بحـث
الشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المواضيع الأخيرة
نوفمبر 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | |||||
3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 |
10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 |
17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 |
24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
الحمدلله على نعمة الاسلام
ايها الاخوه الدعاه الى الله وكذا جميع الزائرين والزائرات مرحبا بكم واهلا نتمنى من الله ان نكون عند حسن ظنكم جميا والله الموفق الى الخير وهو حسبنا ونعم الوكيلالشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 6 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 6 زائر لا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 76 بتاريخ الأربعاء 30 أكتوبر 2024, 11:01 pm
لعقيدة الإسلامية وأثرها في مواجهة الفتن المعاصرة 2
صفحة 1 من اصل 1
لعقيدة الإسلامية وأثرها في مواجهة الفتن المعاصرة 2
رابعًا: الإيمان بالملائكة:
ويتضمن عدة معان، عظيمة الشأن، كبيرة القدر:
الأول: التَّصديق بوُجُودهم.
والثاني: إنزالهم منازلهم، وأنهم مكلفون والموت جائز عليهم.
الثالث: الاعتراف بأنَّ منهم رُسُلاً يرسلون إلى البشر وبوظائفهم؛ فمنهم: خزنة النار، ومنهم الصافون، وغير ذلك، ويتم النجاة مِنْ فتنة المال بالإيمان بأنهم مراقبون لأعمالك ومسجلوها وآخذوها بأمر الله، كما لو أنّ حاكمًا وَكَّل من يراقبك؛ قال تعالى: {إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ} [ق: 17]، فصاحب اليمين يكتب الحسنات، وصاحب الشمال يكتب السيئات؛ وقال تعالى: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ} [الإنفطار: 10 - 12]، وعن ابن عبَّاس - رضي الله عنهما - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما يرويه عن ربه - تبارك وتعالى - قال: ((إن الله كتب الحسنات والسيئات، ثم بيَّن: فمن همّ بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن همّ بها فعملها كتبها الله عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف، وإن همّ بسيئة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن همّ بها فعملها كتبها الله سيئة واحدة))؛ رواه الشيخان.
عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أنَّه سمع رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: ((إنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بالْكَلمَة، لَا يُلْقي لَهَا بَالاً، يَهْوي بهَا في النَّار أَبَعْدَ مَا بَيْنَ اَلْمَشْرق وَالْمَغْرب)).
خامسًا: الإيمان باليوم الآخر:
وهو: الإقرار بأنَّ هذه الدُّنيا إلى انتهاء، وأنَّ وراءها يوم حساب وجزاء، وأنَّ الأرواح تردُّ إلى الأجساد، وبسؤاله: من ربك؟ ما دينك؟ من نبيك؟ ويؤمن بفتنة القبر وبعذابه ونعيمه، وأنهم يقومون يوم القيام حفاةً عراةً غرلاً، وبنصب الموازين فتوزن فيها أعمال العباد، وتنشر الصحائف، فالمؤمن يتلقاها بيمينه، والكافر بشماله، والعاصي من وراء ظهره.
والحوض المورود لمحمد - صلى الله عليه وسلم - ماؤه أشدّ بياضًا من اللبن، وكيزانه كنجوم السماء، من شَرِب منه فلا يظمأ أبدًا.
وبالصراط المنصوب على متْن جهنَّم، وهو الجسر الذي يمرُّ الناس عليه؛ فمنهم كالبرق، ومنهم كالخيل، ومنهم كالزحف يزحف زحفًا، فإذا عبروا مروا بقنطرة بين الجنة والنار، فيتقاصون المظالم بينهم التي كانتْ في الدُّنيا.
وأوّل من يستفتح الجنَّة محمد - عليه السلام - وله ثلاث شفاعات:
الأولى: لأهل الموقع بعد تراجُع الأنبياء.
الثانية: لأهل الجنة أن يدخلوها، وهما خاصتان لمحمد - صلى الله عليه وسلم.
الثالثة: فيمن استحق النار ألا يدخلها, ومَنْ دَخَلها أن يخرج منها، وهذه له ولسائر الأنبياء.
وغير ذلك من الأحداث والأهوال.
وأثر الإيمان من النجاة من فتنة المال بمعرفة مسائل:
الأولى: الإيمان بزوال الدنيا وما فيها.
الثانية: الإيمان بالحساب على هذا المال يوم القيامة؛ قال - عليه الصلاة والسلام -: ((لا تزول قدما عبدٍ يوم القيامة، حتى يُسأل عن أربع: عن عمره فيم أفناه؟ وعن جسده فيمَ أبلاه؟ وعن ماله فيمَ أنفقه؟ ومن أين اكتسبه؟ وعن علمه فيمَ فعل؟)) فإذا آمن أن وراء الحساب إما نعيم ففيه التلذذ بالمال خير من مال الدنيا، فيتصوّر درجات أهل الجنة، أو جحيم فيتصوَّر العذاب الأليم من جَرْيه خلف المحرَّم؛ كالربا: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 275].
وثَبَت في الحديث الذي رواه مسلم في صَحِيحه عن أبي سعيد الخدري، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((يؤتى بأنعم أهل الدُّنيا من أهل النَّار يَوْمَ الْقيَامَة، فَيُصْبَغُ في النَّار صَبْغَةً ثُمَّ يُقَالُ: يَا ابْنَ آدم، هَلْ رَأَيْتَ خَيْرًا قَط؟ هَلْ مَرَّ بكَ نَعيمٌ قَطُّ؟ فَيَقُولُ: لَا وَاللَّه يَا رَبّ، وَيُؤْتَى بأَشَدِّ النَّاس بُؤْسًا في الدُّنْيَا منْ أَهْل الْجَنَّة، فَيُصْبَغُ صَبْغَةً في الْجَنَّة، فَيُقَالُ لَهُ: يَا ابْنَ آدَمَ، هَلْ رَأَيْتَ بُؤْسًا قَطُّ؟ هَلْ مَرَّ بكَ شدَّةٌ قَطُّ؟ فَيَقُولُ: لَا وَاللَّه يَا رَبّ، مَا مَرَّ بي بُؤْسٌ قَطُّ، وَلَا رَأَيْتُ شدَّةً قَط)).
سادسًا: الإيمان بالقَدَر:
وهو الركن السادس، ويتضمَّن أربع مراتب:
المرتبة الأولى:
الإيمان بعِلْم الله المحيط بكل شيء من الموجودات والمستحيلات، وما كان وما لم يكن لو كان كيف يكون، ومن هم في الجنة والنار والشقي والسعيد؛ قال تعالى: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ} [الحشر: 22]، فعن علي قال: كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم جالسًا ومعه مخصرة فنكس فجعل ينكت بمخصرته، ثم قال: ((ما منكم من أحد، ما من نفس منفوسة، إلا وقد كتب الله مكانها من الجنة والنار، وإلا وقد كتبت شقية أو سعيدة))، قالوا: أفلا نتكل؟ قال: ((اعملوا فكلٌّ ميسَّر، ثم قرأ {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} [الليل: 5 - 10])).
المرتبة الثانية:
الإيمان بكتاب الله - عز وجلَّ - الذي لَم يُفرِّط فيه من شيء؛ قال تعالى: {وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ * وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ} [القمر: 52، 53]، ويدخل فيه خمسة تقادير:
الأول: الأزلي من قبل خلق السماء والأرض.
الثاني: كتابة الميثاق.
الثالث: العمري، عند تخليق النطْفة في الرَّحِم، فيكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد وغيره.
الرابع: اليومي، وهو سوق المقادير إلى المواقيت التي قدرت لها فيما سبق.
الخامس: الحولي، في ليلة القدر يقدّر فيها كل ما يكون في السنة إلى مثله.
المرتبة الثالثة:
الإيمان بمشيئة الله النافذة وقدرته الشاملة على كلِّ شيء، وما شاء الله كونه فهو كائن لا محالة؛ {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس: 82]، وما لم يشأ الله تعالى لَم يكنْ عدم مشيئته عدم القدرة عليه؛ {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى} [الأنعام: 35].
المرتبة الرابعة:
الإيمان بأنَّ الله خالق كل شيء، وكل ذرّة في السموات والأرض، والذي هو عامل متحركها وساكنها.
أثر الإيمان بالقدَر في النجاة من فِتْنة المال يكون بعدَّة مسائل:
1- أن الله صاحب غنى كل غني، وأنّ الذي أغناه قادر على أن يجعلهفقيرًا، كما أنّه قادر على أن يغني غيره من الناس؛ قال تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا} [الإسراء: 30].
2- أن كثرة المال وسعة الرزق دليلٌ على ابتلاء الله له، كما حصَل لقارون في خسْفه مع ماله وبداره الأرض عظة وعبرة، فما أغنى عنه خدمُه ولا حشمُه، ولا دافعوا عنه ونصروه، وما انتصر لنفسه، وجاء في الحديث الصحيح عن ابن مسعود مرفوعًا: ((إن الله قسم بينكم أخلاقكم كما قسم أرزاقكم، وإنّ الله يعطي من يحب ومن لا يحب، ولا يعطي الإيمان إلا من يحب)).
3- الحالة الاقتصادية لا تدوم، فقد تفقر مِنْ غناك، وتغني من فقرك وكلّه مقدَّر مكتوب؛ قال الشاعر:
تَرَانِي مُقْبِلاً فَتَصُدَّ عَنِّي كَأَنَّ اللهَ لَمْ يَخْلُقْ سِوَاكَ
سَيُغْنِينِي الَّذِي أَغْنَاكَ عَنِّي فَلا فَقْرِي يَدُومُ وَلا غِنَاكَ
4- أن يعلمَ أنَّ الله قد قسَّم الأرزاق بين العباد، كما في حديث ابن مسعودٍ السابق، وهو صحيح الإسناد عند الحاكم.
5- أن يعلم العبدُ أنَّه أحوج بنصيبه من الآخرة من الدنيا، قال معاذ لرجل: إني موصيك بأمرين إن حفظتهما حُفظْتَ: إنه لا غنى بك عن نصيبك من الدُّنيا، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أفقر، فآثر من الآخرة على نصيبك من الدنيا حتى ينتظمه لك انتظامًا، فتزول به معك أينما كنت.
الفصل الثاني "فتنة النساء"
المبحث الأول
التعريف بفتنة النساء:
لقد حدَّد الشرْعُ العلاقة بين هذَيْن الجنسَيْن، فالرجلُ بطبعه ميَّال إلى المرأة وكذا المرأة؛ قال النبي - عليه الصلاة والسلام -: ((الدنيا متاع، وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة))، إلا أنّ التجاوز في حد الشرع يُشَكِّل خطرًا كبيرًا لذلك، وهذا من فتْنة النساء، ومنها:
1 - العشْق المحرَّم، والنظر إلى النساء الأجنبيات.
2 - ما يقع فيه الإنسان مِنْ محرَّم مع المرأة الأجنبية من زنا أو مباشرة وغيره، والنظر إليهن عبر وسائل الإعلام.
3 - تجاوُز الحدود الشرعية مع الزوجة أو التقصير في حقها وحق بناتها وقرابتها.
المبْحثُ الثَّاني
خطر فتنة النساء
قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ما تركْتُ بعدي فتنةً أضرّ على الرجال من النساء))، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ما من صباح إلا وملكان يناديان: ويلٌ للرجال من النساء، وويل للنساء من الرجال))، وسئل النبي - عليه السلام - عن أكثر ما يلج في النار؛ قال: ((الأجوفان: الفم والفرج)).
ومنه الزِّنا - عياذًا بالله - عن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من وَقي شرَّ لقْلَقِه وقَبْقَبه وذَبْذبه فقد وقي - وفي رواية: دخل الجنة))؛لقلقة اللسان، وقبقبة البطن، وذبذبة الفرج، وفي لسانه لقلقة؛ أي: حبسة.
وأكثر ما يزيّن ذلك من الفتنة تزيين النساء وتجميل بشرتهن، فذلك يورد شهوة الناظر.
المبحث الثالث
صور معاصرة من فتنة النساء
اشتدتْ كثيرًا وسائل هذه الفتَن، وأبرزها ما يلي:
التبرُّج:
نهى الله سبحانه عنه فقال: {وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} [الأحزاب: 33]، فدل وجودُه قديمًا عند نساء الجاهلية، قال مجاهد: كانتْ تخرج وتمشي المرأة بين يدي الرجال، قال قتادة: كانتْ لهن مِشْية تكسُّر وتغنُّج، وقال أبو حيان: التبرُّج أنها تُلقي خمارها على رأسها ولا تشدّه فيواري قلائدها وقرطها وعنقها ويبدو ذلك منها، فنُهي عنه.
أمّا في عصرنا هذا فزد عليه كشْف الصدور، والأفخاذ، وكشف بعض العورة المغلَّظة، وبعض الثديين، ونوادي للرجال والنساء لذلك.
الاختلاط:
من الفتَن التي عمَّت بها البلوى في هذا العصر، فلم يعد هناك تفريق بين الرجال والنساء في أماكن العمل والأسواق والترفيه، وأصبح تركه في بعض المجتمعات تخلُّف, ونادتْ إلى حرية المرأة من أجل تحقيق قدر أكبر من الحريَّة.
المبالغة في الزينة:
وهي أشدّ ما يُجذب إليه الرجل، من تكسّب بالغ في الزينة وتغييرها داخليًّا وخارجيًّا، فظهر أنواع العطور والمساحيق والملابس، وتغيير لون شَعْرها وجلدها، بل التصرُّف في بعض أجزاء جسْمها الداخلي من تكبير وتصغير وتعديل، فأُنشئت المراكز والمستشفيات لتزيين المرأة وتجميلها, وفي جانب اللباس قُل ما شئتَ وما ظهَر من مصمِّمي الأزياء والعروض الخاصة بذلك.
انتشار الصور:
لَم تكن منتشرة في قديم الزمان، وفي زمننا أصبحت الصورةُ سلاحًا بين أيدي الأعداء المنتشرة في الصحُف والمجلات والدعايات التجارية، هذا وقد تكون الصورةُ أجمل من الحقيقة، وتصدر الإلكترونيات صور أجمل بنات العالم، وغير ذلك من العبارات المغرية.
المحادثات الهاتفيّة:
وسيلة تواصل بين الرجل والمرأة، فجاءت التقنيّات لتسهل الأمر المحرّم، فأمكن الحديث بواسطة الهاتف العادي أولاً، ثم تطوَّر الأمرُ فظهرت الهواتف النقّالة، فأعطى قدرًا كبيرًا من الحريّة والخصوصية، ولَم يقف الأمرُ عند هذا، بل تطور لما يسمّى (البالتوك) و(الماسنجر) وغرف الدردشة الصوتية، والخدمة الجديدة (واحد لواحد) وهي تمثِّل (الدردشة)، ولكن لا يلزمها "حاسب آلي بالإنترنت"، بل متنقّل.
وتوصّل هذه التكنولوجيات إلى تواصل الأفكار والمعلومات الصريحة حتى تؤدّي إلى اللقاء - عياذًا بالله.
ومِنْ دلائل خُطُورة هذه الأجهزة:
تخبر فتاة أنّها تعرَّفت على شاب من جنسية مختلفة، فأحبَّتْه وأحبها (لوجه الله)! فأدمنت العادة السريّة ورأته بالكاميرا وظلت على ذلك حتى أرته بعضًا من جسمها،تقول الفتاة: وطلب منِّي الزواج فوافقت على ذلك، وكنت قبل ذلك معدودةً لابن خالي، وعندما أخبرته بذلك هدَّدني بأنّي سأفضحك وأخبر أهلك وأنشر صورك.
وأنا أخشى من أهلي، أخاف أن يقتلوني، أريد الهداية، تركتُ الصلاة والعبادة، وما زال يُهدّدني، فما الحلّ؟ فليس بيدي فعل شيء... إلخ!
فهل من معتبر؟
(الرسائل sms):
يتبادل فيه المشاعر والأحاسيس وكلمات الغرام وتستفيد القنوات - الغنائية الماجنة - من رسائل الجوال، حيث تبلغ النسبة ما يزيد على 94 %.
(فيديو كليب):
تظهر فيه النساء الجميلات بأبهى زينتهنّ يؤدين حركاتٍ استعراضية على أنغام الموسيقا وبصحبة الغناء، وقد أصبح لهذه الظواهر قنوات خاصة.
المبحث الرَّابع
أثر العقيدة في النجاة من فتنة النساء
ويكون بعدة أمورٍ مهمَّة:
أولاً: الإيمان بالله - سبحانه وتعالى -:
فهو من أعظم جوانب العقيدة للنجاة،فخلق الله النعم التي لا تُحصى وأنشأها، وعلَّم حدود الله لكل شخص تجاه الآخر، فالله أَمَرَ المرأة بالستْر والعفاف ونهاها عن التبَرُّج والسفور؛ قال سبحانه: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: 30، 31].
كما أنّ محبة الله تعالى تورّث في القلب الإقبال على الله، والبعد عن ما يسخطه ويأباه، إضافة إلى أنّ الخوف منه تجعل المرء يجتهد في البُعد عن كلِّ ما يكون سببًا في عذاب الله وعقابه في الدارَيْن.
ثانيًا: الإيمان بالرسول - صلى الله عليه وسلم -:
ويتمثَّل ذلك في أمورٍ منها:
تحذيره - صلى الله عليه وسلم - من خطرها وأمره بالسلامة منها، ومعرفة حاله وزهده وتقواه؛ عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إنَّ الدُّنيا حلوةٌ خَضرة، وإنَّ الله مُستخلفكم فيها، فينظر كيف تعملُون؟ فاتقوا الدُّنيا، واتَّقُوا النِّساء؛ فإنَّ أوَّل فتنة بني إسرائيل كانت في النّساء)).
عن أبي أمامة - رضي الله عنه -: أن فتى شابًّا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، ائذن لي بالزنا؟ فأقبل القوم عليه فزجروه،وقالوا: مه مه! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ادنه))، فدنا منه قريبًا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أتحبه لأمك؟))، قال: لا يا رسول الله، جعلني الله فداك، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ولا الناس يحبونه لأمهاتهم))، قال: ((أتحبه لابنتك؟))، قال: لا والله يا رسول الله، جعلني الله فداك، قال: ((ولا الناس يحبونه لبناتهم))، قال: ((فتحبه لأختك؟))، قال: لا والله يا رسول الله، جعلني الله فداك، قال: ((ولا الناس يحبونه لأخواتهم))، قال: ((أتحبه لعمَّتك؟))، قال: لا والله يا رسول الله، جعلني الله فداك، قال: ((ولا الناس يحبونه لعماتهم))، قال: ((أتحبه لخالتك؟))، قال: لا والله يا رسول الله، جعلني الله فداك، قال: ((ولا الناس يحبونه لخالاتهم))، قال: فوضع يده عليه وقال: ((اللهم اغفر ذنبه، وطهِّر قلبه، وحصن فرجه))، فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء.
