بحـث
الشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المواضيع الأخيرة
نوفمبر 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | |||||
3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 |
10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 |
17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 |
24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
الحمدلله على نعمة الاسلام
ايها الاخوه الدعاه الى الله وكذا جميع الزائرين والزائرات مرحبا بكم واهلا نتمنى من الله ان نكون عند حسن ظنكم جميا والله الموفق الى الخير وهو حسبنا ونعم الوكيلالشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 33 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 33 زائر لا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 76 بتاريخ الأربعاء 30 أكتوبر 2024, 11:01 pm
صفة حج النبى المصطفى 2
صفحة 1 من اصل 1
صفة حج النبى المصطفى 2
وقوله: «
وهو على كل شيء قدير » كل شيء
فالله تعالى قادر عليه إن كان موجوداً فهو قادر على إعدامه وتغييره وإن كان معدوماً
فهو قادر على إيجاده. والقدرة: صفة يتمكن بها من الفعل بدون عجز وهي أخص من القوة
من وجه وأعم من وجه لأن القوة يوصف بها من له إرادة ومن لا إرادة له فيقال: حديد
قوي وإنسان قوي وأما القدرة فلا يوصف بها إلا من كان ذا إرادة فيقال الإنسان قدير
ولا يقال الحديد قدير لكن القوة أخص لأنها قدرة وزيادة ولهذا نقول: كل قوي ممن له
قدرة فهو قادر ولا عكس.
وقوله: «
لا إله إلا الله وحده » كرر ذلك
لأن باب التوحيد أمر مهم ينبغي تكراره ليثبت ذلك في قلبه وهو مع ذلك يؤجر
عليه.
وقوله: «
أنجز وعده » يعني:
بنصر المؤمنين فأنجز للرسول صلى الله عليه وسلم ما وعده قال الله تعالى
)
لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ
آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ (
(34)
وقوله: «
ونصر عبده » هذا اسم
جنس يشمل كل عبد من عباد الله قائم بأمر الله فإنه منصور قال الله تعالى
)
إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ
الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ ((35).
وقوله: «
وهزم الأحزاب وحده » الأحزاب
جمع حزب وهم الطوائف الذين تحزبوا على الباطل وتجمعوا عليه )
يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ
مُتِمُّ نُورِهِ ((36).
فهزمهم
الله وحده ومثال على ذلك قصة الأحزاب الذين تجمعوا لحرب النبي صلى الله عليه وسلم
وحاصروه في المدينة وهم نحو عشرة آلاف نفر ومع ذلك هزمهم الله وحده أرسل عليهم
ريحاً وجنوداً فقلقلتهم حتى انهزموا. وهل المراد بهزيمة الأحزاب في قوله « وهزم
الأحزاب وحده » ما جرى في عام الخندق أو ما هو أعم !؟ نقول ما هو أعم.
وقوله: «
ثم دعا بين ذلك قال مثل هذا ثلاث مرات
» يعني قال
هذا الذكر ثم يدعو ثم يقوله مرة أخرى ثم يدعو ثم يقوله مرة ثالثة ثم ينزل لأنه قال:
« ثم دعا بين ذلك » والبينية تقتضي أن يكون محاطاً بالذكر من الجانبين فيكون الدعاء
مرتين والذكر ثلاث مرات.
وقوله: «
ثم نزل إلى المروة » أي مشى
إلى المروة متجهاً إليها.
والمروة هي
الجبل المعروف بقعيقعان(37) وهما جبلان
معروفان في مكة أحدهما أبو قبيس والثاني قعيقعان.
وقوله: «
حتى إذا انصبت قدماه في بطن الوادي سعى
» بطن الوادي هو مجرى السيل ومكانه ما بين العلمين الأخضرين الآن وكان في
عهد النبي صلى الله عليه وسلم مسيل المياه النازلة من الجبال.
وقوله: «
سعى » أي: ركض
ركضاً شديداً حتى إن إزاره لتدور به من شدة السعي.
وقوله: «
حتى إذا صعدتا » يعني
ارتفع عن بطن الوادي « مشى حتى أتى المروة
» وإنما فعل ذلك اقتداءً بأم إسماعيل رضي الله عنها فإن أم إسماعيل لما وضعها
إبراهيم عليه الصلاة والسلام هي وولدها في هذا المكان وجعل عندهما ماء وتمرا فجعلت
الأم تأكل من التمر وتشرب من الماء وترضع الطفل فنفد التمر والماء وجاعت الأم وعطشت
ونقص لبنها فجاع الطفل فجعل الطفل يصيح ويتلوى من الجوع فأمه من أجل الأمومة رحمته
وخرجت إلى أدنى جبل إليها تستمع لعلها تسمع أحداً أو ترى أحدا فصعدت الصفا وجعلت
تستمع وتنظر فلم تجد أحداً فرأت أقرب جبل إليها بعد الصفا المروة فاتجهت إليه تمشي
وهي تنظر إلى الولد فلما نزلت بطن الوادي احتجب الولد عنها فجعلت تركض ركضا شديدا
من أجل أن تلاحظ الولد فلما صعدت من المسيل مشت حتى أتت المروة ففعلت ذلك سبع مرات
وهي في أشد ما تكون من الشدة لا بالنسبة إليها جائعة عطشى فقط ولا بالنسبة إلى
الولد فقط وعند الشدة يأتي الفرج فبعث الله عز وجل جبريل فضرب بعقبه أو جناحه الأرض
في مكان زمزم فنبع الماء بشدة فجعلت أم إسماعيل تحجر الماء تخشى أن يضيع من شدة
شفقتها قال النبي صلى الله عليه وسلم يرحم الله أم إسماعيل لو تركت زمزم لكانت
عيناً معيناً. ولكن لا شك أن هذا من حكمة الله عز وجل ووجه ذلك أنه لو كانت عينا
معينا في هذا المكان وقرب الكعبة لصار
فيها مشقة على الناس ولكن من نعمة الله عز وجل أن صار الأمر كما أراد الله تبارك
وتعالى.
لكنها
حجرتها ثم شربت من هذا الماء فكان هذا الماء طعاماً وشراباً و جعلت تسقي الولد
والحديث ذكره البخاري مطولا (38)
فهذا أصل السعي كما قال النبي صلى الله عليه وسلم فلذلك سعى
الناس.
والمهم أن
النبي صلى الله عليه وسلم لما انصبت قدماه في بطن الوادي سعى من أجل أن الناس إنما
سعوا من أجل سعي أم إسماعيل.
وقوله: «
ففعل على المروة كما فعل على الصفا
» لم يذكر جابر رضي الله عنه ماذا يقوله الرسول صلى الله عليه وسلم في
بقية سعيه ولكن قد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن السعي لذكر الله فقال: « إنما
جعل الطواف بالبيت وبالصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله »(39). فأي ذكر تذكر الله به فهو خير سواء
بالقرآن أو بالتسبيح أو بالتهليل أو بالتكبير أو بالتحميد أو بالدعاء فأي شيء تذكر الله به فإنك قد حصلت
على المطلوب.
وهل ينافي
ذلك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؟ الجواب: لا، لأن الأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر من الذكر لأنه تذكير للخلق بما شرع الله لهم.
وقوله: «
ففعل على المروة كما فعل على الصفا
» يعني من الصعود والدعاء والمقام، فعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك سبع
مرات فلما كان آخر طواف على المروة نادى وهو على المروة وأمر الناس من لم يسق الهدي
منهم أن يجعلوا نسكهم عمرة فجعلوا يراجعون النبي صلى الله عليه وسلم حتى قالوا:
الحل كله يا رسول الله قال: الحل كله قالوا: نخرج إلى منى وذكر أحدنا يقطر منياً
يعني من جماع أهله قال: افعلوا ما آمركم به فلولا أن معي الهدي لأحللت معكم فأحلوا
رضي الله عنهم. أما النبي صلى الله عليه وسلم ومن ساق الهدي فلم يحلوا ثم نزلوا
بالأبطح(40) في ظاهر مكة فلما
كان يوم التروية خرجوا إلى منى فمن كان منهم باقياً على إحرامه فهو مستمر في إحرامه
ومن كان قد أحل أحرم بالحج من جديد.
وقوله: «
لو أني استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي وجعلتها
عمرة فمن كان منكم ليس معه هدي فليحل وليجعلها عمرة » هل يقال أن
النبي صلى الله عليه وسلم تمنى خلاف الواقع أو يقال إن هذا خبر مجرد الجواب:
الثاني. فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يتمنَ لأنه يعلم أن هذا هو الأفضل أعني
قرانه، لكنه قال للصحابة رضي الله عنهم هكذا لتطيب نفوسهم ويحلوا برضى.
وقوله: «
فقام سراقة بن مالك بن جعشم فقال: يا رسول الله ألعامنا
هذا أم لأبد ؟ » قوله «
فقام سراقة » كان هذا عند المروة والسياق الذي في صحيح البخاري(41) رحمه الله كان عند العقبة فما الجمع
بينهما ؟ نقول الجمع بينهما: ربما أن سراقة رضي الله عنه أعاد السؤال مرة ثانية إما
لأنه نسي ما قاله عند المروة وإما لزيادة التأكد وهذا يقع.
وقوله: «
وقدم علي من اليمن ببدن النبي صلى الله عليه وسلم فوجد
فاطمة رضي الله عنها ممن حل ولبست ثياباً صبيغاً، واكتحلت فأنكر ذلك عليها، فقالت:
إن أبي أمرني بهذا قال: فكان علي يقول بالعراق: فذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه
وسلم محرشاً على فاطمة للذي صنعت مستفتياً لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ذكرت
عنه، فأخبرته أني أنكرت ذلك عليها، فقال: « صَدَقتْ صَدَقتْ. ماذا قلت حين فَرضْتَ
الحج » قال: اللهم إني أهل بما أهل به رسولك ».
قوله: «
قدم علي من اليمن » أي وصل
إلى مكة والنبي صلى الله عليه وسلم في الأبطح. والسبب في ذهابه إلى اليمن لأن النبي
صلى الله عليه وسلم أرسله إلى اليمن للدعوة إلى الله وأخذ الزكوات منهم وغير
ذلك.
وقوله: «
ببدن النبي صلى الله عليه وسلم » أي ببعضها
لأن بعضها جاء بها علي رضي الله عنه وبعضها جاء بها الرسول صلى الله عليه وسلم كما
يأتي في آخر الكلام.
وقوله: «
فوجد فاطمة رضي الله عنها ممن حل ولبست ثياباً
صبيغاً » أي ثوباً
جميلاً وكأنها متهيئة لزوجها رضي الله عنهما.
وقوله: «
فأنكر ذلك عليها » لأنهم لم
يكونوا يعرفون العمرة في أشهر الحج.
وقوله: «
فقالت: إن أبي أمرني بهذا » أي أخبرته
أن أباها صلى الله عليه وسلم أمرها بهذا.
