بحـث
الشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المواضيع الأخيرة
نوفمبر 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | |||||
3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 |
10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 |
17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 |
24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
الحمدلله على نعمة الاسلام
ايها الاخوه الدعاه الى الله وكذا جميع الزائرين والزائرات مرحبا بكم واهلا نتمنى من الله ان نكون عند حسن ظنكم جميا والله الموفق الى الخير وهو حسبنا ونعم الوكيلالشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 11 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 11 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحثلا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 76 بتاريخ الأربعاء 30 أكتوبر 2024, 11:01 pm
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر......... الشيخ علاء الشال
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر......... الشيخ علاء الشال
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
الحمد لله الذي أكمل لنا
الدين وأتم علينا النعمة، وجعل أمتنا خير أمة، وبعث فينا رسولاً منا يتلو
علينا آياته ويزكينا ويعلمنا الكتاب والحكمة، أحمده على نعمه الجمة، وأشهد
أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة تكون لمن اعتصم بها خير عصمة،
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله ربه للعالمين رحمة، صلى الله عليه
وعلى آله وصحبه صلاة تكون لنا نوراً من كل ظلمة، وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
أيها
المسلمون: إن المحافظة على حرمة الإسلام، وصون المجتمع المسلم من أن
تخلخله وتقوضه البدع والخرافات، والمعاصي والمخالفات، وحمايته من أمواج
الشر الهائجة وآثار الفتن المائجة، وتحذيره مزالق الشقوق، ودركات الهبوط،
أصل عظيم من أصول الشريعة وركن مشيد من أركانها المنيعة، يتمثل في ولاية
الحسبة وشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، تلك المهمة العظمى
والأمانة الكبرى التي هي حفاظ المجتمعات وسياج الآداب والكمالات، بها صلاح
أمرها واستتباب أمنها، وقوة ملاكها ومساكها، ما فقدت في قوم إلا زاغت
عقائدهم، وفسدت أوضاعهم، وتغيرت طباعهم، وما ضعفت في مجتمع إلا بدت فيه
مظاهر الانحلال، وفشت فيه بوادر الاختلال. والأمة حين تكون سائرة في جادة
الطريق محكمة شريعة الله بالتحقيق والتطبيق يكون من أول مهامها إقامة
ولاية الحسبة ورفع لوائها، وإعلاء بناءها، وإعزاز أهلها؛ لأن جميع
الولايات تعود إليها، يقول تبارك وتعالى: الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ
فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا
بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ
سورة الحـج(41)، ويقول تبارك وتعالى: وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ
يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ
عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ سورة آل عمران(104).
أمةٌ
قائدة رائدة تحقق في المجتمع المسلم شرع الله وتصدع بالحق في وجوه النفوس
المريضة الباغية إشباع شهواتها العابثة بأمن الأمة ومقدراتها، يقول جل
وعلا في وصف الأمة المحمدية وذكر أسباب الخيرية: كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ
أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ
الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ سورة آل عمران(110).
أيها
المسلمون: إن المعاصي والمنكرات هي الداء العضال والوباء القتّال الذي به
خراب المجتمعات وهلاكها وإن التفريط في تغيير المنكرات ومكافحتها والقضاء
عليها من أعظم أسباب حلول العقاب ونزول العذاب، فعن أم المؤمنين أم الحسن
زينب جحش -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- دخل عليها فزعاً
وهو يقول: (لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم
يأجوج ويأجوج مثل هذه) وحلّق بأصبعه الإبهام والتي تليها، فقلت: يا رسول
الله أنهلك وفينا الصالحون؟ قال صلى الله عليه وسلم: (نعم إذا كثر الخبث)
متفق عليه والخبث هو الفسوق والفجور..
ويقول النبي -عليه الصلاة
والسلام-: (إن الله لا يعذب العامة بعمل الخاصة حتى يروا المنكر بين
ظهرانيهم وهم قادرون على أن ينكروه فلا ينكروه، فإذا فعلوا ذلك عذب الله
الخاصة والعامة)رواه أحمد1.
ويقول عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام:
(ما من قوم يعمل فيهم بالمعاصي ثم يقدرون على أن يغيروا ثم لا يغيروا إلا
يوشك أن يعمهم الله بعقاب)رواه أبو داوود وغيره2. وكتب عمر بن عبدالعزيز
-رحمه الله تعالى- إلى بعض عماله: أما بعد، فإنه لم يظهر المنكر في قوم قط
ثم لم ينههم أهل الصلاح بينهم إلا أصابهم الله بعذاب من عنده أو بأيدي من
يشاء من عباده ولا يزال الناس معصومين من العقوبات والنقمات ما قُمع أهل
الباطل واستخفي فيهم المحارم.
أيها المسلمون: إن الإدهان في الدين،
وعدم التناهي بين المسلمين من أعظم أسباب اللعن والطرد والإبعاد عن رحمة
أرحم الراحمين، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إن أول ما دخل النقص
على بني إسرائيل كان الرجل يلقى الرجل فيقول: يا هذا اتق الله ودع ما تصنع
فإنه لا يحل لك، ثم يلقاه من الغد وهو على حاله فلا يمنعه ذلك أن يكون
أكيله وشريبه وقعيده، فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض، ثم قال:
لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ
دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ
يَعْتَدُونَ* كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ
مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ سورة المائدة (78)(79)؛ ثم قال صلى الله عليه
وسلم: (والله لتأمرون بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يد الظالم
ولتأطرنه على الحق أطراً ولتقصرنه على الحق قصراً أو ليضربن الله بقلوب
بعضكم على بعض ثم ليلعننكم كما لعنهم)3 رواه أبو داوود والترمذي.
لُعنوا
في كتاب الله لعناً يتلى على مر الأيام والسنين وإلى أن يقوم الناس لرب
العالمين، فاحذروا عباد الله سبيلهم الوخيم وفعلهم الذميم، فإنه لا صلة
بين العباد ورب العباد إلا صلة العبادة والطاعة فمن استقام على شريعة الله
استحق من الله الكرامة والرضوان ومن حاد عن سبيل الحق والهدى باء باللعن
والخيبة والخسران.
يا من رضيتم بالله رباً، وبالإسلام ديناً،
وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً: أصيخوا سمعكم، وأصغوا قلوبكم
لقول النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده
فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) رواه مسلم.
وانظروا
وتساءلوا أين أثر تطبيق هذا الحديث في نفوسنا ومجتمعاتنا؟ أين إيماننا
الصادق؟ وخضوعنا التام لما جاء به محمد -صلى الله عليه وسلم-! من رأى منكم
منكراً فليغيره بيده السلطان في سلطانه، والأمير في إمارته، والقائد في
جيشه، والرجل في أهل بيته، وكل مسؤول فيما تحت ولايته ومسئوليته، يقول
عثمان -رضي الله عنه-: "إن الله يزع بالسلطان ما لايزع بالقرآن"، ويقول
بعض السلف: "ما قيمة حق لا نفاذ له!"..
أيها الآباء والأمهات:
طهروا بيوتكم من جميع المنكرات، وليكن بيت النبوة على صاحبه أفضل الصلاة
وأزكى السلام لكم في ذلك قدوة وأسوة تنتهجون نهجه وتحذون حذوه، تقول عائشة
-رضي الله عنها-: قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من سفر وقد سترت
سهوة من جدران فيه تماثيل فلما رآه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هتكه
وتلوّن وجهه وقال: (يا عائشة أشد عذاباً عند الله يوم القيامة الذين
يضاهئون بخلق الله تعالى) متفق عليه تقول عائشة -رضي الله عنها- فقطعناه
فجعلنا منه وسادة أو وسادتين.
أيها المسلمون: من عجز منكم عن
الإنكار باليد والسلطان فلينكر باللسان والبيان، فعن عبادة بن الصامت -رضي
الله عنه- قال: "بايعنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على السمع والطاعة
في العسر واليسر والمنشط والمكره، وعلى أثرة علينا، وعلى أن لا ننازع
الأمر أهله إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله تعالى فيه برهان، وعلى
أن نقول بالحق أينما كنا .. لا نخاف في الله لومة لائم" متفق عليه. وعن
أبي سعيد الخدري-رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في
خطبته: (ألا لا يمنعن رجلاً هيبة الناس أن يقول بحق إذا علمه) رواه
الترمذي وأحمد4 وزاد: (فإنه لا يقرب من أجل ولا يباعد من رزق أن يقال بحق
أو يذكّر بعظيم). وقال -عليه الصلاة والسلام-: (لا يحقِّر أحدكم نفسه)
قالوا: يا رسول الله كيف يحقر أحدنا نفسه؟ قال: (يرى أمراً لله عليه فيه
مقال.. ثم لا يقول فيه، فيقول الله -عز وجل- له يوم القيامة: (ما منعك أن
تقول فيّ كذا وكذا؟ فيقول: خشية الناس، فيقول الله جل وعلا: فإياي كنت أحق
أن تخشى) رواه ابن ماجه.5
أيها المسلمون: إن الطامة الكبرى،
والمصيبة العظمى أن تتوالى الفتن على القلوب، ويزيل خطر المعاصي في النفوس
فيواقع الناس حدود الله وينتهكون أوامر الله، ويصبح المعروف منكراً
والمنكر معروفاً، يقول رسول الهدى صلى الله عليه وسلم: (تعرض الفتن على
القلوب كالحصير عوداً عوداً، فأي قلب أشربها نكتت فيه نكتة سوداء، وأي قلب
أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء، حتى تصير على قلبين: على أبيض مثل الصفا فلا
تضره فتنة مادامت السموات والأرض، والآخر أسود مربادّاً كالكوز مجخياً لا
يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً إلا ما أشرب من هواه) رواه مسلم.
وسُئل
حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- من ميت الأحياء؟ فقال رضي الله عنه
وأرضاه: "الذي لا ينكر المنكر بيده ولا بلسانه ولا بقلبه"، وفي صحيح مسلم
أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا
كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته، ويقتدون بأمره، ثم إنه تخلف
من بعدهم خلوف، يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم
بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن،
وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل).
بارك الله لي ولكم في القرآن
العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول ما تسمعون
وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور
الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه، والشكر له
على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً
لشأنه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله وسلم
عليه وعلى آله وصحبه وإخوانه.
أيها المسلمون: لم يفتأ أعداء الدين
من اليهود والنصارى والملحدين ومن سار في ركابهم من فسّاق الملة
المستغربين يشنون على أمة الإسلام حملات متلاحقة عبر وسائل ورسائل لا يخفى
مستواها، ولا يُجهل فحواها ومحتواها، غرضها زعزعة عقيدة الأمة وتدمير
أخلاقياتها، وطمس هويتها وتغييبها عن رسالتها، فبماذا واجه المسلمون تلك
الحملات؟ هل أوصدوا دونها الأبواب؟ هل جاهدوها حق الجهاد؟ هل قاموا
بالضمانات الكافية من عدم انتشار الشر والفساد؟.
لقد فتح كثير من
المسلمين -بسبب الغفلة عن دين الله وقلة التحفظ والتوقظ- بلادهم ومتاجرهم
وبيوتهم وقلوبهم لتلك التيارات الوافدة وأسلموا مجتمعاتهم للأمة الكافرة
المعاندة وصدق رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لتتبعن سنن من كان قبلكم
.. شبراً شبراً وذراعاً ذراعاً، حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم) قلنا: يا
رسول الله: اليهود والنصارى؟! فقال صلى الله عليه وسلم: (فمن؟!) رواه
البخاري يقول بعض أهل العلم: "إذا أردت أن تعلم محل الإسلام من أهل الزمان
فلا تنظر إلى زحامهم في أبواب الجوامع ولا ضجيجهم في الموقف من الضنك
وإنما انظر إلى مواطأتهم أعداء الشريعة".
أيها المسلمون: إن القيام
بشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مهمة جسيمة ذات أعباء لا يقدر
عليها إلا الكمّل من الرجال، هي مهمة الأنبياء والرسل -صلوات الله وسلامه
عليهم أجمعين-، مهمة تصطدم بشهوات الناس ونزواتهم وغرورهم وكبريائهم وهبوط
السفلة منهم، ولابد أن ينال القائمين بها شيء من الاعتداء والأذى.
فصبراً
صبراً يا أيها الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر، فقد أوذي إمامكم
وقائدكم خاتم الأنبياء وإمام الحنفاء محمد -صلى الله عليه وسلم- فصبر
وصابر حتى نصره الله: وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ سورة
الأنعام(34) وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ
لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ6 سورة الحـج(40).
عباد الله: صلوا وسلموا على من
أمركم الله بالصلاة والسلام عليه فقال عزَّ من قائل: إِنَّ اللَّهَ
وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا سورة الأحزاب(56)..
الحمد لله الذي أكمل لنا
الدين وأتم علينا النعمة، وجعل أمتنا خير أمة، وبعث فينا رسولاً منا يتلو
علينا آياته ويزكينا ويعلمنا الكتاب والحكمة، أحمده على نعمه الجمة، وأشهد
أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة تكون لمن اعتصم بها خير عصمة،
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله ربه للعالمين رحمة، صلى الله عليه
وعلى آله وصحبه صلاة تكون لنا نوراً من كل ظلمة، وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
أيها
المسلمون: إن المحافظة على حرمة الإسلام، وصون المجتمع المسلم من أن
تخلخله وتقوضه البدع والخرافات، والمعاصي والمخالفات، وحمايته من أمواج
الشر الهائجة وآثار الفتن المائجة، وتحذيره مزالق الشقوق، ودركات الهبوط،
أصل عظيم من أصول الشريعة وركن مشيد من أركانها المنيعة، يتمثل في ولاية
الحسبة وشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، تلك المهمة العظمى
والأمانة الكبرى التي هي حفاظ المجتمعات وسياج الآداب والكمالات، بها صلاح
أمرها واستتباب أمنها، وقوة ملاكها ومساكها، ما فقدت في قوم إلا زاغت
عقائدهم، وفسدت أوضاعهم، وتغيرت طباعهم، وما ضعفت في مجتمع إلا بدت فيه
مظاهر الانحلال، وفشت فيه بوادر الاختلال. والأمة حين تكون سائرة في جادة
الطريق محكمة شريعة الله بالتحقيق والتطبيق يكون من أول مهامها إقامة
ولاية الحسبة ورفع لوائها، وإعلاء بناءها، وإعزاز أهلها؛ لأن جميع
الولايات تعود إليها، يقول تبارك وتعالى: الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ
فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا
بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ
سورة الحـج(41)، ويقول تبارك وتعالى: وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ
يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ
عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ سورة آل عمران(104).
أمةٌ
قائدة رائدة تحقق في المجتمع المسلم شرع الله وتصدع بالحق في وجوه النفوس
المريضة الباغية إشباع شهواتها العابثة بأمن الأمة ومقدراتها، يقول جل
وعلا في وصف الأمة المحمدية وذكر أسباب الخيرية: كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ
أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ
الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ سورة آل عمران(110).
أيها
المسلمون: إن المعاصي والمنكرات هي الداء العضال والوباء القتّال الذي به
خراب المجتمعات وهلاكها وإن التفريط في تغيير المنكرات ومكافحتها والقضاء
عليها من أعظم أسباب حلول العقاب ونزول العذاب، فعن أم المؤمنين أم الحسن
زينب جحش -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- دخل عليها فزعاً
وهو يقول: (لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم
يأجوج ويأجوج مثل هذه) وحلّق بأصبعه الإبهام والتي تليها، فقلت: يا رسول
الله أنهلك وفينا الصالحون؟ قال صلى الله عليه وسلم: (نعم إذا كثر الخبث)
متفق عليه والخبث هو الفسوق والفجور..
ويقول النبي -عليه الصلاة
والسلام-: (إن الله لا يعذب العامة بعمل الخاصة حتى يروا المنكر بين
ظهرانيهم وهم قادرون على أن ينكروه فلا ينكروه، فإذا فعلوا ذلك عذب الله
الخاصة والعامة)رواه أحمد1.
ويقول عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام:
(ما من قوم يعمل فيهم بالمعاصي ثم يقدرون على أن يغيروا ثم لا يغيروا إلا
يوشك أن يعمهم الله بعقاب)رواه أبو داوود وغيره2. وكتب عمر بن عبدالعزيز
-رحمه الله تعالى- إلى بعض عماله: أما بعد، فإنه لم يظهر المنكر في قوم قط
ثم لم ينههم أهل الصلاح بينهم إلا أصابهم الله بعذاب من عنده أو بأيدي من
يشاء من عباده ولا يزال الناس معصومين من العقوبات والنقمات ما قُمع أهل
الباطل واستخفي فيهم المحارم.
أيها المسلمون: إن الإدهان في الدين،
وعدم التناهي بين المسلمين من أعظم أسباب اللعن والطرد والإبعاد عن رحمة
أرحم الراحمين، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إن أول ما دخل النقص
على بني إسرائيل كان الرجل يلقى الرجل فيقول: يا هذا اتق الله ودع ما تصنع
فإنه لا يحل لك، ثم يلقاه من الغد وهو على حاله فلا يمنعه ذلك أن يكون
أكيله وشريبه وقعيده، فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض، ثم قال:
لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ
دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ
يَعْتَدُونَ* كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ
مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ سورة المائدة (78)(79)؛ ثم قال صلى الله عليه
وسلم: (والله لتأمرون بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يد الظالم
ولتأطرنه على الحق أطراً ولتقصرنه على الحق قصراً أو ليضربن الله بقلوب
بعضكم على بعض ثم ليلعننكم كما لعنهم)3 رواه أبو داوود والترمذي.
لُعنوا
في كتاب الله لعناً يتلى على مر الأيام والسنين وإلى أن يقوم الناس لرب
العالمين، فاحذروا عباد الله سبيلهم الوخيم وفعلهم الذميم، فإنه لا صلة
بين العباد ورب العباد إلا صلة العبادة والطاعة فمن استقام على شريعة الله
استحق من الله الكرامة والرضوان ومن حاد عن سبيل الحق والهدى باء باللعن
والخيبة والخسران.
يا من رضيتم بالله رباً، وبالإسلام ديناً،
وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً: أصيخوا سمعكم، وأصغوا قلوبكم
لقول النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده
فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) رواه مسلم.
وانظروا
وتساءلوا أين أثر تطبيق هذا الحديث في نفوسنا ومجتمعاتنا؟ أين إيماننا
الصادق؟ وخضوعنا التام لما جاء به محمد -صلى الله عليه وسلم-! من رأى منكم
منكراً فليغيره بيده السلطان في سلطانه، والأمير في إمارته، والقائد في
جيشه، والرجل في أهل بيته، وكل مسؤول فيما تحت ولايته ومسئوليته، يقول
عثمان -رضي الله عنه-: "إن الله يزع بالسلطان ما لايزع بالقرآن"، ويقول
بعض السلف: "ما قيمة حق لا نفاذ له!"..
أيها الآباء والأمهات:
طهروا بيوتكم من جميع المنكرات، وليكن بيت النبوة على صاحبه أفضل الصلاة
وأزكى السلام لكم في ذلك قدوة وأسوة تنتهجون نهجه وتحذون حذوه، تقول عائشة
-رضي الله عنها-: قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من سفر وقد سترت
سهوة من جدران فيه تماثيل فلما رآه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هتكه
وتلوّن وجهه وقال: (يا عائشة أشد عذاباً عند الله يوم القيامة الذين
يضاهئون بخلق الله تعالى) متفق عليه تقول عائشة -رضي الله عنها- فقطعناه
فجعلنا منه وسادة أو وسادتين.
أيها المسلمون: من عجز منكم عن
الإنكار باليد والسلطان فلينكر باللسان والبيان، فعن عبادة بن الصامت -رضي
الله عنه- قال: "بايعنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على السمع والطاعة
في العسر واليسر والمنشط والمكره، وعلى أثرة علينا، وعلى أن لا ننازع
الأمر أهله إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله تعالى فيه برهان، وعلى
أن نقول بالحق أينما كنا .. لا نخاف في الله لومة لائم" متفق عليه. وعن
أبي سعيد الخدري-رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في
خطبته: (ألا لا يمنعن رجلاً هيبة الناس أن يقول بحق إذا علمه) رواه
الترمذي وأحمد4 وزاد: (فإنه لا يقرب من أجل ولا يباعد من رزق أن يقال بحق
أو يذكّر بعظيم). وقال -عليه الصلاة والسلام-: (لا يحقِّر أحدكم نفسه)
قالوا: يا رسول الله كيف يحقر أحدنا نفسه؟ قال: (يرى أمراً لله عليه فيه
مقال.. ثم لا يقول فيه، فيقول الله -عز وجل- له يوم القيامة: (ما منعك أن
تقول فيّ كذا وكذا؟ فيقول: خشية الناس، فيقول الله جل وعلا: فإياي كنت أحق
أن تخشى) رواه ابن ماجه.5
أيها المسلمون: إن الطامة الكبرى،
والمصيبة العظمى أن تتوالى الفتن على القلوب، ويزيل خطر المعاصي في النفوس
فيواقع الناس حدود الله وينتهكون أوامر الله، ويصبح المعروف منكراً
والمنكر معروفاً، يقول رسول الهدى صلى الله عليه وسلم: (تعرض الفتن على
القلوب كالحصير عوداً عوداً، فأي قلب أشربها نكتت فيه نكتة سوداء، وأي قلب
أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء، حتى تصير على قلبين: على أبيض مثل الصفا فلا
تضره فتنة مادامت السموات والأرض، والآخر أسود مربادّاً كالكوز مجخياً لا
يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً إلا ما أشرب من هواه) رواه مسلم.
وسُئل
حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- من ميت الأحياء؟ فقال رضي الله عنه
وأرضاه: "الذي لا ينكر المنكر بيده ولا بلسانه ولا بقلبه"، وفي صحيح مسلم
أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا
كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته، ويقتدون بأمره، ثم إنه تخلف
من بعدهم خلوف، يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم
بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن،
وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل).
بارك الله لي ولكم في القرآن
العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول ما تسمعون
وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور
الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه، والشكر له
على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً
لشأنه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله وسلم
عليه وعلى آله وصحبه وإخوانه.
أيها المسلمون: لم يفتأ أعداء الدين
من اليهود والنصارى والملحدين ومن سار في ركابهم من فسّاق الملة
المستغربين يشنون على أمة الإسلام حملات متلاحقة عبر وسائل ورسائل لا يخفى
مستواها، ولا يُجهل فحواها ومحتواها، غرضها زعزعة عقيدة الأمة وتدمير
أخلاقياتها، وطمس هويتها وتغييبها عن رسالتها، فبماذا واجه المسلمون تلك
الحملات؟ هل أوصدوا دونها الأبواب؟ هل جاهدوها حق الجهاد؟ هل قاموا
بالضمانات الكافية من عدم انتشار الشر والفساد؟.
لقد فتح كثير من
المسلمين -بسبب الغفلة عن دين الله وقلة التحفظ والتوقظ- بلادهم ومتاجرهم
وبيوتهم وقلوبهم لتلك التيارات الوافدة وأسلموا مجتمعاتهم للأمة الكافرة
المعاندة وصدق رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لتتبعن سنن من كان قبلكم
.. شبراً شبراً وذراعاً ذراعاً، حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم) قلنا: يا
رسول الله: اليهود والنصارى؟! فقال صلى الله عليه وسلم: (فمن؟!) رواه
البخاري يقول بعض أهل العلم: "إذا أردت أن تعلم محل الإسلام من أهل الزمان
فلا تنظر إلى زحامهم في أبواب الجوامع ولا ضجيجهم في الموقف من الضنك
وإنما انظر إلى مواطأتهم أعداء الشريعة".
أيها المسلمون: إن القيام
بشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مهمة جسيمة ذات أعباء لا يقدر
عليها إلا الكمّل من الرجال، هي مهمة الأنبياء والرسل -صلوات الله وسلامه
عليهم أجمعين-، مهمة تصطدم بشهوات الناس ونزواتهم وغرورهم وكبريائهم وهبوط
السفلة منهم، ولابد أن ينال القائمين بها شيء من الاعتداء والأذى.
فصبراً
صبراً يا أيها الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر، فقد أوذي إمامكم
وقائدكم خاتم الأنبياء وإمام الحنفاء محمد -صلى الله عليه وسلم- فصبر
وصابر حتى نصره الله: وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ سورة
الأنعام(34) وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ
لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ6 سورة الحـج(40).
عباد الله: صلوا وسلموا على من
أمركم الله بالصلاة والسلام عليه فقال عزَّ من قائل: إِنَّ اللَّهَ
وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا سورة الأحزاب(56)..
الشيخ علاء الشال- داعيه الى الله
- عدد المساهمات : 24
نقاط : 72
تاريخ التسجيل : 29/10/2011
العمر : 50
رد: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر......... الشيخ علاء الشال
بارك الله فيكم يافضيلة الشيخ علاء ونفع بكم وباعمالكم الجليله
مواضيع مماثلة
» ما جاء في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
» الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في حق النساء
» بين مراتب الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر الثلاث:
» الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر منزلته عظيمة
» أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومواقف العلماء الصالحين في ذلك
» الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في حق النساء
» بين مراتب الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر الثلاث:
» الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر منزلته عظيمة
» أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومواقف العلماء الصالحين في ذلك
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة 21 يونيو 2024, 12:25 am من طرف Admin
» هل الانجيل محرف
الأربعاء 19 يونيو 2024, 2:34 pm من طرف Admin
» شبهات النصاري زواج ام المؤمنين عائشه،
الإثنين 17 يونيو 2024, 10:30 am من طرف Admin
» الفرق بين السنه والفقه
السبت 11 مايو 2024, 11:23 pm من طرف Admin
» كيف عرفت انه نبي..
الجمعة 26 أبريل 2024, 5:40 am من طرف Admin
» موضوع هل يدخل الجنه غير المسلمين،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:48 am من طرف Admin
» التدرج في التشريع
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:43 am من طرف Admin
» كتب عليكم الصيام،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:41 am من طرف Admin
» اقوال العلماء في تفسير ايه الحجاب،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:40 am من طرف Admin