بحـث
الشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المواضيع الأخيرة
نوفمبر 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | |||||
3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 |
10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 |
17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 |
24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
الحمدلله على نعمة الاسلام
ايها الاخوه الدعاه الى الله وكذا جميع الزائرين والزائرات مرحبا بكم واهلا نتمنى من الله ان نكون عند حسن ظنكم جميا والله الموفق الى الخير وهو حسبنا ونعم الوكيلالشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 4 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 4 زائر لا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 76 بتاريخ الأربعاء 30 أكتوبر 2024, 11:01 pm
جهود المفكرين والدعاة والعلماء في مواجهة التشيّع 2
صفحة 1 من اصل 1
جهود المفكرين والدعاة والعلماء في مواجهة التشيّع 2
جهود علماء العراق في الردّ على الشيعة
عبد العزيز بن صالح المحمود
القسم السادس
جهود المفكرين والدعاة والعلماء في مواجهة التشيّع
في نهاية الخمسينات وفترة تشكيل الجمهورية العراقية (1958م)
ملخص ما سبق:عبد العزيز بن صالح المحمود
القسم السادس
جهود المفكرين والدعاة والعلماء في مواجهة التشيّع
في نهاية الخمسينات وفترة تشكيل الجمهورية العراقية (1958م)
* في القسم الأول تناول الكاتب تاريخ تشييع بعض مناطق وعشائر الجنوب والوسط في العراق، و أسبابه.
* وفي القسم الثاني تناول ثلاث مسائل:
- سبب إهمال هذا التراث في الرد على الشيعة وعدم ذيوعه وانتشاره.
-عرض لمؤتمر النجف الذي عقد
برعاية حاكم إيران آنذاك نادر شاه، ونتائجه الإيجابية للعراق، إلا أن يد
العجم الغادرة لم ترد لهذا المؤتمر النجاح، فقامت باغتيال نادر شاه وأجهضت
جهودا قيمة، ولله الأمر من قبل ومن بعد .
- جهود جل علماء العراق في الفترة
من بداية نشوء الدولة الصفوية وحتى تكوين الدولة العراقية الوطنية الحديثة
سنة 1921م، ذاكراً أسماءهم ومؤلفاتهم والإشارة لكونها مطبوعة كانت أم
مخطوطة.
* وفي القسم الثالث تناول وضع
الشيعة والتشيع في العراق في نهاية الدولة العثمانية وأثناء احتلال
الإنكليز للعراق حتى بدايات تكوين الحكومة العراقية سنة 1921م.
* وفي القسم الرابع استعرض الكاتب
أوضاع شيعة العراق في مرحلة بداية الدولة الحديثة (1921م) وجهود الحكومة
الملكية في العراق تجاه القوى والممارسات الطائفية الشيعية حتى تكوين
الجمهورية العراقية (1958م).
* وفي القسم الخامس تناولنا جهود
كل الأشخاص في مقاومة التشيع سواء كانوا مفكرين من الاتجاه القومي أو
الوطني أو دعاة إسلاميين أو علماء أو أدباء أو غير ذلك بين سنتي (1921-
1958م).
وفي هذه الحلقة نتناول حدثا مهما
في خمسينيات القرن العشرين وهو تشكيل الأحزاب الدينية السنية والشيعية ثم
أحداث انقلاب عام 1958م وتحول العراق من الحكم الملكي الى الحكم الجمهوري.
تشكيل الأحزاب السُنية الدينية في العراق:
تعتبر سنة 1940 م هي بداية انتشار
أفكار حركة الإخوان المسلمين في العراق، وقد نجحت الحركة بالحصول على إذن
رسمي في سنة 1946م - بعد عدة محاولات - عندما سمحت الحكومة بتأسيس الأحزاب.
الأحزاب في العراق آنذاك كانت أربعة أنواع :
1- أحزاب قومية مثل حزب الإستقلال، وحزب الأحرار، و منتسبو هذه الأحزاب من السنة والشيعة ولها مؤسساتها الإعلامية كالصحف وغيرها .
2- أحزاب الديمقراطية مثل الحزب الوطني الديمقراطي، وحزب الشعب[1] .
3- أحزاب الشيوعية مثل الحزب الشيوعي، ولكنها لم تمنح موافقات رسمية للعمل [2].
4- أحزاب إسلامية سنية ظهرت في
البداية على شكل جمعيات ثقافية وخيرية مثل جمعية الآداب، وجمعية إنقاذ
فلسطين، وجمعية التربية الإسلامية، وجمعية الشبان المسلمين، وجمعية الهداية
الإسلامية. ورغم أن هذه الجمعيات كان هدفها دينيا يعنى بالدفاع عن الإسلام
ونشره، وبناء المساجد، والعمل الخيري، لكن عملها لم يكن يخلو من الجهد
السياسي لبعض قضايا الأمة (طبعا تستثنى جمعية إنقاذ فلسطين من ذلك فإن همها
كان القضية الفلسطينية فحسب)[3].
بداية حركة الإخوان المسلمين في العراق:
هذه الجمعيات هي بواكير تكوين
الأحزاب الدينية في العراق، ويعتبر العلامة الشيخ أمجد الزهاوي، والداعية
المعروف محمد محمود الصواف رحمهما الله أبرز شخصيات هذه المرحلة، وكانت
معاهدة بورتسموث (وهي معاهدة عقدها صالح جبر رئيس الوزراء الشيعي مع
البريطانيين)، وقضية فلسطين تشكلان محور العمل السياسي للأحزاب الدينية،
وعلى رأسها حركة الإخوان المسلمين التي شاركت الشارع العراقي في تنظيم
المظاهرات والاعتراضات الشعبية ضد تقسيم فلسطين أو جعل مصير العراق بيد
الإنكليز.
كانت بواكير ظهور حركة الإخوان
في مدينة الموصل في شمال العراق بسبب انتماء الصواف لهذه المدينة، وبسبب جو
الموصل الديني ثم انتشرت في داخل الوسط الطلابي ببغداد، وفي البصرة وفي
شمال العراق.
وفي سنة 1949م قرر مجموعة من
العلماء والدعاة تأسيس (جمعية الأخوة الإسلامية) منهم العلامة أمجد الزهاوي
ومعه الداعية الصواف وتقي الدين الهلالي ومحمد طه فياض وغيرهم بصورة
رسمية، ثم انتشرت فروع وشعب الجمعية في أنحاء العراق فوصلت الموصل والبصرة
والرمادي وسامراء وتكريت وراوة وعانة وبيجي وتكريت وكركوك واربيل وحلبجة
والمقدادية وسنجار، وفي مناطق أخرى اضافة لشُعب نسائية.
كان الهدف من هذا الحزب
(الجمعية) هو نفس أهداف حركة الإخوان في كل بلد، إضافة إلى التركيز على
محاربة المد الشيوعي المتزايد في العراق وفي العالم العربي والإسلامي،
وبهذا التركيز ولطبيعة حركة الإخوان التجميعية، نسيت قضية التشيع من حسابات
هذه الحركة رغم سنيّتها، بل إن الحركة لقيت ترحيب بعض مراجع الشيعة كمحمد
مهدي الخالصي والزنجاني، اللذين كانا يكتبان في المجلة التابعة للجمعية
(لواء الاخوة). والغريب أنه عندما زار الزهاوي كربلاء في مهرجان مولد علي
بن أبي طالب رضي الله عنه سنة 1959م نشرت المجلة خبرا يقول: (لقاء تاريخي
بين شيخي الإسلام الحكيم والزهاوي)[4] سبحان الله أضحى علماء الشيعة عند الإخوان شيوخاً للإسلام!!
كذلك انتسب عدد من شباب الشيعة للجمعية[5] .
كما كان الشيعة والإخوان يتبادلون
التعازي والأفراح معا، وكانت يجمعهم هم محاربة المد الشيوعي، كما رحبت
الجمعية سنة 1959م بإنشاء كلية الفقه في النجف، ويبدو أن التساهل في حركة
الإخوان مرده إلى طبيعة فكر الإخوان نفسه بصورة عامة في العراق وغيره، وإلى
سلوك علماء ودعاة الإخوان في العراق بصورة خاصة، نخص بالذكر الصواف
والعلامة أمجد الزهاوي وسنفصل ذلك قريبا.
تشكيل الأحزاب الشيعية الدينية في العراق :
يعتبر حزب الدعوة الحزب الشيعي
الأول في العراق وفي المنطقة، وقد تأسس الحزب في مرحلة الخمسينات من القرن
المنصرم، وثمة خلاف كبير في تحديد تأريخ تأسيسه، يقول الكاتب الشيعي محمد
باقر الحسيني في مقاله القيم (حيرة الشهيد محمد باقر الصدر (قدس) - حصر
المهمة)[6] :
[ ... محنة التأسيس: لم
أجد روايات قلقلة في تأسيس حزب ما كالروايات المذكورة في تشكيل وتأسيس حزب
الدعوة، فقد قال العسكري إن التفكير بدأ عام 1946 وهو تفكير محض ولم تبدأ
معه أية خطوة تنظيمية، وذكر السيد مهدي الحكيم في مذكراته إن التفكير بدأ
عام 1951 أو عام 1952 في رمضان عندما تقرر أن يلقي السيد مهدي الحكيم كلمة
في برنامج رمضان المبارك.
ويعود السيد مهدي ويقول أيضا: (نستطيع القول أن حزب الدعوة تشكل قبيل أو بعيد ثورة تموز 1958م[7] ويقول السيد طالب الرفاعي إن التاريخ الحقيقي لحزب الدعوة هو تموز 1959 م[8] ويضيف السيد طالب الرفاعي في نفس المصدر: (إن المظاهرة الكبيرة التي سيرها الشيوعيونلتشييع الشيخ محمد الشبيبي في النجف ثم (الردات)
ذات المضامين الفكريةالشيوعية في مواكب الأربعين دقت ناقوس الخطر وحسمت
الأمر بالنسبة للإسلاميين فقرروا تشكيل الحزب بأقرب وقت وهكذا كان)[9].
وأنت لا تستطيع إلا احترام
الرواية الرسمية لحزب الدعوة القائلة بتأسيس الحزب عام 1957 بالرغم من عدم
صحتها كما هو مبين آنفا، لأنها تحاول إبعاد حزب الدعوة عن التأثيرات
الخارجية الداعية للتأسيس وتأثير السيد محسن الحكيم. ويعم القلق هذا في
تحديد المكان، ويزيد الغموض لو أردنا معرفة حضور المؤتمر التأسيسي فضلا عن
البيان الصادر، واصابت حالة النسيان كل المؤسسين، فقد ذكر السيد مرتضى
العسكري في أحد مقابلاته أنه جلس مع السيد محمد باقر الحكيم ولم يتذكر
أحدنا أكثر من اثنينأو ثلاثة أفراد[10]،
كما إن اسم الحزب لم يكن مثبتا ، وقد اختير بعد ذلك اسم له هو اسم مأخوذ
من كتاب لحسن البنا (مذكرات الدعوة والداعية) ويقول آخر إن الاسم مأخوذ من
الآية القرآنية (ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي
هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين) [ النحل :
125] .
لقد حاولت الروايات التي تذكر أن
الحزب تأسس قبل ثورة تموز 1958 تشتيت الأنتباه عن الهدف الحقيقي لتأسيس حزب
الدعوة وهو مكافحة الأفكار الهدامة ووقف المد الشيوعي الإلحادي، وضد عبد
الكريم قاسم الذي قرب الشيوعيين] ا.هـ
وكثير من مؤسسي حزب الدعوة الشيعي
كان منتميا لحزب التحرير الإسلامي فرع العراق والذي وفد من الأردن سنة
1954م وانتمى له عدد من الإخوان المسلمين وقسم من الشيعة، وتشير مصادر
الحزب إلى أن القيادات الأولى للتنظيم كعبد الهادي السبيتي (الذي كان
منتميا لحزب التحرير)، والشيخ عارف البصري (كان منتميا لحزب التحرير أيضا)،
و طالب الرفاعي العضو السابق في تنظيم الاخوان كل هؤلاء كانوا قد تأثروا
بأفكار أهل السُنة كأفكار سيد قطب ومحمد الغزالي وأبي الأعلى المودودي
وغيرهم قبل تشكيل حزب الدعوة، ونشأ حزب الدعوة لمواجهة المد الشيوعي الذي
تنامى بين الشيعة وسرى بين شبابهم سريان النار في الهشيم، ولم يكن هذا في
العراق فحسب بل في إيران حيث يعد حزب تودة الشيوعي من أقوى الأحزاب
الشيوعية في منطقة الشرق الأوسط، وهذا يدحض نظرية إسحاق النقاش اليهودي في
كتابه "شيعة العراق"[11]
الذي اعتبر أن دخول الشيعة للحزب الشيوعي نوع من التنفيس نتيجة الكبت
المتولد عند الشيعة لعدم حصولهم على مكانة سياسية كونهم شيعة، والسؤال إذن
ما بالهم في إيران يتدفقون للدخول في الحزب الشيوعي، وإيران جلها شيعة
ويحكمها شيعة؟؟
إن ضعف الفكر الشيعي الخرافي في
العراق وإيران عن مقاومة ومجابهة الفكر المادي الشيوعي هو التفسير الصحيح
لظاهرة قبول الجماهير الشيعية للشيوعية، ولقد كان خوف الإنكليز من المد
الشيوعي في المنطقة وخوف شاه إيران وخوف مجتهدي الشيعة في العراق وإيران
على التشيع نفسه والخوف الإسلامي العام من الفكر الشيوعي من الدوافع المهمة
في تشجيع نشوء أحزاب إسلامية تستطيع جذب الشباب وتجنيدهم لمقاومة المد
الشيوعي، وهو أمر مرحب به عند الحكومات والعلماء السنة والشيعة، سيما بعد
ثورة 1958م التي برز فيها عبد الكريم قاسم وحوله مجموعة من الشيوعيين
يمارسون أعمالا يرفضها المجتمع العراقي حتى تمت لهم السيطرة على الإذاعة
والتلفزيون والصحافة وكل التجمعات الطلابية وأصبح الحزب الشيوعي يملأ
الشارع بمؤيدين له عند أي حاجة لذلك، ثم تمددت سيطرتهم على بقية دوائر
الدولة حتى أحاط عبد الكريم نفسه بالشيوعيين من كل مكان.
كل هذه الأمور خلقت رعبا داخل
المؤسسة الدينية الشيعية اضطرها للتعاون المباشر مع المنظمات السنية وعلماء
السنة لمواجهة هذا المد الخطر وإصدار الفتاوى المشتركة بتحريم الشيوعية،
ولعل ظهور قانون الأحوال الشخصية سنة 1959م والذي ساوى المراة مع الرجل في
الميراث كان مؤشرا على غلبة وسيطرة الفكر الشيوعي على الدولة العراقية مما
رفع وتيرة الخوف والقلق الحقيقي لدى كل من السنة والشيعة معا حول مستقبل
البلاد.
لقد كان الخطر الشيوعي هو الدافع
الرئيس الذي وحّد السنة والشيعة في فترة من الزمن، كما كان للفكر الإخواني
المتساهل ومنهجية العلامة الزهاوي والداعية الصواف الدور الدافع للتعاون
السني الشيعي، الأمر الذي هون من خطر التشيّع في العراق وكان هذا انحرافا
عن مسيرة الإسلام في العراق في مواجهة الإنحراف الشيعي ، وأكرر كلمة (مسيرة
الإسلام) لأن أهل السُنّة في الأرض هم الإسلام الحقيقي وهم أصحاب حضارة
الإسلام بقرونها الأربعة عشر وفي ظلّ حضارتهم نشأت كل الفرق الإسلامية
وعاشت دون اضطهاد، بينما الشيعة وهم فرقة إسلامية منحرفة لم تنشئ حضارة
إسلامية بل كانت على العكس عنصرا يشارك في هدم الحضارة الإسلامية، ولم
يستطع التشيع أن يعيش أهل السنة في كنفه أو أن يمارسوا دينهم، بل كانوا
مضطهدين محرومين من أبسط الحقوق.
وهذا فرق واضح بين سعة الإسلام
(السنة) وضيق الفرق (الشيعة وغيرهم) لذلك من المعروف شعبيا في العراق أن
السُني لا يفرق، ويعتبر الكل مسلمين بينما يرضع الشيعي التفرقة والتمايز
منذ نشأته الأولى ويترعرع الشيعي على كراهة السُني وعلى الطائفية وعلى
التقية .
