بحـث
الشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المواضيع الأخيرة
نوفمبر 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | |||||
3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 |
10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 |
17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 |
24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
الحمدلله على نعمة الاسلام
ايها الاخوه الدعاه الى الله وكذا جميع الزائرين والزائرات مرحبا بكم واهلا نتمنى من الله ان نكون عند حسن ظنكم جميا والله الموفق الى الخير وهو حسبنا ونعم الوكيلالشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 39 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 39 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحثلا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 76 بتاريخ الأربعاء 30 أكتوبر 2024, 11:01 pm
هل الحرب على النقاب أم على الإسلام 2
صفحة 1 من اصل 1
هل الحرب على النقاب أم على الإسلام 2
ثم جاء رئيس جامعة الفيوم وزاد وصرح بمنع المدرسات المنتقبات من دخول المحاضرات ، والذي تتابعت التصريحات بمفاده
ثم خرجت المؤسسات الصهيونية الأمريكية لتشن هي الأخرى حرباً شرسة على كلية أمريكية تراجعت عن حظر النقاب محتجة بالجامعات المصرية فكأنها بمعنى آخر تخاف أن يستغل ذلك في الاحتجاج على هذه الجامعات ، فهو تواصي وتكاتف بين الجاهلية في كل مكان ..
أليس هذا هو مسلك الجاهليات في كل زمانٍ ومكان..؟
ألم يذكر سبحانه أن الظالمين بعضهم أولياء بعض فقال سبحانه وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ (19) هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) ، وقال: (وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)
يقول القرطبي : ({وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض} أي أصدقاء وأنصار وأحباب. قال ابن عباس: يريد أن المنافقين أولياء اليهود) ويقول ابن كثير : (وماذا تغني عنهم ولايتهم لبعضهم بعضا، فإنهم لا يزيدونهم إلا خسارا ودمارا وهلاكا)
وذكر سبحانه أن الكافرين أولياء بعض فقال سبحانه : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ)
بل اليهود والنصارى مع ما بينهم من عداوة بعضهم أولياء بعض ، قال سبحانه : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ)
وهذا الرابطة ليست قاصرة على شياطين الإنس بل تربطهم كذلك مع شياطين الجن ، قال تعالى : (إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ) ،وقال سبحانه فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ)
وهذا الرابطة تتجاوز وتتغاضى عن أي حقائق أو خلافات ولو كانت في أصل مايدعون الاعتقاد به حتى يصل الأمر بأهل الكتاب أن يشهدوا أن عباد الأصنام والأوثان أهدى من النبي – صلى الله عليه وسلم – والمؤمنين معه ، قال تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا سَبِيلًا)
وهذه الولاية والرابطة تزيد عندما يشعرون بوقع المعركة فيتنادون بالصبر والتكاتف ويلوحون بالتهديد لكل من يتقاعس ،يقول تعالى : (وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آَلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ)
وهي رابطة تُغذيها الوعود بالنصر والرفعة والجاه والسلطان لضمان استمرارية وقوة هذه الرابطة ، قال تعالى : (بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إِلَّا غُرُورًا)
ولكن الله – عز وجل – يطمئن المؤمنين أن هذه الرابطة وإن رآها المؤمنون متشابكة مترابطة فهي واهية كبيت العنكبوت خيوطه متشابكة ومترابطة ولكنها واهية ، قال تعالى: (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ)
وفي مقابلها يأمر الله سبحانه المؤمنين بمزيد إخلاص وتوحيد في ولايتهم له سبحانه، إذ هي السبيل الوحيد لإبطال كيد الظالمين أما من تدعوه نفسه ويميل بهواه إلى الركون للظالمين والتماس القرب والرحمة منهم فقد عرض نفسه للعذاب في الدنيا والآخرة ، يقول تعالى : (وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ)، ويعدهم - إن فعلوا ذلك - بالغلبة ،فيقول تعالى : {ومن يتول الله ورسوله والذين امنوا فإن حزب الله هم الغالبون}
الصورة الثانية : التشدد في التنفيذ والصبر طلباً للنصر:
وتأمل هذه الأخبار:
- (جامعة المنصورة تتجاهل الحكم القضائي لصالح\"المنتقبات\" وتواصل إجبار الطالبات علي خلع النقاب داخل الامتحانات وعلقت الكليات لافتات تؤكد علي منع دخول المنتقبات اللجان)
- ( أكد الدكتور محمد صفوت زهران رئيس جامعة بنها ، إن الطالبات المنتقبات التزمن بقرار مجلس الجامعة بحظر ارتداء النقاب خلال امتحانات الفصل الدراسي الأول ، مشددا على أنه لا تهاون مع المقصرين وغير الملتزمين خلال الامتحانات ،و إحالة أي مخالف إلى التحقيق)
- (أما نائب رئيس جامعة بنها د. شمس الدين فصرح : منع المنتقبات من دخول الجامعة \"مش هزار\".، وأكد أنه سيطبق على جميع أعضاء هيئة التدريس والعاملين، وسيتم منع ارتداء النقاب نهائياً داخل الحرم الجامعى)
- ( بجامعة الفيوم حيث اصدر الدكتور خليل عبد العال خليل عميد كلية دار العلوم قرارا بمنع حصول اى طالبة منتقبة على ورقتى الاسئلة والاجابة الا بعد رفع النقاب نهائيا ونص القرار على عدم السماح للمنتقبة بدخول الامتحان من الاساس
و اصدرت ادارة الجامعة قرارا بمنع اى ملاحظة منتقبة من الاشراف على الامتحانات)
- ( قام الدكتور عادل زايد، نائب رئيس جامعة القاهرة لشؤون التعليم والطلاب، أمس بجولة صباحية مفاجئة فى لجان امتحانات بعض الكليات التى تجرى بها الامتحانات، خاصة فى كليات دار العلوم والاقتصاد والعلوم السياسية والزراعة والعلوم.
واستهدفت جولة نائب رئيس الجامعة الطالبات المنتقبات داخل اللجان، للتأكد من عدم ارتدائهن الكمامات الطبية، وأصر على نزع الطالبات الكمامات التى يرتدينها، كشرط استمرارهن فى أداء الامتحان.
وعلقت الجامعة منشورات فى الكليات، من بينها ١٥ منشورا فى كلية دار العلوم وحدها، تحذر من ارتداء النقاب أو الكمامات الطبية أثناء أداء الامتحانات)
- (طرد 15 طالبة منتقبة من لجنة الإمتحان رفضن خلع الكمامة الطبية أمام نائب رئيس الجامعة)
- (فى الوقت نفسه قرر الدكتور محمد الخليلي نائب رئيس الجامعة طرد موظفين بالكلية من فى الفترة المسائية بسبب وجود طالبة منتقبة داخل اللجنة)
- (أرسل اليوم د.حسام كامل رئيس جامعة القاهرة، إلى عمداء الكليات بالجامعة خطابات يشدد فيها على منع المنتقبات من ارتداء الكمامة فى الامتحان بديلا للنقاب
- (وعلم اليوم السابع أن سبب منع ارتداء الكمامات فى الامتحانات ، يعود إلى توجيهات أصدرها هانى هلال وزير التعليم العالى، إلى رؤساء الجامعات، بعد أن أكدت له جهات أمنية أن ارتداء الكمامات هو فعل منظم له فى جميع الجامعات المصرية بعد فتوى أحد الشيوخ)
- ويروي أحد الإخوة يقول ومن سفالة القوم.. أن دخلت إحدى مستضعفات المنتقبات بعدما أجبرت على خلع نقابها.. وقد انحنت ودفنت وجهها لئلا يراه أحد..فقال لها أحد السفلة: اعتدلي...)
