بحـث
الشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المواضيع الأخيرة
نوفمبر 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | |||||
3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 |
10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 |
17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 |
24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
الحمدلله على نعمة الاسلام
ايها الاخوه الدعاه الى الله وكذا جميع الزائرين والزائرات مرحبا بكم واهلا نتمنى من الله ان نكون عند حسن ظنكم جميا والله الموفق الى الخير وهو حسبنا ونعم الوكيلالشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 39 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 39 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحثلا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 76 بتاريخ الأربعاء 30 أكتوبر 2024, 11:01 pm
هل الحرب على النقاب أم على الإسلام 1
صفحة 1 من اصل 1
هل الحرب على النقاب أم على الإسلام 1
هل الحرب على النقاب أم على الإسلام
سعد عطية فياض
(1) حجة فرعون وشريعة قوم لوط
لقد حكى الله تعالى – في كتابه - مشاهد معركة الحق والباطل المتكررة في كل عصر .. تختلف الصور وتبقى الحقائق ؛ حتى يتعجب المؤمن من تطابق الجاهلية في أسسها ومبادئها ونفسيتها وأساليبها ومراحلها وتجبرها فلا يزيده هذا إلا يقيناً في نهايتها ليبقى من تأخر من المؤمنين بعدها يتعجبون من زوالها أسرع مما كانوا يظنون ويغبطون السابقين الذين استجلبوا بصبرهم وبذلهم سنن الله في الظالمين ..
مشهد حجة فرعون:
ومن هذه المشاهد مشهد مؤمن آل فرعون وقد أعلن عن إيمانه وحاجج عن دينه ورأى أن الصدع بكلمة الحق في ملأ فرعون أرضى لله من حفاظه على نفسه ، فقام يعرض الدلائل والحجج مما يستبين به الحق لأمثالهم ،وهو مشهد من مشاهد معركة الحجة والبيان ، ويحكي لنا الله كيف أن فرعون لما أذهله منطق الإيمان وخشي على ملئه أن تجد حلاوة الإيمان سبيلاً لقلوبهم كشف عن وجه الجاهلية الحقيقي فإذا هو كالحٌ قبيحٌ؛ فالملأ ليس ليُستشار وصفوة العقول التي جمعها حوله ليست للانتفاع بفهمها ورأيها ، وأما الحجج فلا تُناقش – في منطقه - بالحجج ، والدلائل لا يُرد عليها بمثلها.. ولكن حجته الدامغة الساطعة هي أن ما يقوله هو... هو الحق، وهو لا يهدي إلا (سبيل الرشاد) وليس لأحد أن يرى إلا ما يراه فرعون لهم..!! ...
يقول صاحب التحرير والتنوير: (تفطن فرعون إلى أنه المعرض به في خطاب الرجل المؤمن إلى قومه فقاطع كلامه وبين سبب عزمه على قتل موسى عليه السلام بأنه ما عرض عليهم ذلك إلا لأنه لا يرى نفعا إلا في قتل موسى ولا يستصوب غير ذلك ويرى ذلك هو سبيل الرشاد، وكأنه أراد ألا يترك لنصيحة مؤمنهم مدخلا إلى نفوس ملئه خيفةً أن يتأثروا بنصحه فلا يساعدوا فرعون على قتل موسى...)
فحجته كما يقول الشيخ سيد قطب – رحمه الله - : (إنني لا أقول لكم إلا ما أراه صوابا ، وأعتقده نافعا . وإنه لهو الصواب والرشد بلا شك ولا جدال!..
وهل يرى الطغاة إلا الرشد والخير والصواب؟! وهل يسمحون بأن يظن أحد أنهم قد يخطئون؟! وهل يجوز لأحد أن يرى إلى جوار رأيهم رأيا؟ وإلا فلم كانوا طغاة؟!!)
ولقد قدم سبحانه هذا المشهد بقوله تعالى: (وَقَالَ مُوسَى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ ) فكأن هذا المنطق وهذه الحجة هي حجة كل متكبر طاغية نسي يوم القيامة والعرض على الله العزيز القهار...
يقول سبحانه وتعالى : ( وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ (28) يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ (29) وَقَالَ الَّذِي آَمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ (30)}
ولقد حكى سبحانه مثل هذه الحجة عن المنافقين ولكن بما يُناسبهم من ألفاظٍ فذكر أنهم يقولون: {إن أردنا إلا إحسانا وتوفيقا }
ففرعون لايهدي إلا للرشاد والمنافقون لا يريدون إلا الإحسان والتوفيق ، أما أهل الإيمان فهم (وإن لم يظهر منهم فساد ) يُخاف أن يُظهروا في الأرض الفساد !!
أليس هذا هو مشهد الحرب على النقاب ومن قبله الحرب على الختان ومعه الجدار والحصار وتصدير الغاز واتفاقية المثلية الجنسية ..؟!
ألم يخرج المدعو (رئيس جامعة القاهرة) ليصف ويُقرر أن (النقاب تخلف) ؟!
وهل يستطيع هذا العلماني أن يحاجج عن نفسه ؟!
وهل استطاع منظرو العلمانية البالية أن ينصروا أصول علمانيتهم المعوجة يوماً في مناظرة مع علماء الصحوة - اللهم إلا في حروبهم الخيالية مع طواحين الهواء في أفلامهم وكتاباتهم - ؟! ..
هذا – إذاً- هو الوجه الحقيقي للعلمانية في أوطاننا..
ومن نافلة القول أن نقول أنهم يتشدقون أن الإسلاميين إذا حكموا فسيفرضون آرائهم ويلزمون الناس بها ، وهذا صحيح..!!
ولكن الفارق أن الإسلام يفرض حكم الله وليس آراء البشر ، وأن الإسلام يفرض الحق وهو يستدل له بأدلة لا يقوى الباطل أن يجد حجةً ضدها ، وأن الإسلام يفرض الطهر والعفة والستر..
أما الجاهلية فتفرض أهواءها ، وليس لها حجة إلا حجة فرعون (مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ ) ، ولا تفرض إلا الخنا والعهر والعُري..
هذا هو الفارق ،فنتيجة فرض الإسلام حكم الله على الأرض هو مرضاة الله وبركاتٍ في الرزق والعيش ، أما نتيجة فرض الجاهلية لرأيها كما قال تعالى: **وأضل فرعون قومه وما هدى}...
فهو - إذاً - الإضلال باسم الإرشاد!! وهو التخلف باسم العلم ! وهو الغش بدعوى منع الغش!!
فمسلكهم كما ذكره ابن كثير هو مسلك من غش رعيته وخانهم ،يقول – رحمه الله - : (فقوله: **ما أريكم إلا ما أرى } كذب فيه وافترى، وخان الله ورسوله ورعيته، فغشهم وما نصحهم وكذا قوله: {وما أهديكم إلا سبيل الرشاد } أي: وما أدعوكم إلا إلى طريق الحق والصدق والرشد وقد كذب أيضا في ذلك، وإن كان قومه قد أطاعوه واتبعوه، قال الله تعالى: **فاتبعوا أمر فرعون وما أمر فرعون برشيد } [هود: 97]، وقال تعالى: **وأضل فرعون قومه وما هدى } [طه: 79]، وفي الحديث: \"ما من إمام يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته، إلا لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة خمسمائة عام\" (رواه البخاري في صحيحه برقم (7150، 7151) ومسلم في صحيحه برقم (142) بنحوه من حديث معقل بن يسار رضي الله عنه) )
يقول الشيخ السعدي – رحمه الله - : (فلو أمرهم باتباعه اتباعا مجردا على كفره وضلاله، لكان الشر أهون، ولكنه أمرهم باتباعه، وزعم أن في اتباعه اتباع الحق وفي اتباع الحق اتباع الضلال)
مشهد شريعة قوم لوط:
أما المشهد المكمل لحجة فرعون فهو شريعة قوم لوطٍ وجوابهم على التخويف بالله وبعذابه قال تعالى (وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ)
وهو نفسه قول قوم شعيب قال تعالى : **قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا قال أولو كنا كارهين قد افترينا على الله كذبا إن عدنا في ملتكم}
وهو ما حكاه الله عن كفار مكة **وإن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجوك منها وإذا لا يلبثون خلافك إلا قليلا}
فمكر الجاهلية بالمؤمنين ليس فيه ديمقراطية ولا حرية رأي ولا جدالٌ أو مناظرة ولكنه كما قال تعالى :**وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين}
فهم كما قال صاحب التحرير: ( أرادوا الاستراحة من إنكاره (لوط عليه السلام) عليهم شأن من يشعرون بفساد حالهم، الممنوعين بشهواتهم عن الإقلاع عن سيئاتهم، المصممين على مداومة ذنوبهم، فإن صدورهم تضيق عن تحمل الموعظة ، وأسماعهم تصم لقبولها ولم يزل من شأن المنغمسين في الهوى تجهم حلول من لا يشاركهم بينهم)..
أوليس هذا منطق العلمانيين وفعلهم ..؟!
ألم يتنادوا أن اطردوا المنتقبات من الجامعات والمدارس والمستشفيات والهيئات الحكومية..؟!
ألم يتنادوا أن أخرسوا أصوات الدعاة وأخرجوها فإنها من (وارد الخارج) ..؟!
ألم تخرج من فلتات ألسنتهم بل وصريح بيانهم الكراهية والضيق لرؤية حجاب الطهر والعفة ؟!
وماذا في طهر حجاب المؤمنات لتكرهوه إلا الطهر والعفاف والفضيلة ..؟!
يقول الشعرواي في تفسيره : ( فهل التطهر عيب! لا ، لكنهم عاشوا في النجاسة وألفوها ، ويرفضون الخروج منها ، لذلك كرهوا التطهر . والمثال على ذلك حين نجد شابا يريد أن ينضم إلى صداقة جماعة في مثل عمره ، لكنه وجدهم يشربون الخمور ، فنصحهم بالابتعاد عنه ، ووجدهم يغازلون النساء فحذرهم من مغبة الخوض في أعراض الناس ، لكن جماعة الأصدقاء كرهت وجوده بينهم لأنه لم يألف الفساد فيقولون : لنبتعد عن هذا المستقيم المتزهد المتقشف ، وكأن هذه الصفات صارت سبة في نظر أصحاب المزاج المنحرف ، مثلهم مثل الحيوان الذي يحيا في القذارة ، وإن خرج إلى النظافة يموت )
فما هو الحل - في شريعتهم - مع (جريمة التطهر) ؟! يُتابع فيقول : (إذن : أخرجوهم ، لا لأنهم أهل نجاسة ومعصية ، إنما لأنهم أناس يتطهرون ، فالطهارة والعفة جريمتهم التي يخرجون من أجلها!! كما تقول : لا عيب في فلان إلا أنه كريم ، أو تقول : لا كرامة في فلان إلا أنه لص . فهذه - إذن - صفة لا تمدح ، وتلك صفة لا تذم .
لقد قلب هؤلاء الموازين ، وخالفوا الطبيعة السوية بهذه الأحكام الفاسدة التي تدل على فساد الطباع ، وأي فساد بعد أن قلبوا المعايير ، فكرهوا ما يجب أن يحب ، وأحبوا ما يجب أن يكره؟ .)
فهو إذاً موقفٌ موحد للجاهلية اتجاه الطهر والمتطهرين أياً كانت صورته أو هيئته يكفي فقط أنه (طهر) ، يقول صاحب التحرير: (والتطهر تكلف الطهارة. وحقيقتها النظافة، وتطلق الطهارة مجازا على تزكية النفس والحذر من الرذائل وهي المراد هنا، وتلك صفة كمال، لكن القوم لما تمردوا على الفسوق كانوا يعدون الكمال منافرا لطباعهم، فلا يطيقون معاشرة أهل الكمال، ويذمون ما لهم من الكمالات فيسمونها ثقلا، ولذا وصفوا تنزه لوط عليه السلام وآله تطهرا، بصيغة التكلف والتصنع، ويجوز أن يكون حكاية لما في كلامهم من التهكم بلوط عليه السلام وآله، وهذا من قلب الحقائق لأجل مشايعة العوائد الذميمة، وأهل المجون والاخلاع، يسمون المتعفف عن سيرتهم بالتائب أو نحو ذلك، فقولهم **إنهم أناس يتطهرون} قصدوا به ذمهم)
يقول الشيخ سيد قطب – رحمه الله - : (ولكن لماذا العجب؟ وماذا تصنع الجاهلية الحديثة؟ أليست تطارد الذين يتطهرون ، فلا ينغمسون في الوحل الذي تنغمس فيه مجتمعات الجاهلية - وتسميه تقدمية وتحطيما للأغلال عن المرأة وغير المرأة - أليست تطاردهم في أرزاقهم وأنفسهم وأموالهم وأفكارهم وتصوراتهم كذلك؛ ولا تطيق أن تراهم يتطهرون؛ لأنها لا تتسع ولا ترحب إلا بالملوثين الدنسين القذرين؟! إنه منطق الجاهلية في كل حين!!)
فماذا حاق بالقوم الظالمين؟!:
وكما حكى الله مشاهد الصراع بيَّن سننه – سبحانه - الجارية في كل من انحاز لسبيل المجرمين وسار على نهج الطغاة الظالمين ...
فليجتهد كل ظالم في ظلمه فإنه مصيبه من وعد الله وغضبه وعذابه قدر ما يطلبه لنفسه ..ويستحقه بفعله ..
ولا يظنن أحد أن الوعيد للكافرين فقط ، بل هو في حق كل ظالم وطاغية أيضاً ، قال تعالى: (وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ)
فلينتظر الظالمين وعيد الله فيهم وليعمل المتطهرون لوعد الله لهم..
قال تعالى : {فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين ولنسكننكم الأرض من بعدهم ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد}
وقال تعالى : {قال موسى لقومه استعينوا بالله واصبروا إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين}
وقال تعالى : {وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها}
وقال تعالى : {وخاب كل جبار عنيد}
فليتجبر من شاء أن يتجبر وليُقارع الدليل والرأي والحجة بالقهر والبطش والتكبر ..
وليزد في تجبره ليشمل بقية المتطهرين المؤمنين..
وليجمع جنده ويتباهي في سطوته ويتفاخر بتجبره وليجمع كل قوته لعله يدرك المؤمنين ويسحقهم فإن سنة الله الجارية باقية ،وليكونن لمن بعده آية..
وغداً نرى أي الوعدين أصدق ..وعد الله للمؤمنين أم وعود الشيطان للظالمين..؟!!
والله غالبٌ على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون
(يُتبع إن شاء الله)
(2) (المؤسسة الدينية) عندما تصبح ( قنطرة العلمانية )
هل الحرب على النقاب أم على الإسلام؟! :
هل – حقاً – المقصود بالمعركة - الحالية - هو النقاب فقط؟!!
وهل – حقاً – المشكلة مع النقاب مسألة فقهية ؟!!
أم أن معركة العلمانية تشمل كل ثوابت الدين ومقدسات الإسلام ابتداءً بأركانه ، يقول د . أحمد إدريس الطعان في ( مآل الإسلام في القراءات العلمانية) فالشهادتان في الدين العلماني الجديد ليس لهما مدلول إيماني لأنه \" في حقيقة الأمر وطبقاً لمقتضيات العصر لا تعني الشهادة التلفظ بهما أو كتابتهما، إنما تعني الشهادة على العصر ... ليست الشهادتان إذن إعلاناً لفظياً عن الألوهية والنبوة، بل الشهادة النظرية والشهادة العملية على قضايا العصر وحوادث التاريخ \" ([1]) .
أما الجزء الثاني من الشهادة فليس من الإسلام لأنه أضيف إلى الأذان فيما بعد إذ كان الإسلام في البداية دعوة إلى لقاء لكل الأديان ([2]) .
والصلاة مسألة شخصية ([3])، وليست واجبة ([4])، وفرضت أصلاً لتليين عريكة العربي، وتعويده على الطاعة للقائد ([5])، وتغني عنها رياضة اليوغا وهو ما غفل عنه الفقهاء ([6]).
والزكاة أيضاً ليست واجبة وإنما هي اختيارية ( [7])، كما أنها لا تؤدي الغرض لأنها تراعي معهود العرب في حياتهم التي كانوا عليها \" فهي تمس الثروات الصغيرة والمتوسطة أكثر مما تمس الثروات الضخمة ... ولم توضع للحد من الثروات الكبيرة القائمة على الربح المرتفع ، فهذه لم تكن معهود العرب زمن النبوة ... ولذلك فالزكاة وحدها لا يمكن أن تنال شيئاً من الفوارق الطبقية الكبيرة لأنها وضعت أصلاً لمجتمع ليس فيه مثل هذه الفوارق الطبقية الكبيرة \" ([8]). إن الزكاة مقدمة يحثنا فيها الإسلام على الوصول إلى الشيوعية المطلقة ([9]).
