مُلتَقى الدعوةُ والدعاةُ
نحن فى سعادة غامره بوجودكم معنا نرجوا من الله توفير كل ما يسعدكم فى هذا المنتدى ولكم جزيل الشكر

المدير العام
الشيخ محمدشوقى

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

مُلتَقى الدعوةُ والدعاةُ
نحن فى سعادة غامره بوجودكم معنا نرجوا من الله توفير كل ما يسعدكم فى هذا المنتدى ولكم جزيل الشكر

المدير العام
الشيخ محمدشوقى
مُلتَقى الدعوةُ والدعاةُ
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
بحـث
 
 

نتائج البحث
 

 


Rechercher بحث متقدم

الشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المواضيع الأخيرة
» كيف عرفت انه نبي..
"هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِ Emptyالجمعة 26 أبريل 2024, 5:40 am من طرف Admin

» موضوع هل يدخل الجنه غير المسلمين،
"هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِ Emptyالثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:48 am من طرف Admin

» التدرج في التشريع
"هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِ Emptyالثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:43 am من طرف Admin

» كتب عليكم الصيام،،
"هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِ Emptyالثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:41 am من طرف Admin

» اقوال العلماء في تفسير ايه الحجاب،،
"هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِ Emptyالثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:40 am من طرف Admin

» قد نري تقلب وجهك في السماء.،،
"هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِ Emptyالثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:38 am من طرف Admin

» الماعون تفسير السعدى
"هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِ Emptyالثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:36 am من طرف Admin

» سوره الماعون
"هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِ Emptyالثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:34 am من طرف Admin

» اعمالهم كسراب. منتديات ملتقي الدعاه
"هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِ Emptyالثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:27 am من طرف Admin

مايو 2024
الأحدالإثنينالثلاثاءالأربعاءالخميسالجمعةالسبت
   1234
567891011
12131415161718
19202122232425
262728293031 

اليومية اليومية

التبادل الاعلاني

انشاء منتدى مجاني



الحمدلله على نعمة الاسلام
ايها الاخوه الدعاه الى الله وكذا جميع الزائرين والزائرات مرحبا بكم واهلا نتمنى من الله ان نكون عند حسن ظنكم جميا والله الموفق الى الخير وهو حسبنا ونعم الوكيل
الشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 7 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 7 زائر

لا أحد

أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 50 بتاريخ الجمعة 25 مارس 2016, 12:22 am

"هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِ

اذهب الى الأسفل

"هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِ Empty "هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِ

مُساهمة من طرف Admin الإثنين 21 نوفمبر 2011, 7:04 pm

تفسير سورة الملك | الآية الخامسة عشر


"هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ"الآية:15


*** و السياق يحتمل وجهان:

1 – أن الخطاب موجه للخلق عموما مؤمنهم و كافرهم بيانا للقدرة
الهائلة و امتنانا بالنعمة العظيمة و تذكيرا للخلق كي يتدبروا فلا يكفروا.

2 – أن الخطاب موجه للكافرين.

قال الرازي: هذه الآية على سبيل التهديد ، ونظيره من قال
لعبده الذي أساء إلى مولاه في السر : يا فلان أنا أعرف سرك وعلانيتك فاجلس
في هذه الدار التي وهبتها منك ، كل هذا الخير الذي هيأته لك ولا تأمن
تأديبي ، فإني إن شئت جعلت هذه الدار التي هي منزل أمنك ومركز سلامتك منشأ
للآفات التي تتحير فيها ومنبعاً للمحن التي تهلك بسببها ، فكذا ههنا ، كأنه
تعالى قال : أيها الكفار اعلموا أني عالم بسركم وجهركم ، فكونوا خائفين
مني محترزين من عقابي ، فهذه الأرض التي تمشون في مناكبها ، وتعتقدون أنها
أبعد الأشياء عن الإضرار بكم ، أنا الذي ذللتها إليكم وجعلتها سبباً لنفعكم
، فامشوا في مناكبها ، فإنني إن شئت خسفت بكم هذه الأرض ، وأنزلت عليها من
السماء أنواع المحن .



*** "ذلولا":


والذُّلُّ والذِّلُّ ضد الصعوبة و هو الانقياد و الهوان و اللين .

والذلول من كل شيء : المنقاد الذي يذل لك و يكون في الإِنسان
والدابة والذلول من الدواب المنقادة المطاوعة و هو فعول للمبالغة بمعنى
فاعل يستوي فيه المذكر والمؤنث و أنكر أبوحيان ما ذكره بن عطية أن يكون
فعول بمعنى مفعول أي مذلولة قال : وليس بمعنى مفعول لأن فعله قاصر ، وإنما
تعدى بالهمزة كقوله : { وتذل من تشاء } وأما بالتضعيف لقوله : { وذللناها
لهم } وقوله : أي مذلولة يظهر أنه خطأ.اه

و ذلولية الأرض تذليل الانتفاع بها مع صلابة خلقها تشبيها بالدابة المسوسة المروضة بعد الصعوبة .



*** و من مظاهر ذلولية الأرض أمور:

أحدها : أنه تعالى ما جعلها صخرية خشنة بحيث يمتنع المشي عليها ، كما يمتنع المشي على وجوه الصخرة الخشنة.

وثانيها : أنه تعالى جعلها لينة بحيث يمكن حفرها ، وبناء الأبنية منها كما يراد ، ولو كانت حجرية صلبة لتعذر ذلك .

وثالثها : أنها لو كانت حجرية ، أو كانت مثل الذهب أو الحديد ،
لكانت تسخن جداً في الصيف ، وكانت تبرد جداً في الشتاء ، ولكانت الزراعة
فيها ممتنعة ، والغراسة فيها متعذرة ، ولما كانت كفاتاً للأموات والأحياء.

ورابعها : أنها في إدراكنا ثابتة ساكنة و لو كانت تتحرك و تجرى لشق الأمر علينا مشقة شديدة.

خامسها: أنها خلقت على كيفية جامدة ساكنة لا تتحرك و لا ترتج و لا تضطرب و لا تثور فيها في كل موطن البراكين و الزلازل.

سادسها:أن ما بها و ما فوقها و ما تحتها مسخر للإنسان ينتفع به كيف شاء و متى شاء.

سابعها :رغم أن للأرض كيفية تعقل بها و هى التي أبت بها أن
تحمل الأمانة لما عرضت عليها إلا إنها في إدراكنا جماد ساكن لا يتحرك و لا
يطالبنا بشيء بل منفعته مباحه لنا بلا ثمن .

و سبحان من سخر الأرض ذلك المخلوق الكبير العظيم الذي يحوى
الجبال و الكنوز و البراكين للإنسان ذلك المخلوق الضعيف الهزيل الصغير الذي
تكفي ضربة حجر لقتله و الأعجب من ذلك تسخير ما في السماوات أيضا الشمس و
القمر و النجوم وينتفع المرء بالسحاب و يحميه الغلاف الأرضي من الشهب و
يمسك المياه أن تتبخر في الكون قال تعالى :" أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ
سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ
عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ
فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ " [لقمان :
20]

و الإنسان يعتاد و يألف ما يراه و يسمعه و ما خلق فوجد نفسه
فيه و لا يتدبر أن تسخير ما حوله كان بفعل الله منة و نعمة عليه و لو ترك
الإنسان و ما حوله لهلك لضعفه و عجزه و أعجب من ذلك أن الإنسان وجد نفسه في
هذا الدنيا فلم يخلق نفسه و لم يكن له أي دور في إيجادها و لما جاءته
رسالة الرسل بالبراهين الصادقة أنكرها و جحدها و استنكر النشأة الأخرى.



*** الإنسان مخلوق واحد يعيش على وجه الأرض و يوجد معه من
المخلوقات ما لا يعلم عدده إلا الله سبحانه و مع ذلك فالأرض مسخرة له
كالسيد يحيا عليها و باقي المخلوقات رغم أنها تحيا معه على الأرض إلا أنها
تحت قهره و سيطرته إما بالقوة الفعلية أو بالعقل الذي وهبه الله إياه فمكنه
به من السيادة على الأرض .

و تخيل كانت الأرض على صورة حي يرهق البشر بالتكاليف لكي
يتركهم على ظهره و كذا البحار و الأفلاك و الجبال و الهواء و الماء و غير
ذلك.

تخيل لو كانت الأرض كلها جبال و قفار أو براكين و زلازل ماذا
سيفعل بن آدم المسكين؟ فإذا تأملت ذلك الحال علمت حقيقة الضعف البشرى و
عظمة المنة الإلهية عليه.



*** و تأمل أن الله سبحانه لما ذلل الأرض العظيمة ذلت فوطئها
كل أحد و لما سخر الشمس و القمر و الأفلاك ذلوا و خضعوا و لم يخرج منهم أحد
عن الناموس الذي وُضع له و بن آدم المتناهي في الصغر لا يتعظ و لا يتدبر و
لو تدبر مقدار قدرة الله عليه و أن لو يشاء الله لأخضعه و لكنه يمهله
امتحانا له و حلما عليه.



*** و هنا أمر هام يغفل و هو أنه لولا تسخير الله سبحانه
للأرض لما استطاع الإنسان أن يصل إلى التقدم و الرقي الذي وصل إليه اليوم
فالبعض قد ينظر للحضارة المعاصرة و ينبهر بها غاية الانبهار و لا يلتفت أنه
لولا أن الله سبحانه سخر لنا الأرض و ما فيها و مكننا فيها و جعلنا فيها
آمنين لما استطاع البشر الوصول لشيء من ذلك .

فكثيرون ينظرون إلى جانب العلم و العمل البشرى فينبهرون إذا
رأوا شيئا من المخترعات الحديثة التي تيسر أمرا لم يكن متصورا قبل ذلك و لا
ينظرون إلى السيل الجرار من المنن و النعم التي لولا أن الله وهبنا إياها
لما وصلنا إلى شيء فالإنسان أعجز من أن يوجد من العدم ذرة فما دونها و لا
أقول فما فوقها و الله سبحانه استودع له في هذه الأرض من المنافع الشيء
العظيم من المطاعم و المشارب و المواد الخام و المخلوقات العظيمة و الدقيقة
و أعطاه المناخ الملائم لحياته و أمنه على ظهر الأرض بما يضمن بقاء نوعه و
أسبغ عليه نعمه ظاهرة و باطنه و سخر له ما في السماوات و الأرض و أعطاه
العقل .

فجاء الإنسان فاستعمل المادة الخام و العقل الذي وهبه الله
إياه و الأمن الذي يحيا فيه و أخذ يكتشف في القوانين الكونية التي فطر الله
الأرض عليها فلما جاء بتلك الاكتشافات لم ينظر إلى سابق المنن و النعم بل
نظر فقط إلى ذلك الاكتشاف أو الاختراع و تعاظم في نفسه و ليس شأنه أكثر من
شأن الطفل الذي يحبو فلما مشى ظن نفسه أقوى الأقوياء و أقدر القادرين و هو
لا يعدو كونه طفل يلهو و يلعب.

لذلك يظهر هذا الأمر جليا حينما يرسل الله فيروسا أو ميكروب
لا يُرى بالعين المجردة هو أصغر مما يكون فيقهر الله به تلك الغطرسة و يثبت
به لإنسان عجزه و حقيقة أمره و أن الخير الذي يحيا فيه بما فيه العلم الذي
علمه الله إياه إنما هو محض نعمة و منة من الله سبحانه فلو اقتربت الشمس
قليلا من الأرض لأحرقت من فيها و لو هبط نيزك كبير من السماء لأباد أهل
الأرض و لو سلط الله سباع الأرض على البشر لما استطاعوا الحياة و لو
استطاعوا لكانت في قمة المشقة و لم يستطيعوا أن يصلوا للتقدم و الرقي الذي
وصلوا إليه و لولا أن الله استودع الأسباب منافعها و علم بن آدم لما استطاع
الانتفاع بالأشياء و صنع ما ينفعه و نسأل الله العافية في الدنيا و
الآخرة.



*** "مناكبها":


1 – الآثار:

أ - أخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : { مناكبها } قال : جبالها .

وأخرج ابن المنذر عن قتادة أن بشير بن كعب(ثقة ، من كبار
التابعين) قرأ هذه الآية { فامشوا في مناكبها } فقال لجاريته : إن دريت ما
مناكبها فأنت حرة لوجه الله ، قالت : فإن مناكبها جبالها ، فسأل أبا
الدرداء رضي الله عنه ، فقال : دع ما يريبك إلى ما لا يريبك .

ب - و عن ابن عباس وبشر بن كعب و قتادة في قوله : { مناكبها } قال : أطرافها .

وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد
رضي الله عنه في قوله : { مناكبها } قال : أطرافها وفجاجها قلت: و كذا رواه
أبو حيان عن الحسن والسدي .

2 – أقوال اللغويين:

قال بن منظور:ومَناكِب الأَرضِ جبالُها وقيل طُرُقها وقيل جَوانِبُها وفي
التنزيل العزيز فامْشُوا في مَناكِبها قال الفراء يريد في جوانبها وقال
الزجاج معناه في جبالها وقيل في طُرُقها قال الأَزهري وأَشبَهُ التفسير
واللّه أَعلم تفسير من قال في جبالها لأَن قوله هو الذي جَعَل لكم الأَرضَ
ذَلُولاً معناه سَهَّلَ لَكم السُّلوكَ فيها فأَمكنكم السلوك في جبالها فهو
أَبلغ في التذليل والمَنْكِبُ من الأَرض الموضعُ المرتفع.

3 - أقوال العلماء:

أ – جوانبها و أطرافها:

فالمناكب تخييل للاستعارة لزيادة بيان تسخير الأرض للناس فإن
المنكب هو ملتقى الكتف مع العضد جعل المناكب استعارة لأطراف الأرض أو
لسعتها .

قال بن عاشور : وجمع المناكب تجريد للاستعارة لأن الذلول لها منكبان والأرض ذات متسعات كثيرة .

وقال الفراء والكلبي ومنذر بن سعيد : جوانبها ، ومنكبا الرجل : جانباه ، قلت و المقصود :طرقها و أطرافها و جوانبها.

ب- لما شبهت بالبعير في الذلولية استعير وصف المناكب لسهولها و طرقها لأن مناكب البعير أرق ما فيه.

قال الزمخشري : والمشي في مناكبها مثل لفرط التذليل ومجاوزته
الغاية ، لأن المنكبين وملتقاهما من الغارب أرق شيء من البعير وأنبأه عن أن
يطأه الراكب بقدمه ويعتمد عليه ، فإذا جعلها في الذل بحيث يمشي في مناكبها
لم ينزل. انتهى.

ح – الجبال :

قال الزجاج : سهل لكم السلوك في جبالها فهو أبلغ التذليل.اه

و قيل:وسميت الجبال مناكب ، لأن مناكب الإنسان شاخصة والجبال
أيضاً شاخصة ، والمعنى أني سهلت عليكم المشي في مناكبها ، وهي أبعد أجزائها
عن التذليل ، فكيف الحال في سائر أجزائها.

قلت (أبو يوسف): و المختار أن المقصود السير في طرقها ودروبها و سبلها لأن:

1 - فإن هذا هو الذي تتم به المنة و الأية في سياق الامتنان.

2 - و الآية تتحدث عن تذليل الأرض و الجبال صعبة فالحمل على السهول و الأودية أولى من الحمل على الجبال و الهضاب.

3 - الأظهر أن في هذا الموطن أمر بالاكتساب و ابتغاء فضل الله و هو يحصل بالسير في طرق الأرض أبلغ ما يحصل بالسير في الجبال.

4 – أن هذا يتناسب مع الآيات القرأنية الأخرى التي ذكرت هذه المنه فهي تتحدث عن السير في طرق الأرض.

قال تعالى:"وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ بِسَاطًا (19)
لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلاً فِجَاجًا (20)" و"الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ
الأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء
مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّن نَّبَاتٍ شَتَّى
(53)"و"وَجَعَلْنَا فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا
فِيهَا فِجَاجًا سُبُلاً لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (31)" و"الَّذِي جَعَلَ
لَكُمُ الأَرْضَ مَهْدًا وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً لَّعَلَّكُمْ
تَهْتَدُونَ (10)".

5 – المنكبين أرق أجزاء البعير الذلول.

و لو قيل إن المعنى أن السير ممكن في جبالها و هي أصعب أجزائها ففيما دون ذلك أسهل و أيسر لكانت المحصلة النهائية للمعنى واحدة.



*** "فامشوا في مناكبها" :


قال أبو حيان: أمر بالتصرف فيها والاكتساب و قال الرازي: أمر إباحة ، وكذا القول في قوله : { وَكُلُواْ مِن رّزْقِهِ } .

قلت (أبو يوسف):و ليس الأمر بالتكسب في كل أحواله على الإباحة
بل أحيانا يجب و هو أمر قرآني لا ينافي التوكل و لا الكمال و ما من نبي
إلا و قد رعى الغنم و صح أن نبي الله زكريا صلى الله عليه و سلم كان
نجارا و قد عمل نبي الله موسي الكليم صلى الله عليه و سلم عشر سنين على
عفة بطنه و فرجه

و قد صح عن أبي هريرة أنه قال: إنكم تزعمون أن أبا هريرة يكثر
الحديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم والله الموعد إني كنت امرءا
مسكينا، ألزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على ملء بطني وكان المهاجرون يشغلهم الصفق بالأسواق وكانت الأنصار يشغلهم القيام على أموالهم فشهدت
من رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم وقال: من يبسط رداءه حتى أقضي
مقالتي، ثم يقبضه فلن ينسى شيئا سمعه مني فبسطت بردة كانت علي فو الذي بعثه
بالحق ما نسيت شيئا سمعته منه. متفق عليه

و في صحيح مسلم : عن حنظلة الأسيدى قال - وكان من كتاب رسول
الله -صلى الله عليه وسلم- قال - لقينى أبو بكر فقال كيف أنت يا حنظلة قال
قلت نافق حنظلة قال سبحان الله ما تقول قال قلت نكون عند رسول الله -صلى
الله عليه وسلم- يذكرنا بالنار والجنة حتى كأنا رأى عين فإذا خرجنا من عند
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عافسنا الأزواج والأولاد والضيعاتفنسينا
كثيرا قال أبو بكر فوالله إنا لنلقى مثل هذا. فانطلقت أنا وأبو بكر حتى
دخلنا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قلت نافق حنظلة يا رسول الله.
فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- « وما ذاك ». قلت يا رسول الله نكون
عندك تذكرنا بالنار والجنة حتى كأنا رأى عين فإذا خرجنا من عندك عافسنا
الأزواج والأولاد والضيعات نسينا كثيرا. فقال رسول الله -صلى الله عليه
وسلم- « والذى نفسى بيده إن لو تدومون على ما تكونون عندى وفى الذكر
لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفى طرقكم ولكن يا حنظلة ساعة وساعة ». ثلاث
مرات.

و لم يزل العلماء يثنون على عبد الرحمن بن عوف في عدم قبوله
هبة أخيه الأنصارى الذي عرض عليه اقتسام أهله و ماله معه روى البخاري في
صحيحه عن إبراهيم بن سعد عن أبيه عن جده قال : لما قدموا المدينة آخى رسول
الله صلى الله عليه و سلم بين عبد الرحمن ابن عوف وسعد بن الربيع قال لعبد
الرحمن إني أكثر الأنصار مالا فأقسم مالي نصفين ولي امرأتان فانظر أعجبهما
إليك فسمها لي أطلقها فإذا انقضت عدتها فتزوجتها . قال بارك الله لك في أهلك ومالك أين سوقكم ؟ فدلوه على سوق بني قينقاع فلما انقلب إلا ومعه فضل من أقط وسمن ثم تابع الغدو. الحديث.

و لا أعلم أن أحدا من أهل العلم قال أن الأولى له كان التفرغ
للعبادة وقبول عطية أخيه بل عدها العلماء له مكرمة كما كانت عطية أخيه
العظيمة له مكرمة و الله أعلم.

و روى عن عمر : لولا هذه البيوع صرتم عالة على الناس.

و في مصنف بن أبي شيبة قال:حدثنا وكيع (ثقة) قال : حدثنا محمد
بن شريك(ثقة) ، عن ابن أبي مليكة(ثقة فقيه) ، قال : قالت عائشة(أم
المؤمنين) : كان أبو بكر أتجر قريش.

و قال حدثنا وكيع ، قال : حدثنا يزيد ، عن ابن سيرين ، قال : نبئت أن أبا بكر كان أتجر قريش.

و قال :حدثنا وكيع (ثقة) عن حماد بن زيد(ثقة) ، عن أيوب(ثقة)
قال : كان أبو قلابة(ثقة فاضل من أئمة التابعين) يثني على الاحتراف والطلب ،
وقال أبو قلابة : الغنى من العافية.

و في شعب الإيمان عن عَلِيَّ بْنَ عَثَّامٍ، يَقُولُ: " مَا
أَحَبُّ إِلَيَّ يَكُونَ الْمُسْلِمُ مُحْتَرِفًا، إِنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا
احْتَاجَ أَوَّلَ مَا يَبْذُلُ دِينَهُ "

( على بن عثام بن على العامرى الكلابى من كبارالآخذين عن تبع
الأتباع الوفاة : 228 هـ مرتبته عند ابن حجر : ثقة فاضل مرتبته عند
الذهبـي : صدوق أديب فقيه صالح).

نعم ليس الاحتراف و التكسب مردا لذاته بل لأن الإنسان فطر على
احتياجات لا بد له منها منها الضروريات التي لا تقوم حياته بدونها و منها
الحاجات التي يشق عليه فقدها و منها التحسينيات التي يستعملها لراحته و
زينته و لو استغنى الإنسان عن الأخيرة فلا بد له من الأولى و الثانية و لو
ترك الثانية فهو لا يقدر على ترك الأولى و الشرع لم يقل لنا اتركوا الأعمال
و السعي و الكسب و تفرغوا للعبادة و ستمطر عليكم السماء الذهب و الفضة بل
جاء الشرع بالسعي و طلب الفضل من الله من وجهه الحلال الذي أمرنا به ونبذ
الحرام الذي نهانا عنه أسلفنا الأثار التي فيها أن خير الخلق كانوا يعملون و
يتكسبون و كما أسلفنا فالتكسب ليس فضيلة في ذاته بل هو الوسيلة الشرعية
التي أمرنا بها لتحقيق مطالبنا و احتياجاتنا فهو طاعة و عباده من هذا الوجه
و لا أعلم حديثا صح في فضل التكسب لذاته و إليك الآثار:

أخرج الطبراني وابن عدي والبيهقي في شعب الإِيمان والحكيم
الترمذي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
: « إن الله يحب العبد المؤمن المحترف » ضعفه الألباني و غير واحد من هل
العلم و قال السخاوي: له شواهد قلت (أبو يوسف): لم أعثر له على شواهد تصلح
للتقوية.

قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن سالم إلا عاصم بن عبيد
الله ولا يروى عن بن عمر إلا بهذا الإسناد تفرد به أبو الربيع السمان
(منزلته عند بن حجر: متروك و عند الذهبي :ضعيف)

و في مسند الشهاب: أخبرنا أحمد بن عبد العزيز بن ثرثال (ثقة)
ثنا أبو إسحاق محمد بن إبراهيم بن علي بن بطحاء ثنا محمد بن أحمد بن عبد
الله الزيات ثنا عبيد بن إسحاق ثنا قيس عن ليث عن مجاهد عن بن عمر قال قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن الله يحب المؤمن المحترف .(فيه من لم
أعرفهم)

و فيه: وأنا أبو سعد الصوفي أنا محمد بن علي بن عبد الله
الجرجاني الفقيه نا عمران بن موسى نا مجاشع نا شيبان بن أبي شيبة (صدوق) نا
الربيع : بإسناده إن الله يحب المؤمن المحترف.(فيه من لم أعرفهم)

و حديث "أفضل الأعمال الكسب من الحلال " ضعيف و "إن الله يحب أن يرى عبده تعبا في طلب الحلال"موضوع

و من كان له كفاية أو كفله بعض الأخيار و أختار التفرغ لأمر
الآخرة من العبادة و العلم أو غيرها من المصالح الخاصة و العامة و نحو ذلك
فبها و نعمت و هو بركة على من حوله روى الحاكم في المستدرك عن أنس بن مالك
قال : كان أخوان على عهد النبي صلى الله عليه و سلم فكان أحدهما يأتي النبي
صلى الله عليه و سلم و الآخر يحترف فشكا المحترف أخاه إلى النبي صلى الله
عليه و سلم فقال : لعلك ترزق به .

قال : هذا حديث صحيح على شرط مسلم و رواته عن آخرهم أثبات ثقات و لم يخرجاه و قال الذهبي: على شرط مسلم

أما ما قد يظنه البعض أن أشرف المنازل التخلي عن المال و ترك
التكسب و أن ذلك كمال التوكل فهذا مخالف لهدي السلف أخرج البخاري من حديث
جَابِرٍ، قَالَ: بَلَغَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ رَجُلاً مِنْ
أَصْحَابِهِ أَعْتَقَ غُلاَمًا عنْ دُبُرٍ، لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ
غَيْرَهُ، فَبَاعَهُ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ، ثُمَّ أَرْسَلَ بِثَمَنِهِ
إِلَيْهِ.

وأخرج الحكيم الترمذي عن معاوية بن قرة قال : مر عمر بن
الخطاب رضي الله عنه بقوم فقال : من أنتم؟ قالوا : المتوكلون ، فقال : أنتم
المتأكلون ، إنما المتوكل رجل ألقى حبه في بطن الأرض وتوكل على ربه .(لم
أعثر على سنده)

قال الغزالي في الإحياء:المقصود إصلاح القلب ليتجرد لذكر الله
ورب شخص يشغله وجود المال ورب شخص يشغله عدمه والمحذور ما يشغل عن الله عز
وجل وإلا فالدنيا في عينها غير محذورة لا وجودها ولا عدمها ولذلك بعث رسول
الله صلى الله عليه وسلم إلى أصناف الخلق وفيهم التجار والمحترفون وأهل
الحرف والصناعات فلم يأمر التجار بترك تجارته ولا المحترف بترك حرفته ولا
أمر التارك لهما بالاشتغال بهما بل دعا الكل إلى الله تعالى وأرشدهم إلى أن
فوزهم ونجاتهم في انصراف قلوبهم عن الدنيا إلى الله تعالى وعمدة الاشتغال
بالله عز وجل القلب.

و لا يظنن ظان أن سعي الرجل على نفسه و أهله ليس بالعمل
العظيم ففي مجمع الزوائد عن كعب بن عجرة قال : مر على النبي صلى الله عليه و
سلم فرأى أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم من جلده ونشاطه فقالوا : يا
رسول الله لو كان هذا في سبيل الله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم :

إن كان خرج يسعى على ولده صغارا فهو في سبيل الله وإن كان خرج
يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله وإن كان خرج يسعى على نفسه
يعفها فهو في سبيل الله وإن كان خرج يسعى رياء ومفاخرة فهو في سبيل الشيطان

قال الهيثمي :رواه الطبراني في الثلاثة ورجال الكبير رجال الصحيح

و قال صلى الله عليه و سلم :"كفى بالمرء إثما أن يضيع من
يعول" و كل نفقة ينفقها المرء على نفسه و أهله يحتسبها فهي له صدقه قال
صلى الله عليه و سلم :" " يا أيها الناس ابتاعوا أنفسكم من الله من مال
الله ، فإن بخل أحدكم أن يعطي ماله للناس فليبدأ بنفسه ، و ليتصدق على نفسه
فليأكل و ليكتس مما رزقه الله عز وجل "صححه الألباني.

و أفضل دينار ينفقه المرء هو الذي ينفقه على أهله قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :« أَفْضَلُ دِينَارٍ يُنْفِقُهُ
الرَّجُلُ دِينَارٌ يُنْفِقُهُ عَلَى عِيَالِهِ دِينَارٌ يُنْفِقُهُ
الرَّجُلُ عَلَى دَابَّتِهِ فِى سَبِيلِ اللَّهِ دِينَارٌ يُنْفِقُهُ
الرَّجُلُ عَلَى أَصْحَابِهِ فِى سَبِيلِ اللَّهِ ». قَالَ أَبُو قِلاَبَةَ
: وَبَدَأَ بِالْعِيَالِ فَأَىُّ رَجُلٍ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنْ رَجُلٍ
يُنْفِقُ عَلَى عِيَالٍ صِغَارٍ يَقُوتُهُمُ اللَّهُ وَيَنْفَعُهُمْ بِهِ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِى الصَّحِيحِ عَنْ أَبِى الرَّبِيعِ و قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :« دِينَارٌ أَعْطَيْتَهُ مِسْكِينًا
وَدِينَارٌ أَعْطَيْتَهُ فِى رَقَبَةٍ وَدِينَارٌ أَعْطَيْتَهُ فِى سَبِيلِ
اللَّهِ وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ قَالَ الدِّينَارُ
الَّذِى أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ أَعْظَمُ أَجْرًا ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ
فِى الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ الثَّوْرِىِّ.

قال العلماء: المحترف الذي يحتاج إلى الكسب لعياله فليس له أن
يضيع العيال ويستغرق الأوقات في العبادات بل ورده في وقت الصناعة حضور
السوق والاشتغال بالكسب ولكن ينبغي أن لا ينسى ذكر الله تعالى في صناعته بل
يواظب على التسبيحات الأذكار وقراءة القرآن فإن ذلك يمكن أن يجمع إلى
العمل وإنما لا يتيسر مع العمل الصلاة إلا أن يكون ناظورا فإنه لا يعجز عن
إقامة أوراد الصلاة معه ثم مهما فرغ من كفايته ينبغي أن يعود إلى ترتيب
الأوراد .

و يجدر بالذكر هنا الإشارة إلى أن أفضل النفقة على الأقرب ثم
الأقرب قال صلى الله عليه و سلم : "أمك و أباك ثم أختك و أخاك ثم أدناك
أدناك" و قال صلى الله عليه و سلم لمَيْمُونَةَ أم المؤمنين لما أعتقت
وليدة : "وَلَوْ وَصَلْتِ بَعْضَ أَخْوالِكِ كَانَ أَعْظَمَ لأَجْرِكِ
.أخرجه البخاري

و هناك أحاديث كثيرة في هذا المعنى ليس هذا موطن ذكرها.



*** " وكلوا من رزقه ":


قال في التحرير: ومناسبة (وكلوا من رزقه) أن الرزق من الأرض
والأمر مستعمل في الإدامة أيضا للامتنان وبذلك تمت استعارة الذلول للأرض
لأن فائدة تذليل الذلول ركوبها والأكل منها فالمشي على الأرض شبيه بركوب
الذلول والأكل مما تنبته الأرض شبيه بأكل الألبان والسمن وأكل العجول
والخرفان ونحو ذلك .



*** و في الآية إشارة لطيفة فالله سبحانه يقول لعبادة لقد
ذللت لكم الأرض و لم يكن لكم أبدا أن تسخروها و أودعت لكم فيها أرزاقكم و
الطيبات و ليس عليكم إلا مجرد السعي و الاكتساب فاسعوا و كلوا من رزق الله و
تمتعوا بالطيبات .

فالله سبحانه خلق لنا المطاعم الكثيرة و المشارب المختلفة و
الطيبات المتنوعة و لو اجتمع الأنس و الجن على خلق ذبابة لم و لن يقدروا و
لم يكلفنا إلا مجرد السعي و قد قدر لنا الأرزاق.

و بالمثال تتضح الأمور فكأن هناك ملكا عظيما خلق دارا كبيرة
جدا تسع الخلق كلهم و تزيد ثم أودعها من المطاعم و المشارب و المنافع الشيء
الكثير التي لم يكن لأحدهم بها علم و لا قدرة على إيجادها و قال للخلق
اسكنوها و ليس عليكم إلا تحصيل الطيبات

و اشكروا فضلي عليكم و لكم المزيد.

قال سبحانه "ربكم الذي يزجي لكم الفلك في البحر لتبتغوا من
فضله إنه كان بكم رحيما" فهو الذي خلق لكم الطيبات و هو الذي يسير لكم
السفن في البحر لتنالوا من البعيد الذي لا تصلون إليه فتأمل في هذا رحمة
الله في خلق المنافع و إيصال البعيد و احمد الله .



*** و لا يفوت هنا أيضا الإشارة إلى أن تنوع المطاعم و
المشارب وكثرتها لذتها و إلا كان من الممكن أن يخلق للإنسان طعام واحد و
شراب واحد و كفى و سيكون ذلك نعمة و منه و لكن الله الكريم أعطانا في
الدنيا الكثير و للمؤمنين في الآخرة أكثر اللهم أجعلنا منهم.



*** " وَإِلَيْهِ النشور":


أى البعث و الإحياء بعد الموت ومناسبة ذكر النشور هو ذكر خلق الأرض فإن البعث يكون من الأرض وهو بمثابة التذييل للآية .



*** الإنسان ينشغل بسعيه و رزقه فلا يرى إلا ما تدركه حواسه و
يغفل عن حقيقة أمره و الله سبحانه يعلمه القواعد التي يسير عليها لينال
سعادة الدنيا و الآخرة و لا يشقى و يخزى فالله هو الذي أودع له تلك الطيبات
منة منه و رحمة و طلب منه السعي و لكن عليه أن يتذكر في سعيه أمور :

الأول: أن هذه النعمة من الله فليحمده و ليعلم له فضله و لا ينسب الفضل لنفسه و لا يكفر و يجحد هذه النعمة العظيمة.

الثاني: أن لا ينشغل بكسبه هذا عن خالقه.

الثالث: أن الدنيا زائلة و كل ما حوله و ما يسعى و يكد و يحرق
قلبه في طلبه زائل و أنه راجع إلى الله فليحذر المخالفة و الركون إلى
الدنيا .

الرابع: تأمل في تقديم المجرور في جملة ( وإليه النشور ) فالمرجع و النهاية لله وحده فالله هو الغاية و إليه المنتهى.

الخامس : أنه مجزى بما اقترفت يداه في سعيه و كسبه فالأرزاق و
الأقوات التي في الأرض لم يترك الخلق ليحصلوا عليها بأي سعي بل هم محاسبون
إن خالفوا أوامر الله سبحانه في سعيهم فظلموا و بغوا و نحو ذلك.



*** الفوائد العملية في الآية:

1 – تدبر مظاهر ذلولية الأرض و التأمل في قدرة الله و منته في
تذليل الأرض الواسعة العظيمة للإنسان الضعيف الصغير و كذا تسخير ما في
السماوات و التنبه إلى أن ليس للإنسان بذلك طاقة البتة فهي نعمة عظيمة لا
يلتفت لها الكثيرون و لا يحسبونها من النعم و كذا تسخير السماوات و غيرها
من النعم التي إن سألت أحدا أن يحصي نعم الله لم تخطر بباله فسبحان الذي
خلق فأوسع.

2 – التأمل في مقدار الضعف البشري و عظمة المنة و الفضل الإلهي.

3 – الأرض لما ذللها الله ذلت أوليس الإنسان أحق منها بالذل لخالقه؟

4 – ما يغتر به الناس من التقدم و الاختراعات الحديثة إنما هو
بنعم الله و ما أودعه في الأرض من خير و علمه للإنسان من علم و وهبه من
عقل و هيأ له من أمان و ظروف ملائمة و لولا ذلك لما وصل لشيء و أن كل ما
بلغه هو فقط الاستفادة من الخيرات التي وضعها الله له في الأرض أما مفرده
أو بتجميعها و الاستفادة من السنن الكونية و العلم يقود الإنسان لمعرفة
عظمة خالقه و قدرته و من تعلم و تدبر علم أننا ذرة أو أقل في كون الله و أن
علم الله و قدرته و عظمته فوق إدراكنا.

و هنا لطيفة أن الإنسان لكي يتعلم العلم الشرعي و يتعبد يحتاج
لظروف مهيأة و إلا فلو سُلط عليه كد الدنيا و ابتلى بما يشغله و لا بد له
منه لما استطاع أن يصل في العلم و العمل إلى الغاية و الله أعلم قال تعالى
"و كذلك مكنا ليوسف في الأرض و لنعلمه من تأويل الأحاديث و الله غالب على
أمره و لكن أكثر الناس لا يعلمون" و الذي هيأ للبشر ظروف الحياة و ذلل لهم
الأرض حتى أبدعوا ووصلوا للتقدم العلمي الحالي رحمة منه بهم يُرجى منه أن
ييسر الأحوال و يسخر الظروف لعباده الصالحين ليتعلموا و يتعبدوا و النبي
صلى الله عليه و سلم قال للرجل الذي ينفق على أخاه العابد" لعلك ترزق به "
فصدق الرغبة و سلوك سبيل الطاعة من أسباب الرزق و العافية و الله أعلم.

5 – السعي لمن أحتاج إليه لا يناقض الكمال و لا التوكل بل هو
من الطاعات فلا يبتئس الإنسان بأنه يشغله أحيانا قهرا عن علمه أو عبادته
فهو أمر قرآني و من سنن المرسلين و عمل صالح و هو لا يراد لذاته بل هو
السبيل الشرعي للحصول على حاجات الإنسان و الإنسان لا ينفك عن حاجات و
السعي مفاخرة و مراءاة محرم و من أسباب الرزق كفالة العباد أو المتعلمين و
كل نفقة ينفقها المرء على نفسه أو أهله يحتسبها فهي في صدقة و خير الدراهم
درهم أنفقه على أهله و يراعى في النفقة الأقرب فالأقرب.

6 – نعمة الله في خلقه ان أودع لهم أرزاقهم و الطيبات في
الأرض ثم كلفهم مجرد السعي الحلال لتحصيل تلك النعم و الخيرات فالله أودع
الأرض خيراتها و أقواتها التي تكفي خلقه و تفيض و إنما بن آدم هو الذي يجمع
و يمنع و يظلم و يبغي.

7 – الدنيا زائلة فلا يركن إليها و إلى الله المنتهى و إليه المرجع و كلٌٌ محاسب بما كسب في سعيه و معاشه.

8 – النعمة في تنوع و كثرة المطاعم و المشارب و الطيبات.

_______محمدشوقى__________
إلهي ♡
كم تعصف بي رياح الفتن والمصائب فأجدني كالشريد الحائر.. لكن رحمتك الواسعة ما أسرع أن تأخذ بيدي إلى دوحة الإيمان فلك الحمد على لطفك وكرمك ..
Admin
Admin
الشيخ محمدشوقى المدير العام

عدد المساهمات : 7494
نقاط : 25556
تاريخ التسجيل : 16/08/2011
العمر : 52
الموقع : https://www.facebook.com/profile.php?id=100001995123161

https://qqqq.forumegypt.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى