بحـث
الشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المواضيع الأخيرة
نوفمبر 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | |||||
3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 |
10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 |
17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 |
24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
الحمدلله على نعمة الاسلام
ايها الاخوه الدعاه الى الله وكذا جميع الزائرين والزائرات مرحبا بكم واهلا نتمنى من الله ان نكون عند حسن ظنكم جميا والله الموفق الى الخير وهو حسبنا ونعم الوكيلالشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 10 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 10 زائر لا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 76 بتاريخ الأربعاء 30 أكتوبر 2024, 11:01 pm
"قل هو الذي ذرأكم في الأرض و إليه تحشرون" الآية :24
صفحة 1 من اصل 1
"قل هو الذي ذرأكم في الأرض و إليه تحشرون" الآية :24
تفسير سورة الملك | الآية الرابعة و العشرون
"قل هو الذي ذرأكم في الأرض و إليه تحشرون" الآية :24
*** "قل":
إعادة فعل قل من قبيل التكرير المشعر بالاهتمام بالغرض
المسوقة فيه تلك الأقوال و فيها تشريف للنبي صلى الله عليه و سلم و إرشاد
للدعاة للاهتمام بهذه الحجة أو المقالة في مجال دعوتهم.
*** و قد تكررت تلك الحجة بسياق مقارب في سورة المؤمنون قال
تعالى :"و لو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر للجوا في طغيانهم يعمهون (75)
ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون (76) حتى إذا فتحنا
عليهم بابا ذا عذاب شديد إذا هم فيه مبلسون (77)وهو الذي أنشأ لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون (78) وهو الذي ذرأكم في الأرض وإليه تحشرون (79) وهو
الذي يحيي ويميت وله اختلاف الليل والنهار أفلا تعقلون (80) بل قالوا مثل
ما قال الأولون (81) قالوا أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمبعوثون
(82)"[1]
و تكرار الإتيان بهذه الحجة في القرآن و تنوعه بين أن يأتي من
قوله سبحانه و أن يأمر نبيه صلى الله عليه و سلم أن يبلغه يدل على قدر
هذه البينة و عظمة هذه الحجة و على ضرورة تدبرها ووعيها جيدا و محاجة
المشركين بها و على ارتباط معنى هذه الآية بالآية التي سبقتها لأن الله
سبحانه كررهما معا و سيأتي مزيد بيان.
*** "هو الذي ذرأكم": صيغة
قصر فنعمة الخلق في الأرض من الله وحده و كل نعمة إنما هي من الله وحده
إما بواسطة أو بدون و القصر هنا إما لانعدام الواسطة أو تعظيم تلك النعمة و
الله أعلم.
و نعمة الخلق و الاستخلاف
في الأرض ووهب الحواس من النعم الجليلة التي لا يدعيها أحد إلا على وجه
المكابرة كحال النمرود مع إبراهيم عليه السلام.
*** "ذرأكم" ذكر العلماء فيها وجوه:
1 - و ذرأ الخلق: خلقهم "و لقد ذرأنا لجهنم " أي خلقنا و
"ذرأكم في الأرض" خلقكم و بثكم عن طريق التناسل و ليس هذا الفعل مخصوصا
بخلق الأحياء لقوله تعالى "وما ذرأ لكم في الأرض مختلفا ألوانه إن في ذلك
لآية لقوم يذكرون (13)[2]"قال
المفسرون :هو ما خلق الله سبحانه من المعادن و الحيوانات و النباتات و
الجمادات على اختلاف ألوانها و أشكالها و ما فيها من المنافع و الخواص.
وقال عز وجل "خلق لكم من أنفسكم أزواجا ومن الأنعام أزواجا
يذرؤكم فيه" قالوا في معناها : يذرؤكم به أي يكثركم بجعله منكم وقال ثعلب
في قوله تعالى يذرؤكم فيه معناه يكثركم فيه أي في الخلق و قال بن عطية:
فلفظة ذرأ : تزيد على لفظة : خلق معنى آخر ليس في خلق ، وهو توالي الطبقات
على مر الزمان .انتهى و في الآية قولان آخران :يخلقكم و يعيشكم.
قال بن منظور:وكأن الذرء مختص بخلق الذرية وفي حديث عمر رضي الله عنه كتب إلى خالد وإني لأظنكم آل المغيرة ذرء النار[3]يعني خلقها الذين خلقوا لها.
قلت:و قد سلف و صف خلق الجمادات بالذرء.
2 – بثكم.(أبو حيان)
3 - الذرء: الإكثار من الموجود، فهذا أخص من قوله: "هو الذي
أنشأكم" أي هو الذي كثركم على الأرض كقوله: "هو أنشأكم من الأرض واستعمركم
فيها" أي أعمركم إياها.(بن عاشور)
قلت (أبو يوسف): فعاد المعنى إلى خمسة وجوه :الخلق و البث و
التكثير و الإعاشة و توالي الطبقات على مر الزمان و أقربهم عندي معنى الخلق
لأنه الذي تستقيم عليه كل الآيات التي ذكر فيها الذرء و مقصود الآية فهو
كقوله تعالى " هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها ".
ووجه مناسبة الآية لما قبلها هو ارتباط النعمتين فالآية
السابقة تتحدث عن نعمة الإنشاء و الإيجاد ثم إعطاء الحواس العظيمة و العقل
الذي تميز به الإنسان على سائر ما حوله من المخلوقات و هذه الآية تتحدث عن
مكان الإيجاد و هو الأرض بما فيها من الخير العظيم من نباتات و حيوانات و
زروع و جنان و معادن و بحار و سهول و وديان و جبال و أنهار و نعم يكد في
إحصائها الحليم إن أحصاها .
فالله سبحانه أوجدكم من عدم و وهبكم من الحواس ما تنتفعون به
بما حولكم غاية الانتفاع فتسمعون و تبصرون ثم تعقلون و تنتفعون و تبتكرون و
تخترعون .
و الله سبحانه خلقكم على هذه الكيفية الكريمة ثم لم يجعلكم
في مكان قاحل أو قليل الخير بل خلقكم في الأرض الغنية بالكنوز لتنتفعوا بما
فيها .
و لو أوجدكم الله من عدم فقط لكان له سبحانه عليكم حقا عظيما و
لو أوجدكم ثم وهبكم تلك الحواس و العقل لتعاظم ذلك الحق فلما أنشأكم في
مكان غني بالخيرات تنتفعون به كان حقه أعظم و نعمته أجل فهذا أكرم الكرم و
أعظم الجود أن يعطيك الكريم أداة الانتفاع الكاملة ثم يذرك في مكان مليء
بالخير و لو شاء لم يوجدك و لو شاء لم يعطيك أداة الانتفاع أو وهبك إياها
ناقصة و لو شاء لجعلك في مكان قليل الخير .
و الأرض على ما فيها من البركات و الخيرات التي لا تزال تتجدد
كل يوم و يُحدث الله ما يشاء من نعمته على خلقه – بما يسر الله من تلك
المخترعات الحديثة التي هي ناتج اجتماع العقل و الدراسة مع السنن الكونية و
بركات الأرض و كلها نعم الله وحده – إلا أنها رمز للنعم و ليست هي النعمة
الكاملة لأنها دار الابتلاء فجعل الله فيها من النكد و الهم و المنغصات ما
يجعل المرء لا يركن إليها ففيها رمز للنعمة الكاملة و رمز للشقاء و لما كان
الأمر كذلك ذكرنا الله سبحانه بالجمع بعد الموت و الذي يحدد فيه المصير
إما لدار النعمة الكاملة أو دار الشقاء الأبدي فقال سبحانه:
"و إليه تحشرون" :أي إليه وحده، تجمعون يوم القيامة أحياء بعد البعث للجزاء والحساب.
و في ذكر الحشر هنا فوائد:
1. التذكير بأن استخلاف الإنسان في الأرض ليس بلا نهاية بل هي فترة مؤقتة قبل أن يصير لمصيره الأبدي.
2. لفت الأنظار لعظيم النعمة في الآخرة فإن الذي أبتدئك بما
أسلفنا من عظيم النعمة بلا عمل قدمته هو الذي إليه تحشر فكيف ثوابه لمن
أطاعه؟ و كيف بوده لمن أحبه؟ و كيف بكرمه لمن جاد في سبيله؟
3. و كذلك الأمر بالنسبة للمسيء فقد رأى عظيم القدرة في الدنيا فكيف بدار عقوبة الجبار أعاذنا الله منها.
4. الحجة على المكذبين في إثبات المعاد بذكر النشأة الأولى في الأرض التي لم يكن للإنسان فيها يد.
5. ذكر الحشر دون غيره من مشاهد الآخرة يشعرك بحقيقة
الألوهية و حقيقة العبودية فهي تعطيك صورة لكل الخلق مجموعون متزاحموان
محشورون للرب العظيم القادر القوي القاهر.
و هذا المشهد يعمق التوحيد و إيثار الله سبحانه على خلقه فهو
سبحانه القادر على أن يأخذهم جميعا فيهلكهم و هم مأمورون و ملزمون بطاعته
فرادى و جماعات فمن عصى فله الويل و الثبور و عظائم الأمور إلا أن يعفو
الله هذه الحقيقة و إن كابر من كابر و كفر من كفر في المهلة الدنيوية.
*** الفوائد العملية في الآية:
1. الاهتمام بالحجة المذكورة بفهمها جيدا و استعمالها في مجال الدعوة و محاجة المكذبين.
2. تدبر النعم المذكورة في الآية السابقة و في هذه الآية و كيف أن كل من تلك النعم جسيم و اجتماعهم كرم عظيم.
3. في الآية حجة بالغة على توحيد الله و إيثاره و على لزوم
الإيمان به و طاعته فهو صاحب النعمة البالغة و إليه وحده المرجع و المعاد و
الناس فرادى و جماعات تحت قهره و سلطانه.
4. ألا يركن الإنسان لدنياه فهي ظل زائل يوشك أن ينتهي.
5. التدبر في ثواب و عقوبة الآخرة في ضوء ما رأيناه من فضل الله و قدرته في الدنيا.
6. الحجة على المكذبين بإثبات المعاد بما ثبت من أمر النشأة الأولى.
7. هوان الكافرين و لو بلغوا ما بلغوا.
8. سؤال الله العون على حسن العمل.
[1] المؤمنون 75-82
[2] النحل :13
[3] قال
الزيلعي: رواه الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام في كتابه غريب الحديث حدثني
إسماعيل بن عياش عن حميد بن ربيعة عن سليمان بن موسى أن عمر كتب إلى خالد
بن الوليد بلغني أنك دخلت حماما بالشام وأن من بها من الأعاجم أعدوا لك
دلوكا عجن بخمر وإني لأظنكم آل المغيرة ذرء النار .
"قل هو الذي ذرأكم في الأرض و إليه تحشرون" الآية :24
*** "قل":
إعادة فعل قل من قبيل التكرير المشعر بالاهتمام بالغرض
المسوقة فيه تلك الأقوال و فيها تشريف للنبي صلى الله عليه و سلم و إرشاد
للدعاة للاهتمام بهذه الحجة أو المقالة في مجال دعوتهم.
*** و قد تكررت تلك الحجة بسياق مقارب في سورة المؤمنون قال
تعالى :"و لو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر للجوا في طغيانهم يعمهون (75)
ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون (76) حتى إذا فتحنا
عليهم بابا ذا عذاب شديد إذا هم فيه مبلسون (77)وهو الذي أنشأ لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون (78) وهو الذي ذرأكم في الأرض وإليه تحشرون (79) وهو
الذي يحيي ويميت وله اختلاف الليل والنهار أفلا تعقلون (80) بل قالوا مثل
ما قال الأولون (81) قالوا أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمبعوثون
(82)"[1]
و تكرار الإتيان بهذه الحجة في القرآن و تنوعه بين أن يأتي من
قوله سبحانه و أن يأمر نبيه صلى الله عليه و سلم أن يبلغه يدل على قدر
هذه البينة و عظمة هذه الحجة و على ضرورة تدبرها ووعيها جيدا و محاجة
المشركين بها و على ارتباط معنى هذه الآية بالآية التي سبقتها لأن الله
سبحانه كررهما معا و سيأتي مزيد بيان.
*** "هو الذي ذرأكم": صيغة
قصر فنعمة الخلق في الأرض من الله وحده و كل نعمة إنما هي من الله وحده
إما بواسطة أو بدون و القصر هنا إما لانعدام الواسطة أو تعظيم تلك النعمة و
الله أعلم.
و نعمة الخلق و الاستخلاف
في الأرض ووهب الحواس من النعم الجليلة التي لا يدعيها أحد إلا على وجه
المكابرة كحال النمرود مع إبراهيم عليه السلام.
*** "ذرأكم" ذكر العلماء فيها وجوه:
1 - و ذرأ الخلق: خلقهم "و لقد ذرأنا لجهنم " أي خلقنا و
"ذرأكم في الأرض" خلقكم و بثكم عن طريق التناسل و ليس هذا الفعل مخصوصا
بخلق الأحياء لقوله تعالى "وما ذرأ لكم في الأرض مختلفا ألوانه إن في ذلك
لآية لقوم يذكرون (13)[2]"قال
المفسرون :هو ما خلق الله سبحانه من المعادن و الحيوانات و النباتات و
الجمادات على اختلاف ألوانها و أشكالها و ما فيها من المنافع و الخواص.
وقال عز وجل "خلق لكم من أنفسكم أزواجا ومن الأنعام أزواجا
يذرؤكم فيه" قالوا في معناها : يذرؤكم به أي يكثركم بجعله منكم وقال ثعلب
في قوله تعالى يذرؤكم فيه معناه يكثركم فيه أي في الخلق و قال بن عطية:
فلفظة ذرأ : تزيد على لفظة : خلق معنى آخر ليس في خلق ، وهو توالي الطبقات
على مر الزمان .انتهى و في الآية قولان آخران :يخلقكم و يعيشكم.
قال بن منظور:وكأن الذرء مختص بخلق الذرية وفي حديث عمر رضي الله عنه كتب إلى خالد وإني لأظنكم آل المغيرة ذرء النار[3]يعني خلقها الذين خلقوا لها.
قلت:و قد سلف و صف خلق الجمادات بالذرء.
2 – بثكم.(أبو حيان)
3 - الذرء: الإكثار من الموجود، فهذا أخص من قوله: "هو الذي
أنشأكم" أي هو الذي كثركم على الأرض كقوله: "هو أنشأكم من الأرض واستعمركم
فيها" أي أعمركم إياها.(بن عاشور)
قلت (أبو يوسف): فعاد المعنى إلى خمسة وجوه :الخلق و البث و
التكثير و الإعاشة و توالي الطبقات على مر الزمان و أقربهم عندي معنى الخلق
لأنه الذي تستقيم عليه كل الآيات التي ذكر فيها الذرء و مقصود الآية فهو
كقوله تعالى " هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها ".
ووجه مناسبة الآية لما قبلها هو ارتباط النعمتين فالآية
السابقة تتحدث عن نعمة الإنشاء و الإيجاد ثم إعطاء الحواس العظيمة و العقل
الذي تميز به الإنسان على سائر ما حوله من المخلوقات و هذه الآية تتحدث عن
مكان الإيجاد و هو الأرض بما فيها من الخير العظيم من نباتات و حيوانات و
زروع و جنان و معادن و بحار و سهول و وديان و جبال و أنهار و نعم يكد في
إحصائها الحليم إن أحصاها .
فالله سبحانه أوجدكم من عدم و وهبكم من الحواس ما تنتفعون به
بما حولكم غاية الانتفاع فتسمعون و تبصرون ثم تعقلون و تنتفعون و تبتكرون و
تخترعون .
و الله سبحانه خلقكم على هذه الكيفية الكريمة ثم لم يجعلكم
في مكان قاحل أو قليل الخير بل خلقكم في الأرض الغنية بالكنوز لتنتفعوا بما
فيها .
و لو أوجدكم الله من عدم فقط لكان له سبحانه عليكم حقا عظيما و
لو أوجدكم ثم وهبكم تلك الحواس و العقل لتعاظم ذلك الحق فلما أنشأكم في
مكان غني بالخيرات تنتفعون به كان حقه أعظم و نعمته أجل فهذا أكرم الكرم و
أعظم الجود أن يعطيك الكريم أداة الانتفاع الكاملة ثم يذرك في مكان مليء
بالخير و لو شاء لم يوجدك و لو شاء لم يعطيك أداة الانتفاع أو وهبك إياها
ناقصة و لو شاء لجعلك في مكان قليل الخير .
و الأرض على ما فيها من البركات و الخيرات التي لا تزال تتجدد
كل يوم و يُحدث الله ما يشاء من نعمته على خلقه – بما يسر الله من تلك
المخترعات الحديثة التي هي ناتج اجتماع العقل و الدراسة مع السنن الكونية و
بركات الأرض و كلها نعم الله وحده – إلا أنها رمز للنعم و ليست هي النعمة
الكاملة لأنها دار الابتلاء فجعل الله فيها من النكد و الهم و المنغصات ما
يجعل المرء لا يركن إليها ففيها رمز للنعمة الكاملة و رمز للشقاء و لما كان
الأمر كذلك ذكرنا الله سبحانه بالجمع بعد الموت و الذي يحدد فيه المصير
إما لدار النعمة الكاملة أو دار الشقاء الأبدي فقال سبحانه:
"و إليه تحشرون" :أي إليه وحده، تجمعون يوم القيامة أحياء بعد البعث للجزاء والحساب.
و في ذكر الحشر هنا فوائد:
1. التذكير بأن استخلاف الإنسان في الأرض ليس بلا نهاية بل هي فترة مؤقتة قبل أن يصير لمصيره الأبدي.
2. لفت الأنظار لعظيم النعمة في الآخرة فإن الذي أبتدئك بما
أسلفنا من عظيم النعمة بلا عمل قدمته هو الذي إليه تحشر فكيف ثوابه لمن
أطاعه؟ و كيف بوده لمن أحبه؟ و كيف بكرمه لمن جاد في سبيله؟
3. و كذلك الأمر بالنسبة للمسيء فقد رأى عظيم القدرة في الدنيا فكيف بدار عقوبة الجبار أعاذنا الله منها.
4. الحجة على المكذبين في إثبات المعاد بذكر النشأة الأولى في الأرض التي لم يكن للإنسان فيها يد.
5. ذكر الحشر دون غيره من مشاهد الآخرة يشعرك بحقيقة
الألوهية و حقيقة العبودية فهي تعطيك صورة لكل الخلق مجموعون متزاحموان
محشورون للرب العظيم القادر القوي القاهر.
و هذا المشهد يعمق التوحيد و إيثار الله سبحانه على خلقه فهو
سبحانه القادر على أن يأخذهم جميعا فيهلكهم و هم مأمورون و ملزمون بطاعته
فرادى و جماعات فمن عصى فله الويل و الثبور و عظائم الأمور إلا أن يعفو
الله هذه الحقيقة و إن كابر من كابر و كفر من كفر في المهلة الدنيوية.
*** الفوائد العملية في الآية:
1. الاهتمام بالحجة المذكورة بفهمها جيدا و استعمالها في مجال الدعوة و محاجة المكذبين.
2. تدبر النعم المذكورة في الآية السابقة و في هذه الآية و كيف أن كل من تلك النعم جسيم و اجتماعهم كرم عظيم.
3. في الآية حجة بالغة على توحيد الله و إيثاره و على لزوم
الإيمان به و طاعته فهو صاحب النعمة البالغة و إليه وحده المرجع و المعاد و
الناس فرادى و جماعات تحت قهره و سلطانه.
4. ألا يركن الإنسان لدنياه فهي ظل زائل يوشك أن ينتهي.
5. التدبر في ثواب و عقوبة الآخرة في ضوء ما رأيناه من فضل الله و قدرته في الدنيا.
6. الحجة على المكذبين بإثبات المعاد بما ثبت من أمر النشأة الأولى.
7. هوان الكافرين و لو بلغوا ما بلغوا.
8. سؤال الله العون على حسن العمل.
[1] المؤمنون 75-82
[2] النحل :13
[3] قال
الزيلعي: رواه الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام في كتابه غريب الحديث حدثني
إسماعيل بن عياش عن حميد بن ربيعة عن سليمان بن موسى أن عمر كتب إلى خالد
بن الوليد بلغني أنك دخلت حماما بالشام وأن من بها من الأعاجم أعدوا لك
دلوكا عجن بخمر وإني لأظنكم آل المغيرة ذرء النار .
مواضيع مماثلة
» أم من هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه بل لجوا في عتو و نفور" الآية:21
» "قل هو الذي أنشأكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون" الآية: 23
» من قال به صدق، ومن عمل به أُجِر، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه هُدِي إلى صراط مستقيم).
» قرأت وسمعت بأن الدود الذي يأكل جسد الميت لا يخرج من الأرض، بل من جسم الإنسان على قولين
» "الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور" الآية :2
» "قل هو الذي أنشأكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون" الآية: 23
» من قال به صدق، ومن عمل به أُجِر، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه هُدِي إلى صراط مستقيم).
» قرأت وسمعت بأن الدود الذي يأكل جسد الميت لا يخرج من الأرض، بل من جسم الإنسان على قولين
» "الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور" الآية :2
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة 21 يونيو 2024, 12:25 am من طرف Admin
» هل الانجيل محرف
الأربعاء 19 يونيو 2024, 2:34 pm من طرف Admin
» شبهات النصاري زواج ام المؤمنين عائشه،
الإثنين 17 يونيو 2024, 10:30 am من طرف Admin
» الفرق بين السنه والفقه
السبت 11 مايو 2024, 11:23 pm من طرف Admin
» كيف عرفت انه نبي..
الجمعة 26 أبريل 2024, 5:40 am من طرف Admin
» موضوع هل يدخل الجنه غير المسلمين،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:48 am من طرف Admin
» التدرج في التشريع
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:43 am من طرف Admin
» كتب عليكم الصيام،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:41 am من طرف Admin
» اقوال العلماء في تفسير ايه الحجاب،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:40 am من طرف Admin