هذه بعض صور التطرف والتعنت ورفض أنصاف الحلول وأرباعها ورفض أي تنازل أما معاني الرحمة والشفقة والرجولة فمناقشتها تدل على خلل في التصور المنهجي لأمثال هؤلاء ..
هذه هي العلمانية ..وهذه هي الجاهلية عندما تحوز القوة والسطوة ، هذه صورة بسيطة من كيفية فرضها لآرائها ...
أين ما يدعونه من حرية الرأي والفكر..؟! أين ما يدعونه من حرية المرأة واحترام عقلها..؟!
أين ما يتشدقون به من محاربة صور التطرف وفرض الرأي واحتكار الحق..؟!
أليس هذا المسلك هو نفس مسلك الجاهلية في كل زمان ومكانٍ عندما تفشل وتعجز ؟!
ألا يُشبه هذا المسلك – المتشدد - ما يحكيه الله تبارك وتعالى عن فعل أعداء الحق مع كل رسول ؟!
قال تعالى: {وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا}
وقال تعالى : {قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا ، أو لتعودن في ملتنا }
يقول الشيخ سيد قطب – رحمه الله - ** قال الملأ الذين استكبروا من قومه : لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا ، أو لتعودن في ملتنا } .
هكذا في تبجح سافر ، وفي إصرار على المعركة لا يقبل المهادنة والتعايش!
....................
** قال : أو لو كنا كارهين؟ قد افترينا على الله كذبا إن عدنا في ملتكم بعد إذ نجانا الله منها . وما يكون لنا أن نعود فيها - إلا أن يشاء الله ربنا ، وسع ربنا كل شيء علما - على الله توكلنا . ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق ، وأنت خير الفاتحين } . .
وفي هذه الكلمات القلائل تتجلى طبيعة الإيمان ، ومذاقه في نفوس أهله ، كما تتجلى طبيعة الجاهلية ومذاقها الكريه . كذلك نشهد في قلب الرسول ذلك المشهد الرائع . . مشهد الحقيقة الإلهية في ذلك القلب وكيف تتجلى فيه .
**قال : أو لو كنا كارهين }؟
يستنكر تلك القولة الفاجرة : {لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا } . . يقول لهم : أتجبروننا على ما نكره من ملتكم التي نجانا الله منها؟!
{قد افترينا على الله كذبا إن عدنا في ملتكم بعد إذ نجانا الله منها }
.........
وكذلك يستنكر شعيب - عليه السلام - ما يتهدده به الطغاة من إعادته هو والذين آمنوا معه إلى الملة التي أنجاهم الله منها : **وما يكون لنا أن نعود فيها } )
ولكن المشكلة كما يقول – رحمه الله - : (( وإذ كان هذا هو شعور الجاهلية بخطر الدعوة الإسلامية عليها ، فقد واجهت هذه الدعوة في معركة حياة أو موت ، لا هوادة فيها ولا هدنة ولا تعايش ولا سلام! . . إن الجاهلية لم تخدع نفسها في حقيقة المعركة؛ وكذلك لم يخدع الرسل الكرام صلوات الله وسلامه عليهم أنفسهم ولا المؤمنين بهم في حقيقة المعركة . .
**وقال الذين كفروا لرسلهم : لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا } . .
فهم لا يقبلون من الرسل والذين آمنوا معهم ، أن يتميزوا وينفصلوا بعقيدتهم وبقيادتهم وبتجمعهم الخاص . إنما يطلبون إليهم أن يعودوا في ملتهم ، ويندمجوا في تجمعهم ، ويذوبوا في هذا التجمع أو أن يطردوهم بعيدا وينفوهم من أرضهم)
وهذا التشدد في تحقيق أهدافها هو ما ذكر سبحانه أنه تشدد لا سبيل لنهايته فالجاهلية ستظل تُقاتل حتى تُحقق الهدف الشيطاني من أخراج الأمة عن دينها ، ولن تقف عند صورة أو شكل ، يقول تعالى : {ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ويقول تعالى : ** ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق } ويقول سبحانه : ** ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم }
فهو كما ذكرنا مناداة على الصبر والثبات كما قال تعالى وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آَلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ)
ولكن الله قضى أن سعيهم إلى خسران وحزبهم إلى تفكك فتراهم يصرخون يوم القيامة : {ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبرائنا فأضلونا السبيلا} {ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنًا كبيرًا}
الصورة الثالثة: التطرف في الدعاوى - وإن ظهر بطلانها- ،والتطرف في العداء على قدر أثر الحجة وقوتها:
وهو يتجلى في هذا العداء المستحكم من العلمانية للإسلام ، ومحاولتهم وصم أتباعه بالتخلف والرجعية حتى لو كانوا أعلم أهل الأرض!!
فالنقاب تخلف حتى لو كان على وجه عالمة الذرة أو الأستاذة الجامعية..
والطالبة المنتقبة متهمة بالغش ... رغم (أن عميد دار علوم أكد أن حالات الغش التي تم اكتشافها خلال الأعوام الماضية لم تكن من بينها حالة واحدة لأي طالبة منتقبة)
وهم – والله – أهل الغش ، وما رأينا غشاً كغش أبناء العمداء والوكلاء وأشباههم ،وصوره الفاجرة يعرفها الجميع..
ويأبى الله إلا أن يفضحهم في فلتات ألسنتهم ، فمع ادعاء البعض أن المقصود منع الغش وأنه ليس نزاع ديني أبداً !! ، تراهم يؤكدون أنه سيطبق على جميع أعضاء هيئة التدريس والعاملين، وسيتم منع ارتداء النقاب نهائياً داخل الحرم الجامعى ..
بل يقول أحدهم : ( ثقافة التخلف بحجج دينية لن يكون لها مكان فى جامعة بنها، وده كلام مش هزار ، حتى لو كان من يطبقه أستاذاً جامعياً ولو بالكلمات، ويكفى ما حدث فى نجع حمادى، الذى هو نتاج تهاون فى مظاهر تطرف تبدو بسيطة ولكنها زادت واستفحلت.) ويكمل الخبر (وأكد أنه سيضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه أن يطبق أى مظهر من تلك المظاهر داخل الجامعة حتى تستأصل من جذورها، فلا رحمة فى مواجهة مظاهر للتطرف الدينى داخل الجامعة)
ثم يضيف : (سنأخذ بالشبهات فى التطرف، وسيحال أى أستاذ للتحقيق فى حالة وجود كلمة فيها شبهة تطرف دينى، وهو عقاب يفرضه مجتمع الجامعة بعيداً عن تدخل أجهزة الأمن).
ولماذا التعجب من فجر هذه الدعاوى في حق المؤمنين وقد قيل أشد منها في حق أولي العزم من الرسل ..؟!
ألم يحكي الله تعالى عن قوم نوح قولهم : {قال الملأ من قومه : إنا لنراك في ضلال مبين } ..؟!
يقول ابن كثير : (وهكذا حال الفجار إنما يرون الأبرار في ضلالة، كما قال تعالى: {وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء لضالون } [ المطففين:32 ]، {وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيرا ما سبقونا إليه وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفك قديم } [ الأحقاف:11 ] إلى غير ذلك من الآيات.)
وانظر إلى دعواهم أنه ضلال (مبين) ...فكأنهم لما أعجزتهم الحجج أن يردوا .. لم يجدوا إلا أن يدعوا أن هذا الكلام لا يخالف في ضلاله أحد ..فياللعجب!!
ولماذا العجب وقد حكى الله عن قوم إبراهيم ما هو أشد عجباُ ، فلقد راجعوا أنفسهم فرأوا أن حجة إبراهيم –عليه السلام – ناصعة وأنهم ظالمون ، فما دفعهم هذا إلا لمزيد تطرف وعداوة فتنادوا أن حرقوه ،قال تعالى : (فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ (64) ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ (65) قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ (66) أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (67) قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آَلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ)
فكأن أثر الحجة كلما كان أقوى عليهم كلما قابلوه بمزيد عداءٍ وتشددٌ في الباطل ، فتلمح مشهد الشياطين وهي تؤزهم أزاً كما قال تعالى: {ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا }
يقول ابن كثير : (قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: تغويهم إغواء.
وقال العوفي عنه: تحرضهم على محمد وأصحابه.
وقال مجاهد: تشليهم إشلاء .
وقال قتادة: تزعجهم إزعاجا إلى معاصي الله.
وقال سفيان الثوري: تغريهم إغراء وتستعجلهم استعجالا.
وقال السدي: تطغيهم طغيانا.
وقال عبد الرحمن بن زيد: هذا كقوله تعالى:{ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين })
فهو إذاً مشهد متكرر مشهد الطغيان والتطرف والعداء من الجاهاية ،ومشهد الإيمان والثبات والتوكل والرحمة والشفقة من أهل الإيمان ، يقول سيد قطب : (ثم يواجهون الطغيان بالإيمان ، ويواجهون الأذى بالثبات؛ ويسألون للتقرير والتوكيد :
**وما لنا ألا نتوكل على الله وقد هدانا سبلنا؟ ولنصبرن على ما آذيتمونا ، وعلى الله فليتوكل المتوكلون } . .
{وما لنا ألا نتوكل على الله وقد هدانا سبلنا } . .
إنها كلمة المطمئن إلى موقفه وطريقه . المالئ يديه من وليه وناصره . المؤمن بأن الله الذي يهدي السبيل لا بد أن ينصر وأن يعين . وماذا يهم حتى ولو لم يتم في الحياة الدنيا نصر إذا كان العبد قد ضمن هداية السبيل؟
والقلب الذي يحس أن يد الله سبحانه تقود خطاه ، وتهديه السبيل ، هو قلب موصول بالله لا يخطئ الشعور بوجوده سبحانه وألوهيته القاهرة المسيطرة؛ وهو شعور لا مجال معه للتردد في المضي في الطريق ، أيا كانت العقبات في الطريق ، وأيا كانت قوى الطاغوت التي تتربص في هذا الطريق . ومن ثم هذا الربط في رد الرسل صلوات الله وسلامه عليهم بين شعورهم بهداية الله لهم وبين توكلهم عليه في مواجهة التهديد السافر من الطواغيت؛ ثم إصرارهم على المضي في طريقهم في وجه هذا التهديد .
وهذه الحقيقة حقيقة الارتباط في قلب المؤمن بين شعوره بهداية الله وبين بديهية التوكل عليه لا تستشعرها إلا القلوب التي تزاول الحركة فعلا في مواجهة طاغوت الجاهلية؛ والتي تستشعرها في أعماقها يد الله سبحانه وهي تفتح لها كوى النور فتبصر الآفاق المشرقة وتستروح أنسام الإيمان والمعرفة ،وتحس الأنس والقربى .
وحينئذ لا تحفل بما يتوعدها به طواغيت الأرض؛ ولا تملك أن تستجيب للإغراء ولا للتهديد؛ وهي تحتقر طواغيت الأرض وما في أيديهم من وسائل البطش والتنكيل . وماذا يخاف القلب الموصول بالله على هذا النحو؟ وماذا يخيفه من أولئك العبيد؟!
{وما لنا ألا نتوكل على الله وقد هدانا سبلنا } ..
{ولنصبرن على ما آذيتمونا } .
لنصبرن؛ لا نتزحزح ولا نضعف ولا نتراجع ولا نهن، ولا نتزعزع ولا نشك ولا نفرط ولا نحيد . .
{وعلى الله فليتوكل المتوكلون } . .
وهنا يسفر الطغيان عن وجهه . لا يجادل ولا يناقش ولا يفكر ولا يتعقل ، لأنه يحس بهزيمته أمام انتصار العقيدة ، فيسفر بالقوة المادية الغليظة التي لا يملك غيرها المتجبرون :
**وقال الذين كفروا لرسلهم : لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا } !
هنا تتجلى حقيقة المعركة وطبيعتها بين الإسلام والجاهلية . . إن الجاهلية لا ترضى من الإسلام أن يكون له كيان مستقل عنها . ولا تطيق أن يكون له وجود خارج عن وجودها . وهي لا تسالم الإسلام حتى لو سالمها .............
وهنا تتدخل القوة الكبرى فتضرب ضربتها المدمرة القاضية التي لا تقف لها قوة البشر المهازيل ،وإن كانوا طغاة متجبرين :{فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين . ولنسكننكم الأرض من بعدهم . ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد })
ويقول – رحمه الله - : (ولقد قال نوح لقومه هذه القولة الواحدة ، وأنذرهم عاقبة التكذيب بها في إشفاق الأخ الناصح لإخوانه ، وفي صدق الرائد الناصح لأهله :{إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم } .........
فكيف كان استقبال المنحرفين الضالين من قوم نوح لهذه الدعوة الخالصة الواضحة المستقيمة؟
{قال الملأ من قومه : إنا لنراك في ضلال مبين } !
كما قال مشركو العرب لمحمد - صلى الله عليه وسلم - إنه صبأ ، ورجع عن دين إبراهيم!
وهكذا يبلغ الضال من الضلال أن يحسب من يدعوه إلى الهدى هو الضال! بل هكذا يبلغ التبجح الوقح بعدما يبلغ المسخ في الفطر! . . هكذا تنقلب الموازين ، وتبطل الضوابط ، ويحكم الهوى؛ ما دام أن الميزان ليس هو ميزان الله الذي لا ينحرف ولا يميل .
وماذا تقول الجاهلية اليوم عن المهتدين بهدى الله؟ إنها تسميهم الضالين ، وتعد من يهتدي منهم ويرجع بالرضى والقبول! . . أجل من يهتدي إلى المستنقع الكريه ، وإلى الوحل الذي تتمرغ الجاهلية فيه!
وماذا تقول الجاهلية اليوم للفتاة التي لا تكشف عن لحمها؟ وماذا تقول للفتى الذي يستقذر اللحم الرخيص؟ إنها تسمي ترفعهما هذا ونظافتهما وتطهرهما « رجعية » وتخلفا وجمودا وريفية! وتحاول الجاهلية بكل ما تملكه من وسائل التوجيه والإعلام أن تغرق ترفعهما ونظافتهما في الوحل الذي تتمرغ فيه في المستنقع الكريه!
وماذا تقول الجاهلية لمن ترتفع اهتماماته عن جنون مباريات الكرة؛ وجنون الأفلام والسينما والتليفزيون وما إليه؛ وجنون الرقص والحفلات الفارغة والملاهي؟ إنها تقول عنه : إنه « جامد » . ومغلق على نفسه ، وتنقصه المرونة والثقافة! وتحاول أن تجره إلى تفاهة من هذه ينفق فيها حياته . .
إن الجاهلية هي الجاهلية . . فلا تتغير إلا الأشكال والظروف!
وينفي نوح عن نفسه الضلال ، ويكشف لهم عن حقيقة دعوته ومنبعها ، فهو لم يبتدعها من أوهامه وأهوائه . إنما هو رسول من رب العالمين . يحمل لهم الرسالة . ومعها النصح والأمانة . ويعلم من الله ما لا يعلمون . فهو يجده في نفسه ، وهو موصول به ، وهم عنه محجوبون :
{قال : يا قوم ليس بي ضلالة ، ولكني رسول من رب العالمين . أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم وأعلم من الله ما لا تعلمون}).
ثبات المؤمنين:
أما أهل الطهر والإيمان والنقاء....
فضربوا أمام هذا التشدد والغطرسة أعظم الأمثلة للثبات والتضحية فجاءت الأخبار تتراً من كل مكان عن ثبات أخوات عفيفاتٍ طاهراتٍ أفراداً وذرافات ..
وتناقلت الألسنة قصص الرجال الذين أدخلوا أخواتهن إلى اللجان أو قاموا فرادى ينكرون على كل ظالمٍ أو ذَنَبٍ ظلمه ...
وما زال المرجو من أهل الإيمان أكثر فإن هذه الإبتلاءات هي التي تمحص الإيمان في القلوب ...
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - وكذلك ما ابتلوا به في السراء والضراء والزلزال ليس هو بسبب نفس إيمانهم وطاعتهم لكن امتحنوا به ليتخلصوا مما فيهم من الشر وفتنوا به كما يفتن الذهب بالنار ليتميز طيبه من خبيثه والنفوس فيها شر والامتحان يمحص المؤمن من ذلك الشر الذي في نفسه قال تعالى {وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين })
ويقول ابن القيم – رحمه الله - : (وإذا تأملت حكمته سبحانه فيما ابتلى به عباده وصفوته بما ساقهم به الى اجل الغايات وأكمل النهايات التي لم يكونوايعبرون اليها إلا على جسر من الابتلاء والامتحان وكان ذلك الجسر لكماله كالجسر الذي لا سبيل الى عبورهم الى الجنة إلا عليه وكان ذلك الابتلاء والامتحان عين المنهج في حقهم والكرامة فصورته صورة ابتلاء وامتحان وباطنه فيه الرحمة والنعمة فكم لله من نعمة جسيمة ومنه عظيمة تجنى من قطوف الابتلاء والامتحان )
فلنقابل تكاتف أهل البغي بتكاتفٍ لأهل الحق ، ولننبذ الخلافات والصراعات ، ولنجتمع على نصرة المظلومين والمظلومات من أهل الإسلام في كل مكان ، فنحن أولى بذلك منهم..
ولنقابل إصرارهم على إعلاء الفساد وتشددهم في تنفيذ ما يروموه بمزيد ثباتٍ وإيمانٍ واحتسابٍ في سبيل الله ..
ولنقابل شبهاتهم وآراجيفهم في حق شعائر الإسلام بمزيد اعتزازٍ وتمسكٍ بهدي النبي – صلى الله عليه وسلم – ومزيد فضحٍٍ لمنهجهم وفساد آرائهم..
ولنعلم أننا في أشد حاجةٍ إلى تثبيت الله الذي خص به أصحاب القول الثابت ، قال تعالى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} ، يقول ابن القيم – رحمه الله - : (تحت هذه الآية كنز عظيم من وفق لمظنته وأحسن استخراجه واقتناءه وأنفق منه فقد غنم ومن حرمه فقد حُرِم .وذلك أن العبد لا يستغنى عن تثبيت الله له طرفة عين ، فإن لم يثبته و إلا زالت سماء إيمانه وأرضه عن مكانهما ، وقد قال تعالى لأكرم خلقه عليه عبده وقد قال تعالى لأكرم خلقه عليه عبده ورسوله -صلى الله عليه وسلم - : {وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا } ، وقال تعالى لأكرم خلقه {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آَمَنُوا} ، وفي الصحيحين من حديث البجلي قال : ((وهو يسألهم ويثبتهم )) ،وقال تعالى لرسوله : {وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظ َةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ} فالخلق قسمان : موفق بالتثبيت ، ومخذول بترك التثبيت).
ويقول – رحمه الله - : ( ومادة التثبيت – أصله ومنشؤه – من القول الثابت وفعل ما أمر به العبد فبهما يثبت الله عبده ، فكل من كان أثبت قولاً و أحسن فعلاً كان أعظم تثبيتاً ، قال تعالى {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا}، فأثبت الناس قلباً أثبتهم قولاً .
والقول الثابت هو: القول الحق والصدق ، وهو ضد القول الباطل والكذب.
فالقول نوعان: ثابت له حقيقة ، وباطل لا حقيقة له ، وأثبت القول كلمة التوحيد ولوازمها،
فهي أعظم ما يثبت الله بها عبده في الدنيا والآخرة ؛ ولهذا ترى الصادق من أثبت الناس وأشجعهم قلبا ، والكاذب من أمهن الناس وأخبثهم وأكثرهم تلوناً وأقلهم ثباتاًً...فما منح العبد منحة أفضل من منحة القول الثابت)
فمن ملامح هذه المعركة أنها معركة ثبات ...
فالثبات الثبات ...يا أهل الإيمان..
وليكن شعارنا أمام دعاة السفور والرذيلة ..{وما يكون لنا أن نعود فيها }... {وما لنا ألا نتوكل على الله وقد هدانا سبلنا؟ ولنصبرن على ما آذيتمونا ، وعلى الله فليتوكل المتوكلون }
ولتصرخ الأخت المسلمة في وجه دعاة الرذيلة كما صرخ شعيبٌ – عليه السلام – في وجه قومه إذ دعوه للكفر { قال : أو لو كنا كارهين؟ قد افترينا على الله كذبا إن عدنا في ملتكم بعد إذ نجانا الله منها وما يكون لنا أن نعود فيها }...ولتقل لهم: ما يكون لنا أن نعود للسفور بعد إذ نجانا الله منه ،ولنصبرن على ما آذيتمونا
ولنعمل فإنه بالإيمان والثبات والعمل يتنزل موعود الله :{ فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين . ولنسكننكم الأرض من بعدهم . ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد }
ثم خرجت المؤسسات الصهيونية الأمريكية لتشن هي الأخرى حرباً شرسة على كلية أمريكية تراجعت عن حظر النقاب محتجة بالجامعات المصرية فكأنها بمعنى آخر تخاف أن يستغل ذلك في الاحتجاج على هذه الجامعات ، فهو تواصي وتكاتف بين الجاهلية في كل مكان ..