والصوم كذلك ليس فرضاً وإنما هو للتخيير ([10])، وهو مفروض على العربي فقط، لأنه مشروط بالبيئـة العربية ولذلك فالصوم بالنسبة للمسلم غير العربي مـجرد دلالـة وعبرة دينية ( ([11]. بل إن الصوم يحرم على المسلمين في العصر الحاضر لأنه يقلل الإنتاج ([12]).
أما الحج كذلك فهو من الطقوس الوثنية الميثية العربية القديمة التي أقرها الإسلام مراعاة لحال العرب ([13])وما هو إلا تعبير عن الحنين إلى أسطورة العود الأبدي ([14])، وإعادة إحياء لتلك التجربة الجنسية الدينية المقدسة التي تمت بين آدم وحواء، والحج العربي العاري في الجاهلية يؤكد المشاركة في الجنس بين الألوهية والبشر ([15]). كما أن تحويل القبلة والحج تعبير عن الرغبة في تعريب الإسلام وتأكيد عروبيته ( [16]).................. إن \" الجنة والنار هما النعيم والعذاب في هذه الدنيا وليس في عالم آخر يحشر فيه الإنسان بعد الموت، الدنيا هي الأرض، والعالم الآخر هو الأرض، الجنة ما يصيب الإنسان من خير في الدنيا، والنار ما يصيب الإنسان من شر فيها \"([17])، \"\" أمور المعاد هي الدراسات المستقبلية بلغة العصر والكشف عن نتائج المستقبل ابتداء من حسابات الحاضر
\" ([18]). أما الحور العين والملذات فهي تعبير عن الفن والحياة بدون قلق ([19]) وأما الوطء فهو تعبير عن عقلية ذكورية جامحة إلى السيطرة ([20]) )
فهي حرب إذن تشمل كل ثوابت الدين ومحكماته ، وإنما الحرب على النقاب جزء من هذه المنظومة
حقيقة العلمانية وأصناف العلمانيين:
والعلمانية من حيث المعنى: لا علاقة لها بالعلم ولكنها حرب على الدين وتعاملٌ معه على أنه موروث بشري يجب نبذه عن الحكم والحياة ،ينقل الشيخ محمد قطب عن دائرة المعارف البريطانية في تعريف كلمة (( Secularism )): (( هي حركة اجتماعية تهدف إلى صرف الناس عن الاهتمام بالآخرة إلى الاهتمام بالحيـاة الدنيا وحدها . ذلك أنه كان لدى الناس في العصور الوسطى رغبة شديدة في العزوف عن الدنيا والتأمل في الله واليوم الآخر. ومـن أجـل مـقاومة هـذه الرغـبة طـفقت الـ (( Secularism )) تعرض نفسها من خلال تنمية النـزعة الإنسانية ، حيث بدأ الناس في عصر النهضة يظهرون تعلقهم الشديد بالإنجازات الثقافية البشرية ، وبإمكانية تحقيق طموحاتهم في هذه الحياة القريبة . وظل الاتجاه إلى الـ ((Secularism )) يتطور باستمرار خلال التاريخ الحديث كله باعتبارها حركة مضادة للدين ومضادة للمسيحية)) (1).)
ويقول الشيخ سفر د.الحوالي: (والتعبير الشائع في الكتب الإسلامية المعاصرة هو \" فصل الدين عن الدولة \" ، وهو في الحقيقة لا يعطى المدلول الكامل للعلمانية الذي ينطبق على الأفراد وعلى السلوك الذي قد لا يكون له صلة بالدولة ، ولو قيل أنها \" فصل الدين عن الحياة \" لكان أصوب ، ولذلك فإن المدلول الصحيح للعلمانية \" إقامة الحياة على غير الدين \" سواء بالنسبة للأمة أو للفرد )
ويقول الشيخ د.صلاح الصاوي: (وعلى هذا فإن المعنى الصحيح لهذا التعبير هو الفصل بين الدين والدولة، بل بتعبير أدق الفصل بين الدين والحياة، وعدم المبالاة بالدين أو الاعتبارات الدينية، ونزع القداسة عن المقررات الدينية والتعامل معها كمواريث بشرية بحتة وقصر الدين على جانب الشعائر التعبدية الفردية البحتة باعتباره علاقة خاصة بين الإنسان وخالقه)
والعلمانية كأيديولوجية نشأت كثورة على تسلط الكنيسة وصلت للثورة على كل ما يُنسب للدين وهي ما تم نقله إلى بلاد المسلمين على صورتين كما يقول الشيخ محمد شاكر الشريف: (للعلمانية صورتان ، كل صورة منهما أقبح من الأخرى :
الصورة الأولى : العلمانية الملحدة : وهي التي تنكر الدين كلية : وتنكر وجود الله الخالق البارئ المصور ، ولا تعترف بشيء من ذلك ، بل وتحارب وتعادي من يدعو إلى مجرد الإيمان بوجود الله ، وهذه العلمانية على فجورها ووقاحتها في التبجح بكفرها ، إلا أن الحكم بكفرها أمر ظاهر ميسور لكافة المسلمين ، فلا ينطلي - بحمد الله - أمرها على المسلمين ، ولا يُقبل عليها من المسلمين إلا رجل يريد أن يفـارق دينه ، ( وخطر هذه الصورة من العلمانية من حيث التلبيس على عوام المسلمين خطر ضعيف ) ، وإن كان لها خطر عظيم من حيث محاربة الدين ، ومعاداة المؤمنين وحربهم وإيذائهم بالتعذيب ، أو السجن أو القتل .
الصورة الثانية : العلمانية غير الملحدة ([21]) وهي علمانية لا تنكر وجود الله ، وتؤمن به إيمانًا نظريًا : لكنها تنكر تدخل الدين في شؤون الدنيا ، وتنادي بعزل الدين عن الدنيا ، ( وهذه الصورة أشد خطرًا من الصورة السابقة ) من حيث الإضلال والتلبيس على عوام المسلمين ، فعدم إنكارها لوجود الله ، وعدم ظهور محاربتها للتدين ([22]) يغطي على أكثر عوام المسلمين حقيقة هذه الدعوة الكفرية ، فلا يتبينون ما فيها من الكفر لقلة علمهم ومعرفتهم الصحيحة بالدين ، ولذلك تجد أكثر الأنظمة الحاكمة اليوم في بلاد المسلمين أنظمة علمانية ، والكثرة الكاثرة والجمهور الأعظم من المسلمين لا يعرفون حقيقة ذلك .
ومثل هذه الأنظمة العلمانية اليوم ، تحارب الدين حقيقة ، وتحارب الدعاة إلى الله ، وهي آمنة مطمئنة أن يصفها أحد بالكفر والمروق من الدين ؛ لأنها لم تظهر بالصورة الأولى ، وما ذلك إلا لجهل كثير من المسلمين ، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يعلمنا وسائر المسلمين ، وأن يفقه الأمة في دينها حتى تعرف حقيقة هذه الأنظمة المعادية للدين .
ولهذا فليس من المستبعد أو الغريب عند المسلم الفاهم لدينه أن يجد في كلمات أو كتابات كثير من العلمانيين المعروفين بعلمانيتهم ذكر الله سبحانه وتعالى ، أو ذكر رسوله - صلى الله عليه وسلم - أو ذكر الإسلام ، وإنما تظهر الغرابة وتبدو الدهشة عند أولئك الذين لا يفهمون حقائق الأمور)
وأما على أرض الواقع فالعلمانية بشقيها الملحد وغير الملحد يقاتلان بصورة تكاملية تتفق على أصل الثورة على مرجعية الشريعة - حتى بصورتها غير الملحدة - وغاية ما تصل إليه هو ذكر الكلمات الإسلامية لتفريغها من حقيقتها ومضمونها ، كما ينقل د.أحمد إدريس الطعان عن أحدهم : (القرآن كتاب هداية وإقحامه في كل أمورنا الحياتية ليست من تخصصه إنه ليس كتاباً في الطب والفيزياء ([23]))فأثبت له الهداية ورفض الاهتداء به في كل نواحي الحياة..
قنطرة العلمانية:
بعد هذه المقدمة عن حقيقة العلمانية وتعاملها مع المرجعية الدينية ، نقف عند حربها على النقاب ومن قبله على الختان والدور الذي لعبته المؤسسات الدينية التابعة لها والتي تضفي الشرعية على ما يسميه (علي جمعة) بـ (التجربة المصرية) الفريدة من نوعها والتي ينص في إحدى فتاويه أنها تطبق الشريعة بنسبة تزيد عن 90% ...