الفصل الثَّالث في فتنة المنصب
المبحث الأول
التعريف بفتنة المنصب:
وتعني الرغبة في السيادة والسلطة على الآخرين، أو المكانة العالية بين الناس.
ومن مخاطر الفتنة:
تغليبها على محبَّة الله ورضوانه، واتِّباع الهوى لِمَّا حرَّم الله، وترك ما أوجبه الله وما أمر به؛ فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من بدا جفا، ومن تبع الصيد غفل، ومن أتى أبواب السلطان افتتن، وما ازداد أحد من السلطان قربًا، إلا ازداد من الله بُعدًا)). اهـ.
فالمنصب اختبارٌ من الله، فأولياؤه – سبحانه - إن أوتوا شيئًا من ذلك، فقد ابتلوا بلاءً شديدًا، فعليهم أن يستخدموه في الخير، وأن يجعلوه قربة لله تعالى.
وكان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يدعو الله أن يثبِّت قلبه، ويُكثرَ من الاستغفار، وذكر ابن حزم كلاما مهمًّا فقال - رحمه الله -:
وذكروا قول الله - عز وجل - عن سليمان - عليه السلام -: {وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ} [ص: 34].
قال أبو محمد: ولا حجة لهم في هذا؛ إذ معنى قوله تعالى: {فَتَنَّا سُلَيْمَانَ}؛ أي: آتيناه من الملك ما اختبرنا به طاعته، كما قال تعالى مصدقًا لموسى - عليه السلام - في قوله تعالى: {إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ} [الأعراف: 155]؛ إن من الفتنة مَن يهدي الله من يشاء، وقال تعالى: {الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} [العنكبوت: 1 - 3]، فهذه الفتنة هي الاختبار حتى يظهر المهتدي من الضال، فهذه فتنة الله تعالى لسليمان، إنما هي اختبار له حتى ظهر فضله فقط، وما عدا هذا فخرافات ولَّدها زنادقة اليهود وأشباههم؛ "الفِصَل في الملل) (4/15).
المبْحثُ الثّاني
خطر فتنة المنصب
حذَّر النبي - عليه السلام - كثيرًا منها:
عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن سَمُرَة: أَنّ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((يا عبدَالرحمن، لا تَسأل الإمارةَ، فإنك إن أوتيتَها عن مسألة وكلتَ إليها، وإن أوتيتها من غير مسألة أعنتَ عليها)).
والجواب على طلب يوسف الإمارة ما يلي:
أن يوسف - عليه السلام - إنما طلب الولاية لأنه علم أنه لن يقوم مقامه أحد في العدل والإصلاح وتوصيل الفقراء إلى حقوقهم، فرأى أن ذلك فرض متعيَّن عليه، فإنه لم يكن هناك غيره، وهكذا الحكم اليوم، لو علم إنسان من نفسه أنه يقوم بالحق في القضاء أو الحسبة ولم يكن هناك من يصلح ولا يقوم مقامه، لتعيَّن ذلك عليه، ووجب أن يتولاها ويسأل ذلك، ويخبر بصفاته التي يستحقها به من العلم والكفاية وغير ذلك، كما قال يوسف - عليه السلام - فأما لو كان هناك من يقوم بها ويصلح لها وعلم بذلك، فالأولى ألا يطلب؛ لقوله – عليه الصلاة والسلام - لعبد الرحمن: ((لا تسأل الإمارة))، وأيضًا فإن سؤالها والحرص عليها مع العلم بكثرة آفاتها وصعوبة التخلُّص منها دليل على أنه يطلبها لنفسه ولأغراضه، ومن كان هكذا يوشك أن تغلب عليه نفسه فيهلك، وهذا معنى قوله – عليه الصلاة والسلام -: ((وكل إليها))، ومن أباها لعلمه بآفاتها، ولخوفه من التقصير في حقوقها فر منها، ثم إن ابتلي بها فيرجى له، وقيل: بغير ذلك.
وقيل: أنه رأى ذلك فرضًا متعينًا عليه؛ لأنه لم يكن هنالك غيره، وهو الأظهر، كما قال الإمام القرطبي - رحمه الله - في تفسيره.
ومن خطَرهَا أنها سببٌ لنقصان الدين، عن ابن مسعود قال: "إن على أبواب السلطان فتنًا كمبارك الإبل، لا تصيبوا من دنياهم شيئًا إلا أصابوا من دينكم مثله".
وقال الثوري: أترون أخاف أن يضربوني إن أتيتهم، ولكنّي أخاف أن يكرموني فيفتنوني، فهذا يدلّ على أنّ الفتنة ليستْ من ناحية تسلّطهم فحسب، بل قد يأتي من قبل دنياهم.
ومن خَطَرها أنها سببٌ في إزالة النعم؛ قال الفضيل: آفة القرّاء العجب، واحذروا أبواب الملوك فإنها تزيل النعم.
وعن ابن عباس - رضي الله عنهما -: يؤتى بالدنيا يوم القيامة في صورة عجوز شمطاء زرقاء أنيابها مشؤومة تشرف على الخلائق، فيقال: هل تعرفون هذه؟ فيقولون: نعوذ بالله من معرفة هذه، فيقال: هذه الدنيا التي تناحرتُم عليها، بها تقاطعتم الأرحام، وبها تحاسدتم، وبها عصيتم واغتررتم، ثم تقذف في جهنم، فتنادي: أي ربي، أين أتباعي وأشياعي؟ فيقول الله تعالى: ألحقوا بها أشياعها وأتباعها.
ومن أخْطَرها أنها ربما صارت سببًا للشرك بالله - جلّ وعلا - فقد تُتخذ صورهم وتعظَّم من دون الله، وهم شرار الخلق عند الله يوم القيامة، وثبت لعنهم في الحديث الصحيح، فليحذر منها، ومِن شدَّة خطَرها أنَّ السلَف - رضوان الله عليهم - كانوا يفرُّون منها فرارًا.
حال السلف مع المنصب:
عن الفضيل قال: كنَّا نتعلّم اجتناب السلطان كما نتعلَّم سورة من القرآن، وعن حذيفة المرعشي: إذا دعاك من يريد الله كنتَ في راحةٍ من إجابته، وإذا دعاك بعزِّ الله همك ذلك؛ تريد أن تكافئه.
قال أبو عثمان سعيد بن إسماعيل: "ينبغي لمن يخاف الله - عز وجل - ألا يأتي باب السلطان حتى يُدعَى، فيأتيه وهو خائف من ربه - عز وجل - فيأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر، ويقول الحق كما جاء في الحديث: ((أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر))، ثم ينصرف عنهم وهو خائف من ربِّه، فهذا غير مُفْتَتَن، إنما المُفْتَتَن أن يأتيهم راغبًا طالبًا للدُّنيا، طالبًا للعزِّ في الدنيا، طالبًا للرِّئاسة في الناس، يتعزز بعز السلطان، ويتكبر بسلطانه، فإذا أتاهم داهنهم ومال إليهم ورضي بسوء فعلهم، وأعانهم عليه وصدقهم على غير الحق من قولهم، ورجع عنهم مفتخرًا بهم، آمنًا لمكر الله، معتزًّا بما نال من العزِّ بهم، يؤذي الناس ويطغى فيهم ويتقوى عليهم باختلاف إلى السلطان، فهذا الذي افتتن ونسي الآخرة، وعصى ربه وآذى المؤمنين".
قال سفيان الثوري: "إذا رأيت القارئ يلوذ بالسلطان فاعلم أنه لص، وإذا رأيته يلوذ بالأغنياء فاعلم أنه مراء، وإياك أن تخدع فيقال لك: ترد مظلمة تدفع عن مظلوم، فإن هذه خدعة إبليس اتخذها القراء سلمًا".
عن حذيفة، قال: "إياكم ومواقف الفتن"، قيل: وما مواقف الفتن، يا أبا عبد الله؟ قال: "أبواب الأمراء يدخل أحدكم على الأمير فيصدقه بالكذب، ويقول ما ليس فيه".
صور معاصِرة لفتنة المنصب:
وهي كثيرة لاختلاف تنوُّعها، ومنها على سبيل المثال:
الانتخابات:
الطريقةُ الموصلةُ إلى مناصب معينة، مع ما يلاحظ من الصراع المحموم عليها, وهي حينًا لا تعطي الأصوات حسب الكفاءات، إنما لاعتباراتٍ معيّنة؛ كالحزبية، أو وعود قد تصدق وقد لا تصدق.
مسميات المناصب:
فإنَّ متطلبات الحياة المعاصرة دعت إلى تنظيم وظيفي للحفاظ على نُظُم حياة المجتمعات والدول؛ (كرئيس دولة)، و(وزير)، وغيرها، التي يتطلَّع إليها الكثير، ويتمنون الحصول عليها.
تحقيق المصلحة الشخصية:
فهناك بعض المناصب القياديَّة لها مدة من الزمن بعدة من السنين فلا تهمه المصلحة العامة.
المبْحث الرابع
أثر العقيدة في النجاة من فتنة المنصب
أولاً: الإيمان بالله - سبحانه وتعالى -:
ويكون ذلك بعدة أمور - وذكرته لأهميّته -:
1 - إدراك الإيمان بالله - سبحانه وتعالى - وأن بيده كل شيء، وهو المتصرف في كل شيء، وأن من ولي ولاية، فإن الله سبحانه فوقه.
2 - التأمُّل في أن الله - سبحانه وتعالى - هو الذي ولاَّه هذا المنصب وكتبه له, وهو - سبحانه وتعالى - قادر على إزالته متى شاء, وفي قصص الغابرين من أصحاب المناصب عبرة وعظة لغيرهم.
