بحـث
الشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المواضيع الأخيرة
نوفمبر 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | |||||
3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 |
10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 |
17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 |
24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
الحمدلله على نعمة الاسلام
ايها الاخوه الدعاه الى الله وكذا جميع الزائرين والزائرات مرحبا بكم واهلا نتمنى من الله ان نكون عند حسن ظنكم جميا والله الموفق الى الخير وهو حسبنا ونعم الوكيلالشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 23 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 23 زائر لا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 76 بتاريخ الأربعاء 30 أكتوبر 2024, 11:01 pm
التوسل .. أحكامه وأنواعه
صفحة 1 من اصل 1
التوسل .. أحكامه وأنواعه
التوسل .. أحكامه وأنواعه
إِنَّ الْحَمدَ للَّهِ، نحمدُهُ، ونستعينُهُ، ونستغفرُهُ، ونعوذُ باللَّهِ مِنْ شُرُورِ أنفسنا وسيئاتِ أعمالنا، مَنْ يهده اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ له، ومَنْ يُضْلِلْ فلا هَادِي لَهُ، وأشهدُ أن لا إله إلا اللَّهُ وحده لا شريكَ لَهُ، وأشهد أنَّ مُحمَّدًا عبدُهُ ورسولُهُ.
أمَّا بعدُ:
فإن هذه المسألة -وهي مسألة التوسل- في غاية الأهمية، يجدر بالمسلم والمسلمة معرفتها وتفهمها، إذ الجهل بها سبب رئيس لتفشي الشرك بنوعيه الأكبر والأصغر.
كما أن هذه المسألة قد امتدت يد بعض أهل الأهواء إليها، فعبثت بها، حيث دعت إلى الإشراك بالله تعالى تحت مسمى التوسل؛ فضلوا وأضلوا كثيرًا وضلوا عن سواء السبيل.
ولا عاصم من الوقوع في حبائل هؤلاء إلا الله وحده، ثم العلم الشرعي الذي هو جُنَّة من كل ضلالة وحماية من كل بدعة فـ: ((من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين)) فالتفقه في هذه المسألة أمر محمود؛ به يسلم المسلم من الشبه، وبه يحمل سلاح العلم الذي يضرب به هام أهل الأهواء، وبه يعبد الله على بصيرة من دينه.
فما هو التوسل، وما هو المشروع منه، وما هو الممنوع؟
تعريف التوسل:
التوسل لغة: التقرب والتوصل إلى المطلوب المرغوب.
والوسيلة القربة والواسطة التي يتقرب ويتوصل بها إلى تحصيل المطلوب المرغوب .
والتوسل في كلام الشرع ورد في آيتين من كتاب الله تعالى:
الأولى قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة:35].
فالوسيلة هنا: هي القربة، كما ذكر ذلك ابن عباس وعطاء ومجاهد.
والآية الثانية قوله تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً}[الإسراء:56-57].
{يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الوَسِيلَةَ}، أي: يطلبون إلى ربهم القربة بالطاعة.
فتبين بهذا أن المعنى الشرعي للوسيلة هي القربة، وهي كذلك في لغة العرب.
* * والتوسل إلى الله سبحانه نوعان: توسل مشروع، وتوسل ممنوع.
* أما التوسل المشروع:
فهو التقرب إلى الله تعالى بكل أنواع العبادة التي يحبها ويرضاها، ومنها الدعاء؛ فالدعاء وسيلة إلى الله، والخوف منه تعالى وسيلة إليه، والتوكل عليه تعالى وسيلة إليه.. وهكذا.
لكن لَمَّا كانت الشُّبه المثارة حول التوسل إنَّما هي في الدعاء وجب علينا التنبيه على هذا النوع من أنواع التوسل لكي نبين الجائز منه والممنوع.
فإننا نعلم أن الله أمرنا أن ندعوه وحده لا شريك له، وأن الدعاء عبادة عظيمة لا يجوز صرفها لغير الله تعالى؛ كما قال تعالى: {وَأَنَّ المَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلاَ تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً} [الجن:18].
فالتوسل المشروع في الدعاء أنواع ثلاثة:
1- التوسل إلى بأن ندعوه بأسمائه الحسنى وصفاته العلا، فقال تعالى: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأعراف:180]. وقال صلى الله عليه وسلم: ((ما أصاب أحدًا قط هم ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك ناصيتي بيدك ماضٍ فيَّ حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدًا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك؛ أن تَجعل القرآن العظيم ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي. إلا أذهب الله حزنه وهمه وأبدل مكانه فرحًا)). فهذا فيه دليل على جواز التوسل إلى الله تعالى بأسمائه الحسنى ومن ثَمَّ صفاته العلا.
2- التوسل إلى الله بالأعمال الصالحة التي قمنا بها، فقال تعالى: {الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [آل عمران:16]. وقال: {رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} [آل عمران:53].
ومن هذا قصة أصحاب الغار التي رواها عبد الله بن عمر، عن النَّبِي: وهي: ((انطلق ثلاثة نفر مِمَّن كان قبلكم حتَّى آواهم المبيت إلى غار فدخلوه؛ فانحدرت صخرة من الجبل فسدت عليهم الغار. فقالوا: إنه لا ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم.
قال رجل منهم: اللهم كان لِي أبوان شيخان كبيران، وكنت لا أغبق قبلهما أهلاً ولا مالاً -يعني: من رقيق وخادم- فنأى بي طلب الشجر يومًا فلم أُرح عليهما -أي: أرجع عليهما- حتَّى ناما، فحلبت لهما غبوقهما فوجدتهما نائمين، فكرهت أن أوقظهما وأن أغبق قبلهما أهلاً أو مالاً، فلبثت والقدح على يدي أنتظر استيقاظهما حتَّى برق الفجر والصبية يتضاغون عند قدمي، فاستيقظا فشربا غبوقهما.
اللهم إن كنتُ فعلتُ ذلك ابتغاءَ وَجهِكَ ففرِّج عنَّا ما نَحنُ فيه من هذه الصَّخرة؛ فانفرجت شيئًا لا يستطيعون الخروج منه.
وقال الآخر: اللهم إنه كان لي ابنة عمٍّ كانت أحبَّ الناس إليَّ؛ فأردتها على نفسها فامتنعت مني. حتَّى أَلمت بِها سَنَةٌ من السِّنين. فجاءتني فأعطيتها عشرين ومائة دينار على أن تُخلِّي بيني وبين نفسها، ففعلت حتَّى إذا قدرت عليها قالت: اتق الله؛ ولا تفض الخاتم إلاَّ بِحقِّه، فانصرفتُ عنها وهي أحبُّ الناس إليَّ، وتركت الذهب الذي أعطيتها.
اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرُج عنَّا ما نَحن فيه؛ فانفرجت الصَّخرة، غير أنَّهم لا يستطيعون الخروج منها.
وقال الثالث: اللهم استأجرتُ أُجراءَ وأعطيتهم أَجرهم غيرَ رجلٍ واحدٍ؛ ترك الذي له وذهب. فثمرتُ أَجره حتَّى كثرت منه الأموال، فجاءني بعد حين فقال: يا عبد الله، أَدِّ إليَّ أجري.
فقلت: كل ما ترى من أجرك، من الإبل والبقر والغنم والرقيق، فقال: يا عبد الله لا تستهزئ بي، فقلت: إني لا أستهزئ بك، فأخذه كلُّه فاستاقه فلم يترك منه شيئًا.
اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فَافرُج عنَّا ما نَحن فيه؛ فانفرجت الصَّخرة؛ فخرجوا يمشون)).
فهذا دليل واضح في التَّوسُّل إلى الله تعالى بالأعمال الصالحة؛ إذ إنَّ هؤلاءِ النَّفر توسَّلوا إلى الله في حال الشِّدَّةِ بِما أَسلفوا من أعمال صالحةٍ..
3- التَّوسُّل إلى الله تعالى بدعاءِ أحد الأحياء الحاضرين مِمَّن عُرِف بالصَّلاح والاستقامة، وفي ذلك أدلة كثيرة:
منها: قول الله تعالى عن إخوة يوسف: {قَالُوا يَاأَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ * قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ} [يوسف:97-98]. فقد طلبوا من أبيهم يعقوب عليه السلام وهو حي حاضر أن يستغفر الله لهم.
ومثل هذا ما شرع للمؤمنين من إتيانهم النَّبِي صلى الله عليه وسلم في حال حياته لأجل أن يستغفر الله لهم، قال تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً} [النساء:64].
وهذا في حال حياته، أمَّا بعد مماته فإنه لا يجوز لنا أن نطلب منه أن يستغفر لنا، وإنَّما نَطلُبُ من صالِح حيٍّ حاضر، كما كان الصَّحابة رضي الله عنهم يفعلون ذلك، ولذا فإنَّ عمر بن الخَطاب رضي الله عنه طلب من العبَّاس أن يدعو الله لَهم، وذلك بعد موت النَّبِي صلى الله عليه وسلم.
فهذه ثلاث صور نتوسل إلى الله تعالى بها في دعائنا، شرعها تعالى، وسنها رسولنا مُحمَّد صلى الله عليه وسلم.
إذن فالتوسل المشروع: هو ما دل عليه دليل من كتاب الله، أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
* أما التوسل الممنوع:
وهو كلُّ توسُّل لَم يَقُم عليه دليل من كتاب الله أو سنَّةِ رسوله صلى الله عليه وسلم.
فالتَّوسُّل غير المشروع كالتَّوسُّل إلى الله بذوات الأنبياء والرُّسل والصالحين من عباد الله: فتقول مثلاً: اللهم إني أتوسَّلُ إليك بنبيك مُحمَّد صلى الله عليه وسلم أو بأبِي بكر أو بالشيخ فلان أن تغفر لِي وترحمني.
وكذلك التَّوسُّل بالأماكن الفاضلة والأزمنة الفاضلة، فتقول: اللهم إني أتوسَّل إليك بالكعبة، واللهم برمضان وليلة القدر أن تغفر لي.. ونحو ذلك.
فَكُلُّ هذه الصور محرَّمةٌ شرعًا، وهي من أَشرِّ البدع؛ إذ لَم يَقُم دليل من الكتاب أو السُّنَّة على مشروعيَّة شيءٍ منها.
فاتقوا الله عباد الله، وابتغوا إليه الوسيلة، وتعلموا دينكم الصحيح؛ تفلحوا وتنجحوا في الدارين.
وصلى الله وسلم على نبينا مُحمَّد وعلى آله وصحبه أجمعين.
إِنَّ الْحَمدَ للَّهِ، نحمدُهُ، ونستعينُهُ، ونستغفرُهُ، ونعوذُ باللَّهِ مِنْ شُرُورِ أنفسنا وسيئاتِ أعمالنا، مَنْ يهده اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ له، ومَنْ يُضْلِلْ فلا هَادِي لَهُ، وأشهدُ أن لا إله إلا اللَّهُ وحده لا شريكَ لَهُ، وأشهد أنَّ مُحمَّدًا عبدُهُ ورسولُهُ.
أمَّا بعدُ:
فإن هذه المسألة -وهي مسألة التوسل- في غاية الأهمية، يجدر بالمسلم والمسلمة معرفتها وتفهمها، إذ الجهل بها سبب رئيس لتفشي الشرك بنوعيه الأكبر والأصغر.
كما أن هذه المسألة قد امتدت يد بعض أهل الأهواء إليها، فعبثت بها، حيث دعت إلى الإشراك بالله تعالى تحت مسمى التوسل؛ فضلوا وأضلوا كثيرًا وضلوا عن سواء السبيل.
ولا عاصم من الوقوع في حبائل هؤلاء إلا الله وحده، ثم العلم الشرعي الذي هو جُنَّة من كل ضلالة وحماية من كل بدعة فـ: ((من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين)) فالتفقه في هذه المسألة أمر محمود؛ به يسلم المسلم من الشبه، وبه يحمل سلاح العلم الذي يضرب به هام أهل الأهواء، وبه يعبد الله على بصيرة من دينه.
فما هو التوسل، وما هو المشروع منه، وما هو الممنوع؟
تعريف التوسل:
التوسل لغة: التقرب والتوصل إلى المطلوب المرغوب.
والوسيلة القربة والواسطة التي يتقرب ويتوصل بها إلى تحصيل المطلوب المرغوب .
والتوسل في كلام الشرع ورد في آيتين من كتاب الله تعالى:
الأولى قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة:35].
فالوسيلة هنا: هي القربة، كما ذكر ذلك ابن عباس وعطاء ومجاهد.
والآية الثانية قوله تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً}[الإسراء:56-57].
{يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الوَسِيلَةَ}، أي: يطلبون إلى ربهم القربة بالطاعة.
فتبين بهذا أن المعنى الشرعي للوسيلة هي القربة، وهي كذلك في لغة العرب.
* * والتوسل إلى الله سبحانه نوعان: توسل مشروع، وتوسل ممنوع.
* أما التوسل المشروع:
فهو التقرب إلى الله تعالى بكل أنواع العبادة التي يحبها ويرضاها، ومنها الدعاء؛ فالدعاء وسيلة إلى الله، والخوف منه تعالى وسيلة إليه، والتوكل عليه تعالى وسيلة إليه.. وهكذا.
لكن لَمَّا كانت الشُّبه المثارة حول التوسل إنَّما هي في الدعاء وجب علينا التنبيه على هذا النوع من أنواع التوسل لكي نبين الجائز منه والممنوع.
فإننا نعلم أن الله أمرنا أن ندعوه وحده لا شريك له، وأن الدعاء عبادة عظيمة لا يجوز صرفها لغير الله تعالى؛ كما قال تعالى: {وَأَنَّ المَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلاَ تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً} [الجن:18].
فالتوسل المشروع في الدعاء أنواع ثلاثة:
1- التوسل إلى بأن ندعوه بأسمائه الحسنى وصفاته العلا، فقال تعالى: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأعراف:180]. وقال صلى الله عليه وسلم: ((ما أصاب أحدًا قط هم ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك ناصيتي بيدك ماضٍ فيَّ حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدًا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك؛ أن تَجعل القرآن العظيم ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي. إلا أذهب الله حزنه وهمه وأبدل مكانه فرحًا)). فهذا فيه دليل على جواز التوسل إلى الله تعالى بأسمائه الحسنى ومن ثَمَّ صفاته العلا.
2- التوسل إلى الله بالأعمال الصالحة التي قمنا بها، فقال تعالى: {الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [آل عمران:16]. وقال: {رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} [آل عمران:53].
ومن هذا قصة أصحاب الغار التي رواها عبد الله بن عمر، عن النَّبِي: وهي: ((انطلق ثلاثة نفر مِمَّن كان قبلكم حتَّى آواهم المبيت إلى غار فدخلوه؛ فانحدرت صخرة من الجبل فسدت عليهم الغار. فقالوا: إنه لا ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم.
قال رجل منهم: اللهم كان لِي أبوان شيخان كبيران، وكنت لا أغبق قبلهما أهلاً ولا مالاً -يعني: من رقيق وخادم- فنأى بي طلب الشجر يومًا فلم أُرح عليهما -أي: أرجع عليهما- حتَّى ناما، فحلبت لهما غبوقهما فوجدتهما نائمين، فكرهت أن أوقظهما وأن أغبق قبلهما أهلاً أو مالاً، فلبثت والقدح على يدي أنتظر استيقاظهما حتَّى برق الفجر والصبية يتضاغون عند قدمي، فاستيقظا فشربا غبوقهما.
اللهم إن كنتُ فعلتُ ذلك ابتغاءَ وَجهِكَ ففرِّج عنَّا ما نَحنُ فيه من هذه الصَّخرة؛ فانفرجت شيئًا لا يستطيعون الخروج منه.
وقال الآخر: اللهم إنه كان لي ابنة عمٍّ كانت أحبَّ الناس إليَّ؛ فأردتها على نفسها فامتنعت مني. حتَّى أَلمت بِها سَنَةٌ من السِّنين. فجاءتني فأعطيتها عشرين ومائة دينار على أن تُخلِّي بيني وبين نفسها، ففعلت حتَّى إذا قدرت عليها قالت: اتق الله؛ ولا تفض الخاتم إلاَّ بِحقِّه، فانصرفتُ عنها وهي أحبُّ الناس إليَّ، وتركت الذهب الذي أعطيتها.
اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرُج عنَّا ما نَحن فيه؛ فانفرجت الصَّخرة، غير أنَّهم لا يستطيعون الخروج منها.
وقال الثالث: اللهم استأجرتُ أُجراءَ وأعطيتهم أَجرهم غيرَ رجلٍ واحدٍ؛ ترك الذي له وذهب. فثمرتُ أَجره حتَّى كثرت منه الأموال، فجاءني بعد حين فقال: يا عبد الله، أَدِّ إليَّ أجري.
فقلت: كل ما ترى من أجرك، من الإبل والبقر والغنم والرقيق، فقال: يا عبد الله لا تستهزئ بي، فقلت: إني لا أستهزئ بك، فأخذه كلُّه فاستاقه فلم يترك منه شيئًا.
اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فَافرُج عنَّا ما نَحن فيه؛ فانفرجت الصَّخرة؛ فخرجوا يمشون)).
فهذا دليل واضح في التَّوسُّل إلى الله تعالى بالأعمال الصالحة؛ إذ إنَّ هؤلاءِ النَّفر توسَّلوا إلى الله في حال الشِّدَّةِ بِما أَسلفوا من أعمال صالحةٍ..
3- التَّوسُّل إلى الله تعالى بدعاءِ أحد الأحياء الحاضرين مِمَّن عُرِف بالصَّلاح والاستقامة، وفي ذلك أدلة كثيرة:
منها: قول الله تعالى عن إخوة يوسف: {قَالُوا يَاأَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ * قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ} [يوسف:97-98]. فقد طلبوا من أبيهم يعقوب عليه السلام وهو حي حاضر أن يستغفر الله لهم.
ومثل هذا ما شرع للمؤمنين من إتيانهم النَّبِي صلى الله عليه وسلم في حال حياته لأجل أن يستغفر الله لهم، قال تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً} [النساء:64].
وهذا في حال حياته، أمَّا بعد مماته فإنه لا يجوز لنا أن نطلب منه أن يستغفر لنا، وإنَّما نَطلُبُ من صالِح حيٍّ حاضر، كما كان الصَّحابة رضي الله عنهم يفعلون ذلك، ولذا فإنَّ عمر بن الخَطاب رضي الله عنه طلب من العبَّاس أن يدعو الله لَهم، وذلك بعد موت النَّبِي صلى الله عليه وسلم.
فهذه ثلاث صور نتوسل إلى الله تعالى بها في دعائنا، شرعها تعالى، وسنها رسولنا مُحمَّد صلى الله عليه وسلم.
إذن فالتوسل المشروع: هو ما دل عليه دليل من كتاب الله، أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
* أما التوسل الممنوع:
وهو كلُّ توسُّل لَم يَقُم عليه دليل من كتاب الله أو سنَّةِ رسوله صلى الله عليه وسلم.
فالتَّوسُّل غير المشروع كالتَّوسُّل إلى الله بذوات الأنبياء والرُّسل والصالحين من عباد الله: فتقول مثلاً: اللهم إني أتوسَّلُ إليك بنبيك مُحمَّد صلى الله عليه وسلم أو بأبِي بكر أو بالشيخ فلان أن تغفر لِي وترحمني.
وكذلك التَّوسُّل بالأماكن الفاضلة والأزمنة الفاضلة، فتقول: اللهم إني أتوسَّل إليك بالكعبة، واللهم برمضان وليلة القدر أن تغفر لي.. ونحو ذلك.
فَكُلُّ هذه الصور محرَّمةٌ شرعًا، وهي من أَشرِّ البدع؛ إذ لَم يَقُم دليل من الكتاب أو السُّنَّة على مشروعيَّة شيءٍ منها.
فاتقوا الله عباد الله، وابتغوا إليه الوسيلة، وتعلموا دينكم الصحيح؛ تفلحوا وتنجحوا في الدارين.
وصلى الله وسلم على نبينا مُحمَّد وعلى آله وصحبه أجمعين.
مواضيع مماثلة
» الحديث المتواتر .. شروطه وأنواعه
» دفع الصائل في الشريعة الإسلامية .. أحكامه وشروطه
» ما ذكر عن الجح من فضله ومنافعه وشيء من أحكامه
» التوسل بالرسول وبالصالحين
» التوسل بالرسول وبالصالحين
» دفع الصائل في الشريعة الإسلامية .. أحكامه وشروطه
» ما ذكر عن الجح من فضله ومنافعه وشيء من أحكامه
» التوسل بالرسول وبالصالحين
» التوسل بالرسول وبالصالحين
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة 21 يونيو 2024, 12:25 am من طرف Admin
» هل الانجيل محرف
الأربعاء 19 يونيو 2024, 2:34 pm من طرف Admin
» شبهات النصاري زواج ام المؤمنين عائشه،
الإثنين 17 يونيو 2024, 10:30 am من طرف Admin
» الفرق بين السنه والفقه
السبت 11 مايو 2024, 11:23 pm من طرف Admin
» كيف عرفت انه نبي..
الجمعة 26 أبريل 2024, 5:40 am من طرف Admin
» موضوع هل يدخل الجنه غير المسلمين،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:48 am من طرف Admin
» التدرج في التشريع
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:43 am من طرف Admin
» كتب عليكم الصيام،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:41 am من طرف Admin
» اقوال العلماء في تفسير ايه الحجاب،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:40 am من طرف Admin