وهذه الصورة التي تذكرنا ببدايات إدخال العلمانية في مصر كما يقول د.سليمان الخراشي في (العصرانية قنطرة العلمانية) : ((وخير مثال لهذه الحال: مجتمع مصر في القرنين الأخيرين، حيث سلط عليه الأعداء الغزو العسكري([24]) والغزو الفكري في سبيل صرفه عن دينه، لكنهم باؤا بالفشل ولم يحققوا نجاحاً يذكر يوازي ما قاموا به من الجهود؛ نظراً لارتباط الشعب المصري بعلمائه الشرعيين الممثلين في الأزهر؛ حيث كانوا حصناً منيعاً أمام جهود الأعداء التغريبية([25]) .
لكن الأعداء لم ييأسوا أو يملوا وهم يرون ضياع جهودهم وفشلهم، وإنما لجأوا إلى خطة أكثر مكراً، وأشد ضررًا، وهي تكرار محاولة الغزو للمجتمع المصري بواجهة إسلامية (مخدوعة) يتقبل الشعب المسلم اطروحاتها وأفكارها التغريبية دون نفرة أو استيحاش؛ يخلخلون بها وحدة المجتمع المصري المسلم؛ بتهييجه على ولاة أمره، إضافة إلى صرفه عن العلماء الكبار الراسخين الذين يصعب تطويعهم. وقد تم لهم ذلك من خلال ما يسمى (بالعصرانيين) أتباع مدرسة الأفغاني ومحمد عبده الذين ظنوا بجهلهم أنهم يخدمون الإسلام والدعوة بصنيعهم هذا، ويوفقون بين أحكام الشريعة ومتطلبات العصر –زعموا !- ولكنهم أصبحوا فيما بعد كما قال ألبرت حوراني: \"قنطرة للعلمانية عبرت عليها إلى العالم الإسلامي؛ لتحتل المواقع واحداً تلو الآخر\". ثم كان مصير أفراد هذه الطائفة العصرانية الخاسرة مصير أي وسيلة استخدمت فاستنفذت أغراضها، حيث (تمندل) ([26]) بهم الأعداء قليلاً ثم رموا بهم. فمنهم من مات بحسرته جراء ما جناه على مجتمعه، ومنهم من انحاز إلى الصف العلماني وكشف عن حقيقته، وقلة منهم أحست بخطورة دورها الذي قامت به فأرادت أن تُكَفّر عن سيئاتها بانحيازها ر ويدًا رويدًا إلى أهل الإسلام. ولكن بقيت تجربتهم جميعاً عبرة للمعتبرين وآية للمتوسمين .)
وقفات مهمة:
ولنا مع هذا المسلك من المؤسسات الدينية في الحرب العلمانية - الحالية - على النقاب وقفات،منها:
1-هذا المسلك ليس كافياً ليكون مقياساً عن ضعف العلمانيين أو قوتهم ولكنه يؤكد فشل (العلمانية) كمذهب تجتهد جميع وسائل الإعلام والتعليم لترسيخه حتى أنهم قاموا بإلغاء مادة التربية الدينية باستدلالات علمانية صرفة ، ومع ذلك حاولوا التمهيد أو انتهاز الفرصة للاحتماء في المؤسسات الدينية التابعة لهم ..
2-كما ذكرنا من تجربة محمد عبده وغيره يظهر أن هذا المسلك هو مقدمة لمرحلة جديدة ،فكل مرحلة هجوم على الثوابت ومحاولة الانتقال بالأمة لوضع أسوأ، يحتاجون في بدايتها لهذا المسلك..
3-أن هذا المسلك نابع من فهمهم الجيد لعقليات ونفسيات المجتمع وما يتقبله وما لا يتقبله ، فهم لا يُقامرون على الجدال الفقهي على فتاوى ذويهم ولكنهم يكتفون بها كتوطئة فإذا ناقشتهم قالوا : (نحن لسنا رجال دين ، اذهبوا وناقشوا رجال الدين) ، فما يجب أن نقف عليه هنا هو أهمية دراسة المسالك التي يستخدمونها في التعامل مع المجتمع، والتعامل معها بما يناسبها ويناسب خطورة دورها..
4-الاستفادة من هذه الملحوظات وأشباهها في معرفة ما يخاف العلمانيون منه ويتحاشونه على ضوء ما ذكرناه من فهمهم الجيد لعقلية ونفسية المجتمع ،ووضع الوسائل المضادة لخططهم على ضوئه ،وهو هنا الحرص على عدم إظهار المعركة أنها بين العلمانية والإسلام لأنه يؤدي مباشرة إلى تهميش مؤسساتهم الدينية واحتشاد الأمة حول الصحوة بل وإضفاء الشرعية عليها وإعطاء أبعاد للتضحياتها ، وهو ما تهدف كثير من خططهم لمنعه
5-الوقوف على خطورة المؤسسات الدينية بصورتها الجديدة في الحرب العلمانية والانتباه إلى أنها ستظل حائط الصد ورأس الحربة للعلمانيين في تمرير مخططاتهم،ولعل من أسباب هذا الاتجاه الجديد تراجع وضعف عدد من المناهج الفكرية التي كانت تصب في العلمانية كفكرة كالشيوعية والقومية ، بالإضافة إلى زيادة الخدمات التي تقدمها العلمانية لأعداء الأمة مما يجعلها في حاجة لتأمين الشرعية. وعلى ضوء هذا فيجب إعادة جدولة اهتمامات ومعارك الصحوة الإسلامية وأساليبها في التعامل مع بعض الرموز الدينية كعلي جمعة ورموز العلمانية والربط بينهم بدلائل قوية ..
6- خطأ التعامل مع قضية النقاب منبتاً عن هذا التصور الشامل للأحداث ، وأهمية فهمه ضمن منظومة تغريب المرأة ومخططات العلمانيين للمرحلة القادمة ووضع الوسائل على ضوء هذا الفهم الشامل وانتظام الحلول الجزئية (كبيان فتوى علي جمعة وسيد طنطاوي السابقة أو بيان حكم النقاب) ضمن حلول أكثر شمولية تبدأ بإصلاح الداخل وتهيئته لمواجهة المرحلة القادمة
(يُتبع إن شاء الله)
(3) معركة الثبات بين الجاهلية والإيمان
العلمانية باعتبارها جاهلية في الحكم والتشريع وجاهلية في الأخلاق والقيم وباعتبارها ثورة على الدين والتدين ، مثلها مثل الجاهليات السابقة تتشابه في استدلالاتها وألفاظها وتطرفها ، ولكن من أكثر ما أوضحته الحملة المسعورة على العفة والطهارة هو ما يمكن أن نطلق عليه – إن صح التعبير – المبدئية والتطرف في الثبات على تعاليم الجاهلية وأسسها ويظهر ذلك في ثلاث صور:
الصورة الأولى: التكاتف والتعاضد بين أفرادها في المعركة وشعارهم هو شعار الجاهلية (انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً):
فنجد أن (علي جمعة) المعروف عنه استهانته بـ (طنطاوي) يؤازره ، ونجد أن رئيس جامعة عين شمس الذي يحمل وزر بقية الجامعات التي تبعته تتم مكافئته وترقيته بصورة مفاجئة
ونجد أن بقية الجامعات تكاتفت وخاضت المعركة مجتمعة فدخلت جامعة القاهرة وحلوان وبنها والمنصورة والزقازيق وكفر الشيخ والفيوم وتم تبني الأمر من الوزراء ، وعندما سهى أحدهم وهو عميد دار علوم وصرح أنه سيسمح بالكمامة بدل النقاب اضطر ليثبت ولاءه لمزيد خسه ودناءة فتجرأ على الطاهرات فهاجم أختاً وقال لها \"غوري في داهية \" و \"إيه الزفت اللي على وشك ده\" ..بل ونزع بيده نقابها ،وعلق لافتات بمنع الدخول بالكمامة ..
سعد عطية فياض
(1) حجة فرعون وشريعة قوم لوط
لقد حكى الله تعالى – في كتابه - مشاهد معركة الحق والباطل المتكررة في كل عصر .. تختلف الصور وتبقى الحقائق ؛ حتى يتعجب المؤمن من تطابق الجاهلية في أسسها ومبادئها ونفسيتها وأساليبها ومراحلها وتجبرها فلا يزيده هذا إلا يقيناً في نهايتها ليبقى من تأخر من المؤمنين بعدها يتعجبون من زوالها أسرع مما كانوا يظنون ويغبطون السابقين الذين استجلبوا بصبرهم وبذلهم سنن الله في الظالمين ..