وقوله: «
فذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم محرشاً على فاطمة
للذي صنعت مستفتياً لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ذكرت عنه
» التحريش في الأصل التهييج والإغراء كما يحرش بين البهائم وكما يحرش بين
الناس ولهذا يقال حرش فلان على فلان أي هيج غيره عليه وأغراه به. فذهابه للنبي صلى
الله عليه وسلم لغرضين الغرض الأول التحريش على فاطمة رضي الله عنها لماذا تحل،
والثاني الاستفتاء هل عملها صحيح أو غير صحيح ؟
وقوله: «
فأخبرته أني أنكرت ذلك عليها فقال: صدقت صدقت »
يعني أمرتها بهذا وكرر ذلك توكيدا لأن المقام يقتضي ذلك. فقوله « صدقت »
أي فيما قالت أني أمرتها به. وإنما أمرها النبي صلى الله عليه وسلم كما أمر غيرها
لأنها لم تسق الهدي فحلت.
وقوله: «
ماذا قلت حين فرضت الحج » أي سأل
النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب رضي الله عنه ماذا قال حين فرض الحج قال
قلت اللهم إني أهل بما أهل به رسولك قال: إن معي الهدي فلا تحل.
ففي هذا دليل على مسألة خاصة
بعلي رضي الله عنه، وعلى مسألة عامة للمسلمين.
أما
المسألة الخاصة بعلي فهو ذكاؤه رضي الله عنه وفطنته وحرصه على التأسي برسول الله
صلى الله عليه وسلم حيث أحرم بما أحرم به الرسول صلى الله عليه وسلم.
أما
المسألة العامة فهي جواز مثل هذا أي أنه يجوز للإنسان أن يقول لبيك أو أحرمت بما
أحرم به فلان ممن يثق بعلمه ودينه مع أنه سيكون مجهولاً له حتى يصل إلى
فلان.
فإذا قال
أحرمت بما أحرم به فلان وكان فلان قارناً فهل لهذا إذا لم يكن معه هدي أن يحل بعمرة
؟
الجواب:
نعم لأنه لو أحرم به من أول فإننا نأمره أن يحل بعمرة فكيف إذا كان مقتدياً بغيره،
ولكن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أشركه النبي صلى الله عليه وسلم في هديه وجعل
منه نصيبا. ولهذا قال معي الهدي فلا تحل.
وظاهر هذه
العبارة أن من أحرم بمثل ما أحرم به فلان وكان فلان قد ساق الهدي ولم يحل فإن
الثاني لا يحل لكن هذا مقيد بما إذا كان الثاني قد ساق الهدي أو مشاركاً له فيه كما
سيأتي في سياق الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أشرك علياً رضي الله عنه في
هديه.
وقوله: «
قال فكان جماعة الهدي الذي قدم به علي من اليمن والذي أتى
به النبي صلى الله عليه وسلم مائة ».
قوله: «
جماعة » أي مجموع الهدي و( مائة ) بالألف ولكن هذه الألف لا ينطق بها والناطق بها
يعتبر لاحناً بل يقال مئة كما يقال فئة بدون نطق الألف.
وقوله: «
فلما كان يوم التروية » « يوم »
بالرفع مع أنه ظرف زمان لأنه هنا سلبت منه الظرفية فـ « يوم » هنا فاعل « كان » وكان هنا تامة وليست ناقصة فلا تحتاج
إلى اسم وخبر والمعنى: لما جاء يوم التروية توجهوا إلى منى.
ويوم
التروية هو اليوم الثامن من ذي الحجة وسمي بذلك لأن الناس يتروون فيه الماء لما
بعده يعني يستسقون فيه الماء ليوم عرفة وأيام منى. ومن هذا اليوم إلى آخر أيام
التشريق لكل يوم من هذه الأيام الخمسة اسم خاص فالثامن يوم التروية والتاسع يوم
عرفة والعاشر يوم النحر والحادي عشر يوم القر والثاني عشر يوم النفر الأول والثالث
عشر يوم النفر الثاني.
وقوله: «
توجهوا إلى منى » الضمير
يعود على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه توجهوا من الأبطح لأن النبي صلى الله
عليه وسلم نزل هناك في الأبطح ولم يذكر جابر رضي الله عنه أن أحداً من الصحابة رضي
الله عنهم جاء إلى البيت وأحرم منه ولو أن أحداً فعل ذلك لبينه.
وقوله: «
إلى منى » منى: اسم
مكان معروف وسميت بهذا الاسم لكثرة ما يمنى فيها من الدماء. أي: يراق من الدماء وهي
من حيث الإعراب مصروفة فنقول: منىً بالتنوين. وحدُّها شرقاً وغرباً من وادي محسر
إلى جمرة العقبة. ومن الشمال والجنوب قال العلماء رحمهم الله: كل سفوح الجبال
الكبيرة ووجوهها التي تتجه إلى منى من منى. وبناء على هذا تكون منى واسعة جداً وتسع
الحجاج لو أنها نظمت تنظيماً تاماً مبنياً على العدل. لكن بعض الناس يتخذ مكاناً
واسعاً يسع أكثر من حاجته.
مسألة: توجد
مشكلة في الوقت الحاضر. يقول بعض الناس أنا لا أجد أرضاً بمنى إلا بأجرة فهل يجوز
لي أن أستأجر أرضا في منى ؟
فالجواب:
نعم يجوز والإثم على المؤجر الذي أخذ المال بغير حق أما المستأجر فلا إثم عليه.
ولهذا قال فقهاء الحنابلة رحمهم الله: لا يجوز
تأجير بيوت مكة ولكن إذا لم يجد بيتا إلا بأجرة دفع الأجرة والإثم على
المؤجر وبيوت منى وأرضها من باب أولى لأن منى مشعر محدود محصور، فأين يذهب الناس
إذا استولى عليها من يقول: أنا لا أُنزل فيها الناس إلا بأجرة ؟!
أما مكة
فيمكن أن ينزل الإنسان بعيدا ولكن منى وعرفة ومزدلفة مشاعر كالمساجد، لا يجوز لأحد
إطلاقاً أن يبني فيها بناءً يؤجره ولا أن يختط أرضاً ويؤجرها فإن فعل فالناس
معذورون يبذلون الأجرة والإثم على الذي أخذها.
وقوله: «
وركب النبي صلى الله عليه وسلم فصلى بها الظهر والعصر
والمغرب والعشاء والفجر » صلى بمنى
خمس صلوات كل صلاة في وقتها بدون جمع لأنه لو كان يجمع لبينه جابر رضي الله عنه فإن
الجمع خلاف الأصل ولما لم ينبه عليه علم أن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم هذه
الصلوات الخمس صلاة مفرودة كل صلاة في وقتها ، الظهر والعصر والعشاء قصراً لحديث
أنس الثابت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج عام حجة الوداع ولم يزل
يصلي ركعتين حتى رجع إلى المدينة(42)
وأنس رضي الله عنه له خبرة بأحوال النبي صلى الله عليه وسلم لأنه
خادمه.
وقوله: «
أمر بقبة من شعر تضرب له بنمرة فسار رسول الله صلى الله
عليه وسلم ولا تشك قريش إلا أنه واقف عند المشعر الحرام كما كانت قريش تصنع في
الجاهلية » قريش
لحميتها الجاهلية وتعصبها لا تقف يوم عرفة إلا في مزدلفة تقول نحن أهل الحرم فلا
نخرج إلى الحل وأما بقية الناس فيقفون في عرفة لكن النبي صلى الله عليه وسلم جدد
الحج على مشاعر إبراهيم عليه الصلاة والسلام.
وقوله: «
فأجاز حتى أتى عرفة » أجاز
بمعنى تعدى يعني جاوز مزدلفة إلى عرفة.
وقوله:
« فوجد القبة قد ضربت له بنمرة فنزل بها »
أجاز النبي صلى الله عليه وسلم حتى أتى عرفة وكان قد أمر أن تضرب له قبة بنمرة (43) وهي قرية قرب عرفة فضربت له القبة
بنمرة فنزل بها حتى زالت الشمس وهذا النزول فيه استراحة بعد التعب من المشي من منى
إلى عرفة لأن هذه هي أطول مسافة في الحج - من منى إلى عرفة - فبقي النبي صلى الله
عليه وسلم هناك واستراح.
وظاهر
السياق أن نمرة من عرفة لأنه قال: « حتى أتى عرفة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة »
وهذا يدل على أن نمرة من عرفة وأنها جزء منها
فتكون نمرة اسم لمكان معين من عرفة.
وهذا أحد
القولين لأهل اللغة وأهل الفقه فإن أهل اللغة وأهل الفقه اختلفوا هل نمرة من عرفة
أم لا ؟
فجزم
النووي رحمه الله(44) وجماعة بأنها
ليست من عرفة وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله وهذا هو الصواب لأن
النبي صلى الله عليه وسلم أذن ببناء الخيمة فيها ولو كانت مشعراً لم يأذن ببناء
الخيمة فيها ولهذا ما بني له خيمة في عرفة ولا بني له خيمة في منى حتى إنه يروى أنه
قيل له ألا نبني لك خيمة في منى فقال: (لا منى مناخ من سبق) (45)هكذا روي عنه وكونه يأذن أن يبنى له
خيمة في نمرة يدل على أنها ليست من المشاعر وإلا لما أذن فيها.
وأما قوله « حتى
أتى عرفة » فمعناه بيان لمنتهى تجاوزه وأنه لم يقف بمزدلفة كما كانت
قريش تفعل بل تجاوزها حتى بلغ عرفة التي هي موقف الناس كما قال الله تعالى:
)
ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ
((46) والناس
يفيضون من عرفة ولهذا لم يقل: « فوجد القبة قد ضربت بها في نمرة ».
وذهب آخرون إلى أنها من عرفة وهو قول جماعة من
أهل الفقه ومن أهل اللغة أيضا كما في القاموس (47) وسيأتي إن شاء الله ما يترتب على هذا
الخلاف من الحكم في الفوائد.
فإن قال
قائل: أين تقع نمرة ؟ قلنا: تقع نمرة على
حدود الحرم عند الجبل الذي يكون على يمينك وأنت سائر إلى عرفة من الطريق الذي يخرج
على المسجد ويقولون إن نمرة عند أعلام الحرم وهذا ما جزم به الأزرقي رحمه الله صاحب
تاريخ مكة(48).
وقوله: « فوجد القبة » القبة خيمة من صوف أو غيره
ضربت للرسول صلى الله عليه وسلم فنزل بها واستراح.
وقوله: «
حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له
» زاغت: بمعنى مالت إلى الغرب والقصواء اسم ناقته التي حج عليها صلوات
الله وسلامه عليه.
وقوله: «
فرحلت له » أي جعل
رحلها عليها وفيه دليل على أنه قد نزل الرحل عنها لأنه استراح من أول النهار إلى
زوال الشمس وهذه مدة طويلة.
