( تكبيرات العيد هل هي تؤدى بشكل جماعي ( بصوت واحد ) أن هي تكبيرات فردية
انقسم الفقهاء في هذا الأمر إلى فريقين :
الفريق الأول : ذهب الى أن التكبير يكون فردياًّ ، فكل مسلم يكبر بمفرده دون ارتباط بغيره ، وقالوا إن التكبير الجماعي بدعة ولا أصل في الدين ، فهو لم يرد عن الرسول صلى الله عليه وسلم لا قولاً ولا فعلا ، والتكبير عبادة ، والأصل في العبادات التوقيف ، يعني لا يُشرع لنا أن نفعل عبادة إلا إن كانت قد وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم .
الفريق الثاني : يقولون إن التكبير الجماعي أمر مشروع ، بل هو الأصل والصواب ، والحكم ببدعيته أمر لا مستند له ، وأجابوا عن كلام الفريق الأول بما يأتي :
أولا : القاعدة التي تقول ( الأصل في العبادات التوقيف ) قاعدة غير مضبوطة ، وذكر كثير من العلماء أنها تحتاج إلى إعادة صياغة ، والصواب أن العبادات المَحْضَة ( الخالصة التي هي مجهولة العلة ) هي التي يقال فيها ( الأصل فيها التوقيف ) أما العبادات العامة فلا يصح أن يقال فيها ذلك ، وضربوا لذلك أمثلة كثيرة منها ( الدعاء ) وهو من العبادات بنص الحديث ( الدعاء هو العبادة ) فلو قلنا ( الأصل في الدعاء التوقيف ) فهذا يعني عدم جواز الدعاء بأي لفظ لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وذلك لا يمكن ان يقول به أحد من العلماء ، والتكبير في العيد من العبادات العامة وليس من العبادات المحضة وبالتالي فلا يصح أن يقال فيه ( الأصل فيه التوقيف )
ثانيا : لقد وردت آثار كثير عن الصحابة تدل من قريب أو من بعيد على أن التكبير الجماعي هو الأصل ، منها ما رواه البخاري أن عمر رضي الله عنه كان يكبِّر في قبته بمنى، فيسمعه أهل المسجد فيُكبِّرون، ويُكبِّر أهل الأسواق حتى ترتج منى تكبيرا )) يقول ابن حجر معلقا على قوله ( ترتج منى تكبيرا ) : وهذا مبالغة في اجتماع رفع الأصوات ، وهو رأي مجاهد في مصنف ابن أبي شيبة ، وأيضا روى البخاري أن ابن عمر وأبا هريرة رضي الله عنهم كانا يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبِّران، ويكبِّر الناس بتكبيرهما )) فقوله يكبر الناس بتكبيرهما يدل على الاقتداء والمتابعة الجماعية خلف من يكبر ، .
يقول الشافعي في الأم : فإذا رأوا هلال شوال أحببت أن يكبر الناس جماعة وفرادى في المسجد والسوق والبيت والطريق وأن يظهروا التكبير.. وقال ايضا : يكبر الناس في الفطر حين تغيب الشمس ليلة الفطر فرادى وجماعة في كل حال .. وقال ايضا في تكبيرات الأضحى : ويكبر إمامهم خلف الصلوات فيكبرون معا ومتفرقين !!!
يقول الدسوقي المالكي في حاشيته : وأما التكبير جماعة وهم جالسون في المصلى فهذا هو الذي أستحسن .!!
ويقول ابن منصور : قلت لأحمد بن حنبل : قال سفيان : لا يكبر النساء ايام التشريق الا في جماعة ، قال : أحسن .!!
ثالثا : فرق كثير من العلماء ( في العبادات العامة ) بين أصل العبادة وطريقة العبادة ، فقالوا ان العبادات العامة من الممكن ان يقال في أصلها ( الأصل فيها التوقيف ) ولكن ذلك لا يقال في طريقتها ، فمثلا نحن نسبح بعد الصلاة 33 ونحمد33 ونكبر 33 فهذه أصل العبادة ، فلا يجوز لأحد أن يجعلها 25 مثلا او 17 مثلا ، او أن يبدأ مثلا بالتكبير ويختم بالتسبيح ........الخ ، ولكن طريقتها أمر مسكوت عنه ومتجوز فيه ، فأهل بعض البلاد يقولون ( سبحان الله الحمد لله الله اكبر ) فيجمعهم جميعا ، واهل بعض البلاد يقولون ( سبحان الله 33 مرة ثم الحمد 33 مرة ثم الله اكبر 33 مرة ) رغم ان الطريقتين لم يثبت صراحة ورود إحداهما عن الني صلى الله عليه وسلم ، وعلى ذلك فلا يجوز الانكار على هؤلاء او هؤلاء ، والتكبير مثل ذلك ، فأصله لا يجوز الاختراع فيه ، وأما طريقته فلم يثبت فيها نص صريح لا في الفردي ولا في الجماعي ، فلا يصح الانكار على هؤلاء ولا هؤلاء !!!!
رابعا : إن كان التكبير الجماعي بدعة فما هي السنة في التكبير ، هل السنة التكبير الفردي ؟؟؟؟ ما الدليل على انه سنة ؟؟؟ وهل ورد نص واحد عن النبي صلى الله عليه وسلم يفيد ان التكبير الفردي هو السنة ؟؟؟؟؟؟؟؟؟
خامسا : يستدل اصحاب الراي الاول بحديث أنس بن مالك رضي الله عنه أنهم كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في الحج، فمنهم المهلّ، ومنهم المكبر ولم يكونوا على حال واحد.)) ولا دليل فيه مطلقا ؛ لأن ذلك الحديث ورد في تلبية يوم عرفة ، والحديث من أوله ((عن محمد بن أبي بكر وهو الثقفي قال : قلت لأنس غداة عرفة ما تقول في التلبية في هذا اليوم قال سرت هذا المسير مع رسول الله صلى الله عليه و سلم وأصحابه وكان منهم المهل ومنهم المكبر فلا ينكر أحد منهم على صاحبه) اخرجه النسائي .
خامسا : تحرص الشريعة دائما على عدة مقاصد ، من أهمها النظام ، واجتماع الكلمة ، فالاسلام ليس فيه شيء عشوائي مضطرب متداخل ، كما انه يحرص دائما على اجتماع الكلمة في الامور كلها ، فأيهما أقرب الى روح الشريعة ؟؟ التكبير الجماعي بصوت متحد يهز أرجاء المكان الذي يدور فيه ويفهمه كل من سمعه ، أم التكبير الفردي المتداخل المضطرب المشتت الذي يشبه أصوات الصبيان في الكتاتيب ، ولا يفهمه من سمعه ؟؟؟ ( عاصم )