3 - الالتزام بأوامر الله - سبحانه وتعالى - المتعلقة بهذا المنصب، والبُعد عن نواهيه.
4 - مراقبة الله - سبحانه وتعالى - في هذا المنصب، والعمل على أداء حقوقها.
5 - العلم بأن قدرة الله - سبحانه وتعالى - على العبد أعظم من قدرة العبد على مَن غيره من مرؤوسيه.
ثانيا: الإيمان بالرسول - صلى الله عليه وسلم -:
1 - العلم بحاله - صلى الله عليه وسلم.
2 - الأخذ بتوجيهاته في الإقبال على المنصب وإدارته؛ فعن عبدالله بن عمر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ويل للزريبة))، قيل: يا رسول الله، وما الزريبة؟ قال: ((الذي إذا صدق الأمير قالوا: صدقت، وإذا كذب قالوا: صدقت)).
ثالثًا: الإيمان بالقضاء والقدر:
أن يعلم أنَّ الله قدره قبل أن يخلق السموات والأرض، وأنه يسر له ما قدر له، وكما أنّ الله قدر حصوله عليه، فقد قدر زواله عنه.
رابعًا: الإيمان باليوم الآخر:
1- العلم بالسؤال عنه يوم القيامة؛ لحديث: ((كلكم راع وكلكم مسؤول... إلخ)).
2- العلم بالثواب المترتب على الإحسان بالمنصب.
3- العلم بالعقاب المترتب على الإخلال بهذا المنصب.
معْلومَاتٌ تكْميليّة
أسْبابُ الفتن
عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أنه قال: كيف أنتم إذا لبستكم فتنه يربو فيها الصغير، ويهرم فيها الكبير، وتتخذ سنة يجري الناس عليها، فإذا غير منها شيء قيل: تركت سنة، قيل: متى ذلك يا أبا عبدالرحمن؟ قال: إذا كثر قراؤكم، وقلَّ فقهاؤكم، وكثرت أموالكم، وقل أمناؤكم، والتمست الدنيا بعمل الآخر، وتفقه لغير الدين.
فتنَة النساء:
عن أبي سهل الصعلوكي قال: سيكون في هذه الأمة قوم يُقال لهم: اللوطيون،على ثلاثة أصناف: صنف ينظرون، وصنف يصافحون، وصنف يعملون ذلك العمل.
عن عبدالله بن المبارك يقول: دخل سفيان الثوري الحمام فدخل عليه غلام صبيح، فقال: أخرجوه أخرجوه! فإني أرى مع كل امرأة شيطانًا، ومع كل غلام بضعة عشر شيطانًا.
وأخبر المصطفى عن الفتَن بقوله: ((إن الفتن ستعمُّكم، فتعوَّذوا بالله من شرِّها)).
وسُئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - عن تهاون كثير من الناس في النظر إلى صور النساء الأجنبيات؛ بحجة أنها صورة لا حقيقة لها؟
فأجاب - رحمه الله - بقوله:
هذا تهاوُن خطير جدًّا، وذلك أن الإنسان إذا نظر للمرأة سواء كان ذلك بواسطة وسائل الإعلام المرئية، أو بواسطة الصحف أو غير ذلك، فإنه لا بد أن يكون من ذلك فتنة على قلب الرجل تَجُرّه إلى أن يتعمد النظر إلى المرأة مباشرة، وهذا شيء مشاهَد.
ولقد بلغنا أن من الشباب من يقْتني صور النساء الجميلات؛ ليَتَلَذَّذ بالنظر إليهن، أو يتمتع بالنظر إليهن، وهذا يدل على عظَم الفتنة في مشاهدة هذه الصور، فلا يجوز للإنسان أن يشاهِد هذه الصور، سواء كانت في مجلات أو صحف أو غير ذلك؛ انتهى كلامه - رحمه الله.
أَنوَاعُ الفتَن:
عن عوف بن مالك الأشجعي قال: قال لي رسول الله: ((يا عوف، اعدد ستًّا بين يدي الساعة؛ أولهن موتي))؛ فاستبكيت حتى جعل يسكتني، ثم قال لي: ((قل: إحدى))، فقلت: إحدى، فقال: ((والثانية: فتح بيت المقدس))، ((قل: اثنتان))، فقلت: اثنتان، فقال: ((والثالثة: موتان يكون في أمتي يأخذهم مثل قعاص الغنم))، ((قل: ثلاث))، فقلت: ثلاث، فقال: ((والرابعة: فتنة تكون في أمتي وعظمها))، فقال: ((قل: أربع))، قال: فقلت: أربع، ((والخامسة: يفيض فيكم المال، حتى إن الرجل ليعطى المائة دينار فيتسخطها))، ((قل: خمس))، فقال: قلت: خمس، ((والسادسة: هدنة بينكم وبين بني الأصفر، فيسيرون إليكم على ثمانين راية، تحت كل راية اثنا عشر ألفًا، ففسطاط المسلمين يومئذٍ في أرض يُقال لها: الغوطة، في مدينة يُقال لها: دمشق))؛ رواه ابن حماد بإسناد متصل ورواته ثقات.
عن سهل بن عبدالله قال: الفتن ثلاث: فتنة العامة من إضاعة العلم، وفتنة الخاصة من الرخص والتأويلات، وفتنة أهل المعرفة أن يلزمهم حق في وقت فيؤخرونه إلى وقت ثانٍ.
"فتنة التكفير":
ومن أصول أهل السنة أنهم لا يُكَفِّرون الإنسان بمطلق المعاصي والكبائر، كما يفعله الخوارج، ولا يخلدونه في النار كما تقوله المعتزلة، بل يكلون أمره إلى الله، إن شاء عذبه، وإن شاء غفر له، ولهذا اشتهر قولهم: ولا نكفِّر أحدًا من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله، ومرادهم بالذنب هنا: المعاصي التي ليستْ كفرًا مخرجًا عن الملة، ولا هي من المباني الأربعة التي بني عليها الإسلام، قال شارح الطحاوية: "ولهذا امتنع كثيرٌ من الأئمة عن إطلاق القول بأنا لا نُكَفِّر أحدًا بذنب، بل يقال: لا نكفرهم بكلِّ ذنب، كما يفعله الخوارج، وفرق بين النفي العام، ونفي العموم، والواجب إنما هو نفي العموم، مناقضة لقول الخوارج الذين يُكَفِّرون بكل ذنب.
فتنة النِّساء وظُهُور الفواحش:
قال سبحانه: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} [الأحزاب: 33]، والتبَرُّج إظهار المحاسن والمفاتن، ونهاها عن الاختلاط بالرجال الأجانب والخضوع بالقول، فيطمع صاحب الشهوة المريضة بالفاحشة، فأمرت بالحشمة والحجاب لما في ذلك من الصيانة.
فعند نزول هذه الآية بادر نساء المسلمات بالحجاب، كما تقول أمُّ سلمة - رضي الله عنها - وكانت هذه عادة نساء الصحابة، فالواجب على النساء المسلمات أن يتقين الله - عز وجلَّ.
أنواعٌ في بَيان الغناء الكبير من الثروات والقصور المشيَّدة:
أصدرتْ مجلات كـ"إنفيروميشن تكنولوجي ببلشينغ" قائمة أثرياء العالم من العرب؛ حيث زاد على الـ(50) ثريًّا؛ فمن أشهرهم:
1 - الأميرُ الوليد بن طلال، وثروته تعادل 97,5 مليار ريال.
2 - الكويتي ناصر الخرافي، وثروته تعادل 35 مليار ريال.
3 - عائلةُ الحريري اللبناني، وثروته تعادل 16,8 مليار ريال.
4 - السعودي سليمان الراجحي، وثروته تعادل 18 مليار ريال.
5 - عائلةُ الشايع الكويتية، وثروتها تعادل 8,43 مليار ريال.
هذا فيمن مالهم مصرّح بالكشف المالي، فكيف بمن مالهم مخفى؟!
كما قد أطلق تشييد أكبر برج في العالم في دبي من قبل مؤسسة سكيدمور في شيكاغو؛ حيث بلغ قيمته 3.2 مليارات درهم، من تسوق وفنادق ضخمة وناطحات سحاب، حيث تجمّع الملايين.
كما قد أطلق ثاني أكبر برج في العالم بدبي ويحمل اسم "برج بارك سكوير" يتكون من 120 طابق علوي.
كما قد اشترى ثالث أغنى رجال العالم منزلاً خاصًّا في لندن بمقابل 180 مليونًا، كما يلي أغلى خمسة عقارات في كل قارة، مثلاً: أمريكا الشمالية: بـ75 مليون دولار.
وفي إندونيسيا قصْر بلغ ثمنه 27 مليون دولار، ومنزل خاص في أستراليا بلغ ثمنه 17.9 مليون دولار، وشقّة خاصة بلغ ثمنها 16.1 مليون دولار في هونغ كونغ بالصين.
وغيرها من المنازل التي تناهز ملايين الملايين مما لا يمكن حصره؛ من منازل وعقارات وقصور وفنادق وسيارات.
ويتضمن عدة معان، عظيمة الشأن، كبيرة القدر:
الأول: التَّصديق بوُجُودهم.
والثاني: إنزالهم منازلهم، وأنهم مكلفون والموت جائز عليهم.
الثالث: الاعتراف بأنَّ منهم رُسُلاً يرسلون إلى البشر وبوظائفهم؛ فمنهم: خزنة النار، ومنهم الصافون، وغير ذلك، ويتم النجاة مِنْ فتنة المال بالإيمان بأنهم مراقبون لأعمالك ومسجلوها وآخذوها بأمر الله، كما لو أنّ حاكمًا وَكَّل من يراقبك؛ قال تعالى: {إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ} [ق: 17]، فصاحب اليمين يكتب الحسنات، وصاحب الشمال يكتب السيئات؛ وقال تعالى: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ} [الإنفطار: 10 - 12]، وعن ابن عبَّاس - رضي الله عنهما - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما يرويه عن ربه - تبارك وتعالى - قال: ((إن الله كتب الحسنات والسيئات، ثم بيَّن: فمن همّ بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن همّ بها فعملها كتبها الله عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف، وإن همّ بسيئة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن همّ بها فعملها كتبها الله سيئة واحدة))؛ رواه الشيخان.
عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أنَّه سمع رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: ((إنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بالْكَلمَة، لَا يُلْقي لَهَا بَالاً، يَهْوي بهَا في النَّار أَبَعْدَ مَا بَيْنَ اَلْمَشْرق وَالْمَغْرب)).
خامسًا: الإيمان باليوم الآخر:
وهو: الإقرار بأنَّ هذه الدُّنيا إلى انتهاء، وأنَّ وراءها يوم حساب وجزاء، وأنَّ الأرواح تردُّ إلى الأجساد، وبسؤاله: من ربك؟ ما دينك؟ من نبيك؟ ويؤمن بفتنة القبر وبعذابه ونعيمه، وأنهم يقومون يوم القيام حفاةً عراةً غرلاً، وبنصب الموازين فتوزن فيها أعمال العباد، وتنشر الصحائف، فالمؤمن يتلقاها بيمينه، والكافر بشماله، والعاصي من وراء ظهره.
والحوض المورود لمحمد - صلى الله عليه وسلم - ماؤه أشدّ بياضًا من اللبن، وكيزانه كنجوم السماء، من شَرِب منه فلا يظمأ أبدًا.
وبالصراط المنصوب على متْن جهنَّم، وهو الجسر الذي يمرُّ الناس عليه؛ فمنهم كالبرق، ومنهم كالخيل، ومنهم كالزحف يزحف زحفًا، فإذا عبروا مروا بقنطرة بين الجنة والنار، فيتقاصون المظالم بينهم التي كانتْ في الدُّنيا.
وأوّل من يستفتح الجنَّة محمد - عليه السلام - وله ثلاث شفاعات:
الأولى: لأهل الموقع بعد تراجُع الأنبياء.
الثانية: لأهل الجنة أن يدخلوها، وهما خاصتان لمحمد - صلى الله عليه وسلم.
الثالثة: فيمن استحق النار ألا يدخلها, ومَنْ دَخَلها أن يخرج منها، وهذه له ولسائر الأنبياء.
وغير ذلك من الأحداث والأهوال.
وأثر الإيمان من النجاة من فتنة المال بمعرفة مسائل:
الأولى: الإيمان بزوال الدنيا وما فيها.
الثانية: الإيمان بالحساب على هذا المال يوم القيامة؛ قال - عليه الصلاة والسلام -: ((لا تزول قدما عبدٍ يوم القيامة، حتى يُسأل عن أربع: عن عمره فيم أفناه؟ وعن جسده فيمَ أبلاه؟ وعن ماله فيمَ أنفقه؟ ومن أين اكتسبه؟ وعن علمه فيمَ فعل؟)) فإذا آمن أن وراء الحساب إما نعيم ففيه التلذذ بالمال خير من مال الدنيا، فيتصوّر درجات أهل الجنة، أو جحيم فيتصوَّر العذاب الأليم من جَرْيه خلف المحرَّم؛ كالربا: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 275].
وثَبَت في الحديث الذي رواه مسلم في صَحِيحه عن أبي سعيد الخدري، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((يؤتى بأنعم أهل الدُّنيا من أهل النَّار يَوْمَ الْقيَامَة، فَيُصْبَغُ في النَّار صَبْغَةً ثُمَّ يُقَالُ: يَا ابْنَ آدم، هَلْ رَأَيْتَ خَيْرًا قَط؟ هَلْ مَرَّ بكَ نَعيمٌ قَطُّ؟ فَيَقُولُ: لَا وَاللَّه يَا رَبّ، وَيُؤْتَى بأَشَدِّ النَّاس بُؤْسًا في الدُّنْيَا منْ أَهْل الْجَنَّة، فَيُصْبَغُ صَبْغَةً في الْجَنَّة، فَيُقَالُ لَهُ: يَا ابْنَ آدَمَ، هَلْ رَأَيْتَ بُؤْسًا قَطُّ؟ هَلْ مَرَّ بكَ شدَّةٌ قَطُّ؟ فَيَقُولُ: لَا وَاللَّه يَا رَبّ، مَا مَرَّ بي بُؤْسٌ قَطُّ، وَلَا رَأَيْتُ شدَّةً قَط)).
سادسًا: الإيمان بالقَدَر:
وهو الركن السادس، ويتضمَّن أربع مراتب:
المرتبة الأولى:
الإيمان بعِلْم الله المحيط بكل شيء من الموجودات والمستحيلات، وما كان وما لم يكن لو كان كيف يكون، ومن هم في الجنة والنار والشقي والسعيد؛ قال تعالى: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ} [الحشر: 22]، فعن علي قال: كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم جالسًا ومعه مخصرة فنكس فجعل ينكت بمخصرته، ثم قال: ((ما منكم من أحد، ما من نفس منفوسة، إلا وقد كتب الله مكانها من الجنة والنار، وإلا وقد كتبت شقية أو سعيدة))، قالوا: أفلا نتكل؟ قال: ((اعملوا فكلٌّ ميسَّر، ثم قرأ {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} [الليل: 5 - 10])).
المرتبة الثانية:
الإيمان بكتاب الله - عز وجلَّ - الذي لَم يُفرِّط فيه من شيء؛ قال تعالى: {وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ * وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ} [القمر: 52، 53]، ويدخل فيه خمسة تقادير:
الأول: الأزلي من قبل خلق السماء والأرض.
الثاني: كتابة الميثاق.
الثالث: العمري، عند تخليق النطْفة في الرَّحِم، فيكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد وغيره.
الرابع: اليومي، وهو سوق المقادير إلى المواقيت التي قدرت لها فيما سبق.
الخامس: الحولي، في ليلة القدر يقدّر فيها كل ما يكون في السنة إلى مثله.
المرتبة الثالثة:
الإيمان بمشيئة الله النافذة وقدرته الشاملة على كلِّ شيء، وما شاء الله كونه فهو كائن لا محالة؛ {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس: 82]، وما لم يشأ الله تعالى لَم يكنْ عدم مشيئته عدم القدرة عليه؛ {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى} [الأنعام: 35].
المرتبة الرابعة:
الإيمان بأنَّ الله خالق كل شيء، وكل ذرّة في السموات والأرض، والذي هو عامل متحركها وساكنها.
أثر الإيمان بالقدَر في النجاة من فِتْنة المال يكون بعدَّة مسائل:
1- أن الله صاحب غنى كل غني، وأنّ الذي أغناه قادر على أن يجعلهفقيرًا، كما أنّه قادر على أن يغني غيره من الناس؛ قال تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا} [الإسراء: 30].
2- أن كثرة المال وسعة الرزق دليلٌ على ابتلاء الله له، كما حصَل لقارون في خسْفه مع ماله وبداره الأرض عظة وعبرة، فما أغنى عنه خدمُه ولا حشمُه، ولا دافعوا عنه ونصروه، وما انتصر لنفسه، وجاء في الحديث الصحيح عن ابن مسعود مرفوعًا: ((إن الله قسم بينكم أخلاقكم كما قسم أرزاقكم، وإنّ الله يعطي من يحب ومن لا يحب، ولا يعطي الإيمان إلا من يحب)).
3- الحالة الاقتصادية لا تدوم، فقد تفقر مِنْ غناك، وتغني من فقرك وكلّه مقدَّر مكتوب؛ قال الشاعر:
تَرَانِي مُقْبِلاً فَتَصُدَّ عَنِّي كَأَنَّ اللهَ لَمْ يَخْلُقْ سِوَاكَ
سَيُغْنِينِي الَّذِي أَغْنَاكَ عَنِّي فَلا فَقْرِي يَدُومُ وَلا غِنَاكَ
4- أن يعلمَ أنَّ الله قد قسَّم الأرزاق بين العباد، كما في حديث ابن مسعودٍ السابق، وهو صحيح الإسناد عند الحاكم.
5- أن يعلم العبدُ أنَّه أحوج بنصيبه من الآخرة من الدنيا، قال معاذ لرجل: إني موصيك بأمرين إن حفظتهما حُفظْتَ: إنه لا غنى بك عن نصيبك من الدُّنيا، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أفقر، فآثر من الآخرة على نصيبك من الدنيا حتى ينتظمه لك انتظامًا، فتزول به معك أينما كنت.
الفصل الثاني "فتنة النساء"
المبحث الأول
التعريف بفتنة النساء:
لقد حدَّد الشرْعُ العلاقة بين هذَيْن الجنسَيْن، فالرجلُ بطبعه ميَّال إلى المرأة وكذا المرأة؛ قال النبي - عليه الصلاة والسلام -: ((الدنيا متاع، وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة))، إلا أنّ التجاوز في حد الشرع يُشَكِّل خطرًا كبيرًا لذلك، وهذا من فتْنة النساء، ومنها:
1 - العشْق المحرَّم، والنظر إلى النساء الأجنبيات.
2 - ما يقع فيه الإنسان مِنْ محرَّم مع المرأة الأجنبية من زنا أو مباشرة وغيره، والنظر إليهن عبر وسائل الإعلام.
3 - تجاوُز الحدود الشرعية مع الزوجة أو التقصير في حقها وحق بناتها وقرابتها.
المبْحثُ الثَّاني
خطر فتنة النساء
قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ما تركْتُ بعدي فتنةً أضرّ على الرجال من النساء))، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ما من صباح إلا وملكان يناديان: ويلٌ للرجال من النساء، وويل للنساء من الرجال))، وسئل النبي - عليه السلام - عن أكثر ما يلج في النار؛ قال: ((الأجوفان: الفم والفرج)).
ومنه الزِّنا - عياذًا بالله - عن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من وَقي شرَّ لقْلَقِه وقَبْقَبه وذَبْذبه فقد وقي - وفي رواية: دخل الجنة))؛لقلقة اللسان، وقبقبة البطن، وذبذبة الفرج، وفي لسانه لقلقة؛ أي: حبسة.
وأكثر ما يزيّن ذلك من الفتنة تزيين النساء وتجميل بشرتهن، فذلك يورد شهوة الناظر.
المبحث الثالث
صور معاصرة من فتنة النساء
اشتدتْ كثيرًا وسائل هذه الفتَن، وأبرزها ما يلي:
التبرُّج:
نهى الله سبحانه عنه فقال: {وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} [الأحزاب: 33]، فدل وجودُه قديمًا عند نساء الجاهلية، قال مجاهد: كانتْ تخرج وتمشي المرأة بين يدي الرجال، قال قتادة: كانتْ لهن مِشْية تكسُّر وتغنُّج، وقال أبو حيان: التبرُّج أنها تُلقي خمارها على رأسها ولا تشدّه فيواري قلائدها وقرطها وعنقها ويبدو ذلك منها، فنُهي عنه.
أمّا في عصرنا هذا فزد عليه كشْف الصدور، والأفخاذ، وكشف بعض العورة المغلَّظة، وبعض الثديين، ونوادي للرجال والنساء لذلك.
الاختلاط:
من الفتَن التي عمَّت بها البلوى في هذا العصر، فلم يعد هناك تفريق بين الرجال والنساء في أماكن العمل والأسواق والترفيه، وأصبح تركه في بعض المجتمعات تخلُّف, ونادتْ إلى حرية المرأة من أجل تحقيق قدر أكبر من الحريَّة.
المبالغة في الزينة:
وهي أشدّ ما يُجذب إليه الرجل، من تكسّب بالغ في الزينة وتغييرها داخليًّا وخارجيًّا، فظهر أنواع العطور والمساحيق والملابس، وتغيير لون شَعْرها وجلدها، بل التصرُّف في بعض أجزاء جسْمها الداخلي من تكبير وتصغير وتعديل، فأُنشئت المراكز والمستشفيات لتزيين المرأة وتجميلها, وفي جانب اللباس قُل ما شئتَ وما ظهَر من مصمِّمي الأزياء والعروض الخاصة بذلك.
انتشار الصور:
لَم تكن منتشرة في قديم الزمان، وفي زمننا أصبحت الصورةُ سلاحًا بين أيدي الأعداء المنتشرة في الصحُف والمجلات والدعايات التجارية، هذا وقد تكون الصورةُ أجمل من الحقيقة، وتصدر الإلكترونيات صور أجمل بنات العالم، وغير ذلك من العبارات المغرية.
المحادثات الهاتفيّة:
وسيلة تواصل بين الرجل والمرأة، فجاءت التقنيّات لتسهل الأمر المحرّم، فأمكن الحديث بواسطة الهاتف العادي أولاً، ثم تطوَّر الأمرُ فظهرت الهواتف النقّالة، فأعطى قدرًا كبيرًا من الحريّة والخصوصية، ولَم يقف الأمرُ عند هذا، بل تطور لما يسمّى (البالتوك) و(الماسنجر) وغرف الدردشة الصوتية، والخدمة الجديدة (واحد لواحد) وهي تمثِّل (الدردشة)، ولكن لا يلزمها "حاسب آلي بالإنترنت"، بل متنقّل.
وتوصّل هذه التكنولوجيات إلى تواصل الأفكار والمعلومات الصريحة حتى تؤدّي إلى اللقاء - عياذًا بالله.
ومِنْ دلائل خُطُورة هذه الأجهزة:
تخبر فتاة أنّها تعرَّفت على شاب من جنسية مختلفة، فأحبَّتْه وأحبها (لوجه الله)! فأدمنت العادة السريّة ورأته بالكاميرا وظلت على ذلك حتى أرته بعضًا من جسمها،تقول الفتاة: وطلب منِّي الزواج فوافقت على ذلك، وكنت قبل ذلك معدودةً لابن خالي، وعندما أخبرته بذلك هدَّدني بأنّي سأفضحك وأخبر أهلك وأنشر صورك.
وأنا أخشى من أهلي، أخاف أن يقتلوني، أريد الهداية، تركتُ الصلاة والعبادة، وما زال يُهدّدني، فما الحلّ؟ فليس بيدي فعل شيء... إلخ!
فهل من معتبر؟
(الرسائل sms):
يتبادل فيه المشاعر والأحاسيس وكلمات الغرام وتستفيد القنوات - الغنائية الماجنة - من رسائل الجوال، حيث تبلغ النسبة ما يزيد على 94 %.
(فيديو كليب):
تظهر فيه النساء الجميلات بأبهى زينتهنّ يؤدين حركاتٍ استعراضية على أنغام الموسيقا وبصحبة الغناء، وقد أصبح لهذه الظواهر قنوات خاصة.
المبحث الرَّابع
أثر العقيدة في النجاة من فتنة النساء
ويكون بعدة أمورٍ مهمَّة:
أولاً: الإيمان بالله - سبحانه وتعالى -:
فهو من أعظم جوانب العقيدة للنجاة،فخلق الله النعم التي لا تُحصى وأنشأها، وعلَّم حدود الله لكل شخص تجاه الآخر، فالله أَمَرَ المرأة بالستْر والعفاف ونهاها عن التبَرُّج والسفور؛ قال سبحانه: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: 30، 31].
كما أنّ محبة الله تعالى تورّث في القلب الإقبال على الله، والبعد عن ما يسخطه ويأباه، إضافة إلى أنّ الخوف منه تجعل المرء يجتهد في البُعد عن كلِّ ما يكون سببًا في عذاب الله وعقابه في الدارَيْن.
ثانيًا: الإيمان بالرسول - صلى الله عليه وسلم -:
ويتمثَّل ذلك في أمورٍ منها:
تحذيره - صلى الله عليه وسلم - من خطرها وأمره بالسلامة منها، ومعرفة حاله وزهده وتقواه؛ عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إنَّ الدُّنيا حلوةٌ خَضرة، وإنَّ الله مُستخلفكم فيها، فينظر كيف تعملُون؟ فاتقوا الدُّنيا، واتَّقُوا النِّساء؛ فإنَّ أوَّل فتنة بني إسرائيل كانت في النّساء)).
عن أبي أمامة - رضي الله عنه -: أن فتى شابًّا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، ائذن لي بالزنا؟ فأقبل القوم عليه فزجروه،وقالوا: مه مه! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ادنه))، فدنا منه قريبًا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أتحبه لأمك؟))، قال: لا يا رسول الله، جعلني الله فداك، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ولا الناس يحبونه لأمهاتهم))، قال: ((أتحبه لابنتك؟))، قال: لا والله يا رسول الله، جعلني الله فداك، قال: ((ولا الناس يحبونه لبناتهم))، قال: ((فتحبه لأختك؟))، قال: لا والله يا رسول الله، جعلني الله فداك، قال: ((ولا الناس يحبونه لأخواتهم))، قال: ((أتحبه لعمَّتك؟))، قال: لا والله يا رسول الله، جعلني الله فداك، قال: ((ولا الناس يحبونه لعماتهم))، قال: ((أتحبه لخالتك؟))، قال: لا والله يا رسول الله، جعلني الله فداك، قال: ((ولا الناس يحبونه لخالاتهم))، قال: فوضع يده عليه وقال: ((اللهم اغفر ذنبه، وطهِّر قلبه، وحصن فرجه))، فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء.
الفصل الثَّالث في فتنة المنصب
المبحث الأول
التعريف بفتنة المنصب:
وتعني الرغبة في السيادة والسلطة على الآخرين، أو المكانة العالية بين الناس.
ومن مخاطر الفتنة:
تغليبها على محبَّة الله ورضوانه، واتِّباع الهوى لِمَّا حرَّم الله، وترك ما أوجبه الله وما أمر به؛ فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من بدا جفا، ومن تبع الصيد غفل، ومن أتى أبواب السلطان افتتن، وما ازداد أحد من السلطان قربًا، إلا ازداد من الله بُعدًا)). اهـ.
فالمنصب اختبارٌ من الله، فأولياؤه – سبحانه - إن أوتوا شيئًا من ذلك، فقد ابتلوا بلاءً شديدًا، فعليهم أن يستخدموه في الخير، وأن يجعلوه قربة لله تعالى.
وكان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يدعو الله أن يثبِّت قلبه، ويُكثرَ من الاستغفار، وذكر ابن حزم كلاما مهمًّا فقال - رحمه الله -:
وذكروا قول الله - عز وجل - عن سليمان - عليه السلام -: {وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ} [ص: 34].
قال أبو محمد: ولا حجة لهم في هذا؛ إذ معنى قوله تعالى: {فَتَنَّا سُلَيْمَانَ}؛ أي: آتيناه من الملك ما اختبرنا به طاعته، كما قال تعالى مصدقًا لموسى - عليه السلام - في قوله تعالى: {إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ} [الأعراف: 155]؛ إن من الفتنة مَن يهدي الله من يشاء، وقال تعالى: {الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} [العنكبوت: 1 - 3]، فهذه الفتنة هي الاختبار حتى يظهر المهتدي من الضال، فهذه فتنة الله تعالى لسليمان، إنما هي اختبار له حتى ظهر فضله فقط، وما عدا هذا فخرافات ولَّدها زنادقة اليهود وأشباههم؛ "الفِصَل في الملل) (4/15).
المبْحثُ الثّاني
خطر فتنة المنصب
حذَّر النبي - عليه السلام - كثيرًا منها:
عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن سَمُرَة: أَنّ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((يا عبدَالرحمن، لا تَسأل الإمارةَ، فإنك إن أوتيتَها عن مسألة وكلتَ إليها، وإن أوتيتها من غير مسألة أعنتَ عليها)).
والجواب على طلب يوسف الإمارة ما يلي:
أن يوسف - عليه السلام - إنما طلب الولاية لأنه علم أنه لن يقوم مقامه أحد في العدل والإصلاح وتوصيل الفقراء إلى حقوقهم، فرأى أن ذلك فرض متعيَّن عليه، فإنه لم يكن هناك غيره، وهكذا الحكم اليوم، لو علم إنسان من نفسه أنه يقوم بالحق في القضاء أو الحسبة ولم يكن هناك من يصلح ولا يقوم مقامه، لتعيَّن ذلك عليه، ووجب أن يتولاها ويسأل ذلك، ويخبر بصفاته التي يستحقها به من العلم والكفاية وغير ذلك، كما قال يوسف - عليه السلام - فأما لو كان هناك من يقوم بها ويصلح لها وعلم بذلك، فالأولى ألا يطلب؛ لقوله – عليه الصلاة والسلام - لعبد الرحمن: ((لا تسأل الإمارة))، وأيضًا فإن سؤالها والحرص عليها مع العلم بكثرة آفاتها وصعوبة التخلُّص منها دليل على أنه يطلبها لنفسه ولأغراضه، ومن كان هكذا يوشك أن تغلب عليه نفسه فيهلك، وهذا معنى قوله – عليه الصلاة والسلام -: ((وكل إليها))، ومن أباها لعلمه بآفاتها، ولخوفه من التقصير في حقوقها فر منها، ثم إن ابتلي بها فيرجى له، وقيل: بغير ذلك.
وقيل: أنه رأى ذلك فرضًا متعينًا عليه؛ لأنه لم يكن هنالك غيره، وهو الأظهر، كما قال الإمام القرطبي - رحمه الله - في تفسيره.
ومن خطَرهَا أنها سببٌ لنقصان الدين، عن ابن مسعود قال: "إن على أبواب السلطان فتنًا كمبارك الإبل، لا تصيبوا من دنياهم شيئًا إلا أصابوا من دينكم مثله".
وقال الثوري: أترون أخاف أن يضربوني إن أتيتهم، ولكنّي أخاف أن يكرموني فيفتنوني، فهذا يدلّ على أنّ الفتنة ليستْ من ناحية تسلّطهم فحسب، بل قد يأتي من قبل دنياهم.
ومن خَطَرها أنها سببٌ في إزالة النعم؛ قال الفضيل: آفة القرّاء العجب، واحذروا أبواب الملوك فإنها تزيل النعم.
وعن ابن عباس - رضي الله عنهما -: يؤتى بالدنيا يوم القيامة في صورة عجوز شمطاء زرقاء أنيابها مشؤومة تشرف على الخلائق، فيقال: هل تعرفون هذه؟ فيقولون: نعوذ بالله من معرفة هذه، فيقال: هذه الدنيا التي تناحرتُم عليها، بها تقاطعتم الأرحام، وبها تحاسدتم، وبها عصيتم واغتررتم، ثم تقذف في جهنم، فتنادي: أي ربي، أين أتباعي وأشياعي؟ فيقول الله تعالى: ألحقوا بها أشياعها وأتباعها.
ومن أخْطَرها أنها ربما صارت سببًا للشرك بالله - جلّ وعلا - فقد تُتخذ صورهم وتعظَّم من دون الله، وهم شرار الخلق عند الله يوم القيامة، وثبت لعنهم في الحديث الصحيح، فليحذر منها، ومِن شدَّة خطَرها أنَّ السلَف - رضوان الله عليهم - كانوا يفرُّون منها فرارًا.
حال السلف مع المنصب:
عن الفضيل قال: كنَّا نتعلّم اجتناب السلطان كما نتعلَّم سورة من القرآن، وعن حذيفة المرعشي: إذا دعاك من يريد الله كنتَ في راحةٍ من إجابته، وإذا دعاك بعزِّ الله همك ذلك؛ تريد أن تكافئه.
قال أبو عثمان سعيد بن إسماعيل: "ينبغي لمن يخاف الله - عز وجل - ألا يأتي باب السلطان حتى يُدعَى، فيأتيه وهو خائف من ربه - عز وجل - فيأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر، ويقول الحق كما جاء في الحديث: ((أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر))، ثم ينصرف عنهم وهو خائف من ربِّه، فهذا غير مُفْتَتَن، إنما المُفْتَتَن أن يأتيهم راغبًا طالبًا للدُّنيا، طالبًا للعزِّ في الدنيا، طالبًا للرِّئاسة في الناس، يتعزز بعز السلطان، ويتكبر بسلطانه، فإذا أتاهم داهنهم ومال إليهم ورضي بسوء فعلهم، وأعانهم عليه وصدقهم على غير الحق من قولهم، ورجع عنهم مفتخرًا بهم، آمنًا لمكر الله، معتزًّا بما نال من العزِّ بهم، يؤذي الناس ويطغى فيهم ويتقوى عليهم باختلاف إلى السلطان، فهذا الذي افتتن ونسي الآخرة، وعصى ربه وآذى المؤمنين".
قال سفيان الثوري: "إذا رأيت القارئ يلوذ بالسلطان فاعلم أنه لص، وإذا رأيته يلوذ بالأغنياء فاعلم أنه مراء، وإياك أن تخدع فيقال لك: ترد مظلمة تدفع عن مظلوم، فإن هذه خدعة إبليس اتخذها القراء سلمًا".
عن حذيفة، قال: "إياكم ومواقف الفتن"، قيل: وما مواقف الفتن، يا أبا عبد الله؟ قال: "أبواب الأمراء يدخل أحدكم على الأمير فيصدقه بالكذب، ويقول ما ليس فيه".
صور معاصِرة لفتنة المنصب:
وهي كثيرة لاختلاف تنوُّعها، ومنها على سبيل المثال:
الانتخابات:
الطريقةُ الموصلةُ إلى مناصب معينة، مع ما يلاحظ من الصراع المحموم عليها, وهي حينًا لا تعطي الأصوات حسب الكفاءات، إنما لاعتباراتٍ معيّنة؛ كالحزبية، أو وعود قد تصدق وقد لا تصدق.
مسميات المناصب:
فإنَّ متطلبات الحياة المعاصرة دعت إلى تنظيم وظيفي للحفاظ على نُظُم حياة المجتمعات والدول؛ (كرئيس دولة)، و(وزير)، وغيرها، التي يتطلَّع إليها الكثير، ويتمنون الحصول عليها.
تحقيق المصلحة الشخصية:
فهناك بعض المناصب القياديَّة لها مدة من الزمن بعدة من السنين فلا تهمه المصلحة العامة.
المبْحث الرابع
أثر العقيدة في النجاة من فتنة المنصب
أولاً: الإيمان بالله - سبحانه وتعالى -:
ويكون ذلك بعدة أمور - وذكرته لأهميّته -:
1 - إدراك الإيمان بالله - سبحانه وتعالى - وأن بيده كل شيء، وهو المتصرف في كل شيء، وأن من ولي ولاية، فإن الله سبحانه فوقه.
2 - التأمُّل في أن الله - سبحانه وتعالى - هو الذي ولاَّه هذا المنصب وكتبه له, وهو - سبحانه وتعالى - قادر على إزالته متى شاء, وفي قصص الغابرين من أصحاب المناصب عبرة وعظة لغيرهم.
3 - الالتزام بأوامر الله - سبحانه وتعالى - المتعلقة بهذا المنصب، والبُعد عن نواهيه.
4 - مراقبة الله - سبحانه وتعالى - في هذا المنصب، والعمل على أداء حقوقها.
5 - العلم بأن قدرة الله - سبحانه وتعالى - على العبد أعظم من قدرة العبد على مَن غيره من مرؤوسيه.
ثانيا: الإيمان بالرسول - صلى الله عليه وسلم -:
1 - العلم بحاله - صلى الله عليه وسلم.
2 - الأخذ بتوجيهاته في الإقبال على المنصب وإدارته؛ فعن عبدالله بن عمر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ويل للزريبة))، قيل: يا رسول الله، وما الزريبة؟ قال: ((الذي إذا صدق الأمير قالوا: صدقت، وإذا كذب قالوا: صدقت)).
ثالثًا: الإيمان بالقضاء والقدر:
أن يعلم أنَّ الله قدره قبل أن يخلق السموات والأرض، وأنه يسر له ما قدر له، وكما أنّ الله قدر حصوله عليه، فقد قدر زواله عنه.
رابعًا: الإيمان باليوم الآخر:
1- العلم بالسؤال عنه يوم القيامة؛ لحديث: ((كلكم راع وكلكم مسؤول... إلخ)).
2- العلم بالثواب المترتب على الإحسان بالمنصب.
3- العلم بالعقاب المترتب على الإخلال بهذا المنصب.
معْلومَاتٌ تكْميليّة
أسْبابُ الفتن
عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أنه قال: كيف أنتم إذا لبستكم فتنه يربو فيها الصغير، ويهرم فيها الكبير، وتتخذ سنة يجري الناس عليها، فإذا غير منها شيء قيل: تركت سنة، قيل: متى ذلك يا أبا عبدالرحمن؟ قال: إذا كثر قراؤكم، وقلَّ فقهاؤكم، وكثرت أموالكم، وقل أمناؤكم، والتمست الدنيا بعمل الآخر، وتفقه لغير الدين.
فتنَة النساء:
عن أبي سهل الصعلوكي قال: سيكون في هذه الأمة قوم يُقال لهم: اللوطيون،على ثلاثة أصناف: صنف ينظرون، وصنف يصافحون، وصنف يعملون ذلك العمل.
عن عبدالله بن المبارك يقول: دخل سفيان الثوري الحمام فدخل عليه غلام صبيح، فقال: أخرجوه أخرجوه! فإني أرى مع كل امرأة شيطانًا، ومع كل غلام بضعة عشر شيطانًا.
وأخبر المصطفى عن الفتَن بقوله: ((إن الفتن ستعمُّكم، فتعوَّذوا بالله من شرِّها)).
وسُئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - عن تهاون كثير من الناس في النظر إلى صور النساء الأجنبيات؛ بحجة أنها صورة لا حقيقة لها؟
فأجاب - رحمه الله - بقوله:
هذا تهاوُن خطير جدًّا، وذلك أن الإنسان إذا نظر للمرأة سواء كان ذلك بواسطة وسائل الإعلام المرئية، أو بواسطة الصحف أو غير ذلك، فإنه لا بد أن يكون من ذلك فتنة على قلب الرجل تَجُرّه إلى أن يتعمد النظر إلى المرأة مباشرة، وهذا شيء مشاهَد.
ولقد بلغنا أن من الشباب من يقْتني صور النساء الجميلات؛ ليَتَلَذَّذ بالنظر إليهن، أو يتمتع بالنظر إليهن، وهذا يدل على عظَم الفتنة في مشاهدة هذه الصور، فلا يجوز للإنسان أن يشاهِد هذه الصور، سواء كانت في مجلات أو صحف أو غير ذلك؛ انتهى كلامه - رحمه الله.
أَنوَاعُ الفتَن:
عن عوف بن مالك الأشجعي قال: قال لي رسول الله: ((يا عوف، اعدد ستًّا بين يدي الساعة؛ أولهن موتي))؛ فاستبكيت حتى جعل يسكتني، ثم قال لي: ((قل: إحدى))، فقلت: إحدى، فقال: ((والثانية: فتح بيت المقدس))، ((قل: اثنتان))، فقلت: اثنتان، فقال: ((والثالثة: موتان يكون في أمتي يأخذهم مثل قعاص الغنم))، ((قل: ثلاث))، فقلت: ثلاث، فقال: ((والرابعة: فتنة تكون في أمتي وعظمها))، فقال: ((قل: أربع))، قال: فقلت: أربع، ((والخامسة: يفيض فيكم المال، حتى إن الرجل ليعطى المائة دينار فيتسخطها))، ((قل: خمس))، فقال: قلت: خمس، ((والسادسة: هدنة بينكم وبين بني الأصفر، فيسيرون إليكم على ثمانين راية، تحت كل راية اثنا عشر ألفًا، ففسطاط المسلمين يومئذٍ في أرض يُقال لها: الغوطة، في مدينة يُقال لها: دمشق))؛ رواه ابن حماد بإسناد متصل ورواته ثقات.
عن سهل بن عبدالله قال: الفتن ثلاث: فتنة العامة من إضاعة العلم، وفتنة الخاصة من الرخص والتأويلات، وفتنة أهل المعرفة أن يلزمهم حق في وقت فيؤخرونه إلى وقت ثانٍ.
"فتنة التكفير":
ومن أصول أهل السنة أنهم لا يُكَفِّرون الإنسان بمطلق المعاصي والكبائر، كما يفعله الخوارج، ولا يخلدونه في النار كما تقوله المعتزلة، بل يكلون أمره إلى الله، إن شاء عذبه، وإن شاء غفر له، ولهذا اشتهر قولهم: ولا نكفِّر أحدًا من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله، ومرادهم بالذنب هنا: المعاصي التي ليستْ كفرًا مخرجًا عن الملة، ولا هي من المباني الأربعة التي بني عليها الإسلام، قال شارح الطحاوية: "ولهذا امتنع كثيرٌ من الأئمة عن إطلاق القول بأنا لا نُكَفِّر أحدًا بذنب، بل يقال: لا نكفرهم بكلِّ ذنب، كما يفعله الخوارج، وفرق بين النفي العام، ونفي العموم، والواجب إنما هو نفي العموم، مناقضة لقول الخوارج الذين يُكَفِّرون بكل ذنب.
فتنة النِّساء وظُهُور الفواحش:
قال سبحانه: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} [الأحزاب: 33]، والتبَرُّج إظهار المحاسن والمفاتن، ونهاها عن الاختلاط بالرجال الأجانب والخضوع بالقول، فيطمع صاحب الشهوة المريضة بالفاحشة، فأمرت بالحشمة والحجاب لما في ذلك من الصيانة.
فعند نزول هذه الآية بادر نساء المسلمات بالحجاب، كما تقول أمُّ سلمة - رضي الله عنها - وكانت هذه عادة نساء الصحابة، فالواجب على النساء المسلمات أن يتقين الله - عز وجلَّ.
أنواعٌ في بَيان الغناء الكبير من الثروات والقصور المشيَّدة:
أصدرتْ مجلات كـ"إنفيروميشن تكنولوجي ببلشينغ" قائمة أثرياء العالم من العرب؛ حيث زاد على الـ(50) ثريًّا؛ فمن أشهرهم:
1 - الأميرُ الوليد بن طلال، وثروته تعادل 97,5 مليار ريال.
2 - الكويتي ناصر الخرافي، وثروته تعادل 35 مليار ريال.
3 - عائلةُ الحريري اللبناني، وثروته تعادل 16,8 مليار ريال.
4 - السعودي سليمان الراجحي، وثروته تعادل 18 مليار ريال.
5 - عائلةُ الشايع الكويتية، وثروتها تعادل 8,43 مليار ريال.
هذا فيمن مالهم مصرّح بالكشف المالي، فكيف بمن مالهم مخفى؟!
كما قد أطلق تشييد أكبر برج في العالم في دبي من قبل مؤسسة سكيدمور في شيكاغو؛ حيث بلغ قيمته 3.2 مليارات درهم، من تسوق وفنادق ضخمة وناطحات سحاب، حيث تجمّع الملايين.
كما قد أطلق ثاني أكبر برج في العالم بدبي ويحمل اسم "برج بارك سكوير" يتكون من 120 طابق علوي.
كما قد اشترى ثالث أغنى رجال العالم منزلاً خاصًّا في لندن بمقابل 180 مليونًا، كما يلي أغلى خمسة عقارات في كل قارة، مثلاً: أمريكا الشمالية: بـ75 مليون دولار.
وفي إندونيسيا قصْر بلغ ثمنه 27 مليون دولار، ومنزل خاص في أستراليا بلغ ثمنه 17.9 مليون دولار، وشقّة خاصة بلغ ثمنها 16.1 مليون دولار في هونغ كونغ بالصين.
وغيرها من المنازل التي تناهز ملايين الملايين مما لا يمكن حصره؛ من منازل وعقارات وقصور وفنادق وسيارات.
مواضيع مماثلة
» لعقيدة الإسلامية وأثرها في مواجهة الفتن المعاصرة
» ثوابت الحياة الإسلامية في مواجهة العولمة
» ]قال الإمام البخاري في كتاب الفتن من صحيحه :" باب: من كره أن يكثِّر سواد الفتن والظلم.
» أجمعوا على تأكيد "الهوية الإسلامية" لمصر.. "الدعوة السلفية" و"الجماعة الإسلامية" وحزب "النور" و"الإخوان" يبدون تحفظات على بنود بوثيقة الأزهر
» ]رؤى متناثرة حول الدراسات الأصولية المعاصرة... (أفكار ومقترحات)
» ثوابت الحياة الإسلامية في مواجهة العولمة
» ]قال الإمام البخاري في كتاب الفتن من صحيحه :" باب: من كره أن يكثِّر سواد الفتن والظلم.
» أجمعوا على تأكيد "الهوية الإسلامية" لمصر.. "الدعوة السلفية" و"الجماعة الإسلامية" وحزب "النور" و"الإخوان" يبدون تحفظات على بنود بوثيقة الأزهر
» ]رؤى متناثرة حول الدراسات الأصولية المعاصرة... (أفكار ومقترحات)
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة 21 يونيو 2024, 12:25 am من طرف Admin
» هل الانجيل محرف
الأربعاء 19 يونيو 2024, 2:34 pm من طرف Admin
» شبهات النصاري زواج ام المؤمنين عائشه،
الإثنين 17 يونيو 2024, 10:30 am من طرف Admin
» الفرق بين السنه والفقه
السبت 11 مايو 2024, 11:23 pm من طرف Admin
» كيف عرفت انه نبي..
الجمعة 26 أبريل 2024, 5:40 am من طرف Admin
» موضوع هل يدخل الجنه غير المسلمين،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:48 am من طرف Admin
» التدرج في التشريع
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:43 am من طرف Admin
» كتب عليكم الصيام،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:41 am من طرف Admin
» اقوال العلماء في تفسير ايه الحجاب،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:40 am من طرف Admin