مُلتَقى الدعوةُ والدعاةُ
نحن فى سعادة غامره بوجودكم معنا نرجوا من الله توفير كل ما يسعدكم فى هذا المنتدى ولكم جزيل الشكر

المدير العام
الشيخ محمدشوقى

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

مُلتَقى الدعوةُ والدعاةُ
نحن فى سعادة غامره بوجودكم معنا نرجوا من الله توفير كل ما يسعدكم فى هذا المنتدى ولكم جزيل الشكر

المدير العام
الشيخ محمدشوقى
مُلتَقى الدعوةُ والدعاةُ
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
بحـث
 
 

نتائج البحث
 

 


Rechercher بحث متقدم

الشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المواضيع الأخيرة
» صلاة الغائب
شرح اسماء الله الحسنى 4 Emptyالجمعة 21 يونيو 2024, 12:25 am من طرف Admin

» هل الانجيل محرف
شرح اسماء الله الحسنى 4 Emptyالأربعاء 19 يونيو 2024, 2:34 pm من طرف Admin

» شبهات النصاري زواج ام المؤمنين عائشه،
شرح اسماء الله الحسنى 4 Emptyالإثنين 17 يونيو 2024, 10:30 am من طرف Admin

» الفرق بين السنه والفقه
شرح اسماء الله الحسنى 4 Emptyالسبت 11 مايو 2024, 11:23 pm من طرف Admin

» كيف عرفت انه نبي..
شرح اسماء الله الحسنى 4 Emptyالجمعة 26 أبريل 2024, 5:40 am من طرف Admin

» موضوع هل يدخل الجنه غير المسلمين،
شرح اسماء الله الحسنى 4 Emptyالثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:48 am من طرف Admin

» التدرج في التشريع
شرح اسماء الله الحسنى 4 Emptyالثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:43 am من طرف Admin

» كتب عليكم الصيام،،
شرح اسماء الله الحسنى 4 Emptyالثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:41 am من طرف Admin

» اقوال العلماء في تفسير ايه الحجاب،،
شرح اسماء الله الحسنى 4 Emptyالثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:40 am من طرف Admin

نوفمبر 2024
الأحدالإثنينالثلاثاءالأربعاءالخميسالجمعةالسبت
     12
3456789
10111213141516
17181920212223
24252627282930

اليومية اليومية

التبادل الاعلاني

انشاء منتدى مجاني



الحمدلله على نعمة الاسلام
ايها الاخوه الدعاه الى الله وكذا جميع الزائرين والزائرات مرحبا بكم واهلا نتمنى من الله ان نكون عند حسن ظنكم جميا والله الموفق الى الخير وهو حسبنا ونعم الوكيل
الشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 10 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 10 زائر

لا أحد

أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 76 بتاريخ الأربعاء 30 أكتوبر 2024, 11:01 pm

شرح اسماء الله الحسنى 4

اذهب الى الأسفل

شرح اسماء الله الحسنى 4 Empty شرح اسماء الله الحسنى 4

مُساهمة من طرف Admin الأحد 02 أكتوبر 2011, 10:52 pm

الغفور:
• أصل الغفر في اللغة يجمع بين معنيين اثنين:
الأول: الوقاية.
الثاني: الستر , ومنه قيل للمغفر وهو ما يضعه المقاتل فوق رأسه ليتقي منه ضرب السيوف والحديد.
وهذا المغفر يفيد المقاتل بشيئين اثنين:
الشيء الأول: أنه يستر رأسه , والشي الثاني: أنه يقيه الضربات.
فالغفر يجمع بين الوقاية ويجمع بين الستر , فأنت إذا قلت ربي اغفر لي فأنت تسأل ربك أن يستر عليك الذنب والعيب , فلا تفتضح في الدنيا ولا في الآخرة , والأمر الثاني هو أنه يقيك شؤم هذه الذنوب والمعاصي فلا تؤاخذ فيها في الدنيا ولا في الآخرة.
وكلام العلماء في تفسير العلماء لا يكاد يخرج عما ذكر والله أعلم.
فإذا غفر الله عزوجل ذنوب عبد , فهذا يعني أنه يستر وأنه تجاوز عنه فلم يؤاخذه بهذه الجرائر وبهذه الجرائم والذنوب والمعاصي .
فالله عزوجل هو الغفور الذي أظهر الجميل وستر القبيح في الدنيا , وتجاوز عن عقوبته في الآخرة , وستر عبده في ذلك الموقف العظيم , فلم يفضحه بين الخلائق.
فهو الذي يغفر الذنوب وإن كانت كبارا , ويسترها وإن كانت كثيرة , فالله عزوجل ربنا غفور يستر عباده ويتجاوز عن ذنوبهم وسيئاتهم.
• هذا الاسم الكريم الغفور فيه معنى المبالغة , أي أنه كثير الغفران.
• الأسماء التي ترجع لمعناه: الغافر والغفار.
• وقد وردت هذه الأسماء الكريمة مضافة إلى الله تبارك وتعالى في القرآن الكريم:
- فالغفور جاء في أكثر من تسعين موضعا في كتاب الله عزوجل , وهذا له معنى نقف عنده إن شاء لله في الكلام على الآثار المترتبة على الإيمان بهذا الاسم الكريم.
- أما الغفار فقد جاء في خمس آيات , جاء مفردا مرتين , وجاء مقترنا بالعزيز ثلاث مرات.
وأما الغافر فلم يرد إلا في موضع واحد ,في قوله تعالى: (غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ).
• جاء اسم الله الغفور مفردا في موضعين في كتاب الله تبارك وتعالى.
الملازمة بين اسم الله الغفور والرحيم:

• اسم الله الغفور الذي ورد هذا الورود الكثير في كتاب الله عزوجل إذا تأملت في كتابه وجدت أنه يقترن غالبا باسم الله الرحيم , فيقرن الله عزوجل بين هذين الاسمين , والغالب أن الله يقدم الغفور على الرحيم , وقد ورد في موضع واحد تقديم الرحيم على الغفور لمعنى أشار إليه ابن القيم رحمه الله في كتابه بدائع الفوائد وذلك في سورة سبأ , فقد جاء في اثنتين وسبعين مرة الاقتران بين الغفور والرحيم , ولا شك أن الملازمة شديدة بين هذين الاسمين , ولذلك كثر الاقتران بينهما , لأن الله عزوجل من رحمته أنه يغفر ذنوب المذنبين , فيتجاوز عنها ويستر على أصحابها فلا يفتضحون , فالمغفرة أمر لازم للرحمة لأن المغفرة إنما تكون بسبب رحمة الله تبارك وتعالى بخلقه وعباه.
فهو حينما يوفقهم للتوبة , فهذا من رحمته بهم , وحينما يتقبل منهم هذه التوبة فهذه من رحمته بهم , وحينما يغفر لهم هذه الذنوب التي تابوا منها فهذه من رحمته بهم , وحينما يغفر لهم ابتداءا من غير توبة تابوا بها عن سيئاتهم فإن ذلك من رحمته جل جلاله
وفي موضع واحد قرن الله عزوجل بين اسمه الغفور وبين صفة الرحمة حيث قال: (وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ ) , فلم يقل الغفور الرحيم.
الاقتران بين اسم الله الغفور واسم الله الحليم:
• جاء اسم الله الغفور مقترنا باسم الله الحليم ست مرات , ووجه هذا الاقتران لا يخفى إذ أن معنى الحليم أي أنه لا يعاجل بالعقوبة , فمع كثرة ذنوب المذنبين , فالله عزوجل يمهلهم علهم أن يتوبوا , ويرجعوا عما هم فيه من غي وباطل وكفر ومعصية لله تبارك وتعالى , ثم إن الله عزوجل من حلمه أنه أيضا يغفر لهم فلا يؤاخذهم بهذه الذنوب إذا شاء واقتضت حكمته ذلك , لأن الله تبارك وتعالى أخبر أنه يغفر الذنوب جميعا بعد الإشراك بالله تبارك وتعالى (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ) , فالله لا يعاجلنا بالعقوبة على كثرة الإساءة والتقصير , ومع ذلك الله عزوجل يغفر لنا تقصيرنا ويغفر لنا ذنوبنا , ومن هنا جاء الاقتران بين الغفور والحليم.
• الاقتران بين اسم الله الغفور واسم الله العفو:
• ووجه هذا الاقتران ظاهر , وذلك أن العفو في احسن المعاني التي فسر بها والله تعالى أعلم هو الذي يمحو أثر الذنب فلا يبقى له أثر , كما تقول محت الريح الأثر أي لم تبقي له شيئا البتة , فلا يجد العبد هذه الذنوب في صحيفته في الآخرة فيستحي من ربه , وإنما يذهب ذلك جميعا ويمحوه من صحائف أعماله , هذا العفو , والغفور هو الذي يقيه شؤمها وتبعتها والمؤاخذة بها ويستر ذلك عليه جميعا .
الاقتران بين اسم الله الغفور واسم الله العزيز:
• جاء اسم الله الغفور مقترنا باسم الله العزيز في موضعين اثنين , وجه المناسبة بين العزيز وبين الغفور , أن الله صدرت عنه هذه المغفرة لهذه الذنوب عن عزة , وليس عن ضعف ولا عن خوف ولا عن عجز من المؤاخذة , وإنما الخلق نواصيهم بيده , فهو قادر على أخذهم في أي ساعة شاء من ليلة أو نهار , لا يخرجون عن إرادته سبحانه وعن سلطانه , فالله تبارك وتعالى حينما يغفر لنا الذنوب يغفر عن عزة , وليس عن ضعف وعجز , والمخلوق قد يغفر ويتجاوز عن ضعف وعن عجز عن أخذ ثأره والاقتصاص ممن أساء إليه , أما الله عزوجل فإنه يغفر مع عزته وقدرته على الأخذ لهذا العبد الذي أجرم في حقه.
وكذلك يقال في وجه الاقتران بين اسم الله الغفار والعزيز مثل ما قيل بين الغفور والعزيز.
الاقتران بين اسم الله الغفور واسم الله الشكور:
• جاء اسم الله الغفور مقترنا باسم الله الشكور في ثلاثة مواضع , ووجه هذا الاقتران والله تعالى أعلم , أن الغفور كما عرفنا هو الذي يقي العبد شؤم الذنب فلا يؤاخذه به , كما أنه يستره , أما الشكور فهو الذي يجازي عن الحسنات إحسانا , فيجازي هذا العبد بإيمانه وبعمله الصالح وبتوبته يجازيه الحسنات , وهو أحد الوجوه المشهورة أيضا في تفسير قوله تعالى: (فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ) , فعلى أحد الأوجه المشهورة في معناها أن هذه السيئات تقلب إلى حسنات فتتحول في ميزان العبد وفي صحيفته إلى حسنات تكون في رصيد عمله الصالح , فعلى هذا المعنى يكون هذا داخلا في معنى الشكور , لأن الشكور هو الذي يجازي عن الإحسان إحسانا , وهو الذي يكافئ العبد ويرد له عمله الصالح بالثواب الجزيل , قم إنه يضاعف ذلك , ولذلك يقول الله عزوجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) , فدل هذا على أن جزاء الإيمان غفران الذنوب وإدخال الجنات التي تجري من تحتها الأنهار.
الاقتران بين اسم الله الغفور واسم الله الودود:
• جاء اسم الله الغفور مقترنا باسم الله الودود مرة واحدة , والودود هو الذي يحب عباده المؤمنين , وهو الذي يُحب أيضا فهو دال على المعنيين , والمودة هي خالص المحبة , فهي محبة خاصة , فالودود والغفور وجه الاقتران بينهما ما عبر عنه ابن القيم بقوله: وما ألطف اقتران اسم الودود بالرحيم وبالغفور , فإن الرجل قد يغفر لمن أساء إليه ولا يحبه , ولذلك قد يرحم من لا يحب , والرب تعالى يغفر لعبده إذا تاب عليه ويرحمه ويحبه مع ذلك , فإنه يحب التوابين , وإذا تاب إليه عبده أحبه ولو كان منه ما كان , فإذا الله غفور ودود يغفر لنا ويحبنا أيضا مع غفره وعفوه وتجاوزه عن سيئاتنا , فهو غفر مع المحبة للعبد.
• يقول الخطابي رحمه الله: الغفار الستار لذنوب عباده , والمسدل عليهم ثوب عطفه ورأفته .. الخ.
• يقول الشيخ عبدالرحمن بن سعدي رحمه الله: العفور الغفور الغفار الذي لم يزل ولم يزال بالعفور معروفا , وبالغفران والصفح عن عباده موصوفا , كل أحد مضطر إلى عفوه ومغفرته , كما هو مضطر إلى رحمته وكرمه , وقد وعد بالمغفرة والعفو لمن أتى بأسبابها , قال تعالى: (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى ) .
• يقول ابن القيم رحمه الله في نونيته:
وهو الغفور فلو أتى بقرابها ** من غير شرك بل من العصيان
لأتاه بالغفران من أقرابها ** سبحانه هو واسع الغفران
يعني لو أن العبد جاء بقراب الأرض من الخطايا دون الشكر , فإن الله عزوجل ياتيه ب قرابها من المغفرة.
اسم الله عزوجل العفو:
وهو مما يقرب من اسم الله الغفور من جهة المعنى , والعفو صيغة مبالغة أي كثير العفو , تقول عفوت عن الشيء أعفو عنه إذا تركته , وأعفى عن ذنبه إذا ترك العقوبة عليه.
وأصل العفو أنه يدل على المحو , ومنه يقال عفت آثار القوم أي محت وانطمست , وعفت آثار الأقدام والخطى بمعنى انمحت إذا محتها الريح , ويقال عفا على هؤلاء الزمن أي أنه محى آثارهم ول يبق لهم ذكرا فصاروا نسيا منسيا.

هذا الاسم الكريم الذي يعني بالنسبة لله عزوجل أنه كثير العفو , كما قال ابن جرير رحمه الله بقوله: إن الله لم يزل عفوا عن ذنوب عباده , وتركه العقوبة على كثر منها ما لم يشركوا به , وكما قال الخطابي فيما معناه: هو من العفور وهو بناء المبالغة والعفو الصفح عن الذنوب وترك مجازاة المسيء .

ويقول ابن القيم رحمه الله في نونيته:
وهو العفو فعفوه وسع الورى ** لولاه غار الأرض بالسكان
أي لخسف بهم ودخلوا في جوفها.

الفرق بين العفو والغفور:

ذكر العلماء فيه وجوها وأقربها فيما أحسب والله أعلم , أن يقال بأن العفو هو الذي يمحو السيئات ويتجاوز عن المعاصي , وهو أبلغ بهذا الاعتبار من الغفور , لأن الغفران يدل على الستر , وعلى عدم المؤاخذة بهذا الذنب , وأما العفو فهو يعني أن يمحى الذنب بالكلية , بحيث إن العبد لا يجده أصلا في سيئات أعماله , ولا يعرض عليه في حال الحساب حينما يحاسبه الله تبارك وتعالى , فلا يجد ذلك ضمن الذنوب التي غفر الله عزوجل لها كما يقول: ( سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم ) , فهذا فيما غفره الله تبارك وتعالى من ذنوب العباد , وأما ما عفي عنه فقد محي بالكلية , ولهذا قلنا بأن الغفور هو الذي يستر ذنوب العباد ولا يؤاخذهم بهذه الجرائم , أي لا يعاقبهم عليها.

• ورد هذا الاسم الكريم العفو في خمس آيات في القرآن الكريم كما قال عزوجل:

- (فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوّاً غَفُوراً ) سورة النساء , في ذكر التيمم , وقرنه هنا كما في سائر المواضع إلا في موضع واحد قرنه مع الغفور , لتقاربهما فالله يمحو أثر الذنب ويقي العبد شؤمه فلا يؤاخذ العبد عليه.
- (فَأُوْلَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوّاً غَفُوراً ).
- (ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ ).
- (وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنْ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ ) , وقد استنبط من ذلك ابن القيم رحمه الله أن الظهار شيء محرم , لأن الله عقبه بتعقيبات منها هذا التعقيب , أي أن العفو والغفر يكون عن الذنب.
- (إِنْ تُبْدُوا خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوّاً قَدِيراً )

• وجه الارتباط بين العفو والقدير:

ذلك أن عفو الله عزوجل ليس من عجز وضعف وخوف من المخلوق , وإنما الله تبارك وتعالى له تمام القدرة أن يأخذ العبد بجنايته , وأن يعاقبه بما يشاء ويهتك ستره , إلا أن الله يمحو أثر الذنب بالكلية مع قدرته ولهذا قال: (كَانَ عَفُوّاً قَدِيراً ) , فهو عفو مع قدرته , وهذا هو غابة الكمال , لأن العفو من غير قدرة لا يكون كمالا , إنما يكون عجزا , ولا يمدح فيه الإنسان إطلاقا , وإنما العفو مع القدرة هو الكمال الذي يزداد العبد به عزا , أما حينما يكون العبد عاجزا عن الانتقام والاقتصاص من ظلمه ثم يقول عفوت عنك , فهذا لا يرتفع به العبد ولا يمدح به , وإنما يدل على ضعفه وعجزه وخوَره , كما قال الشاعر:

يهجو قبيلته قُبيلة لا يقدرون بذمة ** ولا يظلمون الناس حبة خردل

فهو في ظاهره كأنه يمدحهم , والواقع أنه يذمهم بالعجز , لأن العزة عندهم في جاهليتهم , أن من لم يظلم ظلم , وأن لم يعتدي اعتدي عليه , ومن لم يذد عن حوضه بسلاحه يهّدم , ومن لا يظلم الناس يُظلم.

• إذا عرف المسلم أن ربه تبارك وتعالى من أسمائه الغفور والغفار والغافر والعفو فينبغي:

- أن يعلم أن هذه الأسماء تتضمن أوصافا , فالغفور والغفار والغافر كل ذلك يتضمن صفة المغفرة , فنحن نثبتها لله عزوجل على ما يليق بجلاله وعظمته , ومغفرة الله مغفرة واسعة عظيمة على كثرة الخلق وعلى كثرة ذنوبهم وتفاوتها , ومع ذلك فغن مغفرته تبارك وتعالى واسعة , يغفر الذنوب جميعا لمن تاب إليه وأناب إليه , وقد يغفر الله تبارك وتعالى ابتداءا من غير توبة , تفضلا منه جل جلاله , واسم الله تبارك وتعالى الغفور والغفار كل ذلك مبني على المبالغة أي لكثرة مغفرته سبحانه وتعالى , دل على ذلك قوله تبارك وتعالى في سورة الزمر: (قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) , وقوله في النساء: (وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرْ اللَّهَ يَجِدْ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً ) , فمهما عظمت ذنوب الإنسان فإن ذلك لا يتعاظم على الله عزوجل أن يغفر له هذه الذنوب كما قال تبارك وتعالى: (إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ ) , وقد تكفل لمن آمن به وتاب إليه وأناب أن يغفر له الذنوب وإن كانت غاية في العظم كما قال عزوجل: (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى ) , بل أعظم من ذلك وعد التائبين أن يبدل هذه السيئات التي اقترفوها أن يبدلها حسنات وذلك في قوله عن التائبين: (فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً ) , ومما يدل على سعة مغفرته أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم كما أخرج الترمذي وأبو داوود بإسناد صحيح من حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من قال استغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه غفرت ذنوبه وإن كان قد فر من الزحف ) , ومما يدل على سعة مغفرته أيضا ما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي ذر رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( يقول الله عزوجل من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها أو أزيد , ومن جاء بالسيئة فجزاء سيئة سيئة مثلها أو أغفر , ومن تقرب مني شبرا تقربت منه ذراعا , ومن تقرب مني ذراعا تقربت منه باعا , ومن أتاني يمشي أتيته هرولة , ومن لقيني بقراب الأرض خطيئة لا يشكر بي شيئا , لقيته بمثله مغفرة ) , ومعنى قراب الأرض أي ما يقارب ملأها , ومما يدل أيضا على هذا المعنى ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه عني النبي صلى الله عليه وسلم فيما يحكي عن ربه تعالى قال: ( أذنب عبد ذنبا فقال اللهم اغفر لي ذنبي , فقال الله تبارك وتعالى أذنب عبدي ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب , ثم عاد فأذنب فقال أي ربي اغفر لي ذنبي , فقال تبارك وتعالى أذنب عبدي ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب , ثم عاد فأذنب فقال أي ربي اغفر لي ذنبي , فقال تبارك وتعالى أذنب عبدي ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب , قد غفرت لعبدي فليفعل ما شاء ) أخرجه البخاري ومسلم.

ومعنى ذلك أن هذا الإنسان يذنب الذنوب ثم يتوب توبة صحيحة بشروطها , ثم بعد ذلك يرجع إلى الذنب ولا يقصد الإصرار , وحينما تاب إلى الله عزوجل , لم يكن يتوب إلى الله جل وعلا بلسانه فقط , بل تاب مع عزمه على أن لا يعود مع وقوع الندم في قلبه , فغفر الله له , ومن تاب مستجمعا لهذه الشروط فإن الله يقبل توبته وهي توبة صحيحة , فإن غلبه نفسه أو شيطانه أو هواه فعمل الذنب ثانية ثم تاب هذه التوبة غفر الله له , ولهذا فإن الشيطان يأتي لكثير من الجهلة الذين يفعلون الذنب ثم يتوبون توبة صحيحة , ثم يفعلونه ثانية وثالثة ورابعة ولم يقصدوا الإصرار , يأتيهم فيقول أنتم تستهزئون بالله عزوجل حينما تتوبون هذه التوبة , فيأيسهم من رحمة الله عزوجل ومن ثم يغريهم بترك التوبة , والاستمرار على هذه الذنوب , ولو كان ناصحا لنصحهم بترك ذلك أجمع , وأن لا يعودا إليه ثانية , ولكنه ينصحه بترك التوبة ويغريهم بالاستمرار على الذنب , ولا شك أن هذا جهل من العبد.
وأيضا مما يدل على ذلك ما رواه أبو هريرة في الحديث الذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم , وجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله تعالى فيغفر لهم ) وذلك تحقيقا لمقتضى هذه الصفة وهي المغفرة , وأيضا ما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي أيوب الأنصاري انه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( لولا أنكم تذنبون لخلق الله خلقا يذنبون فيستغفرون فيغفر لهم ) , ومما يدل على ذلك أيضا حديث ابن عمر مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( يدنى المؤمن يوم القيامة من ربه حتى يضع كنفه عليه فيقرره بذنوبه فيقول أتعرف ذنب كذا؟ أتعرف ذنب كذا؟ فيقول ربي أعرف , قال: فإني قد سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم , فيعطى صحيفة حسناته ) أخرجه البخاري ومسلم , وكذلك حديث أنس بن مالك مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى قال: ( يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي , يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك , يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا , ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة ) أخرجه الترمذي وهو حديث صحيح.

- أن يعلم أن التوبة أمر لا بد منه , وأنه تبارك وتعالى أخبرنا عن مغفرته وعفوه للأوابين كما قال: (إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُوراً ) , وهم الذين يكثرون التوبة والرجوع إلى الله تبارك وتعالى بعد الزلة , ويقول جل وعلا: (إِلاَّ مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ ) , ويقول جل وعلا: (إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً ) .
- كما أن العبد لا ييأس من رحمة الله عزوجل ومغفرته كما قال: (إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الكَافِرُونَ ) , فكذلك هو أيضا لا يأمن من مكر الله عزوجل كما قال: (فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ ) , وقد أخبرنا الله عزوجل في مواضع من كتابه جمع فيها بين العذاب وبين المغفرة الواسعة كما قال: ( يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ ) , وقال: (إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ) , وقال: (إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ ) , وقال: (فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ ) , فالآيات التي تجمع بين الخوف والرجاء كثيرة في كتاب الله عزوجل , ومما يدل على هذا المعنى من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة ما طمع بجنته أحد , ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة ما قنط من جنته ) , وأخرج البخاري من حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله , والنار مثل ذلك ) , فالجنة قريبة المنال والنار أيضا قريبة المنال نسأل الله لنا ولكم منها العافية , فينبغي للعبد أن يشمر في طاعة الله , وإذا حصلت له الزلة يستشعر سعة مغفرته تبارك وتعالى , فينيب إليه ولا ييأس من رحمته ولا يقنط , وإنما يبادر إلى التوبة الصادقة النصوح , ولا تحمله هذه النصوص الدالة على سعة عفو الله ومغفرته على الأمن من مكر الله جل جلاله.
- ومما تؤثره هذه الأسماء أيضا أن تعلم أن الله تبارك وتعالى متفضل على عباده بهذا العفو وبهذه المغفرة , لأن الله عزوجل غني عن العبادة كل الغنى , فهو ليس بمفتقر إليهم بأي لون من ألوان الافتقار , كما أنه ليس بعاجز عن مؤاخذتهم ومعاقبتهم , فإنما هو يعفو عنهم ويغفر لهم فضلا منه تبارك وتعالى وإحسانا , ولهذا جمع الله بين العزيز وبين الغفور.
- إذا كان أشرف الخلق وأطوع الخلق لله تبارك وتعالى هم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام , وهم أقرب الخلق إلى ربهم ومليكهم ومولاهم , إذا كانوا هم أقرب الخلق هم مع ذلك يستغفرون الله عزوجل , فهذا آدم عليه الصلاة والسلام حينما أكل من الشجرة وأكلت زوجه حواء : (قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ ) .
وهذا نوح عليه الصلاة والسلام حينما سأل ربه نجاة ابنه فعاتبه الله عزوجل على ذلك وقال له: (فَلا تَسْأَلْنِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنْ الْجَاهِلِينَ ) أناب إلى ربه تبارك وتعالى واستغفره فقال: ( قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنْ الْخَاسِرِين) , ويقول نوح عليه الصلاة والسلام: (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِي مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ) .
وهذا أبو الأنبياء إبراهيم عليه الصلاة والسلام يقول: (رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ ) , وهذا موسى صلى الله عليه وسلم يقول: (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ) , ويقول بعدما قتل القبطي: (قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) , وهذا داوود عليه الصلاة والسلام قال الله عنه: (وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ ) , وهذا سليمان عليه الصلاة والسلام آتاه الله الملك والنبوة: (قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ).



وخاتم الرسل وأفضل الرسل هو محمد صلى الله عليه وسلم يقول الله له: (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ ) , فأمره بالاستغفار فكان يلهج به دائما امتثالا لأمر الله تبارك وتعالى , كما أخرج الشيخان عنه أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول: ( اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري , وما أنت أعلم به مني , اللهم اغفر لي جدي وهزلي وخطئي وعمدي وكل ذلك عندي , اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت , وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت وما أنت أعلم به مني , أنت إلهي لا إله إلا أنت ) , وكذا ما أخرجه البخاري في صحيحه من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم ما صلى صلاة بعد أن نزلت عليه سورة إذا جاء نصر الله والفتح إلا ويقول: ( سبحانك ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي ) , وأيضا أخرج الإمام مسلم في صحيحه من حديث ألغر المزني رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إنه ليغان على قلبي وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة ) , وجاء أيضا من حديث أبي هريرة المخرج في الصحيح أنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة ) , وأخرج أبو داوود والترمذي بإسناد صحيح من حديث ابن عمر رضي الله عنها أنه قال: ( إن كنا نعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد مائة مرة رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم ) .

فإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مع ما أعطاه الله عزوجل مع ما تقدم من ذنبه وما تأخر يكثر من هذا الاستغفار , فنحن من باب أولى أن نتقرب إلى الله بذلك , وأن نطلب من الله تبارك وتعالى أن يغفر لنا الذنوب والخطايا , وقد أثنى الله عزوجل على المستغفرين فقال: (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) , وسيد الاستغفار هو ما أرشدنا عليه صلى الله عليه وسلم كما في حديث شداد بن أوس المخرج في الصحيح قال صلى الله عليه وسلم: ( سيد الاستغفار أن يقول العبد: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت , خلقتني وأنا عبدك , وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت , أعوذ بك من شر ما صنعت , أبو لك بنعمتك علي , وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلى أنت ) يقول النبي صلى الله عليه وسلم ( من قالها من النهار موقنا بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة , ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة ) .
ولما حلف أبو بكر رضي الله عنه بعد حادثة الإفك , وكان ممن خاض فيها مصطح وهو قريب إلى أبو بكر رضي الله عنه وكان رجلا من المهاجرين قليل ذات اليد فكان أبو بكر ينفق عليه , فلما خاض في الإفك ووقع في عرض عائشة رضي الله عنها , أقسم أبو بكر رضي الله عنه ألا يصله , فأنزل الله عزوجل : (وَلا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) يأتلِ بمعنى يحلف , وهناك قول آخر مشهور وهو ولا يأتل أي لا يمتنع , وهما قولان متلازمان والآية تحمل عليهما , وأولوا الفضل المراد به هنا أصحاب المنازل والشرف والرفعة عن الدنايا , يعني أشراف الناس وفضلاء الناس وخيار الناس , لأنه سبحانه ذكر بعده السعة وهي السعة في الغنى والمال , فإذا غفرت لإخوانك غفر الله لك , ولهذا قال أبو بكر رضي الله عنه بعدما سمع هذه الآية : بلا والله إني لأحب أن يغفر الله لي , ثم أجرى عليه النفقة وكفر عن يمينه , والله يقول: (وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ) , ويقول سبحانه: (فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ) , ويقول مخاطبا للنبي صلى الله عليه وسلم: (فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ ) , ويقول: (خُذْ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ ) , وكذا قال: (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) , وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه الإمام البخاري في كتابه الأدب المفرد أنه صلى الله عليه وسلم قال: ( ارحموا ترحموا , واغفروا يغفر لكم ) , ويقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي أخرجه الإمام مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم: ( ما نقصت صدقة من مال , وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا , وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله ).
- ينبغي على العبد كما أنه يسأل ربه المغفرة , أن يسأله العفو دائما , وقد جاء عن عبدالله بن عمر رضي الله عنه أنه أمر رجلا إذا أخذ مضجعه قال: ( اللهم خلقت نفسي وأنت توفاها , لك مماتها ومحياها , إن أحييتها فاحفظها , وإن أمتها فاغفر لها , اللهم إني أسألك العافية ) , فقال له رجل: اسمعت هذا من عمر؟ , فقال: من خير من عمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم , أخرجه مسلم في صحيحه , وجاء أيضا من حديث عبدالله بن عمر ( لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدع هذه الدعوات حين يصبح ويمسي: اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي , اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي , وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي , وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي ) , وكان يستعيذ بعفو الله تعالى من عقوبته وعذابه , كما جاء ذلك في دعائه في صلاة الليل: (اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك ) أخرجه مسلم في صحيحه , وسأله رجل فقال يا رسول الله كيف أقول حينما أسأل ربي؟ , قال: ( اللهم اغفر لي وارحمني وعافني وارزقني ويجمع أصابعه إلا الإبهام فإن هؤلاء تجمع لك دنياك وآخرتك ) أخرجه الإمام مسلم من حديث أبي مالك الأشجعي عن أبيه.
10- القدير:

• هذا الاسم يقرب منه في المعنى بل يتفق معه في أصل المعنى اسمان كريمان وهما: القادر والمقتدر وكلها من أسماء الله عزوجل.
• أصل هذه الأسماء الثلاثة ( القدير – القادر – المقتدر ) يدور على معنى القوة.
• القدر والقدرة والمقدار كل ذلك يقال للقوة.
• الفرق بين هذه الأسماء الثلاثة:
- قال بعض أهل العلم إن القدير أبلغ في الوصف بالقدرة من القادر , لأن القدير على زنة فعيل وهي من صيغ المبالغة , والمقتدر أبلغ من القادر لأن هذا البناء فيه زيادة , ومعلوم أن الزيادة في بناء الكلمة تدل على الزيادة في المعنى , فالمقتدر يدل على مزيد من القدرة , والله أعلم.
• وردت هذه الأسماء الثلاثة جميعا في كتاب الله عزوجل.
- أما القادر فقد ورد في اثنتي عشرة مرة , خمس منها بصيغة الجمع , فمن ذلك قوله تبارك وتعالى: (قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ ) , وكما جاء أيضا في قوله: (وَإِنَّا عَلَى أَنْ نُرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ ) , بصيغة الجمع وهذا الجمع إنما هو للتعظيم كما هو معلوم , وفي قوله أيضا: (أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ ) , وفي قوله: (أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ ).
- أما اسم الله القدير فقد ورد نحوا من خمس وأربعين مرة في القرآن , فمن ذلك قوله تعالى: (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) , وكما في قوله: (أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمْ اللَّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) , وفي قوله سبحانه: (إِنْ تُبْدُوا خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوّاً قَدِيراً ) , وكما في قوله: (وَالأَرْضِ يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) , وقوله : (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) .
- أما المقتدر فقد ورد أربع مرات في كتاب الله عزوجل ,. وذلك في قوله في سورة الكهف : (وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً ) , وكما قال في سورة الزخرف: (فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ ) , وكما في قوله: (كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ ) , وكما في قوله: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ ).
• مما يدل على عظم هذه القدرة وأنها كاملة وأن الله عزوجل لا يتعاصى عليه شيء ما ذكره الله في كتابه من آيات كثيرة مما يلفت الأنظار إلى عظم قدرة الله تبارك وتعالى , بالإضافة إلى ما نشاهده في هذا الكون العريض الواسع من المخلوقات والتقلبات والأمور الكائنة الكثيرة التي تدل على قدرة شاملة وعلى قدرة كاملة لا يتعاصى على صاحبها شيء من الأشياء.

- فمن كمالها أن الله تبارك وتعالى يستوي عنده هذا الإيجاد العجيب , الذي فاوت فيه بين هذه الصور وهذه المخلوقات هذا التفاوت الكبير , يستوي عنده إيجاد هذا الخلق بهذا التفاوت مع إعادته مرة ثانية بعد ما يبلى ويتحلل ويصير ترابا! , كل ذلك يستوي عند الله تبارك وتعالى كما قال سبحانه: (مَا خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلاَّ كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ ) , ولهذا يقول الله عزوجل مبديا هذه القدرة العجيبة: (وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ ) أي أن الإعادة هينة سهلة عليه , ومعلوم أن الله عزوجل يستوي في حقه هذا وهذا , فليست الإعادة أسهل بالنسبة لله عزوجل من الابتداء لأن هذا كله سهل على الله عزوجل , ولكن المقصود أن ذلك جميعا هين عليه تبارك وتعالى .
- ومن آثار هذه القدرة العجيبة , أنك ترى الأرض هامدة ميتة لا نبات فيها ولا حياة , فإذا أنزل الله عزوجل عليها الماء كما أخبر , فإنها تحيى وتربوا , ثم بعد ذلك تظهر زينتها وتكتسي حلتها بألوان النباتات , والزهور تخرج الأشجار ذوت الثمار من ذوات الطعوم المتفاوتة والألوان المختلفة , مع أن ذلك يسقى جميعا بماء واحد , فكيف تفاوتت هذه المخرجات؟ , وإذا كان الإنسان يضع البذور المختلفة , فكيف تفاوتت هذه النباتات التي تخرج في البرية من غير وضع الإنسان , ومن غير عمله كما لا يخفى! , هذا التفاوت يدل على قدرة رهيبة عجيبة , يقلب الله عزوجل فيها الخلق كما يشاء وكما يريد.
- ومن آثار هذه القدرة العجيبة ما أوقعه بالظالمين المجرمين , الذين كذبوا الرسل عليهم الصلاة والسلام , وحاربوا أولياءه وناصبوهم العداوة , فهم مع ما هم فيه من التمكين والقوى والملكات مع ذلك فإن الله عزوجل دمرهم تدميرا , فصاروا خبرا بعد عين , فلم تغني عنهم قوتهم ولا صناعاتهم ولا إمكانياتهم ولا احتياطاتهم الأمنية , ولا غير ذلك مما يسعون فيه لحفظ بقائهم ووجودهم ومكتسباتهم , فقوم دمرهم بالكلية لم يبق منهم شيء , وقوم أبقى الله عزوجل منهم بقايا , وقوم أبقاهم الله تبارك وتعالى وأخذ طرفا منهم , ليروا خلقهم أن الخلق مهما تعاظمت قوتهم , ومهما امتدت إمكاناتهم , ومهما تطاولوا , ومهما أوهموا البشر أنهم يسيطرون ويقدرون أعلمهم الله عزوجل أن يده فوق أيديهم , وأنه تبارك وتعالى آخذ بنواصيهم , وأنهم لا يخرجون عن قدرته وعن إرادته شيئا , فإذا جاء أمر الله عزوجل فلا تنفع الاحتياطات ولا تنفع الإمكانات ولا تنفع القوى ولا تنفع البارجات ولا تنفع الطائرات ولا تنفع القواعد العسكرية , ولا ينفع شيء من هذه الأشياء , إذا جاء أمر الله عزوجل فلا راد له , والله عزوجل يلفت أنظارنا إلى هذا المعنى بقوله: (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً قَدِيراً).
- ومن آثار هذه القدرة التي نشاهدها , أن الله ينصر أولياءه وإن كانوا قلة , وعلى أعدائه وإن كانوا كثرة ممكنين في الأرض , كما قال الله عزوجل: (كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ ).
- ومن آثار هذه القدرة ما يحدثه الله عزوجل لأهل الجنة من ألوان النعيم الذي يتقلبون فيه ولا انقطاع له ولا زوال.
- ومن آثارها ما يوجده الله عزوجل للمكذبين من ألوان النكال والجحيم في الآخرة , والعذاب في النار الذي لا ينقطع ولا يزول بحال من الأحوال.
- ومن آثار قدرة الله عزوجل , في سورة سبح اسم ربك الأعلى حيث قال الله عزوجل: (وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى ).
- وكذلك في قوله في سورة الغاشية: (أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ )
- ومن ذلك ما قاله في سورة الأنعام: (إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنْ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنْ الْحَيِّ ذَلِكُمْ اللَّهُ فَأَنَّا تُؤْفَكُونَ فَالِقُ الإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَاناً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِراً نُخْرِجُ مِنْهُ حَبّاً مُتَرَاكِباً وَمِنْ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ
- ومن ذلك أيضا ما ذكره في هذه السورة العظيمة : (وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ وَمِنْ الأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمْ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنْ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنْ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ أَالذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمْ الأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ وَمِنْ الإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنْ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ أَالذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمْ الأُنثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنثَيَيْنِ أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ وَصَّاكُمْ اللَّهُ بِهَذَا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ).
- ومن هذه القدرة الباهرة العجيبة أنه تبارك وتعالى يحي الأموات بعد أن صاروا ترابا كما قال الله عزوجل: (أَوْلِيَاءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِ المَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) , والآيات الدالة على هذا المعنى في كتاب الله عزوجل كثيرة , وقد قص الله عزوجل علينا خبر ذلك الرجل الذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قد بلت واندفنت وانمحت آثارها ومات أهلها فقال: (أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ), فطعامه وشرابه لم يتغير مع طول هذه المدة , أما بدنه فقد صار ترابا , وكذلك حماره , فأراه الله عزوجل كيف يكون هذه الأشياء وكيف أعادها مرة ثانية إلى حالها الأول , فلما رأى ذلك قال: (أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) , بل إن الله عزوجل قد ذكر لهذا الإنسان الذي لربما يكذب بالبعث أو يتشكك به قال: (أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ ) , فالبنان آية من آيات الله عزوجل , وقد جعله الله عزوجل مشدودا بالأظفار , وجعله في هذا الإحكام الذي نراه ونشاهده , فهو من أدق الأشياء التي في بدن الإنسان , فيستطيع الإنسان أن يأخذ به الأشياء الدقيقة , وأن يصنع الصناعات الدقيقة بهذا البنان , ثم إن الله عزوجل قد جعل في رؤوس هذه الأصابع قد جعل فيها خطوط دقيقة , يتميز فيها كل إنسان عن الآخر , فلا يشتبه في ذلك بصمتان البتة , وقد أحسن من قال:
وأعجب شيء بهن الخطوط ** فما اتحدت في الورى بصمتان
وطبقة إبهامنا ختمنا ** يميزنا ما توالى الـزمـان
أناملنا من بديع الفنون ** يقصر عن وصفهن البيان
ومما ذكره الله عزوجل لنا في قدرة على إحياء الموتى , ما قصه عن إبراهيم عليه الصلاة والسلام حينما قال: (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى ) فقال الله عزوجل له: (الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ) , فإبراهيم عليه السلام كان كامل الإيمان , ولكنه أراد أن يرتقي من مرتبة علم اليقين إلى مرتبة عين اليقين , فيشاهد إحياء الموتى بعينه , فقال له الله : (قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنْ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).
• الإنسان عنده قدرة كما قال الله عزوجل: (إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) في المحاربين , فالمخلوق يوصف بالقدرة , ولكن قدرة المخلوق شتان بينها وبين قدرة الخالق , فهي مسبوقة بالعجز , انظر إلى الإنسان حينما يخرج من بطن أمه , هو قطعة من اللحم تتحرك , لا يدفع عن نفسه قليلا ولا كثيرا , لو تُرك هلك , ثم إن الله عزوجل ينقله من طور إلى طور حتى يقوى ويشتد , ثم يظن في نفسه أنه يملك قوة وقدرة هائلة , والواقع أن الله عزوجل هو الذي أقدره على ذلك , فقدرة المخلوق إنما هي بما أعطاه الله عزوجل , وليست قدرة مستقلة عن إرادة الله تبارك وتعالى , إنما قدرته لأن الله أقدره , وأما القادر فهو على كشيء قدير , فقدرته وصف ذاتي له لم يكتسب ذلك من أحد , وليس هو ليكون قادرا ليس بحاجة إلى أحد , أما المخلوق فهو مهما عظم قدره وملكه وسلطانه , فإنه لا يستطيع أن ينفذ كثيرا مما أراد أن ينفذه إلا بالأعوان والمستشارين والخبراء والمنفذين وما شابه ذلك , أما الله عزوجل فإنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون , ثم إن قدرة هذا المخلوق الضعيف أنا وأنت , قدرتنا محدودة , نقدر على بعض الأشياء بعض القدرة , ونعجز عن كثير من الأشياء , ولو أن الواحد منا وكل إليه بعض المهمات في جسده , لو قيل له فقط عليك أن تنفخ في هذه الرئة فهي موكولة إليك , لنفخ فيها ساعة أو ساعتين ثم أعياه التعب والعجز وصار في حالة يرثى له , ثم ترك ذلك كله وهلك , لا يستطيع فكيف ينام وقد وكل إليه نفسه , هذه الرئة فقط , كيف لو كل إليه شيء آخر كجريان الدم أو هضم الطعام أو نحو ذلك مما يجريه الله عزوجل في بدنك أيها الإنسان .
ثم أيضا هذه القدرة التي توجد عندك في بعض الأحيان تنزع منك فلا تستطيع أحيانا أن تحرك يدك إلى شيء بجانبك , فأنت بحاجة إلى من يعطيك هذا الشيء وإلى من يناول إليك هذا المطلوب وهذا شيء مشاهد , فالإنسان ضعيف مسكين عاجز فقير ينبغي أن يعرف قدر نفسه , فقدرته إنما هي بإقدار الله عزوجل , وهي قدرة محدودة ثم تنزع منه بعد ذلك , (وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ).
• جاءني أحد الإخوان ونحسبه من أهل الخير والصلاح , سمع الكلام مرة على بعض الأسماء الحسنى , قال كنت أقرأ في تفسير الشيخ عبدالرحمن بن سعدي رحمه الله , في قوله تعالى: (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ) , يقول فقلت في نفسي وتكلمت به , اللهم إن كنت تسمعني في هذه الساعة فاكسر يدي هذه يقول ونظرت إلى مكان فيها , يقول وما مضى سوى وقت يسير حتى كسرت , وأراني مكانها قد خيط ذلك أجمع , ولولا ثقتي بهذا الرجل ومعرفتي
Admin
Admin
الشيخ محمدشوقى المدير العام

عدد المساهمات : 7498
نقاط : 25568
تاريخ التسجيل : 16/08/2011
العمر : 52
الموقع : https://www.facebook.com/profile.php?id=100001995123161

https://qqqq.forumegypt.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى