بحـث
الشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المواضيع الأخيرة
نوفمبر 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | |||||
3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 |
10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 |
17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 |
24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
الحمدلله على نعمة الاسلام
ايها الاخوه الدعاه الى الله وكذا جميع الزائرين والزائرات مرحبا بكم واهلا نتمنى من الله ان نكون عند حسن ظنكم جميا والله الموفق الى الخير وهو حسبنا ونعم الوكيلالشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 6 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 6 زائر لا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 76 بتاريخ الأربعاء 30 أكتوبر 2024, 11:01 pm
معانى الأسماء الحسنى 3
صفحة 1 من اصل 1
معانى الأسماء الحسنى 3
الله جل جلاله الوِتْرُ
لم يرد الاسم في القرآن ولكن سماه به النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أنِه صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( لِلَّهِ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ اسْمًا ، مِائَةٌ إِلاَّ وَاحِدًا ، لاَ يَحْفَظُهَا أَحَدٌ إِلاَّ دَخَلَ الْجَنَّةَ ، وَهْوَ وَتْرٌ يُحِبُّ الْوَتْرَ ) ، فقد ورد الاسم مطلقا منونا مرادا به العلمية ودالا على الوترية وكمال الوصفية ، وقد ورد المعنى في قوله : يحب الوتر محمولا على الاسم مسندا إليه ، وورد أيضا عند مسلم من حديث أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه مرفوعا : ( وَإِنَّ اللَّهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ ) ، وعند أبي داود والترمذي وابن ماجة والنَسائي وصححه الألباني من حديث عَلِي بن أبي طالب رضي الله عنه قَالَ : أَوْتَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَالَ : ( يَا أَهْلَ الْقُرْآنِ أَوْتِرُوا ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ ).
الله جل جلاله الجَمِيلُ
ورد الاسم في صحيح مسلم من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه أن النَّبي صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ ، قَالَ رَجُلٌ : إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً ، قَالَ : إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ ، الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ ) ، والحديث ورد الاسم فيه مطلقا منونا محمولا عليه المعنى مسندا إليه مرادا به العلمية ودالا على الوصفية وكمالها ، وورد في رواية أحمد في مسند ابن مسعود رضي الله عنه : ( فَقَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي لَيُعْجِبُنِي أَنْ يَكُونَ ثَوْبِي غَسِيلاً وَرَأْسِي دَهِيناً وَشِرَاكُ نَعْلِي جَدِيداً وَذَكَرَ أَشْيَاءَ حَتَّى ذَكَرَ عِلاَقَةَ سَوْطِهِ ، أَفَمِنَ الْكِبْرِ ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : لاَ ، ذَاكَ الْجَمَالُ ، إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ ، وَلَكِنَّ الْكِبْرَ مَنْ سَفِهَ الْحَقَّ وَازْدَرَى النَّاسَ ).
الله جل جلاله الحَيِيُّ
لم يرد الاسم في القرآن ولكن سماه به النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو داود وصححه الألباني من حديث يَعْلَى بن أمية رضي الله عنه : ( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى رَجُلاً يَغْتَسِلُ بِالْبَرَازِ بِلاَ إِزَارٍ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ صلى الله عليه وسلم : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَيِىٌّ سِتِّيرٌ يُحِبُّ الْحَيَاءَ وَالسَّتْرَ فَإِذَا اغْتَسَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَتِرْ ).
والاسم ورد مطلقا منونا محمولا عليه المعنى مسندا إليه مرادا به العلمية ودالا على كمال الوصفية ، وفي سنن أبى داود وصححه الألباني من حديث سَلْمَانَ الفارسي رضي الله عنه قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ رَبَّكُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَيِيٌ كَرِيمٌ يَسْتَحْيِي مِنْ عَبْدِهِ إِذَا رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا ).
الله جل جلاله السِّتيرُ
ورد الاسم في السنة مقرونا باسم الله الحيي ، وقد اشتهر اسم الستار بين الناس بدلا من الستير وهو خطأ لأنه لم يرد في القرآن أو السنة ، أما الستير فقد ورد مطلقا منونا محمولا عليه المعنى مسندا إليه مرادا به العلمية ودالا على كمال الوصفية في الحديث الذي دل على اسمه الحيي ، وعند النسائي وصححه الألباني : ( إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَلِيمٌ حَيِيٌّ سِتِّيرٌ ، يُحِبُّ الْحَيَاءَ وَالسَّتْرَ ، فَإِذَا اغْتَسَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَتِرْ ) ، وفي سنن البيهقي عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه : ( أَنَّ رَجُلَيْنِ سَأَلاَهُ عَنْ الاِسْتِئْذَانِ فِي الثَّلاَثِ عَوْرَاتٍ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِهَا في الْقُرْآنِ ، فَقَالَ لَهُمُ : إِنَّ اللَّهَ سِتِّيرٌ يُحِبُّ السَّتْرَ ... الحديث ).
الله جل جلاله الوتر
والوِتْرُ في اللغة هو الفَرْدُ أَو ما لم يَتَشَفَّعْ من العَدَدِ ، و التواتر التتابع وقيل هو تتابع الأشياء وبينها فجوات وفترات ، وتواترت الإبل والقطا وكل شيء إذا جاء بعضه في إثر بعض ولم تجىء مصطفة .
وقوله تعالى : } وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ { [الفجر:3] ، قيل : الوتر آدم عليه السلام والشَّفْع أنه شُفِعَ بزوجته ، وقيل : الشفع يوم النحر والوتر يوم عرفة ، وقيل : الأَعداد كلها شفع ووتر كثرت أَو قلّت ، وقيل : الوتر هو الله الواحد والشفع جميع الخلق خلقوا أَزواجاً وكان القوم وتِراً فَشَفَعْتهم وكانوا شَفْعاً فَوَتَرْتهم ، وعند البخاري من حديث ابْنِ عُمَرَ رضى الله عنه أن رجلا سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه و سلم وَهْوَ عَلَى الْمِنْبَرِ : مَا تَرَى فِي صَلاَةِ اللَّيْلِ ؟ قَالَ : ( مَثْنَى مَثْنَى فَإِذَا خَشِيَ الصُّبْحَ صَلَّى وَاحِدَةً فَأَوْتَرَتْ لَهُ مَا صَلَّى ) ، وعند الترمذي وصححه الشيخ الألباني من حديث سَلَمَةَ بْنِ قَيْسٍ رضى الله عنه أن رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه و سلم قال : ( إِذَا تَوَضَّأْتَ فَانْتَثِرْ وَإِذَا اسْتَجْمَرْتَ فَأَوْتِرْ ) أي اجعل الحجارة التي تستنجي بها فرداً استنج بثلاثة أَحجار أَو خمسة أَو سبعة ولا تستنج بالشفع .
والله تعالى وتر انفرد عن خلقه فجعلهم شفعا ، وقد خلق الله المخلوقات بحيث لا تعتدل ولا تستقر إلا بالزوجية ولا تهنأ على الفردية والأحدية ، يقول تعالى : } وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ { [الذاريات:49] ، فالرجل لا يهنأ إلا بزوجته ولا يشعر بالسعادة إلا مع أسرته والتوافق بين محبتهم ومحبته ، فيراعى في قراره ضروريات أولاده وزوجته ، ولا يمكن أن تستمر الحياة التي قدرها الله على خلقه بغير الزوجية حتى في تكوين أدق المواد الطبيعية ، فالمادة تتكون من مجموعة من العناصر والمرَكَّبات وكل عنصر مكون من مجموعة من الجزيئات ، وكل جزيء مكون من مجموعة من الذرات ، وكل ذرة لها نظام في تركيبها تتزاوج فيه مع أخواتها ، سواء كانت الذرةُ سالبةً أو موجبةً ، فالعناصر في حقيقتها عبارة عن أخوات من الذرات متزاوجات متفاهمات متكاتفات ومتماسكات ، ومن المعلوم أنه لا يتكون جزئُ الماء إلا إذا اتحدت ذرتان من الهيدروجين مع ذرة واحدة من الأكسجين ، فالذرات متزاوجة سالبها يرتبط بموجبها ولا تهدأ ولا تستقر إلا بالتزاوج من بعضها البعض ، فهذه بناية الخلق بتقدير الحق بنيت على الزوجية والشفع ، أما ربنا عز وجل فذاته صمدية وصفاته فردية ، فهو المنفرد بالأحدية والوترية ، وقد ثبت في السنة النبوية : ( إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ ).
وقد قيل أيضا في معنى الشفع والوتر أن الشفع تنوع أوصاف العباد بين عز وذل وعجز وقدرة وضعف وقوة وعلم وجهل وموت وحياة ، والوتر انفراد صفات الله عز وجل فهو العزيز بلا ذل ، والقدير بلا عجز ، والقوي بلا ضعف ، والعليم بلا جهل ، وهو الحي الذي لا يموت ، القيوم الذي لا ينام ، ومن أساسيات التوحيد والوترية أن تفرد الله عمن سواه في ذات الله وصفاته وأفعاله.
الله جل جلاله الجميل
الجميل في اللغة من الجمال هو الحسن في الخلقة والخلق ، جمل فهو جميل ككرم فهو كريم ، وتجمل تزين ، وجمله تجميلا زينه ، وأجمل الصنيعة عند فلان يعني أحسن إليه ، والمجاملة هي المعاملة بالجميل ، والتجمل تكلف الجميل ، وقد جمل الرجل جمالا فهو جميل والمرأة جميلة ، وقال الأَحْنَفَ بْنَ قَيْسٍ :
وَإِذَا جَمِيلُ الْوَجْهِ لَمْ يَأْتِ الْجَمِيلَ فَمَا جَمَالُهُ مَا خَيْرُ أَخْلاَقِ الْفَتَى إِلاَّ تُقَاهُ وَاحْتِمَالُهُ
والصبر الجميل هو الذي لا شكوى معه ولا جزع فيه قال تعالى : } فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً { [المعارج:5] ، وقال : } فَصَبْرٌ جَمِيلٌ { [يوسف:18] ، وقوله : } فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ { [الحجر: 85 ] ، أي أعرض عنهم إعراضا لا جزع فيه.
والله عز وجل هو الجميل ، جماله سبحانه على أربع مراتب جمال الذات وجمال الصفات وجمال الأفعال وجمال الأسماء فأسماؤه كلها حسنى ، وصفاته كلها صفات كمال ، وأفعاله كلها حكمة ومصلحة ، وعدل ورحمة ، وأما جمال الذات وكيفية ما هو عليه ، فأمر لا يدركه سواه ، ولا يعلمه إلا الله ، وليس عند المخلوقين منه إلا تعريفات تعرف بها إلى من أكرمه من عباده ، وعند البخاري ومسلم من حديث أَبِي مُوسَى رضى الله عنه مرفوعا : ( حِجَابُهُ النُّورُ لَوْ كَشَفَهُ لأَحْرَقَ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ ) ، قال عبد الله بن عباس رضى الله عنه : ( حجب الذات بالصفات وحجب الصفات بالأفعال ، فما ظنك بجمال حجب بأوصاف الكمال ، وستر بنعوت العظمة والجلال ).
ومن هذا المعنى يفهم بعض معاني جمال ذاته ، فإن العبد يترقى من معرفة الأفعال إلى معرفة الصفات ومن معرفة الصفات إلى معرفة الذات فإذا شاهد شيئا من جمال الأفعال استدل به على جمال الصفات ثم استبدل بجمال الصفات على جمال الذات ومن ههنا يتبين أنه سبحانه له الحمد كله وأن أحدا من خلقه لا يحصي ثناء عليه بل هو كما أثنى على نفسه .
الله جل جلاله الحيي
الحيي في اللغة هو المتصف بالحياء ، يقال : حَيِيَ منه حياء واستحيا منه واستحى منه ، وهو حَيِيُّ ذو حياء كغني ذو غنى ، والحياء صفة خلقية رقيقة وسجية لطيفة دقيقة تمنع النفس من تجاوز أحكام العرف أو من تجاوز أحكام الشرع ؛ وأحكام العرف يقصد بها كل ما تعرفه النفوس وتستحسنه العقول من مكارم الأخلاق ومحاسن الشيم ، وهي التي كانت ولم تزل مستحسنة في كل زمان ومكان ، وعند البخاري من حديث ابن مسعود رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلاَمِ النُّبُوَّةِ الأُولَى إِذَا لَمْ تَسْتَح فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ ).
والمقصود أن الحياء لم يزل مستحسنا في شرائع الأنبياء وأنه لم ينسخ في جملة ما نسخ من شرائعهم ، وعند البخاري من حديث أبي سفيان رضى الله عنه وهو بين يدي هرقل أنه قال لِتَرْجُمَانِهِ : ( قُلْ لَهُمْ إِنِّي سَائِلٌ هَذَا عَنْ هَذَا الرَّجُلِ ، فَإِنْ كَذَبَنِي فَكَذِّبُوهُ ، فَوَاللَّهِ لَوْلاَ الْحَيَاءُ مِنْ أَنْ يؤثروا عَليَّ كَذِبًا لَكَذَبْتُ عَنْهُ ) ، وعند البخاري من حديث أبي هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( إِنَّ موسى كَانَ رَجُلا حَيِيًّا سِتِّيرًا لاَ يُرَى مِنْ جِلْدِهِ شَيْءٌ اسْتِحْيَاءً مِنْهُ ) ، والله عز وجل قال : } فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا { [القصص:25] ، فالحياء صفة أخلاقية وسجية نفسية تراعي مكارم الأخلاق ومحاسن الشيم وهي كلها خير .
أما حياء الشرع فهو الحياء الذي يحفظ به العبد حدود الله ومحارمه ، وربما يتطلب ذلك ورعا واتقاء للشبهة مما يحيف على الحيي بعض الشيء ، وقد روى البخاري من حديث عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضى الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم مَرَّ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ وَهُوَ يَعِظُ أَخَاهُ فِي الْحَيَاءِ ، وفي رواية أخرى : مَرَّ عَلَى رَجُلٍ وَهْوَ يُعَاتَبُ فِي الْحَيَاءِ يَقُولُ إِنَّكَ لَتَسْتَحْيِى حَتَّى كَأَنَّهُ يَقُولُ قَدْ أَضَرَّ بِكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم : ( دَعْهُ فَإِنَّ الْحَيَاءَ مِنَ الإِيمَانِ ) ، وعند النسائي وصححه الألباني من حديث أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه أن النَّبِيِّ صلى الله عليه و سلم قَالَ : ( الْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ ) ، إنَّما جَعَل الحَياء وهو أمر غَريزي شُعْبة من الإيمان وهو أمر كسبي لأنَّ المُسْتحي يَنْقَطِع بالحَياء عن المَعاصي فصار كالإيمان الذي يقطع عنها ، وعند الترمذي وصححه الألباني من حديث أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه أن رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه و سلم قال : ( الْحَيَاءُ مِنَ الإِيمَانِ وَالإِيمَانُ فِي الْجَنَّةِ وَالْبَذَاءُ مِنَ الْجَفَاءِ وَالْجَفَاءُ فِي النَّارِ ).
والله عز وجل حيي لأنه الذي تكفل بعباده وبأرزاقهم فليس لهم أحد سواه فهو الذي يقبل توبتهم ويوفق محسنهم ويسمع دعاءهم ولا يخيب رجاءهم ، وحياء الرب تعالى لا تدركه الأفهام ولا تكيفه العقول فإنه حياء كرم وبر وجود وجلال .
وعند أبى داود وصححه الشيخ الألباني من حديث سَلْمَان الفارسي رضى الله عنه أن رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم قال : ( إِنَّ رَبَّكُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَيِىٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحْيِى مِنْ عَبْدِهِ إِذَا رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا ) ، والحياء وصف كمال لله لا يعارض الحكمة ولا يعارض بيان الحق والحجة ، كما قال تعالى : } إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلا الْفَاسِقِينَ { [البقرة:26].
الله جل جلاله الستير
الستير في اللغة من الستر يقال ستر الشيء يَسْتُرُه يَسْتِرُه سَتراً أَخفاه ، والسَّتيْرَ على وزن فَعِيل من صيغ المبالغة هو الذي من شأْنه حب الستر والصَّوْن والحياء ، والسِّتْرُ جمعه سُتُورٌ وأسْتارٌ ، والسُّتْرةُ ما يُستر به كائنا ما كان ، وكذا السِّتَارةُ والجمع السَّتَائِرُ وسَتَر الشيء غطاه وتَسَتَّر أي تغطى ، وجارية مُستَّرةٌ يعني مستورة في خدرها وقوله تعالى : } وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَاباً مَسْتُوراً { [الإسراء:45] ، أي حجابا على حجاب فالأول مستور بالثاني أراد بذلك كثافة الحجاب لأنه جعل على قلوبهم أكنة وفي آذانهم وقرا.
والستر يأتي أيضا بمعنى المنع كما ورد عن البخاري من حديث عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِي صلى الله عليه و سلم حَدَّثَتْهُ قَالَتْ : ( جَاءَتْنِي امْرَأَةٌ مَعَهَا ابْنَتَانِ تَسْأَلُنِي ، فَلَمْ تَجِدْ عِنْدِي غَيْرَ تَمْرَةٍ وَاحِدَةٍ فَأَعْطَيْتُهَا ، فَقَسَمَتْهَا بَيْنَ ابْنَتَيْهَا ، ثُمَّ قَامَتْ فَخَرَجَتْ ، فَدَخَلَ النَّبِي صلى الله عليه و سلم فَحَدَّثْتُهُ فَقَالَ : مَنْ يَلِي مِنْ هَذِهِ الْبَنَاتِ شَيْئًا فَأَحْسَنَ إِلَيْهِنَّ كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنَ النَّارِ ) ، وعند البخاري من حديث سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رضى الله عنه أن النَّبِيَّ صلى الله عليه و سلم قال : ( إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إِلَى شَيءٍ يَسْتُرُهُ مِنَ النَّاسِ فَأَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلْيَدْفَعْهُ ، فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ ، فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ ).
والله عز وجل ستير يحب الستر ويبغض القبائح ، ويأمر بستر العورات ويبغض الفضائح ، يستر العيوب على عباده وإن كانوا بها مجاهرين ، ويغفر الذنوب مهما عظمت طالما أن عبده من الموحدين ، وهو الذي لا يستر على عبد في الدنيا إلا ستره يوم القيامة ، روى البخاري من حديث أبي هُرَيْرَةَ رضى الله عنه قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم يَقُولُ : ( كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلاَّ الْمُجَاهِرِينَ ، وَإِنَّ مِنَ الْمَجَانَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلاً ، ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ ، فَيَقُولَ يَا فُلاَنُ عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا ، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ ) ، وعند البخاري من حديث ابْنِ عُمَرَ رضى الله عنه َقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم يَقُولُ : ( إِنَّ اللَّهَ يُدْنِي الْمُؤْمِنَ فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ ، وَيَسْتُرُهُ فَيَقُولُ أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا فَيَقُولُ نَعَمْ أَيْ رَبِّ ، حَتَّى إِذَا قَرَّرَهُ بِذُنُوبِهِ وَرَأَى في نَفْسِهِ أَنَّهُ هَلَكَ قَالَ سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ في الدُّنْيَا ، وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ ، فَيُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ ، وَأَمَّا الْكَافِرُ وَالْمُنَافِقُونَ فَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ ، أَلاَ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ) ، وروى مسلم من حديث أبي هُرَيْرَةَ رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قَالَ : ( لاَ يَسْتُرُ اللَّهُ عَلَى عَبْدٍ في الدُّنْيَا إِلاَّ سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ).
الله جل جلاله الكَبِيرُ
ورد اسم الله الكبير مقترنا باسمه المتعال في قوله تعالى : ( عَالِمُ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الكَبِيرُ المُتَعَالِ ) [الرعد:9] ، ومقترنا بالعلي في عدة مواضع منها قوله : ( ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ البَاطِلُ وَأَنَّ اللهَ هُوَ العَلِيُّ الكَبِيرُ ) [لقمان:30] ، وفي هذه المواضع ورد مطلقا معرفا ومنونا مرادا به العلمية ودالا على كمال الوصفية ، وقد ورد في السنة عند البخاري من حديث أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( إِذَا قَضَى اللهُ الأَمْرَ في السَّمَاءِ ضَرَبَتِ المَلاَئِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ كَالسِّلسِلَةِ عَلَى صَفْوَانٍ ، فَإِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا : مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ ؟ ، قَالُوا لِلذِي قَالَ : الحَقَّ وَهْوَ العَلِىُّ الكَبِيرُ ).
الله جل جلاله المُتَعَالُ
ورد اسم الله المتعال في القرآن في موضع واحد على سبيل الإطلاق معرفا مرادا به العلمية ودالا على الوصفية وكمالها ، قال تعالى : ( عَالِمُ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الكَبِيرُ المُتَعَالِ ) [الرعد:9] ، وفي السنة عند أحمد بسند صحيح من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنه أنه قَالَ : ( قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هَذِهِ الآيَةَ وَهُوَ عَلَى المِنْبَرِ : ( وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) قَالَ صلى الله عليه وسلم : ( يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : أَنَا الجَبَّارُ أَنَا المُتَكَبِّرُ ، أَنَا المَلِكُ أَنَا المُتَعَالِ ، يُمَجِّدُ نَفْسَهُ ، قَالَ فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُرَدِّدُهَا حَتَّى رَجَفَ بِهِ المِنْبَرُ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيَخِرُّ بِهِ )
الله جل جلاله الوَاحِد
ورد الاسم معرفا بالألف واللام مطلقا ومنونا ، وكذلك ورد المعنى محمولا عليه مسندا إليه كما في قوله تعالى : ( يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا للهِ الوَاحِدِ القَهَّار ) [إبراهيم:48] ، وقوله سبحانه : ( قُل اللهُ خَالقُ كُل شَيْءٍ وَهُوَ الوَاحِدُ القَهَّار ُ{ [الرعد:16] ، ودائما ما يقترن اسم الله الواحد باسمه القهار لأن علو القهر من لوازم الوحدانية ، كما قال سبحانه وتعالى : ( لوْ أَرَادَ اللهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلداً لاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللهُ الوَاحِدُ القَهَّار ُ{ [الزمر:4] ، والاسم في هذه المواضع وغيرها مراد به العلمية ودال على كمال الوصفية ، وعند النسائي وصححه الألباني من حديث حَنْظَلَةُ بْن عَلِيٍّ أَنَّ مِحْجَنَ بْنَ الأَدْرَعِ رضي الله عنه حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ المَسْجِدَ إذَا رَجُلٌ قَدْ قَضَى صَلاَتَهُ وَهُوَ يَتَشَهَّدُ فَقَال َ: اللهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ يَا أَللهُ بِأَنَّكَ الوَاحِدُ الأَحَدُ الصَّمَدُ الذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ أَنْ تَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي إنَّكَ أَنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : قَدْ غُفِرَ لَهُ ثَلاَثاً (3) ، وروى البخاري من حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لأَصْحَابِهِ : أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ فِي لَيْلَةٍ ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَقَالُوا أَيُّنَا يُطِيقُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ : اللَّهُ الْوَاحِدُ الصَّمَدُ ثُلُثُ الْقُرْآنِ (4)، وعند مسلم وأحمد من حديث عَائِشَة رضي الله عنها أنها قَالَتْ : قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ : إِذَا بُدِّلَتِ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ أَيْنَ النَّاسُ يَوْمَئِذٍ ؟ قَالَ : عَلَى الصِّرَاطِ .
الله جل جلاله القَهَّارُ
سمى الله نفسه القهار على سبيل الإطلاق مرادا به العلمية ودالا على الوصفية في كثير من النصوص القرآنية ، وقد ورد المعنى محمولا عليه مسندا إليه كما في قول الله تعالى : ( يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ) [يوسف:39] وقوله : ( قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ) [الرعد:16] ، وفي السنة تقدم في الاسم السابق حديث عَائِشَة رضي الله عنها عند مسلم ، وورد أيضا في الجامع الصغير وصححه الشيخ الألباني من حديثها رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا تضور من الليل قال : ( لا إله إلا الله الواحد القهار ، رب السماوات والأرض وما بينهما العزيز الغفار ).
الله جل جلاله الكَبِيرُ
الكبير في اللغة من صيغ المبالغة فعله كَبُرَ كِبَراً وكُبْراً فهو كبير والكبر نقيض الصغر كبر بالضم يكبر أي عظم ، والكبير والصغير من الأسماء المتضايقة التي تقال عند اعتبار بعضها ببعض فالشيء قد يكون صغيرا في جنب شيء وكبيرا في جنب غيره ، ويستعملان في الكمية المتصلة كالكثير والقليل والمنفصلة كالعدد ، ويكون الكبر في اتساع الذات وعظمة الصافات نحو قوله تعالى : } فَجَعَلَهُمْ جُذَاذاً إِلا كَبِيراً لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ { [الأنبياء:58] ، وقوله سبحانه : } فَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبِيراً { [الفرقان:52] ، وأيضا في التعالي بالمنزلة والرفعة كقوله : } وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا { [الأنعام:123]
والكبير سبحانه هو العظيم في كل شيء عظمة مطلقة ، وهو الذي كبر وعلا في ذاته ، قال تعالى : } وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ { [البقرة:255] ، وروي عن عبد الله بن عباس رضى الله عنه أنه قال : ( ما السماوات السبع والأرضون السبع في يد الله إلا كخردلة في يد أحدكم ) ، وهو الكبير في أوصافه فلا سمي له ولا مثيل ، ولا شبيه ولا نظير قال تعالى : } هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً { [مريم:65] ، وهو الكبير في أفعاله فعظمة الخلق تشهد بكماله وجلاله ، قال تعالى : } لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ { [غافر:57] ، وهو سبحانه المتصف بالكبرياء ومن نازعه في ذلك قسمه وعذبه وفي صحيح مسلم من حديث َأَبِي هُرَيْرَةَ رضى الله عنه أن رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه و سلم قال : ( الْعِزُّ إِزَارُهُ وَالْكِبْرِيَاءُ رِدَاؤُهُ فَمَنْ يُنَازِعُنِي عَذَّبْتُهُ ) ، فهو سبحانه المنفرد بذاته وصفاته وأفعاله عن كل من سواه ، فله علو الذات وعلو القهر وعلو الشأن .
المتعال
المتعالي اسم فاعل من تعالى ، والتَّعالي هو الارْتِفاعُ ، قال الأَزهري : ( تقول العرب في النداء للرجل تَعالَ بفتح اللام ، وللاثنين تَعالَيا ، وللرجال تَعالَوْا ، وللمرأَة تَعالَي ، وللنساء تَعَالَيْنَ ، ولا يُبالُونَ أَين يكون المدعوّ في مكان أَعْلى من مكان الداعي أَو مكان دونه ) ، والمتعالي فعله تعالى يتعالى فهو متعال ، وهو أبلغ من الفعل علا ، لأن الألفاظ لما كانت أدلة المعاني ثم زيد فيها شيء أوجبت زيادة المعنى فزيادة المبنى دليل على زيادة المعنى
والمُتعَالي سبحانه هو القاهرُ لخلقِهِ بقدرتِهِ التَّامَّةِ ، وأغلب المفسرين جعلوا الاسم دالا على علو القهر ، وهو أحد معاني العلو ، فالمتعالي هو المستعلي على كل شيء بقدرته ، قال ابن كثير : ( المتعال على كل شيء قد أحاط بكل شيء علما وقهر كل شيء فخضعت له الرقاب ودان له العباد طوعا وكرها ) ، وقال في موضع آخر : ( وهو الكبير المتعال فكل شيء تحت قهره وسلطانه وعظمته لا إله إلا هو ولا رب سواه لأنه العظيم الذي لا أعظم منه )
فالمتعالي سبحانه هو الذي ليس فوقه شيء في قهره وقوته فلا غالب له ولا منازع بل كل شيء تحت قهره وسلطانه ، قال تعالى : } وَهُوَ القَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الحَكِيمُ الخَبِيرُ { [الأنعام:18] ، وقد جمع الله في هذه الآية بين علو الذات وعلو القهر ، وكذلك قوله تعالى: } وَهُوَ القَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً { [الأنعام:61] ، فاجتماع علو القهر مع علو الفوقية يعني أنه الملك من فوق عرشه الذي علا بذاته فوق كل شيء والذي قهر كل شيء وخضع لجلاله كل شيء وذل لعظمته وكبريائه كل شيء.
الواحد
الواحد في اللغة اسم فاعل للموصوف بالواحدية أو الوحدانية ، فعله وحد يوحد وحادة وتوحيدا ، ووحده توحيدا جعله واحدا ، والواحدُ أَول عدد الحساب وهو يدل على الإثبات ، فلو قيل في الدار واحد ، لكان فيه إثبات واحد منفرد مع إثبات ما فوق الواحد مجتمعين ومفترقين
والواحد سبحانه هو القائم بنفسه المنفرد بوصفه ، الذي لا يفتقر إلى غيره أزَلا وأبَدا ، وهو الكامل في ذاته وأسمائه وصفاته ، فهو سبحانه كان ولا شيء معه ولا شيء قبله ، مازال بأسمائه وصفاته واحد أولا قبل خلقه ، فوجود المخلوقات لم يزده كمالا كان مفقودا أو يزيل نقصا كان موجودا ، فالوحدانية قائمة على الغنى بالنفس وكمال الوصف ، قال ابن الأَثير : ( الواحد في أَسماء الله تعالى هو الفرد الذي لم يزل وحده ولم يكن معه آخر )
روى البخاري من حديث عمران رضى الله عنه أنه قال : ( إنِّي عندَ النبيِّ صلى الله عليه و سلم إذ جاءهُ قومٌ من بني تميم ، فقال : اقبَلوا البُشرى يا بنِي تميم ، قالوا : بشَّرْتنا فأعطِنا ، فدخلَ ناسٌ من أهل اليمن فقال : اقبلوا البُشرَى يا أهل اليمن إذ لم يقبلها بنو تميم ، قالوا : قبلنا جئناك لنتفقه في الدِّين ، ولنسألك عن أولِ هذا الأمر ما كان ؟ قال : كان اللهَ ولم يكن شيء قبلهُ وكان عرشه على الماء ثم خلقَ السماواتِ والأرضَ وكتب في الذكر كل شيء )
وقال تعالى : } مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلا خَلقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ المُضِلِّينَ عَضُداً { [الكهف:51] ، فهو وحده الذي خلق الخلق بلا معين ولا ظهير ولا وزير ولا مشير ، ولذلك فإنه وحده المنفرد بالملك وليس لأحد في ملكه شرك كما قال تعالى : } قُلِ ادْعُوا الذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ { [سبأ:22] ، فقيام الخلق وبقاء السماوات والأرض قائم على وحدانية الإله ، وانفراده بأوصاف الجلال وكمال الأفعال كما قال تعالى : } إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً { [فاطر:41] ، وقال أيضا : } وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الأَرْضِ إِلا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَءوفٌ رَحِيمٌ { [الحج:65] .
القهار
القهار صيغة مبالغة من اسم فاعل القاهر ، والفرق بين القاهر والقهار أن القاهر هو الذي له علو القهر الكلي المطلق باعتبار جميع المخلوقات على اختلاف تنوعهم ، فهو قاهر فوق عباده ، له علو القهر مقترنا بعلو الشأن والفوقية ، فلا يقوى ملك من الملوك على أن ينازعه في علوه مهما بلغ في سلطانه وظلمه ، وإلا قهره الله باسمه القهار ، ومعلوم أن المقهور يحتمي من ملك بملك ، ويخرج بخوفه من سلطان أحدهما ليتقوى بالآخر ، لكن الملوك جميعا إذا كان فوقهم ملك قاهر قادر فإلى من يخرجون وإلى جوار من يلجئون ، قال تعالى : } قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ { [المؤمنون:88] ، وعند البخاري من حديث الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضى الله عنه أن النَّبِيُّ صلى الله عليه و سلم قال : ( اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ ، رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ ، لاَ مَلْجَأَ وَلاَ مَنْجَا مِنْكَ إِلاَّ إِلَيْكَ ) ، فلا ملجأ ولا منجا من الله إلا إليه ، فالقاهر هو الذي له علو القهر الكلي المطلق .
أما القهار فهو الذي له علو القهر باعتبار الكثرة والتعيين في الجزء ، أو باعتبار نوعية المقهور ، فالله عز وجل أهلك قوم نوح وقهرهم وقهر قوم هود ، وقهر فرعون وهامان والنمرود ، قال تعالى : } وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَاداً الأُولَى وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى وَقَوْمَ نُوحٍ مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكَ تَتَمَارَى هَذَا نَذِيرٌ مِّنَ النُّذُرِ الأُولَى { [النجم:56:50] وقهر قوم صالح وقوم لوط ، وقهر أبا جهل والمشركين وقهر الفرس والصليبيين.
والله قهار لكل متكبر جبار ، والأرض فيها المتكبرون وما أكثرهم وفيها المتجبرون المجرمون وما أظلمهم ، والمستضعفون المظلومون كثيرون وعاجزون يفتقرون إلى معين قهار وملك قادر جبار ، فالواحد القهار هو ملجأهم وهو بالمرصاد كما قال : } أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ وَفِرْعَوْنَ ذِي الأَوْتَادِ الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ { [الفجر:6/13] ، فالقهاركثير القهر ، وقهره عظيم ، يقهر من نازعه على توحيد ألوهيته وعبادته وربوبيته وحاكميته وأسمائه وصفاته .
الله جل جلاله الحَقُّ
اسم الله الحق ورد في القرآن والسنة مطلقا معرفا محمولا عليه المعنى مسندا إليه مرادا به العلمية ودالا على كمال الوصفية ، كما جاء في قوله تعالى : ( فَتَعَالَى اللهُ المَلِكُ الحَقُّ لا إِلَهَ إِلا هُوَ رَبُّ العَرْشِ الكَرِيم ) [المؤمنون:116] ، وقوله : ( ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الحَقِّ أَلا لَهُ الحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الحَاسِبِينَ ) [الأنعام:62] ، وقوله : ( ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي المَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير ٌ{ [الحج:6] ، وفي الصحيحين من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلاَةِ مِنْ جَوْفِ الليْلِ : ( أَنْتَ الحَقُّ ، وَوَعْدُكَ الحَقُّ ، وَقَوْلُكَ الحَقُّ ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ ، وَالجَنَّةُ حَقٌّ ، وَالنَّارُ حَقٌّ ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ .. الحديث ).
لم يرد الاسم في القرآن ولكن سماه به النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أنِه صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( لِلَّهِ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ اسْمًا ، مِائَةٌ إِلاَّ وَاحِدًا ، لاَ يَحْفَظُهَا أَحَدٌ إِلاَّ دَخَلَ الْجَنَّةَ ، وَهْوَ وَتْرٌ يُحِبُّ الْوَتْرَ ) ، فقد ورد الاسم مطلقا منونا مرادا به العلمية ودالا على الوترية وكمال الوصفية ، وقد ورد المعنى في قوله : يحب الوتر محمولا على الاسم مسندا إليه ، وورد أيضا عند مسلم من حديث أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه مرفوعا : ( وَإِنَّ اللَّهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ ) ، وعند أبي داود والترمذي وابن ماجة والنَسائي وصححه الألباني من حديث عَلِي بن أبي طالب رضي الله عنه قَالَ : أَوْتَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَالَ : ( يَا أَهْلَ الْقُرْآنِ أَوْتِرُوا ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ ).
الله جل جلاله الجَمِيلُ
ورد الاسم في صحيح مسلم من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه أن النَّبي صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ ، قَالَ رَجُلٌ : إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً ، قَالَ : إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ ، الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ ) ، والحديث ورد الاسم فيه مطلقا منونا محمولا عليه المعنى مسندا إليه مرادا به العلمية ودالا على الوصفية وكمالها ، وورد في رواية أحمد في مسند ابن مسعود رضي الله عنه : ( فَقَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي لَيُعْجِبُنِي أَنْ يَكُونَ ثَوْبِي غَسِيلاً وَرَأْسِي دَهِيناً وَشِرَاكُ نَعْلِي جَدِيداً وَذَكَرَ أَشْيَاءَ حَتَّى ذَكَرَ عِلاَقَةَ سَوْطِهِ ، أَفَمِنَ الْكِبْرِ ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : لاَ ، ذَاكَ الْجَمَالُ ، إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ ، وَلَكِنَّ الْكِبْرَ مَنْ سَفِهَ الْحَقَّ وَازْدَرَى النَّاسَ ).
الله جل جلاله الحَيِيُّ
لم يرد الاسم في القرآن ولكن سماه به النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو داود وصححه الألباني من حديث يَعْلَى بن أمية رضي الله عنه : ( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى رَجُلاً يَغْتَسِلُ بِالْبَرَازِ بِلاَ إِزَارٍ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ صلى الله عليه وسلم : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَيِىٌّ سِتِّيرٌ يُحِبُّ الْحَيَاءَ وَالسَّتْرَ فَإِذَا اغْتَسَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَتِرْ ).
والاسم ورد مطلقا منونا محمولا عليه المعنى مسندا إليه مرادا به العلمية ودالا على كمال الوصفية ، وفي سنن أبى داود وصححه الألباني من حديث سَلْمَانَ الفارسي رضي الله عنه قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ رَبَّكُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَيِيٌ كَرِيمٌ يَسْتَحْيِي مِنْ عَبْدِهِ إِذَا رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا ).
الله جل جلاله السِّتيرُ
ورد الاسم في السنة مقرونا باسم الله الحيي ، وقد اشتهر اسم الستار بين الناس بدلا من الستير وهو خطأ لأنه لم يرد في القرآن أو السنة ، أما الستير فقد ورد مطلقا منونا محمولا عليه المعنى مسندا إليه مرادا به العلمية ودالا على كمال الوصفية في الحديث الذي دل على اسمه الحيي ، وعند النسائي وصححه الألباني : ( إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَلِيمٌ حَيِيٌّ سِتِّيرٌ ، يُحِبُّ الْحَيَاءَ وَالسَّتْرَ ، فَإِذَا اغْتَسَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَتِرْ ) ، وفي سنن البيهقي عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه : ( أَنَّ رَجُلَيْنِ سَأَلاَهُ عَنْ الاِسْتِئْذَانِ فِي الثَّلاَثِ عَوْرَاتٍ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِهَا في الْقُرْآنِ ، فَقَالَ لَهُمُ : إِنَّ اللَّهَ سِتِّيرٌ يُحِبُّ السَّتْرَ ... الحديث ).
الله جل جلاله الوتر
والوِتْرُ في اللغة هو الفَرْدُ أَو ما لم يَتَشَفَّعْ من العَدَدِ ، و التواتر التتابع وقيل هو تتابع الأشياء وبينها فجوات وفترات ، وتواترت الإبل والقطا وكل شيء إذا جاء بعضه في إثر بعض ولم تجىء مصطفة .
وقوله تعالى : } وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ { [الفجر:3] ، قيل : الوتر آدم عليه السلام والشَّفْع أنه شُفِعَ بزوجته ، وقيل : الشفع يوم النحر والوتر يوم عرفة ، وقيل : الأَعداد كلها شفع ووتر كثرت أَو قلّت ، وقيل : الوتر هو الله الواحد والشفع جميع الخلق خلقوا أَزواجاً وكان القوم وتِراً فَشَفَعْتهم وكانوا شَفْعاً فَوَتَرْتهم ، وعند البخاري من حديث ابْنِ عُمَرَ رضى الله عنه أن رجلا سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه و سلم وَهْوَ عَلَى الْمِنْبَرِ : مَا تَرَى فِي صَلاَةِ اللَّيْلِ ؟ قَالَ : ( مَثْنَى مَثْنَى فَإِذَا خَشِيَ الصُّبْحَ صَلَّى وَاحِدَةً فَأَوْتَرَتْ لَهُ مَا صَلَّى ) ، وعند الترمذي وصححه الشيخ الألباني من حديث سَلَمَةَ بْنِ قَيْسٍ رضى الله عنه أن رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه و سلم قال : ( إِذَا تَوَضَّأْتَ فَانْتَثِرْ وَإِذَا اسْتَجْمَرْتَ فَأَوْتِرْ ) أي اجعل الحجارة التي تستنجي بها فرداً استنج بثلاثة أَحجار أَو خمسة أَو سبعة ولا تستنج بالشفع .
والله تعالى وتر انفرد عن خلقه فجعلهم شفعا ، وقد خلق الله المخلوقات بحيث لا تعتدل ولا تستقر إلا بالزوجية ولا تهنأ على الفردية والأحدية ، يقول تعالى : } وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ { [الذاريات:49] ، فالرجل لا يهنأ إلا بزوجته ولا يشعر بالسعادة إلا مع أسرته والتوافق بين محبتهم ومحبته ، فيراعى في قراره ضروريات أولاده وزوجته ، ولا يمكن أن تستمر الحياة التي قدرها الله على خلقه بغير الزوجية حتى في تكوين أدق المواد الطبيعية ، فالمادة تتكون من مجموعة من العناصر والمرَكَّبات وكل عنصر مكون من مجموعة من الجزيئات ، وكل جزيء مكون من مجموعة من الذرات ، وكل ذرة لها نظام في تركيبها تتزاوج فيه مع أخواتها ، سواء كانت الذرةُ سالبةً أو موجبةً ، فالعناصر في حقيقتها عبارة عن أخوات من الذرات متزاوجات متفاهمات متكاتفات ومتماسكات ، ومن المعلوم أنه لا يتكون جزئُ الماء إلا إذا اتحدت ذرتان من الهيدروجين مع ذرة واحدة من الأكسجين ، فالذرات متزاوجة سالبها يرتبط بموجبها ولا تهدأ ولا تستقر إلا بالتزاوج من بعضها البعض ، فهذه بناية الخلق بتقدير الحق بنيت على الزوجية والشفع ، أما ربنا عز وجل فذاته صمدية وصفاته فردية ، فهو المنفرد بالأحدية والوترية ، وقد ثبت في السنة النبوية : ( إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ ).
وقد قيل أيضا في معنى الشفع والوتر أن الشفع تنوع أوصاف العباد بين عز وذل وعجز وقدرة وضعف وقوة وعلم وجهل وموت وحياة ، والوتر انفراد صفات الله عز وجل فهو العزيز بلا ذل ، والقدير بلا عجز ، والقوي بلا ضعف ، والعليم بلا جهل ، وهو الحي الذي لا يموت ، القيوم الذي لا ينام ، ومن أساسيات التوحيد والوترية أن تفرد الله عمن سواه في ذات الله وصفاته وأفعاله.
الله جل جلاله الجميل
الجميل في اللغة من الجمال هو الحسن في الخلقة والخلق ، جمل فهو جميل ككرم فهو كريم ، وتجمل تزين ، وجمله تجميلا زينه ، وأجمل الصنيعة عند فلان يعني أحسن إليه ، والمجاملة هي المعاملة بالجميل ، والتجمل تكلف الجميل ، وقد جمل الرجل جمالا فهو جميل والمرأة جميلة ، وقال الأَحْنَفَ بْنَ قَيْسٍ :
وَإِذَا جَمِيلُ الْوَجْهِ لَمْ يَأْتِ الْجَمِيلَ فَمَا جَمَالُهُ مَا خَيْرُ أَخْلاَقِ الْفَتَى إِلاَّ تُقَاهُ وَاحْتِمَالُهُ
والصبر الجميل هو الذي لا شكوى معه ولا جزع فيه قال تعالى : } فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً { [المعارج:5] ، وقال : } فَصَبْرٌ جَمِيلٌ { [يوسف:18] ، وقوله : } فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ { [الحجر: 85 ] ، أي أعرض عنهم إعراضا لا جزع فيه.
والله عز وجل هو الجميل ، جماله سبحانه على أربع مراتب جمال الذات وجمال الصفات وجمال الأفعال وجمال الأسماء فأسماؤه كلها حسنى ، وصفاته كلها صفات كمال ، وأفعاله كلها حكمة ومصلحة ، وعدل ورحمة ، وأما جمال الذات وكيفية ما هو عليه ، فأمر لا يدركه سواه ، ولا يعلمه إلا الله ، وليس عند المخلوقين منه إلا تعريفات تعرف بها إلى من أكرمه من عباده ، وعند البخاري ومسلم من حديث أَبِي مُوسَى رضى الله عنه مرفوعا : ( حِجَابُهُ النُّورُ لَوْ كَشَفَهُ لأَحْرَقَ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ ) ، قال عبد الله بن عباس رضى الله عنه : ( حجب الذات بالصفات وحجب الصفات بالأفعال ، فما ظنك بجمال حجب بأوصاف الكمال ، وستر بنعوت العظمة والجلال ).
ومن هذا المعنى يفهم بعض معاني جمال ذاته ، فإن العبد يترقى من معرفة الأفعال إلى معرفة الصفات ومن معرفة الصفات إلى معرفة الذات فإذا شاهد شيئا من جمال الأفعال استدل به على جمال الصفات ثم استبدل بجمال الصفات على جمال الذات ومن ههنا يتبين أنه سبحانه له الحمد كله وأن أحدا من خلقه لا يحصي ثناء عليه بل هو كما أثنى على نفسه .
الله جل جلاله الحيي
الحيي في اللغة هو المتصف بالحياء ، يقال : حَيِيَ منه حياء واستحيا منه واستحى منه ، وهو حَيِيُّ ذو حياء كغني ذو غنى ، والحياء صفة خلقية رقيقة وسجية لطيفة دقيقة تمنع النفس من تجاوز أحكام العرف أو من تجاوز أحكام الشرع ؛ وأحكام العرف يقصد بها كل ما تعرفه النفوس وتستحسنه العقول من مكارم الأخلاق ومحاسن الشيم ، وهي التي كانت ولم تزل مستحسنة في كل زمان ومكان ، وعند البخاري من حديث ابن مسعود رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلاَمِ النُّبُوَّةِ الأُولَى إِذَا لَمْ تَسْتَح فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ ).
والمقصود أن الحياء لم يزل مستحسنا في شرائع الأنبياء وأنه لم ينسخ في جملة ما نسخ من شرائعهم ، وعند البخاري من حديث أبي سفيان رضى الله عنه وهو بين يدي هرقل أنه قال لِتَرْجُمَانِهِ : ( قُلْ لَهُمْ إِنِّي سَائِلٌ هَذَا عَنْ هَذَا الرَّجُلِ ، فَإِنْ كَذَبَنِي فَكَذِّبُوهُ ، فَوَاللَّهِ لَوْلاَ الْحَيَاءُ مِنْ أَنْ يؤثروا عَليَّ كَذِبًا لَكَذَبْتُ عَنْهُ ) ، وعند البخاري من حديث أبي هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( إِنَّ موسى كَانَ رَجُلا حَيِيًّا سِتِّيرًا لاَ يُرَى مِنْ جِلْدِهِ شَيْءٌ اسْتِحْيَاءً مِنْهُ ) ، والله عز وجل قال : } فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا { [القصص:25] ، فالحياء صفة أخلاقية وسجية نفسية تراعي مكارم الأخلاق ومحاسن الشيم وهي كلها خير .
أما حياء الشرع فهو الحياء الذي يحفظ به العبد حدود الله ومحارمه ، وربما يتطلب ذلك ورعا واتقاء للشبهة مما يحيف على الحيي بعض الشيء ، وقد روى البخاري من حديث عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضى الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم مَرَّ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ وَهُوَ يَعِظُ أَخَاهُ فِي الْحَيَاءِ ، وفي رواية أخرى : مَرَّ عَلَى رَجُلٍ وَهْوَ يُعَاتَبُ فِي الْحَيَاءِ يَقُولُ إِنَّكَ لَتَسْتَحْيِى حَتَّى كَأَنَّهُ يَقُولُ قَدْ أَضَرَّ بِكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم : ( دَعْهُ فَإِنَّ الْحَيَاءَ مِنَ الإِيمَانِ ) ، وعند النسائي وصححه الألباني من حديث أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه أن النَّبِيِّ صلى الله عليه و سلم قَالَ : ( الْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ ) ، إنَّما جَعَل الحَياء وهو أمر غَريزي شُعْبة من الإيمان وهو أمر كسبي لأنَّ المُسْتحي يَنْقَطِع بالحَياء عن المَعاصي فصار كالإيمان الذي يقطع عنها ، وعند الترمذي وصححه الألباني من حديث أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه أن رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه و سلم قال : ( الْحَيَاءُ مِنَ الإِيمَانِ وَالإِيمَانُ فِي الْجَنَّةِ وَالْبَذَاءُ مِنَ الْجَفَاءِ وَالْجَفَاءُ فِي النَّارِ ).
والله عز وجل حيي لأنه الذي تكفل بعباده وبأرزاقهم فليس لهم أحد سواه فهو الذي يقبل توبتهم ويوفق محسنهم ويسمع دعاءهم ولا يخيب رجاءهم ، وحياء الرب تعالى لا تدركه الأفهام ولا تكيفه العقول فإنه حياء كرم وبر وجود وجلال .
وعند أبى داود وصححه الشيخ الألباني من حديث سَلْمَان الفارسي رضى الله عنه أن رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم قال : ( إِنَّ رَبَّكُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَيِىٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحْيِى مِنْ عَبْدِهِ إِذَا رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا ) ، والحياء وصف كمال لله لا يعارض الحكمة ولا يعارض بيان الحق والحجة ، كما قال تعالى : } إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلا الْفَاسِقِينَ { [البقرة:26].
الله جل جلاله الستير
الستير في اللغة من الستر يقال ستر الشيء يَسْتُرُه يَسْتِرُه سَتراً أَخفاه ، والسَّتيْرَ على وزن فَعِيل من صيغ المبالغة هو الذي من شأْنه حب الستر والصَّوْن والحياء ، والسِّتْرُ جمعه سُتُورٌ وأسْتارٌ ، والسُّتْرةُ ما يُستر به كائنا ما كان ، وكذا السِّتَارةُ والجمع السَّتَائِرُ وسَتَر الشيء غطاه وتَسَتَّر أي تغطى ، وجارية مُستَّرةٌ يعني مستورة في خدرها وقوله تعالى : } وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَاباً مَسْتُوراً { [الإسراء:45] ، أي حجابا على حجاب فالأول مستور بالثاني أراد بذلك كثافة الحجاب لأنه جعل على قلوبهم أكنة وفي آذانهم وقرا.
والستر يأتي أيضا بمعنى المنع كما ورد عن البخاري من حديث عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِي صلى الله عليه و سلم حَدَّثَتْهُ قَالَتْ : ( جَاءَتْنِي امْرَأَةٌ مَعَهَا ابْنَتَانِ تَسْأَلُنِي ، فَلَمْ تَجِدْ عِنْدِي غَيْرَ تَمْرَةٍ وَاحِدَةٍ فَأَعْطَيْتُهَا ، فَقَسَمَتْهَا بَيْنَ ابْنَتَيْهَا ، ثُمَّ قَامَتْ فَخَرَجَتْ ، فَدَخَلَ النَّبِي صلى الله عليه و سلم فَحَدَّثْتُهُ فَقَالَ : مَنْ يَلِي مِنْ هَذِهِ الْبَنَاتِ شَيْئًا فَأَحْسَنَ إِلَيْهِنَّ كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنَ النَّارِ ) ، وعند البخاري من حديث سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رضى الله عنه أن النَّبِيَّ صلى الله عليه و سلم قال : ( إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إِلَى شَيءٍ يَسْتُرُهُ مِنَ النَّاسِ فَأَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلْيَدْفَعْهُ ، فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ ، فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ ).
والله عز وجل ستير يحب الستر ويبغض القبائح ، ويأمر بستر العورات ويبغض الفضائح ، يستر العيوب على عباده وإن كانوا بها مجاهرين ، ويغفر الذنوب مهما عظمت طالما أن عبده من الموحدين ، وهو الذي لا يستر على عبد في الدنيا إلا ستره يوم القيامة ، روى البخاري من حديث أبي هُرَيْرَةَ رضى الله عنه قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم يَقُولُ : ( كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلاَّ الْمُجَاهِرِينَ ، وَإِنَّ مِنَ الْمَجَانَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلاً ، ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ ، فَيَقُولَ يَا فُلاَنُ عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا ، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ ) ، وعند البخاري من حديث ابْنِ عُمَرَ رضى الله عنه َقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم يَقُولُ : ( إِنَّ اللَّهَ يُدْنِي الْمُؤْمِنَ فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ ، وَيَسْتُرُهُ فَيَقُولُ أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا فَيَقُولُ نَعَمْ أَيْ رَبِّ ، حَتَّى إِذَا قَرَّرَهُ بِذُنُوبِهِ وَرَأَى في نَفْسِهِ أَنَّهُ هَلَكَ قَالَ سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ في الدُّنْيَا ، وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ ، فَيُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ ، وَأَمَّا الْكَافِرُ وَالْمُنَافِقُونَ فَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ ، أَلاَ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ) ، وروى مسلم من حديث أبي هُرَيْرَةَ رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قَالَ : ( لاَ يَسْتُرُ اللَّهُ عَلَى عَبْدٍ في الدُّنْيَا إِلاَّ سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ).
الله جل جلاله الكَبِيرُ
ورد اسم الله الكبير مقترنا باسمه المتعال في قوله تعالى : ( عَالِمُ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الكَبِيرُ المُتَعَالِ ) [الرعد:9] ، ومقترنا بالعلي في عدة مواضع منها قوله : ( ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ البَاطِلُ وَأَنَّ اللهَ هُوَ العَلِيُّ الكَبِيرُ ) [لقمان:30] ، وفي هذه المواضع ورد مطلقا معرفا ومنونا مرادا به العلمية ودالا على كمال الوصفية ، وقد ورد في السنة عند البخاري من حديث أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( إِذَا قَضَى اللهُ الأَمْرَ في السَّمَاءِ ضَرَبَتِ المَلاَئِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ كَالسِّلسِلَةِ عَلَى صَفْوَانٍ ، فَإِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا : مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ ؟ ، قَالُوا لِلذِي قَالَ : الحَقَّ وَهْوَ العَلِىُّ الكَبِيرُ ).
الله جل جلاله المُتَعَالُ
ورد اسم الله المتعال في القرآن في موضع واحد على سبيل الإطلاق معرفا مرادا به العلمية ودالا على الوصفية وكمالها ، قال تعالى : ( عَالِمُ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الكَبِيرُ المُتَعَالِ ) [الرعد:9] ، وفي السنة عند أحمد بسند صحيح من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنه أنه قَالَ : ( قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هَذِهِ الآيَةَ وَهُوَ عَلَى المِنْبَرِ : ( وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) قَالَ صلى الله عليه وسلم : ( يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : أَنَا الجَبَّارُ أَنَا المُتَكَبِّرُ ، أَنَا المَلِكُ أَنَا المُتَعَالِ ، يُمَجِّدُ نَفْسَهُ ، قَالَ فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُرَدِّدُهَا حَتَّى رَجَفَ بِهِ المِنْبَرُ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيَخِرُّ بِهِ )
الله جل جلاله الوَاحِد
ورد الاسم معرفا بالألف واللام مطلقا ومنونا ، وكذلك ورد المعنى محمولا عليه مسندا إليه كما في قوله تعالى : ( يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا للهِ الوَاحِدِ القَهَّار ) [إبراهيم:48] ، وقوله سبحانه : ( قُل اللهُ خَالقُ كُل شَيْءٍ وَهُوَ الوَاحِدُ القَهَّار ُ{ [الرعد:16] ، ودائما ما يقترن اسم الله الواحد باسمه القهار لأن علو القهر من لوازم الوحدانية ، كما قال سبحانه وتعالى : ( لوْ أَرَادَ اللهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلداً لاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللهُ الوَاحِدُ القَهَّار ُ{ [الزمر:4] ، والاسم في هذه المواضع وغيرها مراد به العلمية ودال على كمال الوصفية ، وعند النسائي وصححه الألباني من حديث حَنْظَلَةُ بْن عَلِيٍّ أَنَّ مِحْجَنَ بْنَ الأَدْرَعِ رضي الله عنه حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ المَسْجِدَ إذَا رَجُلٌ قَدْ قَضَى صَلاَتَهُ وَهُوَ يَتَشَهَّدُ فَقَال َ: اللهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ يَا أَللهُ بِأَنَّكَ الوَاحِدُ الأَحَدُ الصَّمَدُ الذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ أَنْ تَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي إنَّكَ أَنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : قَدْ غُفِرَ لَهُ ثَلاَثاً (3) ، وروى البخاري من حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لأَصْحَابِهِ : أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ فِي لَيْلَةٍ ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَقَالُوا أَيُّنَا يُطِيقُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ : اللَّهُ الْوَاحِدُ الصَّمَدُ ثُلُثُ الْقُرْآنِ (4)، وعند مسلم وأحمد من حديث عَائِشَة رضي الله عنها أنها قَالَتْ : قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ : إِذَا بُدِّلَتِ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ أَيْنَ النَّاسُ يَوْمَئِذٍ ؟ قَالَ : عَلَى الصِّرَاطِ .
الله جل جلاله القَهَّارُ
سمى الله نفسه القهار على سبيل الإطلاق مرادا به العلمية ودالا على الوصفية في كثير من النصوص القرآنية ، وقد ورد المعنى محمولا عليه مسندا إليه كما في قول الله تعالى : ( يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ) [يوسف:39] وقوله : ( قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ) [الرعد:16] ، وفي السنة تقدم في الاسم السابق حديث عَائِشَة رضي الله عنها عند مسلم ، وورد أيضا في الجامع الصغير وصححه الشيخ الألباني من حديثها رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا تضور من الليل قال : ( لا إله إلا الله الواحد القهار ، رب السماوات والأرض وما بينهما العزيز الغفار ).
الله جل جلاله الكَبِيرُ
الكبير في اللغة من صيغ المبالغة فعله كَبُرَ كِبَراً وكُبْراً فهو كبير والكبر نقيض الصغر كبر بالضم يكبر أي عظم ، والكبير والصغير من الأسماء المتضايقة التي تقال عند اعتبار بعضها ببعض فالشيء قد يكون صغيرا في جنب شيء وكبيرا في جنب غيره ، ويستعملان في الكمية المتصلة كالكثير والقليل والمنفصلة كالعدد ، ويكون الكبر في اتساع الذات وعظمة الصافات نحو قوله تعالى : } فَجَعَلَهُمْ جُذَاذاً إِلا كَبِيراً لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ { [الأنبياء:58] ، وقوله سبحانه : } فَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبِيراً { [الفرقان:52] ، وأيضا في التعالي بالمنزلة والرفعة كقوله : } وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا { [الأنعام:123]
والكبير سبحانه هو العظيم في كل شيء عظمة مطلقة ، وهو الذي كبر وعلا في ذاته ، قال تعالى : } وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ { [البقرة:255] ، وروي عن عبد الله بن عباس رضى الله عنه أنه قال : ( ما السماوات السبع والأرضون السبع في يد الله إلا كخردلة في يد أحدكم ) ، وهو الكبير في أوصافه فلا سمي له ولا مثيل ، ولا شبيه ولا نظير قال تعالى : } هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً { [مريم:65] ، وهو الكبير في أفعاله فعظمة الخلق تشهد بكماله وجلاله ، قال تعالى : } لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ { [غافر:57] ، وهو سبحانه المتصف بالكبرياء ومن نازعه في ذلك قسمه وعذبه وفي صحيح مسلم من حديث َأَبِي هُرَيْرَةَ رضى الله عنه أن رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه و سلم قال : ( الْعِزُّ إِزَارُهُ وَالْكِبْرِيَاءُ رِدَاؤُهُ فَمَنْ يُنَازِعُنِي عَذَّبْتُهُ ) ، فهو سبحانه المنفرد بذاته وصفاته وأفعاله عن كل من سواه ، فله علو الذات وعلو القهر وعلو الشأن .
المتعال
المتعالي اسم فاعل من تعالى ، والتَّعالي هو الارْتِفاعُ ، قال الأَزهري : ( تقول العرب في النداء للرجل تَعالَ بفتح اللام ، وللاثنين تَعالَيا ، وللرجال تَعالَوْا ، وللمرأَة تَعالَي ، وللنساء تَعَالَيْنَ ، ولا يُبالُونَ أَين يكون المدعوّ في مكان أَعْلى من مكان الداعي أَو مكان دونه ) ، والمتعالي فعله تعالى يتعالى فهو متعال ، وهو أبلغ من الفعل علا ، لأن الألفاظ لما كانت أدلة المعاني ثم زيد فيها شيء أوجبت زيادة المعنى فزيادة المبنى دليل على زيادة المعنى
والمُتعَالي سبحانه هو القاهرُ لخلقِهِ بقدرتِهِ التَّامَّةِ ، وأغلب المفسرين جعلوا الاسم دالا على علو القهر ، وهو أحد معاني العلو ، فالمتعالي هو المستعلي على كل شيء بقدرته ، قال ابن كثير : ( المتعال على كل شيء قد أحاط بكل شيء علما وقهر كل شيء فخضعت له الرقاب ودان له العباد طوعا وكرها ) ، وقال في موضع آخر : ( وهو الكبير المتعال فكل شيء تحت قهره وسلطانه وعظمته لا إله إلا هو ولا رب سواه لأنه العظيم الذي لا أعظم منه )
فالمتعالي سبحانه هو الذي ليس فوقه شيء في قهره وقوته فلا غالب له ولا منازع بل كل شيء تحت قهره وسلطانه ، قال تعالى : } وَهُوَ القَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الحَكِيمُ الخَبِيرُ { [الأنعام:18] ، وقد جمع الله في هذه الآية بين علو الذات وعلو القهر ، وكذلك قوله تعالى: } وَهُوَ القَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً { [الأنعام:61] ، فاجتماع علو القهر مع علو الفوقية يعني أنه الملك من فوق عرشه الذي علا بذاته فوق كل شيء والذي قهر كل شيء وخضع لجلاله كل شيء وذل لعظمته وكبريائه كل شيء.
الواحد
الواحد في اللغة اسم فاعل للموصوف بالواحدية أو الوحدانية ، فعله وحد يوحد وحادة وتوحيدا ، ووحده توحيدا جعله واحدا ، والواحدُ أَول عدد الحساب وهو يدل على الإثبات ، فلو قيل في الدار واحد ، لكان فيه إثبات واحد منفرد مع إثبات ما فوق الواحد مجتمعين ومفترقين
والواحد سبحانه هو القائم بنفسه المنفرد بوصفه ، الذي لا يفتقر إلى غيره أزَلا وأبَدا ، وهو الكامل في ذاته وأسمائه وصفاته ، فهو سبحانه كان ولا شيء معه ولا شيء قبله ، مازال بأسمائه وصفاته واحد أولا قبل خلقه ، فوجود المخلوقات لم يزده كمالا كان مفقودا أو يزيل نقصا كان موجودا ، فالوحدانية قائمة على الغنى بالنفس وكمال الوصف ، قال ابن الأَثير : ( الواحد في أَسماء الله تعالى هو الفرد الذي لم يزل وحده ولم يكن معه آخر )
روى البخاري من حديث عمران رضى الله عنه أنه قال : ( إنِّي عندَ النبيِّ صلى الله عليه و سلم إذ جاءهُ قومٌ من بني تميم ، فقال : اقبَلوا البُشرى يا بنِي تميم ، قالوا : بشَّرْتنا فأعطِنا ، فدخلَ ناسٌ من أهل اليمن فقال : اقبلوا البُشرَى يا أهل اليمن إذ لم يقبلها بنو تميم ، قالوا : قبلنا جئناك لنتفقه في الدِّين ، ولنسألك عن أولِ هذا الأمر ما كان ؟ قال : كان اللهَ ولم يكن شيء قبلهُ وكان عرشه على الماء ثم خلقَ السماواتِ والأرضَ وكتب في الذكر كل شيء )
وقال تعالى : } مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلا خَلقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ المُضِلِّينَ عَضُداً { [الكهف:51] ، فهو وحده الذي خلق الخلق بلا معين ولا ظهير ولا وزير ولا مشير ، ولذلك فإنه وحده المنفرد بالملك وليس لأحد في ملكه شرك كما قال تعالى : } قُلِ ادْعُوا الذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ { [سبأ:22] ، فقيام الخلق وبقاء السماوات والأرض قائم على وحدانية الإله ، وانفراده بأوصاف الجلال وكمال الأفعال كما قال تعالى : } إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً { [فاطر:41] ، وقال أيضا : } وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الأَرْضِ إِلا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَءوفٌ رَحِيمٌ { [الحج:65] .
القهار
القهار صيغة مبالغة من اسم فاعل القاهر ، والفرق بين القاهر والقهار أن القاهر هو الذي له علو القهر الكلي المطلق باعتبار جميع المخلوقات على اختلاف تنوعهم ، فهو قاهر فوق عباده ، له علو القهر مقترنا بعلو الشأن والفوقية ، فلا يقوى ملك من الملوك على أن ينازعه في علوه مهما بلغ في سلطانه وظلمه ، وإلا قهره الله باسمه القهار ، ومعلوم أن المقهور يحتمي من ملك بملك ، ويخرج بخوفه من سلطان أحدهما ليتقوى بالآخر ، لكن الملوك جميعا إذا كان فوقهم ملك قاهر قادر فإلى من يخرجون وإلى جوار من يلجئون ، قال تعالى : } قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ { [المؤمنون:88] ، وعند البخاري من حديث الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضى الله عنه أن النَّبِيُّ صلى الله عليه و سلم قال : ( اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ ، رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ ، لاَ مَلْجَأَ وَلاَ مَنْجَا مِنْكَ إِلاَّ إِلَيْكَ ) ، فلا ملجأ ولا منجا من الله إلا إليه ، فالقاهر هو الذي له علو القهر الكلي المطلق .
أما القهار فهو الذي له علو القهر باعتبار الكثرة والتعيين في الجزء ، أو باعتبار نوعية المقهور ، فالله عز وجل أهلك قوم نوح وقهرهم وقهر قوم هود ، وقهر فرعون وهامان والنمرود ، قال تعالى : } وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَاداً الأُولَى وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى وَقَوْمَ نُوحٍ مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكَ تَتَمَارَى هَذَا نَذِيرٌ مِّنَ النُّذُرِ الأُولَى { [النجم:56:50] وقهر قوم صالح وقوم لوط ، وقهر أبا جهل والمشركين وقهر الفرس والصليبيين.
والله قهار لكل متكبر جبار ، والأرض فيها المتكبرون وما أكثرهم وفيها المتجبرون المجرمون وما أظلمهم ، والمستضعفون المظلومون كثيرون وعاجزون يفتقرون إلى معين قهار وملك قادر جبار ، فالواحد القهار هو ملجأهم وهو بالمرصاد كما قال : } أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ وَفِرْعَوْنَ ذِي الأَوْتَادِ الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ { [الفجر:6/13] ، فالقهاركثير القهر ، وقهره عظيم ، يقهر من نازعه على توحيد ألوهيته وعبادته وربوبيته وحاكميته وأسمائه وصفاته .
الله جل جلاله الحَقُّ
اسم الله الحق ورد في القرآن والسنة مطلقا معرفا محمولا عليه المعنى مسندا إليه مرادا به العلمية ودالا على كمال الوصفية ، كما جاء في قوله تعالى : ( فَتَعَالَى اللهُ المَلِكُ الحَقُّ لا إِلَهَ إِلا هُوَ رَبُّ العَرْشِ الكَرِيم ) [المؤمنون:116] ، وقوله : ( ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الحَقِّ أَلا لَهُ الحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الحَاسِبِينَ ) [الأنعام:62] ، وقوله : ( ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي المَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير ٌ{ [الحج:6] ، وفي الصحيحين من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلاَةِ مِنْ جَوْفِ الليْلِ : ( أَنْتَ الحَقُّ ، وَوَعْدُكَ الحَقُّ ، وَقَوْلُكَ الحَقُّ ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ ، وَالجَنَّةُ حَقٌّ ، وَالنَّارُ حَقٌّ ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ .. الحديث ).
مواضيع مماثلة
» معانى الأسماء الحسنى 15
» معانى الأسماء الحسنى 1
» معانى الأسماء الحسنى 2
» معانى الأسماء الحسنى 4
» معانى الأسماء الحسنى 5
» معانى الأسماء الحسنى 1
» معانى الأسماء الحسنى 2
» معانى الأسماء الحسنى 4
» معانى الأسماء الحسنى 5
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة 21 يونيو 2024, 12:25 am من طرف Admin
» هل الانجيل محرف
الأربعاء 19 يونيو 2024, 2:34 pm من طرف Admin
» شبهات النصاري زواج ام المؤمنين عائشه،
الإثنين 17 يونيو 2024, 10:30 am من طرف Admin
» الفرق بين السنه والفقه
السبت 11 مايو 2024, 11:23 pm من طرف Admin
» كيف عرفت انه نبي..
الجمعة 26 أبريل 2024, 5:40 am من طرف Admin
» موضوع هل يدخل الجنه غير المسلمين،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:48 am من طرف Admin
» التدرج في التشريع
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:43 am من طرف Admin
» كتب عليكم الصيام،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:41 am من طرف Admin
» اقوال العلماء في تفسير ايه الحجاب،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:40 am من طرف Admin