بحـث
الشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المواضيع الأخيرة
نوفمبر 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | |||||
3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 |
10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 |
17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 |
24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
الحمدلله على نعمة الاسلام
ايها الاخوه الدعاه الى الله وكذا جميع الزائرين والزائرات مرحبا بكم واهلا نتمنى من الله ان نكون عند حسن ظنكم جميا والله الموفق الى الخير وهو حسبنا ونعم الوكيلالشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 19 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 19 زائر لا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 76 بتاريخ الأربعاء 30 أكتوبر 2024, 11:01 pm
القضاء والقدر
صفحة 1 من اصل 1
القضاء والقدر
مفهوم القضاء والقدر
ان لفظة "القدر" بمعنى المقدار، و"التقدير" يعني قياس الشيء وجعله على مقدار، وصنع كل شيء بحد معين ولفظة "القضاء" بمعنى الإتمام والفراغ من الشيء، أو الأداء، والحكم،(وهو نوع من الاتمام الاعتباري). وأحياناً تستعمل كلتا الكلمتين بمعنى مترادف حيث يستعملان في معنى "المصير".
والمراد من التقدير الإلهي، أن الله تعالى جعل لكل حادث مقدارا وحدودا كمية وكيفية وزمانية ومكانية معينة، في تحققه بفعل العلل والعوامل التدريجية، والمراد من القضاء الإلهي، إيصال الحادث إلى مرحلته النهائية والحتمية بعد توفر المقدمات والأسباب والشروط لذلك الحادث. وعلى ضوء هذا التفسير، تكون مرحلة التقدير متقدمة على مرحلة القضاء، حيث تكون للتقدير مراحل تدريجية مشتملة على مقدمات بعيدة ومتوسطة وقريبة، ويتعرض التقدير للتغير بتغير بعض الأسباب والشروط.
فمثلا مسيرة الجنين المتدرجة من النطفة إلى العلقة فالمضغة، إلى أن تكون جنينا متكاملا، تعتبر هي المراحل المختلفة لتقديره، حيث يشمل المشخصات
ان لفظة "القدر" بمعنى المقدار، و"التقدير" يعني قياس الشيء وجعله على مقدار، وصنع كل شيء بحد معين ولفظة "القضاء" بمعنى الإتمام والفراغ من الشيء، أو الأداء، والحكم،(وهو نوع من الاتمام الاعتباري). وأحياناً تستعمل كلتا الكلمتين بمعنى مترادف حيث يستعملان في معنى "المصير".
والمراد من التقدير الإلهي، أن الله تعالى جعل لكل حادث مقدارا وحدودا كمية وكيفية وزمانية ومكانية معينة، في تحققه بفعل العلل والعوامل التدريجية، والمراد من القضاء الإلهي، إيصال الحادث إلى مرحلته النهائية والحتمية بعد توفر المقدمات والأسباب والشروط لذلك الحادث. وعلى ضوء هذا التفسير، تكون مرحلة التقدير متقدمة على مرحلة القضاء، حيث تكون للتقدير مراحل تدريجية مشتملة على مقدمات بعيدة ومتوسطة وقريبة، ويتعرض التقدير للتغير بتغير بعض الأسباب والشروط.
فمثلا مسيرة الجنين المتدرجة من النطفة إلى العلقة فالمضغة، إلى أن تكون جنينا متكاملا، تعتبر هي المراحل المختلفة لتقديره، حيث يشمل المشخصات
79 |
الزمانية والمكانية أيضا، وسقوط هذا الجنين في مرحلة من هذا المراحل يعد تغيرا في التقدير. وأما مرحلة القضاء فهي دفعية وليست تدريجية، ومرتبطة بتوفر كل الأسباب والشروط، وهي أيضا حتمية لا تقبل التغير ﴿فَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ﴾1. ولكن وكما اشرنا اليه يستعمل (القضا والقدر) كلفظين مترادفين احيانا ومن هنا يقسم للحتمي وغير الحتمي، وبهذا اللحاظ تعرضت بعض الروايات والادعية لتغيير القضاء وان الصدقة والبر بالوالدين وصلة الرحم والدعاء من عوامل تغيير القضاء.
القضاء والقدر العلمي والعيني
يستعمل التقدير والقضاء الإلهي أحيانا، بمعنى علم الله بتوفر المقدمات والأسباب والشروط المؤثرة في تحقق الظواهر وكذلك علمه بالوقوع الحتمي لها، ويطلق على ذلم "القضاء والقدر العلمي" وأحيانا يستعمل بمعنى انتساب المسيرة التدريجية للظواهر، وكذلك انتساب تحققها العيني الخارجي، إلى الله تعالى، ويطلق عليه "القضاء والقدر العيني".
ووفقا لما يستفاد من الايات والروايات، فإن العلم الإلهي بكل الظواهر بالصورة التي تتحقق بها في العالم الخارجي تماما، مودع في مخلوق شريف رفيع، يسمى "اللوح المحفوظ". وكل من يمكنه الاتصال بهذا اللوح، بإذن الله، سيكون عالما بالظواهر الماضية والمستقبلية. وهناك ألواح اخر، أقل رتبة ومقاما من اللوح المحفوظ، أودعت فيها الظواهر بصورة مشروطة وغير تامة، ومن يشرف ويتعرف عليها ستكون له معلومات محدودة وناقصة ومشروطة قابلة للتغير، وربما تكون هذه الاية الشريفة ناظرة إلى هذين النوعين من المصير ﴿يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاء
القضاء والقدر العلمي والعيني
يستعمل التقدير والقضاء الإلهي أحيانا، بمعنى علم الله بتوفر المقدمات والأسباب والشروط المؤثرة في تحقق الظواهر وكذلك علمه بالوقوع الحتمي لها، ويطلق على ذلم "القضاء والقدر العلمي" وأحيانا يستعمل بمعنى انتساب المسيرة التدريجية للظواهر، وكذلك انتساب تحققها العيني الخارجي، إلى الله تعالى، ويطلق عليه "القضاء والقدر العيني".
ووفقا لما يستفاد من الايات والروايات، فإن العلم الإلهي بكل الظواهر بالصورة التي تتحقق بها في العالم الخارجي تماما، مودع في مخلوق شريف رفيع، يسمى "اللوح المحفوظ". وكل من يمكنه الاتصال بهذا اللوح، بإذن الله، سيكون عالما بالظواهر الماضية والمستقبلية. وهناك ألواح اخر، أقل رتبة ومقاما من اللوح المحفوظ، أودعت فيها الظواهر بصورة مشروطة وغير تامة، ومن يشرف ويتعرف عليها ستكون له معلومات محدودة وناقصة ومشروطة قابلة للتغير، وربما تكون هذه الاية الشريفة ناظرة إلى هذين النوعين من المصير ﴿يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاء
80 |
وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾2 وتغير التقديرات المشروطة وغير الحتمية يعبر عنه في الروايات ب"البداء". إذن فالايمان بالقضاء والقدر العلمي، لا يثير اشكالا أكثر مما ذكر في موضوع العلم الإلهي الأزلي، وقد بحثنا في الدرس السابق شبهة الجبرية في موضوع العلم الإلهي، واتضح لنا ضعفها وخواؤها.
ولكن الاشكال الأكثر صعوبة يأتي في مجال الإعتقاد بالقضاء والقدر العيني، وخاصة في مجال الإيمان بالمصير الحتمي، علينا معالجته والاجابة عنه وإن علم الجواب الإجمالي عنه في موضوع التوحيد بمعنى التأثير المستقل.
العلاقة بين القضاء والقدر، واختيار الإنسان
علمنا فيما سبق، أن الإعتقاد بالقضاء والقدر العيني الإلهي، يقتضي الإعتقاد بأن وجود الظواهر من بداية وجودها حتى مراحل نموها وازدهارها، إلى نهاية عمرها، بل من حين توفر المقدمات البعيدة لها، كلها خاضعة للتدبير الإلهي الحكيم، وعلينا أن نؤمن أيضا بأن توفر الشروط لوجودها ووصولها إلى المرحلة النهائية، مستند إلى الإرادة الالهية3.
وبعبارة أخرى: فكما أن وجود كل ظاهرة، منتسب للاذن والمشية التكوينية لله وبدون إذنه لا يمكن لاي موجود أن يفتح عينيه على عالم الوجود، كذلك فإن وجود وتكون كل شيء مستند إلى التقدير والقضاء الالهيين وبدونها لا يمكن لاي موجود الوصول إلى شكله وحدود المعينة، ولا يصل إلى نهاية عمره، وتوضيح هذه الارتباطات والعلاقات وتفسيرها يمثل في واقعه التعليم التدريجي للتوحيد بمعنى الاستقلال في التأثير، الذي هو من أرفع مراتب التوحيد فإن للتأكيد على مثل هذه
ولكن الاشكال الأكثر صعوبة يأتي في مجال الإعتقاد بالقضاء والقدر العيني، وخاصة في مجال الإيمان بالمصير الحتمي، علينا معالجته والاجابة عنه وإن علم الجواب الإجمالي عنه في موضوع التوحيد بمعنى التأثير المستقل.
العلاقة بين القضاء والقدر، واختيار الإنسان
علمنا فيما سبق، أن الإعتقاد بالقضاء والقدر العيني الإلهي، يقتضي الإعتقاد بأن وجود الظواهر من بداية وجودها حتى مراحل نموها وازدهارها، إلى نهاية عمرها، بل من حين توفر المقدمات البعيدة لها، كلها خاضعة للتدبير الإلهي الحكيم، وعلينا أن نؤمن أيضا بأن توفر الشروط لوجودها ووصولها إلى المرحلة النهائية، مستند إلى الإرادة الالهية3.
وبعبارة أخرى: فكما أن وجود كل ظاهرة، منتسب للاذن والمشية التكوينية لله وبدون إذنه لا يمكن لاي موجود أن يفتح عينيه على عالم الوجود، كذلك فإن وجود وتكون كل شيء مستند إلى التقدير والقضاء الالهيين وبدونها لا يمكن لاي موجود الوصول إلى شكله وحدود المعينة، ولا يصل إلى نهاية عمره، وتوضيح هذه الارتباطات والعلاقات وتفسيرها يمثل في واقعه التعليم التدريجي للتوحيد بمعنى الاستقلال في التأثير، الذي هو من أرفع مراتب التوحيد فإن للتأكيد على مثل هذه
81 |
العلاقات والتنبيه عليها دوره الكبير في بناء شخصية الإنسان.
وأما إسناد الظواهر إلى الإذن، بل حتى للمشية الإلهية، فهو أيسر فهما وأقرب إلى الأذهان، خلافا لاسناد مرحلتها النهائية وتعينها الحتمي للقضاء الالهي. فإنه لأجل صعوبة استيعابه وفهمه لذلك بحث فيه أكثر، وذلك لانه يصعب التوفيق بين هذا الإيمان، والإيمان باختيار الإنسان في رسم مصيره وتحديده، لذلك رأينا بعض المتكلمين (الأشاعرة) الذين تقبلوا شمول القضاء الإلهي لأفعال الإنسان، قد أتجهوا إلى القول بالجبر، بينما نرى جماعة أخرى (المعتزلة) الذين لم يمكنهم القول بالجبر واثاره الخطيرة والسيئة، قد أنكروا شمول القضاء الإلهي لأفعال الإنسان الاختيارية، وكل جماعة أولت الايات القرانية والروايات المخالفة لرأيها بما يتلاءم واتجاها ورأيها، كما ذكر ذلك كله في الكتب الكلامية الموسعة وفي الرسائل المخصصة للبحث حول الجبر والتفويض.
والمحور الرئيسي للاعتراض: أن فعل الإنسان إذا كان اختياريا حقا، ومستندا لإرادته، فكيف يمكن القول باستناده لإرادة الله وقضائه؟ وإذا كان مستندا للقضاء الإلهي فيكف يمكن القول بأنه خاضع لإرادة الإنسان واختياره؟
ولأجل الجواب عن هذا الاعتراض والتوفيق بين استناد الفعل لإرادة الإنسان واختياره، واستناده لإرادة الله وقضائه، يلزم علينا أن نبحث حول انواع استناد المعلول الواحد لعلل متعددة، حتى يتضح لنا نوع استناد الفعل الاختياري للانسان ولله تعالى.
أنواع تأثير العلل المتعددة
يمكن أن يتصور تأثير العلل المتعددة في وجود ظاهرة ما، بعدة صور:
1- أن تؤثر العلل المتعددة معا، وكل منها منضمة للأخرى، وتساهم جميعا في وجود الظاهرة، كاجتماع البذر والماء والحرارة وغيرها، حيث تؤثر في انفلاق البذر
وأما إسناد الظواهر إلى الإذن، بل حتى للمشية الإلهية، فهو أيسر فهما وأقرب إلى الأذهان، خلافا لاسناد مرحلتها النهائية وتعينها الحتمي للقضاء الالهي. فإنه لأجل صعوبة استيعابه وفهمه لذلك بحث فيه أكثر، وذلك لانه يصعب التوفيق بين هذا الإيمان، والإيمان باختيار الإنسان في رسم مصيره وتحديده، لذلك رأينا بعض المتكلمين (الأشاعرة) الذين تقبلوا شمول القضاء الإلهي لأفعال الإنسان، قد أتجهوا إلى القول بالجبر، بينما نرى جماعة أخرى (المعتزلة) الذين لم يمكنهم القول بالجبر واثاره الخطيرة والسيئة، قد أنكروا شمول القضاء الإلهي لأفعال الإنسان الاختيارية، وكل جماعة أولت الايات القرانية والروايات المخالفة لرأيها بما يتلاءم واتجاها ورأيها، كما ذكر ذلك كله في الكتب الكلامية الموسعة وفي الرسائل المخصصة للبحث حول الجبر والتفويض.
والمحور الرئيسي للاعتراض: أن فعل الإنسان إذا كان اختياريا حقا، ومستندا لإرادته، فكيف يمكن القول باستناده لإرادة الله وقضائه؟ وإذا كان مستندا للقضاء الإلهي فيكف يمكن القول بأنه خاضع لإرادة الإنسان واختياره؟
ولأجل الجواب عن هذا الاعتراض والتوفيق بين استناد الفعل لإرادة الإنسان واختياره، واستناده لإرادة الله وقضائه، يلزم علينا أن نبحث حول انواع استناد المعلول الواحد لعلل متعددة، حتى يتضح لنا نوع استناد الفعل الاختياري للانسان ولله تعالى.
أنواع تأثير العلل المتعددة
يمكن أن يتصور تأثير العلل المتعددة في وجود ظاهرة ما، بعدة صور:
1- أن تؤثر العلل المتعددة معا، وكل منها منضمة للأخرى، وتساهم جميعا في وجود الظاهرة، كاجتماع البذر والماء والحرارة وغيرها، حيث تؤثر في انفلاق البذر
82 |
وخروج النبات.
2- أن تتناوب العلل في التأثير، بحيث يمكن تقسيم تلك الظاهرة، على عدد تلك العلل، وكل قسم منها معلول لواحدة من العلل والعوامل، التي تؤثر أثرها خلال وقتها ونوبتها، كما لو كانت هناك عدة محركات للطائرة، تؤدي بالتناوب عملية استمرارية حركة الطائرة.
3- أن يكون تأثير كل واحد منها مترتبا على الاخر، كما في تصادم كرات رياضية متعدة، كل منها بالاخر فكل واحدة هي السبب في حركة الأخرى، وكما في الاصطدامات الحلقية المسلسلة حيث تسقط الحلقة اللاحقة من حلقات السلسلة بتأثير السابقة على التعاقب، ومثال اخر له، ما نلاحظه من تأثير إرادة الإنسان في حركة اليد، وتأثير اليد في حركة القلم. وتأثير القلم في وجود الكتابة.
4- التأثير المترتب على علل وعوامل متعددة طولية، بحيث يكون وجود كل منها مرتبطا بوجود الاخر، خلافا للقسم الثالث حيث لم يكن وجود القلم مرتبطا بوجود اليد، أو وجود اليد مرتبطا بإرادة الإنسان، وفي هذه الصور جميعا يمكن أن تجتمع علل متعددة على معلول واحد، بل يجب اجتماعها. وتأثير الإرادة الإلهية وإرادة الإنسان في الفعل الاختياري من القسم الأخير، إذ إن وجود الإنسان وإرادته مرتبطان بالإرادة الإلهية وأما الصورة التي لا يمكن فيها أن تجتمع علتان على معلول واحد، فهي الصورة التي تجتمع فيها علتان موجدتان، أو علتان يمتنع الجمع بينهما في التأثير في عرض ومستوى واحد وعلى البدل كما لو فرضنا صدور إرادة واحدة من فاعلين مريدين، أو استناد ظاهرة واحدة إلى مجموعتين من العلل( علتين تامتين).
مناقشة شبهة
تبين مما ذكرناه من توضيحات، أن استنادا وجود الأفعال الاختيارية الإنسانية
2- أن تتناوب العلل في التأثير، بحيث يمكن تقسيم تلك الظاهرة، على عدد تلك العلل، وكل قسم منها معلول لواحدة من العلل والعوامل، التي تؤثر أثرها خلال وقتها ونوبتها، كما لو كانت هناك عدة محركات للطائرة، تؤدي بالتناوب عملية استمرارية حركة الطائرة.
3- أن يكون تأثير كل واحد منها مترتبا على الاخر، كما في تصادم كرات رياضية متعدة، كل منها بالاخر فكل واحدة هي السبب في حركة الأخرى، وكما في الاصطدامات الحلقية المسلسلة حيث تسقط الحلقة اللاحقة من حلقات السلسلة بتأثير السابقة على التعاقب، ومثال اخر له، ما نلاحظه من تأثير إرادة الإنسان في حركة اليد، وتأثير اليد في حركة القلم. وتأثير القلم في وجود الكتابة.
4- التأثير المترتب على علل وعوامل متعددة طولية، بحيث يكون وجود كل منها مرتبطا بوجود الاخر، خلافا للقسم الثالث حيث لم يكن وجود القلم مرتبطا بوجود اليد، أو وجود اليد مرتبطا بإرادة الإنسان، وفي هذه الصور جميعا يمكن أن تجتمع علل متعددة على معلول واحد، بل يجب اجتماعها. وتأثير الإرادة الإلهية وإرادة الإنسان في الفعل الاختياري من القسم الأخير، إذ إن وجود الإنسان وإرادته مرتبطان بالإرادة الإلهية وأما الصورة التي لا يمكن فيها أن تجتمع علتان على معلول واحد، فهي الصورة التي تجتمع فيها علتان موجدتان، أو علتان يمتنع الجمع بينهما في التأثير في عرض ومستوى واحد وعلى البدل كما لو فرضنا صدور إرادة واحدة من فاعلين مريدين، أو استناد ظاهرة واحدة إلى مجموعتين من العلل( علتين تامتين).
مناقشة شبهة
تبين مما ذكرناه من توضيحات، أن استنادا وجود الأفعال الاختيارية الإنسانية
83 |
إلى الله تعالى، لا ينافي استنادها للإنسان نفسه، لأن أحدهما في طول الاخر، ولا تزاحم بينهما.
وبعبارة أخرى: استناد الفعل للفاعل الإنساني في مستوى، بينما استناد وجوده لله تعالى فهو في مستوى آخر أسمى من ذلك المستوى فانه في ذلك المستوى يكون وجود الإنسان نفسه، ووجود المادة التي يحقق فعله فيها، ووجود الالات التي يستخدمها في القيام بفعله، كلها مستندة إلى الله تعالى . إذن فتأثير إرادة الإنسان التي هي من قبيل الجزء الأخير للعلة التامة في فعله، لا ينافي استناد جميع أجزاء العلة التامة إلى الله تعالى، فإنه تعالى هو الذي يملك بيد قدرته وجود العالم والإنسان وكل شؤونه وأحواله الوجودية، وهو الذي يفيض الوجود عليها باستمرار، ولا تستغني عنه تعالى في أي زمان وحال، وليست لها أية استقلالية عنه وبناء على ذلك فالافعال الاختيارية للانسان غير مستغنية عنه تعالى أيضا، ولا يمكن لها أن تخرج عن حدود إرادته وكل صفاتها ومميزاتها وحدودها ومشخصاتها أيضا مرتبطة بالتقدير والقضاء الإلهي، وليس كما ذكر، بأن هذه الأفعال إما أن تكون مستندة لإرادة الإنسان، أو مستندة لإرادة الله، وذلك لان هاتين الإرادتين ليستا في عرض ومستوى واحد، ولا يمتنع الجمع بينهما، ولا يؤثران في تحقق الأفعال على البدلية، بل إن إرادة الإنسان كأصل وجوده نفسه، مرتبطة بالإرادة الإلهية، ووجود الإرادة الإلهية ضروري لتحققها. ﴿وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾4.
معطيات الإعتقاد بالقضاء والقدر
إن الإعتقاد بالقضاء والقدر الإلهي، كما أنه يعتبر مرحلة رفيعة من معرفة الله، ويؤدي إلى تكامل الإنسان عقليا، فكذلك له اثار ومعطيات عملية كثيرة، نذكر هنا
وبعبارة أخرى: استناد الفعل للفاعل الإنساني في مستوى، بينما استناد وجوده لله تعالى فهو في مستوى آخر أسمى من ذلك المستوى فانه في ذلك المستوى يكون وجود الإنسان نفسه، ووجود المادة التي يحقق فعله فيها، ووجود الالات التي يستخدمها في القيام بفعله، كلها مستندة إلى الله تعالى . إذن فتأثير إرادة الإنسان التي هي من قبيل الجزء الأخير للعلة التامة في فعله، لا ينافي استناد جميع أجزاء العلة التامة إلى الله تعالى، فإنه تعالى هو الذي يملك بيد قدرته وجود العالم والإنسان وكل شؤونه وأحواله الوجودية، وهو الذي يفيض الوجود عليها باستمرار، ولا تستغني عنه تعالى في أي زمان وحال، وليست لها أية استقلالية عنه وبناء على ذلك فالافعال الاختيارية للانسان غير مستغنية عنه تعالى أيضا، ولا يمكن لها أن تخرج عن حدود إرادته وكل صفاتها ومميزاتها وحدودها ومشخصاتها أيضا مرتبطة بالتقدير والقضاء الإلهي، وليس كما ذكر، بأن هذه الأفعال إما أن تكون مستندة لإرادة الإنسان، أو مستندة لإرادة الله، وذلك لان هاتين الإرادتين ليستا في عرض ومستوى واحد، ولا يمتنع الجمع بينهما، ولا يؤثران في تحقق الأفعال على البدلية، بل إن إرادة الإنسان كأصل وجوده نفسه، مرتبطة بالإرادة الإلهية، ووجود الإرادة الإلهية ضروري لتحققها. ﴿وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾4.
معطيات الإعتقاد بالقضاء والقدر
إن الإعتقاد بالقضاء والقدر الإلهي، كما أنه يعتبر مرحلة رفيعة من معرفة الله، ويؤدي إلى تكامل الإنسان عقليا، فكذلك له اثار ومعطيات عملية كثيرة، نذكر هنا
84 |
هنا بعضا منها:
إن من يؤمن بأن حدوث الحوادث خاضع لإرادة الله الحكيمة، ومستند إلى التقدير والقضاء الإلهي، لا يخشى الأحداث المؤلمة، ولا ينهار أمامها، ولا يتملكه الجزع واليأس، فإنه حين يعتقد بأن هذه الأحداث تمثل جانبا من نظام العالم الحكيم، وتتحقق وفق مصالح وحكم، يستقبلها بحضان مفتوحة، ليتوصل من خلال هذا الموقف المؤمن إلى ملكات فاظلة، أمثال الصبر والتوكل والرضا والتسليم وغيرها.
وكذلك لا تشده ولا تخدعه ملذات الحياة وأفراحها، ولا يصيبه الغرور والخيلاء، بها، ولا يتخذ النعم الإلهية سلما للتفاخر والاستعلاء.
إن هذه المعطيات القيمة هي التي تشير إليها الاية الشريفة: ﴿مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾5 وعلينا أن نؤكد على تجنب اثار ومضاعفات التفسير المنحرف لمسألة القضاء والقدر والتوحيد في التأثير المستقل، فإن التفسير الخاطى يؤدي إلى الكسل والبطالة والمذلة وقبول الظلم والجور، والتهرب من المسؤولية، ويلزم علينا أن نعلم أن السعادة أو الشقاء الأبدي للانسان إنما هو نتيجة أفعاله الاختيارية نفسه ﴿لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ﴾6 ﴿وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى﴾7.
إن من يؤمن بأن حدوث الحوادث خاضع لإرادة الله الحكيمة، ومستند إلى التقدير والقضاء الإلهي، لا يخشى الأحداث المؤلمة، ولا ينهار أمامها، ولا يتملكه الجزع واليأس، فإنه حين يعتقد بأن هذه الأحداث تمثل جانبا من نظام العالم الحكيم، وتتحقق وفق مصالح وحكم، يستقبلها بحضان مفتوحة، ليتوصل من خلال هذا الموقف المؤمن إلى ملكات فاظلة، أمثال الصبر والتوكل والرضا والتسليم وغيرها.
وكذلك لا تشده ولا تخدعه ملذات الحياة وأفراحها، ولا يصيبه الغرور والخيلاء، بها، ولا يتخذ النعم الإلهية سلما للتفاخر والاستعلاء.
إن هذه المعطيات القيمة هي التي تشير إليها الاية الشريفة: ﴿مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾5 وعلينا أن نؤكد على تجنب اثار ومضاعفات التفسير المنحرف لمسألة القضاء والقدر والتوحيد في التأثير المستقل، فإن التفسير الخاطى يؤدي إلى الكسل والبطالة والمذلة وقبول الظلم والجور، والتهرب من المسؤولية، ويلزم علينا أن نعلم أن السعادة أو الشقاء الأبدي للانسان إنما هو نتيجة أفعاله الاختيارية نفسه ﴿لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ﴾6 ﴿وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى﴾7.
مواضيع مماثلة
» القضاء والقدر
» معنى القضاء والقدر
» الثمار الأخلاقية للإيمان بالقضاء والقدر
» الثمار العقديّة للإيمان بالقضاء والقدر
» الايمان بالقضاء والقدر خيره وشره
» معنى القضاء والقدر
» الثمار الأخلاقية للإيمان بالقضاء والقدر
» الثمار العقديّة للإيمان بالقضاء والقدر
» الايمان بالقضاء والقدر خيره وشره
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة 21 يونيو 2024, 12:25 am من طرف Admin
» هل الانجيل محرف
الأربعاء 19 يونيو 2024, 2:34 pm من طرف Admin
» شبهات النصاري زواج ام المؤمنين عائشه،
الإثنين 17 يونيو 2024, 10:30 am من طرف Admin
» الفرق بين السنه والفقه
السبت 11 مايو 2024, 11:23 pm من طرف Admin
» كيف عرفت انه نبي..
الجمعة 26 أبريل 2024, 5:40 am من طرف Admin
» موضوع هل يدخل الجنه غير المسلمين،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:48 am من طرف Admin
» التدرج في التشريع
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:43 am من طرف Admin
» كتب عليكم الصيام،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:41 am من طرف Admin
» اقوال العلماء في تفسير ايه الحجاب،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:40 am من طرف Admin