مشهد حجة فرعون:
ومن هذه المشاهد مشهد مؤمن آل فرعون وقد أعلن عن إيمانه وحاجج عن دينه ورأى أن الصدع بكلمة الحق في ملأ فرعون أرضى لله من حفاظه على نفسه ، فقام يعرض الدلائل والحجج مما يستبين به الحق لأمثالهم ،وهو مشهد من مشاهد معركة الحجة والبيان ، ويحكي لنا الله كيف أن فرعون لما أذهله منطق الإيمان وخشي على ملئه أن تجد حلاوة الإيمان سبيلاً لقلوبهم كشف عن وجه الجاهلية الحقيقي فإذا هو كالحٌ قبيحٌ؛ فالملأ ليس ليُستشار وصفوة العقول التي جمعها حوله ليست للانتفاع بفهمها ورأيها ، وأما الحجج فلا تُناقش – في منطقه - بالحجج ، والدلائل لا يُرد عليها بمثلها.. ولكن حجته الدامغة الساطعة هي أن ما يقوله هو... هو الحق، وهو لا يهدي إلا (سبيل الرشاد) وليس لأحد أن يرى إلا ما يراه فرعون لهم..!! ...
يقول صاحب التحرير والتنوير: (تفطن فرعون إلى أنه المعرض به في خطاب الرجل المؤمن إلى قومه فقاطع كلامه وبين سبب عزمه على قتل موسى عليه السلام بأنه ما عرض عليهم ذلك إلا لأنه لا يرى نفعا إلا في قتل موسى ولا يستصوب غير ذلك ويرى ذلك هو سبيل الرشاد، وكأنه أراد ألا يترك لنصيحة مؤمنهم مدخلا إلى نفوس ملئه خيفةً أن يتأثروا بنصحه فلا يساعدوا فرعون على قتل موسى...)
فحجته كما يقول الشيخ سيد قطب – رحمه الله - : (إنني لا أقول لكم إلا ما أراه صوابا ، وأعتقده نافعا . وإنه لهو الصواب والرشد بلا شك ولا جدال!..
وهل يرى الطغاة إلا الرشد والخير والصواب؟! وهل يسمحون بأن يظن أحد أنهم قد يخطئون؟! وهل يجوز لأحد أن يرى إلى جوار رأيهم رأيا؟ وإلا فلم كانوا طغاة؟!!)
ولقد قدم سبحانه هذا المشهد بقوله تعالى: (وَقَالَ مُوسَى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ ) فكأن هذا المنطق وهذه الحجة هي حجة كل متكبر طاغية نسي يوم القيامة والعرض على الله العزيز القهار...
يقول سبحانه وتعالى : ( وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ (28) يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ (29) وَقَالَ الَّذِي آَمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ (30)}
ولقد حكى سبحانه مثل هذه الحجة عن المنافقين ولكن بما يُناسبهم من ألفاظٍ فذكر أنهم يقولون: {إن أردنا إلا إحسانا وتوفيقا }
ففرعون لايهدي إلا للرشاد والمنافقون لا يريدون إلا الإحسان والتوفيق ، أما أهل الإيمان فهم (وإن لم يظهر منهم فساد ) يُخاف أن يُظهروا في الأرض الفساد !!
أليس هذا هو مشهد الحرب على النقاب ومن قبله الحرب على الختان ومعه الجدار والحصار وتصدير الغاز واتفاقية المثلية الجنسية ..؟!
ألم يخرج المدعو (رئيس جامعة القاهرة) ليصف ويُقرر أن (النقاب تخلف) ؟!
وهل يستطيع هذا العلماني أن يحاجج عن نفسه ؟!
وهل استطاع منظرو العلمانية البالية أن ينصروا أصول علمانيتهم المعوجة يوماً في مناظرة مع علماء الصحوة - اللهم إلا في حروبهم الخيالية مع طواحين الهواء في أفلامهم وكتاباتهم - ؟! ..
هذا – إذاً- هو الوجه الحقيقي للعلمانية في أوطاننا..
ومن نافلة القول أن نقول أنهم يتشدقون أن الإسلاميين إذا حكموا فسيفرضون آرائهم ويلزمون الناس بها ، وهذا صحيح..!!
ولكن الفارق أن الإسلام يفرض حكم الله وليس آراء البشر ، وأن الإسلام يفرض الحق وهو يستدل له بأدلة لا يقوى الباطل أن يجد حجةً ضدها ، وأن الإسلام يفرض الطهر والعفة والستر..
أما الجاهلية فتفرض أهواءها ، وليس لها حجة إلا حجة فرعون (مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ ) ، ولا تفرض إلا الخنا والعهر والعُري..
هذا هو الفارق ،فنتيجة فرض الإسلام حكم الله على الأرض هو مرضاة الله وبركاتٍ في الرزق والعيش ، أما نتيجة فرض الجاهلية لرأيها كما قال تعالى: **وأضل فرعون قومه وما هدى}...
فهو - إذاً - الإضلال باسم الإرشاد!! وهو التخلف باسم العلم ! وهو الغش بدعوى منع الغش!!
فمسلكهم كما ذكره ابن كثير هو مسلك من غش رعيته وخانهم ،يقول – رحمه الله - : (فقوله: **ما أريكم إلا ما أرى } كذب فيه وافترى، وخان الله ورسوله ورعيته، فغشهم وما نصحهم وكذا قوله: {وما أهديكم إلا سبيل الرشاد } أي: وما أدعوكم إلا إلى طريق الحق والصدق والرشد وقد كذب أيضا في ذلك، وإن كان قومه قد أطاعوه واتبعوه، قال الله تعالى: **فاتبعوا أمر فرعون وما أمر فرعون برشيد } [هود: 97]، وقال تعالى: **وأضل فرعون قومه وما هدى } [طه: 79]، وفي الحديث: \"ما من إمام يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته، إلا لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة خمسمائة عام\" (رواه البخاري في صحيحه برقم (7150، 7151) ومسلم في صحيحه برقم (142) بنحوه من حديث معقل بن يسار رضي الله عنه) )
يقول الشيخ السعدي – رحمه الله - : (فلو أمرهم باتباعه اتباعا مجردا على كفره وضلاله، لكان الشر أهون، ولكنه أمرهم باتباعه، وزعم أن في اتباعه اتباع الحق وفي اتباع الحق اتباع الضلال)
مشهد شريعة قوم لوط:
أما المشهد المكمل لحجة فرعون فهو شريعة قوم لوطٍ وجوابهم على التخويف بالله وبعذابه قال تعالى (وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ)
وهو نفسه قول قوم شعيب قال تعالى : **قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا قال أولو كنا كارهين قد افترينا على الله كذبا إن عدنا في ملتكم}
وهو ما حكاه الله عن كفار مكة **وإن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجوك منها وإذا لا يلبثون خلافك إلا قليلا}
فمكر الجاهلية بالمؤمنين ليس فيه ديمقراطية ولا حرية رأي ولا جدالٌ أو مناظرة ولكنه كما قال تعالى :**وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين}
فهم كما قال صاحب التحرير: ( أرادوا الاستراحة من إنكاره (لوط عليه السلام) عليهم شأن من يشعرون بفساد حالهم، الممنوعين بشهواتهم عن الإقلاع عن سيئاتهم، المصممين على مداومة ذنوبهم، فإن صدورهم تضيق عن تحمل الموعظة ، وأسماعهم تصم لقبولها ولم يزل من شأن المنغمسين في الهوى تجهم حلول من لا يشاركهم بينهم)..
أوليس هذا منطق العلمانيين وفعلهم ..؟!
ألم يتنادوا أن اطردوا المنتقبات من الجامعات والمدارس والمستشفيات والهيئات الحكومية..؟!
ألم يتنادوا أن أخرسوا أصوات الدعاة وأخرجوها فإنها من (وارد الخارج) ..؟!
ألم تخرج من فلتات ألسنتهم بل وصريح بيانهم الكراهية والضيق لرؤية حجاب الطهر والعفة ؟!
وماذا في طهر حجاب المؤمنات لتكرهوه إلا الطهر والعفاف والفضيلة ..؟!
يقول الشعرواي في تفسيره : ( فهل التطهر عيب! لا ، لكنهم عاشوا في النجاسة وألفوها ، ويرفضون الخروج منها ، لذلك كرهوا التطهر . والمثال على ذلك حين نجد شابا يريد أن ينضم إلى صداقة جماعة في مثل عمره ، لكنه وجدهم يشربون الخمور ، فنصحهم بالابتعاد عنه ، ووجدهم يغازلون النساء فحذرهم من مغبة الخوض في أعراض الناس ، لكن جماعة الأصدقاء كرهت وجوده بينهم لأنه لم يألف الفساد فيقولون : لنبتعد عن هذا المستقيم المتزهد المتقشف ، وكأن هذه الصفات صارت سبة في نظر أصحاب المزاج المنحرف ، مثلهم مثل الحيوان الذي يحيا في القذارة ، وإن خرج إلى النظافة يموت )
فما هو الحل - في شريعتهم - مع (جريمة التطهر) ؟! يُتابع فيقول : (إذن : أخرجوهم ، لا لأنهم أهل نجاسة ومعصية ، إنما لأنهم أناس يتطهرون ، فالطهارة والعفة جريمتهم التي يخرجون من أجلها!! كما تقول : لا عيب في فلان إلا أنه كريم ، أو تقول : لا كرامة في فلان إلا أنه لص . فهذه - إذن - صفة لا تمدح ، وتلك صفة لا تذم .
لقد قلب هؤلاء الموازين ، وخالفوا الطبيعة السوية بهذه الأحكام الفاسدة التي تدل على فساد الطباع ، وأي فساد بعد أن قلبوا المعايير ، فكرهوا ما يجب أن يحب ، وأحبوا ما يجب أن يكره؟ .)
فهو إذاً موقفٌ موحد للجاهلية اتجاه الطهر والمتطهرين أياً كانت صورته أو هيئته يكفي فقط أنه (طهر) ، يقول صاحب التحرير: (والتطهر تكلف الطهارة. وحقيقتها النظافة، وتطلق الطهارة مجازا على تزكية النفس والحذر من الرذائل وهي المراد هنا، وتلك صفة كمال، لكن القوم لما تمردوا على الفسوق كانوا يعدون الكمال منافرا لطباعهم، فلا يطيقون معاشرة أهل الكمال، ويذمون ما لهم من الكمالات فيسمونها ثقلا، ولذا وصفوا تنزه لوط عليه السلام وآله تطهرا، بصيغة التكلف والتصنع، ويجوز أن يكون حكاية لما في كلامهم من التهكم بلوط عليه السلام وآله، وهذا من قلب الحقائق لأجل مشايعة العوائد الذميمة، وأهل المجون والاخلاع، يسمون المتعفف عن سيرتهم بالتائب أو نحو ذلك، فقولهم **إنهم أناس يتطهرون} قصدوا به ذمهم)
يقول الشيخ سيد قطب – رحمه الله - : (ولكن لماذا العجب؟ وماذا تصنع الجاهلية الحديثة؟ أليست تطارد الذين يتطهرون ، فلا ينغمسون في الوحل الذي تنغمس فيه مجتمعات الجاهلية - وتسميه تقدمية وتحطيما للأغلال عن المرأة وغير المرأة - أليست تطاردهم في أرزاقهم وأنفسهم وأموالهم وأفكارهم وتصوراتهم كذلك؛ ولا تطيق أن تراهم يتطهرون؛ لأنها لا تتسع ولا ترحب إلا بالملوثين الدنسين القذرين؟! إنه منطق الجاهلية في كل حين!!)
فماذا حاق بالقوم الظالمين؟!:
وكما حكى الله مشاهد الصراع بيَّن سننه – سبحانه - الجارية في كل من انحاز لسبيل المجرمين وسار على نهج الطغاة الظالمين ...
فليجتهد كل ظالم في ظلمه فإنه مصيبه من وعد الله وغضبه وعذابه قدر ما يطلبه لنفسه ..ويستحقه بفعله ..
ولا يظنن أحد أن الوعيد للكافرين فقط ، بل هو في حق كل ظالم وطاغية أيضاً ، قال تعالى: (وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ)
فلينتظر الظالمين وعيد الله فيهم وليعمل المتطهرون لوعد الله لهم..
قال تعالى : {فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين ولنسكننكم الأرض من بعدهم ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد}
وقال تعالى : {قال موسى لقومه استعينوا بالله واصبروا إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين}
وقال تعالى : {وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها}
وقال تعالى : {وخاب كل جبار عنيد}
فليتجبر من شاء أن يتجبر وليُقارع الدليل والرأي والحجة بالقهر والبطش والتكبر ..
وليزد في تجبره ليشمل بقية المتطهرين المؤمنين..
وليجمع جنده ويتباهي في سطوته ويتفاخر بتجبره وليجمع كل قوته لعله يدرك المؤمنين ويسحقهم فإن سنة الله الجارية باقية ،وليكونن لمن بعده آية..
وغداً نرى أي الوعدين أصدق ..وعد الله للمؤمنين أم وعود الشيطان للظالمين..؟!!
والله غالبٌ على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون
(يُتبع إن شاء الله)
(2) (المؤسسة الدينية) عندما تصبح ( قنطرة العلمانية )
هل الحرب على النقاب أم على الإسلام؟! :
هل – حقاً – المقصود بالمعركة - الحالية - هو النقاب فقط؟!!
وهل – حقاً – المشكلة مع النقاب مسألة فقهية ؟!!
أم أن معركة العلمانية تشمل كل ثوابت الدين ومقدسات الإسلام ابتداءً بأركانه ، يقول د . أحمد إدريس الطعان في ( مآل الإسلام في القراءات العلمانية) فالشهادتان في الدين العلماني الجديد ليس لهما مدلول إيماني لأنه \" في حقيقة الأمر وطبقاً لمقتضيات العصر لا تعني الشهادة التلفظ بهما أو كتابتهما، إنما تعني الشهادة على العصر ... ليست الشهادتان إذن إعلاناً لفظياً عن الألوهية والنبوة، بل الشهادة النظرية والشهادة العملية على قضايا العصر وحوادث التاريخ \" ([1]) .
أما الجزء الثاني من الشهادة فليس من الإسلام لأنه أضيف إلى الأذان فيما بعد إذ كان الإسلام في البداية دعوة إلى لقاء لكل الأديان ([2]) .
والصلاة مسألة شخصية ([3])، وليست واجبة ([4])، وفرضت أصلاً لتليين عريكة العربي، وتعويده على الطاعة للقائد ([5])، وتغني عنها رياضة اليوغا وهو ما غفل عنه الفقهاء ([6]).
والزكاة أيضاً ليست واجبة وإنما هي اختيارية ( [7])، كما أنها لا تؤدي الغرض لأنها تراعي معهود العرب في حياتهم التي كانوا عليها \" فهي تمس الثروات الصغيرة والمتوسطة أكثر مما تمس الثروات الضخمة ... ولم توضع للحد من الثروات الكبيرة القائمة على الربح المرتفع ، فهذه لم تكن معهود العرب زمن النبوة ... ولذلك فالزكاة وحدها لا يمكن أن تنال شيئاً من الفوارق الطبقية الكبيرة لأنها وضعت أصلاً لمجتمع ليس فيه مثل هذه الفوارق الطبقية الكبيرة \" ([8]). إن الزكاة مقدمة يحثنا فيها الإسلام على الوصول إلى الشيوعية المطلقة ([9]).
والصوم كذلك ليس فرضاً وإنما هو للتخيير ([10])، وهو مفروض على العربي فقط، لأنه مشروط بالبيئـة العربية ولذلك فالصوم بالنسبة للمسلم غير العربي مـجرد دلالـة وعبرة دينية ( ([11]. بل إن الصوم يحرم على المسلمين في العصر الحاضر لأنه يقلل الإنتاج ([12]).
أما الحج كذلك فهو من الطقوس الوثنية الميثية العربية القديمة التي أقرها الإسلام مراعاة لحال العرب ([13])وما هو إلا تعبير عن الحنين إلى أسطورة العود الأبدي ([14])، وإعادة إحياء لتلك التجربة الجنسية الدينية المقدسة التي تمت بين آدم وحواء، والحج العربي العاري في الجاهلية يؤكد المشاركة في الجنس بين الألوهية والبشر ([15]). كما أن تحويل القبلة والحج تعبير عن الرغبة في تعريب الإسلام وتأكيد عروبيته ( [16]).................. إن \" الجنة والنار هما النعيم والعذاب في هذه الدنيا وليس في عالم آخر يحشر فيه الإنسان بعد الموت، الدنيا هي الأرض، والعالم الآخر هو الأرض، الجنة ما يصيب الإنسان من خير في الدنيا، والنار ما يصيب الإنسان من شر فيها \"([17])، \"\" أمور المعاد هي الدراسات المستقبلية بلغة العصر والكشف عن نتائج المستقبل ابتداء من حسابات الحاضر
\" ([18]). أما الحور العين والملذات فهي تعبير عن الفن والحياة بدون قلق ([19]) وأما الوطء فهو تعبير عن عقلية ذكورية جامحة إلى السيطرة ([20]) )
فهي حرب إذن تشمل كل ثوابت الدين ومحكماته ، وإنما الحرب على النقاب جزء من هذه المنظومة
حقيقة العلمانية وأصناف العلمانيين:
والعلمانية من حيث المعنى: لا علاقة لها بالعلم ولكنها حرب على الدين وتعاملٌ معه على أنه موروث بشري يجب نبذه عن الحكم والحياة ،ينقل الشيخ محمد قطب عن دائرة المعارف البريطانية في تعريف كلمة (( Secularism )): (( هي حركة اجتماعية تهدف إلى صرف الناس عن الاهتمام بالآخرة إلى الاهتمام بالحيـاة الدنيا وحدها . ذلك أنه كان لدى الناس في العصور الوسطى رغبة شديدة في العزوف عن الدنيا والتأمل في الله واليوم الآخر. ومـن أجـل مـقاومة هـذه الرغـبة طـفقت الـ (( Secularism )) تعرض نفسها من خلال تنمية النـزعة الإنسانية ، حيث بدأ الناس في عصر النهضة يظهرون تعلقهم الشديد بالإنجازات الثقافية البشرية ، وبإمكانية تحقيق طموحاتهم في هذه الحياة القريبة . وظل الاتجاه إلى الـ ((Secularism )) يتطور باستمرار خلال التاريخ الحديث كله باعتبارها حركة مضادة للدين ومضادة للمسيحية)) (1).)
ويقول الشيخ سفر د.الحوالي: (والتعبير الشائع في الكتب الإسلامية المعاصرة هو \" فصل الدين عن الدولة \" ، وهو في الحقيقة لا يعطى المدلول الكامل للعلمانية الذي ينطبق على الأفراد وعلى السلوك الذي قد لا يكون له صلة بالدولة ، ولو قيل أنها \" فصل الدين عن الحياة \" لكان أصوب ، ولذلك فإن المدلول الصحيح للعلمانية \" إقامة الحياة على غير الدين \" سواء بالنسبة للأمة أو للفرد )
ويقول الشيخ د.صلاح الصاوي: (وعلى هذا فإن المعنى الصحيح لهذا التعبير هو الفصل بين الدين والدولة، بل بتعبير أدق الفصل بين الدين والحياة، وعدم المبالاة بالدين أو الاعتبارات الدينية، ونزع القداسة عن المقررات الدينية والتعامل معها كمواريث بشرية بحتة وقصر الدين على جانب الشعائر التعبدية الفردية البحتة باعتباره علاقة خاصة بين الإنسان وخالقه)
والعلمانية كأيديولوجية نشأت كثورة على تسلط الكنيسة وصلت للثورة على كل ما يُنسب للدين وهي ما تم نقله إلى بلاد المسلمين على صورتين كما يقول الشيخ محمد شاكر الشريف: (للعلمانية صورتان ، كل صورة منهما أقبح من الأخرى :
الصورة الأولى : العلمانية الملحدة : وهي التي تنكر الدين كلية : وتنكر وجود الله الخالق البارئ المصور ، ولا تعترف بشيء من ذلك ، بل وتحارب وتعادي من يدعو إلى مجرد الإيمان بوجود الله ، وهذه العلمانية على فجورها ووقاحتها في التبجح بكفرها ، إلا أن الحكم بكفرها أمر ظاهر ميسور لكافة المسلمين ، فلا ينطلي - بحمد الله - أمرها على المسلمين ، ولا يُقبل عليها من المسلمين إلا رجل يريد أن يفـارق دينه ، ( وخطر هذه الصورة من العلمانية من حيث التلبيس على عوام المسلمين خطر ضعيف ) ، وإن كان لها خطر عظيم من حيث محاربة الدين ، ومعاداة المؤمنين وحربهم وإيذائهم بالتعذيب ، أو السجن أو القتل .
الصورة الثانية : العلمانية غير الملحدة ([21]) وهي علمانية لا تنكر وجود الله ، وتؤمن به إيمانًا نظريًا : لكنها تنكر تدخل الدين في شؤون الدنيا ، وتنادي بعزل الدين عن الدنيا ، ( وهذه الصورة أشد خطرًا من الصورة السابقة ) من حيث الإضلال والتلبيس على عوام المسلمين ، فعدم إنكارها لوجود الله ، وعدم ظهور محاربتها للتدين ([22]) يغطي على أكثر عوام المسلمين حقيقة هذه الدعوة الكفرية ، فلا يتبينون ما فيها من الكفر لقلة علمهم ومعرفتهم الصحيحة بالدين ، ولذلك تجد أكثر الأنظمة الحاكمة اليوم في بلاد المسلمين أنظمة علمانية ، والكثرة الكاثرة والجمهور الأعظم من المسلمين لا يعرفون حقيقة ذلك .
ومثل هذه الأنظمة العلمانية اليوم ، تحارب الدين حقيقة ، وتحارب الدعاة إلى الله ، وهي آمنة مطمئنة أن يصفها أحد بالكفر والمروق من الدين ؛ لأنها لم تظهر بالصورة الأولى ، وما ذلك إلا لجهل كثير من المسلمين ، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يعلمنا وسائر المسلمين ، وأن يفقه الأمة في دينها حتى تعرف حقيقة هذه الأنظمة المعادية للدين .
ولهذا فليس من المستبعد أو الغريب عند المسلم الفاهم لدينه أن يجد في كلمات أو كتابات كثير من العلمانيين المعروفين بعلمانيتهم ذكر الله سبحانه وتعالى ، أو ذكر رسوله - صلى الله عليه وسلم - أو ذكر الإسلام ، وإنما تظهر الغرابة وتبدو الدهشة عند أولئك الذين لا يفهمون حقائق الأمور)
وأما على أرض الواقع فالعلمانية بشقيها الملحد وغير الملحد يقاتلان بصورة تكاملية تتفق على أصل الثورة على مرجعية الشريعة - حتى بصورتها غير الملحدة - وغاية ما تصل إليه هو ذكر الكلمات الإسلامية لتفريغها من حقيقتها ومضمونها ، كما ينقل د.أحمد إدريس الطعان عن أحدهم : (القرآن كتاب هداية وإقحامه في كل أمورنا الحياتية ليست من تخصصه إنه ليس كتاباً في الطب والفيزياء ([23]))فأثبت له الهداية ورفض الاهتداء به في كل نواحي الحياة..
قنطرة العلمانية:
بعد هذه المقدمة عن حقيقة العلمانية وتعاملها مع المرجعية الدينية ، نقف عند حربها على النقاب ومن قبله على الختان والدور الذي لعبته المؤسسات الدينية التابعة لها والتي تضفي الشرعية على ما يسميه (علي جمعة) بـ (التجربة المصرية) الفريدة من نوعها والتي ينص في إحدى فتاويه أنها تطبق الشريعة بنسبة تزيد عن 90% ...
وهذه الصورة التي تذكرنا ببدايات إدخال العلمانية في مصر كما يقول د.سليمان الخراشي في (العصرانية قنطرة العلمانية) : ((وخير مثال لهذه الحال: مجتمع مصر في القرنين الأخيرين، حيث سلط عليه الأعداء الغزو العسكري([24]) والغزو الفكري في سبيل صرفه عن دينه، لكنهم باؤا بالفشل ولم يحققوا نجاحاً يذكر يوازي ما قاموا به من الجهود؛ نظراً لارتباط الشعب المصري بعلمائه الشرعيين الممثلين في الأزهر؛ حيث كانوا حصناً منيعاً أمام جهود الأعداء التغريبية([25]) .