إن فترة الخمسينات في القرن
المنصرم تعتبر فترة نشأة الإحزاب الدينية السُنية والشيعية في العراق، وهي
فترة شهر العسل بين السُنة والشيعة وظهور مصطلح الوحدة الإسلامية، وهو
مصطلح خادع انجر خلفه جمع من أهل السُنة وخُدعوا به وقد واجهه في هذه
الفترة جمع من المفكرين والعلماء المسلمين من أمثال كمال الدين الطائي (سبق
الترجمة له في القسم الخامس) ومحمود الملاح (سبق الترجمة له كذلك) وعلي
البصري صاحب دار البصري ومحمد طه فياض صاحب جريدة السجل التي اشتهرت بنشر
محاورات الملاح مع الشيعة بصورة عامة والخالصي بصورة خاصة، وقد ساهم
المذكورون سيما الملاح في مواجهة خداع فكرة التقريب وفضح التشيّع منذ نهاية
الأربعينيات والخمسينيات، فنشر كتبا ومقالات في الجرائد والمجلات وفي
الكتب تفضح كل طرق التشيّع لخداع أهل السُنة وكان الملاح واعياً سابقا
لعصره.
وفي المقابل كان حزب التحرير
وحركة الإخوان وبعض العلماء كالشيخ الفاضل أمجد الزهاوي لا يدركون خطر
التشيّع، بل ساهموا في تغييب أجيال كاملة عن حقيقة التشيّع والتي أدركها
الرعيل الأول ومن بعده إلى بداية القرن العشرين، وأدركها ساسة العراق سواء
كانوا من أصحاب التوجه القومي أو العروبي أو العلماني، بينما ساهم كل من:
الشيوعيين والبعثيين في رفض التفرقة والتميز بين السُنة والشيعة بحجة
البوتقة الوطنية والقومية، والدارس بدقة يلاحظ أن كبار مؤسسي حزب البعث منذ
سنة 1953م هم من الشيعة مثل :
فؤاد الركابي (أمين السر).
شمس الدين الكاظمي .
محمد سعيد الأسود.
ومن ثم :
جاسم محمد العباسي .
تحسين معلة ..
واستمر الأمر إلى سنة 1955م ودخل مع المذكورين سابقا :
فاهم الصحاف .
عبد الله الركابي.
إلى سنة 1957م كل هؤلاء كانوا شيعة وكان الشيعة لغاية سنة 1963م يشكلون 54% من حزب البعث[12].
ونفس الحال في الحزب الشيوعي.
وكان الطرح الثقافي لحزب البعث
والحزب الشيوعي يساهم في محو التفريق بين السُنة والشيعة وأصبح جمهور
السُنة لا يعرف شيئا عن حقيقة الشيعة لأنه يرى زملاءه في الأحزاب العلمانية
من الشيعة لا يفهمون معاني التشيع بل كل ما يشعره الشيعي أن أصول انتمائه
للشيعة، وذاب المجتمع شيعة وسُنة بعضه ببعض في انصهار خادع كشفت زيفه
الأيام وبمجرد ظهور فرصة سانحة عاد معظم الجمهور الشيعي لحقيقة التشيع
وهاجت من بين أكوام الرماد وميض جمر التشيع، ولم تبق سوى نخب تعد على أصابع
اليد هي من لا تحمل النزعة الشيعية الإنفصالية .
كان هذا دافعا آخر وعاملا جديدا
في تغييب وتذويب الفروق بين السُنة والشيعة وهو مزج وهمي لا يستند إلى أصول
صحيحة، سرعان ما ينكشف أمام أول محنة.
كما كان للحركات الإسلامية
السُنية كحزب الإخوان وحزب التحرير دور إضافي في تجهيل المجتمع السُني عن
حقيقة الفكر الشيعي المنحرف والإنفصالى.
شخصية العلامة الشيخ أمجد الزهاوي رحمه الله:
ولد الشيخ العلامة أمجد الزهاوي
في أسرة علمية منحدرة من مدينة السليمانية (شهرزور) الكردية فجده هو محمد
بن الملا أحمد، أحد العلماء الأكراد ومفتي بغداد (ولد سنة 1218هـ وتوفى سنة
1308هـ /1890م)، ووالده هو محمد سعيد الزهاوي مفتي بغداد وأحد العلماء
الكبار (ولد سنة 1268هـ ووفاته سنة 1921م).
أما الشيخ أمجد، فوُلد سنة
1300هـ/1883م في بغداد في جو علمي وكان نابغة ذكيا، كرّمه السلطان عبد
الحميد في صغره، ودرس المحاماة، ومات رحمه الله سنة 1387هـ/1967م في بغداد،
وكان من كبار علماء العراق بلا منازع وله حضور وتمثيل للعراق في المحافل
الدولية.
والشيخ الزهاوي عرف بتبحره بعلوم
الحنفية إضافة للشافعية (لأنه كردي والأكراد كلهم شافعية) وكان صاحب عبادة
لا يجامل أحدا لا العامة ولا الملوك، وكان يحمل هم الإسلام بشكل يفوق
علماء زمانه (كقضية فلسطين واستعمار الجزائر والقضية المغربية) وللشيخ يد
طولى في تثبيت الإسلام في العراق كما كان له الدور المتميز في بناء المساجد
في الأقضية والنواحي النائية سيما في الجنوب، وحاول فتح جمعيات ومدارس
دينية، كما واجه العلمانية والتبشير في العراق، وكان يراسل ويناصح الرؤساء
والحكام والمسؤولين، ودعم حركة الإخوان المسلمين عند وجودها في العراق ودعم
الشيخ محمد محمود الصواف بصورة خاصة.
وبسبب سيطرة همّ الإسلام العام
على الشيخ ومواجهة الإلحاد والشيوعية كان من رأي الشيخ إقامة العلاقات مع
علماء الشيعة لمواجهة الدعوات الإلحادية، لذا قام بتبادل الزيارة مع علماء
الشيعة، كما تعرف على شخصية إيرانية تتزعم حركة شيعية معروفة تسمى (فدائيان
إسلام) وهو نواب صفوي([13])
وكان نواب ذا شخصية قوية سيما في المحافل الدولية فيشارك في مؤتمرات قضية
فلسطين، وقد كرم الشيخ الزهاوي نواب صفوي عندما زار بغداد وأقام له
احتفالا، وكان موقف الشيخ ضد إثارة قضية السنة والشيعة، كما أقام علاقات
متميزة مع مرجع الشيعة محسن الحكيم وطلب من نعمان السامرائي مؤسس الحزب
الإسلامي (1960م) التعاون معه.
وكان الزهاوي يرى أن المجتمع
العراقي شرع بالانحراف عن الإسلام بالكلية من قبل السنة والشيعة، لذا فإن
فتح مسألة التشيع لا معنى لها في الوقت الحاضر .
والشيخ العلامة أمجد الزهاوي عالم
رباني يؤثر بشكل واضح في غيره لأنه يمتلك مواصفات علمية وشخصية قلما تجتمع
في غيره من ورع وعلم وهمة وبذل نصح للصغير والكبير وتواضع وعبادة، وهي
مواصفات نادرة في زمانه فضلا عن زماننا، ومختصر القول كان للشيخ شخصية قوية
جذبت الكثير من أهل العراق من السُنة والشيعة، تأثر بها كثير من الدعاة
سيما من ينتمي للإخوان المسلمين، ومما تابعوه عليه موقفه المتساهل من
التشيع، لكن إذا أمكن أن يعذر الشيخ لبعض الظروف فلا مجال لأن يعذر من بعده
وهم قد رأوا بأعينهم كذب دعوى الوحدة والممارسات الطائفية الشيعية، ولا
أدري كيف تغيب حقيقة التشيع عن المسلم العراقي وهو يعيش بين كنف الشيعة
ويعرفهم عن كثب، ولئن عُذر بعض الدعاة المسلمين في غير العراق ممن لم
يعرفوا شيئا عن التشيع فلا يعذر أهل العراق.
الحلف الهاشمي 1958م والوحدة بين مصر وسوريا:
لله في خلقه حكم وعظات، ومن حكمه سبحانه ما جرى في العراق والأردن فكلاهما كان تحت حكم العائلة الهاشمية:
فالعراق يحكمه: الملك فيصل بن غازي بن فيصل بن الشريف حسين.
بينما يحكم الأردن ابن عمه: الملك الحسين بن طلال بن عبد الله بن الشريف حسين.
وفي سنة 1958 اتفق العراق والأردن
على إقامة تحالف هاشمي يتحد فيه البلدان وشاءت الأقدار أن لا يتم هذا
التحالف فكان لطف الله بأهل الأردن ولو حصل هذا لتسرب الشيعة سيما شيعة
الجنوب إلى الأردن البلد الذي لطف الله به وبقي خاليا من التشيع، أحببت ذكر
هذه اللطيفة الإلهية ليعلم لطف الله في أقداره.
ونفس الشيء يقال في الوحدة بين
مصر وسوريا والتي كان العراق مدعوا للدخول بها ولو دخل العراق لدخل شيعته
في تلك البلدان وانتشر التشيع بشكل أكبر وحصل من الخلطة الاجتماعية
والحياتية ما لا تحمد عاقبته على تلك البلاد السنية (مصر والشام) والتي
يجهل غالب أهلها ليومنا هذا خطر التشيع فكان هذا من ألطاف الله بعباده وصدق
الله سبحانه حين يقول: (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم)[ البقرة :217]
العراق بعد ثورة 1958م :
تحول العراق بعد ثورة 14 تموز إلى
جمهورية وتم القضاء على الحكم الملكي، وقامت الثورة على يد مجموعة من
الضباط من بينهم عبد الكريم قاسم هذا الرجل الذي لعب دورا مؤثراً في تاريخ
العراق الحديث.
ولد عبد الكريم سنة 1914 من أب
سُني وأم شيعية، وتوفى والده مبكرا فربته أمه وأثرت في شخصيته، فقد كان
شيعي الهوى وأوصى قبل مماته بأن يتكفّل بدفنه المرجع الشيعي محسن الحكيم[14]،
لذلك فإن شعبية عبد الكريم كانت عند الشيعة في الدرجة الأولى وكان حبهم له
عالي المستوى، وقد خرج شيعة مدينة الثورة في مظاهرات ليلة إعدامه مرددين
(كريّم[15]
حي ميت أريده) ولولا أن الدبابات سدت الجسور المؤدية لهذه المدينة لحصل ما
لا يُحمد عقباه، وأخفيت جثة عبد الكريم لأنّ الشيعة أرادوا أن يتخذوا من
قبره مزارا، ولأنه قدّم لشيعة الجنوب سيما أهالي العمارة[16]
سكنا واستقرارا في مدينة بغداد بعد أن جلبهم رئيس الوزراء الشيعي صالح جبر
سنة 1948 كما ذكرنا سالفا، واسكنوا في أطراف مدينة بغداد جهة الرصافة في
بيوت غير رسمية مبنية من القصب والطين وكانوا همجا لا يفقهون شيئا ولا
يهتدون سبيلا ولا يعرفون مهنة ولا يملكون ثقافة، يسميهم أهل الجنوب (الفرات
الأوسط) الشروك [17] .
وهؤلاء بنى لهم عبد الكريم قاسم مدينة سماها الثورة[18] وأسكنهم فيها وكلهم شيعة من أكثر العراقيين جهلا وتخلفا وحبا للجريمة وبيعا للعرض، فهم لا يمتلكون عادات العشائر العربية.
وقد سكن راقم هذه السطور بجوارهم قرابة 25 سنة وهم يمتلكون عادات غريبة أقرب ما تكون لعادات النّور[19]
وهم للإنصاف أرقى من النّور، وهؤلاء منذ أن وجدوا في مدينة بغداد تغيّرت
ديمغرافية العاصمة العراقية وأصبحت نسبة الشيعة فيها عالية بعد أن كانت أقل
من 20 % ولكنها لم تتجاوز النصف حتى مع وجود الشروك، بيد أن ثمة سلوكيات
منحرفة دخلت المدينة بعد أن كان الفرد البغدادي متميزا في عاداته ومجالسه
وأخلاقه، فهؤلاء جلهم من أتباع عبد الكريم قاسم والشيوعية.
نعم عارض عبدَ الكريم بعضُ علماء
الشيعة كالخالصي لأنه نصر الشيوعية والإلحاد، وحين تزايدت معارضة المراجع
الشيعة لعبد الكريم انشطر الشيعة إلى فريقين، فريق يؤيد عبد الكريم لأنه
قدم خدمات للشيعة ولأن الشيعة كانوا يرون في ثورة تموز المنقذ لهم، وفريق
ضده ، ينظر للأمور من وجه نظر دينية، كما كان لمحاربة عبد الكريم للإقطاع
وإصدار قانون الإصلاح الزراعي أثر سيئ تجاه شيوخ العشائر مما جعلهم يصطفون
ضد عبد الكريم ، ولعل تمويل شيوخ العشائر للمراجع سبب آخر وراء هذا
الاصطفاف.
وثمة قضية أخرى برزت وهي محاربة
عبد الكريم للتيارات العروبية والقومية ومواجهته للوحدة بين العراق وسوريا
ومصر، الأمر الذي ولّد تجاهه أعداء جددا مثل التيارات القومية كالناصريين
وحزب البعث والتي كان تنتشر بين السُنة لذلك تولد تزاوج بين الحركات
القومية والبعثية والعروبية مع الإسلاميين في مواجهة المد الشيوعي وعبد
الكريم قاسم ورغم أن الخالصي شارك هؤلاء إلا أن معارضة قاسم كانت ذات طبيعة
سنية قومية ومؤيدوه هم من الشيعة والشيوعيين، ويعتبر هذا تصنيفا عاما
للطائفية في العراق بعد ثورة تموز.
وبرز عالم شيعي آخر في مواجهة
الشيوعية هو محمد باقر الصدر والذي شرع القوميون والبعثيون بنشر مقالاته في
جرائدهم، وصدرت فتاوى من قبل السُنة والشيعة في تحريم الانتماء للشيوعية
سيما بعد أن نفذ الشيوعيون مجموعة من الجرائم التي يندى لها الجبين منها
جرائم الموصل وكركوك وفي بعض المحافظات السُنية، ولم تكن هذه الجرائم لتنفذ
في كربلاء والنجف أو الناصرية أو الديوانية، بمعنى آخر كان للنفس الشيعي
الشعبي وليس الديني علاقة بهذه التعبئة ضد السنة ونفذت ضد السنة وفي مناطق
سُنية بحتة.
شنّ الحزب الشيوعي حملة شعواء ضد
التيار الديني بعد صدور هذه الفتاوى ووسمهم مرة بالرجعية ومرة بأفيون
الشعوب ورسمت عدة كاريكتيرات في الجرائد والمجلات استهزاء بالعلماء[20].
واعتبر كثير من الكتاب الشيعة العلمانيين فترة عبد الكريم قاسم (1958-1963م) فترة تخلص الشيعة من الاضطهاد[21].
ولا زال الشيعة ليومنا هذا يتغزلون ويمدحون أيام عبد الكريم، ورغم أن
جرائم الشيوعية من أبشع جرائم تاريخ العراق إلا أنهم اليوم يحاولون الهروب
منها والتركيز على جرائم حزب البعث فقط، ووراء ذلك نفس طائفي خبيث فصدام من
أصول سنية بينما عبد الكريم والشيوعية هم ممن يحسب على الشيعة، ولا يحاول
البعض أن يقول أن عبد الكريم سُني الأصل صحيح أنه من أب سني إلا أن تربيته
كانت شيعية بامتياز، وهذا ما ذكره عبد العزيز القصاب السياسي العراقي
المعروف ورئيس مجلس النواب إلى خطأ كبير عندما اختارت الثورة عبد الكريم
مخاطبا الشيعة : من أين أتيتم أيها الشيعة بهذا الرجل البغيض ؟ فرد عليه
عبد الهادي الجلبي (والد أحمد الجلبي الشيعي المعروف): أنت تعلم أن عبد
الكريم قاسم ليس شيعيا ولكنه ترباة- تربية - شيعة [22] .
انتهت فترة عبد الكريم قاسم بثورة
عام 1963م في يوم 8 شباط والمصادف 14 رمضان وتخلص العراق من رجل بغيض
وحقبة بغيضة تمكّن فيها الشيوعية ورعاع الشيعة وكلاهما يحمل في جعبته قسطا
من الحقد الطائفي والطبقي ويعيش على فكرة المظلومية والانتقام والثأر.
لقد كانت قيادة الثورة الجديدة
سُنية وقومية تم التخلص فيها من التيار الشيعي الشعوبي والشيوعي، وكان
القائد الجديد عبد السلام عارف رجلا متدينا منح التيارات الدينية حرية جيدة
ولم يقتصر على التيارات السنية فقد منح التيار الديني الشيعي حرية جيدة،
وقد استغل البعثيون الذين شاركوا في الثورة الفرصة فانتقموا من الشيوعيين
شر انتقام فأقاموا مجازر دموية في الفترة بين 8 شباط 1963 إلى الفترة 18
تشرين الثاني من نفس السنة حتى أزاحهم عبد السلام من الحكم وخلص العراق من
شرهم وجرائمهم، فارتاح العراق ونمى التيار الديني السُني والشيعي بكل حرية
كما نمى التيار القومي وعمل البعثيون بصورة سرية بينما كبت الحزب الشيوعي.
ظهور الدعوة السلفية :
والشيء الجديد في هذه المرحلة هو
بروز التيار السلفي كحركة في أواسط الستينيات بشكل جلي وهو تيار كان له
وجوده كأفراد متأثرين ببعض كبار الدعاة والعلماء مثل محمد تقي الدين
الهلالي المغربي والذي كان له دور عام في الدعوة الإسلامية[23]
ودور خاص في تكوين الدعوة السلفية في بغداد، كما كان للعلامة المعمر عبد
الكريم الشيخلي الملقب بأبي الصاعقة (مرت ترجمته في القسم الخامس) دور أكبر
فالسند العلمي لكل السلفيين في العراق يعود لهذا العالم الجليل وتلميذه
الشيخ صبحي جاسم البدري (مرت ترجمته) والحاج نوري قاسم التميمي الشهرباني
وعدنان الأمين الطائي (مرت ترجمته) والأخ عبد الحميد نادر وإبراهيم
المشهداني (أبو مصعب) وفي الموصل الشيخ عبد الله النعمة[24]،
وعبد الرزاق وصبحي الكرخي وعبد الرزاق البريد (أبو عذراء) وأبو علي صبحي
الكرخي، ومحمد أحمد الضامن وأحمد الإبراهيمي، وصبري الكركوكلي ومحمد سعيد
العزاوي (الجركجي) وعبد الحميد الأعظمي (أبو معاذ) البائع المتجول
والداعية.
كل هؤلاء أخذنا منهم وجالسناهم
وكانوا هم وغيرهم الرعيل الأول للدعوة السلفية في الستينيات في العراق
والتي استمرت وتطورت على ما سنذكره بإذن الله، ولم تكن هذه الدعوة تسمى
السلفية بل كانوا يسمون أحيانا بالموحدين، وكان عدد لا بأس به من الإخوان
في العراق سيما إخوان مدينة بغداد والبصرة هم على معتقد سلفي كالدكتور عبد
الكريم زيدان والأستاذ عبد المنعم صالح العلي (المعروف بمحمد أحمد الراشد)
أما إخوان الموصل والرمادي (الأنبار حاليا) فكانوا صوفية المسلك أشاعرة
المعتقد بعيدين كل البعد عن أصول الدعوة السلفية وعندهم تعصب مذهبي واضح
للشافعية، ولهم عداء واضح للدعوة السلفية، خلافا لإخوان بغداد فهم ألين
وأقرب، وقد انشق عدد من الإخوان عن الحزب وتحولوا للدعوة السلفية.
كان أثر الدعوة السلفية عظيما -
رغم أنها كانت لا تزال عبارة عن جهود أفراد متفرقين هنا وهناك- ومتفرقا بين
المثقفين والطلاب وكان منهم من يخرج للدعوة في القرى والأرياف، وكانت
الدعوة تركز على تعليم أصول الدين من التوحيد والمعتقد الصحيح والبعد عن كل
دخيل على الدين كالبدع والخرافات؛ لذا أقبل عدد لا بأس به من العراقيين
على هذه الدعوة في الوقت الذي كان فيه جل علماء العراق والخطباء والوعاظ
بعيدين كل البعد عن هذه الدعوة، لذا حوربت الدعوة بشراسة، ولكنها نجحت في
الانتشار وسط الطبقات المتعلمة وبين المثقفين.
وبدأت ظاهرة جديدة في تاريخ
العراق ألا وهي الهجرة العكسية وتأثر عدد من الطلاب والمثقفين الشيعة
وتحولهم بل ورجوعهم إلى دائرة الإسلام السُني بكل قناعة، وتحولهم فيما بعد
إلى دعاة كبار للدعوة السلفية وبدأت عوائل بأكملها تتحول بفضل الله أولا ثم
بفضل جهود فردية غير مدعومة نهائيا من أي جهة كانت[25]، لقد شهد العراق قبل قرنين تحول الجنوب من التسنن إلى التشيع وشهدت سنين الستينيات وما بعدها عودة إلى الأصول والجذور.
كانت هذه الجهود المقارعة للتشيع
بالحجة والبرهان والإقناع في مناخ حر فعجز التشيع في إقناع أتباعه بأحقية
المذهب، لأن التشيع لا يروج إلا في أوساط الخرافة والدجل، البعيدة كل البعد
عن الإقناع العقلي، ولو بذل الإخوان المسلمون في الستينيات جهودا أكثر في
هذا الاتجاه لكان للعراق شأن آخر.
جهود حركة الإخوان في مقارعة التشيع :
رغم أن حركة الإخوان تساهلت مع
التشيع في العراق، إلا أن العراقي يحس بخطر التشيع فطريا، وللإخوان في
الستينيات – خاصة إخوان بغداد وديالى والبصرة ومناطق الوسط والجنوب[26]-
دور في مقارعة التشيع فقد كتب عبد المنعم صالح العلي كتابيه الشهيرين
(دفاع عن أبي هريرة) و(مناقب أبي هريرة) ردا على الحملة التي قام بها
المستشرقون والشيعة للهجوم على الصحابي الجليل أبي هريرة.
كما أردفه وليد الأعظمي[27]
– شاعر الإخوان- وجمع من شعراء الإخوان بقصائد في شأن هذا الصحابي الجليل،
كما حدثني بعض قيادات الإخوان شخصيا في الستينيات أنه قبيل ثورة البعثيين
سنة 1968م كان للإخوان خطة لجلب المئات من أئمة المساجد من مصر[28]
لتعيينهم في جنوب العراق لتوعية الناس هناك، كما كانت هناك خطة لبناء
مساجد في قرى ونواحي المناطق الجنوبية والوسطى، وكان العلامة أمجد الزهاوي
يفتتح هذه المساجد ويشجع على المزيد منها هناك ، كما لا ننسى ما ذكرناه
سالفا من أن إخوان بغداد كانوا يحملون معتقدا سليما ويعرفون دور البدع
والفرق المنحرفة- بالأخص التشيع - في تخريب الدين والبلاد، وقد ساهم عدد من
الإخوان في دعوة الشيعة إلى السنة سيما في مناطق الوسط والجنوب، كما كان
هناك بعض المتأثرين بالعلماء الذين عرفوا خطر التشيع مثل الشيخ عبد الكريم
أبو الصاعقة وتقي الدين الهلالي وغيرهما فقد جالسهم بعض الإخوان
والتحريريين سيما في منطقة الأعظمية وتأثروا بهم، وقد أدركت كثيرا منهم
يفقه خطر التشيع بينما نفر آخر منهم يؤاخي حزب الدعوة ويعتبره حزبا إسلاميا
سيما من ينتمي لحزب التحرير.
وتبقى هناك شخصيات إخوانية عليها
علامات استفهام كبيرة منهم الدكتور طه جابر العلواني والذي حدثني بعض
قيادات الإخوان أنه طرد من الإخوان لأنه تردد على إيران في الستينيات،
والرجل مشبوه في كل سلوكياته وكتاباته، فهو من مؤسسي معهد الفكر العالمي،
وما أدراك ما معهد الفكر العالمي وما هي أهدافه الخبيثة، ويعيش اليوم في
أمريكا، وله مدح عجيب لعلماء الشيعة كما في مقدمة كتاب (أمجد الزهاوي )
طبعة معهد الفكر العالمي،لا طبعة العراق.
الحكومات في مرحلة الستينيات:
توالت على العراق في الستينيات
عدة حكومات بعد تحول العراق إلى جمهورية سنة 1958م، منها حكومة عبد الكريم
قاسم والتي استمرت إلى سنة 1963م، وانقلب عليها عبد السلام عارف مع
البعثيين في 8 شباط 1963م، ثم تخلص عبد السلام من البعثيين في 18 تشرين
الثاني من نفس السنة، وحكم عبد السلام وكان رجلا سنيا دينيا قوميا أو الأصح
عروبيا، أعطى لحركة الإخوان فرصة تاريخية للعمل والانتشار لم تستغل جيدا،
وفي نفس الوقت لم يحارب أصحاب التوجه الشيعي، وكان عهدا ساكنا مستقرا بعيدا
عن الفتن والمشاكل والقتل والاعتقال، إلا أن الأمور لم تدم طويلا فقد مات
عبد السلام بسقوط طيارته سنة 1966م ، وقيل أنه اغتيال وقيل قضاء وقدر.
وأنيطت الرئاسة بأخيه العسكري عبد
الرحمن عارف وكان رجلا مسالما بعيدا عن الفتن والمشاكل إلى قيام انقلاب
حزب البعث وتسلمه الحكم سنة 1968م في 17 تموز فتغيّرت الأمور، وكان للإخوان
قوة وشعبية داخل الجيش وكان باستطاعتهم إحداث تغيير لصالح حركة الإخوان
وبعض العروبيين بدلا من البعثيين ولكن تقاعسهم وعدم ثقتهم بأنفسهم ورفض بعض
القيادات هذا العمل جعل بعض القيادات تتعاون مع صالح سرية (متأثر بحزب
التحرير) والعقيد المعروف محمد فرج الجاسم ومجموعة من العسكر وغيرهم
محاولين أن يعملوا انقلابا ولكنه فشل وهرب بعضهم وأعدم آخرون واعتقل جمع من
الإخوان وجمّد التنظيم في أوائل السبعينيات، وتوقفت حركة الإخوان لسنين
سنذكرها في القسم السابع بإذن الله .
وأهم ما يميز هذه المرحلة التي
ذكرناها هو النشاط الشيعي والنشاط السني والإخواني وبداية الحركة السلفية
وتحولات أفراد بل وعوائل من التشيع إلى التسنن.
مواضيع مماثلة
» جهود المفكرين والدعاة والعلماء في مواجهة التشيّع 4
» جهود المفكرين والدعاة والعلماء في مواجهة التشيع
» فضل العلم والعلماء فى السنة النبوية
» أقوال السلف والعلماء في المروءَة
» واجب المسلم تجاه الدعاة والعلماء
» جهود المفكرين والدعاة والعلماء في مواجهة التشيع
» فضل العلم والعلماء فى السنة النبوية
» أقوال السلف والعلماء في المروءَة
» واجب المسلم تجاه الدعاة والعلماء
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة 21 يونيو 2024, 12:25 am من طرف Admin
» هل الانجيل محرف
الأربعاء 19 يونيو 2024, 2:34 pm من طرف Admin
» شبهات النصاري زواج ام المؤمنين عائشه،
الإثنين 17 يونيو 2024, 10:30 am من طرف Admin
» الفرق بين السنه والفقه
السبت 11 مايو 2024, 11:23 pm من طرف Admin
» كيف عرفت انه نبي..
الجمعة 26 أبريل 2024, 5:40 am من طرف Admin
» موضوع هل يدخل الجنه غير المسلمين،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:48 am من طرف Admin
» التدرج في التشريع
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:43 am من طرف Admin
» كتب عليكم الصيام،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:41 am من طرف Admin
» اقوال العلماء في تفسير ايه الحجاب،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:40 am من طرف Admin