بحـث
الشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المواضيع الأخيرة
مايو 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | 3 | 4 | |||
5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 |
12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 |
19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 |
26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 |
الحمدلله على نعمة الاسلام
ايها الاخوه الدعاه الى الله وكذا جميع الزائرين والزائرات مرحبا بكم واهلا نتمنى من الله ان نكون عند حسن ظنكم جميا والله الموفق الى الخير وهو حسبنا ونعم الوكيلالشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 1 عُضو حالياً في هذا المنتدى :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 1 زائر لا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 50 بتاريخ الجمعة 25 مارس 2016, 12:22 am
ذكرى ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم والواقع المعاصر
صفحة 1 من اصل 1
ذكرى ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم والواقع المعاصر
ذكرى ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم والواقع المعاصر
إنَّ الحمد لله نحمده، ونستعين به، ونستغفره ونستهديه، ونُصلي ونُسلم على
خير خلق الله أجمعين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد..
تطل
علينا ذكرى ميلاد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، والحياة حولنا تقول بصوتٍ
عالٍ ما أحوجنا إلى تعاليمه في ظلِّ ما يشهده العالم العربي من تغييرات
وثورات اجتاحت عددًا من البلدان، على رأسها مصر التي تشهد الآن الاحتفال
بأول ذكرى لثورة يناير.
تطل علينا ذكرى المولد النبوي الشريف، تلك
المناسبة التي كانت بمثابة أول تغيير حقيقي تشهده الإنسانية كلها، لا شعب
أو بلد بعينه. ولِمَ؟، وقد كان مولد النبي صلي الله عليه وسلم نقطة تحول
فارقة في التاريخ الإنساني، فحمل مشاعل النور وراية التوحيد والهداية،
فببعثته- صلي الله عليه وسلم- أكمل الله به الدين، وأتمَّ علينا النعمة،
ورضي لنا الإسلام دينًا، ولولا بعثته المباركة لظلت البشرية تغوص في ظلمات
الجهل والغي والضلال.. فنراه قد أثَّر وغيَّر في كل شيء بالمجتمع من نفسٍ
ذلَّت وعقيدة غُيبت وعبودية قاهرة وغياب العقل وراء أسباب عديدة، وأمن غائب
عن النفس والدين والعقل، وغير ذلك، ونُوضِّح ذلك في هذه الجمل والتعبيرات.
ذكرى الميلاد وتغيير النفوس
إن النفس إذا ما استقبلت التوحيد بمعالمه التي تجعل المسلم متغيرًا عن
باقي البشر في كل مناحي الحياة الظاهرة والباطنة ونجده إنسانًا مختلفًا عن
غيره في سلوكه وعباداته طموحه وآماله سكوته وكلامه، ونرى ذلك في حياة
الرسول صلى الله عليه وسلم، وجعل رسالته رسالةَ التغيير والإصلاح الفاعل
للأرض ومَن عليها، رسالة الإصرار على القيام بالمهمة.. "يا عم لو وضعوا
الشمس في يميني والقمر في يساري.." إنها رسالة بعينها وحملها لا يدانيه
ثمن.. تلك الرسالة التي أيقظت روح الصمود والحرية في نفس عبد ولد مستعبدًا
من قوى الاستكبار ليردد (أحد.. أحد) أي أني لن أكون بعد اليوم مستعبدًا
للظلم، وأني كما خلقني ربي حرًّا أبيًّا، تلك الرسالة التي أجهضت كيد
الظلمة وأثارت قوى الطغيان بانفعالات وأعمال يتجسد فيها الظلم وحقيقة
الهزيمة.
ذكرى الميلاد وصناعة الإنسانية
لقد جاء الإسلام
بكل ما يكفل الإنسان حياة كريمة غير منقوصة وأمره أن يتمتع بحياته كلها
طالما أنها وفق الشرع ولذا جاء الإسلام فقرر مبدأ الحرية لكل المخلوقات،
ونرى اهتمام الإسلام بذلك في القصة المعروفة (ابن عمرو بن العاص وابن
القبطي) حينها لقَّن عمر العالم بأسره أن الإسلام وشريعته جاءت لكل
المخلوقات، ولا ننسى قول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب كلمته المشهورة في
ذلك: "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا".. ونرى مَن تربَّى
على عين النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب في وصيةٍ له: "لا تكن
عبد غيرك وقد خلقك الله حرًّا.
فالأصل في الناس أنهم أحرار بحكم
خلق الله، وبطبيعة ولادتهم.. هم أحرار، لهم حق الحرية وليسوا عبيدًا.. جاء
الإسلام فأقرَّ الحرية في زمنٍ كان الناس فيه مستعبدين: فكريًّا،
وسياسيًّا، واجتماعيًّا، ودينيًّا، واقتصاديًّا، جاء فأقرًّ الحرية؛ حرية
الاعتقاد، وحرية الفكر، وحرية القول، والنقد، أهم الحريات التي يبحث عنها
البشر.
ومن جمال الحرية أنك عبد لله وحده وليس للهوى- المال-
النساء- السلطة- الشهرة، وكلها مظاهر خداعة لصاحبها، وما أجمل أن ترى نفسك
عبدًا لله وحده حرًّا في كل حياتك (حياتي كلها لله)، وفق شريعته الغراء.
ذكرى الميلاد والأمن والاستقرار
وقد اقتضت حكمة الله- جلَّ وعلا- أن يكون الأمن الحقيقي والسعادة الحقيقية
والحياة الطيبة لمَن اتبعوا وحيه وحكَّمُوا شرعه, قال تعالى: (فَمَنِ
اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَن
ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
أَعْمَى (124)) (طه).
إن الناظر إلى ميلاد النبي صلى الله عليه
وسلم وتغيير الحياة حوله يرى كيف نعم الناس المسلم وغير المسلم كيف عاشوا
حياتهم في ظلِّ الشريعة من بعد عن الضلال والشقاء إلى حياة الهدى والسعادة
ومن حياة (أنا) إلى حياة (نحن)؛ ولذا نرى المعجب بنفسه ويعيش لها ولا يفكر
في أمته وعشيرته (أفراحهم وأحزانهم)، ونرى المتشدق بالحرية ثم يتمسك برأيه
ويريد أن يفرضه على الغير ولذا لا يستحق الحياة.
ونرى الإسلام قد
أمَّن النفس البشرية من التعدي عليها، فقد أخبر أن قتل نفس واحدة كَقَتْلِ
الناس جميعًا، قال تعالى: (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي
إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي
الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا
فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا) (المائدة: من الآية 32).
والأمر لا يقف- هنا- عند حدِّ القتل المادي فقط، بل يشمل أيضًا القتل
المعنوي في شتَّى صوره وأشكاله، سواء كان ذلك بالإذلال أو القهر أو التعذيب
أو سلب الحرية بالحبس الانفرادي بغير حق أو بغير ذلك من الصور، فحرمة
النفس المؤمنة أعظم عند الله من حرمة الكعبة؛ كما جاء في قول النَّبِـي-
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مخاطبًا الكعبة: "مَا أَطْيَبَكِ!
وَأَطْيَبَ رِيحَكِ! مَا أَعْظَمَكِ وَأَعْظَمَ حُرْمَتَكِ! وَالَّذِي
نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَحُرْمَةُ الْمُؤْمِنِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ
حُرْمَةً مِنْكِ مَالِهِ وَدَمِهِ وَأَنْ نَظُنَّ بِهِ إِلا خَيْرًا".
وأمَّنَ الإسلام العقل الذي هو مناط التكليف ومحل أوامر الله في عباده؛
والذي ميَّزه به عن سائر الحيوان بأن منعه وحفظه من كل ما يعوق مسيرته
ويضعف كيانه, فحرم عليه تعاطى المسكرات لما فيها من ضياع العقل والإضرار
به، قال تعالى: (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ
وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ
لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (المائدة).
وأمَّنَ الإسلام عقيدة
المسلم بتنقيتها من البدع والخُرَافَاتِ، ودَرَأَ عنها الزيغ والضلالات,
فهي العقيدة التي دعت إليها أنبياء الله ورسله، قال تعالى: (وَمَا
أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا
إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (25)) (الأنبياء).
وأمَّنَ
الإسلام مال المسلم، الذى جعله الله قيامًا لحياة بني الإنسان وجعل حبه
غريزة في النفوس، قال تعالى: (وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا)
(الفجر: 20)، أمَّنَهُ بأن منع المسلم من أكل الحرام, ومنعه من المكاسب
الخبيثة المحرمة التي لا تتفق مع الشرع إذا المكاسب الخبيثة ممحوقة البركة
(يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ) (البقرة: من الآية
276).
وأمَّنَ الإسلام المجتمع الفوضى والاضطرابات والنزاعات
والشقاق فأوجب طاعة ولاة الأمور من في طاعة الله فقال وهو أصدق القائلين:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ
الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ) (النساء).
وأمَّنَ
المجتمع من إشاعة الفاحشة، فقال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن
تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي
الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لا تَعْلَمُونَ)
(النور).
أمَّنَ الأعراض فحَرَّمَ على المسلم أن يغتاب أخاه أو
يسعى بالنميمة أو يسخر من أخيه أو يستهزأ به أو يلمزه، قال تعالى: (يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن
يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ
خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا
بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَن لَّمْ
يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11)) (الحجرات).
وأمَّنَ
الجار ليأخذ أمانه من أخيه ففي الحديث: "وَاللَّهِ لا يُؤْمِنُ وَاللَّهِ
لا يُؤْمِنُ وَاللَّهِ لا يُؤْمِنُ قِيلَ وَمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ
قَالَ: الَّذِي لا يَأْمَنُ جَارُهُ بوائقه" (رواه البخاري).
أمَّنَ صحة الأمة فحرَّم عليهم الخبائث وكل ما يضرهم، ويهدد صحتهم وسلامتهم
وشرع لهم التداوى ورغب فيه, فقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
"مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً" (رواه البخاري)
والناظر في ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم والواقع المعاصر يقول بأعلى
صوت الله أكبر من شريعةٍ شوَّهها أعداؤنا، الله أكبر من حياةٍ عاشها
المسلمون ويعيشها العاملون لدين الله.. فاللهم صل وزد وبارك على سيدنا محمد
وآله وصحبه وسلم.
إنَّ الحمد لله نحمده، ونستعين به، ونستغفره ونستهديه، ونُصلي ونُسلم على
خير خلق الله أجمعين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد..
تطل
علينا ذكرى ميلاد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، والحياة حولنا تقول بصوتٍ
عالٍ ما أحوجنا إلى تعاليمه في ظلِّ ما يشهده العالم العربي من تغييرات
وثورات اجتاحت عددًا من البلدان، على رأسها مصر التي تشهد الآن الاحتفال
بأول ذكرى لثورة يناير.
تطل علينا ذكرى المولد النبوي الشريف، تلك
المناسبة التي كانت بمثابة أول تغيير حقيقي تشهده الإنسانية كلها، لا شعب
أو بلد بعينه. ولِمَ؟، وقد كان مولد النبي صلي الله عليه وسلم نقطة تحول
فارقة في التاريخ الإنساني، فحمل مشاعل النور وراية التوحيد والهداية،
فببعثته- صلي الله عليه وسلم- أكمل الله به الدين، وأتمَّ علينا النعمة،
ورضي لنا الإسلام دينًا، ولولا بعثته المباركة لظلت البشرية تغوص في ظلمات
الجهل والغي والضلال.. فنراه قد أثَّر وغيَّر في كل شيء بالمجتمع من نفسٍ
ذلَّت وعقيدة غُيبت وعبودية قاهرة وغياب العقل وراء أسباب عديدة، وأمن غائب
عن النفس والدين والعقل، وغير ذلك، ونُوضِّح ذلك في هذه الجمل والتعبيرات.
ذكرى الميلاد وتغيير النفوس
إن النفس إذا ما استقبلت التوحيد بمعالمه التي تجعل المسلم متغيرًا عن
باقي البشر في كل مناحي الحياة الظاهرة والباطنة ونجده إنسانًا مختلفًا عن
غيره في سلوكه وعباداته طموحه وآماله سكوته وكلامه، ونرى ذلك في حياة
الرسول صلى الله عليه وسلم، وجعل رسالته رسالةَ التغيير والإصلاح الفاعل
للأرض ومَن عليها، رسالة الإصرار على القيام بالمهمة.. "يا عم لو وضعوا
الشمس في يميني والقمر في يساري.." إنها رسالة بعينها وحملها لا يدانيه
ثمن.. تلك الرسالة التي أيقظت روح الصمود والحرية في نفس عبد ولد مستعبدًا
من قوى الاستكبار ليردد (أحد.. أحد) أي أني لن أكون بعد اليوم مستعبدًا
للظلم، وأني كما خلقني ربي حرًّا أبيًّا، تلك الرسالة التي أجهضت كيد
الظلمة وأثارت قوى الطغيان بانفعالات وأعمال يتجسد فيها الظلم وحقيقة
الهزيمة.
ذكرى الميلاد وصناعة الإنسانية
لقد جاء الإسلام
بكل ما يكفل الإنسان حياة كريمة غير منقوصة وأمره أن يتمتع بحياته كلها
طالما أنها وفق الشرع ولذا جاء الإسلام فقرر مبدأ الحرية لكل المخلوقات،
ونرى اهتمام الإسلام بذلك في القصة المعروفة (ابن عمرو بن العاص وابن
القبطي) حينها لقَّن عمر العالم بأسره أن الإسلام وشريعته جاءت لكل
المخلوقات، ولا ننسى قول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب كلمته المشهورة في
ذلك: "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا".. ونرى مَن تربَّى
على عين النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب في وصيةٍ له: "لا تكن
عبد غيرك وقد خلقك الله حرًّا.
فالأصل في الناس أنهم أحرار بحكم
خلق الله، وبطبيعة ولادتهم.. هم أحرار، لهم حق الحرية وليسوا عبيدًا.. جاء
الإسلام فأقرَّ الحرية في زمنٍ كان الناس فيه مستعبدين: فكريًّا،
وسياسيًّا، واجتماعيًّا، ودينيًّا، واقتصاديًّا، جاء فأقرًّ الحرية؛ حرية
الاعتقاد، وحرية الفكر، وحرية القول، والنقد، أهم الحريات التي يبحث عنها
البشر.
ومن جمال الحرية أنك عبد لله وحده وليس للهوى- المال-
النساء- السلطة- الشهرة، وكلها مظاهر خداعة لصاحبها، وما أجمل أن ترى نفسك
عبدًا لله وحده حرًّا في كل حياتك (حياتي كلها لله)، وفق شريعته الغراء.
ذكرى الميلاد والأمن والاستقرار
وقد اقتضت حكمة الله- جلَّ وعلا- أن يكون الأمن الحقيقي والسعادة الحقيقية
والحياة الطيبة لمَن اتبعوا وحيه وحكَّمُوا شرعه, قال تعالى: (فَمَنِ
اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَن
ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
أَعْمَى (124)) (طه).
إن الناظر إلى ميلاد النبي صلى الله عليه
وسلم وتغيير الحياة حوله يرى كيف نعم الناس المسلم وغير المسلم كيف عاشوا
حياتهم في ظلِّ الشريعة من بعد عن الضلال والشقاء إلى حياة الهدى والسعادة
ومن حياة (أنا) إلى حياة (نحن)؛ ولذا نرى المعجب بنفسه ويعيش لها ولا يفكر
في أمته وعشيرته (أفراحهم وأحزانهم)، ونرى المتشدق بالحرية ثم يتمسك برأيه
ويريد أن يفرضه على الغير ولذا لا يستحق الحياة.
ونرى الإسلام قد
أمَّن النفس البشرية من التعدي عليها، فقد أخبر أن قتل نفس واحدة كَقَتْلِ
الناس جميعًا، قال تعالى: (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي
إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي
الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا
فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا) (المائدة: من الآية 32).
والأمر لا يقف- هنا- عند حدِّ القتل المادي فقط، بل يشمل أيضًا القتل
المعنوي في شتَّى صوره وأشكاله، سواء كان ذلك بالإذلال أو القهر أو التعذيب
أو سلب الحرية بالحبس الانفرادي بغير حق أو بغير ذلك من الصور، فحرمة
النفس المؤمنة أعظم عند الله من حرمة الكعبة؛ كما جاء في قول النَّبِـي-
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مخاطبًا الكعبة: "مَا أَطْيَبَكِ!
وَأَطْيَبَ رِيحَكِ! مَا أَعْظَمَكِ وَأَعْظَمَ حُرْمَتَكِ! وَالَّذِي
نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَحُرْمَةُ الْمُؤْمِنِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ
حُرْمَةً مِنْكِ مَالِهِ وَدَمِهِ وَأَنْ نَظُنَّ بِهِ إِلا خَيْرًا".
وأمَّنَ الإسلام العقل الذي هو مناط التكليف ومحل أوامر الله في عباده؛
والذي ميَّزه به عن سائر الحيوان بأن منعه وحفظه من كل ما يعوق مسيرته
ويضعف كيانه, فحرم عليه تعاطى المسكرات لما فيها من ضياع العقل والإضرار
به، قال تعالى: (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ
وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ
لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (المائدة).
وأمَّنَ الإسلام عقيدة
المسلم بتنقيتها من البدع والخُرَافَاتِ، ودَرَأَ عنها الزيغ والضلالات,
فهي العقيدة التي دعت إليها أنبياء الله ورسله، قال تعالى: (وَمَا
أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا
إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (25)) (الأنبياء).
وأمَّنَ
الإسلام مال المسلم، الذى جعله الله قيامًا لحياة بني الإنسان وجعل حبه
غريزة في النفوس، قال تعالى: (وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا)
(الفجر: 20)، أمَّنَهُ بأن منع المسلم من أكل الحرام, ومنعه من المكاسب
الخبيثة المحرمة التي لا تتفق مع الشرع إذا المكاسب الخبيثة ممحوقة البركة
(يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ) (البقرة: من الآية
276).
وأمَّنَ الإسلام المجتمع الفوضى والاضطرابات والنزاعات
والشقاق فأوجب طاعة ولاة الأمور من في طاعة الله فقال وهو أصدق القائلين:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ
الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ) (النساء).
وأمَّنَ
المجتمع من إشاعة الفاحشة، فقال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن
تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي
الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لا تَعْلَمُونَ)
(النور).
أمَّنَ الأعراض فحَرَّمَ على المسلم أن يغتاب أخاه أو
يسعى بالنميمة أو يسخر من أخيه أو يستهزأ به أو يلمزه، قال تعالى: (يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن
يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ
خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا
بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَن لَّمْ
يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11)) (الحجرات).
وأمَّنَ
الجار ليأخذ أمانه من أخيه ففي الحديث: "وَاللَّهِ لا يُؤْمِنُ وَاللَّهِ
لا يُؤْمِنُ وَاللَّهِ لا يُؤْمِنُ قِيلَ وَمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ
قَالَ: الَّذِي لا يَأْمَنُ جَارُهُ بوائقه" (رواه البخاري).
أمَّنَ صحة الأمة فحرَّم عليهم الخبائث وكل ما يضرهم، ويهدد صحتهم وسلامتهم
وشرع لهم التداوى ورغب فيه, فقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
"مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً" (رواه البخاري)
والناظر في ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم والواقع المعاصر يقول بأعلى
صوت الله أكبر من شريعةٍ شوَّهها أعداؤنا، الله أكبر من حياةٍ عاشها
المسلمون ويعيشها العاملون لدين الله.. فاللهم صل وزد وبارك على سيدنا محمد
وآله وصحبه وسلم.
_______محمدشوقى__________
إلهي ♡
كم تعصف بي رياح الفتن والمصائب فأجدني كالشريد الحائر.. لكن رحمتك الواسعة ما أسرع أن تأخذ بيدي إلى دوحة الإيمان فلك الحمد على لطفك وكرمك ..
مواضيع مماثلة
» جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي
» عن المسيب ان ابا طالب لما حضرته الوفاة دخل عليه النبي صلي الله عليه وسلم وعنده ابوجهل فقال
» فقال النبي صلى الله عليه وسلم تعبد الله لا تشرك به شيئا
» "كانت المؤمنات إذا هاجرن إلى النبي صلى الله عليه وسلم يمتحنهن بقول الله تعالى
» باب تزويج عبد الله أبي النبي صلى الله عليه وسلم آمنة أمه وحفر زمزم وما يتعلق بذلك
» عن المسيب ان ابا طالب لما حضرته الوفاة دخل عليه النبي صلي الله عليه وسلم وعنده ابوجهل فقال
» فقال النبي صلى الله عليه وسلم تعبد الله لا تشرك به شيئا
» "كانت المؤمنات إذا هاجرن إلى النبي صلى الله عليه وسلم يمتحنهن بقول الله تعالى
» باب تزويج عبد الله أبي النبي صلى الله عليه وسلم آمنة أمه وحفر زمزم وما يتعلق بذلك
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
السبت 11 مايو 2024, 11:23 pm من طرف Admin
» كيف عرفت انه نبي..
الجمعة 26 أبريل 2024, 5:40 am من طرف Admin
» موضوع هل يدخل الجنه غير المسلمين،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:48 am من طرف Admin
» التدرج في التشريع
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:43 am من طرف Admin
» كتب عليكم الصيام،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:41 am من طرف Admin
» اقوال العلماء في تفسير ايه الحجاب،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:40 am من طرف Admin
» قد نري تقلب وجهك في السماء.،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:38 am من طرف Admin
» الماعون تفسير السعدى
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:36 am من طرف Admin
» سوره الماعون
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:34 am من طرف Admin