بحـث
الشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المواضيع الأخيرة
نوفمبر 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | |||||
3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 |
10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 |
17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 |
24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
الحمدلله على نعمة الاسلام
ايها الاخوه الدعاه الى الله وكذا جميع الزائرين والزائرات مرحبا بكم واهلا نتمنى من الله ان نكون عند حسن ظنكم جميا والله الموفق الى الخير وهو حسبنا ونعم الوكيلالشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 4 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 4 زائر لا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 76 بتاريخ الأربعاء 30 أكتوبر 2024, 11:01 pm
مواقف إيمانية في الصبر على البلاء 1
صفحة 1 من اصل 1
مواقف إيمانية في الصبر على البلاء 1
عناصر الموضوع
1 قراءة أنواع الصبر وحاجة الإنسان إليه
2 قراءة تعريف الصبر وذكر مراتبه
منزلة الرضا ومحلها من الصبر
الفرق بين الرضا والصبر
3 قراءة فضل الصبر
فضل الصبر في القرآن الكريم
فضل الصبر في السنة النبوية
4 قراءة آثار عن السلف الصالح في الصبر والرضا
5 قراءة بعض الدوافع والأسباب التي تعين على الصبر والرضا
6 قراءة مواقف إيمانية في الصبر على البلاء والرضا بمر القضاء
موقف أيوب عليه السلام في الصبر على البلاء والرضا بالقضاء
موقف أم سليم الأنصارية في الصبر والرضا
موقف رجل صالح مع ملك ظالم في الصبر والرضا
موقف أبي عبيدة بن الجراح في الصبر والرضا
موقف عروة بن الزبير في الصبر والرضا
موقف الخنساء رضي الله عنها في الصبر والرضا
موقف سعد بن أبي وقاص في الصبر والرضا
موقف رجل أنصاري في الصبر والرضا
موقف عمر بن عبد العزيز في الصبر والرضا
موقف صفية بنت عبد المطلب في الصبر والرضا
موقف أسماء بنت أبي بكر في الصبر والرضا
موقف معاذة العدوية في الصبر والرضا
موقف امرأة عربية في الصبر والرضا
موقف إبراهيم الحربي في الصبر والرضا
موقف أم عقيل الأعرابية في الصبر والرضا
مواقف إيمانية في الصبر على البلاء
الصبر ضياء للمسلم في حياته، وأعلى منه رتبة الرضا بقضاء الله عز وجل وقدره، وقد ضرب في ذلك الأنبياء والصالحون أروع الأمثلة، وعلى رأسهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وكذلك أيوب عليه السلام، فعلى المرء المسلم أن يتحلى بالصبر والرضا حتى ينال الدرجات العلى.
أنواع الصبر وحاجة الإنسان إليه
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده رسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم. أما بعد: فلما كانت الدنيا دار بلاء والآخرة دار جزاء لا يسلم المؤمن في الدنيا من المصائب والرزايا والبلايا، قال بعضهم: المرء رهن مصائب لا تنقضي حتى يوسد جسمه في رمسه فمؤجل يلقى الردى في غيره ومعجل يلقى الردى في نفسه ونحن في أزمنة متأخرة حرم فيها المسلمون من التحاكم إلى شريعة ربهم عز وجل، ونكست فيها أعلام العلم والدين، وصار الدعاة إلى الله عز وجل والملتزمين بشرع الله عز وجل محاربين مضطهدين، وارتفعت أعلام الفتن، وكثرت الشبهات والمحن، وصار القابض على دينه كالقابض على الجمر، فما أحوجنا إلى تعلم الصبر والعمل به، فإن الصبر ثلاثة أنواع: صبر على الطاعات حتى يؤديها. وصبر على المعاصي حتى لا يقع فيها. وصبر على الأقدار المؤلمة التي تخالف هوى النفس. وهذه الأنواع الثلاثة حاجتنا إليها في هذا الليل الحالك أكثر من حاجتنا إلى الطعام والشراب. اللهم إنا نسألك الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد. ......
تعريف الصبر وذكر مراتبه
معنى الصبر: الصبر لغة: هو المنع والحبس. وشرعاً هو: حبس النفس عن الجزع، واللسان عن التشكي، والجوارح عن لطم الخدود وشق الجيوب.. ونحو ذلك. وقيل: هو خلق فاضل من أخلاق النفس، يمتنع به عن فعل ما لا يحسن ولا يجمل، وهو قوة من قوى النفس التي بها صلاح شأنها، وقوام أمرها. وقال بضعهم: هو التباعد عن المخالفات، والسكون عند تجرع غصص البلية، وإظهار الغنى مع حلول الفقر بساحات المعيشة. وقال آخر: هو الوقوف مع البلاء بحسن الأدب. وقال آخر: هو الغنى في البلوى بلا ظهور شكوى. وقال آخر: تجرع المرارة من غير تعبس. والنفس لها قوتان: قوة إقدام وقوة إحجام. فحقيقة الصبر أن يجعل قوة الإقدام مصروفة إلى ما ينفعه، وقوة الإحجام إمساكاً عما يضره. وقيل: الصبر شجاعة النفس. ومن هنا أخذ القائل قوله: الشجاعة صبر ساعة. والصبر والجزع ضدان، كما أخبر تعالى عن أهل النار أنهم يقولون: سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ [إبراهيم:21]. فهذا تعريف الصبر. ......
منزلة الرضا ومحلها من الصبر
أما الرضا فهو: انشراح الصدر وسعته بالقضاء. يعني: أن الرضا درجة أعلى من درجة الصبر، فالصبر: المنع والحبس، منع النفس عن الجزع واللسان عن التشكي والجوارح عن لطم الخدود، وشق الجيوب .. ونحو ذلك. أما الرضا فهو: انشراح الصدر، وسعته بالقضاء، وترك تمني زوال الألم. يعني: أن الإنسان لو أصيب ببلاء فهو لا يتمنى زوال هذا البلاء؛ لما يرجو من ثوابه عند الله عز وجل، فهو لو خير بين أن الذي ذهب منه يعود إليه وبين ألا يعود لاختار ألا يعود، فلو مات له ولد أو فقد ماله أو فقد سمعه أو بصره فإن طمعه في ثواب الله، ومحبته لقضاء الله عز وجل وقدره تجعله لا يتمنى غير ما كان، فهو يرضى بقدر الله عز وجل، ويطمع في الثواب، وتطمئن نفسه إلى قضاء الله عز وجل وقدره. فالرضا هو: انشراح الصدر وسعته بالقضاء، وترك تمني زوال الألم، وإن وجد الإحساس بالألم، لكن الرضا يخففه بما يباشر القلب من روح اليقين والمعرفة. وإذا وجد الرضا فقد يزيل الإحساس بالألم بالكلية، فللعبد فيما يكره درجات: درجة الرضا ودرجة الصبر. فالرضا فضل مندوب إليه، والصبر واجب على المؤمن حتماً. وأهل الرضا تارة يلاحظون المبتلي وخيره لعبده في البلاء، وأنه غير متهم في قضائه. وتارة يلاحظون عظمة المبتلي وجلاله وكماله، فيستغرقون في مشاهدة ذلك؛ حتى لا يشعرون بالألم، وهذا يصل إليه أهل المعرفة والمحبة، حتى ربما تلذذوا بما أصابهم؛ لملاحظتهم صدوره من حبيبهم.
