مُلتَقى الدعوةُ والدعاةُ
نحن فى سعادة غامره بوجودكم معنا نرجوا من الله توفير كل ما يسعدكم فى هذا المنتدى ولكم جزيل الشكر

المدير العام
الشيخ محمدشوقى

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

مُلتَقى الدعوةُ والدعاةُ
نحن فى سعادة غامره بوجودكم معنا نرجوا من الله توفير كل ما يسعدكم فى هذا المنتدى ولكم جزيل الشكر

المدير العام
الشيخ محمدشوقى
مُلتَقى الدعوةُ والدعاةُ
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
بحـث
 
 

نتائج البحث
 

 


Rechercher بحث متقدم

الشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المواضيع الأخيرة
» صلاة الغائب
ومن شكر فإنما يشكر لنفسه Emptyالجمعة 21 يونيو 2024, 12:25 am من طرف Admin

» هل الانجيل محرف
ومن شكر فإنما يشكر لنفسه Emptyالأربعاء 19 يونيو 2024, 2:34 pm من طرف Admin

» شبهات النصاري زواج ام المؤمنين عائشه،
ومن شكر فإنما يشكر لنفسه Emptyالإثنين 17 يونيو 2024, 10:30 am من طرف Admin

» الفرق بين السنه والفقه
ومن شكر فإنما يشكر لنفسه Emptyالسبت 11 مايو 2024, 11:23 pm من طرف Admin

» كيف عرفت انه نبي..
ومن شكر فإنما يشكر لنفسه Emptyالجمعة 26 أبريل 2024, 5:40 am من طرف Admin

» موضوع هل يدخل الجنه غير المسلمين،
ومن شكر فإنما يشكر لنفسه Emptyالثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:48 am من طرف Admin

» التدرج في التشريع
ومن شكر فإنما يشكر لنفسه Emptyالثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:43 am من طرف Admin

» كتب عليكم الصيام،،
ومن شكر فإنما يشكر لنفسه Emptyالثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:41 am من طرف Admin

» اقوال العلماء في تفسير ايه الحجاب،،
ومن شكر فإنما يشكر لنفسه Emptyالثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:40 am من طرف Admin

نوفمبر 2024
الأحدالإثنينالثلاثاءالأربعاءالخميسالجمعةالسبت
     12
3456789
10111213141516
17181920212223
24252627282930

اليومية اليومية

التبادل الاعلاني

انشاء منتدى مجاني



الحمدلله على نعمة الاسلام
ايها الاخوه الدعاه الى الله وكذا جميع الزائرين والزائرات مرحبا بكم واهلا نتمنى من الله ان نكون عند حسن ظنكم جميا والله الموفق الى الخير وهو حسبنا ونعم الوكيل
الشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 6 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 6 زائر

لا أحد

أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 76 بتاريخ الأربعاء 30 أكتوبر 2024, 11:01 pm

ومن شكر فإنما يشكر لنفسه

اذهب الى الأسفل

ومن شكر فإنما يشكر لنفسه Empty ومن شكر فإنما يشكر لنفسه

مُساهمة من طرف Admin الجمعة 22 أبريل 2016, 3:28 am

خطبة الجمعة : -
ومن شكر فإنما يشكر لنفسه
" للشيخ / محمد حسن داود "
العناصــــــــــــــــــــــــر
1 - حقيقة الشكر ومكانته
2 - الشكر من صفات الأنبياء والصالحين
3 - كيف تكون شاكرا لله
4 – فضل الشكر ومنزلة الشاكرين
5 - عواقب جحود النعم وعدم شكرها
6 – شكر أهل المعروف من شكر الله
الموضـــــــــــــــــــــــــــــــوع
الحمد لله رب العالمين ،واشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له ،واشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى اله و صحبه أجمعين .
أما بعد
إن من أعظم العبادات وأرفعها قدرًا عند الله سبحانه وتعالى التعبد له بشكره؛ فمن لم يشكر الله فما عبده حق العبادة ،قال تعالى (وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) البقرة172.
فالشكر والعرفان من لوازم الإيمان بل إن الشكر نصف الإيمان؛ والنصف الآخر هو الصبر؛ لأن حال المؤمن لا يخلو منهما؛ فَعَنْ صُهَيْبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ!! إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ!! إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ!! وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ!!" مسلم.
وفي ذلك يقول ابن القيم: "الإيمان يبنى على الصبر والشكر, فنصفه صبر ونصفه شكر, فعلى حسب صبر العبد وشكره تكون قوة إيمانه" الفوائد
فالشكرُ اعترافٌ من العبد بمنَّة الله عليه، وإقرارٌ بنعمِه عليه من خيرَي الدنيا والآخرة
وعن حقيقة الشكر يقول ابن القيم:" الشّكر ظهور أثر نعمة الله على لسان عبده: ثناء واعترافا، وعلى قلبه شهودا ومحبّة، وعلى جوارحه انقيادا وطاعة." مدارج السالكين
ومن ثم فان الشكر يقتضى الثناء على المنعم بالقلب واللسان وبذل الجهد في طاعته واجتناب معصيته
ومن عظيم أمر الشكر أن الله تعالى أمر العباد به بل وحضهم عليه مرارا كما في قوله تعالى (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ ) البقرة152
وقال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ )البقرة172
وقال أيضا (فَابْتَغُوا عِندَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ )العنكبوت17
كما هيأ الله عز وجل لعباده من الأسباب والنعم ما يجعلهم شاكرين له إن هم رعوها حق رعايتها؛ فجعل التقوى موصلة إلى الشكر ، قال تعالى ( فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ، ) وأتم النعمة ليشكروه ، قال تعالى (وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) وبين لهم الآيات ليشكروه، قال تعالى ( كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) وأنعم عليهم بالرزق ليشكروه، قال تعالى ( وَرَزَقَكُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) وتجاوز عنهم بعفوه ليشكروه، قال تعالى ( ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) وسخر لهم جوارحهم ليشكروه،قال تعالى ( وَجَعَلَ لَكُمْ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) وسخر لهم من الآيات ما يعينهم على شكره،قال تعالى (وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) وقال تعالى ( وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا).
ومن عظيم أمر الشكر أن الله مدح به أنبياءه ورسله فقال تعالى
عن إبراهيم -عليه السلام ( إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ* شَاكِراً لِّأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ )النحل 120-121
وعن نوح قال تعالى (ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْداً شَكُوراً )الإسراء3
و عن سليمان -عليه السلام- قال تعالى (قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ) النمل40
، أما ما كان من شأن نبينا فكان شيئًا عجبًا؛ فقد كان مع شريف مكانته ورفيع منزلته و مع انه قد غفرَ الله له ما تقدَّم من ذنبِه وما تأخَّر، كان أكثر الناس لربه تعالى شكرا فعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَلَّى قَامَ حَتَّى تَفَطَّرَ رِجْلَاهُ؛ قَالَتْ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَصْنَعُ هَذَا وَقَدْ غُفِرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟! فَقَالَ: يَا عَائِشَةُ أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا؟! " متفق عليه
كما كان الأنبياء والرسل عليهم السلام أكثر الناس شكرًا لله تعالى لأنهم أعلم الناس بالله وأرجاهم لله وأخوفهم منه، قال الحافظ ابن حجر في كتابه فتح الباري: قال العلماء : إنما ألزم الأنبياء أنفسهم بشدة الخوف لعلمهم بعظيم نعمة الله تعالى عليهم ، وأنه ابتدأهم بها قبل استحقاقها ، فبذلوا مجهودهم في عبادته ليؤدوا بعض شكره ، مع أن حقوق الله أعظم من أن يقوم بها العباد . والله أعلم .
ومع أن أنبياء الله ورسله عليهم السلام كانوا أكثر الناس شكرا لله تعالى، كانوا يسألون الله تعالى الإعانة على القيام بشكره؛ فهذا سيدنا سليمان عليه السلام يقول جل وعلا عنه (َقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ) النمل19
قال الشيخ السعدي رحمه الله تعالى: " رب أوزعني أي: ألهمني ووفقني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي فإن النعمة على الوالدين نعمة على الولد، فسأل ربه التوفيق للقيام بشكر نعمته الدينية والدنيوية عليه وعلى والديه، " تفسير السعدي .
كما حرِصَ أنبياءُ الله - عليهم السلام - على تذكير أقوامِهم بهذا المقام العظيم من مقامات العبودية؛ فها هو هودٌ - عليه السلام - يقول لقومه ﴿ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾الأعراف 69.
ويقول صالحٌ - عليه السلام - وهو يُعدِّدُ على قومِه ما منحَه ربُّهم من مظاهر النِّعَم والقوة ﴿ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ﴾ الأعراف 74.
ووصى النَّبيَّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- أن نضرع إلى الله وأن نسأله أن يلهمنا الشُّكر فعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَخَذَ بِيَدِ مُعَاذٍ ، فَقَالَ : " يَا مُعَاذُ ، وَاللَّهِ إِنِّي لأُحِبُّكَ " . فَقَالَ مُعَاذٌ : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي ، وَاللَّهِ إِنِّي لأُحِبُّكَ . فَقَالَ : يَا مُعَاذُ ، " أُوصِيكَ أَنْ لا تَدَعَنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ أَنْ تَقُولَ : اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ ، وَشُكْرِكَ ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ " صحيح بن حبان.
الإخوة الأخيار
إن الشكر لا يقف عند قول باللسان بل إن دائرته أوسع واعم
إذ تشتمل معه على تصديق بالقلب وعمل بالجوارح وكما قال ابن قدامة - رحمه الله تعالى " الشّكر يكون بالقلب واللّسان والجوارح. أمّا بالقلب فهو أن يقصد الخير ويضمره للخلق كافة. وأمّا باللّسان: فهو إظهار الشّكر لله بالتّحميد، وإظهار الرّضى عن الله تعالى. وأمّا الجوارح: فهو استعمال نعم الله في طاعته، والتّوقّي من الاستعانة بها على معصيته، فمن شكر العينين أن تستر كلّ عيب تراه للمسلم، ومن شكر الأذنين أن تستر كلّ عيب تسمعه". مختصر منهاج القاصدين
ونحن لا نقلِّل من قدر شكر اللسان، كما أننا لا نقف بالشكر عنده وحده ، فإن من الحق علينا أن نشكر الله دائمًا باللسان، وفي كل صباح ومساء يقرُّ لله بالفضل، ويعترف له بافتقار الخلق جميعًا إلى عطائه وجُودِه.

وهذا ما علَّمَنَا إياه الرسول صلى الله عليه وسلم، فعَنِ بْنِ عَبَّاسٍ ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ : اللَّهُمَّ مَا أَصْبَحَ بِي مِنْ نِعْمَةٍ ، أَوْ بِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ ، فَمِنْكَ وَحْدَكَ لا شَرِيكَ لَكَ ، فَلَكَ الْحَمْدُ وَلَكَ الشُّكْرُ ، فَقَدْ أَدَّى شُكْرَ ذَلِكَ الْيَوْمَ " صحيح ابن حبان.
ومع ذلك فان الشكر بالعمل مطلوب فلا يكون شكر الله على نعمه إلا بأن نسخرها في طاعته ومرضاته، وبأن لا نستعين بها على معصيته، قال تعالى ﴿اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِي الشَّكُورُ﴾ سبأ 13.
يقول الإمام أبو حامد الغزالي: "..إن الناس يظنون أن الشكر أن يقول بلسانه: الحمد لله، الشكر لله، ولم يعرفوا أن معنى الشكر أن يستعمل النعمة في إتمام الحكمة التي أريدت بها وهي طاعة الله عزَّ وجلَّ"
روي أن أبا حازم جاءه رجل فقال له: ما شكر العينين؟ قال: إن رأيت بهما خيرًا أعلنته، وإن رأيت بهما شرًّا سترته.
قال: فما شكر الأذنين؟ قال: إن سمعت خيرًا وعيته، وإن سمعت بهما شرًّا أخفيته. قال: فما شكر اليدين؟ قال: لا تأخذ بهما ما ليس لهما، ولا تمنع حقًّا لله- عزَّ وجلَّ- هو فيهما، قال فما شكر البطن؟ قال: أن يكون أسفله طعامًا، وأعلاه علمًا، قال فما شكر الفرج؟ قال: كما قال الله- عزَّ وجلَّ-: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنْ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْعَادُونَ (المؤمنون)، قال: فما شكر الرِّجْلَيْنِ؟ قال: إن رأيت حيًّا غبطته بهما عمله، وإن رأيت ميتًا مقته كففتها عن عمله، وأنت شاكر لله- عزَّ وجلًَّ، فأما من شكر بلسانه، ولم يشكر بجميع أعضائه، فمثله كمثل رجل له كساء، فأخذ بطرفه، ولم يلبسه، فلم ينفعه ذلك من الحر والبرد والثلج والمطر.
الإخوة الأخيار
لما كانت منزلة الشكر بهذه المثابة خصت بمزيد من الذكر والأجر وإن كانت جميع العبادات يؤجر عليها صاحبها إلا أن من المقرر عند أهل العلم أن العبادات تتفاضل فيما بينها وأن تخصيص عبادة بكثير ذكر ومدح لأهلها يدل على تمييزها عن غيرها، ولذا خص الشكر بالجزاء والثناء على أهله قال تعالى ( وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ) ،( وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ،)، ( نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنَا كَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ)، (أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ)، (بَلْ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنْ الشَّاكِرِينَ).
فلما عرف عدو الله إبليس ذلك عن الشكر، وأنه من أجل المقامات وأعلاها جعل غايته أن يسعى في قطع الناس عنه فقال: (ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ) الأعراف17.
فشكر العبد لربه بصدق وإخلاص يفتح على العبد أبواب الخير ويغلق عنه أبواب الشر، ذلكم لأن نتيجة الشكر تتضمن خيري
الدنيا والآخرة؛ قال تعالى (وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ ) آل عمران145.
كما أن الشاكِرون هم الناجُون من عقوباتِ الدنيا وشُرورِها، ومن كُرُبات الآخرة؛ قال الله تعالى عن قوم لُوطٍ - عليه السلام - (إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ * نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنَا كَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ) القمر 34،35.
والشكر سببٌ لرضي الله عن عبده فقد أخبر سبحانه أنّ رضاه في شكره، قال تعالى( وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ ) الزمر 7.
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" إِنَّ اللَّهَ لَيَرْضَى عَنْ الْعَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الْأَكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا ". مسلم
وأخبر سبحانه أنه لا يعذب الشاكرين من عباده فقال سبحانه( مَّا يَفْعَلُ اللّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ وَكَانَ اللّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا ) النساء147
وأخبر سبحانه أنّ أهل الشّكر هم المخصوصون بمنّته من بين عباده فقال (وَكَذلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ ) الأنعام 53.
وأخبر سبحانه أن حفظ النعم واستمرارها وعدم زوالها وزيادتها مقرون بالشكر فقال عز وجل( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ )إبراهيم7 .
وفي صورتين متتاليتين من القرآن يعرض الله لنا صفحةً للشَّاكرين وصفحةً للكافرين، والَّذين كان مظهر كفرهم هو منع الشُّكر.
يعرض الله لنا في قصة الشَّاكرين طرفًا من خبر داود وسليمان -عليهما السَّلام-، حيث يقول الله عن آل داود (وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ مِنَّا فَضْلا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ) [سبأ: 10]، إلى آخر ما يعرض لنا من أنواع النِّعم الَّتي أنعم بها على داود.
ثم يذكر سليمان فيقول -سبحانه-: {وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ} [سبأ: 12].
ويعدد كذلك النَّعم، وبعدها يأمرهم الله بقوله: {اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} [سبأ: 13].
وقد قام داود بحق هذه الآية خير قيامٍ؛ لأنَّه كان مدركًا لنعم الله عليه، فعن الحسن قال: "قال داود -عليه السَّلام-: إلهي لو أنَّ لكلِّ شعرةٍ منِّي لسانين يسبحانك الليل والنَّهار ما قضيت نعمةً من نعمك، وكان يطيع الله بكل جهده واستطاعته"، فعن ثابت البناني قال: "كان داود -عليه السَّلام- قد جزأ على أهله وولده الصَّلاة، فكان لا يأتي عليهم ساعةٌ من الليل والنَّهار إلا وإنسانٌ من آل داود قائمٌ يصلِّي".
ليس هذا فحسب، بل كان داود يعلم أنَّ من نعم الله عليه أن يوفقه للشُّكر، فقد جاء في بعض الآثار: "أنَّ داود -عليه السَّلام- قال: كيف أشكرك يا ربِّ والشُّكر نعمةٌ منك؟ فقال الله: الآن قد عرفتني وشكرتني، إذ قد عرفت أنَّ الشُّكر مني نعمةٌ"،
وفي الصُّورة المقابلة يعرض الله لنا قصة سبأ، وما حلَّ بهم من دمارٍ بعد أن كانوا في رخاءٍ من العيش، وأمنٍ في الوطن، وسعةٍ في الرِّزق، وبهجةٍ في الحدائق، ووفرةٍ في الزُّروع، لدرجة أنَّ المرأة كانت تمشي وعلى رأسها مكتل، فيتساقط الثَّمر من الأشجار في هذا المكتل من غير حاجةٍ إلى كلفةٍ، أعطاهم الله كل هذا وأمرهم بالشُّكر، فهل شكروا؟ يقول الله -تعالى-: {لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ (15) فَأَعْرَضُوا} [سبأ: 15-16] فلنتأمل، فأعرضوا، أعرضوا عن ماذا؟ أعرضوا عن شكر الله، فماذا كانت نتيجة الإعراض ؟ يقول الله -تعالى-: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ (16) ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلا الْكَفُورَ} [سبأ: 16-17].
فيجب علينا أن نتعلم هذا الدَّرس، وأن نعي هذه العظة، وأن ننظر إلى ما أولانا الله به من نعمٍ، وان نشكره عليها حتَّى لا تزول عنَّا.
وربما يأتي أحد الناس ويقول، ماذا عندي، إن فلانا أصغر مني سنا، وأقل مني منزلة وليس عندي سيارات كالتي عنده، ولا بيوت كالتي عنده وكذا وكذا
وهنا نحب أن نلفت النَّظر لأمرين:
الأول: أن الواجب على الإنسان أن ينظر إلى من هو تحته في الدنيا وإلى من هو فوقه في الدين، فعنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْظُرُوا إِلَى مَنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَا تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكُمْ فَهُوَ أَجْدَرُ أَنْ لَا تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ " مسلم.
كما أن المال الكثير والجاه العظيم ابتلاء من الله يقول -تعالى-: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} [الأنبياء: 35].
ويقول أحد السَّلف: "ما من النَّاس إلا مبتليه الله بعافيةٍ لينظر كيف يكون شكره أو بمصيبةٍ لينظر كيف يكون صبره".
والإنسان حينما يصبر على المصيبة فإنها تتحول من محنة إلى منحة، يقول أحد السلف: "ما أصبت في دنياي بمصيبة إلا رأيت لله فيها ثلاث نعم: الأولى أنها لم تكن في ديني، والثاني إنها لم تكن أكبر منها، والثالث أنني أرجو ثواب الله فيها" لننظر أيها الإخوة نعم في المصائب؟ نعم إنها منح تحملها المحن.
والأمر الثَّاني الَّذي نريد أن نلفت النَّظر إليه هو أنَّ كثيرًا من النَّاس يشكون الفقر ويشكون المرض ويشكون أمورًا كثيرةً حينما تسمعها تظنُّ أنَّهم لا يملكون شيئًا.
وهذا نقول له :هل تظن أنك حينما تخرج من بيتك وحدك، وتملأ صدرك بالهواء في أنفاس عميقة ورتيبة، وتمد بصرك إلى آفاق الكون فترى العالم وما يموج به من حركة الأحياء والحياة، هل تظن ذلك شيئا هينا أو نعمة قليلة؟ ألا تعلم أن هناك خلقا ابتلوا بفقد هذه النعم ولا يعلم إلا الله مدى ما يحسونه من ألم؟ فمنهم من حبس في جلده فما يستطيع أن يتحرك بعد أن قيده المرض، ومنهم من يريد أن يتنفس الهواء فما يستطيع إلا بشدة ومعاناة، ومنهم من يتلوى من أكل لقمة؛ لأن معدته لا تقوى على هضمها، إذا كنت أخي معافى من هذه الأمراض فهل تظن أن الله زودك بشيء بسيط؟ أو منحك ما لا تحاسب عليه؟ كلا كلا.
جاء رجلٌ إلى يونس بن عبيد يشكو ضيق حاله فقال له يونس: أيسرك ببصرك هذا الَّذي تبصر به مائة ألف درهم؟ فقال الرَّجل: لا، قال: فرجليك؟ قال الرَّجل: لا! فذكره بنعم الله عليه وقال له: "أرى عندك مئين ألوف وتشكو الفاقة النَّاس يشكون وهم أغنياء"، ما السَّبب في هذه؟ السَّبب أنَّ كثيرًا من النَّاس لا يشعر بما يتمتع به من نعمٍ، لأنَّهم يحصلون عليها دون كدٍّ ودون عناءٍ، ودائمًا وأبدًا يقولون ينقصنا كذا وكذا، ونريد كذا وكذا، ولا يقولون عندنا كذا وكذا، وهذا النِّسيان للنِّعمة نذيرُ شرٍّ وسوءٍ؛ لأنَّه مع الوقت يدخل الإنسان في الجحود والَّذي يكون سببًا في الإعراض عن الُّشكر {إِنَّ الإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ} [العاديات: 6].
وهذا رجلٌ من الصَّالحين اسمه ابن السَّماك، دخل يوماً على هارون الرَّشيد، فقال هارون له: يا ابن السَّماك عظني، وكان قد أتى للرَّشيد بماءٍ ليشربه، فقال: يا أمير المؤمنين أرأيت لو حبست عنك تلك الشّربة بم كنت تفديها؟ قال: أفديها بنصف ملكي، فقال ابن السَّماك: أرأيت لو شربتها ثمَّ منعت من الخروج بم كنت تفديها؟ قال: أفديها بنصف ملكي الآخر، فقال له: "فما خير في ملكٍ لا يساوي شربةً ولا بولةً".
وإذا كان ابن السماك يريد أن يهون أمام الخليفة ملكه، فيأتي له بنعمة يتمتع بها ولا يتلفت إلى قدرها، ويريه أنها أثمن وأغلى مما عنده من مال وجاه وصولة وجولة، فنحن ننظر إليها فنرى أن ما يفتديه الملوك بمالهم وجاههم وسلطانهم نحصل عليه دون معاناة، ونناله من غير جهد، وإذا شك أحد في ذلك فإننا نقول له: اذهب إلى المستشفيات وانظر إلى ما يعانيه نزلاؤها مما عافاك الله منه، فنحن نأكل ونشرب صباحا ومساء، وندخل إلى الخلاء ونخرج، ونأتي ونذهب وقد لا نلتفت إلى أن هذه كلها نعم كبرى أنعم الله بها علينا.
فهل نذكر هذا الفضل؟ وهل نقدر هذه النعمة؟ وهل نشكر الله عليها؟
إن الله -تعالى- سخر لنا الأرض والسماء والشمس والقمر والبحر والنهر، كذلك لخدمة الإنسان وتلبية حاجاته، اسمع إلى هذا التذكير القرآني الكريم (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الأَنْهَارَ * وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ * وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ )إبراهيم 32-34.

فلا تظنُّ أخي المسلم أنَّ رأس مالك هو ما جمعت من ذهبٍ وفضةٍ وأموالٍ وعقاراتٍ وسياراتٍ وشركاتٍ، كلا: إنَّ رأس مالك الحقيقي هو هذه الخلقة السَّويَّة، وهذه العافية الَّتي حرمها كثيرٌ من النَّاس.
وانظروا إلى أغنى الأغنياء من النَّاس كما بيَّنه لنا النَّبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم-،
فعنْ سَلَمَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِحْصَنٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِناً فِي سِرْبِه ،مُعَافى فِي بَدَنِهِ ،عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيا بِحَذَافِيْرِهَا" سنن ابن ماجه – قال الألباني حسن
الدنيا كلها تكون ملكا لك حينما يكون عندك هذا القدر من متطلباتك.
ليس هذه فحسب بل إن صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كانوا يربون الناس على القناعة وعلى تقدير ما لديهم من خيرات قد يغفلون عنها وينسونها، روى مسلم عن أبي عبد الرحمن الحبلي قال: "سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص وسأله رجلٌ فقال: ألسنا من فقرائ المهاجرين ؟ فقال له عبد الله: ألك امرأة تأوى إليها؟ قال: نعم، قال: "ألك مسكنٌ تسكنه؟ قال: نعم، قال: فأنت من الأغنياء، قال: فإنَّ لي خادمًا، قال: فأنت من الملوك".
أظنُّ أنَّنا بذلك المقياس ملوكٌ متوجون بنعم الله -تعالى.
لقد كفر بنعمة الله وجحدها أقوامٌ, فجعلهم الله عبرة تضرب بهم الأمثال, فمنهم من زال بعدم شكر النعمة ملكه ومنهم من زال بملكه
وينقل لنا القرآن الكريم قصة أصحاب الجنة لما أصروا على نكران النعم وجحودها وعدم شكرها ، قال تعالى(إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ * وَلَا يَسْتَثْنُونَ * فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِّن رَّبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ * فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ * فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ * أَنِ اغْدُوا عَلَىٰ حَرْثِكُمْ إِن كُنتُمْ صَارِمِينَ * فَانطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ * أَن لَّا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُم مِّسْكِينٌ * وَغَدَوْا عَلَىٰ حَرْدٍ قَادِرِينَ * فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ * بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ * قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ * قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ * فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ * قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ * عَسَىٰ رَبُّنَا أَن يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِّنْهَا إِنَّا إِلَىٰ رَبِّنَا رَاغِبُونَ * كَذَٰلِكَ الْعَذَابُ ۖ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ )سورة القلم 17/33
وهؤلاء ثلاثة نفر أخر من بني إسرائيل ،عَن أَبِي هُرَيْرَةَ ؛ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:" إِنَّ ثلاثَةَ نَفَرٍ في بَنِي إِسْرَائِيلَ : أَبْرَصَ ، وأَقْرَعَ ، وأَعْمَى ، بدَا للهِ أنْ يَبْتَلِيَهُمْ فبعثَ إليهِم مَلَكًا فَأَتَى الأَبْرَصَ ، فقال : أيُّ شيءٍ أحبُّ إليكَ ؟ قال : لَوْنٌ حَسَنٌ ، وجِلْدٌ حَسَنٌ ، قد قَذَّرَنِي الناسُ ، فَمسحَهُ ، فذهبَ ، وأُعْطِيَ لَوْنًا حَسَنًا ، وجِلْدًا حَسَنًا ، فقال : أيُّ المالِ أحبُّ إليكَ ؟ قال الإِبِلُ ، فَأُعْطِيَ ناقَةً عُشَرَاءَ ، فقال : يباركُ لكَ فيها ، وأَتَى الأَقْرَعَ ، فقال : أيُّ شيءٍ أحبُّ إليكَ ؟ قال : شَعْرٌ حَسَنٌ ، ويذهبُ هذا عَنِّي ، قد قَذَّرَنِي الناسُ ، فَمسحَهُ ، فذهبَ ، وأُعْطِيَ شَعْرًا حَسَنًا ، قال : فَأيُّ المالِ أحبُّ إليكَ ؟ قال : البَقَرُ ، فَأَعطَاهُ بَقْرَةً حامِلا ، وقال : يباركُ لكَ فيها ، وأَتَى الأَعْمَى ، فقال : أيُّ شيءٍ أحبُّ إليكَ ؟ قال : يردُ اللهُ إلِي بَصرِي ، فَأُبْصِرُ بهِ الناسُ ، فَمسحَهُ ، فَرَدَّ اللهُ بَصَرَهُ ، قال : فَأيُّ المالِ أحبُّ إليكَ ؟ قال : الغنمُ ، فَأعطاهُ شَاةً والِدًا ، فَأنتَحَ هذانِ ، ووَلَّدَ هذا ، فكانَ لِهذا وادٍ من إِبِلٍ ، ولِهذا وادٍ من بَقَرٍ ، ولِهذا وادٍ من غَنَمٍ ، ثُمَّ إنَّهُ أَتَى الأَبْرَصَ في صُورَتِه وهَيْئَتِه ، فقال : رجلٌ مِسْكِينٌ ، تقطعَتْ بهِ الحبالُ في سَفَرِهِ ، فلا بَلاغَ اليومِ إلَّا باللهِ ، ثُمَّ بِكَ ، أسألُكَ بِالذي أَعْطَاكَ اللَّوْنَ الحَسَنَ والجِلْدَ الحَسَنَ ، والمالَ بَعِيرًا أَتَبَلَّغُ عليهِ في سَفَرِي ، فقال لهُ : إنَّ الحقوقَ كثيرةٌ ، فقال لهُ : كَأَنِّي أَعْرِفُكَ أَلمْ تَكُنْ أَبْرَصَ يُقَذِّرُكَ الناسُ ، فَقِيرًا فَأَعْطَاكَ اللهُ ؟ فقال : لقد ورِثْتُ لِكَابِرٍ عن كَابِرٍ ، فقال : إنْ كُنْتَ كَاذِبًا فَصَيَّرَكَ اللهُ إلى ما كُنْتَ ، وأَتَى الأَقْرَعَ في صُورَتِه وهَيْئَتِه ، فقال لهُ مِثل ما قال لِهذا ، ورَدَّ عليهِ مِثْلَ ما رَدَّ عليهِ هذا . قال إنْ كُنْتَ كَاذِبًا فَصَيَّرَكَ اللهُ إلى ما كُنْتَ ، وأَتَى الأَعْمَى في صُورَتِه وهَيْئَتِه فقال : رجلٌ مِسْكِينٌ وابْنُ سَبيلٍ ، وتَقَطَّعَتْ بِيَ الحِبالُ في سَفَرِي فلا بَلاغَ اليومَ إِلَّا باللهِ ، ثُمَّ بِك ، أسألُكَ بِالذي رَدَّ عليكَ بَصَرَكَ شَاةً أَتَبَلَّغُ بِها في سَفَرِي ، فقال : قد كُنْتُ أَعْمَى ، فَرَدَّ اللهُ بَصَرِي ، وفقيرًا ، فَخُذْ ما شِئْتَ ، فوَاللهِ لا أحمدُكَ اليومَ لِشيءٍ أَخَذْتَهُ للهِ ، فقال : أَمْسِكْ مالكَ ، فإنَّما ابْتُلِيتُمْ ، فقد رضيَ اللهُ عَنْكَ ، وسَخِطَ على صاحبَيْكَ" متفق عليه .
وهذا قارون, لم يشكر لله نعمة المال بالإنفاق والتصدق وقضاء الحوائج فماذا كانت عاقبته قال فيه جعل وعلا ( إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ* وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ* قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ القُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً وَلَا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ* فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ* وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ* فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ)القصص 76/81
إذا كنت في نعمةٍ فارعها***فإنَّ المعاصي تزيل النِّعم
وحطها بطاعةِ ربِّ العباد***فربِّ العباد سريع النِّقم
الخطبة الثانية
إن من شكر الله تعالى شكر من أسدى إليك معروفا فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " لا يَشْكُرُ اللَّهُ مَنْ لا يَشْكُرُ النَّاسَ " رواه أبو داود .
و عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ اسْتَعَاذَ بِاللَّهِ فَأَعِيذُوهُ وَمَنْ سَأَلَ بِاللَّهِ فَأَعْطُوهُ وَمَنْ دَعَاكُمْ فَأَجِيبُوهُ وَمَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُونَهُ فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَرَوْا أَنَّكُمْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ " رواه ابو داود

كن شاكرا للمنعمين لفضلهـم * * وأفضل عليهم إذ قدرت وأنعـم
ومن كان ذا شكر فأهل زيادة * * وأهل لبذل العرف من كان ينعم
=
ومــــــــن يسد معروفا إليك فكن له * * شكورا يكن معروفه غير ضائع
ولا تبخلن بالشكر والقرض فاجزه * * تكن خير مصنوع إليه وصانـــع
=
لو كنت أعرف فوق الشكر منزلةٌ * * أوفى من الشكر عند الله في الثمن
أخلصتها لكم مـن قلبي مهذبـــــة * * حذواً على مثل ما أوليتم من حسن

===========
========
======
رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ،رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا ،رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ ،وَاعْفُ عَنَّا، وَاغْفِرْ لَنَا ،وَارْحَمْنَا،
اللهم اجعل مصرنا بلدا آمنا ،مطمئنا ، اللهم من أرادها بخير فوفقه إلى كل خير ، ومن أرادها بسوء فأجعل كيده في نحره .
والحمد لله رب العالمين ،وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين.
==========
• كتبـــه
محمد حســــــن داود
إمام وخطيب ومدرس
دسـوق – كفـر الشيـخ
Admin
Admin
الشيخ محمدشوقى المدير العام

عدد المساهمات : 7498
نقاط : 25568
تاريخ التسجيل : 16/08/2011
العمر : 52
الموقع : https://www.facebook.com/profile.php?id=100001995123161

https://qqqq.forumegypt.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى