ومعنى القصر لمستفاد من النفي والاستثناء
( إن أنتم إلا في ضلال كبير ) قصر قلب أي ما حالكم التي أنتم متلبسون بها
إلا الضلال وليس الوحي الإلهي والهدى كما تزعمون .
والظرفية مجازية لتشبيههم تمحضهم للضلال بإحاطة الظرف بالمظروف.
ووصف الضلال ب ( كبير ) معناه شديد بالغ غاية ما يبلغ إليه جنسه حتى كأنه جسم كبير .
*** و النكتة هنا ليس أن تتدبر فقط الكلام بل أن تراه في واقع
المكذبين كيف فعلوه؟ فتربط الكلام المسطور بالكون المعمور من حولك فهو
كلام الله الذي يعم كل جيل و كل زمان و فيه شفاء القلوب من أمراضها و هو
ليس كلاما يتلى للتبرك بل هو الواقع الذي تراه في كل يوم و تحياه .
قال تعالى :" وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا
نَذِيرٌ " أقام الله سبحانه الحجة على كل أمة و من مات في الفترة امتحن يوم
القيامة إعذارا من الله العظيم سبحانه إلى خلقه و قد جاءت الرسل صلوات
الله و سلامه عليهم بالبراهين الواضحة و الأدلة الناصعة القاطعة لكل من
يريد الحق و اختارهم سبحانه ممن لا يُعلم عليهم كذبا و من أشراف قومهم و من
لم يكن لآبائهم ملك فيقال يسعون لملك أبائهم.
أما الأمم الكافرة فقد كذبت الرسل و أنكرت نزول الوحي عليهم و
تعللوا بعلل مختلفة فمنهم من أنكر أن يكون الرسول بشر و منهم من قال لولا
أنزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم و منهم ما نراك أتبعك إلا الذين
هم أراذلنا بادي الرأي و عللهم متشابهة مع اختلاف أزمانهم و أجناسهم تشابهت
قلوبهم.
و لم يكتفوا بالتكذيب بل اتهموا الرسل و أتباعهم بأعظم الضلال
اتهموهم بالضلال و السفه و الجنون و الشعر و الافتراء على الله و أنهم
مصابون بمس من الجن و أن الآلهة أصابتهم بسوء و أنهم اتبعه الأرذلون بلا
حكمة و لا تدبر و أنهم جاءوا بذلك ليكون لهم الملك و الكبرياء في الأرض و
في زماننا وصفوهم بالجهل و الظلام و الرجعية و التخلف و التحجر و الجمود و
الغباء و التطرف و الأصولية والتكفير والجهل.
و الذين كذبوا من كل أمة هم الملأ و الكبراء و اتبعهم أقوامهم
و لما قالوا مقالاتهم فوافقهم عليها أقوامهم نسب القول لهم جميعا و لما
اجتمعوا على ذلك كان الجزاء أن يلقوا في النار أفواج و لم يكتفوا بهذه
الاتهامات بل شهروا بهم في كل محفل و أطلقوا أبواقهم على أشدها لتصرخ بذلك
في كل مكان كم كتبوا من مقالات و استأجروا من أقلام و صنعوا من برامج و
أقاموا من دعايات و أطلقوا من قنوات فكم فتن بهم من أقوام و صُدوا عن
السبيل و كم نشأت من أجيال منحرفة بسببهم ففتنتهم كم شب فيها من الصغير و
هرم فيها من الشباب و مات فيها من الشيوخ كم كان في صد الكبراء و إتباع
الخلق لهم من فتنة؟ ليصبح المؤمن غريبا هذا واقع يقصه القرآن مجملا فإن
تدبرته أخرجت التفاصيل التي توجد في واقع الناس .
و انتبه أن هذا الاتهام رغم أنهم عرفوا صدقهم في رسالتهم و
علموا أنهم هم المجرمون الصادون عن سبيل الله فاتبعوا التكذيب العظيم بحجود
الرسل الكرام باتهام الرسل بالضلال الكبير فجمعوا أعظم التكذيب مع إيذاء
الرسل الشديد و كان ذلك جوابهم على دعاة الله الذين ارسلهم إليهم و بما
اقترفت أيديهم طبع الله على قلوبهم بظلمهم و نسوا الله فأنساهم أنفسهم و
زين لكل أمة عملهم و أوحي بعضهم إلي بعض زخرف القول غرورا فصغت إليه قلوبهم
و رضوه و اقترفوا ما هم مقترفون و تدبر موقف الصغار و الحسرة التي هم فيها
الآن و قارن ذلك بكبرهم و بطشهم و غرورهم .
*** الفوائد العملية في الآية :
1 – كرم الله و رحمته في الإعذار إلى خلقه بإرسال الرسل .
2 - عظيم جحود الكافرين حيث لم يكتفوا بالتكذيب بالآيات
البينات بل اتهموا الرسل بأعظم الضلال و آذوهم أشد الإيذاء فجمعوا بين
السوءتين و تأمل أن هذا ردهم على رسالة ربهم الذي رحمهم بإرسال النذر و
ألا يؤخذوا بغتة بدون نذير.
3 – الحسرة و الصغار و العذاب الذي تلقوه جزاء أعمالهم و التي إن تدبرها المؤمن هان عليه كيدهم و مكرهم و افتراءهم.
4 – آثار اتهامهم الرسل بالضلال الكبير على الخلق فكم ضلت من أمم بسبب تلك الدعاوى و الاتهامات.
مواضيع مماثلة
» { مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ
» قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ ي
» وَقُلْنَا مِن بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُواْ الأَرْضَ
» قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1)
» {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ
» قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ ي
» وَقُلْنَا مِن بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُواْ الأَرْضَ
» قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1)
» {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة 21 يونيو 2024, 12:25 am من طرف Admin
» هل الانجيل محرف
الأربعاء 19 يونيو 2024, 2:34 pm من طرف Admin
» شبهات النصاري زواج ام المؤمنين عائشه،
الإثنين 17 يونيو 2024, 10:30 am من طرف Admin
» الفرق بين السنه والفقه
السبت 11 مايو 2024, 11:23 pm من طرف Admin
» كيف عرفت انه نبي..
الجمعة 26 أبريل 2024, 5:40 am من طرف Admin
» موضوع هل يدخل الجنه غير المسلمين،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:48 am من طرف Admin
» التدرج في التشريع
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:43 am من طرف Admin
» كتب عليكم الصيام،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:41 am من طرف Admin
» اقوال العلماء في تفسير ايه الحجاب،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:40 am من طرف Admin