بحـث
الشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المواضيع الأخيرة
نوفمبر 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | |||||
3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 |
10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 |
17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 |
24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
الحمدلله على نعمة الاسلام
ايها الاخوه الدعاه الى الله وكذا جميع الزائرين والزائرات مرحبا بكم واهلا نتمنى من الله ان نكون عند حسن ظنكم جميا والله الموفق الى الخير وهو حسبنا ونعم الوكيلالشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 33 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 33 زائر لا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 76 بتاريخ الأربعاء 30 أكتوبر 2024, 11:01 pm
كلمة في حرمة الدماء واستباحتها
صفحة 1 من اصل 1
كلمة في حرمة الدماء واستباحتها
كلمة في حرمة الدماء واستباحتها
********
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الخلق سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه وسلك طريقه إلى يوم الدين وبعد
فإن شيوع الظلم وجرأة الظالمين على الناس من أكبر المنكرات التي تعمل عملها في إفساد المجتمع وتهدم أركانه ، خصوصا إذا كان فاعل ذلك أو مرتكب هذا الظلم من القائمين على تنفيذ القانون الموكل إليهم بالفصل بين الناس وردعهم عن ظلم بعضهم بعضا .
هذه مقدمة أراها ضرورية بين يدي هذه الكلمة .
ولقد شاعت مقولات ودعوات في الفترة الأخيرة لاستهداف ضباط وأمناء وسيارات الشرطة ، وكذا من يقفون على نقاط التفتيش والأكمنة ، ثم كان أخيرا ما أشيع من مشروعية مهاجمة هؤلاء واستهدافهم في بيوتهم .
وإن كنت لم أسمع شخصا يشار إليه في العلم يقول هذا ، وإنما هي أمور تتردد على بعض مواقع التواصل الاجتماعي مجهولة النسبة ، ومن نسب إليهم القول بهذا لست متأكدا من صدور مثل هذه الدعوات منهم .
وبالتالي فأنا أعلق على الدعوة والمقولة ولا علاقة لي بالداعي ولا القائل ، فأقول وبالله التوفيق :
إن للدماء حرمة في دين الله أكثر من حرمة الكعبة ، والوالغ فيها متوعد من الله تعالى بأشد العقوبات في الدنيا والآخرة .
قال تعالى {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَئاً }النساء92
وقال {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً }النساء93
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري وغيره من حديث عبد الله بن مسعود " لاَ يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، إِلَّا بِإِحْدَى ثَلاَثٍ: النَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالثَّيِّبُ الزَّانِي، وَالمَارِقُ مِنَ الدِّينِ التَّارِكُ لِلْجَمَاعَةِ "
ويقول أيضا فيما راه البخاري وغيره من حديث عَبد الله بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَنْ يَزَالَ المُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ، مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا»
وعند أحمد وغيره بسند صحيح عن جابر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجته : أي يوم أعظم حرمة ؟ قالوا : يومنا هذا ، قال : فأي شهر أعظم حرمة ؟ قالوا شهرنا هذا ، قال : فأي بلد أعظم حرمة ؟ قالوا : بلدنا هذا ، قال : فإن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا .
وهذه النصوص مخاطب بها كل مسلم سواء كان حاكما أو محكوما ، والوعيد الوارد فيها يتناول كل متجرئ على الدماء أيا كان موقعه ، ومن خلالها ندرك أن القول بجواز مهاجمة رجل الشرطة أو الاستيلاء على سيارته التي يستخدمها في مواجهة المتظاهرين السلميين أو مهاجمة بيته لا أراه مقبولا بحال من الأحوال ؛ وذلك لمآلاته التي ستحدث قطعا نتيجة لذلك .
ذلك أن فقه المآلات في مثل هذه الحالات من الأهمية بمكان ، فقد يكون العمل في الأصل مشروعا، لكن يُنهى عنه لما يؤدي إليه من مفسدة .
يقول الإمام الشاطبي : النظر فى مآلات الأفعال معتبر مقصود شرعا - كانت الأفعال موافقة أو مخالفة - وذلك أن المجتهد لا يحكم على فعل من الأفعال الصادرة عن المكلفين بالإقدام أو بالإحجام إلا بعد نظره إلى ما يؤول إليه ذلك الفعل مشروعا لمصلحة فيه تستجلب أو لمفسدة تدرأ . انتهى
فكيف إذا لم يكن العمل أصلا مشروعا ؟
واخذ الحقوق واستيفاء العقوبات لا يكون لآحاد الناس ولا لتقدير عامتهم ، حيث إن الله تعالى جعل ذلك لولاة الأمر ، قال تعالى {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }المائدة38
والخطاب في هذه الآية موجه إلى ولاة الأمر كما ذكر ذلك الإمام الطاهر ابن عاشور - رحمه الله .
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : لا بد للناس من إمارة برة كانت أو فاجرة ، فقيل : يا أمير المؤمنين هذه البرة قد عرفناها فما بال الفاجرة ؟ فقال يقام بها الحدود ،وتأمن بها السبل ، ويجاهد بها العدو ، ويقسم بها الفيء .
وقد بحث الفقهاء هذا الأمر تحت مسألة ( الظفر )، وقالوا - كما جاء في الموسوعة الفقهية - بحرمة الظفر في استيفاء العقوبات من قصاص وحدود ، لأن هذه الأمور عظيمة الخطر ، حيث إنها توقع على النفس ، والفائت فيها لا يستدرك ، فوجب الاحتياط في إثباتها واستيفائها ، وذلك لا يتحقق إلا بالرفع إلى الحاكم ، لينظر فيها وفي أسبابها وشروطها .
والاحتياط فيها لا يقدر عليه صاحب الحق ، الذي ينقاد في الغالب لعاطفته ، ثم إنه ليس لديه من الوسائل اللازمة للتحري ما يقدر عليه القاضي بما وضع تحت يديه مما يمكنه من تقصي الواقع وكشف الحقائق .
ولأنه لو جعل للناس استيفاء ما لهم من عقوبات لكان في ذلك ذريعة إلى تعدي بعض الناس على بعض ، ثم ادعاؤهم بعد ذلك أنهم يستوفون حقوقهم ، فيكون هذا سببا في تحريك الفتنة .
ولأن كثيرا من العقوبات لا ينضبط إلا بحضرة الإمام ، سواء في شدة إيلامها كالجلد ، أو في قدرها كالتعزير . أهـ
وعليه فالعمل بهذا القول سيؤدي إلى عدة مفاسد منها :
1- أن مصلحة الأمة تقتضي عدم السماح بذلك ؛ حتى لا تحدث هناك فوضى مترتبة على أن كل أحد يأخذ بيده ما يراه لنفسه عند الناس ما دام قادرا على ذلك ، وهذا لا شك يؤدي إلى فتن لا حصر لها ، وهذا لا يخفى على أحد .
2- إظهار المتظاهرين أنهم ليسوا سلميين ، الأمر الذي سيترتب عليه استباحتهم بصورة منظمة ، سواء من شارك في القتل أو الاستيلاء أو من لم يشارك ، وهنا سيؤخذ الكل بجريرة الكل ، ومن ثم تعم الفوضى وتكثر الخسائر ويعظم الضرر وتكثر المفاسد .
3- سيفقد دعاةٌ الشرعية الدعمَ الشعبي الذي يعتبر من أقوى أسلحتهم - بعد التوكل على الله - مما يغري عامة الناس من التحرش بهم والوقوف ضدهم .
4 - ثبت في أدوار مختلفة من التاريخ أن العنف دائما لا يطول ولا يثمر ، وما ذاك إلا لأن الذي يستطيع أن يقوم بذلك هم قلة من الناس ، وشيئا فشيئا ستتحول هذه الفئة إلى عنصر مسلح تصعب السيطرة عليه ، وهذا سيُدخل البلاد في مواجهات دموية لا تخدم الغرض الذي خرج الناس من أجله .
5- إن قتل رجل واحد من الشرطة سيترتب عليه قتل العشرات ، والسبب متوفر والدواعي تسمح ، وبالتالي فلن تتحقق باستهداف رجال الشرطة أو مهاجمة بيوتهم عصمة النفوس أو المحافظة على الدماء التي ننشدها .
6- إذا أبحنا لفئة من الناس مهاجمة رجال الشرطة أو الجيش بوصفهم هذا فإننا نعطيهم المبرر لمهاجمة كل الداعين للشرعية في بيوتهم واستباحة حرماتهم سواء كانوا ناشطين أو غير ناشطين .
7 - لا يصح أبدا أن ننسى أن رجال الشرطة والجيش هم أبناء البلد ، والكثير منهم غير راض عما يحدث ، فكيف نبيح استهدافهم مع ما هو معروف من أنه لاتزر وازرة وزر أخرى .
8 - لن تعود الحقوق ولن تتوقف التجاوزات إلا بالمحافظة على السلمية التامة ، لأن الذين يقتلون في المظاهرات المسلحة أضعاف أضعاف من يقتلون في المظاهرات السلمية .
فحقن الدماء والمحافظة على النفوس مع قتل من يقتلنا من رجال الشرطة لن تتحق .
8- أن الله تعالى دعا المسلمين إلى التحاكُم إلى شرعه كلما حدث بينهم تنازع، قال تعالى: {﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ﴾[النساء: 59]، ففي التحاكم إلى القضاء حفظ للحقوق.
وإذا لم يكن الحاكم مطبقا للشرع فهنا تكون الإمارة الفاجرة التي تحدث عنها علي بن أبي طالب رضي الله عنه وبين أهمية وجودها عند فقد الإمارة البرة العادلة .
لهذا وغيره لابد أن نمسك عن مثل هذه الآراء ؛ نظرا لمآلاتها التي لا يخفى ضررها ومفسدتها .على البلاد والعباد .
والله أعلم
********
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الخلق سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه وسلك طريقه إلى يوم الدين وبعد
فإن شيوع الظلم وجرأة الظالمين على الناس من أكبر المنكرات التي تعمل عملها في إفساد المجتمع وتهدم أركانه ، خصوصا إذا كان فاعل ذلك أو مرتكب هذا الظلم من القائمين على تنفيذ القانون الموكل إليهم بالفصل بين الناس وردعهم عن ظلم بعضهم بعضا .
هذه مقدمة أراها ضرورية بين يدي هذه الكلمة .
ولقد شاعت مقولات ودعوات في الفترة الأخيرة لاستهداف ضباط وأمناء وسيارات الشرطة ، وكذا من يقفون على نقاط التفتيش والأكمنة ، ثم كان أخيرا ما أشيع من مشروعية مهاجمة هؤلاء واستهدافهم في بيوتهم .
وإن كنت لم أسمع شخصا يشار إليه في العلم يقول هذا ، وإنما هي أمور تتردد على بعض مواقع التواصل الاجتماعي مجهولة النسبة ، ومن نسب إليهم القول بهذا لست متأكدا من صدور مثل هذه الدعوات منهم .
وبالتالي فأنا أعلق على الدعوة والمقولة ولا علاقة لي بالداعي ولا القائل ، فأقول وبالله التوفيق :
إن للدماء حرمة في دين الله أكثر من حرمة الكعبة ، والوالغ فيها متوعد من الله تعالى بأشد العقوبات في الدنيا والآخرة .
قال تعالى {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَئاً }النساء92
وقال {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً }النساء93
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري وغيره من حديث عبد الله بن مسعود " لاَ يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، إِلَّا بِإِحْدَى ثَلاَثٍ: النَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالثَّيِّبُ الزَّانِي، وَالمَارِقُ مِنَ الدِّينِ التَّارِكُ لِلْجَمَاعَةِ "
ويقول أيضا فيما راه البخاري وغيره من حديث عَبد الله بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَنْ يَزَالَ المُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ، مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا»
وعند أحمد وغيره بسند صحيح عن جابر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجته : أي يوم أعظم حرمة ؟ قالوا : يومنا هذا ، قال : فأي شهر أعظم حرمة ؟ قالوا شهرنا هذا ، قال : فأي بلد أعظم حرمة ؟ قالوا : بلدنا هذا ، قال : فإن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا .
وهذه النصوص مخاطب بها كل مسلم سواء كان حاكما أو محكوما ، والوعيد الوارد فيها يتناول كل متجرئ على الدماء أيا كان موقعه ، ومن خلالها ندرك أن القول بجواز مهاجمة رجل الشرطة أو الاستيلاء على سيارته التي يستخدمها في مواجهة المتظاهرين السلميين أو مهاجمة بيته لا أراه مقبولا بحال من الأحوال ؛ وذلك لمآلاته التي ستحدث قطعا نتيجة لذلك .
ذلك أن فقه المآلات في مثل هذه الحالات من الأهمية بمكان ، فقد يكون العمل في الأصل مشروعا، لكن يُنهى عنه لما يؤدي إليه من مفسدة .
يقول الإمام الشاطبي : النظر فى مآلات الأفعال معتبر مقصود شرعا - كانت الأفعال موافقة أو مخالفة - وذلك أن المجتهد لا يحكم على فعل من الأفعال الصادرة عن المكلفين بالإقدام أو بالإحجام إلا بعد نظره إلى ما يؤول إليه ذلك الفعل مشروعا لمصلحة فيه تستجلب أو لمفسدة تدرأ . انتهى
فكيف إذا لم يكن العمل أصلا مشروعا ؟
واخذ الحقوق واستيفاء العقوبات لا يكون لآحاد الناس ولا لتقدير عامتهم ، حيث إن الله تعالى جعل ذلك لولاة الأمر ، قال تعالى {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }المائدة38
والخطاب في هذه الآية موجه إلى ولاة الأمر كما ذكر ذلك الإمام الطاهر ابن عاشور - رحمه الله .
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : لا بد للناس من إمارة برة كانت أو فاجرة ، فقيل : يا أمير المؤمنين هذه البرة قد عرفناها فما بال الفاجرة ؟ فقال يقام بها الحدود ،وتأمن بها السبل ، ويجاهد بها العدو ، ويقسم بها الفيء .
وقد بحث الفقهاء هذا الأمر تحت مسألة ( الظفر )، وقالوا - كما جاء في الموسوعة الفقهية - بحرمة الظفر في استيفاء العقوبات من قصاص وحدود ، لأن هذه الأمور عظيمة الخطر ، حيث إنها توقع على النفس ، والفائت فيها لا يستدرك ، فوجب الاحتياط في إثباتها واستيفائها ، وذلك لا يتحقق إلا بالرفع إلى الحاكم ، لينظر فيها وفي أسبابها وشروطها .
والاحتياط فيها لا يقدر عليه صاحب الحق ، الذي ينقاد في الغالب لعاطفته ، ثم إنه ليس لديه من الوسائل اللازمة للتحري ما يقدر عليه القاضي بما وضع تحت يديه مما يمكنه من تقصي الواقع وكشف الحقائق .
ولأنه لو جعل للناس استيفاء ما لهم من عقوبات لكان في ذلك ذريعة إلى تعدي بعض الناس على بعض ، ثم ادعاؤهم بعد ذلك أنهم يستوفون حقوقهم ، فيكون هذا سببا في تحريك الفتنة .
ولأن كثيرا من العقوبات لا ينضبط إلا بحضرة الإمام ، سواء في شدة إيلامها كالجلد ، أو في قدرها كالتعزير . أهـ
وعليه فالعمل بهذا القول سيؤدي إلى عدة مفاسد منها :
1- أن مصلحة الأمة تقتضي عدم السماح بذلك ؛ حتى لا تحدث هناك فوضى مترتبة على أن كل أحد يأخذ بيده ما يراه لنفسه عند الناس ما دام قادرا على ذلك ، وهذا لا شك يؤدي إلى فتن لا حصر لها ، وهذا لا يخفى على أحد .
2- إظهار المتظاهرين أنهم ليسوا سلميين ، الأمر الذي سيترتب عليه استباحتهم بصورة منظمة ، سواء من شارك في القتل أو الاستيلاء أو من لم يشارك ، وهنا سيؤخذ الكل بجريرة الكل ، ومن ثم تعم الفوضى وتكثر الخسائر ويعظم الضرر وتكثر المفاسد .
3- سيفقد دعاةٌ الشرعية الدعمَ الشعبي الذي يعتبر من أقوى أسلحتهم - بعد التوكل على الله - مما يغري عامة الناس من التحرش بهم والوقوف ضدهم .
4 - ثبت في أدوار مختلفة من التاريخ أن العنف دائما لا يطول ولا يثمر ، وما ذاك إلا لأن الذي يستطيع أن يقوم بذلك هم قلة من الناس ، وشيئا فشيئا ستتحول هذه الفئة إلى عنصر مسلح تصعب السيطرة عليه ، وهذا سيُدخل البلاد في مواجهات دموية لا تخدم الغرض الذي خرج الناس من أجله .
5- إن قتل رجل واحد من الشرطة سيترتب عليه قتل العشرات ، والسبب متوفر والدواعي تسمح ، وبالتالي فلن تتحقق باستهداف رجال الشرطة أو مهاجمة بيوتهم عصمة النفوس أو المحافظة على الدماء التي ننشدها .
6- إذا أبحنا لفئة من الناس مهاجمة رجال الشرطة أو الجيش بوصفهم هذا فإننا نعطيهم المبرر لمهاجمة كل الداعين للشرعية في بيوتهم واستباحة حرماتهم سواء كانوا ناشطين أو غير ناشطين .
7 - لا يصح أبدا أن ننسى أن رجال الشرطة والجيش هم أبناء البلد ، والكثير منهم غير راض عما يحدث ، فكيف نبيح استهدافهم مع ما هو معروف من أنه لاتزر وازرة وزر أخرى .
8 - لن تعود الحقوق ولن تتوقف التجاوزات إلا بالمحافظة على السلمية التامة ، لأن الذين يقتلون في المظاهرات المسلحة أضعاف أضعاف من يقتلون في المظاهرات السلمية .
فحقن الدماء والمحافظة على النفوس مع قتل من يقتلنا من رجال الشرطة لن تتحق .
8- أن الله تعالى دعا المسلمين إلى التحاكُم إلى شرعه كلما حدث بينهم تنازع، قال تعالى: {﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ﴾[النساء: 59]، ففي التحاكم إلى القضاء حفظ للحقوق.
وإذا لم يكن الحاكم مطبقا للشرع فهنا تكون الإمارة الفاجرة التي تحدث عنها علي بن أبي طالب رضي الله عنه وبين أهمية وجودها عند فقد الإمارة البرة العادلة .
لهذا وغيره لابد أن نمسك عن مثل هذه الآراء ؛ نظرا لمآلاتها التي لا يخفى ضررها ومفسدتها .على البلاد والعباد .
والله أعلم
مواضيع مماثلة
» حرمة الدماء في الإسلام
» **حرمة الدماء فى الإسلام*****
» مفتي الجمهورية سفك الدماء أشد حرمة من بيت الله الحرام..
» حرمة سفك الدماء\خطبة الاسبوع منتديات ملتقى الدعاه
» الدماء الطبيعيه
» **حرمة الدماء فى الإسلام*****
» مفتي الجمهورية سفك الدماء أشد حرمة من بيت الله الحرام..
» حرمة سفك الدماء\خطبة الاسبوع منتديات ملتقى الدعاه
» الدماء الطبيعيه
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة 21 يونيو 2024, 12:25 am من طرف Admin
» هل الانجيل محرف
الأربعاء 19 يونيو 2024, 2:34 pm من طرف Admin
» شبهات النصاري زواج ام المؤمنين عائشه،
الإثنين 17 يونيو 2024, 10:30 am من طرف Admin
» الفرق بين السنه والفقه
السبت 11 مايو 2024, 11:23 pm من طرف Admin
» كيف عرفت انه نبي..
الجمعة 26 أبريل 2024, 5:40 am من طرف Admin
» موضوع هل يدخل الجنه غير المسلمين،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:48 am من طرف Admin
» التدرج في التشريع
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:43 am من طرف Admin
» كتب عليكم الصيام،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:41 am من طرف Admin
» اقوال العلماء في تفسير ايه الحجاب،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:40 am من طرف Admin