مُلتَقى الدعوةُ والدعاةُ
نحن فى سعادة غامره بوجودكم معنا نرجوا من الله توفير كل ما يسعدكم فى هذا المنتدى ولكم جزيل الشكر

المدير العام
الشيخ محمدشوقى

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

مُلتَقى الدعوةُ والدعاةُ
نحن فى سعادة غامره بوجودكم معنا نرجوا من الله توفير كل ما يسعدكم فى هذا المنتدى ولكم جزيل الشكر

المدير العام
الشيخ محمدشوقى
مُلتَقى الدعوةُ والدعاةُ
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
بحـث
 
 

نتائج البحث
 

 


Rechercher بحث متقدم

الشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المواضيع الأخيرة
» صلاة الغائب
غَضَبُ الْأَنْبِيَاءِ لله تَعَالَى Emptyالجمعة 21 يونيو 2024, 12:25 am من طرف Admin

» هل الانجيل محرف
غَضَبُ الْأَنْبِيَاءِ لله تَعَالَى Emptyالأربعاء 19 يونيو 2024, 2:34 pm من طرف Admin

» شبهات النصاري زواج ام المؤمنين عائشه،
غَضَبُ الْأَنْبِيَاءِ لله تَعَالَى Emptyالإثنين 17 يونيو 2024, 10:30 am من طرف Admin

» الفرق بين السنه والفقه
غَضَبُ الْأَنْبِيَاءِ لله تَعَالَى Emptyالسبت 11 مايو 2024, 11:23 pm من طرف Admin

» كيف عرفت انه نبي..
غَضَبُ الْأَنْبِيَاءِ لله تَعَالَى Emptyالجمعة 26 أبريل 2024, 5:40 am من طرف Admin

» موضوع هل يدخل الجنه غير المسلمين،
غَضَبُ الْأَنْبِيَاءِ لله تَعَالَى Emptyالثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:48 am من طرف Admin

» التدرج في التشريع
غَضَبُ الْأَنْبِيَاءِ لله تَعَالَى Emptyالثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:43 am من طرف Admin

» كتب عليكم الصيام،،
غَضَبُ الْأَنْبِيَاءِ لله تَعَالَى Emptyالثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:41 am من طرف Admin

» اقوال العلماء في تفسير ايه الحجاب،،
غَضَبُ الْأَنْبِيَاءِ لله تَعَالَى Emptyالثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:40 am من طرف Admin

نوفمبر 2024
الأحدالإثنينالثلاثاءالأربعاءالخميسالجمعةالسبت
     12
3456789
10111213141516
17181920212223
24252627282930

اليومية اليومية

التبادل الاعلاني

انشاء منتدى مجاني



الحمدلله على نعمة الاسلام
ايها الاخوه الدعاه الى الله وكذا جميع الزائرين والزائرات مرحبا بكم واهلا نتمنى من الله ان نكون عند حسن ظنكم جميا والله الموفق الى الخير وهو حسبنا ونعم الوكيل
الشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 1 عُضو حالياً في هذا المنتدى :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 1 زائر

لا أحد

أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 76 بتاريخ الأربعاء 30 أكتوبر 2024, 11:01 pm

غَضَبُ الْأَنْبِيَاءِ لله تَعَالَى

اذهب الى الأسفل

غَضَبُ الْأَنْبِيَاءِ لله تَعَالَى Empty غَضَبُ الْأَنْبِيَاءِ لله تَعَالَى

مُساهمة من طرف Admin الأحد 18 سبتمبر 2011, 7:02 am

غَضَبُ الْأَنْبِيَاءِ لله تَعَالَى



الشيخ / إبراهيم بن محمد الحقيل

الْحَمْدُ لله الْعَلِيْمِ الْخَبِيْرِ؛ أَرْسَلَ الْرُّسُلَ مُبَشِّرِيْنَ وَمُنْذِرِيْنَ، فَبِهِمْ هَدَى عِبَادَهُ المُؤْمِنِيْنَ، وَقَطَعَ حُجَجَ المُخَالِفِيْنَ، نَحْمَدُهُ عَلَى هِدَايَتِهِ، وَنَشْكُرُهُ عَلَى رِعَايَتِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ؛ أَصْطَفَى الْرُّسُلَ مِنَ المُؤْمِنِيْنَ، وَفَضَّلَهُمْ عَلَى الْبَشَرِ أَجْمَعِيْنَ؛ فَجَعَلَهُمْ حَمَلَةَ دِيْنِهِ، وَمُبلِّغِي رِسَالَاتِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ؛ رَفَعَ اللهُ تَعَالَىْ ذَكَرَهُ فِيْ الْعَالَمِيْنَ، وَجَعَلَهُ حُجَّةً عَلَى الْأَوَّلِيْنَ وَالْآخِرِيْنَ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ
وَعَلَى آَلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ إِلَى يَوْمِ الْدِّيِنِ.



أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَىْ وَأَطِيْعُوْهُ، وَعَظِّمُوا حُرُمَاتِهِ، وَأَحِبُّوا لَهُ، وَأَبْغِضُوا لَهُ، وَوَالُوا فِيْهِ، وَعَادُوْا فِيْهِ، وَاغْضَبُوا لَهُ؛ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ اسْتَكْمَلَ إِيْمَانَهُ، وَاسْتَحَقَّ وِلَايَةَ الله تَعَالَىْ


[إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُوْلُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوْا الَّذِيْنَ يُقِيْمُوُنَ الَصَّلَاةَ وَيُؤْتُوْنَ الْزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُوْنَ * وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُوْلَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوْا فَإِنَّ حِزْبَ الله هُمُ الْغَالِبُونَ]{الْمَائِدَةِ:55-56}.

أَيُّهَا الْنَّاسُ: مِنْ أَعْلَى المَقَامَاتِ الدَّيْنِيَّةِ الَّتِيْ تَدُلُّ عَلَى حَيَاةِ الْقَلْبِ وَصَلَاحِهِ: الْغَضَبُ لله تَعَالَىْ، وَالْغَيْرَةُ عَلَى حُرُمَاتِهِ، وَالْخَوْفُ مِنْ نُزُوْلِ عَذَابِهِ، وَلمَّا بَلَغَ الْنَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم - شِدَّةُ غَيْرَةِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَلَى حُرْمَتِهِ قَالَ لِأَصْحَابِهِ:«أَتَعْجَبُوْنَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ! وَالله لَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ وَاللهُ أَغْيَرُ مِنِّي، وَمِنْ أَجْلِ غَيْرَةِ الله حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَلَا شَخْصَ أَغْيَرُ مِنَ الله» رَوَاهُ الْشَّيْخَانِ.

وَإِنَّمَا امْتِازَ الْأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِمُ الْسَّلَامُ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ مِنَ الْنَّاسِ - بَعْدَ اخْتِصَاصِهِمْ بِالرِّسَالَةِ - لِأَنَّهُمْ أَشَدُّ الْنَّاسِ غَضَبَاً لله تَعَالَىْ، وَأَكْثَرُهُمْ غَيْرَةً عَلَى حُرُمَاتِهِ.. يَتَحَمَّلُوْنَ مِنَ الْأَذَى فِيْ سَبِيلِ غَيْرَتِهِمْ وَغَضَبِهِمْ لله تَعَالَىْ مَا لَا يَحْتَمِلُهُ غَيْرُهُمْ، وَمَنْ تَأَمَّلَ سِيَرَهُمْ مَعَ أَقْوَامِهِمْ تَبَيَّنَ لَهُ ذَلِكَ..



دَعَا نُوْحٌ عَلَيْهِ الْسَّلَامُ قَوْمَهُ إِلَى تَوْحِيْدِ الله تَعَالَى وَطَاعَتِهِ قَرِيْبَاً مِنْ أَلْفِ سَنَةٍ، فَصَدُّوْهُ وَسَخِرُوا مِنْهُ، وَآذَوْا أَتْبَاعَهُ، وَقَابَلُوْهُ وَمَنْ مَعَهُ بِأَنْوَاعِ الْأَذَى، وَلمَّا دَعَا عَلَيْهِمْ فَاسْتُجِيْبَ لَهُ فَأُهْلِكُوا مَا دَعَا عَلَيْهِمْ انْتِصَارَاً لِنَفْسِهِ، وَلَا انْتِقَامَاً مِنْهُمْ لِأَنَّهُمْ رَدُّوْهُ، وَلَا نُصْرَةً لِأَتْبَاعِهِ لِأَنَّهُمْ أُوْذُوْا بِسَبَبِهِ، وَإِنَّمَا دَعَا عَلَيْهِمْ غَضَبَاً لله تَعَالَىْ أَنْ يُقِيْمُوْا عَلَى كُفْرِهِ، وَيَرْفُضُوْا دِيْنَهُ، ويُغْوُوا عِبَادَهُ،
[وَقَالَ نُوْحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِيْنَ دَيَّارَاً * إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوْا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرَاً كَفَّارَاً]{نُوْحٍ:26-27}



وَأَبْيَنُ دَلِيْلٍ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الْسَّلَامُ مَا دَعَا عَلَيْهِمْ حَالَ سُخْرِيَتِهِمْ بِهِ، وَصَدِّهِمْ لِدَعْوَتِهِ، وَأَذِيَّتِهِمْ لِأَتْبَاعِهِ، بَلْ صَبَرَ عَلَيْهِمْ صَبْرَاً جَمِيْلَاً، وَإِنَّمَا دَعَا عَلَيْهِمْ حِيْنَ أُخْبِرَ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْهُمْ أَحَدٌ غَيْرُ مَنْ كَانُوْا مَعَهُ
[وَأُوْحِيَ إِلَىَ نُوْحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ]{هُوْدٍ:36}



فَهَذَا الَّذِيْ أَغْضَبَهُ أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُوْنَ، وَيُقِيْمُوْنَ عَلَى مَحَارِمِ الله تَعَالَىْ، فَغَضِبَ اللهُ تَعَالَىْ لِغَضَبِ نُوْحٍ لمَّا غَضِبَ لَهُ فَأَغْرَقَهُمْ وَنَجَّاهُ وَمَنْ مَعَهُ.

وَدَعَا الْخَلِيلُ عَلَيْهِ الْسَّلَامُ قَوْمَهُ إِلَى تَوْحِيْدِ الله تَعَالَىْ وَنَبْذِ الْأَصْنَامِ، فَلَمَّا لَمْ يَسْتَجِيْبُوْا لَهُ غَضِبَ لله تَعَالَىْ
[فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبَاً بِالْيَمِيْنِ] {الْصَّفَاتِ:93}[فَجَعَلَهُمْ جُذَاذَاً إِلَّا كَبِيْرَاً لَّهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُوْنَ]{الْأَنْبِيَاءِ:58}



وَعَرَّضَ نَفْسَهُ لَأَعْظَمِ عُقُوْبَةٍ يَقْدِرُوْنَ عَلَيْهَا وَهِيَ قَتْلُهُ حَرْقَاً بِالْنَّارِ، وَلمَّا كَانَ غَضَبُهُ لله تَعَالَىْ نَجَّاهُ اللهُ تَعَالَىْ مِنْ نَارِهِمْ [قُلْنَا يَا نَارُ كُوْنِيْ بَرْدَاً وَسَلَامَاً عَلَى إِبْرَاهِيْمَ * وَأَرَادُوَا بِهِ كَيْدَاً فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ] {الْأَنْبِيَاءِ:69-70} وَكَانَ مِنْ شِدَّةِ غَضَبِهِ لله تَعَالَىْ أَنَّهُ فَارَقَهُمْ وَاعْتَزَلَهُمْ وَهُمْ أَهْلُهُ وَعَشِيْرَتُهُ، وَمَا أَعْسَرَ ذَلِكَ عَلَى الْنُّفُوْسِ لَوْلَا الْإِيْمَانُ وَالْغَضَبُ لله تَعَالَىْ والحَمِّيَةُ لِدِينِهِ الَّتِيْ يَهْونُ فِيْ سَبِيلِهَا تَحَمُّلُ كُلِّ عَسِيْرٍ


[وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُوَنَّ مِنْ دُوْنِ الله]{مَرْيَمَ:48}



فَكُوفِئَ عَلَى ذَلِكَ بِذُرِّيَّةٍ طَيِّبَةٍ جَاءَتْهُ عَلَى كِبَرٍ
[فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُوْنَ مِنْ دُوْنِ الله وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوْبَ وَكُلَّاً جَعَلْنَا نَبِيَّاً]{مَرْيَمَ:49}.

وَكَلِيمُ الْرَّحْمَنِ مُوْسَى عَلَيْهِ الْسَّلامُ لَهُ مَوَاقِفُ عَظِيْمَةٌ مَشْهُوْرَةٌ فِي الْغَضَبِ لله تَعَالَىْ، وَالانْتِصَارِ لِدِيْنِهِ؛ إِذْ أَرْسَلَهُ اللهُ تَعَالَىْ إِلَى شَرِّ الْبَشَرِ وَأَخْبَثِهِمْ، وَأَجْرَئِهِمْ عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ، حِيْنَ عَبَّدَ الْنَّاسَ لِنَفْسِهِ مِنْ دُوْنِ الله عَزَّ وَجَلَّ، فَنَاظَرَهُ فِيْ رِبِّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَىْ وَمَا تَهَيَّبَ مِنْهُ، وَلَمْ يَخْشَ جَبَرُوْتَهُ، فَلَمَّا أَصَرَّ فِرْعَوْنُ عَلَى عُلُوِّهِ وَاسْتِكْبَارِهِ غَضِبَ مُوْسَى لله تَعَالَى وَصَدَعَ بِالْحَقِّ أَمَامَهُ يُخَوِّفُهُ بِالْعَذَابِ


[قَالَ لَهُمْ مُوْسَى وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوُا عَلَى الله كَذِبَاً فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى] {طَهَ:61}.



وَمَا غَضِبُ مُوْسَى عَلَيْهِ الْسَّلَامُ مِنْ فِرْعَوْنَ حِيْنَ آذَاهُ وَشَتَمَهُ وَتَنَقَّصَهُ فِي نَفْسِهِ، لَكِنَّهُ غَضِبَ لله تَعَالَى حِيْنَ ادَّعَى فِرْعَوْنُ أَنَّ مَا أُوْتِيَ مُوْسَى مِنْ الْآَيَاتِ الْبَيِّنَاتِ مَا هُوَ إِلَّا مِنْ قَبِيْلِ الْسِّحْرِ، فَوَاجَهَهُ بِحَزْمٍ وَغَضَبٍ غَيْرَ هَيَّابٍ مِنْهُ وَلَا مِنْ بَطْشِهِ قَائِلَاً لَهُ

[لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ الْسَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُوْرَاً]{الْإِسْرَاءِ:102} فَمَا أَقْوَاهُ فِيْ الْحَقِّ، وَمَا أَشَدَّ غَضَبَهُ حِيْنَ غَضِبَ لله تَعَالَى!!

وَتَأَمَّلُوْا دُعَاءَ مُوْسَى حِيْنَ دَعَا عَلَى فِرْعَوْنَ فَكَانَ ذَلِكَ الْدُّعَاءُ سَبَبَ هَلَاكِ فِرْعَوْنَ وَجُنْدِهِ.. دُعَاءٌ يَنْضَحُ بِالإِيْمَانِ، وَالْغَضَبِ لله تَعَالَىْ، والحَمِيَّةِ لِدِيْنِهِ، وَالْغَيْرَةِ عَلَى حُرُمَاتِهِ ، لَيْسَ لِلْنَّفْسِ فِيْهِ حَظٌّ وَلَا انْتِصَارٌ وَلَا انْتِقَامٌ
[وَقَالَ مُوْسَىْ رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِيْنَةً وَأَمْوَالَاً فِيْ الْحَيَاةِ الْدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوْبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوْا حَتَّىَ يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ]{يُوْنُسَ:88}



فَأَخْبَرَ أَنَّهُمْ مَعَ نِعَمِ الله تَعَالَىْ مَا ازْدَادُوا إِلَّا ضَلَالَاً وَإِضْلَالَاً، وَكَمَا أَنَّ نَوْحَاً عَلَيْهِ الْسَّلَامُ مَا دَعَا عَلَى قَوْمِهِ إِلَّا بَعْدَ أَنْ أَيْقَنَ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْهُمْ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ، فَكَذَلِكَ مُوْسَى عَلَيْهِ الْسَّلَامُ مَا دَعَا عَلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ إِلَّا بَعْدَ يَقِيْنِهِ بِأَنَّهُمْ لَنْ يُؤْمِنُوا رَغْمَ تَتَابُعِ الْآيَاتِ عَلَيْهِمْ، وَدَلِيْلُ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ
[مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِيْنَ]{الْأَعْرَافِ:132}


فَكَانَ دُعَاؤُهُ عَلَيْهِ الْسَّلَامُ غَضَبَاً لله تَعَالَى لَيْسَ لِلْنَّفْسِ فِيْهِ شَيْءٌ؛ وَلِذَا اسْتَجَابَه اللهُ تَعَالَى مُكَافَأَةً لِمُوْسَى عَلَى صِدْقِهِ فِيْ غَضَبِهِ لَهُ [قَالَ قَدْ أُجِيْبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيْمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيِلَ الَّذِيْنَ لَا يَعْلَمُوْنَ]{يُوْنُسَ:89}.

وَمَوَاقِفُ مُوْسَى عَلَيْهِ الْسَّلَامُ فِي الْغَضَبِ لله تَعَالَى كَثِيْرَةٌ قَبْلَ هَلَاكِ فِرْعَوْنَ وَبَعْدَهُ، وَمِنْهَا أَنَّ اللهَ تَعَالَى لمَّا نَجَّا بَنِي إِسْرَائِيْلَ وَأَهْلَكَ فِرْعَوْنَ وَجُنْدَهُ كَادَ بَنُوْ إِسْرَائِيْلَ أَنْ يَقَعُوْا فِي الْشِّرْكِ [وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيْلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَّهُمْ قَالُوْا يَا مُوْسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهَاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ]{الْأَعْرَافِ:138}


فَغَضِبَ مُوْسَى عَلَيْهِمْ وَأَنْكَرَ قَوْلَهُمْ وَقَالَ [إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُوْنَ * إِنَّ هَؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيْهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوْا يَعْمَلُوْنَ * قَالَ أَغَيْرَ الله أَبْغِيِكُمْ إِلَهَاً وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِيْنَ]{الْأَعْرَافِ:138-140}.

وَتَأَمَّلُوْا ذَلِكَ المَوْقِفَ الْعَظِيمَ حِيْنَ غَابَ مُوْسَى عَنْ قَوْمِهِ لِمِيْقَاتِ رَبّهِ سُبْحَانَهُ، فَعَبَدُوا الْعِجْلَ فِيْ غَيْبَتِهِ، فَمِنْ شِدَّةِ غَضَبِهِ رَمَى الْأَلْوَاحَ وَفِيْهَا كَلَامُ الله تَعَالَى وَلَمْ يَشْعُرْ بِذَلِكَ غَيْرَةً لله تَعَالَىْ وَغَضَبَاً أَنْ يُعْبَدَ غَيْرُهُ سُبْحَانَهُ، وَعَاتَبَ أَخَاهُ عِتَابَاً شَدِيْدَاً [ولمَّا رَجَعَ مُوْسَىْ إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفَاً قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُوْنِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيْهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ] {الْأَعْرَافِ:150}


حَتَّى قَالَ هَارُوْنُ عَلَيْهِ الْسَّلَامُ [يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي]{طَهَ:94}


فَمَا أَعْظَمَ غَيْرَةَ مُوْسَى عَلَى الْدِّيْنِ، وَمَا أَشَدَّ غَضَبَهُ لله تَعَالَىْ!!

وَيُوْنُسُ عَلَيْهِ الْسَّلَامُ لمَّا دَعَا قَوْمَهُ فَلَمْ يَسْتَجِيْبُوْا لَهُ غَضِبَ عَلَيْهِمْ لله تَعَالَى فَفَارَقَهُمْ مِنْ شِدَّةِ غَضَبِهِ، وَلَمْ يَصْبِرْ إِلَى أَنْ يَأْذَنَ اللهُ تَعَالَى لَهُ، فَابْتَلَاهُ اللهُ تَعَالَىْ بِبَطْنِ الْحُوْتِ
[وَذَا الْنُّوْنِ إِذْ ذَّهَبَ مُغَاضِبَاً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىْ فِيْ الْظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الْظَّالِمِيْنَ]{الْأَنْبِيَاءِ:87} فَاسْتَجَابَ اللهُ تَعَالَىْ لَهُ بِصِدْقِهِ فِي دَعْوَتِهِ وَدُعَائِهِ وَاحْتِسَابِهِ عَلَى قَوْمِهِ


[فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِيْ المُؤْمِنِيْنَ]{الْأَنْبِيَاءِ:88}.

وَأَمَّا خَاتَمُ الْرُّسُلِ رَسُوْلُنَا مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - فَإِنَّهُ كَانَ أَشَدَّ الْنَّاسِ غَضَبَاً لله تَعَالَى، وَحَمِّيَةً لِدِينِهِ، وَغَيْرَةً عَلَى حُرُمَاتِهِ؛ فَقَدْ أُوْذِيَ وَضُرِبَ وَخُنِقَ وَجُرِحَ وَقُوْتِلَ وَاتُّهِمَ بِالْسِّحْرِ وَالْجُنُوْنِ وَالْكِهَانَةِ وَالْكَذِبِ، وَعُذِّبَ أَصْحَابُهُ أَمَامَهُ، وَقُتِلُوْا فِيْ ذَاتِ الله تَعَالَى، فَنَالَهُ مِنَ الْأَذَى فِيْ الله تَعَالَى مَا لَمْ يُؤْذَ أَحَدٌ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ مِثْلُ أَذَاهُ، وَمَعَ ذَلِكَ كُلِّهِ لَا يُحْفَظُ لَهُ مَوْقِفٌ وَاحِدٌ انْتَصَرَ فِيْهِ لِنَفْسِهِ، أَوْ غَضِبَ حِيْنَ نِيْلَ مِنْهُ، مَعَ تَعَدُّدِ المُؤْذِيْنَ وَتَنُوعِهِمْ مِنْ مُشْرِكِيْنَ وَيَهُودٍ وَمُنَافِقِيْنَ، وَإِنَّمَا كَانَ يُعَامِلُهُمْ بِالْحِلْمِ فَيَصْبِرُ عَلَيْهِمْ صَبْرَاً جَمِيْلَاً، وَيَصْفَحُ عَنْهُمْ صَفْحَاً جَمِيْلَاً، وَمَعَ ذَلِكَ حَفِظَتْ سِيْرَتُهُ الْعَطِرَةُ مَوَاقِفَ كَثِيْرَةً تَمَعَّرَ فِيْهَا وَجْهُهُ، وَتَغَيَّرَ لَوْنُهُ، وَاحْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ، وَانْتَفَخَتْ أَوْدَاجُهُ؛ غَضَبَاً لله تَعَالَى وَغَيْرَةً عَلَى دِيْنِهِ، وَيَكْفِيْ فِيْ ذَلِكَ وَصْفُ زَوْجِهِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا حِيْنَ قَالَتْ:

«مَا انْتَقَمَ رَسُوْلُ الله - صلى الله عليه وسلم - لِنَفْسِهِ فِيْ شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ الله فَيَنْتَقِمَ بِهَا لله»

رَوَاهُ الْشَّيْخَانِ. وَفِيْ رِوَايَةٍ لَلْحُمَيْدِيِّ قَالَتْ رَضِيَ الله عَنْهَا:
«مَا رَأَيْتُ رَسُوْلَ الله – صلى الله عليه وسلم - مُنْتَصِرَاً مِنْ مَظْلَمَةٍ ظُلِمَهَا قَطُّ مَا لَمْ تُنْتَهَكْ مَحَارِمُ الله فَإِذَا انْتُهِكَ مِنْ مَحَارِمِ الله شَيْءٌ كَانَ أَشَدَّهُمْ فِيْ ذَلِكَ غَضَبَاً»

فَهَاهُمْ أُوْلَاءِ أَنْبِيَاءُ الله تَعَالَى، وَأُوْلُوْ الْعَزْمِ مِنَ رُسُلِهِ: نُوحٌ وَإِبْرَاهِيْمُ وَمُوَسَى وَمُحَمَّدٌ صَلَوَاتُ الله وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ يَغْضَبُوْنَ لله تَعَالَى وَلَا يَغْضَبُوْنَ لِأَنْفُسِهِمْ، وَيَجِبُ أَنْ نَتَأَسَّى بِهِمْ فِيْ ذَلِكَ فَهُمْ قُدْوَتُنَا وَأَئِمَّتُنَا
[أُوْلَئِكَ الَّذِيْنَ هَدَىَ اللهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ]{الْأَنْعَامِ:90}.

بَارَكَ اللهُ لِيْ وَلَكُمْ فِيْ الْقُرْآنِ...



الخُطْبَةُ الْثَّانِيَةُ

الْحَمْدُ لله حَمْدَاً طَيِّبَاً كَثِيْرَاً مُبَارَكَاً فِيْهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَىَ آَلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الْدِّيِنِ.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيْعُوْهُ


[وَاتَّقُوا يَوْمَاً تُرْجَعُوْنَ فِيْهِ إِلَى الله ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُوْنَ]{الْبَقَرَةِ:281}

أَيُّهَا الْنَّاسُ: مَنْ عَرَفَ اللهَ تَعَالَى حَقَّ المَعْرِفَةِ، وَقَدَرَهُ حَقَّ قَدْرِهِ، وَتَأَمَّلَ أَسْمَاءَهُ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالَهُ، وَعَلِمَ تَعَدُّدَ نِعَمِهِ عَلَيْهِ؛ عَظَّمَهُ وَعَبَدَهُ مَحَبَّةً وَذُلَّاً وَخَوْفَاً وَرَجَاءً، وَكُلَّمَا كَانَ الْعَبْدُ أَعْلَمَ بِالله تَعَالَى كَانَ لَهُ أَشَدَّ عُبُوْدِيَّةً وَتَعْظِيْمَاً وَمَحَبَّةً وَذُلَّاً وَخَوْفَاً وَرَجَاءً.



وَإِذَا كَانَتِ الْجَمَادَاتُ تَغْضَبُ لله تَعَالَى حِيْنَ تُنْتَهَكُ مَحَارِمُهُ فَالمُؤْمِنُوْنَ أَوْلَى أَنْ يَغْضَبُوْا لَهُ سُبْحَانَهُ
[تَكَادُ الْسَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدَّاً * أَنْ دَعَوْا لِلْرَّحْمَنِ وَلَدَاً]{مَرْيَمَ:90-91}


ذَكَرَ بَعْضُ المُفَسِّرِيْنَ أَنَّ الْسَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَالْجِبَالَ كَادَتْ أَنْ تَفْعَلَ ذَلِكَ غَضَبَاً لله تَعَالَىْ لَمَا أُشْرِكَ بِهِ، وَادُّعِيَ لَهُ الْوَلَدُ.

وَفِيْ قَولِهِ تَعَالَى فِيْ وَصْفِ جَهَنَّمَ [تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ]{الْمَلِكُ:8}


قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: «الْتَمَيُّزُ هُوَ الْتَّفَرُّقُ مِنَ الْغَيْظِ عَلَى أَهْلِ المَعَاصِيْ غَضَبَاً لله تَعَالَى وَانْتِقَامَاً لَهُ».

إِنَّ تَعْظِيْمَ دِينِ الله تَعَالَى، وَالْغَضَبَ إِذَا انْتُهِكَتْ مَحَارِمُهُ، لَيَدُلُّ عَلَى تَعْظِيْمِ الله سُبْحَانَهُ، وَإِنَّ بُرُوْدَةَ الْدِّيْنِ فِيْ الْقَلْبِ بِحَيْثُ لَا يُؤَثِّرُ فِي صَاحِبِهِ انْتِهَاكُ الْحُرُمَاتِ، وَلَا يَنْزَعِجُ مِنْ تَدْنِيسِ المُقَدَّسَاتِ لَيَدُلُّ عَلَى مَوْتِهِ أَوْ مَرَضِهِ بِالْنِّفَاقِ، وَمَنْ كَانَ يَغْضَبُ لِحُظُوْظِ نَفْسِهِ أَوْ بَخْسِ دُنْيَاهُ، وَلَا يَغْضَبُ لله تَعَالَىْ فَلْيَتَفَقَّدْ قَلْبَهُ، وَلِيُفَتِّشْ عَنْ إِيْمَانِهِ.
إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ مَا يَسْعَى إِلَيْهِ الْكُفَّارُ وَالمُنَافِقُوْنَ قَتْلَ الْغَضَبِ لله تَعَالَى فِي قُلُوْبِ المُؤْمِنِيْنَ، وَمَحْوَ حَمِيَّتِهِمْ لِدِيْنِهِ، وَإِزَالَةَ الْغِيرَةِ عَلَى حُرُمَاتِهِ، وَتَحْوِيْلَ دِيْنِهِمْ إِلَى دِينٍ بَارِدٍ فَاتِرٍ عَلَى غِرَارِ مَا فَعَلَ عَلْمَانْيُو أَوْرُبَّا بِقَسَاوِسَةِ الْنَّصَارَى؛ إِذْ تُنْتَهَكُ حُرُمَاتُ الْدِّيْنِ الْنَّصْرَانِيِّ، وَيُشْتَمُ المَسِيْحُ وَأُمُّهُ عَلَيْهِمَا الْسَّلَامُ وَلَا تَطْرُفُ أَعْيُنُ الرُّهْبَانِ غَضَبَاً لِمُقَدَّسَاتِهِمْ.

إِنَّ نِيْلَ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنَ الْنَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم -، وَالاسْتِهْزَاءَ بِهِ، وَتَصْوِيْرَهُ بِأَبْشَعِ الْصُّوَرِ، وَتَدْنِيسَ الْقُرْآنِ وَإِحْرَاقَهُ، وَالْطَّعْنَ فِيْ الْإِسْلَامِ، وَاتَّهَامَهُ بِشَتَّى الْتُّهَمِ..


وَكَذَلِكَ فِعْلُ المُنَافِقِيْنَ فِي السُّخْرِيَةِ مِنْ دِيَنِ الْإِسْلَامِ، وَتَصْحِيحِ كُفْرِ الْكُفَّارِ، وَتَفْضِيْلِ الْكَافِرِ عَلَى المُسْلِمِ، مَعَ الْطَّعْنِ فِيْ شَعَائِرِ الْدِّيْنِ الْظَّاهِرَةِ، وَالاسْتِهْزَاءِ بِأَحْكَامِهِ المُحْكَمَةِ المُنَزَّلَةِ..


وَكَذَلِكَ فِعْلُ المُبْتَدِعَةِ فِيْ السُّخْرِيَةِ مِنَ الْسُّنَةِ الْنَّبَوِيَّةِ، وَالْنَّيْلِ مِنَ الْصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ، وَاتِّهَامِ الْنَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم - فِيْ عِرْضِهِ وَزَوْجِهِ الْطَّاهِرَةِ المُطَهَّرَةِ، الْصِّدِّيقَةِ بِنْتِ الْصِّدِّيقِ..


كُلُّ هَذِهِ الْأَفْعَالِ الْعُدْوَانِيَّةِ مِنْ قِبَلِ الْكُفَّارِ وَالمُنَافِقِيْنَ وَالمُبْتَدِعَةِ الَّتِيْ يَفْعَلُوْنَهَا تَحْتَ شِعَارَاتِ حُرِّيَّةِ الْرَّأْيِ، وَادِّعَاءِ الْإِصْلاحِ، يُرَادُ مِنْهَا تَحْطِيْمُ المُقَدَّسِ فِيْ قُلُوْبِ المُسْلِمِيْنَ، وَتَهْوَيْنُ الْدِّيْنِ عِنْدَهُمْ، وَتَحْوِيْلُ دِيْنِهِمْ إِلَى دِينٍ بَارِدٍ فَاتِرٍ مَيِّتٍ كَمَا هُوَ دِيْنُ الْنَّصَارَى لَا يَعْدُو أَنْ يَكُوْنَ شَعَائِرَ تَعَبُّدِيَّةً تَخُصُّ المَرْءَ وَلَا تَتَعَدَّاهُ.


إِنَّهُمْ بِهُجُوْمِهِمُ المُتَكَرِّرِ عَلَى شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ وَرُمُوزِهِ وَأَحْكَامِهِ يُرِيْدُوْنَ قَتْلَ إِحْسَاسِ المُسْلِمِيْنَ، وَإِمَاتَةِ غَيْرَتِهِمْ تُجَاهَ دِيْنِهِمْ؛ لِيَسْهُلَ عَلَيْهِمْ تَحْرِيْفُهُ وَصَرْفُهُمْ عَنْهُ.. وَمَا كَانَ أَنْبِيَاءُ الله تَعَالَىْ إِلَّا غِضَابٌ لله تَعَالَى، غَيَارَى عَلَى دِيْنِهِ، وَمَا أُرْسِلْتِ الْرُّسُلُ إِلَّا لِإِيقَادِ جَذْوَةِ الْإِيْمَانِ فِيْ الْقُلُوْبِ، وَغَرْسِ الْغَيْرَةِ عَلَيْهِ فِيْ الْنُّفُوْسِ، وَتَرْبِيَةِ الْنَاسِ عَلَى الْحَمِيَّةِ لِدِيْنِهِمْ، وَهَكَذَا كَانَ الْصَّحَابَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ، كَمَا رَوَى ابْنُ أَبِيْ شَيْبَةَ عَنْ أَبِيْ سَلَمَةَ ابْنِ عَبْدِ الْرَّحْمَنِ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَىْ قَالَ:«لَمْ يَكُنْ أَصْحَابُ رَسُولِ الله – صلى الله عليه وسلم - مُتَحَزِّقِينَ وَلَا مُتَمَاوِتِينَ، وَكَانُوْا يَتَنَاشَدُونَ الْشِّعْرَ فِيْ مَجَالِسِهِمْ، وَيَذْكُرُوْنَ أَمْرَ جَاهِلِيَّتِهِمْ، فَإِذَا أُرِيْدَ أَحَدُهُمْ عَلَى شَيْءٍ مِنْ دِيْنِهِ دَارَتْ حَمَالِيقُ عَيْنَيْهِ كَأَنَّهُ مَجْنُوْنٌ»،


أَيْ: مِنْ شِدَّةِ الْغَضَبِ لله تَعَالَى، وَالانْتِصَارِ لِدِيْنِهِ.





فَإِيَّاكُمْ -عِبَادَ الله- أَنَّ يُطْفِئَ الْكُفَّارُ وَالمُنَافِقُوْنَ جَذْوَةَ الْغَضَبِ لله تَعَالَى مِنْ قُلُوْبِكُمْ، وَالْحَمِيَّةَ لِدِيْنِهِ، وَالْغَيْرَةَ عَلَى حُرُمَاتِهِ، بِكَثْرَةِ اسْتِفْزَازَاتِهِمْ، وَتَعَدِّيهِمْ عَلَى الْحُرُمَاتِ، وَانْتِهَاكِهِمْ للْمُقَدَسَاتِ؛ فَإِنَّ خِيَارَ الْبَشَرِ مِنَ الْرُّسُلِ وَأَتْبَاعِهِمْ كَانُوْا أَشَدَّ الْنَّاسِ غَضَبَاً لله تَعَالَى، وَحَمِيَّةً لِدِيْنِهِ، وَغَيْرَةً عَلَى حُرُمَاتِهِ، فَكُوْنُوْا كَمَا كَانُوْا..

وَصَلُّوْا وَسَلِّمُوْا...
Admin
Admin
الشيخ محمدشوقى المدير العام

عدد المساهمات : 7498
نقاط : 25568
تاريخ التسجيل : 16/08/2011
العمر : 52
الموقع : https://www.facebook.com/profile.php?id=100001995123161

https://qqqq.forumegypt.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى