السمات البيانية للرسول صلى الله عليه وسلم

من طرف **Admin** الجمعة 20 يونيو 2014, 9:10 am

بسم الله الرحمن الرحيم

السمات البيانية للرسول صلى الله عليسه وسلم

ـ اختار الله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم ليفسر كتابه ويبين وحيه . قال تعالى : { وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نُزِّل إليهم ولعلهم يتفكرون } . وإذا كان هذا التبيين لقوم اشتهروا بالفصاحة والبيان فلابد أن يكون من يتولى أمره أشدهم عارضة وأقواهم حجة .

عوامل التكوين الأدبي للنبي صلى الله عليه وسلم :

ـ تنقسم هذه العوامل إلى : بواعث داخلية من استعداده الخاص وتكوينه الذاتي ، وعوامل خارجية من تأثير البيئة .

1ـ موهبته الفطرية حيث اختاره الله من بني هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب ، وكل هؤلاء الأجداد توارثوا البلاغة والرئاسة في أقوامهم .

2ـ نشأته في بني سعد ، فتمكن لسانه من الأداء المحكم عن أفكاره ، والتأمل في الكون ويتدبر ، وساعدته البادية على تقوية انتباهه وشعوره .

3ـ يتمه ونشأته الجادة الحزينة التي جعلته يفكر تفكير الرجل المحنك منذ شبابه ، فانصرف عن دواعي اللهو والطرب إلى التأمل في ألغاز الكون .

4ـ تأييده بالوحي والإلهام من الله تعالى

5ـ علمه بلغة العرب وانفراده بذلك دون قومه وغيرهم بدون تعليم ولا تلقين ولا رواية .

6ـ تضلعه من القرآن ووقوعه موقع الأستاذية من النبي صلى الله عليه وسلم .

روي أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال لرسول الله : لقد طفت في قبائل العرب فما وجدت أفصح منك فمن أدبك ؟ فقال عليه الصلاة والسلام : " أدبني ربي فأحسن تأديبي " .

وقال له علي بن أبي طالب وقد سمعه يخاطب وفد بني نهد يا رسول الله نحن بنو أب واحد ونراك تكلم وفود العرب بما لا نفهم أكثره ، فقال عليه الصلاة والسلام : " أدبني ربي فأحسن تأديبي " .

والأدب في هذا الحديث هو الفصاحة وليس الأخلاق بناء على سياق الحديث .

سمات الأسلوب النبوي الشريف :

1ـ الأفكار :

ـ الفكرة القوية الدقيقة في المساق الواضح السهل ، ومن هنا كثرت الحكمة في البيان النبوي وتسابق البلغاء على اقتناصها ، فالحكمة لا تأتي إلا عن تجربة شاملة وفكر دقيق .

ـ جدة الأفكار النبوية وطرافتها ، لأن كل نبي يأتي بالجديد . مع التكرار لترسيخ المبادئ وتأصيلها لكن بتنوع في اللفظ والتركيب .

ـ تحديد المعاني وهي من سمات المفكر المطمئن الذي يجيل النظر طويلاً في الأشياء والخواطر ليقارن ويجمع المتقارب ، ومن التحديد اللافت ذكر العدد كأن يقول : ثلاثة من كن فيه كان منافقاً ، أو اتقوا السبع الموبقات ، أو سبعة يظلهم الله في عرشه ..

ـ تسلسل الفكرة ينبع من مفكر مكين تتساوق أفكاره متتابعة كماء يطرد في نهر .

ـ الإيجاز المحكم الذي لا ينافيه التكرار في بعض المواقف ، ومن هنا اشتهر صلى الله عليه وسلم بجوامع الكلم ، وهي كل جملة قصيرة تضم معنى كبيراً مثل " إنما الأعمال بالنيات " و " الدين النصيحة " و " إن من البيان لسحراً "

2ـ الصور البيانية :

ـ فطر صلى الله عليه وسلم على معرفة عناصر التأثير وأوجه الجمال في البيان ؛ فجاء حديثه يحوي صوراً فنية تجذب القارئ إليه لينفعل نفسياً ويتأثر وجدانياً .

ـ وصوره كلها صور حية مطبوعة ، لا صنعة متكلف . فأحاديثه صلى الله عليه وسلم كلها مما قال في المسجد أو المنزل أو قارعة الطريق مطبوعاً غير متكلف ومع ذلك حفلت بأروع من الصور .

ـ وأهم أسباب الروعة في التصوير النبوي ما تضمنته الصورة من الإيجاز البليغ . فهي كلمات معدودة محكمة في مواضعها .

ـ أحياناً تضم الصورة الواحدة في إطارها شتيتاً من الصور المتناثرة ، يؤلف بينها ويجعل منها خطوطاً ملتحمة لصورة واحدة ذات ملامح وسمات .

ـ وكثر عنده التمثيل ، وهو أرقى ما يعرف من صور البيان ، وإذا جاء في أعقاب المعاني كساها أبهة ورفع قدرها ، ومثاله قوله صلى الله عليه وسلم : " إنما صاحب القرآن كصاحب الإبل المعلقة إن عاهد عليها أمسكها وإن أطلقها ذهبت " .

3ـ التعبير :

ـ نفى الله عز وجل التكلف عن رسوله صلى الله عليه وسلم ؛ لأنه يلقي على القول ظلالا بغيضة تجعله أشبه بالقول الخاطئ .

ـ فقد كان بيانه سهل المأخذ قريب المتناول موجز العبارة لو عده العاد لأحصاه ؛ حتى ليظن السامع أن بالإمكان محاكاته .

ـ وذلك لأن المعنى إذا كان واضحاً في نفس القائل بارز الجوانب في تصوره ، انقاد له اللفظ انقياداً فجاءت الألفاظ سلسة طائعة تصور ما بنفسه من الأفكار .

ـ واطراد المعاني وفق ترتبها في النفس يبعث نوعاً من الموسيقى الخفية . إضافة إلى الموسيقى الناشئة من الازدواج والسجع وبقية المحسنات اللفظية .

ـ الازدواج ترتيب للمعاني قبل اللفظ بحيث ينساب القارئ من فكرة إلى أخرى بسهولة .

ـ والسجع شرطه أن يكون مما أوحته الفطرة وتطلبه الموقف . فلم يذمه النبي صلى الله عليه وسلم مطلقاً ، ولو كرهه لما جرى كثير من كلامه عليه . وهو سجع قريب المأخذ صادق الطبع .

غريب الحديث النبوي :

ـ أفردت معاجم لغريب الحديث النبوي كتب فيه العلماء مؤلفات جامعة .

ـ أكثر ما في الحديث الشريف من الغريب كان مأنوساً في عصره ، فهو لا يتكلف ولا يتعمل وقد نهى عن التشدق والتفاصح .

ـ كثيراً ما تفهم الكلمة الغريبة في الحديث الشريف من السياق ، بحيث يستطيع قارئ العصور المتأخرة الوصول إلى معناها بجهد قريب .

ـ يلجأ أحياناً إلى الغريب لزيادة التأثير خصوصاً إذا كانت الفكرة مما لا يألفه الناس في حياتهم ، وقد كانت أفكار النبي صلى الله عليه وسلم من الجدة والطرافة بحيث تفتح آفاقاً جديدة للتفكير فإذا جاء لفظ غريب يكمل به المعنى .

ـ غريب الحديث النبوي لا يخرج عن حالتين :

1ـ أنها ألفاظ مفهومة مألوفة في العصر النبوي ، ثم غمضت من بعد ، فلا مجال للحكم عليها بالغرابة .

2ـ أنها ألفاظ غريبة جاءت في موضع لا تصلح فيه الكلمة المألوفة ، وهي هنا محمودة لأنها فتح جديد .

ـ هناك نوع ثالث وهو غرابة يضطر إليها النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه أو كتبه إلى القبائل النائية ممن لا ينطقون بلغة قريش . وهذا كان موضع عجب الصحابة رضوان الله عليهم . وفصاحة الرسول صلى الله عليه وسلم تقتضي استعمال هذه الألفاظ بصفة خاصة مع تلك القبائل دون غيرهم ، ولم يستعمله إلا قليلاً لأنه أعلم بالفصيح والأفصح .

الأحد	الإثنين	الثلاثاء	الأربعاء	الخميس	الجمعة	السبت
					1	2
3	4	5	6	7	8	9
10	11	12	13	14	15	16
17	18	19	20	21	22	23
24	25	26	27	28	29	30