بحـث
الشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المواضيع الأخيرة
نوفمبر 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | |||||
3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 |
10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 |
17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 |
24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
الحمدلله على نعمة الاسلام
ايها الاخوه الدعاه الى الله وكذا جميع الزائرين والزائرات مرحبا بكم واهلا نتمنى من الله ان نكون عند حسن ظنكم جميا والله الموفق الى الخير وهو حسبنا ونعم الوكيلالشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 4 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 4 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحثلا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 76 بتاريخ الأربعاء 30 أكتوبر 2024, 11:01 pm
مكانة العلماء ومنزلتهم
صفحة 1 من اصل 1
مكانة العلماء ومنزلتهم
الرسالة الحق
مكانة العلماء ومنزلتهم
لقد اعتبرت الشريعة الإسلامية للعلماء منزلة ليست لغيرهم من الناس ، وجعلت لهم مقام رفيعاً ، وأقامتهم أدلاء علي أحكام الله عز وجل .
وهذا الاعتبار للعلماء : اعتبار شرعي ، وينبني عليه أمران مهمان :
*الأول : أن طاعتهم طاعة لله – عز وجل - ولرسوله "صلي الله عليه وسلم" – فالتزام أمرهم واجب .
*الثاني : أن طاعتهم ليست مقصودة لذتها بل هي تبع لطاعة الله ورسوله "صلي الله عليه وسلم".
وأدلة هذه المنزله وهذا الاعتبار للعلماء في الشريعة غير منحصرة، فمنها :
# الدليل الأول : أمر الله-عز وجل-بطاعتهم :
يقول الله- سبحانه -: ( يأيها الذين أمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ,أولي الأمر منكم )
وقد اختلف المفسرون في أولي الأمر منهم على أقوال :
*فقيل : هم السلاطين وذوو القدرة .
*وقيل : هم أهل العلم .
قال ابن عباس- رضي الله عنهما-:
( يعني أهل الفقه والدين ، وأهل طاعة الله الذين يعلمون الناس معاني دينهم ، ويأمرونهم بالمعروف وينهونهم عن المنكر فأوجب الله سبحانه طاعتهم على عباده).
وقيل : هي عامة أهل القدرة وأهل العلم فطاعتهم – جميعاً – واجبه في طاعة الله.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله -:
(" أولو الأمر ": أصحاب الأمر وذووه وهم الذين يأمرون الناس ، وذلك يشترك فيه أهل اليد والقدره ، وأهل العلم ، والكلام ، فلهذا كان أولو الأمر صنفين : العلماء والأمراء ، فإذا صلحوا صلح الناس ، وإذا فسدوا فسد الناس )
وقال رحمه الله :-
(وقد كان النبي "صلي الله عليه وسلم "وخلفاؤه الراشدون يسوسون الناس في دينهم ودنياهم ، ثم بعد ذلك تفرقت الأمور فصار أمراء الحرب يسوسون الناس في أمر الدنيا والدين الظاهر ، وشيوخ العلم يسوسون الناس فيما يرجع إليهم من العلم والدين ، وهؤلاء أولو الأمر وتجب طاعتهم فيما يأمرون به من طاعة الله التي هم أولو أمرها )
ويقول الإمام ابن القيم الجوزية – رحمه الله -:
( والتحقيق أن الأمراء إنما يطاعون إذا أمروا بمقتضي العلم ، فطاعتهم تبع لطاعة العلماء ، فإن الطاعة إنما تكون في المعروف وما أوجبه العلم ، فكما أن طاعة العلماء تبع لطاعة الرسول ، فطاعة الأمراء تبع لطاعة العلماء )
# الدليل الثاني : أن الله سبحانه – أوجب الرجوع إليهم وسؤلهم عما أشكل :
يقول الله تعالي (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لاتعلمون )
نعم فاسألوا أهل الذكر :
(ذلك أن السائل لا يصح أن سأل من لايعتبر في الشريعة جوابه ، لأنه إسناد للأمر إلي غير أهله ، والإجماع على عدم صحة مثل هذا بل لا يمكن في الواقع لأن السائل يقول لمن ليس بأهل لما سئل عنه : أخبرني عما لا تدري ، وأنا أسند أمري لك فيما نحن بالجهل به سواء ومثل هذا لا يدخل في زمرة العقلاء )
فالعلماء إذن هم الوسيلة والطريق لتبين الأحكام فهذا العلم يتوارثة أهله فيأخذ الخلف عن السلف بالتلقي وهؤلاء العلماء يبينون أحكام الله –عز وجل – للناس.
# الدليل الثالث : أن الله سبحانه وتعالي عظم قدرهم فأشهدهم دون غيرهم علي أعظم مشهود:
يقول الله سبحانه وتعالى : ( شهد الله أنه لا إله إلا هووالملائكة وأولو العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم ).
فقد أشهد الله –عز وجل – أهل العلم علي أجل مشهود وهو توحيده ،وهذا يدل على فضل العلم والعلماء ، وأن العلماء في جملتهم عدول لأن الله سبحانه –لا يشهد إلا العدول ، وأن الخلق تبع لهم اعتبارا في الشرع فيما دون ذلك .
# الدليل الرابع :أن الله -عز وجل-نفي التسوية بين العلماء وغيرهم :
يقول سبحانه ( قل هل يستوي الذين يعملون والذين لا يعملون)
فنفي التسوية بين أهل العلم والعوام ، وفي هذا الدلالة على أن للعلماء من الاعتبار في الشرع ، والمنزلة بين الخلق ما ليس لغيرهم من البشر فالعلماء رفعهم الله على من سواهم من المؤمنين ، والمؤمنون رفعهم الله على من سواهم : ( يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات)
# الدليل الخامس : أنهم أهل الفهم عن الله –عز وجل-
قال الله تعالى : ( وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون )
فخواص الأدلة وهي الأمثال تضرب للناس كلهم ولكن تعقلها وفهمها خاص بأهل العلم فالله سبحانه ( حصر تعقلها في العالمين ، وهو قصد الشارع من ضرب الأمثال)
قال الإمام ابن كثير-رحمه الله تعالي –
( وما يفهمها ويتدبرها إلا الراسخون في العلم المتضلعون منه )
# الدليل السادس :أنهم أهل الخشية
يقول الله سبحانه :- ( إنما يخشى الله من عباده العلماء )
( وهذا حصر لخشيته في أولي العلم . وقال تعالي : ( جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشى ربه ) وقد أخبر أن أهل خشيته هم العلماء فدل على أن الجزاء المذكور للعلماء بمجموع النصين )
وإنما كان العلماء أهل خشيه الله ، لكمال علمهم ، فكلما كان الإنسان بالله أعرف كان له أحب ، ولما عنده أرجى ، ومما عنده أخوف .
قال ابن كثير- رحمه الله –
(أي : إنما يخشاه حق خشيته العلماء العارفون به لأنه كلما كانت المعرفة للعظيم القدير العليم الموصوف بصفات الكمال المنعوت بالأسماء الحسني – كلما كانت المعرفه به أتم ، والعلم به أكمل كانت الخشية له أعظم وأكثر )
وأما الجاهل بالله –عز وجل- وما وعد أولياءه ، وما أوعد أعداءه فإنه ضعيف المحبة لله والرجاء لما عنده .
كما أن العالم بما يتوفر له من المحبة لله والرجاء يكون أبعد عن أهواء النفس وحظوظها وهذا يجعل لكلامه من الاعتبار ما ليس لغيره ممن غلب عليه هوي نفسه.
# الدليل السابع : أن أهل العلم أبصر الناس بالشر ومداخل الشر :
قال الله –عز وجل–:- ( قال الذين أتوا العلم إن الخزي اليوم والسوء على الكافرين )
قال الشيخ العلامه ابن سعدي – رحمه الله - :
(( قال الذين أتوا العلم )، أي :العلماء الربانيون ( إن الخزي اليوم ) ، أي يوم القيامة (والسوء) ، أي سوء العذاب (علي الكافرين) .
وفي هذا فضيلة أهل العلم ، وأنهم الناطقون بالحق في هذه الدنيا ، ويوم يقوم الأشهاد وأن لقوهم اعتباراً عند الله وعند خلقه)
ويقول- سبحانه- في سياق قصة قارون ( وقال الذين أتوا العلم ويلكم ثواب خير ).
فأهل العلم هنا كانوا متميزين عن غيرهم ، فهم بصراء بالشر وعلماء بالخير فلما رأوا الناس يتمنون مثل ما أوتي قارون ، حذروهم من الشر وبينوا لهم الخير ، وأن الدار الآخرة لمن آمن ، وعمل صالحاً .
ولم يعرف هؤلاء الذين تمنوا حظوظ الدنيا أن العلماء على حق ألا حينما حلت عقوبة الله بقارون عندها ( أصبح الذين تمنوا مكانه بالأمس يقولون ويكأن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر لولا أن من الله علينا لخسف بنا ويكأنه لا يفلح الكافرون )
# الدليل الثامن : أن العلماء ورثة الأنبياء وهم المفضلون بعد الأنبياء على سائر البشر :
عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول " فضل العامل على العابد كفضل القمر ليلة البدر علي سائر الكواكب وإن العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهما ولكنهم ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر "
قال الإمام بن رجب رحمه الله :-
( يعني :أنهم ورثوا ما جاء به الأنبياء من العلم فهم خلفوا الأنبياء في أممهم بالدعوة إلي الله وإلي طاعته والنهي عن معاصي الله والذود عن دين الله )
وإذا كان العلم الذي أوحي الله به إلى الأنبياء قد ورثه العلماء فإن العلماء أيضاً ورثوا شيئا من الاعتبار الشرعي للأنبياء، فالأنبياء مبلغون عن الله والعلماء مبلغون عن الأنبياء .
# الدليل التاسع :- أن الله سبحانه وتعالى أراد بهم الخير :
عن ابن عباس ومعاوية رضي الله عنهم قالا :
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم "من يرد الله به خيراً يفقه في الدين "
قال الإمام الآجري رحمه الله :
(فلما أراد الله بهم خيراً فقههم في الدين وعلمهم الكتاب والحكمة وصاروا سراجا للعباد ومنارا للبلاد )
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالي :
( وكل أمة قبل مبعث نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فعلماؤها شرارها إلا المسلمين فإن علماءهم خيارهم )
-الدليل الحادي عشر : أن نجاة الناس منوطة بوجود العلماء فإن يقبض العلماء يهلكوا :
عن عبد الله بن عمرو- رضي الله عنهما – قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم – يقول:
" إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا"
ضلوا بإفتاء الناس بالباطل، وقولهم على الله – عزل وجل- بغير علم ولا هدى، ولا كتاب منير.
وأضلوا الناس الذين اتبعوهم ، وحينذاك يهلك الجميع.
وليس يغني عن العلماء وجود الكتب حتى لو كانت الكتب السماوية، إذا لو أغنت تلك الكتب عن قوم لأغنت عن بني إسرائيل الذين انحرفوا فكانوا ضربين من الأنحراف:
- فمنهم من عبدالله على جهل فكانوا ضالين فأولئك هم النصاري.
- ومنهم من أعرض عن أوامر الله- عز وجل – عن علم فكانوا مغضوباً عليهم فأولئك هم اليهود.
إنه وقد تقررت هذه القاعدة العظيمة وهي:
أن للعلماء اعتباراً في الشريعة، وأن لهم منزلة ليست لغيرهم من الناس فإنه لابد من التنبيه على أمرين:
-الأمر الأول:
أنه إذا قلنا: إن للعلماء اعتباراً فليس معنى هذا تقديس ذواتهم وأشخاصهم ، فنصبح كبنى إسرائيل ( اتخذو أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله، والمسيح ابن مريم، وما أمروا إلا ليعبدوا إلهاً واحداً لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون)
عن عدي بن حاتم- رضي الله عنه- قال:
أتيت النبي – صلى الله عليه وسلم – وفي عنقي صليب من ذهب ، فقال: " يا عدي اطرح عنك هذا الوثن" ، وسمعته يقرأ : ( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله)، وقال : " إنهم لم يكونوا يعبدونهم ولكنهم كانوا إذا أحلو لهم شيئاً استحلوه ، وإذا حرموا عليهم شيئاً حرموه بل أن طاعة العلماء عندنا، واعتبار العلماء في شرعنا ليس مقصوداً لذاته، بل لما قام فيهم من العلم بالله والعلم عن الله- عز وجل-.
وليس سؤال العامي إياهم عن رأيهم الشخصي، ولا عن حكمهم الذاتي، بل سؤالاً عما يفهمونه عن الله – عز وجل- وعن رسوله- صلى الله عليه وسلم -، وإذا أخذ الإنسان العامي الذي يجهل حكم الله بفتوى عالم موثوقٍ في دينه وعلمه فقد أعذر إلى الله- عز وجل- حتى لو أخطأ ذلك العالم في اجتهاده ، ذلك أن متبعي الحق يفعلون ما يؤمرون به من حسن القصد ، والاجتهاد لمن قدر عليه ، أو التقليد لمن لم يقدر على الاجتهاد ، ثم الأخذ في العلم بما قام الاعتقاد على صحته، وبعكس ذلك أهل الأهواء فإنهم ( إن يتبعون إلا الظن وما تهوي الأنفس).
ويجزمون بما يقولون بالظن والهوى جزماً لا يقبل النقيض مع عدم العلم ، فيعتقدون ما لم يؤمروا باعتقاده، ويقصدون ما لم يؤمروا بقصده، ويجتهدون اجتهاداً غير مأذون فيه وهم بذلك مسيئون متعرضون لعذاب الله.
إن الناس في هذا الأمر بين طرفين ، ووسط:
- طرفٍ يهدر مكانة العلماء ، ويستخف بأقدارهم تحت ظل ألفاظٍ براقة من مثل: (الإسلام ليس ديناً كهنوتياً) ، ( ليس في الإسلام قداسة لأحد) . وفي هؤلاء شبه بالخوارج الذين لم يرفعوا بسادات العلماء من صحابة الرسول – صلى الله عليه وسلم – رأساً.
- وطرفٍ يجعل للعلماء قداسة بحيث لا يُسألون عما يفعلون وفي هؤلاء شبه من بني إسرائيل ، وشبه من الرافضة الذين يجعلون لأئمتهم مقاماً لا يصله ملك مقرب ، ولا نبي مرسل.
- وهدى الله أهل الحق للموقف الوسط فحفظوا لأهل العلم أقدراهم وعرفوا أنهم أدلاء على حكم الله- عز وجل- وليس لهم قداسة في ذواتهم، وأنهم غير معصومين عن الخطأ ، وأن طاعتهم إنما تجب باعتبار أنهم طريق لطاعة الله- عز وجل- ورسوله – صلى الله عليه وسلم.
ولذلك كان السلف يعرفون الرجال بالحق ، وأهل الأهواء يعرفون الحق بالرجال.
الأمر الثاني:
أنه ما دام أن اعتبار العلماء اعتباراً شرعياً والشرع الإسلامي شرع متكامل ينتظم الحياة كلها، فإن اعتبار العلماء أيضاً اعتبار كلي فطاعتهم واجبة في جميع جوانب الإسلام.
وعلى المختصين في جوانب الحياة، كالاقتصاد، والسياسة، والطب، والجهاد خدمتهم ببيان واقع تخصصاتهم حتى يطبق العلماء الحكم الشرعي على الوقائع.
إن بعض الناس، بل أن بعض المنسوبين إلى الخير والصلاح اليوم يعتبرون للعلماء منزلة وطاعة في بعض جوانب الحياة، ويرون أن هناك جوانب أخرى ليس للعلماء فيها اعتبار وإنما الاعتبار لغيرهم من المفكرين أو الساسة أو الدعاة أو قادة الجماعات أو غيرهم
مكانة العلماء ومنزلتهم
لقد اعتبرت الشريعة الإسلامية للعلماء منزلة ليست لغيرهم من الناس ، وجعلت لهم مقام رفيعاً ، وأقامتهم أدلاء علي أحكام الله عز وجل .
وهذا الاعتبار للعلماء : اعتبار شرعي ، وينبني عليه أمران مهمان :
*الأول : أن طاعتهم طاعة لله – عز وجل - ولرسوله "صلي الله عليه وسلم" – فالتزام أمرهم واجب .
*الثاني : أن طاعتهم ليست مقصودة لذتها بل هي تبع لطاعة الله ورسوله "صلي الله عليه وسلم".
وأدلة هذه المنزله وهذا الاعتبار للعلماء في الشريعة غير منحصرة، فمنها :
# الدليل الأول : أمر الله-عز وجل-بطاعتهم :
يقول الله- سبحانه -: ( يأيها الذين أمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ,أولي الأمر منكم )
وقد اختلف المفسرون في أولي الأمر منهم على أقوال :
*فقيل : هم السلاطين وذوو القدرة .
*وقيل : هم أهل العلم .
قال ابن عباس- رضي الله عنهما-:
( يعني أهل الفقه والدين ، وأهل طاعة الله الذين يعلمون الناس معاني دينهم ، ويأمرونهم بالمعروف وينهونهم عن المنكر فأوجب الله سبحانه طاعتهم على عباده).
وقيل : هي عامة أهل القدرة وأهل العلم فطاعتهم – جميعاً – واجبه في طاعة الله.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله -:
(" أولو الأمر ": أصحاب الأمر وذووه وهم الذين يأمرون الناس ، وذلك يشترك فيه أهل اليد والقدره ، وأهل العلم ، والكلام ، فلهذا كان أولو الأمر صنفين : العلماء والأمراء ، فإذا صلحوا صلح الناس ، وإذا فسدوا فسد الناس )
وقال رحمه الله :-
(وقد كان النبي "صلي الله عليه وسلم "وخلفاؤه الراشدون يسوسون الناس في دينهم ودنياهم ، ثم بعد ذلك تفرقت الأمور فصار أمراء الحرب يسوسون الناس في أمر الدنيا والدين الظاهر ، وشيوخ العلم يسوسون الناس فيما يرجع إليهم من العلم والدين ، وهؤلاء أولو الأمر وتجب طاعتهم فيما يأمرون به من طاعة الله التي هم أولو أمرها )
ويقول الإمام ابن القيم الجوزية – رحمه الله -:
( والتحقيق أن الأمراء إنما يطاعون إذا أمروا بمقتضي العلم ، فطاعتهم تبع لطاعة العلماء ، فإن الطاعة إنما تكون في المعروف وما أوجبه العلم ، فكما أن طاعة العلماء تبع لطاعة الرسول ، فطاعة الأمراء تبع لطاعة العلماء )
# الدليل الثاني : أن الله سبحانه – أوجب الرجوع إليهم وسؤلهم عما أشكل :
يقول الله تعالي (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لاتعلمون )
نعم فاسألوا أهل الذكر :
(ذلك أن السائل لا يصح أن سأل من لايعتبر في الشريعة جوابه ، لأنه إسناد للأمر إلي غير أهله ، والإجماع على عدم صحة مثل هذا بل لا يمكن في الواقع لأن السائل يقول لمن ليس بأهل لما سئل عنه : أخبرني عما لا تدري ، وأنا أسند أمري لك فيما نحن بالجهل به سواء ومثل هذا لا يدخل في زمرة العقلاء )
فالعلماء إذن هم الوسيلة والطريق لتبين الأحكام فهذا العلم يتوارثة أهله فيأخذ الخلف عن السلف بالتلقي وهؤلاء العلماء يبينون أحكام الله –عز وجل – للناس.
# الدليل الثالث : أن الله سبحانه وتعالي عظم قدرهم فأشهدهم دون غيرهم علي أعظم مشهود:
يقول الله سبحانه وتعالى : ( شهد الله أنه لا إله إلا هووالملائكة وأولو العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم ).
فقد أشهد الله –عز وجل – أهل العلم علي أجل مشهود وهو توحيده ،وهذا يدل على فضل العلم والعلماء ، وأن العلماء في جملتهم عدول لأن الله سبحانه –لا يشهد إلا العدول ، وأن الخلق تبع لهم اعتبارا في الشرع فيما دون ذلك .
# الدليل الرابع :أن الله -عز وجل-نفي التسوية بين العلماء وغيرهم :
يقول سبحانه ( قل هل يستوي الذين يعملون والذين لا يعملون)
فنفي التسوية بين أهل العلم والعوام ، وفي هذا الدلالة على أن للعلماء من الاعتبار في الشرع ، والمنزلة بين الخلق ما ليس لغيرهم من البشر فالعلماء رفعهم الله على من سواهم من المؤمنين ، والمؤمنون رفعهم الله على من سواهم : ( يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات)
# الدليل الخامس : أنهم أهل الفهم عن الله –عز وجل-
قال الله تعالى : ( وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون )
فخواص الأدلة وهي الأمثال تضرب للناس كلهم ولكن تعقلها وفهمها خاص بأهل العلم فالله سبحانه ( حصر تعقلها في العالمين ، وهو قصد الشارع من ضرب الأمثال)
قال الإمام ابن كثير-رحمه الله تعالي –
( وما يفهمها ويتدبرها إلا الراسخون في العلم المتضلعون منه )
# الدليل السادس :أنهم أهل الخشية
يقول الله سبحانه :- ( إنما يخشى الله من عباده العلماء )
( وهذا حصر لخشيته في أولي العلم . وقال تعالي : ( جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشى ربه ) وقد أخبر أن أهل خشيته هم العلماء فدل على أن الجزاء المذكور للعلماء بمجموع النصين )
وإنما كان العلماء أهل خشيه الله ، لكمال علمهم ، فكلما كان الإنسان بالله أعرف كان له أحب ، ولما عنده أرجى ، ومما عنده أخوف .
قال ابن كثير- رحمه الله –
(أي : إنما يخشاه حق خشيته العلماء العارفون به لأنه كلما كانت المعرفة للعظيم القدير العليم الموصوف بصفات الكمال المنعوت بالأسماء الحسني – كلما كانت المعرفه به أتم ، والعلم به أكمل كانت الخشية له أعظم وأكثر )
وأما الجاهل بالله –عز وجل- وما وعد أولياءه ، وما أوعد أعداءه فإنه ضعيف المحبة لله والرجاء لما عنده .
كما أن العالم بما يتوفر له من المحبة لله والرجاء يكون أبعد عن أهواء النفس وحظوظها وهذا يجعل لكلامه من الاعتبار ما ليس لغيره ممن غلب عليه هوي نفسه.
# الدليل السابع : أن أهل العلم أبصر الناس بالشر ومداخل الشر :
قال الله –عز وجل–:- ( قال الذين أتوا العلم إن الخزي اليوم والسوء على الكافرين )
قال الشيخ العلامه ابن سعدي – رحمه الله - :
(( قال الذين أتوا العلم )، أي :العلماء الربانيون ( إن الخزي اليوم ) ، أي يوم القيامة (والسوء) ، أي سوء العذاب (علي الكافرين) .
وفي هذا فضيلة أهل العلم ، وأنهم الناطقون بالحق في هذه الدنيا ، ويوم يقوم الأشهاد وأن لقوهم اعتباراً عند الله وعند خلقه)
ويقول- سبحانه- في سياق قصة قارون ( وقال الذين أتوا العلم ويلكم ثواب خير ).
فأهل العلم هنا كانوا متميزين عن غيرهم ، فهم بصراء بالشر وعلماء بالخير فلما رأوا الناس يتمنون مثل ما أوتي قارون ، حذروهم من الشر وبينوا لهم الخير ، وأن الدار الآخرة لمن آمن ، وعمل صالحاً .
ولم يعرف هؤلاء الذين تمنوا حظوظ الدنيا أن العلماء على حق ألا حينما حلت عقوبة الله بقارون عندها ( أصبح الذين تمنوا مكانه بالأمس يقولون ويكأن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر لولا أن من الله علينا لخسف بنا ويكأنه لا يفلح الكافرون )
# الدليل الثامن : أن العلماء ورثة الأنبياء وهم المفضلون بعد الأنبياء على سائر البشر :
عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول " فضل العامل على العابد كفضل القمر ليلة البدر علي سائر الكواكب وإن العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهما ولكنهم ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر "
قال الإمام بن رجب رحمه الله :-
( يعني :أنهم ورثوا ما جاء به الأنبياء من العلم فهم خلفوا الأنبياء في أممهم بالدعوة إلي الله وإلي طاعته والنهي عن معاصي الله والذود عن دين الله )
وإذا كان العلم الذي أوحي الله به إلى الأنبياء قد ورثه العلماء فإن العلماء أيضاً ورثوا شيئا من الاعتبار الشرعي للأنبياء، فالأنبياء مبلغون عن الله والعلماء مبلغون عن الأنبياء .
# الدليل التاسع :- أن الله سبحانه وتعالى أراد بهم الخير :
عن ابن عباس ومعاوية رضي الله عنهم قالا :
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم "من يرد الله به خيراً يفقه في الدين "
قال الإمام الآجري رحمه الله :
(فلما أراد الله بهم خيراً فقههم في الدين وعلمهم الكتاب والحكمة وصاروا سراجا للعباد ومنارا للبلاد )
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالي :
( وكل أمة قبل مبعث نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فعلماؤها شرارها إلا المسلمين فإن علماءهم خيارهم )
-الدليل الحادي عشر : أن نجاة الناس منوطة بوجود العلماء فإن يقبض العلماء يهلكوا :
عن عبد الله بن عمرو- رضي الله عنهما – قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم – يقول:
" إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا"
ضلوا بإفتاء الناس بالباطل، وقولهم على الله – عزل وجل- بغير علم ولا هدى، ولا كتاب منير.
وأضلوا الناس الذين اتبعوهم ، وحينذاك يهلك الجميع.
وليس يغني عن العلماء وجود الكتب حتى لو كانت الكتب السماوية، إذا لو أغنت تلك الكتب عن قوم لأغنت عن بني إسرائيل الذين انحرفوا فكانوا ضربين من الأنحراف:
- فمنهم من عبدالله على جهل فكانوا ضالين فأولئك هم النصاري.
- ومنهم من أعرض عن أوامر الله- عز وجل – عن علم فكانوا مغضوباً عليهم فأولئك هم اليهود.
إنه وقد تقررت هذه القاعدة العظيمة وهي:
أن للعلماء اعتباراً في الشريعة، وأن لهم منزلة ليست لغيرهم من الناس فإنه لابد من التنبيه على أمرين:
-الأمر الأول:
أنه إذا قلنا: إن للعلماء اعتباراً فليس معنى هذا تقديس ذواتهم وأشخاصهم ، فنصبح كبنى إسرائيل ( اتخذو أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله، والمسيح ابن مريم، وما أمروا إلا ليعبدوا إلهاً واحداً لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون)
عن عدي بن حاتم- رضي الله عنه- قال:
أتيت النبي – صلى الله عليه وسلم – وفي عنقي صليب من ذهب ، فقال: " يا عدي اطرح عنك هذا الوثن" ، وسمعته يقرأ : ( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله)، وقال : " إنهم لم يكونوا يعبدونهم ولكنهم كانوا إذا أحلو لهم شيئاً استحلوه ، وإذا حرموا عليهم شيئاً حرموه بل أن طاعة العلماء عندنا، واعتبار العلماء في شرعنا ليس مقصوداً لذاته، بل لما قام فيهم من العلم بالله والعلم عن الله- عز وجل-.
وليس سؤال العامي إياهم عن رأيهم الشخصي، ولا عن حكمهم الذاتي، بل سؤالاً عما يفهمونه عن الله – عز وجل- وعن رسوله- صلى الله عليه وسلم -، وإذا أخذ الإنسان العامي الذي يجهل حكم الله بفتوى عالم موثوقٍ في دينه وعلمه فقد أعذر إلى الله- عز وجل- حتى لو أخطأ ذلك العالم في اجتهاده ، ذلك أن متبعي الحق يفعلون ما يؤمرون به من حسن القصد ، والاجتهاد لمن قدر عليه ، أو التقليد لمن لم يقدر على الاجتهاد ، ثم الأخذ في العلم بما قام الاعتقاد على صحته، وبعكس ذلك أهل الأهواء فإنهم ( إن يتبعون إلا الظن وما تهوي الأنفس).
ويجزمون بما يقولون بالظن والهوى جزماً لا يقبل النقيض مع عدم العلم ، فيعتقدون ما لم يؤمروا باعتقاده، ويقصدون ما لم يؤمروا بقصده، ويجتهدون اجتهاداً غير مأذون فيه وهم بذلك مسيئون متعرضون لعذاب الله.
إن الناس في هذا الأمر بين طرفين ، ووسط:
- طرفٍ يهدر مكانة العلماء ، ويستخف بأقدارهم تحت ظل ألفاظٍ براقة من مثل: (الإسلام ليس ديناً كهنوتياً) ، ( ليس في الإسلام قداسة لأحد) . وفي هؤلاء شبه بالخوارج الذين لم يرفعوا بسادات العلماء من صحابة الرسول – صلى الله عليه وسلم – رأساً.
- وطرفٍ يجعل للعلماء قداسة بحيث لا يُسألون عما يفعلون وفي هؤلاء شبه من بني إسرائيل ، وشبه من الرافضة الذين يجعلون لأئمتهم مقاماً لا يصله ملك مقرب ، ولا نبي مرسل.
- وهدى الله أهل الحق للموقف الوسط فحفظوا لأهل العلم أقدراهم وعرفوا أنهم أدلاء على حكم الله- عز وجل- وليس لهم قداسة في ذواتهم، وأنهم غير معصومين عن الخطأ ، وأن طاعتهم إنما تجب باعتبار أنهم طريق لطاعة الله- عز وجل- ورسوله – صلى الله عليه وسلم.
ولذلك كان السلف يعرفون الرجال بالحق ، وأهل الأهواء يعرفون الحق بالرجال.
الأمر الثاني:
أنه ما دام أن اعتبار العلماء اعتباراً شرعياً والشرع الإسلامي شرع متكامل ينتظم الحياة كلها، فإن اعتبار العلماء أيضاً اعتبار كلي فطاعتهم واجبة في جميع جوانب الإسلام.
وعلى المختصين في جوانب الحياة، كالاقتصاد، والسياسة، والطب، والجهاد خدمتهم ببيان واقع تخصصاتهم حتى يطبق العلماء الحكم الشرعي على الوقائع.
إن بعض الناس، بل أن بعض المنسوبين إلى الخير والصلاح اليوم يعتبرون للعلماء منزلة وطاعة في بعض جوانب الحياة، ويرون أن هناك جوانب أخرى ليس للعلماء فيها اعتبار وإنما الاعتبار لغيرهم من المفكرين أو الساسة أو الدعاة أو قادة الجماعات أو غيرهم
مواضيع مماثلة
» مكانة الشهداء فى الاسلام و مكانة المجاهدين فى سبيل الله
» مكانة المرأة في الإسلام
» مكانة المرأة في الإسلام
» مكانة اليتـيم في الإسلام :
» مكانة الأخلاق في الإسلام
» مكانة المرأة في الإسلام
» مكانة المرأة في الإسلام
» مكانة اليتـيم في الإسلام :
» مكانة الأخلاق في الإسلام
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة 21 يونيو 2024, 12:25 am من طرف Admin
» هل الانجيل محرف
الأربعاء 19 يونيو 2024, 2:34 pm من طرف Admin
» شبهات النصاري زواج ام المؤمنين عائشه،
الإثنين 17 يونيو 2024, 10:30 am من طرف Admin
» الفرق بين السنه والفقه
السبت 11 مايو 2024, 11:23 pm من طرف Admin
» كيف عرفت انه نبي..
الجمعة 26 أبريل 2024, 5:40 am من طرف Admin
» موضوع هل يدخل الجنه غير المسلمين،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:48 am من طرف Admin
» التدرج في التشريع
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:43 am من طرف Admin
» كتب عليكم الصيام،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:41 am من طرف Admin
» اقوال العلماء في تفسير ايه الحجاب،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:40 am من طرف Admin