لكن الأعداء لم ييأسوا أو يملوا وهم يرون ضياع جهودهم وفشلهم، وإنما لجأوا إلى خطة أكثر مكراً، وأشد ضررًا، وهي تكرار محاولة الغزو للمجتمع المصري بواجهة إسلامية (مخدوعة) يتقبل الشعب المسلم اطروحاتها وأفكارها التغريبية دون نفرة أو استيحاش؛ يخلخلون بها وحدة المجتمع المصري المسلم؛ بتهييجه على ولاة أمره، إضافة إلى صرفه عن العلماء الكبار الراسخين الذين يصعب تطويعهم. وقد تم لهم ذلك من خلال ما يسمى (بالعصرانيين) أتباع مدرسة الأفغاني ومحمد عبده الذين ظنوا بجهلهم أنهم يخدمون الإسلام والدعوة بصنيعهم هذا، ويوفقون بين أحكام الشريعة ومتطلبات العصر –زعموا !- ولكنهم أصبحوا فيما بعد كما قال ألبرت حوراني: \"قنطرة للعلمانية عبرت عليها إلى العالم الإسلامي؛ لتحتل المواقع واحداً تلو الآخر\". ثم كان مصير أفراد هذه الطائفة العصرانية الخاسرة مصير أي وسيلة استخدمت فاستنفذت أغراضها، حيث (تمندل) ([26]) بهم الأعداء قليلاً ثم رموا بهم. فمنهم من مات بحسرته جراء ما جناه على مجتمعه، ومنهم من انحاز إلى الصف العلماني وكشف عن حقيقته، وقلة منهم أحست بخطورة دورها الذي قامت به فأرادت أن تُكَفّر عن سيئاتها بانحيازها ر ويدًا رويدًا إلى أهل الإسلام. ولكن بقيت تجربتهم جميعاً عبرة للمعتبرين وآية للمتوسمين .)
وقفات مهمة:
ولنا مع هذا المسلك من المؤسسات الدينية في الحرب العلمانية - الحالية - على النقاب وقفات،منها:
1-هذا المسلك ليس كافياً ليكون مقياساً عن ضعف العلمانيين أو قوتهم ولكنه يؤكد فشل (العلمانية) كمذهب تجتهد جميع وسائل الإعلام والتعليم لترسيخه حتى أنهم قاموا بإلغاء مادة التربية الدينية باستدلالات علمانية صرفة ، ومع ذلك حاولوا التمهيد أو انتهاز الفرصة للاحتماء في المؤسسات الدينية التابعة لهم ..
2-كما ذكرنا من تجربة محمد عبده وغيره يظهر أن هذا المسلك هو مقدمة لمرحلة جديدة ،فكل مرحلة هجوم على الثوابت ومحاولة الانتقال بالأمة لوضع أسوأ، يحتاجون في بدايتها لهذا المسلك..
3-أن هذا المسلك نابع من فهمهم الجيد لعقليات ونفسيات المجتمع وما يتقبله وما لا يتقبله ، فهم لا يُقامرون على الجدال الفقهي على فتاوى ذويهم ولكنهم يكتفون بها كتوطئة فإذا ناقشتهم قالوا : (نحن لسنا رجال دين ، اذهبوا وناقشوا رجال الدين) ، فما يجب أن نقف عليه هنا هو أهمية دراسة المسالك التي يستخدمونها في التعامل مع المجتمع، والتعامل معها بما يناسبها ويناسب خطورة دورها..
4-الاستفادة من هذه الملحوظات وأشباهها في معرفة ما يخاف العلمانيون منه ويتحاشونه على ضوء ما ذكرناه من فهمهم الجيد لعقلية ونفسية المجتمع ،ووضع الوسائل المضادة لخططهم على ضوئه ،وهو هنا الحرص على عدم إظهار المعركة أنها بين العلمانية والإسلام لأنه يؤدي مباشرة إلى تهميش مؤسساتهم الدينية واحتشاد الأمة حول الصحوة بل وإضفاء الشرعية عليها وإعطاء أبعاد للتضحياتها ، وهو ما تهدف كثير من خططهم لمنعه
5-الوقوف على خطورة المؤسسات الدينية بصورتها الجديدة في الحرب العلمانية والانتباه إلى أنها ستظل حائط الصد ورأس الحربة للعلمانيين في تمرير مخططاتهم،ولعل من أسباب هذا الاتجاه الجديد تراجع وضعف عدد من المناهج الفكرية التي كانت تصب في العلمانية كفكرة كالشيوعية والقومية ، بالإضافة إلى زيادة الخدمات التي تقدمها العلمانية لأعداء الأمة مما يجعلها في حاجة لتأمين الشرعية. وعلى ضوء هذا فيجب إعادة جدولة اهتمامات ومعارك الصحوة الإسلامية وأساليبها في التعامل مع بعض الرموز الدينية كعلي جمعة ورموز العلمانية والربط بينهم بدلائل قوية ..
6- خطأ التعامل مع قضية النقاب منبتاً عن هذا التصور الشامل للأحداث ، وأهمية فهمه ضمن منظومة تغريب المرأة ومخططات العلمانيين للمرحلة القادمة ووضع الوسائل على ضوء هذا الفهم الشامل وانتظام الحلول الجزئية (كبيان فتوى علي جمعة وسيد طنطاوي السابقة أو بيان حكم النقاب) ضمن حلول أكثر شمولية تبدأ بإصلاح الداخل وتهيئته لمواجهة المرحلة القادمة
(يُتبع إن شاء الله)
(3) معركة الثبات بين الجاهلية والإيمان
العلمانية باعتبارها جاهلية في الحكم والتشريع وجاهلية في الأخلاق والقيم وباعتبارها ثورة على الدين والتدين ، مثلها مثل الجاهليات السابقة تتشابه في استدلالاتها وألفاظها وتطرفها ، ولكن من أكثر ما أوضحته الحملة المسعورة على العفة والطهارة هو ما يمكن أن نطلق عليه – إن صح التعبير – المبدئية والتطرف في الثبات على تعاليم الجاهلية وأسسها ويظهر ذلك في ثلاث صور:
الصورة الأولى: التكاتف والتعاضد بين أفرادها في المعركة وشعارهم هو شعار الجاهلية (انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً):
فنجد أن (علي جمعة) المعروف عنه استهانته بـ (طنطاوي) يؤازره ، ونجد أن رئيس جامعة عين شمس الذي يحمل وزر بقية الجامعات التي تبعته تتم مكافئته وترقيته بصورة مفاجئة
ونجد أن بقية الجامعات تكاتفت وخاضت المعركة مجتمعة فدخلت جامعة القاهرة وحلوان وبنها والمنصورة والزقازيق وكفر الشيخ والفيوم وتم تبني الأمر من الوزراء ، وعندما سهى أحدهم وهو عميد دار علوم وصرح أنه سيسمح بالكمامة بدل النقاب اضطر ليثبت ولاءه لمزيد خسه ودناءة فتجرأ على الطاهرات فهاجم أختاً وقال لها \"غوري في داهية \" و \"إيه الزفت اللي على وشك ده\" ..بل ونزع بيده نقابها ،وعلق لافتات بمنع الدخول بالكمامة ..
مواضيع مماثلة
» هل الحرب على النقاب أم على الإسلام 2
» شبهة انتشار الإسلام بالسيف دراسة مقارنة بين الإسلام والنصرانية
» تعاني من حساسية بالأنف وتخشى من لبس النقاب
» وتبسمت ذات النقاب
» إذا ألزمها أهلها بدخول مدرسة تخلع فيها النقاب فهل تخلعه في الشارع أيضا؟
» شبهة انتشار الإسلام بالسيف دراسة مقارنة بين الإسلام والنصرانية
» تعاني من حساسية بالأنف وتخشى من لبس النقاب
» وتبسمت ذات النقاب
» إذا ألزمها أهلها بدخول مدرسة تخلع فيها النقاب فهل تخلعه في الشارع أيضا؟
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة 21 يونيو 2024, 12:25 am من طرف Admin
» هل الانجيل محرف
الأربعاء 19 يونيو 2024, 2:34 pm من طرف Admin
» شبهات النصاري زواج ام المؤمنين عائشه،
الإثنين 17 يونيو 2024, 10:30 am من طرف Admin
» الفرق بين السنه والفقه
السبت 11 مايو 2024, 11:23 pm من طرف Admin
» كيف عرفت انه نبي..
الجمعة 26 أبريل 2024, 5:40 am من طرف Admin
» موضوع هل يدخل الجنه غير المسلمين،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:48 am من طرف Admin
» التدرج في التشريع
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:43 am من طرف Admin
» كتب عليكم الصيام،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:41 am من طرف Admin
» اقوال العلماء في تفسير ايه الحجاب،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:40 am من طرف Admin