أليس هذا هو مسلك الجاهليات في كل زمانٍ ومكان..؟
ألم يذكر سبحانه أن الظالمين بعضهم أولياء بعض فقال سبحانه وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ (19) هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) ، وقال: (وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)
يقول القرطبي : ({وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض} أي أصدقاء وأنصار وأحباب. قال ابن عباس: يريد أن المنافقين أولياء اليهود) ويقول ابن كثير : (وماذا تغني عنهم ولايتهم لبعضهم بعضا، فإنهم لا يزيدونهم إلا خسارا ودمارا وهلاكا)
وذكر سبحانه أن الكافرين أولياء بعض فقال سبحانه : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ)
بل اليهود والنصارى مع ما بينهم من عداوة بعضهم أولياء بعض ، قال سبحانه : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ)
وهذا الرابطة ليست قاصرة على شياطين الإنس بل تربطهم كذلك مع شياطين الجن ، قال تعالى : (إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ) ،وقال سبحانه فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ)
وهذا الرابطة تتجاوز وتتغاضى عن أي حقائق أو خلافات ولو كانت في أصل مايدعون الاعتقاد به حتى يصل الأمر بأهل الكتاب أن يشهدوا أن عباد الأصنام والأوثان أهدى من النبي – صلى الله عليه وسلم – والمؤمنين معه ، قال تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا سَبِيلًا)
وهذه الولاية والرابطة تزيد عندما يشعرون بوقع المعركة فيتنادون بالصبر والتكاتف ويلوحون بالتهديد لكل من يتقاعس ،يقول تعالى : (وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آَلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ)
وهي رابطة تُغذيها الوعود بالنصر والرفعة والجاه والسلطان لضمان استمرارية وقوة هذه الرابطة ، قال تعالى : (بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إِلَّا غُرُورًا)
ولكن الله – عز وجل – يطمئن المؤمنين أن هذه الرابطة وإن رآها المؤمنون متشابكة مترابطة فهي واهية كبيت العنكبوت خيوطه متشابكة ومترابطة ولكنها واهية ، قال تعالى: (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ)
وفي مقابلها يأمر الله سبحانه المؤمنين بمزيد إخلاص وتوحيد في ولايتهم له سبحانه، إذ هي السبيل الوحيد لإبطال كيد الظالمين أما من تدعوه نفسه ويميل بهواه إلى الركون للظالمين والتماس القرب والرحمة منهم فقد عرض نفسه للعذاب في الدنيا والآخرة ، يقول تعالى : (وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ)، ويعدهم - إن فعلوا ذلك - بالغلبة ،فيقول تعالى : {ومن يتول الله ورسوله والذين امنوا فإن حزب الله هم الغالبون}
الصورة الثانية : التشدد في التنفيذ والصبر طلباً للنصر:
وتأمل هذه الأخبار:
- (جامعة المنصورة تتجاهل الحكم القضائي لصالح\"المنتقبات\" وتواصل إجبار الطالبات علي خلع النقاب داخل الامتحانات وعلقت الكليات لافتات تؤكد علي منع دخول المنتقبات اللجان)
- ( أكد الدكتور محمد صفوت زهران رئيس جامعة بنها ، إن الطالبات المنتقبات التزمن بقرار مجلس الجامعة بحظر ارتداء النقاب خلال امتحانات الفصل الدراسي الأول ، مشددا على أنه لا تهاون مع المقصرين وغير الملتزمين خلال الامتحانات ،و إحالة أي مخالف إلى التحقيق)
- (أما نائب رئيس جامعة بنها د. شمس الدين فصرح : منع المنتقبات من دخول الجامعة \"مش هزار\".، وأكد أنه سيطبق على جميع أعضاء هيئة التدريس والعاملين، وسيتم منع ارتداء النقاب نهائياً داخل الحرم الجامعى)
- ( بجامعة الفيوم حيث اصدر الدكتور خليل عبد العال خليل عميد كلية دار العلوم قرارا بمنع حصول اى طالبة منتقبة على ورقتى الاسئلة والاجابة الا بعد رفع النقاب نهائيا ونص القرار على عدم السماح للمنتقبة بدخول الامتحان من الاساس
و اصدرت ادارة الجامعة قرارا بمنع اى ملاحظة منتقبة من الاشراف على الامتحانات)
- ( قام الدكتور عادل زايد، نائب رئيس جامعة القاهرة لشؤون التعليم والطلاب، أمس بجولة صباحية مفاجئة فى لجان امتحانات بعض الكليات التى تجرى بها الامتحانات، خاصة فى كليات دار العلوم والاقتصاد والعلوم السياسية والزراعة والعلوم.
واستهدفت جولة نائب رئيس الجامعة الطالبات المنتقبات داخل اللجان، للتأكد من عدم ارتدائهن الكمامات الطبية، وأصر على نزع الطالبات الكمامات التى يرتدينها، كشرط استمرارهن فى أداء الامتحان.
وعلقت الجامعة منشورات فى الكليات، من بينها ١٥ منشورا فى كلية دار العلوم وحدها، تحذر من ارتداء النقاب أو الكمامات الطبية أثناء أداء الامتحانات)
- (طرد 15 طالبة منتقبة من لجنة الإمتحان رفضن خلع الكمامة الطبية أمام نائب رئيس الجامعة)
- (فى الوقت نفسه قرر الدكتور محمد الخليلي نائب رئيس الجامعة طرد موظفين بالكلية من فى الفترة المسائية بسبب وجود طالبة منتقبة داخل اللجنة)
- (أرسل اليوم د.حسام كامل رئيس جامعة القاهرة، إلى عمداء الكليات بالجامعة خطابات يشدد فيها على منع المنتقبات من ارتداء الكمامة فى الامتحان بديلا للنقاب
- (وعلم اليوم السابع أن سبب منع ارتداء الكمامات فى الامتحانات ، يعود إلى توجيهات أصدرها هانى هلال وزير التعليم العالى، إلى رؤساء الجامعات، بعد أن أكدت له جهات أمنية أن ارتداء الكمامات هو فعل منظم له فى جميع الجامعات المصرية بعد فتوى أحد الشيوخ)
- ويروي أحد الإخوة يقول ومن سفالة القوم.. أن دخلت إحدى مستضعفات المنتقبات بعدما أجبرت على خلع نقابها.. وقد انحنت ودفنت وجهها لئلا يراه أحد..فقال لها أحد السفلة: اعتدلي...)
هذه بعض صور التطرف والتعنت ورفض أنصاف الحلول وأرباعها ورفض أي تنازل أما معاني الرحمة والشفقة والرجولة فمناقشتها تدل على خلل في التصور المنهجي لأمثال هؤلاء ..
هذه هي العلمانية ..وهذه هي الجاهلية عندما تحوز القوة والسطوة ، هذه صورة بسيطة من كيفية فرضها لآرائها ...
أين ما يدعونه من حرية الرأي والفكر..؟! أين ما يدعونه من حرية المرأة واحترام عقلها..؟!
أين ما يتشدقون به من محاربة صور التطرف وفرض الرأي واحتكار الحق..؟!
أليس هذا المسلك هو نفس مسلك الجاهلية في كل زمان ومكانٍ عندما تفشل وتعجز ؟!
ألا يُشبه هذا المسلك – المتشدد - ما يحكيه الله تبارك وتعالى عن فعل أعداء الحق مع كل رسول ؟!
قال تعالى: {وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا}
وقال تعالى : {قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا ، أو لتعودن في ملتنا }
يقول الشيخ سيد قطب – رحمه الله - ** قال الملأ الذين استكبروا من قومه : لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا ، أو لتعودن في ملتنا } .
هكذا في تبجح سافر ، وفي إصرار على المعركة لا يقبل المهادنة والتعايش!
....................
** قال : أو لو كنا كارهين؟ قد افترينا على الله كذبا إن عدنا في ملتكم بعد إذ نجانا الله منها . وما يكون لنا أن نعود فيها - إلا أن يشاء الله ربنا ، وسع ربنا كل شيء علما - على الله توكلنا . ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق ، وأنت خير الفاتحين } . .
وفي هذه الكلمات القلائل تتجلى طبيعة الإيمان ، ومذاقه في نفوس أهله ، كما تتجلى طبيعة الجاهلية ومذاقها الكريه . كذلك نشهد في قلب الرسول ذلك المشهد الرائع . . مشهد الحقيقة الإلهية في ذلك القلب وكيف تتجلى فيه .
**قال : أو لو كنا كارهين }؟
يستنكر تلك القولة الفاجرة : {لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا } . . يقول لهم : أتجبروننا على ما نكره من ملتكم التي نجانا الله منها؟!
{قد افترينا على الله كذبا إن عدنا في ملتكم بعد إذ نجانا الله منها }
.........
وكذلك يستنكر شعيب - عليه السلام - ما يتهدده به الطغاة من إعادته هو والذين آمنوا معه إلى الملة التي أنجاهم الله منها : **وما يكون لنا أن نعود فيها } )
ولكن المشكلة كما يقول – رحمه الله - : (( وإذ كان هذا هو شعور الجاهلية بخطر الدعوة الإسلامية عليها ، فقد واجهت هذه الدعوة في معركة حياة أو موت ، لا هوادة فيها ولا هدنة ولا تعايش ولا سلام! . . إن الجاهلية لم تخدع نفسها في حقيقة المعركة؛ وكذلك لم يخدع الرسل الكرام صلوات الله وسلامه عليهم أنفسهم ولا المؤمنين بهم في حقيقة المعركة . .
**وقال الذين كفروا لرسلهم : لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا } . .
فهم لا يقبلون من الرسل والذين آمنوا معهم ، أن يتميزوا وينفصلوا بعقيدتهم وبقيادتهم وبتجمعهم الخاص . إنما يطلبون إليهم أن يعودوا في ملتهم ، ويندمجوا في تجمعهم ، ويذوبوا في هذا التجمع أو أن يطردوهم بعيدا وينفوهم من أرضهم)
وهذا التشدد في تحقيق أهدافها هو ما ذكر سبحانه أنه تشدد لا سبيل لنهايته فالجاهلية ستظل تُقاتل حتى تُحقق الهدف الشيطاني من أخراج الأمة عن دينها ، ولن تقف عند صورة أو شكل ، يقول تعالى : {ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ويقول تعالى : ** ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق } ويقول سبحانه : ** ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم }
فهو كما ذكرنا مناداة على الصبر والثبات كما قال تعالى وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آَلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ)
ولكن الله قضى أن سعيهم إلى خسران وحزبهم إلى تفكك فتراهم يصرخون يوم القيامة : {ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبرائنا فأضلونا السبيلا} {ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنًا كبيرًا}
الصورة الثالثة: التطرف في الدعاوى - وإن ظهر بطلانها- ،والتطرف في العداء على قدر أثر الحجة وقوتها:
وهو يتجلى في هذا العداء المستحكم من العلمانية للإسلام ، ومحاولتهم وصم أتباعه بالتخلف والرجعية حتى لو كانوا أعلم أهل الأرض!!
فالنقاب تخلف حتى لو كان على وجه عالمة الذرة أو الأستاذة الجامعية..
والطالبة المنتقبة متهمة بالغش ... رغم (أن عميد دار علوم أكد أن حالات الغش التي تم اكتشافها خلال الأعوام الماضية لم تكن من بينها حالة واحدة لأي طالبة منتقبة)
وهم – والله – أهل الغش ، وما رأينا غشاً كغش أبناء العمداء والوكلاء وأشباههم ،وصوره الفاجرة يعرفها الجميع..
ويأبى الله إلا أن يفضحهم في فلتات ألسنتهم ، فمع ادعاء البعض أن المقصود منع الغش وأنه ليس نزاع ديني أبداً !! ، تراهم يؤكدون أنه سيطبق على جميع أعضاء هيئة التدريس والعاملين، وسيتم منع ارتداء النقاب نهائياً داخل الحرم الجامعى ..
بل يقول أحدهم : ( ثقافة التخلف بحجج دينية لن يكون لها مكان فى جامعة بنها، وده كلام مش هزار ، حتى لو كان من يطبقه أستاذاً جامعياً ولو بالكلمات، ويكفى ما حدث فى نجع حمادى، الذى هو نتاج تهاون فى مظاهر تطرف تبدو بسيطة ولكنها زادت واستفحلت.) ويكمل الخبر (وأكد أنه سيضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه أن يطبق أى مظهر من تلك المظاهر داخل الجامعة حتى تستأصل من جذورها، فلا رحمة فى مواجهة مظاهر للتطرف الدينى داخل الجامعة)
ثم يضيف : (سنأخذ بالشبهات فى التطرف، وسيحال أى أستاذ للتحقيق فى حالة وجود كلمة فيها شبهة تطرف دينى، وهو عقاب يفرضه مجتمع الجامعة بعيداً عن تدخل أجهزة الأمن).
ولماذا التعجب من فجر هذه الدعاوى في حق المؤمنين وقد قيل أشد منها في حق أولي العزم من الرسل ..؟!
ألم يحكي الله تعالى عن قوم نوح قولهم : {قال الملأ من قومه : إنا لنراك في ضلال مبين } ..؟!
يقول ابن كثير : (وهكذا حال الفجار إنما يرون الأبرار في ضلالة، كما قال تعالى: {وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء لضالون } [ المطففين:32 ]، {وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيرا ما سبقونا إليه وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفك قديم } [ الأحقاف:11 ] إلى غير ذلك من الآيات.)
وانظر إلى دعواهم أنه ضلال (مبين) ...فكأنهم لما أعجزتهم الحجج أن يردوا .. لم يجدوا إلا أن يدعوا أن هذا الكلام لا يخالف في ضلاله أحد ..فياللعجب!!
ولماذا العجب وقد حكى الله عن قوم إبراهيم ما هو أشد عجباُ ، فلقد راجعوا أنفسهم فرأوا أن حجة إبراهيم –عليه السلام – ناصعة وأنهم ظالمون ، فما دفعهم هذا إلا لمزيد تطرف وعداوة فتنادوا أن حرقوه ،قال تعالى : (فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ (64) ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ (65) قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ (66) أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (67) قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آَلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ)
فكأن أثر الحجة كلما كان أقوى عليهم كلما قابلوه بمزيد عداءٍ وتشددٌ في الباطل ، فتلمح مشهد الشياطين وهي تؤزهم أزاً كما قال تعالى: {ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا }
يقول ابن كثير : (قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: تغويهم إغواء.
وقال العوفي عنه: تحرضهم على محمد وأصحابه.
وقال مجاهد: تشليهم إشلاء .
وقال قتادة: تزعجهم إزعاجا إلى معاصي الله.
وقال سفيان الثوري: تغريهم إغراء وتستعجلهم استعجالا.
وقال السدي: تطغيهم طغيانا.
وقال عبد الرحمن بن زيد: هذا كقوله تعالى:{ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين })
فهو إذاً مشهد متكرر مشهد الطغيان والتطرف والعداء من الجاهاية ،ومشهد الإيمان والثبات والتوكل والرحمة والشفقة من أهل الإيمان ، يقول سيد قطب : (ثم يواجهون الطغيان بالإيمان ، ويواجهون الأذى بالثبات؛ ويسألون للتقرير والتوكيد :
**وما لنا ألا نتوكل على الله وقد هدانا سبلنا؟ ولنصبرن على ما آذيتمونا ، وعلى الله فليتوكل المتوكلون } . .
{وما لنا ألا نتوكل على الله وقد هدانا سبلنا } . .
إنها كلمة المطمئن إلى موقفه وطريقه . المالئ يديه من وليه وناصره . المؤمن بأن الله الذي يهدي السبيل لا بد أن ينصر وأن يعين . وماذا يهم حتى ولو لم يتم في الحياة الدنيا نصر إذا كان العبد قد ضمن هداية السبيل؟
والقلب الذي يحس أن يد الله سبحانه تقود خطاه ، وتهديه السبيل ، هو قلب موصول بالله لا يخطئ الشعور بوجوده سبحانه وألوهيته القاهرة المسيطرة؛ وهو شعور لا مجال معه للتردد في المضي في الطريق ، أيا كانت العقبات في الطريق ، وأيا كانت قوى الطاغوت التي تتربص في هذا الطريق . ومن ثم هذا الربط في رد الرسل صلوات الله وسلامه عليهم بين شعورهم بهداية الله لهم وبين توكلهم عليه في مواجهة التهديد السافر من الطواغيت؛ ثم إصرارهم على المضي في طريقهم في وجه هذا التهديد .
وهذه الحقيقة حقيقة الارتباط في قلب المؤمن بين شعوره بهداية الله وبين بديهية التوكل عليه لا تستشعرها إلا القلوب التي تزاول الحركة فعلا في مواجهة طاغوت الجاهلية؛ والتي تستشعرها في أعماقها يد الله سبحانه وهي تفتح لها كوى النور فتبصر الآفاق المشرقة وتستروح أنسام الإيمان والمعرفة ،وتحس الأنس والقربى .
وحينئذ لا تحفل بما يتوعدها به طواغيت الأرض؛ ولا تملك أن تستجيب للإغراء ولا للتهديد؛ وهي تحتقر طواغيت الأرض وما في أيديهم من وسائل البطش والتنكيل . وماذا يخاف القلب الموصول بالله على هذا النحو؟ وماذا يخيفه من أولئك العبيد؟!
{وما لنا ألا نتوكل على الله وقد هدانا سبلنا } ..
{ولنصبرن على ما آذيتمونا } .
لنصبرن؛ لا نتزحزح ولا نضعف ولا نتراجع ولا نهن، ولا نتزعزع ولا نشك ولا نفرط ولا نحيد . .
{وعلى الله فليتوكل المتوكلون } . .
وهنا يسفر الطغيان عن وجهه . لا يجادل ولا يناقش ولا يفكر ولا يتعقل ، لأنه يحس بهزيمته أمام انتصار العقيدة ، فيسفر بالقوة المادية الغليظة التي لا يملك غيرها المتجبرون :
**وقال الذين كفروا لرسلهم : لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا } !
هنا تتجلى حقيقة المعركة وطبيعتها بين الإسلام والجاهلية . . إن الجاهلية لا ترضى من الإسلام أن يكون له كيان مستقل عنها . ولا تطيق أن يكون له وجود خارج عن وجودها . وهي لا تسالم الإسلام حتى لو سالمها .............
وهنا تتدخل القوة الكبرى فتضرب ضربتها المدمرة القاضية التي لا تقف لها قوة البشر المهازيل ،وإن كانوا طغاة متجبرين :{فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين . ولنسكننكم الأرض من بعدهم . ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد })
ويقول – رحمه الله - : (ولقد قال نوح لقومه هذه القولة الواحدة ، وأنذرهم عاقبة التكذيب بها في إشفاق الأخ الناصح لإخوانه ، وفي صدق الرائد الناصح لأهله :{إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم } .........
فكيف كان استقبال المنحرفين الضالين من قوم نوح لهذه الدعوة الخالصة الواضحة المستقيمة؟
{قال الملأ من قومه : إنا لنراك في ضلال مبين } !
كما قال مشركو العرب لمحمد - صلى الله عليه وسلم - إنه صبأ ، ورجع عن دين إبراهيم!
وهكذا يبلغ الضال من الضلال أن يحسب من يدعوه إلى الهدى هو الضال! بل هكذا يبلغ التبجح الوقح بعدما يبلغ المسخ في الفطر! . . هكذا تنقلب الموازين ، وتبطل الضوابط ، ويحكم الهوى؛ ما دام أن الميزان ليس هو ميزان الله الذي لا ينحرف ولا يميل .
وماذا تقول الجاهلية اليوم عن المهتدين بهدى الله؟ إنها تسميهم الضالين ، وتعد من يهتدي منهم ويرجع بالرضى والقبول! . . أجل من يهتدي إلى المستنقع الكريه ، وإلى الوحل الذي تتمرغ الجاهلية فيه!
وماذا تقول الجاهلية اليوم للفتاة التي لا تكشف عن لحمها؟ وماذا تقول للفتى الذي يستقذر اللحم الرخيص؟ إنها تسمي ترفعهما هذا ونظافتهما وتطهرهما « رجعية » وتخلفا وجمودا وريفية! وتحاول الجاهلية بكل ما تملكه من وسائل التوجيه والإعلام أن تغرق ترفعهما ونظافتهما في الوحل الذي تتمرغ فيه في المستنقع الكريه!
وماذا تقول الجاهلية لمن ترتفع اهتماماته عن جنون مباريات الكرة؛ وجنون الأفلام والسينما والتليفزيون وما إليه؛ وجنون الرقص والحفلات الفارغة والملاهي؟ إنها تقول عنه : إنه « جامد » . ومغلق على نفسه ، وتنقصه المرونة والثقافة! وتحاول أن تجره إلى تفاهة من هذه ينفق فيها حياته . .
إن الجاهلية هي الجاهلية . . فلا تتغير إلا الأشكال والظروف!
وينفي نوح عن نفسه الضلال ، ويكشف لهم عن حقيقة دعوته ومنبعها ، فهو لم يبتدعها من أوهامه وأهوائه . إنما هو رسول من رب العالمين . يحمل لهم الرسالة . ومعها النصح والأمانة . ويعلم من الله ما لا يعلمون . فهو يجده في نفسه ، وهو موصول به ، وهم عنه محجوبون :
{قال : يا قوم ليس بي ضلالة ، ولكني رسول من رب العالمين . أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم وأعلم من الله ما لا تعلمون}).
ثبات المؤمنين:
أما أهل الطهر والإيمان والنقاء....
فضربوا أمام هذا التشدد والغطرسة أعظم الأمثلة للثبات والتضحية فجاءت الأخبار تتراً من كل مكان عن ثبات أخوات عفيفاتٍ طاهراتٍ أفراداً وذرافات ..
وتناقلت الألسنة قصص الرجال الذين أدخلوا أخواتهن إلى اللجان أو قاموا فرادى ينكرون على كل ظالمٍ أو ذَنَبٍ ظلمه ...
وما زال المرجو من أهل الإيمان أكثر فإن هذه الإبتلاءات هي التي تمحص الإيمان في القلوب ...
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - وكذلك ما ابتلوا به في السراء والضراء والزلزال ليس هو بسبب نفس إيمانهم وطاعتهم لكن امتحنوا به ليتخلصوا مما فيهم من الشر وفتنوا به كما يفتن الذهب بالنار ليتميز طيبه من خبيثه والنفوس فيها شر والامتحان يمحص المؤمن من ذلك الشر الذي في نفسه قال تعالى {وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين })
ويقول ابن القيم – رحمه الله - : (وإذا تأملت حكمته سبحانه فيما ابتلى به عباده وصفوته بما ساقهم به الى اجل الغايات وأكمل النهايات التي لم يكونوايعبرون اليها إلا على جسر من الابتلاء والامتحان وكان ذلك الجسر لكماله كالجسر الذي لا سبيل الى عبورهم الى الجنة إلا عليه وكان ذلك الابتلاء والامتحان عين المنهج في حقهم والكرامة فصورته صورة ابتلاء وامتحان وباطنه فيه الرحمة والنعمة فكم لله من نعمة جسيمة ومنه عظيمة تجنى من قطوف الابتلاء والامتحان )
فلنقابل تكاتف أهل البغي بتكاتفٍ لأهل الحق ، ولننبذ الخلافات والصراعات ، ولنجتمع على نصرة المظلومين والمظلومات من أهل الإسلام في كل مكان ، فنحن أولى بذلك منهم..
ولنقابل إصرارهم على إعلاء الفساد وتشددهم في تنفيذ ما يروموه بمزيد ثباتٍ وإيمانٍ واحتسابٍ في سبيل الله ..
ولنقابل شبهاتهم وآراجيفهم في حق شعائر الإسلام بمزيد اعتزازٍ وتمسكٍ بهدي النبي – صلى الله عليه وسلم – ومزيد فضحٍٍ لمنهجهم وفساد آرائهم..
ولنعلم أننا في أشد حاجةٍ إلى تثبيت الله الذي خص به أصحاب القول الثابت ، قال تعالى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} ، يقول ابن القيم – رحمه الله - : (تحت هذه الآية كنز عظيم من وفق لمظنته وأحسن استخراجه واقتناءه وأنفق منه فقد غنم ومن حرمه فقد حُرِم .وذلك أن العبد لا يستغنى عن تثبيت الله له طرفة عين ، فإن لم يثبته و إلا زالت سماء إيمانه وأرضه عن مكانهما ، وقد قال تعالى لأكرم خلقه عليه عبده وقد قال تعالى لأكرم خلقه عليه عبده ورسوله -صلى الله عليه وسلم - : {وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا } ، وقال تعالى لأكرم خلقه {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آَمَنُوا} ، وفي الصحيحين من حديث البجلي قال : ((وهو يسألهم ويثبتهم )) ،وقال تعالى لرسوله : {وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظ َةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ} فالخلق قسمان : موفق بالتثبيت ، ومخذول بترك التثبيت).
ويقول – رحمه الله - : ( ومادة التثبيت – أصله ومنشؤه – من القول الثابت وفعل ما أمر به العبد فبهما يثبت الله عبده ، فكل من كان أثبت قولاً و أحسن فعلاً كان أعظم تثبيتاً ، قال تعالى {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا}، فأثبت الناس قلباً أثبتهم قولاً .
والقول الثابت هو: القول الحق والصدق ، وهو ضد القول الباطل والكذب.
فالقول نوعان: ثابت له حقيقة ، وباطل لا حقيقة له ، وأثبت القول كلمة التوحيد ولوازمها،
فهي أعظم ما يثبت الله بها عبده في الدنيا والآخرة ؛ ولهذا ترى الصادق من أثبت الناس وأشجعهم قلبا ، والكاذب من أمهن الناس وأخبثهم وأكثرهم تلوناً وأقلهم ثباتاًً...فما منح العبد منحة أفضل من منحة القول الثابت)
فمن ملامح هذه المعركة أنها معركة ثبات ...
فالثبات الثبات ...يا أهل الإيمان..
وليكن شعارنا أمام دعاة السفور والرذيلة ..{وما يكون لنا أن نعود فيها }... {وما لنا ألا نتوكل على الله وقد هدانا سبلنا؟ ولنصبرن على ما آذيتمونا ، وعلى الله فليتوكل المتوكلون }
ولتصرخ الأخت المسلمة في وجه دعاة الرذيلة كما صرخ شعيبٌ – عليه السلام – في وجه قومه إذ دعوه للكفر { قال : أو لو كنا كارهين؟ قد افترينا على الله كذبا إن عدنا في ملتكم بعد إذ نجانا الله منها وما يكون لنا أن نعود فيها }...ولتقل لهم: ما يكون لنا أن نعود للسفور بعد إذ نجانا الله منه ،ولنصبرن على ما آذيتمونا
ولنعمل فإنه بالإيمان والثبات والعمل يتنزل موعود الله :{ فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين . ولنسكننكم الأرض من بعدهم . ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد }
مواضيع مماثلة
» هل الحرب على النقاب أم على الإسلام 1
» شبهة انتشار الإسلام بالسيف دراسة مقارنة بين الإسلام والنصرانية
» تعاني من حساسية بالأنف وتخشى من لبس النقاب
» وتبسمت ذات النقاب
» إذا ألزمها أهلها بدخول مدرسة تخلع فيها النقاب فهل تخلعه في الشارع أيضا؟
» شبهة انتشار الإسلام بالسيف دراسة مقارنة بين الإسلام والنصرانية
» تعاني من حساسية بالأنف وتخشى من لبس النقاب
» وتبسمت ذات النقاب
» إذا ألزمها أهلها بدخول مدرسة تخلع فيها النقاب فهل تخلعه في الشارع أيضا؟
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة 21 يونيو 2024, 12:25 am من طرف Admin
» هل الانجيل محرف
الأربعاء 19 يونيو 2024, 2:34 pm من طرف Admin
» شبهات النصاري زواج ام المؤمنين عائشه،
الإثنين 17 يونيو 2024, 10:30 am من طرف Admin
» الفرق بين السنه والفقه
السبت 11 مايو 2024, 11:23 pm من طرف Admin
» كيف عرفت انه نبي..
الجمعة 26 أبريل 2024, 5:40 am من طرف Admin
» موضوع هل يدخل الجنه غير المسلمين،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:48 am من طرف Admin
» التدرج في التشريع
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:43 am من طرف Admin
» كتب عليكم الصيام،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:41 am من طرف Admin
» اقوال العلماء في تفسير ايه الحجاب،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:40 am من طرف Admin