وقوله: «
فأتى بطن الوادي » يعني وادي
عرنة نزل فيه عليه الصلاة والسلام لأنه أسهل من الأرض الجرداء إذ إن مجرى الوادي
سهل لين. ففي هذا دليل على طلب السهل في النزول ولكن لا يبيت الإنسان في مجاري
السيول لأن السيول قد تأتي بدون شعور فيكون في ذلك ضرر ولهذا نهي عن الإقامة فيها،
أما إقامة النبي صلى الله عليه وسلم هنا فإنها إقامة قصيرة يسيرة.
وقوله: «
فخطب الناس » خطبهم
خطبة عظيمة بليغة قرر فيها قواعد الإسلام(49) فقال عليه الصلاة والسلام: « إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في
بلدكم هذا » أكد التحريم عليه الصلاة والسلام تحريم الدماء والأموال
بهذا التأكيد كحرمة يومكم هذا وهو يوم عرفة فإنه يوم حرام لأنه من جملة أيام الحج
والناس فيه محرمون.
وقوله: «
في شهركم هذا » يعني شهر
ذي الحجة لأنه من الأشهر الحرم بل هو أوسط الأشهر الحرم الثلاثة
المقترنة.
وقوله: «
في بلدكم هذا » يعني مكة
فإنه لا شك أنه أعظم البلاد حرمة هي مكة.
وقوله: «
ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع
» يعني موضوع تحت القدم وهذا كناية عن إبطاله وإهانته لأن الناس جرت
العادة أن الشيء المكرم يقال على الرأس والمهان يقال تحت القدم.
والمعنى
أنها باطلة مهينة لا عبرة بها. وهذا عام في جميع أمور الجاهلية كلطم الخدود وشق
الجيوب والدعاء بدعوى الجاهلية وغير ذلك. وعلى هذا فيكون كل أمور الجاهلية قد محيت
بهذا الحديث ولا اعتماد عليها ولا رجوع إليها.
وقوله: «
ودماء الجاهلية موضوعة » أي الدماء
التي حصلت بين أهل الجاهلية كلها موضوعة لا حكم لها ولا قصاص ولا دية ولا
شيء.
وقوله: «
وإن أول دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث
» يعني ابن عمه عليه الصلاة والسلام
وضعه الرسول صلى الله عليه وسلم لأنه أولى الناس به، أولى بالمؤمنين من
أنفسهم فوضعه.
وقوله: « فقال كان
مسترضعا في بني سعد فقتلته هذيل » فهذا قريب
النبي صلى الله عليه وسلم ابن عمه أهدر النبي صلى الله عليه وسلم دمه وجعله موضوعا
يعني فلا يطالب به، كل هذا لئلا يعود الناس إلى أمور الجاهلية فيطالبون ما كان
بينهم من أمور الجاهلية من دماء أو أموال.
وقوله:
« وربا الجاهلية موضوع، وإن أول ربا أضع ربانا ربا عباس
بن عبد المطلب فإنه موضوع كله ».
كل ربا الجاهلية موضوع أبطله النبي صلى الله
عليه وسلم وأول ما أبطل من الربا ربا أقاربه ربا عباس بن عبد المطلب رضي الله عنه
وكان غنياً يرابي فوضع النبي صلى الله عليه وسلم رباه كله، وهذا تحقيق لقوله تعالى:
)
وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ
وَلا تُظْلَمُونَ ((50).
ثم انتقل
صلى الله عليه وسلم إلى قضية المرأة التي كانت في الجاهلية مظلومة، وكان الرجال
يستعبدون النساء حتى تصل بهم الحال إلى أن يمنعوهن من الميراث ويقولون لا إرث
للمرأة الإرث للرجال لأنهم هم الذين يذودون عن البلاد ويحمون الأعراض.
أما المرأة
فليس لها ميراث، ولكن الإسلام حكم بالعدل في النساء وأعطاهن حقهن.
من ذلك
إعلان النبي صلى الله عليه وسلم هذه الخطبة في قوله « فاتقوا الله في النساء » أي
لا تظلموهن ولا تقصروا في حقوقهن ولا تعتدوا عليهن. وقوله: « فإنكم أخذتموهن بأمان
الله » أي أمانة عندكم لا يجوز الغدر فيها ولا الخيانة. وقوله: « واستحللتم فروجهن
بكلمة الله » كقوله تعالى )
وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى
أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ ((51) فهذه من كلمات الله التي استحل بها الرجلُ فرجَ
امرأته.
وقوله: «
ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه
» هذا من حق الزوج على زوجته أن لا توطئ فراشه أحداً يكرهه. والمراد
بالفراش ما هو أعم من فراش النوم فيدخل في ذلك فراش البيت ويدخل في ذلك أيضاً ما
كان وسيلة إليه كإدخال أحد بيت زوجها وهو يكرهه سواء كان من أقاربها أو من الأباعد
فلا يحل للمرأة أن تدخل أحداً بيت زوجها وهو لا يرضى بذلك.
وقوله: «
فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضرباً غير مبرح
» يعني إذا
أدخلن في بيوتكم من تكرهونه فاضربوهن. وهنا قال صلى الله عليه وسلم اضربـوهن وفي
القـرآن الكريم يـقول الله تـبارك وتـعـالى: )
وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ
وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ((52) والفرق بينهما أن الآية قال الله فيها
)
وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ (
وأما هذا الحديث فقد وقعت المفسدة محققة منها فتضرب على ما مضى
إصـلاحا للمستقبل، الإصـلاح هو قـوله )
فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ
(. لكن هذا تأديب وتعزير على ما وقع من المرأة حيث أوطأت فراش زوجها
من يكرهه لكنه ضرب غير مبرح أي غير شديد ولا جارح لجسدها، بل هو ضرب خفيف يحصل به
التأديب وبيان سلطة الرجل عليها.
وقوله: «
ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف »
الرزق العطاء وهو مـا يقوم به البـدن من طـعام وشـراب. وقـوله: «
وكسوتهن » أي ما يستر به ظاهر الجسد فهو على الزوج لكن بالمعروف.
وقوله: « بالمعروف » أي بما يتعارفه الناس مما يكون على الزوج
الغني حسب غناه والفقير حسب فقره.
واختلف
العلماء رحمهم الله هل المعتبر حال الزوج أو حال الزوجة أو حالهما.
فالمشهور
من المذهب أن المعتبر حالهما. والقول الثاني أن المعتبر حال الزوج. والقول الثالث
أن المعتبر حال الزوجة. والصواب أن المعتبر حال الزوج لقول الله تعالى )
لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ
رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ ((53) فالغنية مع الغني نفقتها نفقة غني والفقيرة مع
الفقير نفقتها نفقة فقير والمتوسطة مع المتوسط نفقتها نفقة المتوسط وهذا واضح تتفق
فيه الأقوال.
والغنية مع
الفقير نفقة فقير على القول بأن المعتبر حال الزوج، ونفقة غني على القول بأن
المعتبر حال الزوجة ونفقة متوسط على القول بأن المعتبر حالهما لكن الصحيح أن
المعتبر حال الزوج.
ويفهم من
هذا الحديث أنه لا نفقة للزوج على الزوجة ولو كانت غنية وهو فقير لأن النبي صلى
الله عليه وسلم أعلن في هذا المجمع أن الإنفاق على الزوج خلافاً لابن حزم رحمه الله
حيث قال إذا كان الزوج فقيراً والزوجة غنية فإنه يلزمها أن تنفق عليه لعموم قوله
تعالى: )
وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ ((54) والزوجة
وارث للزوج فيلزمها أن تنفق عليه. فيقال نعم فيما إذا كان الإنفاق من أجل المواساة
أما إذا كان معاوضة فلا يمكن أن نلزم الزوجة بالإنفاق على زوجها لأن المستمتع
الزوج. ولهذا سمي المهر أجراً كأنه دفعه المستأجر إلى الأجير فالإنفاق عليها معاوضة
وليس من باب المواساة. أما لو كان من باب المواساة كالإنفاق بين الأقارب فنعم يجب
على الغني أن ينفق على الفقير.
وقوله: «
وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله
» هذا فيه
بيان بعد الإجمال والبيان بعد الإجمال من أساس البلاغة لأن الشيء إذا جاء مجملاً
تشوفت النفوس إلى بيانه فقد قال: ما إن اعتصمتم به لن تضلوا بعده فتتشوف النفوس ما
هذا ؟ فقال صلى الله عليه وسلم «كتاب الله » يعني هو كتاب الله وهو القرآن الكريم
وأضيف إلى الله لآن الله هو الذي أنزله وهو الذي تكلم به وسمي كتاباً لأنه مكتوب في
اللوح المحفوظ وفي الصحف التي بأيدي الملائكة وفي الصحف التي بأيدينا.
وقوله : «
وأنتم تسألون عني فما أنتم قائلون
» يسألون عن النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة هل بلغكم رسولي ؟.
وإنما يسألُ الناس عن ذلك إقامة للحجة عليهم وإلا فالرب عز وجل يعلم أن رسوله بلغ
البلاغ المبين صلوات الله وسلامه عليه فهو شبيه بقوله تعالى: )
وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ
((55) هي لا
تسأل لأجل أن تعذب ولكنه توبيخ لمن وأدها.
وقوله: «
ثم أذن ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر
» أذن يعني
أمر بالأذان وكذلك في الإقامة لأن مؤذنه إذ ذاك بلال رضي اله عنه أمره أن يؤذن بعد
الخطبة ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر وكان ذلك يوم جمعة ولكن لم يصل
الجمعة لأنه ليس من هدي الرسول صلى الله عليه وسلم أن يقيم الجمعة في السفر ومن
أقام الجمعة في السفر فهو مبتدع وصلاته باطلة وهذا يدل على قصور نظر بعض الناس
الذين قالوا إن الجمعة واجبة في الحضر والسفر.
فإن قال
قائل: ما الدليل على أنها لا تجب في السفر مع أن ما وجب في السفر وجب في الحضر وما
وجب في الحضر وجب في السفر ؟
فالجواب:
هذا النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في السفر وكم مر عليه من جمعة ؟
كثير ومع
ذلك لم ينقل عنه حديث صحيح ولا ضعيف أنه كان يقيم الجمعة في السفر فمن أقام الجمعة
في السفر فهو مبتدع بلا شك مخالف لهدي النبي صلى الله عليه وسلم وصلاته باطلة. فهذا
النبي صلى الله عليه وسلم في أعظم جمع اجتمع به في أمته في حجة الوداع أتت عليه
الجمعة وهو في أفضل يوم وهو يوم عرفة ومع ذلك ما أقام الجمعة ولو كانت مشروعة فهل
يدعها الرسول صلى الله عليه وسلم ؟ !
أبداً لا
يمكن فلما لم يفعلها مع وجود السبب المقتضي لها علم أنها ليست مشروعة وأنها ليست من دين الله ولهذا بدأ بالخطبة قبل
الأذان وصلاة الجمعة يبدأ بالأذان قبل الخطبة وأيضا يقول: « فصلى الظهر » وهذا صريح
ثم « أقام وصلى العصر » وكان ذلك يوم
الجمعة وهذا بخلاف المسافر المقيم في بلد تقام فيه الجمعة فإن ظاهر النصوص وجوبها
عليه لعموم الأدلة ولأنه قد يثبت تبعاً ما لا يثبت استقلالاً لكن إن تضرر بالتأخر
للجمعة أو خاف فوت رفقته فهو معذور في تركها.
وقوله: «
ولم يصل بينهما شيئا » لأنه ليس
من المشروع أن يتطوع الإنسان براتبة الظهر في السفر ولهذا ما صلى النبي صلى الله
عليه وسلم راتبة الظهر التي بعدها كما لم يصل التي قبلها.
وقوله: «
ثم ركب حتى أتى الموقف فجعل بطن ناقته إلى الصخرات وجعل
حبل المشاة بين يديه واستقبل القبلة فلم يزل واقفا حتى غربت الشمس
» قوله: «
ركب » أي من مكانه الذي صلى فيه ركب ناقته « حتى أتى الموقف » (أل) هنا للعهد الذهني أي الموقف الذي اختار أن يقف فيه وإلا
فإن عرفة كلها موقف كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: « وقفت هاهنا
وعرفة كلها موقف »(56) لكن أتى الموقف الذي اختار أن يقف فيه وهو شرقي
عرفة عند الصخرات. والحكمة من ذهاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك الموقف لأنه
والله أعلم كان عليه الصلاة والسلام من عادته أن يكون في أخريات القوم يتفقد من
احتاج إلى معونة أو مساعدة أو ما شابه ذلك وليس هذا من أجل اختصاص هذا المكان
المعين بخصيصة بل كل عرفة موقف ولهذا قال: وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف.
وقوله: «
فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات
» يعني يلي
الصخرات. وهي معروفة إلى الآن لا تزال موجودة.
وقوله: «
وجعل حبل المشاة بين يديه » حبل
المشاة قال العلماء رحمهم الله: إنه طريقهم الذي يمشون معه وسمي حبلا لأنه كان رملا
والأقدام تؤثر فيه فالطريق الذي أثرت فيه الأقدام كأنه حبل.
وقوله: «
واستقبل القبلة » يدعو الله
عز وجل رافعاً يديه مبتهلاً إلى الله عز وجل بالذكر والدعاء والإنابة والخشوع حتى
إنه سقط زمام راحلته فأمسكه بإحدى يديه وهو رافع الأخرى. وهذا يدل على تأكد رفع
اليدين هنا.
وقوله: «
فلم يزل واقفا » المراد
بالوقوف هنا المكث ، لا الوقوف على
القدمين ، فالقاعد يعتبر واقفاً والوقوف قد يراد به السكون لا القيام ومعلوم أن
الراكب على البعير جالس عليها ليس واقفاً عليها.
وهل الأفضل
أن يقف راكباً. أو أن يقف غير راكب ؟سيأتي ذلك في الفوائد إن شاء الله.
وقوله: «
فلم يزل واقفا حتى غربت الشمس » لم يزل
واقفاً منذ أن وصل إلى موقفه بعد الصلاة وبعد المسير من عرنة إلى الموقف حتى غربت
الشمس ولم يمل ولم يتعب من طول القيام ولكن الله عز وجل أعانه على طاعته عوناً لم
يحصل لأحد مثله عليه الصلاة والسلام.
ثم إنه في
هذا الموقف سئل عن رجل وقصته ناقته وهو واقف بعرفة ومات فقال صلى الله عليه وسلم «
اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه ولا تخمروا رأسه ولا تحنطوه فإنه يبعث يوم
القيامة ملبياً »(57).
فقوله: «
وكفنوه في ثوبيه » يعني ثياب الإحرام فلا يكفن بغيرها، ولو تيسر أن يكفن بغيرها بل
الأفضل والسنة أن يكفن بها لأنه سيخرج من قبره يوم القيامة يقول: لبيك اللهم
لبيك.
وقوله: «
وذهبت الصفرة قليلاً » يعني لم
تذهب نهائيا بل ذهبت قليلا لأنه إذا غابت الشمس واستحكم غروبها قلت
الصفرة.
وقوله: «
حتى غاب القرص » هذا تأكيد
لقوله: « حتى غربت الشمس » لأنه قد يتوهم واهم أن المراد بغروب الشمس غروب بعضها
فأكد ذلك بقوله: « حتى غاب القرص » ويفهم منه كون الجو صحواً ليس فيه سحاب يحول بين
الناس ورؤية الشمس عند غروبها.
وقوله: «
وأردف أسامة خلفه » أردف
أسامة بن زيد رضي الله عنه ولم يردف كبار الصحابة رضي الله عنهم ولا أقاربه أو كبار
أقاربه .
مسألة:
هل يلزم من إرداف النبي صلى الله عليه وسلم لأسامة رضي الله عنه أن يكون
أفضل من غيره ؟
الجواب: لا
يلزم من فضيلة أسامة رضي الله عنه بهذه الخصيصة أن يكون أفضل من غيره مطلقاً ، لأن
الفضل منه ما هو مقيد ومنه ما هو مطلق فأفضل الصحابة على الإطلاق أبو بكر رضي الله
عنه.
ولكن لا
يلزم أن يفضله غيره في بعض الخصائص كما قال عليه الصلاة والسلام لعلي بن أبي طالب
رضي الله عنه: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي هذه خصيصة لم تكن
لغيره رضي الله عنه.
وقوله: «
ودفع وقد شنق للقصواء الزمام حتى إن رأسها ليصيب مورك
رحله ويقول بيده اليمنى يا أيها الناس السكينة السكينة وكلما أتى حبلاً من الحبال
أرخى لها قليلا حتى تصعد » القصواء
ناقته شنق لها الزمام يعني خنقه وضيقه وجذبه لكيلا تسرع حتى إن رأسها ليصيب مورك
رحله ومورك الرحل هو الذي يضع الراكب رجله عليه إذا تعب أو ملّ من الركوب وهو يقول
للناس بيده اليمنى يا أيها الناس السكينة السكينة لأنه جرت عادة الناس منذ زمن طويل
أنهم عند الدفع يندفعون ويسرعون يتبادرون النهار من جهة ولأن الإنسان خلق من عجل
وصفته العجلة قـال الله تعالى: )
خُلِقَ الْأِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ ((58) وقـال تعالى )
وَكَانَ الْأِنْسَانُ عَجُولاً ((59) فأصل إمداده وإعداده كله عجلة.
وقوله: «
السكينة السكينة » بالنصب أي
الزموا السكينة يعني لا تسرعوا لا تعجلوا وقد جاء في حديث آخر « فإن البر ليس
بالإيضاع »(60)
يعني ليس بالسرعة.
وقوله: «
وكلما أتى حبلاً من الحبال أرخى لها قليلاً حتى تصعد
» يعني إذا
أتى دعثاً أو رملاً أرخى لها قليلاً حتى تصعد رأفة بالبعير لأنه لو شنق لها الزمام
وأمامها شيء مرتفع وفيه شيء من الدعث والرمل صعب عليها فيرخي لها النبي صلى الله
عليه وسلم قليلا حتى تصعد.
وقوله: «
حتى أتى مزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد
وإقامتين » المزدلفة
من الإزدلاف وهو القرب وتسمى جمعاً لأن الناس يجتمعون فيها بعد الوقوف بعرفة وكانوا
أيضاً يجتمعون بها من قبل لما كانت قريش لا تخرج إلى عرفة بل تقف في مزدلفة
وتقول: إننا أهل الحرم فلا نخرج
عنه.
فصلى النبي
صلى الله عليه وسلم بها المغرب والعشاء جمع تأخير ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان
واقفاً في أقصى عرفة من الناحية الشرقية ثم دفع حتى أتى المزدلفة. وبين عرفة
ومزدلفة مسافة كثيرة والرسول صلى الله عليه وسلم قد شنق للقصواء الزمام وهو يقول
للناس: السكينة السكينة وهذه المسافة لا شك أنها ستستوعب مدة صلاة المغرب فلم يصل
إلا بعد دخول وقت صلاة العشاء لا سيما وأنه وقف في أثناء الطريق وبال وتوضأ وضوءاً
خفيفاً كما في حديث أسامة رضي الله عنه(61).
إذاً
جَمْعُ الرسول صلى الله عليه وسلم كان جمعَ تأخير ولهذا قال العلماء رحمهم الله يسن
أن يجمع في مزدلفة جمع تأخير وقيد بعضهم ذلك فقال: إن لم يوافها وقت المغرب يعني
فإن وافاها وقت المغرب فإنه يصلي المغرب في وقتها.
وقوله: «
بأذان واحد وإقامتين » وهذا هو
الصحيح في الجمع أنه أذان واحد للصلاتين جميعا وإقامتان ، لكل صلاة إقامة ، والمؤذن
بلال رضي الله عنه فالأذان للإعلام بحضور وقت الصلاة وهو للمجموعتين وقت واحد.
والإقامة للإعلام بالقيام للصلاة ولكل صلاة قيام خاص.
وقوله: «
ولم يسبح بينهما شيئاً » يسبح أي:
يصلي والصلاة تسمى تسبيحاً من باب إطلاق البعض على الكل وأطلق التسبيح عليها لأن
التسبيح ركن فيها أو واجب فيها وهنا قاعدة مهمة مفيدة وهي أنه إذا عبر عن العبادة
ببعضها كان ذلك دليلا على أن هذا البعض واجب فيها إذاً لم يسبح أي: لم يتنفل بينهما
بشيء.
وقوله:
« ثم اضطجع حتى طلع الفجر وصلى الفجر حين تبين له الصبح
بأذان وإقامة ».
قوله: «
ثم اضطجع » أي نام
عليه الصلاة والسلام حتى طلع الفجر وهذا من حسن رعايته لنفسه تحقيقا لقوله صلى الله
عليه وسلم: « إن لنفسك عليك حقا »(62)
ومعلوم أن من عمل كعمل الرسول صلى الله عليه وسلم فلا بد أن يتعب ويحتاج إلى
الراحة وإلى النوم. والنوم إذا كان لرعاية النفس كان الإنسان مأجوراً
عليه.
فالرسول
صلى الله عليه وسلم أقام بنمرة ودفع منها حين زالت الشمس وخطب الناس وصلى وذهب إلى
الموقف ووقف ولم ينم صلى الله عليه وسلم ثم مشى من عرفة إلى مزدلفة كل هذا يحتاج
إلى طاقة وراح
وهو على كل شيء قدير » كل شيء
فالله تعالى قادر عليه إن كان موجوداً فهو قادر على إعدامه وتغييره وإن كان معدوماً
فهو قادر على إيجاده. والقدرة: صفة يتمكن بها من الفعل بدون عجز وهي أخص من القوة
من وجه وأعم من وجه لأن القوة يوصف بها من له إرادة ومن لا إرادة له فيقال: حديد
قوي وإنسان قوي وأما القدرة فلا يوصف بها إلا من كان ذا إرادة فيقال الإنسان قدير
ولا يقال الحديد قدير لكن القوة أخص لأنها قدرة وزيادة ولهذا نقول: كل قوي ممن له
قدرة فهو قادر ولا عكس.
وقوله: «
لا إله إلا الله وحده » كرر ذلك
لأن باب التوحيد أمر مهم ينبغي تكراره ليثبت ذلك في قلبه وهو مع ذلك يؤجر
عليه.
وقوله: «
أنجز وعده » يعني:
بنصر المؤمنين فأنجز للرسول صلى الله عليه وسلم ما وعده قال الله تعالى
)
لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ
آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ (
(34)
وقوله: «
ونصر عبده » هذا اسم
جنس يشمل كل عبد من عباد الله قائم بأمر الله فإنه منصور قال الله تعالى
)
إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ
الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ ((35).
وقوله: «
وهزم الأحزاب وحده » الأحزاب
جمع حزب وهم الطوائف الذين تحزبوا على الباطل وتجمعوا عليه )
يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ
مُتِمُّ نُورِهِ ((36).
فهزمهم
الله وحده ومثال على ذلك قصة الأحزاب الذين تجمعوا لحرب النبي صلى الله عليه وسلم
وحاصروه في المدينة وهم نحو عشرة آلاف نفر ومع ذلك هزمهم الله وحده أرسل عليهم
ريحاً وجنوداً فقلقلتهم حتى انهزموا. وهل المراد بهزيمة الأحزاب في قوله « وهزم
الأحزاب وحده » ما جرى في عام الخندق أو ما هو أعم !؟ نقول ما هو أعم.
وقوله: «
ثم دعا بين ذلك قال مثل هذا ثلاث مرات
» يعني قال
هذا الذكر ثم يدعو ثم يقوله مرة أخرى ثم يدعو ثم يقوله مرة ثالثة ثم ينزل لأنه قال:
« ثم دعا بين ذلك » والبينية تقتضي أن يكون محاطاً بالذكر من الجانبين فيكون الدعاء
مرتين والذكر ثلاث مرات.
وقوله: «
ثم نزل إلى المروة » أي مشى
إلى المروة متجهاً إليها.
والمروة هي
الجبل المعروف بقعيقعان(37) وهما جبلان
معروفان في مكة أحدهما أبو قبيس والثاني قعيقعان.
وقوله: «
حتى إذا انصبت قدماه في بطن الوادي سعى
» بطن الوادي هو مجرى السيل ومكانه ما بين العلمين الأخضرين الآن وكان في
عهد النبي صلى الله عليه وسلم مسيل المياه النازلة من الجبال.
وقوله: «
سعى » أي: ركض
ركضاً شديداً حتى إن إزاره لتدور به من شدة السعي.
وقوله: «
حتى إذا صعدتا » يعني
ارتفع عن بطن الوادي « مشى حتى أتى المروة
» وإنما فعل ذلك اقتداءً بأم إسماعيل رضي الله عنها فإن أم إسماعيل لما وضعها
إبراهيم عليه الصلاة والسلام هي وولدها في هذا المكان وجعل عندهما ماء وتمرا فجعلت
الأم تأكل من التمر وتشرب من الماء وترضع الطفل فنفد التمر والماء وجاعت الأم وعطشت
ونقص لبنها فجاع الطفل فجعل الطفل يصيح ويتلوى من الجوع فأمه من أجل الأمومة رحمته
وخرجت إلى أدنى جبل إليها تستمع لعلها تسمع أحداً أو ترى أحدا فصعدت الصفا وجعلت
تستمع وتنظر فلم تجد أحداً فرأت أقرب جبل إليها بعد الصفا المروة فاتجهت إليه تمشي
وهي تنظر إلى الولد فلما نزلت بطن الوادي احتجب الولد عنها فجعلت تركض ركضا شديدا
من أجل أن تلاحظ الولد فلما صعدت من المسيل مشت حتى أتت المروة ففعلت ذلك سبع مرات
وهي في أشد ما تكون من الشدة لا بالنسبة إليها جائعة عطشى فقط ولا بالنسبة إلى
الولد فقط وعند الشدة يأتي الفرج فبعث الله عز وجل جبريل فضرب بعقبه أو جناحه الأرض
في مكان زمزم فنبع الماء بشدة فجعلت أم إسماعيل تحجر الماء تخشى أن يضيع من شدة
شفقتها قال النبي صلى الله عليه وسلم يرحم الله أم إسماعيل لو تركت زمزم لكانت
عيناً معيناً. ولكن لا شك أن هذا من حكمة الله عز وجل ووجه ذلك أنه لو كانت عينا
معينا في هذا المكان وقرب الكعبة لصار
فيها مشقة على الناس ولكن من نعمة الله عز وجل أن صار الأمر كما أراد الله تبارك
وتعالى.
لكنها
حجرتها ثم شربت من هذا الماء فكان هذا الماء طعاماً وشراباً و جعلت تسقي الولد
والحديث ذكره البخاري مطولا (38)
فهذا أصل السعي كما قال النبي صلى الله عليه وسلم فلذلك سعى
الناس.
والمهم أن
النبي صلى الله عليه وسلم لما انصبت قدماه في بطن الوادي سعى من أجل أن الناس إنما
سعوا من أجل سعي أم إسماعيل.
وقوله: «
ففعل على المروة كما فعل على الصفا
» لم يذكر جابر رضي الله عنه ماذا يقوله الرسول صلى الله عليه وسلم في
بقية سعيه ولكن قد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن السعي لذكر الله فقال: « إنما
جعل الطواف بالبيت وبالصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله »(39). فأي ذكر تذكر الله به فهو خير سواء
بالقرآن أو بالتسبيح أو بالتهليل أو بالتكبير أو بالتحميد أو بالدعاء فأي شيء تذكر الله به فإنك قد حصلت
على المطلوب.
وهل ينافي
ذلك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؟ الجواب: لا، لأن الأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر من الذكر لأنه تذكير للخلق بما شرع الله لهم.
وقوله: «
ففعل على المروة كما فعل على الصفا
» يعني من الصعود والدعاء والمقام، فعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك سبع
مرات فلما كان آخر طواف على المروة نادى وهو على المروة وأمر الناس من لم يسق الهدي
منهم أن يجعلوا نسكهم عمرة فجعلوا يراجعون النبي صلى الله عليه وسلم حتى قالوا:
الحل كله يا رسول الله قال: الحل كله قالوا: نخرج إلى منى وذكر أحدنا يقطر منياً
يعني من جماع أهله قال: افعلوا ما آمركم به فلولا أن معي الهدي لأحللت معكم فأحلوا
رضي الله عنهم. أما النبي صلى الله عليه وسلم ومن ساق الهدي فلم يحلوا ثم نزلوا
بالأبطح(40) في ظاهر مكة فلما
كان يوم التروية خرجوا إلى منى فمن كان منهم باقياً على إحرامه فهو مستمر في إحرامه
ومن كان قد أحل أحرم بالحج من جديد.
وقوله: «
لو أني استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي وجعلتها
عمرة فمن كان منكم ليس معه هدي فليحل وليجعلها عمرة » هل يقال أن
النبي صلى الله عليه وسلم تمنى خلاف الواقع أو يقال إن هذا خبر مجرد الجواب:
الثاني. فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يتمنَ لأنه يعلم أن هذا هو الأفضل أعني
قرانه، لكنه قال للصحابة رضي الله عنهم هكذا لتطيب نفوسهم ويحلوا برضى.
وقوله: «
فقام سراقة بن مالك بن جعشم فقال: يا رسول الله ألعامنا
هذا أم لأبد ؟ » قوله «
فقام سراقة » كان هذا عند المروة والسياق الذي في صحيح البخاري(41) رحمه الله كان عند العقبة فما الجمع
بينهما ؟ نقول الجمع بينهما: ربما أن سراقة رضي الله عنه أعاد السؤال مرة ثانية إما
لأنه نسي ما قاله عند المروة وإما لزيادة التأكد وهذا يقع.
وقوله: «
وقدم علي من اليمن ببدن النبي صلى الله عليه وسلم فوجد
فاطمة رضي الله عنها ممن حل ولبست ثياباً صبيغاً، واكتحلت فأنكر ذلك عليها، فقالت:
إن أبي أمرني بهذا قال: فكان علي يقول بالعراق: فذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه
وسلم محرشاً على فاطمة للذي صنعت مستفتياً لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ذكرت
عنه، فأخبرته أني أنكرت ذلك عليها، فقال: « صَدَقتْ صَدَقتْ. ماذا قلت حين فَرضْتَ
الحج » قال: اللهم إني أهل بما أهل به رسولك ».
قوله: «
قدم علي من اليمن » أي وصل
إلى مكة والنبي صلى الله عليه وسلم في الأبطح. والسبب في ذهابه إلى اليمن لأن النبي
صلى الله عليه وسلم أرسله إلى اليمن للدعوة إلى الله وأخذ الزكوات منهم وغير
ذلك.
وقوله: «
ببدن النبي صلى الله عليه وسلم » أي ببعضها
لأن بعضها جاء بها علي رضي الله عنه وبعضها جاء بها الرسول صلى الله عليه وسلم كما
يأتي في آخر الكلام.
وقوله: «
فوجد فاطمة رضي الله عنها ممن حل ولبست ثياباً
صبيغاً » أي ثوباً
جميلاً وكأنها متهيئة لزوجها رضي الله عنهما.
وقوله: «
فأنكر ذلك عليها » لأنهم لم
يكونوا يعرفون العمرة في أشهر الحج.
وقوله: «
فقالت: إن أبي أمرني بهذا » أي أخبرته
أن أباها صلى الله عليه وسلم أمرها بهذا.
وقوله: «
فذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم محرشاً على فاطمة
للذي صنعت مستفتياً لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ذكرت عنه
» التحريش في الأصل التهييج والإغراء كما يحرش بين البهائم وكما يحرش بين
الناس ولهذا يقال حرش فلان على فلان أي هيج غيره عليه وأغراه به. فذهابه للنبي صلى
الله عليه وسلم لغرضين الغرض الأول التحريش على فاطمة رضي الله عنها لماذا تحل،
والثاني الاستفتاء هل عملها صحيح أو غير صحيح ؟
وقوله: «
فأخبرته أني أنكرت ذلك عليها فقال: صدقت صدقت »
يعني أمرتها بهذا وكرر ذلك توكيدا لأن المقام يقتضي ذلك. فقوله « صدقت »
أي فيما قالت أني أمرتها به. وإنما أمرها النبي صلى الله عليه وسلم كما أمر غيرها
لأنها لم تسق الهدي فحلت.
وقوله: «
ماذا قلت حين فرضت الحج » أي سأل
النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب رضي الله عنه ماذا قال حين فرض الحج قال
قلت اللهم إني أهل بما أهل به رسولك قال: إن معي الهدي فلا تحل.
ففي هذا دليل على مسألة خاصة
بعلي رضي الله عنه، وعلى مسألة عامة للمسلمين.
أما
المسألة الخاصة بعلي فهو ذكاؤه رضي الله عنه وفطنته وحرصه على التأسي برسول الله
صلى الله عليه وسلم حيث أحرم بما أحرم به الرسول صلى الله عليه وسلم.
أما
المسألة العامة فهي جواز مثل هذا أي أنه يجوز للإنسان أن يقول لبيك أو أحرمت بما
أحرم به فلان ممن يثق بعلمه ودينه مع أنه سيكون مجهولاً له حتى يصل إلى
فلان.
فإذا قال
أحرمت بما أحرم به فلان وكان فلان قارناً فهل لهذا إذا لم يكن معه هدي أن يحل بعمرة
؟
الجواب:
نعم لأنه لو أحرم به من أول فإننا نأمره أن يحل بعمرة فكيف إذا كان مقتدياً بغيره،
ولكن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أشركه النبي صلى الله عليه وسلم في هديه وجعل
منه نصيبا. ولهذا قال معي الهدي فلا تحل.
وظاهر هذه
العبارة أن من أحرم بمثل ما أحرم به فلان وكان فلان قد ساق الهدي ولم يحل فإن
الثاني لا يحل لكن هذا مقيد بما إذا كان الثاني قد ساق الهدي أو مشاركاً له فيه كما
سيأتي في سياق الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أشرك علياً رضي الله عنه في
هديه.
وقوله: «
قال فكان جماعة الهدي الذي قدم به علي من اليمن والذي أتى
به النبي صلى الله عليه وسلم مائة ».
قوله: «
جماعة » أي مجموع الهدي و( مائة ) بالألف ولكن هذه الألف لا ينطق بها والناطق بها
يعتبر لاحناً بل يقال مئة كما يقال فئة بدون نطق الألف.
وقوله: «
فلما كان يوم التروية » « يوم »
بالرفع مع أنه ظرف زمان لأنه هنا سلبت منه الظرفية فـ « يوم » هنا فاعل « كان » وكان هنا تامة وليست ناقصة فلا تحتاج
إلى اسم وخبر والمعنى: لما جاء يوم التروية توجهوا إلى منى.
ويوم
التروية هو اليوم الثامن من ذي الحجة وسمي بذلك لأن الناس يتروون فيه الماء لما
بعده يعني يستسقون فيه الماء ليوم عرفة وأيام منى. ومن هذا اليوم إلى آخر أيام
التشريق لكل يوم من هذه الأيام الخمسة اسم خاص فالثامن يوم التروية والتاسع يوم
عرفة والعاشر يوم النحر والحادي عشر يوم القر والثاني عشر يوم النفر الأول والثالث
عشر يوم النفر الثاني.
وقوله: «
توجهوا إلى منى » الضمير
يعود على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه توجهوا من الأبطح لأن النبي صلى الله
عليه وسلم نزل هناك في الأبطح ولم يذكر جابر رضي الله عنه أن أحداً من الصحابة رضي
الله عنهم جاء إلى البيت وأحرم منه ولو أن أحداً فعل ذلك لبينه.
وقوله: «
إلى منى » منى: اسم
مكان معروف وسميت بهذا الاسم لكثرة ما يمنى فيها من الدماء. أي: يراق من الدماء وهي
من حيث الإعراب مصروفة فنقول: منىً بالتنوين. وحدُّها شرقاً وغرباً من وادي محسر
إلى جمرة العقبة. ومن الشمال والجنوب قال العلماء رحمهم الله: كل سفوح الجبال
الكبيرة ووجوهها التي تتجه إلى منى من منى. وبناء على هذا تكون منى واسعة جداً وتسع
الحجاج لو أنها نظمت تنظيماً تاماً مبنياً على العدل. لكن بعض الناس يتخذ مكاناً
واسعاً يسع أكثر من حاجته.
مسألة: توجد
مشكلة في الوقت الحاضر. يقول بعض الناس أنا لا أجد أرضاً بمنى إلا بأجرة فهل يجوز
لي أن أستأجر أرضا في منى ؟
فالجواب:
نعم يجوز والإثم على المؤجر الذي أخذ المال بغير حق أما المستأجر فلا إثم عليه.
ولهذا قال فقهاء الحنابلة رحمهم الله: لا يجوز
تأجير بيوت مكة ولكن إذا لم يجد بيتا إلا بأجرة دفع الأجرة والإثم على
المؤجر وبيوت منى وأرضها من باب أولى لأن منى مشعر محدود محصور، فأين يذهب الناس
إذا استولى عليها من يقول: أنا لا أُنزل فيها الناس إلا بأجرة ؟!
أما مكة
فيمكن أن ينزل الإنسان بعيدا ولكن منى وعرفة ومزدلفة مشاعر كالمساجد، لا يجوز لأحد
إطلاقاً أن يبني فيها بناءً يؤجره ولا أن يختط أرضاً ويؤجرها فإن فعل فالناس
معذورون يبذلون الأجرة والإثم على الذي أخذها.
وقوله: «
وركب النبي صلى الله عليه وسلم فصلى بها الظهر والعصر
والمغرب والعشاء والفجر » صلى بمنى
خمس صلوات كل صلاة في وقتها بدون جمع لأنه لو كان يجمع لبينه جابر رضي الله عنه فإن
الجمع خلاف الأصل ولما لم ينبه عليه علم أن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم هذه
الصلوات الخمس صلاة مفرودة كل صلاة في وقتها ، الظهر والعصر والعشاء قصراً لحديث
أنس الثابت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج عام حجة الوداع ولم يزل
يصلي ركعتين حتى رجع إلى المدينة(42)
وأنس رضي الله عنه له خبرة بأحوال النبي صلى الله عليه وسلم لأنه
خادمه.
وقوله: «
أمر بقبة من شعر تضرب له بنمرة فسار رسول الله صلى الله
عليه وسلم ولا تشك قريش إلا أنه واقف عند المشعر الحرام كما كانت قريش تصنع في
الجاهلية » قريش
لحميتها الجاهلية وتعصبها لا تقف يوم عرفة إلا في مزدلفة تقول نحن أهل الحرم فلا
نخرج إلى الحل وأما بقية الناس فيقفون في عرفة لكن النبي صلى الله عليه وسلم جدد
الحج على مشاعر إبراهيم عليه الصلاة والسلام.
وقوله: «
فأجاز حتى أتى عرفة » أجاز
بمعنى تعدى يعني جاوز مزدلفة إلى عرفة.
وقوله:
« فوجد القبة قد ضربت له بنمرة فنزل بها »
أجاز النبي صلى الله عليه وسلم حتى أتى عرفة وكان قد أمر أن تضرب له قبة بنمرة (43) وهي قرية قرب عرفة فضربت له القبة
بنمرة فنزل بها حتى زالت الشمس وهذا النزول فيه استراحة بعد التعب من المشي من منى
إلى عرفة لأن هذه هي أطول مسافة في الحج - من منى إلى عرفة - فبقي النبي صلى الله
عليه وسلم هناك واستراح.
وظاهر
السياق أن نمرة من عرفة لأنه قال: « حتى أتى عرفة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة »
وهذا يدل على أن نمرة من عرفة وأنها جزء منها
فتكون نمرة اسم لمكان معين من عرفة.
وهذا أحد
القولين لأهل اللغة وأهل الفقه فإن أهل اللغة وأهل الفقه اختلفوا هل نمرة من عرفة
أم لا ؟
فجزم
النووي رحمه الله(44) وجماعة بأنها
ليست من عرفة وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله وهذا هو الصواب لأن
النبي صلى الله عليه وسلم أذن ببناء الخيمة فيها ولو كانت مشعراً لم يأذن ببناء
الخيمة فيها ولهذا ما بني له خيمة في عرفة ولا بني له خيمة في منى حتى إنه يروى أنه
قيل له ألا نبني لك خيمة في منى فقال: (لا منى مناخ من سبق) (45)هكذا روي عنه وكونه يأذن أن يبنى له
خيمة في نمرة يدل على أنها ليست من المشاعر وإلا لما أذن فيها.
وأما قوله « حتى
أتى عرفة » فمعناه بيان لمنتهى تجاوزه وأنه لم يقف بمزدلفة كما كانت
قريش تفعل بل تجاوزها حتى بلغ عرفة التي هي موقف الناس كما قال الله تعالى:
)
ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ
((46) والناس
يفيضون من عرفة ولهذا لم يقل: « فوجد القبة قد ضربت بها في نمرة ».
وذهب آخرون إلى أنها من عرفة وهو قول جماعة من
أهل الفقه ومن أهل اللغة أيضا كما في القاموس (47) وسيأتي إن شاء الله ما يترتب على هذا
الخلاف من الحكم في الفوائد.
فإن قال
قائل: أين تقع نمرة ؟ قلنا: تقع نمرة على
حدود الحرم عند الجبل الذي يكون على يمينك وأنت سائر إلى عرفة من الطريق الذي يخرج
على المسجد ويقولون إن نمرة عند أعلام الحرم وهذا ما جزم به الأزرقي رحمه الله صاحب
تاريخ مكة(48).
وقوله: « فوجد القبة » القبة خيمة من صوف أو غيره
ضربت للرسول صلى الله عليه وسلم فنزل بها واستراح.
وقوله: «
حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له
» زاغت: بمعنى مالت إلى الغرب والقصواء اسم ناقته التي حج عليها صلوات
الله وسلامه عليه.
وقوله: «
فرحلت له » أي جعل
رحلها عليها وفيه دليل على أنه قد نزل الرحل عنها لأنه استراح من أول النهار إلى
زوال الشمس وهذه مدة طويلة.
وقوله: «
فأتى بطن الوادي » يعني وادي
عرنة نزل فيه عليه الصلاة والسلام لأنه أسهل من الأرض الجرداء إذ إن مجرى الوادي
سهل لين. ففي هذا دليل على طلب السهل في النزول ولكن لا يبيت الإنسان في مجاري
السيول لأن السيول قد تأتي بدون شعور فيكون في ذلك ضرر ولهذا نهي عن الإقامة فيها،
أما إقامة النبي صلى الله عليه وسلم هنا فإنها إقامة قصيرة يسيرة.
وقوله: «
فخطب الناس » خطبهم
خطبة عظيمة بليغة قرر فيها قواعد الإسلام(49) فقال عليه الصلاة والسلام: « إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في
بلدكم هذا » أكد التحريم عليه الصلاة والسلام تحريم الدماء والأموال
بهذا التأكيد كحرمة يومكم هذا وهو يوم عرفة فإنه يوم حرام لأنه من جملة أيام الحج
والناس فيه محرمون.
وقوله: «
في شهركم هذا » يعني شهر
ذي الحجة لأنه من الأشهر الحرم بل هو أوسط الأشهر الحرم الثلاثة
المقترنة.
وقوله: «
في بلدكم هذا » يعني مكة
فإنه لا شك أنه أعظم البلاد حرمة هي مكة.
وقوله: «
ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع
» يعني موضوع تحت القدم وهذا كناية عن إبطاله وإهانته لأن الناس جرت
العادة أن الشيء المكرم يقال على الرأس والمهان يقال تحت القدم.
والمعنى
أنها باطلة مهينة لا عبرة بها. وهذا عام في جميع أمور الجاهلية كلطم الخدود وشق
الجيوب والدعاء بدعوى الجاهلية وغير ذلك. وعلى هذا فيكون كل أمور الجاهلية قد محيت
بهذا الحديث ولا اعتماد عليها ولا رجوع إليها.
وقوله: «
ودماء الجاهلية موضوعة » أي الدماء
التي حصلت بين أهل الجاهلية كلها موضوعة لا حكم لها ولا قصاص ولا دية ولا
شيء.
وقوله: «
وإن أول دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث
» يعني ابن عمه عليه الصلاة والسلام
وضعه الرسول صلى الله عليه وسلم لأنه أولى الناس به، أولى بالمؤمنين من
أنفسهم فوضعه.
وقوله: « فقال كان
مسترضعا في بني سعد فقتلته هذيل » فهذا قريب
النبي صلى الله عليه وسلم ابن عمه أهدر النبي صلى الله عليه وسلم دمه وجعله موضوعا
يعني فلا يطالب به، كل هذا لئلا يعود الناس إلى أمور الجاهلية فيطالبون ما كان
بينهم من أمور الجاهلية من دماء أو أموال.
وقوله:
« وربا الجاهلية موضوع، وإن أول ربا أضع ربانا ربا عباس
بن عبد المطلب فإنه موضوع كله ».
كل ربا الجاهلية موضوع أبطله النبي صلى الله
عليه وسلم وأول ما أبطل من الربا ربا أقاربه ربا عباس بن عبد المطلب رضي الله عنه
وكان غنياً يرابي فوضع النبي صلى الله عليه وسلم رباه كله، وهذا تحقيق لقوله تعالى:
)
وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ
وَلا تُظْلَمُونَ ((50).
ثم انتقل
صلى الله عليه وسلم إلى قضية المرأة التي كانت في الجاهلية مظلومة، وكان الرجال
يستعبدون النساء حتى تصل بهم الحال إلى أن يمنعوهن من الميراث ويقولون لا إرث
للمرأة الإرث للرجال لأنهم هم الذين يذودون عن البلاد ويحمون الأعراض.
أما المرأة
فليس لها ميراث، ولكن الإسلام حكم بالعدل في النساء وأعطاهن حقهن.
من ذلك
إعلان النبي صلى الله عليه وسلم هذه الخطبة في قوله « فاتقوا الله في النساء » أي
لا تظلموهن ولا تقصروا في حقوقهن ولا تعتدوا عليهن. وقوله: « فإنكم أخذتموهن بأمان
الله » أي أمانة عندكم لا يجوز الغدر فيها ولا الخيانة. وقوله: « واستحللتم فروجهن
بكلمة الله » كقوله تعالى )
وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى
أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ ((51) فهذه من كلمات الله التي استحل بها الرجلُ فرجَ
امرأته.
وقوله: «
ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه
» هذا من حق الزوج على زوجته أن لا توطئ فراشه أحداً يكرهه. والمراد
بالفراش ما هو أعم من فراش النوم فيدخل في ذلك فراش البيت ويدخل في ذلك أيضاً ما
كان وسيلة إليه كإدخال أحد بيت زوجها وهو يكرهه سواء كان من أقاربها أو من الأباعد
فلا يحل للمرأة أن تدخل أحداً بيت زوجها وهو لا يرضى بذلك.
وقوله: «
فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضرباً غير مبرح
» يعني إذا
أدخلن في بيوتكم من تكرهونه فاضربوهن. وهنا قال صلى الله عليه وسلم اضربـوهن وفي
القـرآن الكريم يـقول الله تـبارك وتـعـالى: )
وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ
وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ((52) والفرق بينهما أن الآية قال الله فيها
)
وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ (
وأما هذا الحديث فقد وقعت المفسدة محققة منها فتضرب على ما مضى
إصـلاحا للمستقبل، الإصـلاح هو قـوله )
فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ
(. لكن هذا تأديب وتعزير على ما وقع من المرأة حيث أوطأت فراش زوجها
من يكرهه لكنه ضرب غير مبرح أي غير شديد ولا جارح لجسدها، بل هو ضرب خفيف يحصل به
التأديب وبيان سلطة الرجل عليها.
وقوله: «
ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف »
الرزق العطاء وهو مـا يقوم به البـدن من طـعام وشـراب. وقـوله: «
وكسوتهن » أي ما يستر به ظاهر الجسد فهو على الزوج لكن بالمعروف.
وقوله: « بالمعروف » أي بما يتعارفه الناس مما يكون على الزوج
الغني حسب غناه والفقير حسب فقره.
واختلف
العلماء رحمهم الله هل المعتبر حال الزوج أو حال الزوجة أو حالهما.
فالمشهور
من المذهب أن المعتبر حالهما. والقول الثاني أن المعتبر حال الزوج. والقول الثالث
أن المعتبر حال الزوجة. والصواب أن المعتبر حال الزوج لقول الله تعالى )
لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ
رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ ((53) فالغنية مع الغني نفقتها نفقة غني والفقيرة مع
الفقير نفقتها نفقة فقير والمتوسطة مع المتوسط نفقتها نفقة المتوسط وهذا واضح تتفق
فيه الأقوال.
والغنية مع
الفقير نفقة فقير على القول بأن المعتبر حال الزوج، ونفقة غني على القول بأن
المعتبر حال الزوجة ونفقة متوسط على القول بأن المعتبر حالهما لكن الصحيح أن
المعتبر حال الزوج.
ويفهم من
هذا الحديث أنه لا نفقة للزوج على الزوجة ولو كانت غنية وهو فقير لأن النبي صلى
الله عليه وسلم أعلن في هذا المجمع أن الإنفاق على الزوج خلافاً لابن حزم رحمه الله
حيث قال إذا كان الزوج فقيراً والزوجة غنية فإنه يلزمها أن تنفق عليه لعموم قوله
تعالى: )
وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ ((54) والزوجة
وارث للزوج فيلزمها أن تنفق عليه. فيقال نعم فيما إذا كان الإنفاق من أجل المواساة
أما إذا كان معاوضة فلا يمكن أن نلزم الزوجة بالإنفاق على زوجها لأن المستمتع
الزوج. ولهذا سمي المهر أجراً كأنه دفعه المستأجر إلى الأجير فالإنفاق عليها معاوضة
وليس من باب المواساة. أما لو كان من باب المواساة كالإنفاق بين الأقارب فنعم يجب
على الغني أن ينفق على الفقير.
وقوله: «
وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله
» هذا فيه
بيان بعد الإجمال والبيان بعد الإجمال من أساس البلاغة لأن الشيء إذا جاء مجملاً
تشوفت النفوس إلى بيانه فقد قال: ما إن اعتصمتم به لن تضلوا بعده فتتشوف النفوس ما
هذا ؟ فقال صلى الله عليه وسلم «كتاب الله » يعني هو كتاب الله وهو القرآن الكريم
وأضيف إلى الله لآن الله هو الذي أنزله وهو الذي تكلم به وسمي كتاباً لأنه مكتوب في
اللوح المحفوظ وفي الصحف التي بأيدي الملائكة وفي الصحف التي بأيدينا.
وقوله : «
وأنتم تسألون عني فما أنتم قائلون
» يسألون عن النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة هل بلغكم رسولي ؟.
وإنما يسألُ الناس عن ذلك إقامة للحجة عليهم وإلا فالرب عز وجل يعلم أن رسوله بلغ
البلاغ المبين صلوات الله وسلامه عليه فهو شبيه بقوله تعالى: )
وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ
((55) هي لا
تسأل لأجل أن تعذب ولكنه توبيخ لمن وأدها.
وقوله: «
ثم أذن ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر
» أذن يعني
أمر بالأذان وكذلك في الإقامة لأن مؤذنه إذ ذاك بلال رضي اله عنه أمره أن يؤذن بعد
الخطبة ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر وكان ذلك يوم جمعة ولكن لم يصل
الجمعة لأنه ليس من هدي الرسول صلى الله عليه وسلم أن يقيم الجمعة في السفر ومن
أقام الجمعة في السفر فهو مبتدع وصلاته باطلة وهذا يدل على قصور نظر بعض الناس
الذين قالوا إن الجمعة واجبة في الحضر والسفر.
فإن قال
قائل: ما الدليل على أنها لا تجب في السفر مع أن ما وجب في السفر وجب في الحضر وما
وجب في الحضر وجب في السفر ؟
فالجواب:
هذا النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في السفر وكم مر عليه من جمعة ؟
كثير ومع
ذلك لم ينقل عنه حديث صحيح ولا ضعيف أنه كان يقيم الجمعة في السفر فمن أقام الجمعة
في السفر فهو مبتدع بلا شك مخالف لهدي النبي صلى الله عليه وسلم وصلاته باطلة. فهذا
النبي صلى الله عليه وسلم في أعظم جمع اجتمع به في أمته في حجة الوداع أتت عليه
الجمعة وهو في أفضل يوم وهو يوم عرفة ومع ذلك ما أقام الجمعة ولو كانت مشروعة فهل
يدعها الرسول صلى الله عليه وسلم ؟ !
أبداً لا
يمكن فلما لم يفعلها مع وجود السبب المقتضي لها علم أنها ليست مشروعة وأنها ليست من دين الله ولهذا بدأ بالخطبة قبل
الأذان وصلاة الجمعة يبدأ بالأذان قبل الخطبة وأيضا يقول: « فصلى الظهر » وهذا صريح
ثم « أقام وصلى العصر » وكان ذلك يوم
الجمعة وهذا بخلاف المسافر المقيم في بلد تقام فيه الجمعة فإن ظاهر النصوص وجوبها
عليه لعموم الأدلة ولأنه قد يثبت تبعاً ما لا يثبت استقلالاً لكن إن تضرر بالتأخر
للجمعة أو خاف فوت رفقته فهو معذور في تركها.
وقوله: «
ولم يصل بينهما شيئا » لأنه ليس
من المشروع أن يتطوع الإنسان براتبة الظهر في السفر ولهذا ما صلى النبي صلى الله
عليه وسلم راتبة الظهر التي بعدها كما لم يصل التي قبلها.
وقوله: «
ثم ركب حتى أتى الموقف فجعل بطن ناقته إلى الصخرات وجعل
حبل المشاة بين يديه واستقبل القبلة فلم يزل واقفا حتى غربت الشمس
» قوله: «
ركب » أي من مكانه الذي صلى فيه ركب ناقته « حتى أتى الموقف » (أل) هنا للعهد الذهني أي الموقف الذي اختار أن يقف فيه وإلا
فإن عرفة كلها موقف كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: « وقفت هاهنا
وعرفة كلها موقف »(56) لكن أتى الموقف الذي اختار أن يقف فيه وهو شرقي
عرفة عند الصخرات. والحكمة من ذهاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك الموقف لأنه
والله أعلم كان عليه الصلاة والسلام من عادته أن يكون في أخريات القوم يتفقد من
احتاج إلى معونة أو مساعدة أو ما شابه ذلك وليس هذا من أجل اختصاص هذا المكان
المعين بخصيصة بل كل عرفة موقف ولهذا قال: وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف.
وقوله: «
فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات
» يعني يلي
الصخرات. وهي معروفة إلى الآن لا تزال موجودة.
وقوله: «
وجعل حبل المشاة بين يديه » حبل
المشاة قال العلماء رحمهم الله: إنه طريقهم الذي يمشون معه وسمي حبلا لأنه كان رملا
والأقدام تؤثر فيه فالطريق الذي أثرت فيه الأقدام كأنه حبل.
وقوله: «
واستقبل القبلة » يدعو الله
عز وجل رافعاً يديه مبتهلاً إلى الله عز وجل بالذكر والدعاء والإنابة والخشوع حتى
إنه سقط زمام راحلته فأمسكه بإحدى يديه وهو رافع الأخرى. وهذا يدل على تأكد رفع
اليدين هنا.
وقوله: «
فلم يزل واقفا » المراد
بالوقوف هنا المكث ، لا الوقوف على
القدمين ، فالقاعد يعتبر واقفاً والوقوف قد يراد به السكون لا القيام ومعلوم أن
الراكب على البعير جالس عليها ليس واقفاً عليها.
وهل الأفضل
أن يقف راكباً. أو أن يقف غير راكب ؟سيأتي ذلك في الفوائد إن شاء الله.
وقوله: «
فلم يزل واقفا حتى غربت الشمس » لم يزل
واقفاً منذ أن وصل إلى موقفه بعد الصلاة وبعد المسير من عرنة إلى الموقف حتى غربت
الشمس ولم يمل ولم يتعب من طول القيام ولكن الله عز وجل أعانه على طاعته عوناً لم
يحصل لأحد مثله عليه الصلاة والسلام.
ثم إنه في
هذا الموقف سئل عن رجل وقصته ناقته وهو واقف بعرفة ومات فقال صلى الله عليه وسلم «
اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه ولا تخمروا رأسه ولا تحنطوه فإنه يبعث يوم
القيامة ملبياً »(57).
فقوله: «
وكفنوه في ثوبيه » يعني ثياب الإحرام فلا يكفن بغيرها، ولو تيسر أن يكفن بغيرها بل
الأفضل والسنة أن يكفن بها لأنه سيخرج من قبره يوم القيامة يقول: لبيك اللهم
لبيك.
وقوله: «
وذهبت الصفرة قليلاً » يعني لم
تذهب نهائيا بل ذهبت قليلا لأنه إذا غابت الشمس واستحكم غروبها قلت
الصفرة.
وقوله: «
حتى غاب القرص » هذا تأكيد
لقوله: « حتى غربت الشمس » لأنه قد يتوهم واهم أن المراد بغروب الشمس غروب بعضها
فأكد ذلك بقوله: « حتى غاب القرص » ويفهم منه كون الجو صحواً ليس فيه سحاب يحول بين
الناس ورؤية الشمس عند غروبها.
وقوله: «
وأردف أسامة خلفه » أردف
أسامة بن زيد رضي الله عنه ولم يردف كبار الصحابة رضي الله عنهم ولا أقاربه أو كبار
أقاربه .
مسألة:
هل يلزم من إرداف النبي صلى الله عليه وسلم لأسامة رضي الله عنه أن يكون
أفضل من غيره ؟
الجواب: لا
يلزم من فضيلة أسامة رضي الله عنه بهذه الخصيصة أن يكون أفضل من غيره مطلقاً ، لأن
الفضل منه ما هو مقيد ومنه ما هو مطلق فأفضل الصحابة على الإطلاق أبو بكر رضي الله
عنه.
ولكن لا
يلزم أن يفضله غيره في بعض الخصائص كما قال عليه الصلاة والسلام لعلي بن أبي طالب
رضي الله عنه: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي هذه خصيصة لم تكن
لغيره رضي الله عنه.
وقوله: «
ودفع وقد شنق للقصواء الزمام حتى إن رأسها ليصيب مورك
رحله ويقول بيده اليمنى يا أيها الناس السكينة السكينة وكلما أتى حبلاً من الحبال
أرخى لها قليلا حتى تصعد » القصواء
ناقته شنق لها الزمام يعني خنقه وضيقه وجذبه لكيلا تسرع حتى إن رأسها ليصيب مورك
رحله ومورك الرحل هو الذي يضع الراكب رجله عليه إذا تعب أو ملّ من الركوب وهو يقول
للناس بيده اليمنى يا أيها الناس السكينة السكينة لأنه جرت عادة الناس منذ زمن طويل
أنهم عند الدفع يندفعون ويسرعون يتبادرون النهار من جهة ولأن الإنسان خلق من عجل
وصفته العجلة قـال الله تعالى: )
خُلِقَ الْأِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ ((58) وقـال تعالى )
وَكَانَ الْأِنْسَانُ عَجُولاً ((59) فأصل إمداده وإعداده كله عجلة.
وقوله: «
السكينة السكينة » بالنصب أي
الزموا السكينة يعني لا تسرعوا لا تعجلوا وقد جاء في حديث آخر « فإن البر ليس
بالإيضاع »(60)
يعني ليس بالسرعة.
وقوله: «
وكلما أتى حبلاً من الحبال أرخى لها قليلاً حتى تصعد
» يعني إذا
أتى دعثاً أو رملاً أرخى لها قليلاً حتى تصعد رأفة بالبعير لأنه لو شنق لها الزمام
وأمامها شيء مرتفع وفيه شيء من الدعث والرمل صعب عليها فيرخي لها النبي صلى الله
عليه وسلم قليلا حتى تصعد.
وقوله: «
حتى أتى مزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد
وإقامتين » المزدلفة
من الإزدلاف وهو القرب وتسمى جمعاً لأن الناس يجتمعون فيها بعد الوقوف بعرفة وكانوا
أيضاً يجتمعون بها من قبل لما كانت قريش لا تخرج إلى عرفة بل تقف في مزدلفة
وتقول: إننا أهل الحرم فلا نخرج
عنه.
فصلى النبي
صلى الله عليه وسلم بها المغرب والعشاء جمع تأخير ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان
واقفاً في أقصى عرفة من الناحية الشرقية ثم دفع حتى أتى المزدلفة. وبين عرفة
ومزدلفة مسافة كثيرة والرسول صلى الله عليه وسلم قد شنق للقصواء الزمام وهو يقول
للناس: السكينة السكينة وهذه المسافة لا شك أنها ستستوعب مدة صلاة المغرب فلم يصل
إلا بعد دخول وقت صلاة العشاء لا سيما وأنه وقف في أثناء الطريق وبال وتوضأ وضوءاً
خفيفاً كما في حديث أسامة رضي الله عنه(61).
إذاً
جَمْعُ الرسول صلى الله عليه وسلم كان جمعَ تأخير ولهذا قال العلماء رحمهم الله يسن
أن يجمع في مزدلفة جمع تأخير وقيد بعضهم ذلك فقال: إن لم يوافها وقت المغرب يعني
فإن وافاها وقت المغرب فإنه يصلي المغرب في وقتها.
وقوله: «
بأذان واحد وإقامتين » وهذا هو
الصحيح في الجمع أنه أذان واحد للصلاتين جميعا وإقامتان ، لكل صلاة إقامة ، والمؤذن
بلال رضي الله عنه فالأذان للإعلام بحضور وقت الصلاة وهو للمجموعتين وقت واحد.
والإقامة للإعلام بالقيام للصلاة ولكل صلاة قيام خاص.
وقوله: «
ولم يسبح بينهما شيئاً » يسبح أي:
يصلي والصلاة تسمى تسبيحاً من باب إطلاق البعض على الكل وأطلق التسبيح عليها لأن
التسبيح ركن فيها أو واجب فيها وهنا قاعدة مهمة مفيدة وهي أنه إذا عبر عن العبادة
ببعضها كان ذلك دليلا على أن هذا البعض واجب فيها إذاً لم يسبح أي: لم يتنفل بينهما
بشيء.
وقوله:
« ثم اضطجع حتى طلع الفجر وصلى الفجر حين تبين له الصبح
بأذان وإقامة ».
قوله: «
ثم اضطجع » أي نام
عليه الصلاة والسلام حتى طلع الفجر وهذا من حسن رعايته لنفسه تحقيقا لقوله صلى الله
عليه وسلم: « إن لنفسك عليك حقا »(62)
ومعلوم أن من عمل كعمل الرسول صلى الله عليه وسلم فلا بد أن يتعب ويحتاج إلى
الراحة وإلى النوم. والنوم إذا كان لرعاية النفس كان الإنسان مأجوراً
عليه.
فالرسول
صلى الله عليه وسلم أقام بنمرة ودفع منها حين زالت الشمس وخطب الناس وصلى وذهب إلى
الموقف ووقف ولم ينم صلى الله عليه وسلم ثم مشى من عرفة إلى مزدلفة كل هذا يحتاج
إلى طاقة وراح
مواضيع مماثلة
» صفة حج النبى المصطفى 1
» شمائل النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم
» مائة وسيلة لنصرة المصطفى صلى الله عليه وسلم
» هدى النبى
» قصة النبى مع وفاة عمه "
» شمائل النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم
» مائة وسيلة لنصرة المصطفى صلى الله عليه وسلم
» هدى النبى
» قصة النبى مع وفاة عمه "
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة 21 يونيو 2024, 12:25 am من طرف Admin
» هل الانجيل محرف
الأربعاء 19 يونيو 2024, 2:34 pm من طرف Admin
» شبهات النصاري زواج ام المؤمنين عائشه،
الإثنين 17 يونيو 2024, 10:30 am من طرف Admin
» الفرق بين السنه والفقه
السبت 11 مايو 2024, 11:23 pm من طرف Admin
» كيف عرفت انه نبي..
الجمعة 26 أبريل 2024, 5:40 am من طرف Admin
» موضوع هل يدخل الجنه غير المسلمين،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:48 am من طرف Admin
» التدرج في التشريع
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:43 am من طرف Admin
» كتب عليكم الصيام،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:41 am من طرف Admin
» اقوال العلماء في تفسير ايه الحجاب،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:40 am من طرف Admin