سبب تخلف حذيفة بن اليمان عن غزوة بدر

من طرف **Admin** الجمعة 03 مايو 2013, 11:13 am

^{سبب تخلف حذيفة بن اليمان عن غزوة بدر}

^*^{فصل: سبب تخلف حذيفة بن اليمان عن غزوة بدر}

^{* جاء في «}^{صحيح مسلم»}^{:
[وحثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو أسامة عن الوليد بن جميع حدثنا أبو
الطفيل حدثنا حذيفة بن اليمان قال: ما منعني أن أشهد بدرا إلا أني خرجت أنا
وأبي حسيل، قال: فأخذنا كفار قريش، قالوا: إنكم تريدون محمدا، فقلنا: ما
نريده، ما نريد إلا المدينة.فأخذوا منا عهد الله وميثاقه لننصرفن إلى
المدينة، ولا نقاتل معه، فأتينا رسول الله، صلى الله عليه وسلم فأخبرناه
الخبر فقال: «}^{انصرفنا: نفي لهم بعهدهم، ونستعين الله عليهم»]}

^{ــ وهو في«}^{مسند أبي عوانه}^{»
(1ج: 4 ص: 317): حدثنا أبو أمية قال ثنا ابن أبي شيبة قثنا أبو أسامة عن
الوليد بن جميع قثنا أبو الطفيل قثنا حذيفة بن اليمان قاله بنحوه.}

^{ــ وهو في «شرح معاني الآثار»: حدثنا فهد قال ثنا أبو بكر بن أبي شيبة به كما هو عند مسلم.}

^{ــ وهو في}^{«مسند الإمام أحمد بن حنبل»}^{قال
الإمام عبدالله بن الإمام أحمد بن حنبل: [حدثني أبي ثنا عبد الله بن محمد،
(وسمعته أنا من عبد الله بن أبي شيبة) ثنا ابو اسامة عن الوليد بن جميع
ثنا أبو الطفيل ثنا حذيفة بن اليمان قاله بعينة، إلا أنه قال: «}^{نفي بعهدهم»]}

^{ــ وهو في «}^{سنن البيهقي الكبرى}^{»
من هذه الطريق، طريق الإمام عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل: [أخبرنا أبو
عبد الله الحافظ أخبرني أحمد بن جعفر القطيعي ثنا عبد الله بن أحمد بن
حنبل به بعينه]، وعقب البيهقي: (رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن عبد
الله بن محمد بن أبي شيبة: وهذا لأنه لم يؤد انصرافهما إلى ترك فرض إذا لم
يكن خروجهما واجبا عليهما ولا إلى ارتكاب محظور والعود إليهم والإقامة بين
أظهرهم مما لا يجوز إذا كان يخاف الفتنة على نفسه في العود والله أعلم).}

^{ــ وهو في «}^{المستدرك على الصحيحين}^{»
من طريق عبيد الله بن موسى عن الوليد بن عبد الله بن جميع مطولا مجودا:
[أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن أحمد الصفار ثنا أحمد بن مهران
الأصبهاني ثنا عبيد الله بن موسى ثنا الوليد بن عبد الله بن جميع عن عامر
بن واثلة عن حذيفة رضي الله تعالى عنه قال: ما منعنا أن نشهد بدرا إلا أني
وأبي أقبلنا نريد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فأخذتنا كفار قريش فقالوا
إنكم تريدون محمدا؟، فقلنا: (ما نريده، إنما نريد المدينة)، فأخذوا علينا
عهد الله وميثاقه لتصيرون إلى المدينة ولا تقاتلوا مع محمد،صلى الله عليه
وسلم، فلما جاوزناهم أتينا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فذكرنا له ما
قالوا وما قلنا لهم: (فما ترى) فقال:}^{«نستعين الله عليهم، ونفي بعهدهم}^{»،
فانطلقنا إلى المدينة فذلك الذي منعنا أن نشهد بدرا، وقال الحاكم: (هذا
حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه)، وقال الذهبي في التخليص: صحيح.}

^{ــ وهو في «}^{مسند أبي عوانه}^{»
(1ج: 4 ص: 317): حدثنا عباس الدوري قثنا عبيد الله بن موسى قال أنبأ
الوليد بن جميع عن أبي الطفيل عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قاله بنحوه.}

^{ــ وهو في المعجم، «}^{المعجم الكبير}^{»
من طريق محمد بن فضيل عن الوليد بن عبد الله بن جميع مختصرا: [ثنا الحضرمي
ثنا أبو كريب ثنا محمد بن فضيل عن الوليد بن عبد الله بن جميع عن أبي
الطفيل عن حذيفة قال ما منعني أن أشهد بدرا إلا أن المشركين أخذوا علينا]،
فذكر الحديث.}

^{ــ وهو في}^{«شرح معاني الآثار}^{»
من طريق يونس بن بكير عن الوليد: [حثنا أحمد بن داود قال ثنا عبد الرحمن
بن صالح قال حدثني يونس بن بكير عن الوليد عن أبي الطفيل عن حذيفة قال خرجت
وأنا وأبي حسيل ونحن نريد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ذكر نحوه،}

^{ــ وهو في «}^{مسند أبي عوانه}^{»
(1ج: 4ص: 317)، من طريق جعفر بن عون عن الوليد بن جميع: حدثنا أبو داود
الحراني قثنا جعفر بن عون قثنا الوليد بن جميع قال حدثني أبو الطفيل عن
حذيفة قاله بنحوه.}

^{فالحديث قد
رواه هؤلاء الخمسة: أبو أسامة حماد بن أسامة، وعبيد الله بن موسى، ومحمد بن
فضيل، ويونس بن بكير، وجعفر بن عون عن الوليد بن جميع، هذا نقل تواتر تقوم
به الحجة القاطعة، فلم يبق إلا النظر في حال الوليد بن جميع، وهو الوليد
بن عبد الله بن جميع الزهري الكوفي، وقال العجلي: المكي الحجازي، ولعله كان
كذلك قبل أن ينتقل إلى الكوفة.}

^{وإليك جميع ما قاله فيه الأئمة كما هو ملخصا في «}^{تهذيب الكمال»}^{:
[قال عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه وأبو داود ليس به بأس: وقال إسحاق
بن منصور عن يحيى بن معين ثقة: وكذلك قال العجلي: وقال أبو زرعة لا بأس به:
وقال أبو حاتم صالح الحديث.وقال عمرو بن على كان يحيى بن سعيد لا يحدثنا
عن الوليد بن جميع فلما كان قبل موته بقليل حدثنا عنه: وذكره بن حبان في
كتاب الثقات. روي له البخاري في الأدب والباقون سوى بن ماجة.انتهى] قلت
أكثر هذه الأحكام هي بعينها كما في «}^{الجرح والتعديل}^».

^{* وذكره الإمام البخاري في «}^{التاريخ الكبير}^{» بدون حكم: [الوليد بن عبد الله بن جميع الزهري سمع أبا الطفيل وعكرمة روي عنه وكيع وأبو نعيم وابنه ثابت يعد في الكوفيين].}

^{* وفي}^{«الجرح والتعديل}^{»
ذكر الإمام عبد الرحمن بن أبي حاتم أنه سمع أباه أبا حاتم يذكر يحيى بن
سعيد القطان فيمن روي عن الوليد بن عبد الله بن جميع، ثم قال: [نا محمد بن
إبراهيم بن شعيب نا عمرو بن على الصيرفي قال: (كان يحيى بن سعيد لا يحدثنا
عن الوليد بن جميع فلما كان قبل موته بقليل حدثنا عنه)]، انتهى.}

^{* وفي «}^الثقات^{» لابن حبان: [الوليد بن عبد الله بن جميع الزهري يروى عن أبى الطفيل روى عنه وكيع وابنه ثابت بن الوليد]}

^{وذكر الحافظ في}^{«تهذيب التهذيب}^{» كلام «}^{تهذيب الكمال}^{»
كما هو، ثم أضاف بعد نقله أن ابن حبان ذكره في الثقات: [وذكره أيضا في
الضعفاء وقال ينفرد عن الاثبات بما لا يشبه حذيث الثقات فلما فحش ذلك منه
بطل الإحتجاج به، وقال بن سعد كان ثقة له أحاديث، وقال البزار احتملوا
حديثه وكان فيه تشيع، وقال العقيلي في حديثه اضطرات: وقال الحاكم لو لم
يخرج له مسلم لكان أولي]}

^{* وفي}^{«الكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستة}^{»: [الوليد بن عبد الله بن جميع عن أبي الطفيل وأبي سلمة وعنه القطان ووكيع وثقوه، وقال أبو حاتم صالح الحديث]}

^{* وإليك نص كلام ابن حبان كما هو في}^{«المجروحين، ومن المحدثين والضعفاء والمتروكين}^{»:
[الوليد بن جميع شيخ من أهل الكوفة يروي عن عبد الرحمن بن خلاد والكوفيين
روى عنه عبد الله بن داود الخريبي وأهل العراق كان ممن ينفرد عن الإثبات
بما لا يشبه حديث الثقات فلما فحش ذلك منه بطلب الإحتجاج به أخبرنا
الهمداني قال حدثنا عمرو بن علي قال كان يحيى بن سعيد لا يحدث عن الوليد بن
جميع]، قلت: هذا لا ينسجم قطعا مع توثيق الأئمة المتقدمين، وهم أقرب إلى
زمنه وأعرف به.كما أن النقل عن الإمام يحيى بن سعيد القطان جاء مبتورا فنحن
نعلم، من رواية الإمام بن علي الصيرفي الفلاس عنه، أنه عاد فحدث عنه قبل
موته، فلعله جرحه أو توقف فيه أولا ثم ظهر له خطأ ذلك، أو لعله لتشيعه، لا
لحفظه، والنص المنقول عن الإمام يحيى بن سعيد القطان لا يسعف كثيرا في حسم
هذا، إلا أن كلام أبن حبان مبالغ فيه على كل حال، كأنه يتحدث عن رجل آخر
غير الذي ذلك الذي ذكره في الثقات.والأرجح أن يكون ابن حبان قد خلط بين
رجلين: فدخل نقد هذا في الكلام عن ذاك.وعلى كل حال فجرحه لم يأت مفسرا
تفسيرا صحيحا يعتد به.على أن ابن حبان ذكره في الثقات بدون قيد أو شرط فلم
يقل مثلا: (بهم في الأحايين)، أو (يغلط)، أو (له أغلاط) كما نجده عند بعض
من وثقهم.وأعدل المسالك مع تناقض ابن حبان هو عدم الإعتداد بأي من قوليه،
فكأنه لم يتكلم عن الرجل مطلقا، لا بجرح أو تعديل.}

^{*
أما قول الحاكم: (لو لم يخرج له مسلم لكان أولي) فهو محجوج بأنه هو كذلك
قد أخرج له، وأخرج لكثير ممن هو دونه بمراتب، بل عن بعض من انعقد الإجماع
على تركهم لبضعفهم، وعن بعض من اتهم بالكذب وسرقة الحديث.}

^{والإمام
الحاكم، رحمه الله، مشهور بالتساهل، ولعله تأثر بكلام ابن حبان.على أن مثل
هذا القول في الوليد بن جميع إنما يقبل لو لم يوثقه الأكابر من أمثال:
أحمد، ويحيى بن معين، وأبو حاتم، وأبو زرعة، ويخرج له مسلم في الصحيح،
والبخاري في «}^{الأدب المفرد}^».

^{* وأما كلام العقيلي فهو كما جاء في}^{«ضغفاء العقيلي}^{»
حيث ذكر حديثا واحدا اضطرب إسناده على الوليد بن جميع: [الوليد بن عبد
الله بن جميع الزهري في حديثه اضطراب حدثنا محمد بن عيسى قال حذثنا عمرو بن
علي قال كان يحيى لا يحدثنا عن الوليد بن جميع فإنما كان قبل موته بقليل
أخذتها من على الصائغ فحدثني بها وكانت ستة أحاديث.}

^{ومن
حديثه ما حدثناه محمد بن يحيى الواسطي قال حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا
الوليد بن عبد الله بن جميع عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن جابر بن عبد
الله قال أفضى النبي، صلى الله عليه وسلم، على بن صائد وهو يلعب مع الغلمان
قال إني قد خيأت لك خبئا قال فما هو قال الدخ.}

^{حذثنا
محمد بن إسماعيل قال حدثنا أبو نعيم قال حدثنا الوليد بن عبد الله بن جميع
قال حدثنا عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي سعيد قال أتى رسول الله صلى
الله عليه وسلم، على بن صائد وهو يلعب مع الغلمان فقال أتشهد أني رسول الله
قال يقول بن الصائد تشهد أني رسول الله فقال رسول الله، صلى الله عليه
وسلم، قد خبأت لك خبيئا ما هو قال بن صياد الدخ قال إخسأ فلن تعدو قدرك]،
انتهى كلام العقيلي، وهو كلام وجيه لأنه قدم ما ظنه برهانا على اضطراب حديث
الوليد بن جميع.}

^{قلت:
الاضطراب الذي عناه العقيلي هو رواية الوليد لنفس الحديث عن أبي سلمة بن
عبد الرحمن عن أبي سعيد، وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن جابر بن عبد الله،
فظن العقيلي أنه لم يحفظ، ولم يتصور أن يكون الحديث محفوظا عن كل من
الصاحبين: أبي سعيد وجابر، رضي الله عنهما.ولكن الحق أنه مروي عن كليهما،
كما سنبرهن عليه الآن:}

^{* الحديث الأول}^{الذي ذكره العقيلي موجود أيضا في «}^{مسند الحارث}^{»
بتمام طوله: [حدثنا يزيد بن هارون انبا الوليد بن جميع عن أبي سلمة بن عبد
الرحمن بن عوف عن جابر بن عبد الله، رضي بالله تعالى عنه قال: أتي النبي،
صلى الله عليه وسلم، بن صياد وهو يلعب مع الغلمان فقال له: «}^{اتشهد أني رسول الله؟}^{» فقال له بن صياد: (إذا شهدت أنت أني رسول الله)، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم:}^{«اخس بل أنت عدو الله فلن تعدو قدرك}^{» قال: «إني قد خبأت لك خبيئا؟!»، قال (الدخ).}

^{* أما}^{الحديث الثاني}^{الذي ذكره العقيلي فهو أيضا موجود في «}^{مسند الإمام أحمد بن حنبل}^{»:
[حدثنا أبو نعيم ثنا الوليد يعني بن عبد الملك بن جميع قال أخبرني أبو
سلمة عن أبي سعيد الخدري قال أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بن صياد وهو
يلعب مع الغلمان قال: «أتشهد أني رسول الله» قال هو: (أتشهد أني رسول
الله) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قد خبأت لك خبي» قال: (دخ) قال
«اخسأ فلن تعدو قدرك»]}

^{* وجاءت الرواية عن أبي سعيد في «}^{صحيح مسلم}^{»
من غير طريق الوليد بن جميع: [حدثنا محمد بن المثنى حدثنا سالم بن نوح عن
الجريري عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال: لقيه رسول الله، صلى الله عليه وسلم،
وأبو بكر وعمر في بعض طرق المدينة فقال له رسول الله، صلى الله عليه وسلم:
«أتشهد أني رسول الله» فقال هو: «أتشهد أني رسول الله) فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: «آمنت بالله وملائكته وكتبه، ماترى» قال: (أرى عرشا على
الماء) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ترى عرش إبليس على البحر،
وماترى» قال: (أرى صادقين وكاذبا، أو كاذبين وصادقا)، فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: «لبس عليه: دعوه».}

^{نعم:
هذا الحوار بين صلوات الله عليه آله، وأبن صائد كما جاء عند مسلم يتفق في
بعضه مع ما جاء في المسند، ويختلف في البعض الآخر، ولكن هكذا شأن الروايات
المتعددة للحديث الواحد: راوية يحفظ ما لا يحفظه الآخر، وأحدهما يطول، وأخر
يختصر، وهكذا ولا شك أن الحوار الأصلى كان، في الواقع، أطول من ذلك بكثير.}

^{* كما جاءت الرواية عن جابر بن عبد الله في «}^{صحيح مسلم}^{»
إيضاً: [حدثنا يحيى بن حبيب ومحمد بن عبد الأعلى قالا حدثنا معتمر قال
سمعت أبي قال حدثنا أبو نضرة عن جابر بن عبد الله قال: لقي نبي الله صلى
الله عليه وسلم، بن صائد ومعه أبو بكر وعمر وابن صائد مع الغلمان فذكر نحو
حديث الجريري]}

^{ــ وهي، أي الرواية عن جابر، بطولها في «}^{صحيح ابن حبان}^{»:
[أخبرنا عمر بن محمد الهمداني قال حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال حدثنا
معتمر بن سليمان عن أبيه عن أبي نضرة عن جابر بن عبد الله قال: لقي نبي
الله، صلى الله عليه وسلم، بن صائد ومعه أبو بكر وعمر قال وابن صائد مع
الغلمان فقال له رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «أتشهد أني رسول الله»
قال: (أتشهد أني رسول الله) فقال نبي الله: «آمنت بالله وبرسوله» قال: فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما ترى» قال أرى: (عرشا على الماء) فقال
صلى الله عليه وسلم: (ترى عرش إبليس على البحر) قال «انظر ما ترى» قال أرى:
«صادقين وكاذبين» فقال رسول الله عليه وسلم: «لبس عليه نفسه، فدعاه» وقال
الشيخ شعيب الأرناؤوط: (إسناده صحيح على شرط مسلم).}

^{وقصة
ابن صائد وردت من طرق متعددة، والظاهر أن ظاهرة ذلك الكاهن العجيب قد
أقلقت العديد من الصحابة، كعبد الله بن عمر وعبد الله بن مسعود وغيرهما،
فرووا عنه أشياء كثيرة، وقصص عجيبة، نكتفي منه بما يلي:}

^{* كما جاء في}^{«الجامع الصحيح المختصر}^{»
للإمام البخاري عن عبد الله بن عمر: [حدثنا عبد الله بن محمد حدثنا هشام
أخبرنا معمر عن الزهري أخبرني سالم بن عبد الله عن بن نعمر رضي الله نعالى
عنهما أنه أخبره أن عمر انطلق في رهط من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مع
النبي صلى الله عليه وسلم قبل بن صياد حتى وجدوه يلعب مع الغلمان عند أطم
بني مغلة وقد قارب يومئذ بن صياد يحتلم فلم يشعر حتى ضرب النبي صلى الله
عليه وسلم ظهره بيده ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم أتشهد أني رسول الله
صلى الله عليه وسلم فنظر إليه بن صياد فقال أشهد أنك رسول الأميين فقال بن
صياد لنبي صلى الله عليه وسلم أتشهد أني رسول الله قال له النبي صلى الله
عليه وسلم آمنت بالله ورسله قال النبي صلى الله عليه وسلم ماذا ترى قال بن
صياد يأتيني صادق اوكاذب قال النبي صلى الله عليه وسلم خلط عليك الأمر قال
النبي صلى الله عليه وسلم إني قد خبأت لك حبيئا قال بن صياد هو الدخ قال
النبي صلى الله عليه وسلم اخسأ فلن تعدون قدرك قال عمر يا رسول الله ائذن
لي فيه أضرب عنقه قال النبي صلى الله عليه وسلم إن يكنه فلن تسلط عليه إن
لم يكنه فلا خير لك في قتله.}

^{ــ وهي في «}^{المعجم الكبير}^{»:
[حدثنا عمرو بن الطاهر بن أبي السرح وإسحاق بن إبراهيم القطان المصريان
ثنا يحيى بن بكير ثنا المغيرة بن عبد الرحمن عن الضحاك عن نافع عن سالم أنه
سمع عبد الله بن عمر قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببن صياد وهو
يلعب مع الصبيان فضربه بقدمه فقال: «أتشهد أني رسول الله» فقال بن صياد
(أشهد أنك رسول الآميين) قال: (افتشهد أني رسول الله) فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: «آمنت بالله ورسله»]}

^{ــ وفي}^{«المعجم الكبير}^{»:
[حدثنا عبد الرحمن بن سلم الرازي ثنا سهل بن عثمان ثنا جنادة بن عثمان ثنا
جنادة بن سلم عن عبيد الله بن عمر عن عن نافع عن سالم عن بن عمر عن النبي،
صلى الله عليه وسلم، أنه مر بابن صياد وهو يلعب مع الصبيان فضربه رسول
الله صلى الله عليه وسلم بقدمه فقال أشهد أني رسول الله قال بن صياد أشهد
أنك رسول الأميين فقال له بن صياد أتشهد أني رسول الله فقال رسول الله فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم أمنت بالله ورسله]}

^{* وفي «}^{صحيح مسلم}^{»
عن عبد الله بن مسعود: [حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير وإسحاق بن إبراهيم
وأبو كريب واللفظ لأبي كريب قال بن نمير حدثنا وقال الأثران أخبرنا أبو
معاوية تحدثنا الأعمش عن شقيق عن عبد الله قال كنا نمشي مع النبي صلى الله
عليه وسلم فمر بابن صياد فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم قد خبأت لك
خبيئا فقال الدخ فقل رسول الله صلى عليه وسلم أخسأ فلن تعدو قدرك فقال عمر
يا رسول الله دعني فأضرب عنقه فقال رسول الله صلى مالله عليه وسلم دعه فإن
يكن الذي تخاف لن تستطيع قتله.}

^{ــ وهو في «}^{مسند الإمام أحمد بن حنبل}^{»
مختصرا: [حدثنا يونس ثنا المعتمر عن أبيه عن سليمان الأعمش عن شقيق بن
سلمة معن عبد الله بن مسعود قال بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
نمشي إذا مر بصبيان يلعبون فيهم بن صياد فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم تربت يداك أتشهد أني رسول الله فقال هو أتشهد أني رسول الله قال فقال
عمر رضي الله تعالى عنه دعنى فلأضرب عنقه قال فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم أن يك الذي تخاف فلن تستطيعه]}

^{ــ وهو في «}^{مسند أبي يعلى}^{»
وعن عبد الله قال كنا نمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمر بابن
الصياد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد خبأت لك خبيئا فقال بن الصياد
الدخ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أخسأ فلن تعدو قدرك، وقال الشيخ
حسن أسد: (إسناده صحيح).}

^{ــ وفي «}^{المعجم الأوسط}^{»:
[وعن زيد عن سليمان الأعمش عن شقيق بن سلمة عن عبد الله بن مسعود قال بينا
نحن نمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ مر على صبية يلعبون فيهم صبي
فكأن ذلك أغاظ رسول الله فقال له تشهد أني رسول الله فقال فقال تشهد أنت
أني رسول الله فقال اخسأ فإنك لن تعدو قدرك فقال عمر يا رسول الله دعني
فاضرب عنقه فقال يا عمر إن يك الذي تتخوف فإنك لن تقدر على قتله]}

^{ــ وفي «}^{الجامع الصحيح المختصر}^{»
بنفس الإسناد السابق، وهو: (حدثنا عبد الله بن محمد حدثنا هشام أخبرنا
معمر عن الزهري أخبرني سالم بن عبد الله عن بن عمر رضي الله تعالى عنهما):
قال بن عمر: انطلق النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بن كعب يأتيان النخل الذي
فيه بن صياد حتى إذا دخل النخل طفق النبي صلى الله عليه وسلم يتقي بجدوع
النخل وهو يختل بن صياد أن يسمع من بن صياد شيئا قبل أن يراه وابن صياد
مضطجع على فراشه في قطيفة له فيها رمزة فرأت أم بن صياد النبي صلى الله
عليه وسلم وهو يتقي بجذوع النخل فقالت لابن صياد أي صاف وهو اسمع فثار بن
صياد فقال النبي، صلى الله عليه وسلم، لو تركته بين.}

^{قلت
فها هو أبو نضرة يروي نفس الحديث عن كل من جابر وأبي سعيد، فهل اضطربت أبو
نضرة هنا، وهل يعقل أن يضطرب راويتان في نفس الموضع؟ الحق أنه ليس ثمة
اضطراب، بل إن الحديث محفوظ عن كل من جابر وأبي سعيد، وكذلك عن غيرهما،
وقصة ابن صائد مشهورة مروية من طرق كثيرة فما كان للعقيلي أن يحكم سريعا
بالإضطراب في مثل هذه الأحوال وعلى كل حال فالعقيلي نفسه مضطرب في الأحكام،
متسرع فيها، وقد ذكر في كتابه بعض الأكابر مثل علي بن المديني فوبخه
الإمام الذهبي قائلا: (أين عقلك يا عقيلي؟)}

^{لذلك فإن الحافظ بالغ في اعتماد كلام ابن حبان، أو كلام العقيلي، أو كليهما، عندما لخص حالة الوليد بن جميع في «}^{تقريب التهذيب»}^{فنسبه إلى الوهم عندما قال: [الوليد بن عبد الله بن جميع الزهري المكي نزيل الكوفة صدوق بهم ورمي بالتشيع من الخامسة]}

^{والحق،
الذي دلت عليه والمناقشة السابقة، أنه صدوق، لا بأس به، أي أنه صحيح
الحديث، وأنه برئ من تهمة الوهم أو الإضطراب، ومما سبق ذكره يتبين كذلك أن
قول أبي محمد علي بن حزم في «}^{الإحكام في أصول الأحكام}^{»
عن الوليد هذا (ساقط مطرح)، قد جانبها التوفيق من كل وجه، وهو كلام لا
مستند له، ولا برهان عليه، بل هو خلاف البراهين السابقة، فلا يجوز اعتماده،}

^{فالحديث صحيح، وهو بلا شك يزداد قوة بالمتابعات التالية:}

^{* كما هي في «}^{المعجم الكبير»}^{من
غير طريق الوليد بن جميع: [حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ثنا محمد بن
عبد الله بن نمير ثنا أبي عن الأعمش عن أبي إسحاق عن مصعب بن سعد قال: أخذ
حذيفة وأباه المشركون قبل بدر فأرادوا أن يقتلوهم وأخذوا عليهم عهدا
وميثاقا أن لا يعينوا علينا فأرسلوهما فاتيا النبي، صلى الله عليه وسلم،
فقالا: (إنا قد جعلنا لهم أن لا نعين عليهم، فإن شئت قاتلنا معك:، فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بل نفي لهم، ونستعين الله عليهم»، قلت: هذا
إسناد في غاية الصحة، وهو بمثابة المتصل لأن مصعب بن سعد بن أبي الوقاص
أخذه من ابيه، إن لهم يكن سمعه من حذيفة مباشرة، أو من غيرهما من البدريين
من الصحابة، لأن حضور «}^بدر^{» من المناقب الكبرى لدى الصحابة، ومن تخلف عنها بعذر فعذره حري أن يكون حديث المجالس، وأن تسير به الركبان.}

^{ــ وهو في «}^{المستدرك على الصحيحين}^{»
بلفظ: [حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا الحسن بن على ين عفان العامري
ثنا عبد الله بن نمير ثنا الأعمش عن أبي إسحاق عن مصعب بن سعد قال: (أخذ
حذيفة وأباه المشركين قبل بدر فارادوا أن يقتلوهما فإخذوا عليهما عهد الله
وميثاقه أن لا يعينان عليهم فحلفا لهم فارسلوهما فأتيا النبي صلى الله عليه
وسلم فاخبرا فقالا إنا قد حلفنا لهم فإن شئت قاتلنا معك فقال: «نفي لهم
بعهدهم ونستعين الله عليهم» قلت: وهذا إسناد صحيح كذلك، وهو بمعنى الحديث
السابق، ولكن الإسناد السابق أقوى، ومتنه من ثم أصح وأولى.}

^{* وفي «}^{الإحكام في أصول الأحكام»}^{للإمام
أبي محمد علي بن حزم: [حدثني محمد بن سعيد نا نبات ثنا أحمد بن عون الله
نا قاسم بن أصبغ نا محمد ابن عبد السلام الخشني نا محمد بن بشار نا محمد بن
جعفر نا شعبة عن أبي إسحاق السبيعي والحكم بن عيبة أن حذيفة بن الحسيل بن
اليمان وأباه أسرهما المشركون فأخذوا عليهما ألا يشهدا بدرا فسألا النبي
صلى الله عليه وسلم فرخص لهما ألا يشهدا، وهذا وإن كان مرسلا فهو زيادة
تقوية للرواية السابقة وتأكيد على أن أبا إسحاق السبيعي قد حفظ وحدث به قبل
الإختلاط، إذ أن الحكم بن عتيبة، وهو ثقة ثبت حجة، رواه مثله، على أن شعبة
بن الحجاج بن الورد، أمير المؤمنين في الحديث، وهو رأس في الحتياط
والتثبيت يبعد أن يكون قد أخذ من أبي إسحاق بعد اختلاطه على كل حال.}

^{أما المتن فهو نظيف مستقيم، والقصة متماسكة لا تناقض فيها خلافا للإمام أبي محمد علي بن حزم عندما قال في «}^{الإحكام في أصول الأحكام»:}^{[وأيضا
فإن الله تعالي يأبى إلا أن يفضح الكاذبين والكذب في هذا الخبر ظاهر متيقن
لأن حذيفة مدني الدار هو وأبوه قبله حليف لبني عبد الأشهل من مالأنصار ولم
يكن له طريق إلى النبي صلى الله عليه وسلم يؤديه إلى قريش أصلا لأن طريق
المدينة إلى الرسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج إلى بدر خلفه لطريق
قريش من مكة إلى بدر فوضع كذب ذلك الحديث يقينا وبالله تعالى التوفيق]}

^{قلت:
ما فعل إبو محمد بمناقشته شيئا ولا بما فاته أن خذيفة وأباه حسيل هما من
بني عبس، وإن كان حسيل قد نزل المدينة وحالف بعض أهلها فلقبوه بــ «}^اليمان^{»،
إلا أنه لم يكن سجينا في المدينة، فلا يبعد أن يذهب بين حين وآخر لزيارة
قومه من بني عبس، وديارهم في بلاد غطفان، وهي في عالية نجد وجنوب شرق
المدينة، وهي بلاد واسعة جدا تمتد جنوبا وشمالا مسيرة أيام للقوافل.}

^{كما
أن بدراً كانت سوقا للعرب، فمالذي يمنع من أن يكون حسيل وأبنه في رحلة
تجارية إلي بدر أو في زيارة لقومها فجائهما خبر خروج النبي صلى الله عليه
وسلم، فقدر أنهما يلتقيان قريبا من بدر أو جنوبا منه بقليل فكانت قريشا
أسرع مما توقع فوقع في يدها قبيل المعركة، فكانت القصة.إذا الحديث حديث
مسلم، من طريق الوليد بن عبد الله بن جميع، صحيح تقوم به الحجة، ويجب
التدين به، ويحرم ردها، وهو من الذكر الذي حفظه الله عندما وعده الله «}^{إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}^{»، فالحمد لله رب العالمين.}

الأحد	الإثنين	الثلاثاء	الأربعاء	الخميس	الجمعة	السبت
					1	2
3	4	5	6	7	8	9
10	11	12	13	14	15	16
17	18	19	20	21	22	23
24	25	26	27	28	29	30