بحـث
الشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المواضيع الأخيرة
نوفمبر 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | |||||
3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 |
10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 |
17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 |
24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
الحمدلله على نعمة الاسلام
ايها الاخوه الدعاه الى الله وكذا جميع الزائرين والزائرات مرحبا بكم واهلا نتمنى من الله ان نكون عند حسن ظنكم جميا والله الموفق الى الخير وهو حسبنا ونعم الوكيلالشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 2 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 2 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحثلا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 76 بتاريخ الأربعاء 30 أكتوبر 2024, 11:01 pm
]حديث: "عمرة في رمضان تعدل حجة معي" ، رواية ودراية
صفحة 1 من اصل 1
]حديث: "عمرة في رمضان تعدل حجة معي" ، رواية ودراية
حديث: "عمرة في رمضان تعدل حجة معي" ، رواية ودراية
أقوال العلماء في هذه المسألة:
أجمع أهل العلم رحمهم الله تعالى أن المراد بهذا الفضل هو الثواب والأجر وليس الإجزاء، فالمعتمر في رمضان له أجر حجة ولكن عمرته في رمضان غير مجزئة عن حجته، قال إسحاق بن راهويه -كما نقله الترمذي في سننه- : "معنى هذا الحديث؛ مثل ما رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من قرأ قل هو الله أحد فقد قرأ ثلث القرآن" ا.هـ، ونبَّه على هذا أيضاً ابنُ خزيمة في صحيحه وأبوالوليد الباجي في المنتقى شرح الموطأ، وابن بطال في شرحه على البخاري، وابن العربي -كما في فتح ابن حجر-، وقال ابن حجر في الفتح: "فالحاصل أنه أعلمها أن العمرة في رمضان تعدل الحجة في الثواب لا أنها تقوم مقامها في إسقاط الفرض، للإجماع على أن الاعتمار لا يجزئ عن حج الفرض"ا.ﻫ ، ثم اختلف أهل العلم في هذا الحديث، هل هو على عمومه أم هو من العام الذي يراد به الخصوص، ولهم في هذا ثلاثة أقوال:
1. قول من قالإن هذا من خصائص هذه المرأة الأنصارية أو الأسدية)، وهذا القول أشارت إليه أم معقل رضي الله عنها فكانت تقول: "الحج حجة والعمرة عمرة، وقد قال هذا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أدري ألي خاصة؟" كما في رواية يوسف بن عبدالله بن سلام رضي الله عنه -وتقدم تخريجها-، وقال به بعض أهل العلم المتقدمين كما هو ثابتٌ عن سعيد بن جبير رحمه الله بسند صحيح عند أبي داوود الطيالسي وابن منيع في مسنديهما، أنه خاص بتلك المرأة التي وقعت معها القصة .
2. قول من قال -على ظاهر الحديث- إن العمرة في رمضان تعدل حجة، أو العمرة في رمضان هي الحج الأصغر)، قد ثبت بإسناد صحيح عند ابن أبي شيبة وابن جرير في تفسيره عن الشعبي في أن الحج الأصغر هو العمرة، وقال الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه كما نقله الترمذي في سننه -وهو في مسائل الكوسج-: "قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم: أن عمرةً في رمضان تعدل حجة، وقال الإمام أحمد رحمه الله -كما في طبقات الحنابلة/ ترجمة محمد بن أحمد بن واصل أبي العباس المصري-: "عمرة في شهر رمضان تعدل حجة، فإن أدرك يوماً من رمضان فقد أدرك عمرة في رمضان" ا.ﻫ، وقال ابن خزيمة في صحيحه: "باب فضل العمرة في رمضان ، والدليل على أنها تعدل بحجة" ا.ﻫ، وقال ابن حبان في صحيحه: "ذكر البيان بأن العمرة في رمضان تقوم مقام حجة لمعتمرها"ا.ﻫ ، وقال ابن عبد البر في التمهيد: "وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم عمرة في رمضان تعدل حجة) من وجوهٍ كثيرة" ا.ﻫ، ثم ذكر أن أحسَنها إسناداً حديثُ ابن عباس رضي الله عنه ،وهذا القول أظهر من القول الأول وهو قول أكثر العلماء، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، ولكنهم كما تقدم لا يقيدون هذا الفضل -وهو كحجة- بكونه مع النبي صلى الله عليه وسلم .
3. قول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى (26/292-294)، وخلاصته أن هذا الأجر من العام الذي أريد به الخصوص، فهو بخصوص بهذه المرأة ومن هو مثلها، فهو عند ابن تيمية لغير المكي الذي يخرج إلى الحل من أجل أن يرجع بعمرة، وكذا هذا الأجر إنما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم لصحابة رضي الله عنهم فاتهم الحج مع النبي صلى الله عليه وسلم لما حجَّ حجته المعروفة بحجة الوداع؛ لمانع أعجزهم وأقعدهم عن الحج معه، فابن تيمية رحمه الله جرى في معرض كلامه: أن قوله صلى الله عليه وسلم :"كحجة معي"، إنما هو لمن أراد الحج معه ممن يمكنه أن يحج معه وهم الصحابة رضي الله عنهم في زمنه فتعذر عليهم لمانع ما، وأما من كان بعد الصحابة رضي الله عنهم فهؤلاء غاية ما يحصل لهم من الأجر، "أجر حجة" -دون تقييدها بمعية النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا الأجر غير حاصل في كلام ابن تيمية رحمه الله، إلا إن نوى مسلم الحج في عام من الأعوام فعجز عنه لمانع ما، ثم عوّض ذلك بالاعتمار في رمضان من العام القابل إن أمكنه فيه وإلا حيث أمكن من الأعوام المستقبلة واستمر مانع الحج، وكان من قول شيخ الإسلام(26/293): ((يُبيِّن هذا أن بعض طرقه في الصحيح أنه قال للمرأة: "عمرة في رمضان تعدل حجة معي"، ومعلوم أن مراده أن عمرتك في رمضان تعدل حجة معي فإنها كانت قد أرادت الحج معه فتعذر ذلك عليها، فأخبرها بما يقوم مقام ذلك، وهكذا من كان بمنزلتها من الصحابة، ولا يقول عاقل ما يظنه بعض الجهال: أن عمرة الواحد منا من الميقات أو من مكة تعدل حجة معه، فإنه من المعلوم بالاضطرار أن الحج التام أفضل من عمرة رمضان، والواحد منا لو حجَّ الحج المفروض لم يكن كالحج معه فكيف بعمرة، وغاية ما يحصله الحديث: أن يكون عمرة أحدنا في رمضان من الميقات بمنزلة حجة، وقد يقال هذا لمن كان أراد الحج فعجز عنه فيصير بنية الحج مع عمرة رمضان كلاهما تعدل حجة لا أحدهما مجردا، وكذلك الإنسان إذا فعل ما يقدر عليه من العمل الكامل مع أنه لو قدر لفعله كله؛ فإنه يكون بمنزلة العامل من الأجر، كما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا مرض العبد أو سافر كتب له من العمل ما كان يعمل وهو صحيح مقيم")) ا.ﻫ كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، قلت: حديث :"إذا مرض العبد.." إنما يرويه البخاري دون مسلم، وهو من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه .
وإذا تأمل الباحث كلام شيخ الإسلام وجده ظاهراً صحيحاً من جهة كلامه عن المعية النبوية الواردة في فضل العمرة في رمضان، وأن العمرة في رمضان إنما تعدل حجة لعامة المسلمين، ولكن من نواها مع النبي صلى الله عليه وسلم من الصحابة رضي الله عنهم يوم أن حج حجة الوداع فمنعه مانع فهذا له أجر هذه الحجة مع النبي صلى الله عليه وسلم إن اعتمر في رمضان، لأن التي فاتته ليست أيُّ حجة، إنما هي حجة مع النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا كله على فرض صحة هذه الزيادة وإلافالذي تطمئن إليه نفسي أنها زيادة غير صحيحة .
وأما الجهة الأخرى في كلام شيخ الإسلام وهو الكلام على إطلاق هذا الفضل بغض النظر عن المعية، أي حصول أجر حجة لمن اعتمر في رمضان، فشيخ الإسلام لا يرى هذا الإطلاق، وإنما يرى هو ومثله ابن القيم في حاشيته على سنن أبي داوود وزاد المعاد أن هذا ليس للمكيين الذين يخرجون إلى الحلِّ، وأن هذا إنما قاله صلى الله عليه وسلم لمن فاته الحج لعارض منعه، ويرون أن هذا الحديث إنما هو كقوله صلى الله عليه وسلم : "ليس من البر الصيام في السفر"، متفق عليه من حديث جابر رضي الله عنه ، إذ ليس فيه الرغبة عن الصيام في السفر وإنما فيه أنه من كان حاله كهذا الرجل الذي ظُلِّلَ عليه وأصابه ضعفٌ شديدٌ وإعياءٌ بسبب صيامه في السفر؛ فمثل هذا ليس من برِّه وطاعته لربه أن يُهْلِكَ نفسه أو يقارب الهلاك بصومه في سفره، ولذا قال ابن دقيق العيد رحمه الله في شرحه على حديث: "ليس من البر..." وفي معرض رده على المستدلين به على المنع من الصيام في السفر لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، قال ابن دقيق: "ويجب أن تتنبه للفرق بين دلالة السياق والقرائن الدالة على تخصيص العام وعلى مراد المتكلم، وبين مجرد ورود العام على سبب، ولا تجريهما -كذا بالياء- مجرى واحداً، فإن مجرد ورود العام على السبب لا يقتضي التخصيص به، كقوله تعالى: "والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما"، بسبب سرقة رداء صفوان، وأنه لا يقتضي التخصيص به بالضرورة والإجماع، أما السياق والقرائن فإنها الدالة على مراد المتكلم من كلامه، وهي المرشدة إلى بيان المجملات، وتعيين المحتملات، فاضبط هذه القاعدة، فإنها مفيدة في مواضع لا تحصى، وانظر في قوله صلى الله عليه وسلم: "ليس من البر الصيام في السفر"، مع حكاية هذه الحالة من أي القبيلتين هو؟ فنزِّلْه عليه" ا.ﻫ كلام ابن دقيق رحمه الله، وهذا التقرير منه ومن شيخ الإسلام ابن تيمية و تلميذه ابن القيم قوي ظاهر، ومع قوته وورود نظائره إلا أن قول من يرى من أهل العلم العمل بعموم اللفظ هنا وهم أكثر من تكلم عن هذا الحديث وشرحه أقوى وأظهر؛ إذ إنه لا إجمال في حديث العمرة في رمضان والاحتمالات بعيدة وهذا باب فضيلة وثواب وفضل الله تعالى واسع؛ وقد جرى عليه عمل السلف من أئمة المسلمين كأبي بكر بن عبدالرحمن بن الحارث والشعبي وسعيد بن جبير ومجاهد وعطاء؛ بأسانيد صحيحة عنهم عند ابن أبي شيبة في مصنفه/ في (عمرة رمضان وما جاء فيها)، نعم؛ ما تركه السلف الصالح وأعرض عنه من العمل بهذا الحديث فإنه غير مراد من النبي صلى الله عليه وسلم كعمرة المكي من الحل، فهم حملة الشريعة وأعمق الناس علما وأحرصهم على الأجر والثواب .
أقوال العلماء في هذه المسألة:
أجمع أهل العلم رحمهم الله تعالى أن المراد بهذا الفضل هو الثواب والأجر وليس الإجزاء، فالمعتمر في رمضان له أجر حجة ولكن عمرته في رمضان غير مجزئة عن حجته، قال إسحاق بن راهويه -كما نقله الترمذي في سننه- : "معنى هذا الحديث؛ مثل ما رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من قرأ قل هو الله أحد فقد قرأ ثلث القرآن" ا.هـ، ونبَّه على هذا أيضاً ابنُ خزيمة في صحيحه وأبوالوليد الباجي في المنتقى شرح الموطأ، وابن بطال في شرحه على البخاري، وابن العربي -كما في فتح ابن حجر-، وقال ابن حجر في الفتح: "فالحاصل أنه أعلمها أن العمرة في رمضان تعدل الحجة في الثواب لا أنها تقوم مقامها في إسقاط الفرض، للإجماع على أن الاعتمار لا يجزئ عن حج الفرض"ا.ﻫ ، ثم اختلف أهل العلم في هذا الحديث، هل هو على عمومه أم هو من العام الذي يراد به الخصوص، ولهم في هذا ثلاثة أقوال:
1. قول من قالإن هذا من خصائص هذه المرأة الأنصارية أو الأسدية)، وهذا القول أشارت إليه أم معقل رضي الله عنها فكانت تقول: "الحج حجة والعمرة عمرة، وقد قال هذا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أدري ألي خاصة؟" كما في رواية يوسف بن عبدالله بن سلام رضي الله عنه -وتقدم تخريجها-، وقال به بعض أهل العلم المتقدمين كما هو ثابتٌ عن سعيد بن جبير رحمه الله بسند صحيح عند أبي داوود الطيالسي وابن منيع في مسنديهما، أنه خاص بتلك المرأة التي وقعت معها القصة .
2. قول من قال -على ظاهر الحديث- إن العمرة في رمضان تعدل حجة، أو العمرة في رمضان هي الحج الأصغر)، قد ثبت بإسناد صحيح عند ابن أبي شيبة وابن جرير في تفسيره عن الشعبي في أن الحج الأصغر هو العمرة، وقال الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه كما نقله الترمذي في سننه -وهو في مسائل الكوسج-: "قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم: أن عمرةً في رمضان تعدل حجة، وقال الإمام أحمد رحمه الله -كما في طبقات الحنابلة/ ترجمة محمد بن أحمد بن واصل أبي العباس المصري-: "عمرة في شهر رمضان تعدل حجة، فإن أدرك يوماً من رمضان فقد أدرك عمرة في رمضان" ا.ﻫ، وقال ابن خزيمة في صحيحه: "باب فضل العمرة في رمضان ، والدليل على أنها تعدل بحجة" ا.ﻫ، وقال ابن حبان في صحيحه: "ذكر البيان بأن العمرة في رمضان تقوم مقام حجة لمعتمرها"ا.ﻫ ، وقال ابن عبد البر في التمهيد: "وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم عمرة في رمضان تعدل حجة) من وجوهٍ كثيرة" ا.ﻫ، ثم ذكر أن أحسَنها إسناداً حديثُ ابن عباس رضي الله عنه ،وهذا القول أظهر من القول الأول وهو قول أكثر العلماء، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، ولكنهم كما تقدم لا يقيدون هذا الفضل -وهو كحجة- بكونه مع النبي صلى الله عليه وسلم .
3. قول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى (26/292-294)، وخلاصته أن هذا الأجر من العام الذي أريد به الخصوص، فهو بخصوص بهذه المرأة ومن هو مثلها، فهو عند ابن تيمية لغير المكي الذي يخرج إلى الحل من أجل أن يرجع بعمرة، وكذا هذا الأجر إنما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم لصحابة رضي الله عنهم فاتهم الحج مع النبي صلى الله عليه وسلم لما حجَّ حجته المعروفة بحجة الوداع؛ لمانع أعجزهم وأقعدهم عن الحج معه، فابن تيمية رحمه الله جرى في معرض كلامه: أن قوله صلى الله عليه وسلم :"كحجة معي"، إنما هو لمن أراد الحج معه ممن يمكنه أن يحج معه وهم الصحابة رضي الله عنهم في زمنه فتعذر عليهم لمانع ما، وأما من كان بعد الصحابة رضي الله عنهم فهؤلاء غاية ما يحصل لهم من الأجر، "أجر حجة" -دون تقييدها بمعية النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا الأجر غير حاصل في كلام ابن تيمية رحمه الله، إلا إن نوى مسلم الحج في عام من الأعوام فعجز عنه لمانع ما، ثم عوّض ذلك بالاعتمار في رمضان من العام القابل إن أمكنه فيه وإلا حيث أمكن من الأعوام المستقبلة واستمر مانع الحج، وكان من قول شيخ الإسلام(26/293): ((يُبيِّن هذا أن بعض طرقه في الصحيح أنه قال للمرأة: "عمرة في رمضان تعدل حجة معي"، ومعلوم أن مراده أن عمرتك في رمضان تعدل حجة معي فإنها كانت قد أرادت الحج معه فتعذر ذلك عليها، فأخبرها بما يقوم مقام ذلك، وهكذا من كان بمنزلتها من الصحابة، ولا يقول عاقل ما يظنه بعض الجهال: أن عمرة الواحد منا من الميقات أو من مكة تعدل حجة معه، فإنه من المعلوم بالاضطرار أن الحج التام أفضل من عمرة رمضان، والواحد منا لو حجَّ الحج المفروض لم يكن كالحج معه فكيف بعمرة، وغاية ما يحصله الحديث: أن يكون عمرة أحدنا في رمضان من الميقات بمنزلة حجة، وقد يقال هذا لمن كان أراد الحج فعجز عنه فيصير بنية الحج مع عمرة رمضان كلاهما تعدل حجة لا أحدهما مجردا، وكذلك الإنسان إذا فعل ما يقدر عليه من العمل الكامل مع أنه لو قدر لفعله كله؛ فإنه يكون بمنزلة العامل من الأجر، كما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا مرض العبد أو سافر كتب له من العمل ما كان يعمل وهو صحيح مقيم")) ا.ﻫ كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، قلت: حديث :"إذا مرض العبد.." إنما يرويه البخاري دون مسلم، وهو من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه .
وإذا تأمل الباحث كلام شيخ الإسلام وجده ظاهراً صحيحاً من جهة كلامه عن المعية النبوية الواردة في فضل العمرة في رمضان، وأن العمرة في رمضان إنما تعدل حجة لعامة المسلمين، ولكن من نواها مع النبي صلى الله عليه وسلم من الصحابة رضي الله عنهم يوم أن حج حجة الوداع فمنعه مانع فهذا له أجر هذه الحجة مع النبي صلى الله عليه وسلم إن اعتمر في رمضان، لأن التي فاتته ليست أيُّ حجة، إنما هي حجة مع النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا كله على فرض صحة هذه الزيادة وإلافالذي تطمئن إليه نفسي أنها زيادة غير صحيحة .
وأما الجهة الأخرى في كلام شيخ الإسلام وهو الكلام على إطلاق هذا الفضل بغض النظر عن المعية، أي حصول أجر حجة لمن اعتمر في رمضان، فشيخ الإسلام لا يرى هذا الإطلاق، وإنما يرى هو ومثله ابن القيم في حاشيته على سنن أبي داوود وزاد المعاد أن هذا ليس للمكيين الذين يخرجون إلى الحلِّ، وأن هذا إنما قاله صلى الله عليه وسلم لمن فاته الحج لعارض منعه، ويرون أن هذا الحديث إنما هو كقوله صلى الله عليه وسلم : "ليس من البر الصيام في السفر"، متفق عليه من حديث جابر رضي الله عنه ، إذ ليس فيه الرغبة عن الصيام في السفر وإنما فيه أنه من كان حاله كهذا الرجل الذي ظُلِّلَ عليه وأصابه ضعفٌ شديدٌ وإعياءٌ بسبب صيامه في السفر؛ فمثل هذا ليس من برِّه وطاعته لربه أن يُهْلِكَ نفسه أو يقارب الهلاك بصومه في سفره، ولذا قال ابن دقيق العيد رحمه الله في شرحه على حديث: "ليس من البر..." وفي معرض رده على المستدلين به على المنع من الصيام في السفر لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، قال ابن دقيق: "ويجب أن تتنبه للفرق بين دلالة السياق والقرائن الدالة على تخصيص العام وعلى مراد المتكلم، وبين مجرد ورود العام على سبب، ولا تجريهما -كذا بالياء- مجرى واحداً، فإن مجرد ورود العام على السبب لا يقتضي التخصيص به، كقوله تعالى: "والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما"، بسبب سرقة رداء صفوان، وأنه لا يقتضي التخصيص به بالضرورة والإجماع، أما السياق والقرائن فإنها الدالة على مراد المتكلم من كلامه، وهي المرشدة إلى بيان المجملات، وتعيين المحتملات، فاضبط هذه القاعدة، فإنها مفيدة في مواضع لا تحصى، وانظر في قوله صلى الله عليه وسلم: "ليس من البر الصيام في السفر"، مع حكاية هذه الحالة من أي القبيلتين هو؟ فنزِّلْه عليه" ا.ﻫ كلام ابن دقيق رحمه الله، وهذا التقرير منه ومن شيخ الإسلام ابن تيمية و تلميذه ابن القيم قوي ظاهر، ومع قوته وورود نظائره إلا أن قول من يرى من أهل العلم العمل بعموم اللفظ هنا وهم أكثر من تكلم عن هذا الحديث وشرحه أقوى وأظهر؛ إذ إنه لا إجمال في حديث العمرة في رمضان والاحتمالات بعيدة وهذا باب فضيلة وثواب وفضل الله تعالى واسع؛ وقد جرى عليه عمل السلف من أئمة المسلمين كأبي بكر بن عبدالرحمن بن الحارث والشعبي وسعيد بن جبير ومجاهد وعطاء؛ بأسانيد صحيحة عنهم عند ابن أبي شيبة في مصنفه/ في (عمرة رمضان وما جاء فيها)، نعم؛ ما تركه السلف الصالح وأعرض عنه من العمل بهذا الحديث فإنه غير مراد من النبي صلى الله عليه وسلم كعمرة المكي من الحل، فهم حملة الشريعة وأعمق الناس علما وأحرصهم على الأجر والثواب .
مواضيع مماثلة
» ما ورد في السنَّة من أحاديث في غزو " الهند " رواية ودراية
» علم الحديث رواية
» هل حديث (لا يرفع صوم رمضان حتى تعطى زكاة الفطر) صحيح؟
» ** أحذر ... حديث لا يصح *** دراسة إسناد حديث ذات أنواط
» صيام رمضان ركن من أركان الإسلام .. ولا يكتمل إسلام المرء إلا بصيام شهر رمضان .
» علم الحديث رواية
» هل حديث (لا يرفع صوم رمضان حتى تعطى زكاة الفطر) صحيح؟
» ** أحذر ... حديث لا يصح *** دراسة إسناد حديث ذات أنواط
» صيام رمضان ركن من أركان الإسلام .. ولا يكتمل إسلام المرء إلا بصيام شهر رمضان .
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة 21 يونيو 2024, 12:25 am من طرف Admin
» هل الانجيل محرف
الأربعاء 19 يونيو 2024, 2:34 pm من طرف Admin
» شبهات النصاري زواج ام المؤمنين عائشه،
الإثنين 17 يونيو 2024, 10:30 am من طرف Admin
» الفرق بين السنه والفقه
السبت 11 مايو 2024, 11:23 pm من طرف Admin
» كيف عرفت انه نبي..
الجمعة 26 أبريل 2024, 5:40 am من طرف Admin
» موضوع هل يدخل الجنه غير المسلمين،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:48 am من طرف Admin
» التدرج في التشريع
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:43 am من طرف Admin
» كتب عليكم الصيام،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:41 am من طرف Admin
» اقوال العلماء في تفسير ايه الحجاب،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:40 am من طرف Admin