أعلى الصفحة
الفرق بين الرضا والصبر
والفرق بين الرضا والصبر: أن الصبر حبس النفس وكفها عن السخط مع وجود الألم وتمني زواله، وكف الجوارح عن العمل بمقتضى الجزع. والرضا يوافق الصبر في حبس النفس وكف الجوارح، ويزيد عليه عدم تمني زوال الألم. ففرح العبد بالثواب وحبه لله عز وجل وانشراح صدره بقضائه يجعله لا يتمنى زوال الألم. قال شيخ الإسلام : ولم يجئ الأمر به -أي الرضا- كما جاء الأمر بالصبر، وإنما جاء الثناء على أصحابه ومدحهم. قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ذاق طعم الإيمان من رضي بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد -صلى الله عليه وسلم- رسولاً). وقال صلى الله عليه وسلم: (من قال حين يسمع النداء: رضيت بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد رسولاً، غفرت ذنوبه). فالرضا لم يوجبه الله عز وجل على خلقه، ولكن ندبهم إليه، وأثنى على أهله، وأخبر أن ثوابه رضاه عنهم، الذي هو أعظم وأكبر وأجل من الجنان وما فيها، فمن رضي عن ربه رضي الله عنه، بل رضا العبد عن الله من نتائج رضا الله عز وجل عنه؛ يعني: كما أن توبة العبد تكون نتيجة لتوبة سابقة من الله عز وجل -توبة إذن وتوفيق- ويعقبها توبة قبول وإثابة، فكذلك الرضا. فالله عز وجل يرضى عنه فيرزقه الرضا، ثم يرضى عنه رضا قبول وإثابة، فالله عز وجل هو الأول والآخر. فرضا العبد عن الله من نتائج رضا الله عنه، فهو محفوف بنوعين من رضاه على عبده، رضا قبله أوجب له أن يرضى، ورضا بعده هو ثمرة رضاه عنه، ولذلك كان الرضا باب الله الأعظم، وجنة الدنيا، ومستراح العارفين، وحياة المحبين، ونعيم العابدين، وقرة عيون المشتاقين، نسأل الله أن يقسم لنا من رضاه ما يبلغنا به غاية المنى، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
أعلى الصفحة
فضل الصبر
فضيلة الصبر: وردت آيات كثيرة وأحاديث نبوية شريفة تبين فضيلة هذه العبادة: ......
فضل الصبر في القرآن الكريم
من ذلك: قوله عز وجل: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ [البقرة:155-157]. والمصيبة هي كل ما يؤذي الإنسان ويصيبه، وكان عمر رضي الله عنه يقول: نعم العدلان ونعمت العلاوة للصابرين. يعني بالعدلين: الصلاة والرحمة، والعدلان: ما يوضعان فوق سنام البعير، والعلاوة: الزيادة على العدلين التي توضع فوق سنام البعير. فالصابرون هنا يبشرون بثلاثة أمور: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ [البقرة:155-157]. وهما العدلان: وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ [البقرة:157] وهذه العلاوة. وقال تعالى: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ [الزمر:10]. وفاز الصابرون بمعية الله عز وجل، قال تعالى: وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [الأنفال:46]. وجعل سبحانه الإمامة في الدين منوطة بالصبر واليقين، فقال تعالى -وبقوله اهتدى المهتدون-: وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ [السجدة:24]. وقال تعالى: وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ [النحل:126]. وقال تعالى: وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ [آل عمران:120]. وعلق الفلاح بالصبر والتقوى، فقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [آل عمران:200]. وأخبر عن محبته للصابرين فقال: وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ [آل عمران:146]. ولا يفوز بجنة الله عز وجل إلا الصابرون، قال تعالى: إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ [المؤمنون:111]. نسأل الله تعالى أن يفتح علينا في الدين، وأن يجعلنا من الصابرين الشاكرين.
أعلى الصفحة
فضل الصبر في السنة النبوية
أما أدلة السنة على فضل الصبر والصابرين، فمنها: قوله صلى الله عليه وسلم: (ومن يتصبر يصبره الله، وما أعطي أحد عطاءً خيراً وأوسع من الصبر). وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من يرد الله به خيراً يصب منه). وأنتم تجدون أصحاب الدنيا والشهوات والمال والجاه والسلطان عندهم الصحة والعافية والمال والجاه، فيستعينون بذلك على المعاصي فيزدادون غياً وتمادياً، وتجدون أهل الإيمان غالباً عندهم الأمراض والفقر والأوجاع، فليس إعطاء الدنيا دليلاً على محبة الله عز وجل، بل قال الله تعالى: سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ [القلم:44]. قال بعض السلف: يعطيهم النعم ويمنعهم الشكر. وقال بعضهم: كلما أحدثوا ذنباً أحدث لهم نعمة. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته). وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من مصيبة تصيب المؤمن إلا كفر الله بها عنه حتى الشوكة يشاكها). وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحاً). وعن عطاء بن أبي رباح قال: قال لي ابن عباس رضي الله عنهما: (ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ فقلت: بلى. قال: هذه المرأة السوداء، أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إني أصرع، وإني أتكشف، فادع الله لي. فقال: إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك، فقالت: أصبر، لكن ادع الله لي ألا أتكشف، فدعا لها). فأخبرها النبي صلى الله عليه وسلم أن صبرها على هذا المرض يوجب لها الجنة، وأنها إذا صبرت عليه تدخل الجنة، وإن شاءت أن يدعو لها فسيدعو لها، فاختارت الصبر: ثم قالت: إني أتكشف، فادع الله لي ألا أتكشف، فدعا لها صلى الله عليه وسلم. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يقول الله عز وجل: ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة). وقال أنس بن مالك رضي الله عنه سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الله قال: إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه -يعني: عينيه- فصبر عوضته منهما الجنة). فبين أن جزاء الصبر على هذه المصيبة الجنة؛ لأنها مصيبة عظيمة، فمن ابتلي بهذا البلاء فجزاؤه الجنة إذا صبر. وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم آجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها، إلا أخلف الله له خيراً منها). وهذا إنما يكون عند الصدمة الأولى، كما في الحديث: (إنما الصبر عند الصدمة الأولى)، يعني: محك الصبر الحقيقي عند الصدمة الأولى؛ لأن الإنسان يسلم بقضاء الله بعد ذلك، وإنما يفعل الصابر في بداية المصيبة ما يفعله الجاهل بعد أيام. فقدر الله عز وجل واقع مثل السيف، فالصبر الحقيقي أن الإنسان يصبر عند نزول البلاء. والناس بعد ذلك يسلمون، فمن لم يصبر صبر الكرام سلا سلو البهائم، فكما أن البهائم تكون مستسلمة لقضاء الله عز وجل وقدره ولما هي فيه، فالناس بعد ذلك يستسلمون، ولكن الصبر الحقيقي الذي يثاب عليه المرء إنما يكون عند الصدمة الأولى. قالت أم سلمة : (فلما مات أبو سلمة قلت: أي المسلمين خير من أبي سلمة ؟ ثم أني قلتها، فأخلف الله لي رسوله صلى الله عليه وسلم).
أعلى الصفحة
آثار عن السلف الصالح في الصبر والرضا
آثار عن السلف الصالح رضي الله عنهم في الصبر والرضا: قال سفيان بن عيينة في قوله تعالى: وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ [السجدة:24] قال: لما أخذوا برأس الأمر جعلناهم رءوساً. وقال عمر بن عبد العزيز : ما أنعم الله على عبد نعمة فانتزعها منه فعاضه مكانها الصبر إلا كان ما عوضه خيراً مما انتزعه. وقال يونس بن زيد سألت ربيعة بن أبي عبد الرحمن -ربيعة الرأي شيخ الإمام مالك - : ما منتهى الصبر؟ قال: أن يكون يوم أن تصيبه المصيبة مثل قبل أن تصيبه. وقال فضيل بن عياض في قوله تعالى: سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ [الرعد:24]. قال: صبروا على ما أمروا به، وصبروا عما نهوا عنه. وقالوا: الحيلة فيما لا حيلة فيه الصبر. وقالوا: من لم يصبر على القضاء فليس لحمقه دواء. وقال أبو الدرداء رضي الله عنه: إن الله عز وجل إذا قضى قضاءً أحب أن يُرضى به. وقال أبو عبد الله البراثي : من وهب له الرضا فقد بلغ أقصى الدرجات. وقالت رابعة : إن الله عز وجل إذا قضى لأوليائه قضاءً لم يتسخطوا. وقتل لبعض الصالحين ولد في سبيل الله عز وجل فقيل له: أتبكي وقد استشهد؟ فقال: إنما أبكي كيف كان رضاه عن الله عز وجل حين أخذته السيوف. وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: إن الله تعالى بقسطه وعلمه جعل الروح والفرح في اليقين والرضا، وجعل الهم والحزن في الشك والسخط. وقال علقمة في قوله تعالى: وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ [التغابن:11] : هي المصيبة تصيب الرجل فيعلم أنها من عند الله فيسلم لها ويرضى. وقال أبو معاوية الأسود في قوله تعالى: فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً [النحل:97] قال: الرضا والقناعة، يعني: أن هذه الحياة الطيبة هي الرضا والقناعة. ونظر علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى عدي بن حاتم كئيباً فقال: يا عدي ! من رضي بقضاء الله جرى عليه وكان له أجر، ومن لم يرض بقضاء الله جرى عليه وحبط عمله. وقال عمر بن عبد العزيز : ما بقي لي سرور إلا في مواقع القدر. وقيل له: ما تشتهي؟ قال ما يقضي الله عز وجل. وقال الحسن : من رضي بما قسم له وسعه وبارك الله له فيه، ومن لم يرض لم يسعه ولم يبارك له فيه. وقال بعضهم: من لم يرض بالقضاء فليس لحمقه دواء. وأصبح أعرابي وقد ماتت له أباعر كثيرة، فقال: لا والذي أنا عبد في عبادته لولا شماتة أعداء ذوي أحن ما سرني أن إبلي في مباركها وأن شيئاً قضاه الله لم يكن وقال حفص بن حميد: كنت عند عبد الله بن المبارك بالكوفة حين ماتت امرأته، فسألته: ما الرضا؟ قال: الرضا ألا يتمنى خلاف حاله. يعني: أن الإنسان لا يأسف على شيء فاته أو يتمنى أن يكون على غير ما هو فيه، فقال: الرضا: ألا يتمنى خلاف حاله. فجاء أبو بكر بن عياش فعزى ابن المبارك ، قال حفص : ولم أعرفه. فقال عبد الله : سله عما كنا فيه، فسألته فقال: من لم يتكلم بغير الرضا فهو راض. يعني: أن الإنسان الذي كلامه كله فيه استسلام وقبول لقضاء الله عز وجل فهو راض. قال حفص : وسألت الفضيل بن عياض فقال: ذاك للخواص. قال قادم الديلمي العابد: قلت للفضيل بن عياض : من الراضي عن الله؟ قال الذي لا يحب أن يكون على غير منزلته التي جعل فيها. ونحن عندما نذكر أمثلة في الصبر والرضا نذكر ذلك من أجل أن تعرفوا حقيقة الرضا، وكيف أن الإنسان لا يختار إلا ما اختاره الله عز وجل له وإن كان هو من المصائب. وقال أبو عبد الله البراثي : لم ير أرفع درجات من الراضين عن الله عز وجل على كل حال. ......
بعض الدوافع والأسباب التي تعين على الصبر والرضا
وقبل أن نشرع في المواقف الإيمانية في الرضا والصبر نتكلم عن بعض الدوافع التي تعين على الصبر والرضا، وهذه الدوافع لا شك أنها تعين على مثل هذه المواقف الإيمانية؛ لأن المواقف الإيمانية تكون نتيجة لغلبة الإيمان على قلب العبد وإيثار العبد لمراد الله عز وجل، ومحبته لدين الله عز وجل. فالذي يدفع إلى مثل هذه المواقف الإيمانية قوة الإيمان وقوة الأحوال الإيمانية، فهذه الدوافع تعين على الصبر والرضا. فلا شك في أن الصبر مقاماً رفيعاً، وطاعة يحبها الله عز وجل، ويحب أهلها، كما قال تعالى: وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ [آل عمران:146]. فقد جعل الله ثواب الصبر بغير حساب، كما قال تعالى: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ [الزمر:10]. والصبر واجب حتماً، أما الرضا فهو أعلى رتبة منه، وجزاؤه رضا الله عز وجل الذي هو أكبر من جنة الله عز وجل، فما هي الدوافع والأسباب التي تعين على الصبر والرضا؟ والجواب: أولاً: أن يتدبر العبد ما سبق من آيات كريمات، وأحاديث نبوية في فضل الصبر والرضا، فيعلم العبد فضل الصبر والرضا من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية. ثانياً: أن يدرس المواقف الإيمانية، كالصبر على البلاء والرضا بأمور القضاء؛ فإنه مما يعينه على الصبر؛ لأنها رايات مرفوعة على طريق الإيمان، فيتأسى بأصحاب هذه المواقف المؤمنون الصادقون، وينسج على منوالهم العباد الصالحون. ومن ذلك أن يعلم أن القدر سبق بذلك، قال عز وجل: مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا [الحديد:22]. يعني: أن الله عز وجل جعل لنا ملائكة تحفظنا، قال الله عز وجل: لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ [الرعد:11]. وهذه الملائكة لا تحفظه من أن ينفذ فيه أمر الله، بل هذه الملائكة من أمر الله: قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ [الأنبياء:42]. فكل إنسان منا تعرض خلال حياته لمواطن كثيرة جدة كاد أن يهلك فيها، ولكن الله عز وجل يحفظه. فالملائكة التي تحفظ العبد وتكلؤه بالليل والنهار تتخلى عنه إذا جاء أمر قدره الله عز وجل له، فإذا جاء القدر تخلوا عنه. فالإنسان إذا أصيب ببلاء فليتذكر أن هذا البلاء مكتوب في اللوح المحفوظ، وأن الله عز وجل شاءه، وأنه لابد أن يكون؛ والمعنى: أن المصائب مقدرة، لا أنها وقعت على وجه الاتفاق كما يقول الطبائعيون، ولا أنها عبث، بل هي صادرة عمن صدرت عنه محكمات الأمور. فالله عز وجل قدرها، فلابد أن فيها حكمة، يقول بعض السلف: إذا وقعت ذبابة على يدك فاعلم أنها وقعت بقدر ولحكمة. فكل أمر لحكمة؛ لأن مدبر هذه الأمور هو الحكيم الخبير، فالله عز وجل يدبر أمر ملكه كيف يشاء، فالأمور لا تأتي كما يقول الطبائعيون اتفاقاً، ولكنها بقدر وبحكمة، بل هي صادرة عمن صدرت عنه محكمات الأمور، ومتقنات الأعمال، وإذا كانت صادرة عن الحكيم فهو لا يعبث، فهي إما لزجر عن فساد أو لتحصيل الأجر أو لعقوبة على ذنب. رابعاً: العلم بأن الدنيا دار الابتلاء والكرب، لا يرجى منها راحة. وما استغربت عيني فراقاً رأيته ولا أعلمتني غير ما القلب عالمه فالإنسان لا يستغرب أي بلاء؛ لأن الدنيا أصلاً دار كدر، لذلك جرى القدر، ويا عجباً ممن يده في سلة الأفاعي كيف ينكر اللسع! فالإنسان لا يستغرب أن يصاب ببلاء؛ لأن الدنيا دار امتحان ودار بلاء. خامساً: أن يقدر وجود ما هو أكبر من تلك المصيبة، كمن له ولدان ذهب أحدهما؛ فقد كان يمكن أن يذهب الاثنان، فقد تذهب أسر بكاملها في حوادث، نسأل الله العافية، فالإنسان يقدر أن المصيبة كانت أكثر من ذلك. سادساً: النظر في حال من ابتلي بمثل هذا البلاء، فإن التأسي راحة عظيمة، قالت الخنساء : ولولا كثرة الباكين حولي على إخوانهم لقتلت نفسي وما يبكون مثل أخي ولكـن أعزي النفس عنه بالتأسي وهذا المعنى قد حرم الله عز وجل منه أهل النار، كما قال عز وجل: وَلَنْ يَنفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ [الزخرف:39] يعني: يحرم أهل النار من التأسي. فيقولون: المصيبة إذا عمت هانت، يقال: فلان أصيب بكذا، وفلان بكذا، فيتسلى الناس بعضهم ببعض. ولكن أهل النار يظن كل إنسان منهم أنه محبوس وحده، وأنه لم يبق في النار سواه. سابعاً: أن يتذكر نعم الله عز وجل عليه، قال تعالى: وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا [إبراهيم:34]. يعني: أن الإنسان بدل ما يفكر في المصائب التي تصيبه يتذكر نعم الله عز وجل عليه. ثامناً: أن العبد إذا صبر واحتسب فإن الله يعوضه ولا يخيبه. من كل شيء إذا ضيعته عوض وما من الله إن ضيعت من عوض تاسعاً: أن الجزع لا يرد المصيبة، بل يضاعفها، ......
مواقف إيمانية في الصبر على البلاء والرضا بمر القضاء
مواقف إيمانية في الصبر على البلاء والرضا بمر القضاء: ......
موقف أيوب عليه السلام في الصبر على البلاء والرضا بالقضاء
وأولى الناس بالذكر في هذا الباب هو أيوب عليه السلام؛ لأنه الذي يضرب به المثل في الصبر. قال ابن كثير رحمه الله: قال علماء التفسير والتاريخ وغيرهم: كان أيوب رجلاً كثير المال من سائر صنوفه وأنواعه من الأنعام والعبيد والمواشي والأراضي المتسعة من أرض حوران، وحكى ابن عساكر أنها كانت كلها له، وكان له أولاد وأهلون كثير، فسلب منه ذلك جميعه، وابتلي في جسده بأنواع من البلاء، ولم يبق منه عضو سليم سوى قلبه ولسانه يذكر الله عز وجل بهما، وهو في ذلك كله صابر محتسب ذاكر لله عز وجل في ليلة ونهاره وصبحه ومسائه. وطال مرضه حتى عافه الجليس واستوحش منه الأنيس، وأخرج من بلده وألقي على مزبلة خارجها، وانقطع عنه الناس ولم يبق أحد يحنو عليه سوى زوجته، كانت ترعى له حقه وتعرف قديم إحسانه إليها، وشفقته عليها، فكانت تتردد إليه فتصلح من شأنه، وتعينه على قضاء حاجته، وتقوم بمصلحته، وضعف حالها، وقل مالها، حتى كانت تخدم الناس بالأجر وتطعمه، وتقوم بحاجته رضي الله عنها وأرضاها، وهي صابرة معه على ما حل بهما من فراق المال والولد، وما يختص بها من المصيبة بالزوج وضيق ذات اليد، وخدمة الناس بعد السعادة والنعمة والخدمة والحرمة، فإنا لله وإنا إليه راجعون. ثبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أشد الناس بلاءً الأنبياء ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل، وقال: يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلابة زيد في بلائه). ولم يزد هذا أيوب عليه السلام إلا صبراً واحتساباً، وحمداً وشكراً، حتى أن المثل ليضرب بصبره عليه السلام. ويضرب أيضاً بما حصل له من أنواع البلاء، قال تعالى: وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ * ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ * وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لِأُوْلِي الأَلْبَابِ * وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ [ص:41-44]. قال السعدي رحمه الله: ولما تطاول به المرض العظيم ونسيه الصاحب والحميم نادى ربه: أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ [الأنبياء:83]، فقيل له: ارْكُضْ بِرِجْلِكَ [ص:42]، فركض، فنبعت بركضته عين ماء بارد، فقيل له: اشرب منها واغتسل، ففعل ذلك فذهب ما في ظاهره وباطنه من البلاء. وقال الحافظ : أصح ما ورد في قصته ما أخرجه ابن أبي حاتم و ابن جريج وصححه ابن حبان و الحاكم من طريق نافع بن يزيد عن عقيل عن الزهري عن أنس : أن أيوب ابتلي فلبث في بلائه ثلاث عشرة سنة، فرفضه القريب والبعيد إلا رجلين من إخوانه فكانا يغدوان إليه ويروحان، فقال أحدهما للآخر: لقد أذنب أيوب ذنباً عظيماً وإلا لكشف عنه هذا البلاء، فذكره الآخر لأيوب، فحزن ودعا الله حينئذ، فخرج لحاجته، وأمسكت امرأته بيده، فلما فرغ أبطأت عليه، فأوحى الله إليه: ارْكُضْ بِرِجْلِكَ [ص:42]، فضرب برجله الأرض فنبعت عين فاغتسل منها، فرجع صحيحاً، فجاءت امرأته فلم تعرفه، فسألته عن أيوب فقال: إني أنا هو، وكان له أندران: أحدهما للقمح، والآخر للشعير، فبعث الله سحابة فأفرغت في أندر القمح الذهب حتى فاض، وفي أندر الشعير الفضة حتى فاض. وفي الصحيح أيضاً عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: (بينما أيوب يغتسل عرياناً خر عليه رجل جراد من ذهب، فجعل يحثي في ثوبه - يعني: يجمع في ثوبه من هذا الجراد الذي هو من ذهب- فناداه ربه: يا أيوب! ألم أكن أغنيتك عما ترى؟ قال: بلى يا رب! ولكن لا غنى لي عن بركتك). ولا بأس أن يطلب الإنسان المال الحلال حتى ولو كان عنده مال كثير، فأيوب عليه السلام كان عنده ذهب وفضة، ومع ذلك كان يجمع جراد الذهب فقال الله عز وجل له: (يا أيوب! ألم أكن أغنيتك عما ترى؟ قال: بلى يا رب! ولكن لا غنى لي عن بركتك). ففي قصة أيوب عليه والسلام عبرة للمعتبرين، فإنه صبر هذا الصبر الجميل على ذهاب ماله وأقاربه وصحته، وثبت على حبه لله عز وجل وصبره على قضائه وقدره، واقتصاره على الشكوى إلى الله عز وجل، وهي لا تنافي الصبر؛ لأن الله عز وجل يقول: إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا [ص:44]، مع أنه شكى إلى الله وقال: أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ [الأنبياء:83]. وزاده عز وجل من فضله، وهذه عاقبة المواقف الإيمانية دائماً رفعة الدنيا والآخرة، فكما كان يوسف عليه السلام مثلاً ل
1 قراءة أنواع الصبر وحاجة الإنسان إليه
2 قراءة تعريف الصبر وذكر مراتبه
منزلة الرضا ومحلها من الصبر
الفرق بين الرضا والصبر
3 قراءة فضل الصبر
فضل الصبر في القرآن الكريم
فضل الصبر في السنة النبوية
4 قراءة آثار عن السلف الصالح في الصبر والرضا
5 قراءة بعض الدوافع والأسباب التي تعين على الصبر والرضا
6 قراءة مواقف إيمانية في الصبر على البلاء والرضا بمر القضاء
موقف أيوب عليه السلام في الصبر على البلاء والرضا بالقضاء
موقف أم سليم الأنصارية في الصبر والرضا
موقف رجل صالح مع ملك ظالم في الصبر والرضا
موقف أبي عبيدة بن الجراح في الصبر والرضا
موقف عروة بن الزبير في الصبر والرضا
موقف الخنساء رضي الله عنها في الصبر والرضا
موقف سعد بن أبي وقاص في الصبر والرضا
موقف رجل أنصاري في الصبر والرضا
موقف عمر بن عبد العزيز في الصبر والرضا
موقف صفية بنت عبد المطلب في الصبر والرضا
موقف أسماء بنت أبي بكر في الصبر والرضا
موقف معاذة العدوية في الصبر والرضا
موقف امرأة عربية في الصبر والرضا
موقف إبراهيم الحربي في الصبر والرضا
موقف أم عقيل الأعرابية في الصبر والرضا
مواقف إيمانية في الصبر على البلاء
الصبر ضياء للمسلم في حياته، وأعلى منه رتبة الرضا بقضاء الله عز وجل وقدره، وقد ضرب في ذلك الأنبياء والصالحون أروع الأمثلة، وعلى رأسهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وكذلك أيوب عليه السلام، فعلى المرء المسلم أن يتحلى بالصبر والرضا حتى ينال الدرجات العلى.
أنواع الصبر وحاجة الإنسان إليه
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده رسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم. أما بعد: فلما كانت الدنيا دار بلاء والآخرة دار جزاء لا يسلم المؤمن في الدنيا من المصائب والرزايا والبلايا، قال بعضهم: المرء رهن مصائب لا تنقضي حتى يوسد جسمه في رمسه فمؤجل يلقى الردى في غيره ومعجل يلقى الردى في نفسه ونحن في أزمنة متأخرة حرم فيها المسلمون من التحاكم إلى شريعة ربهم عز وجل، ونكست فيها أعلام العلم والدين، وصار الدعاة إلى الله عز وجل والملتزمين بشرع الله عز وجل محاربين مضطهدين، وارتفعت أعلام الفتن، وكثرت الشبهات والمحن، وصار القابض على دينه كالقابض على الجمر، فما أحوجنا إلى تعلم الصبر والعمل به، فإن الصبر ثلاثة أنواع: صبر على الطاعات حتى يؤديها. وصبر على المعاصي حتى لا يقع فيها. وصبر على الأقدار المؤلمة التي تخالف هوى النفس. وهذه الأنواع الثلاثة حاجتنا إليها في هذا الليل الحالك أكثر من حاجتنا إلى الطعام والشراب. اللهم إنا نسألك الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد. ......
تعريف الصبر وذكر مراتبه
معنى الصبر: الصبر لغة: هو المنع والحبس. وشرعاً هو: حبس النفس عن الجزع، واللسان عن التشكي، والجوارح عن لطم الخدود وشق الجيوب.. ونحو ذلك. وقيل: هو خلق فاضل من أخلاق النفس، يمتنع به عن فعل ما لا يحسن ولا يجمل، وهو قوة من قوى النفس التي بها صلاح شأنها، وقوام أمرها. وقال بضعهم: هو التباعد عن المخالفات، والسكون عند تجرع غصص البلية، وإظهار الغنى مع حلول الفقر بساحات المعيشة. وقال آخر: هو الوقوف مع البلاء بحسن الأدب. وقال آخر: هو الغنى في البلوى بلا ظهور شكوى. وقال آخر: تجرع المرارة من غير تعبس. والنفس لها قوتان: قوة إقدام وقوة إحجام. فحقيقة الصبر أن يجعل قوة الإقدام مصروفة إلى ما ينفعه، وقوة الإحجام إمساكاً عما يضره. وقيل: الصبر شجاعة النفس. ومن هنا أخذ القائل قوله: الشجاعة صبر ساعة. والصبر والجزع ضدان، كما أخبر تعالى عن أهل النار أنهم يقولون: سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ [إبراهيم:21]. فهذا تعريف الصبر. ......
منزلة الرضا ومحلها من الصبر
أما الرضا فهو: انشراح الصدر وسعته بالقضاء. يعني: أن الرضا درجة أعلى من درجة الصبر، فالصبر: المنع والحبس، منع النفس عن الجزع واللسان عن التشكي والجوارح عن لطم الخدود، وشق الجيوب .. ونحو ذلك. أما الرضا فهو: انشراح الصدر، وسعته بالقضاء، وترك تمني زوال الألم. يعني: أن الإنسان لو أصيب ببلاء فهو لا يتمنى زوال هذا البلاء؛ لما يرجو من ثوابه عند الله عز وجل، فهو لو خير بين أن الذي ذهب منه يعود إليه وبين ألا يعود لاختار ألا يعود، فلو مات له ولد أو فقد ماله أو فقد سمعه أو بصره فإن طمعه في ثواب الله، ومحبته لقضاء الله عز وجل وقدره تجعله لا يتمنى غير ما كان، فهو يرضى بقدر الله عز وجل، ويطمع في الثواب، وتطمئن نفسه إلى قضاء الله عز وجل وقدره. فالرضا هو: انشراح الصدر وسعته بالقضاء، وترك تمني زوال الألم، وإن وجد الإحساس بالألم، لكن الرضا يخففه بما يباشر القلب من روح اليقين والمعرفة. وإذا وجد الرضا فقد يزيل الإحساس بالألم بالكلية، فللعبد فيما يكره درجات: درجة الرضا ودرجة الصبر. فالرضا فضل مندوب إليه، والصبر واجب على المؤمن حتماً. وأهل الرضا تارة يلاحظون المبتلي وخيره لعبده في البلاء، وأنه غير متهم في قضائه. وتارة يلاحظون عظمة المبتلي وجلاله وكماله، فيستغرقون في مشاهدة ذلك؛ حتى لا يشعرون بالألم، وهذا يصل إليه أهل المعرفة والمحبة، حتى ربما تلذذوا بما أصابهم؛ لملاحظتهم صدوره من حبيبهم.
أعلى الصفحة
الفرق بين الرضا والصبر
والفرق بين الرضا والصبر: أن الصبر حبس النفس وكفها عن السخط مع وجود الألم وتمني زواله، وكف الجوارح عن العمل بمقتضى الجزع. والرضا يوافق الصبر في حبس النفس وكف الجوارح، ويزيد عليه عدم تمني زوال الألم. ففرح العبد بالثواب وحبه لله عز وجل وانشراح صدره بقضائه يجعله لا يتمنى زوال الألم. قال شيخ الإسلام : ولم يجئ الأمر به -أي الرضا- كما جاء الأمر بالصبر، وإنما جاء الثناء على أصحابه ومدحهم. قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ذاق طعم الإيمان من رضي بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد -صلى الله عليه وسلم- رسولاً). وقال صلى الله عليه وسلم: (من قال حين يسمع النداء: رضيت بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد رسولاً، غفرت ذنوبه). فالرضا لم يوجبه الله عز وجل على خلقه، ولكن ندبهم إليه، وأثنى على أهله، وأخبر أن ثوابه رضاه عنهم، الذي هو أعظم وأكبر وأجل من الجنان وما فيها، فمن رضي عن ربه رضي الله عنه، بل رضا العبد عن الله من نتائج رضا الله عز وجل عنه؛ يعني: كما أن توبة العبد تكون نتيجة لتوبة سابقة من الله عز وجل -توبة إذن وتوفيق- ويعقبها توبة قبول وإثابة، فكذلك الرضا. فالله عز وجل يرضى عنه فيرزقه الرضا، ثم يرضى عنه رضا قبول وإثابة، فالله عز وجل هو الأول والآخر. فرضا العبد عن الله من نتائج رضا الله عنه، فهو محفوف بنوعين من رضاه على عبده، رضا قبله أوجب له أن يرضى، ورضا بعده هو ثمرة رضاه عنه، ولذلك كان الرضا باب الله الأعظم، وجنة الدنيا، ومستراح العارفين، وحياة المحبين، ونعيم العابدين، وقرة عيون المشتاقين، نسأل الله أن يقسم لنا من رضاه ما يبلغنا به غاية المنى، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
أعلى الصفحة
فضل الصبر
فضيلة الصبر: وردت آيات كثيرة وأحاديث نبوية شريفة تبين فضيلة هذه العبادة: ......
فضل الصبر في القرآن الكريم
من ذلك: قوله عز وجل: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ [البقرة:155-157]. والمصيبة هي كل ما يؤذي الإنسان ويصيبه، وكان عمر رضي الله عنه يقول: نعم العدلان ونعمت العلاوة للصابرين. يعني بالعدلين: الصلاة والرحمة، والعدلان: ما يوضعان فوق سنام البعير، والعلاوة: الزيادة على العدلين التي توضع فوق سنام البعير. فالصابرون هنا يبشرون بثلاثة أمور: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ [البقرة:155-157]. وهما العدلان: وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ [البقرة:157] وهذه العلاوة. وقال تعالى: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ [الزمر:10]. وفاز الصابرون بمعية الله عز وجل، قال تعالى: وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [الأنفال:46]. وجعل سبحانه الإمامة في الدين منوطة بالصبر واليقين، فقال تعالى -وبقوله اهتدى المهتدون-: وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ [السجدة:24]. وقال تعالى: وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ [النحل:126]. وقال تعالى: وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ [آل عمران:120]. وعلق الفلاح بالصبر والتقوى، فقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [آل عمران:200]. وأخبر عن محبته للصابرين فقال: وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ [آل عمران:146]. ولا يفوز بجنة الله عز وجل إلا الصابرون، قال تعالى: إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ [المؤمنون:111]. نسأل الله تعالى أن يفتح علينا في الدين، وأن يجعلنا من الصابرين الشاكرين.
أعلى الصفحة
فضل الصبر في السنة النبوية
أما أدلة السنة على فضل الصبر والصابرين، فمنها: قوله صلى الله عليه وسلم: (ومن يتصبر يصبره الله، وما أعطي أحد عطاءً خيراً وأوسع من الصبر). وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من يرد الله به خيراً يصب منه). وأنتم تجدون أصحاب الدنيا والشهوات والمال والجاه والسلطان عندهم الصحة والعافية والمال والجاه، فيستعينون بذلك على المعاصي فيزدادون غياً وتمادياً، وتجدون أهل الإيمان غالباً عندهم الأمراض والفقر والأوجاع، فليس إعطاء الدنيا دليلاً على محبة الله عز وجل، بل قال الله تعالى: سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ [القلم:44]. قال بعض السلف: يعطيهم النعم ويمنعهم الشكر. وقال بعضهم: كلما أحدثوا ذنباً أحدث لهم نعمة. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته). وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من مصيبة تصيب المؤمن إلا كفر الله بها عنه حتى الشوكة يشاكها). وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحاً). وعن عطاء بن أبي رباح قال: قال لي ابن عباس رضي الله عنهما: (ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ فقلت: بلى. قال: هذه المرأة السوداء، أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إني أصرع، وإني أتكشف، فادع الله لي. فقال: إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك، فقالت: أصبر، لكن ادع الله لي ألا أتكشف، فدعا لها). فأخبرها النبي صلى الله عليه وسلم أن صبرها على هذا المرض يوجب لها الجنة، وأنها إذا صبرت عليه تدخل الجنة، وإن شاءت أن يدعو لها فسيدعو لها، فاختارت الصبر: ثم قالت: إني أتكشف، فادع الله لي ألا أتكشف، فدعا لها صلى الله عليه وسلم. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يقول الله عز وجل: ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة). وقال أنس بن مالك رضي الله عنه سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الله قال: إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه -يعني: عينيه- فصبر عوضته منهما الجنة). فبين أن جزاء الصبر على هذه المصيبة الجنة؛ لأنها مصيبة عظيمة، فمن ابتلي بهذا البلاء فجزاؤه الجنة إذا صبر. وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم آجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها، إلا أخلف الله له خيراً منها). وهذا إنما يكون عند الصدمة الأولى، كما في الحديث: (إنما الصبر عند الصدمة الأولى)، يعني: محك الصبر الحقيقي عند الصدمة الأولى؛ لأن الإنسان يسلم بقضاء الله بعد ذلك، وإنما يفعل الصابر في بداية المصيبة ما يفعله الجاهل بعد أيام. فقدر الله عز وجل واقع مثل السيف، فالصبر الحقيقي أن الإنسان يصبر عند نزول البلاء. والناس بعد ذلك يسلمون، فمن لم يصبر صبر الكرام سلا سلو البهائم، فكما أن البهائم تكون مستسلمة لقضاء الله عز وجل وقدره ولما هي فيه، فالناس بعد ذلك يستسلمون، ولكن الصبر الحقيقي الذي يثاب عليه المرء إنما يكون عند الصدمة الأولى. قالت أم سلمة : (فلما مات أبو سلمة قلت: أي المسلمين خير من أبي سلمة ؟ ثم أني قلتها، فأخلف الله لي رسوله صلى الله عليه وسلم).
أعلى الصفحة
آثار عن السلف الصالح في الصبر والرضا
آثار عن السلف الصالح رضي الله عنهم في الصبر والرضا: قال سفيان بن عيينة في قوله تعالى: وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ [السجدة:24] قال: لما أخذوا برأس الأمر جعلناهم رءوساً. وقال عمر بن عبد العزيز : ما أنعم الله على عبد نعمة فانتزعها منه فعاضه مكانها الصبر إلا كان ما عوضه خيراً مما انتزعه. وقال يونس بن زيد سألت ربيعة بن أبي عبد الرحمن -ربيعة الرأي شيخ الإمام مالك - : ما منتهى الصبر؟ قال: أن يكون يوم أن تصيبه المصيبة مثل قبل أن تصيبه. وقال فضيل بن عياض في قوله تعالى: سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ [الرعد:24]. قال: صبروا على ما أمروا به، وصبروا عما نهوا عنه. وقالوا: الحيلة فيما لا حيلة فيه الصبر. وقالوا: من لم يصبر على القضاء فليس لحمقه دواء. وقال أبو الدرداء رضي الله عنه: إن الله عز وجل إذا قضى قضاءً أحب أن يُرضى به. وقال أبو عبد الله البراثي : من وهب له الرضا فقد بلغ أقصى الدرجات. وقالت رابعة : إن الله عز وجل إذا قضى لأوليائه قضاءً لم يتسخطوا. وقتل لبعض الصالحين ولد في سبيل الله عز وجل فقيل له: أتبكي وقد استشهد؟ فقال: إنما أبكي كيف كان رضاه عن الله عز وجل حين أخذته السيوف. وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: إن الله تعالى بقسطه وعلمه جعل الروح والفرح في اليقين والرضا، وجعل الهم والحزن في الشك والسخط. وقال علقمة في قوله تعالى: وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ [التغابن:11] : هي المصيبة تصيب الرجل فيعلم أنها من عند الله فيسلم لها ويرضى. وقال أبو معاوية الأسود في قوله تعالى: فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً [النحل:97] قال: الرضا والقناعة، يعني: أن هذه الحياة الطيبة هي الرضا والقناعة. ونظر علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى عدي بن حاتم كئيباً فقال: يا عدي ! من رضي بقضاء الله جرى عليه وكان له أجر، ومن لم يرض بقضاء الله جرى عليه وحبط عمله. وقال عمر بن عبد العزيز : ما بقي لي سرور إلا في مواقع القدر. وقيل له: ما تشتهي؟ قال ما يقضي الله عز وجل. وقال الحسن : من رضي بما قسم له وسعه وبارك الله له فيه، ومن لم يرض لم يسعه ولم يبارك له فيه. وقال بعضهم: من لم يرض بالقضاء فليس لحمقه دواء. وأصبح أعرابي وقد ماتت له أباعر كثيرة، فقال: لا والذي أنا عبد في عبادته لولا شماتة أعداء ذوي أحن ما سرني أن إبلي في مباركها وأن شيئاً قضاه الله لم يكن وقال حفص بن حميد: كنت عند عبد الله بن المبارك بالكوفة حين ماتت امرأته، فسألته: ما الرضا؟ قال: الرضا ألا يتمنى خلاف حاله. يعني: أن الإنسان لا يأسف على شيء فاته أو يتمنى أن يكون على غير ما هو فيه، فقال: الرضا: ألا يتمنى خلاف حاله. فجاء أبو بكر بن عياش فعزى ابن المبارك ، قال حفص : ولم أعرفه. فقال عبد الله : سله عما كنا فيه، فسألته فقال: من لم يتكلم بغير الرضا فهو راض. يعني: أن الإنسان الذي كلامه كله فيه استسلام وقبول لقضاء الله عز وجل فهو راض. قال حفص : وسألت الفضيل بن عياض فقال: ذاك للخواص. قال قادم الديلمي العابد: قلت للفضيل بن عياض : من الراضي عن الله؟ قال الذي لا يحب أن يكون على غير منزلته التي جعل فيها. ونحن عندما نذكر أمثلة في الصبر والرضا نذكر ذلك من أجل أن تعرفوا حقيقة الرضا، وكيف أن الإنسان لا يختار إلا ما اختاره الله عز وجل له وإن كان هو من المصائب. وقال أبو عبد الله البراثي : لم ير أرفع درجات من الراضين عن الله عز وجل على كل حال. ......
بعض الدوافع والأسباب التي تعين على الصبر والرضا
وقبل أن نشرع في المواقف الإيمانية في الرضا والصبر نتكلم عن بعض الدوافع التي تعين على الصبر والرضا، وهذه الدوافع لا شك أنها تعين على مثل هذه المواقف الإيمانية؛ لأن المواقف الإيمانية تكون نتيجة لغلبة الإيمان على قلب العبد وإيثار العبد لمراد الله عز وجل، ومحبته لدين الله عز وجل. فالذي يدفع إلى مثل هذه المواقف الإيمانية قوة الإيمان وقوة الأحوال الإيمانية، فهذه الدوافع تعين على الصبر والرضا. فلا شك في أن الصبر مقاماً رفيعاً، وطاعة يحبها الله عز وجل، ويحب أهلها، كما قال تعالى: وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ [آل عمران:146]. فقد جعل الله ثواب الصبر بغير حساب، كما قال تعالى: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ [الزمر:10]. والصبر واجب حتماً، أما الرضا فهو أعلى رتبة منه، وجزاؤه رضا الله عز وجل الذي هو أكبر من جنة الله عز وجل، فما هي الدوافع والأسباب التي تعين على الصبر والرضا؟ والجواب: أولاً: أن يتدبر العبد ما سبق من آيات كريمات، وأحاديث نبوية في فضل الصبر والرضا، فيعلم العبد فضل الصبر والرضا من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية. ثانياً: أن يدرس المواقف الإيمانية، كالصبر على البلاء والرضا بأمور القضاء؛ فإنه مما يعينه على الصبر؛ لأنها رايات مرفوعة على طريق الإيمان، فيتأسى بأصحاب هذه المواقف المؤمنون الصادقون، وينسج على منوالهم العباد الصالحون. ومن ذلك أن يعلم أن القدر سبق بذلك، قال عز وجل: مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا [الحديد:22]. يعني: أن الله عز وجل جعل لنا ملائكة تحفظنا، قال الله عز وجل: لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ [الرعد:11]. وهذه الملائكة لا تحفظه من أن ينفذ فيه أمر الله، بل هذه الملائكة من أمر الله: قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ [الأنبياء:42]. فكل إنسان منا تعرض خلال حياته لمواطن كثيرة جدة كاد أن يهلك فيها، ولكن الله عز وجل يحفظه. فالملائكة التي تحفظ العبد وتكلؤه بالليل والنهار تتخلى عنه إذا جاء أمر قدره الله عز وجل له، فإذا جاء القدر تخلوا عنه. فالإنسان إذا أصيب ببلاء فليتذكر أن هذا البلاء مكتوب في اللوح المحفوظ، وأن الله عز وجل شاءه، وأنه لابد أن يكون؛ والمعنى: أن المصائب مقدرة، لا أنها وقعت على وجه الاتفاق كما يقول الطبائعيون، ولا أنها عبث، بل هي صادرة عمن صدرت عنه محكمات الأمور. فالله عز وجل قدرها، فلابد أن فيها حكمة، يقول بعض السلف: إذا وقعت ذبابة على يدك فاعلم أنها وقعت بقدر ولحكمة. فكل أمر لحكمة؛ لأن مدبر هذه الأمور هو الحكيم الخبير، فالله عز وجل يدبر أمر ملكه كيف يشاء، فالأمور لا تأتي كما يقول الطبائعيون اتفاقاً، ولكنها بقدر وبحكمة، بل هي صادرة عمن صدرت عنه محكمات الأمور، ومتقنات الأعمال، وإذا كانت صادرة عن الحكيم فهو لا يعبث، فهي إما لزجر عن فساد أو لتحصيل الأجر أو لعقوبة على ذنب. رابعاً: العلم بأن الدنيا دار الابتلاء والكرب، لا يرجى منها راحة. وما استغربت عيني فراقاً رأيته ولا أعلمتني غير ما القلب عالمه فالإنسان لا يستغرب أي بلاء؛ لأن الدنيا أصلاً دار كدر، لذلك جرى القدر، ويا عجباً ممن يده في سلة الأفاعي كيف ينكر اللسع! فالإنسان لا يستغرب أن يصاب ببلاء؛ لأن الدنيا دار امتحان ودار بلاء. خامساً: أن يقدر وجود ما هو أكبر من تلك المصيبة، كمن له ولدان ذهب أحدهما؛ فقد كان يمكن أن يذهب الاثنان، فقد تذهب أسر بكاملها في حوادث، نسأل الله العافية، فالإنسان يقدر أن المصيبة كانت أكثر من ذلك. سادساً: النظر في حال من ابتلي بمثل هذا البلاء، فإن التأسي راحة عظيمة، قالت الخنساء : ولولا كثرة الباكين حولي على إخوانهم لقتلت نفسي وما يبكون مثل أخي ولكـن أعزي النفس عنه بالتأسي وهذا المعنى قد حرم الله عز وجل منه أهل النار، كما قال عز وجل: وَلَنْ يَنفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ [الزخرف:39] يعني: يحرم أهل النار من التأسي. فيقولون: المصيبة إذا عمت هانت، يقال: فلان أصيب بكذا، وفلان بكذا، فيتسلى الناس بعضهم ببعض. ولكن أهل النار يظن كل إنسان منهم أنه محبوس وحده، وأنه لم يبق في النار سواه. سابعاً: أن يتذكر نعم الله عز وجل عليه، قال تعالى: وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا [إبراهيم:34]. يعني: أن الإنسان بدل ما يفكر في المصائب التي تصيبه يتذكر نعم الله عز وجل عليه. ثامناً: أن العبد إذا صبر واحتسب فإن الله يعوضه ولا يخيبه. من كل شيء إذا ضيعته عوض وما من الله إن ضيعت من عوض تاسعاً: أن الجزع لا يرد المصيبة، بل يضاعفها، ......
مواقف إيمانية في الصبر على البلاء والرضا بمر القضاء
مواقف إيمانية في الصبر على البلاء والرضا بمر القضاء: ......
موقف أيوب عليه السلام في الصبر على البلاء والرضا بالقضاء
وأولى الناس بالذكر في هذا الباب هو أيوب عليه السلام؛ لأنه الذي يضرب به المثل في الصبر. قال ابن كثير رحمه الله: قال علماء التفسير والتاريخ وغيرهم: كان أيوب رجلاً كثير المال من سائر صنوفه وأنواعه من الأنعام والعبيد والمواشي والأراضي المتسعة من أرض حوران، وحكى ابن عساكر أنها كانت كلها له، وكان له أولاد وأهلون كثير، فسلب منه ذلك جميعه، وابتلي في جسده بأنواع من البلاء، ولم يبق منه عضو سليم سوى قلبه ولسانه يذكر الله عز وجل بهما، وهو في ذلك كله صابر محتسب ذاكر لله عز وجل في ليلة ونهاره وصبحه ومسائه. وطال مرضه حتى عافه الجليس واستوحش منه الأنيس، وأخرج من بلده وألقي على مزبلة خارجها، وانقطع عنه الناس ولم يبق أحد يحنو عليه سوى زوجته، كانت ترعى له حقه وتعرف قديم إحسانه إليها، وشفقته عليها، فكانت تتردد إليه فتصلح من شأنه، وتعينه على قضاء حاجته، وتقوم بمصلحته، وضعف حالها، وقل مالها، حتى كانت تخدم الناس بالأجر وتطعمه، وتقوم بحاجته رضي الله عنها وأرضاها، وهي صابرة معه على ما حل بهما من فراق المال والولد، وما يختص بها من المصيبة بالزوج وضيق ذات اليد، وخدمة الناس بعد السعادة والنعمة والخدمة والحرمة، فإنا لله وإنا إليه راجعون. ثبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أشد الناس بلاءً الأنبياء ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل، وقال: يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلابة زيد في بلائه). ولم يزد هذا أيوب عليه السلام إلا صبراً واحتساباً، وحمداً وشكراً، حتى أن المثل ليضرب بصبره عليه السلام. ويضرب أيضاً بما حصل له من أنواع البلاء، قال تعالى: وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ * ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ * وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لِأُوْلِي الأَلْبَابِ * وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ [ص:41-44]. قال السعدي رحمه الله: ولما تطاول به المرض العظيم ونسيه الصاحب والحميم نادى ربه: أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ [الأنبياء:83]، فقيل له: ارْكُضْ بِرِجْلِكَ [ص:42]، فركض، فنبعت بركضته عين ماء بارد، فقيل له: اشرب منها واغتسل، ففعل ذلك فذهب ما في ظاهره وباطنه من البلاء. وقال الحافظ : أصح ما ورد في قصته ما أخرجه ابن أبي حاتم و ابن جريج وصححه ابن حبان و الحاكم من طريق نافع بن يزيد عن عقيل عن الزهري عن أنس : أن أيوب ابتلي فلبث في بلائه ثلاث عشرة سنة، فرفضه القريب والبعيد إلا رجلين من إخوانه فكانا يغدوان إليه ويروحان، فقال أحدهما للآخر: لقد أذنب أيوب ذنباً عظيماً وإلا لكشف عنه هذا البلاء، فذكره الآخر لأيوب، فحزن ودعا الله حينئذ، فخرج لحاجته، وأمسكت امرأته بيده، فلما فرغ أبطأت عليه، فأوحى الله إليه: ارْكُضْ بِرِجْلِكَ [ص:42]، فضرب برجله الأرض فنبعت عين فاغتسل منها، فرجع صحيحاً، فجاءت امرأته فلم تعرفه، فسألته عن أيوب فقال: إني أنا هو، وكان له أندران: أحدهما للقمح، والآخر للشعير، فبعث الله سحابة فأفرغت في أندر القمح الذهب حتى فاض، وفي أندر الشعير الفضة حتى فاض. وفي الصحيح أيضاً عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: (بينما أيوب يغتسل عرياناً خر عليه رجل جراد من ذهب، فجعل يحثي في ثوبه - يعني: يجمع في ثوبه من هذا الجراد الذي هو من ذهب- فناداه ربه: يا أيوب! ألم أكن أغنيتك عما ترى؟ قال: بلى يا رب! ولكن لا غنى لي عن بركتك). ولا بأس أن يطلب الإنسان المال الحلال حتى ولو كان عنده مال كثير، فأيوب عليه السلام كان عنده ذهب وفضة، ومع ذلك كان يجمع جراد الذهب فقال الله عز وجل له: (يا أيوب! ألم أكن أغنيتك عما ترى؟ قال: بلى يا رب! ولكن لا غنى لي عن بركتك). ففي قصة أيوب عليه والسلام عبرة للمعتبرين، فإنه صبر هذا الصبر الجميل على ذهاب ماله وأقاربه وصحته، وثبت على حبه لله عز وجل وصبره على قضائه وقدره، واقتصاره على الشكوى إلى الله عز وجل، وهي لا تنافي الصبر؛ لأن الله عز وجل يقول: إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا [ص:44]، مع أنه شكى إلى الله وقال: أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ [الأنبياء:83]. وزاده عز وجل من فضله، وهذه عاقبة المواقف الإيمانية دائماً رفعة الدنيا والآخرة، فكما كان يوسف عليه السلام مثلاً ل
مواضيع مماثلة
» مواقف إيمانية في الصبر على البلاء 2
» قراءة فوائد إيمانية من قصة مؤمن آل فرعون
» قراءة فوائد إيمانية من قصة سليمان عليه السلام
» فضل الصبر
» فضل الصبر 2
» قراءة فوائد إيمانية من قصة مؤمن آل فرعون
» قراءة فوائد إيمانية من قصة سليمان عليه السلام
» فضل الصبر
» فضل الصبر 2
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة 21 يونيو 2024, 12:25 am من طرف Admin
» هل الانجيل محرف
الأربعاء 19 يونيو 2024, 2:34 pm من طرف Admin
» شبهات النصاري زواج ام المؤمنين عائشه،
الإثنين 17 يونيو 2024, 10:30 am من طرف Admin
» الفرق بين السنه والفقه
السبت 11 مايو 2024, 11:23 pm من طرف Admin
» كيف عرفت انه نبي..
الجمعة 26 أبريل 2024, 5:40 am من طرف Admin
» موضوع هل يدخل الجنه غير المسلمين،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:48 am من طرف Admin
» التدرج في التشريع
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:43 am من طرف Admin
» كتب عليكم الصيام،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:41 am من طرف Admin
» اقوال العلماء في تفسير ايه الحجاب،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:40 am من طرف Admin